|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 82198
|
الإنتساب : Aug 2015
|
المشاركات : 1,416
|
بمعدل : 0.40 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
صدى المهدي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 12-09-2022 الساعة : 09:16 AM
المحور الثاني: البناء الاقتصادي:
إنَّ القوَّة الاقتصادية وتأمين الوضع المالي من أهمّ مقوّمات نجاح الأُمم والحركات بعد الموارد البشـرية، وكذلك معرفة كيفية إدارة المال وعدم الإسراف به والتبذير وحسن الاقتصاد بالصـرف يُشكِّل قوامة اقتصادية أُخرى.
فالمال والاقتصاد له أهمّية في البناء الاجتماعي والفردي، ودوره مهمٌّ في خلق حياة سعيدة وأُسرة صالحة وحياة آمنة - كونه أحد مقوّماتها -، ولا يعني ذلك أنَّه علَّة تامَّة لتلك الأُمور، بل قد يكون وبالاً على الإنسان إذا لم يُحسِن التصرّف، فهو سلاح ذو حدّين.
والقرآن في اللحظة التي يُبيِّن أنَّ المال زينة ﴿الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ (الكهف: ٤٦)، يُبيِّن أنَّ المال فتنة ﴿إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ (التغابن: ١٥)، فهو زينة ومفاد إيجابي إذا صانه ووضعه في موضعه واتَّخذه وسيلةً للآخرة وكفى به نفسه وعياله ومجتمعه وأُمَّته الإسلاميَّة وقضـى حوائجهم، وهو فتنة وعذاب إذا ما ضيَّعه وبذَّره وجعله وسيلةً للدنيا والشهوة والحرام وانتهاك الأعراض وقتل النفوس. وكذلك الروايات بيَّنت هذه الحقيقة ومدحت المال مع الدين وذمَّت المال إذا كان وسيلةً للعصيان، ووازنت بين النظرتين(١٤).
ومن الممارسات الإيجابية للمال والاقتصاد هو ما تقوم به الجموع المؤمنة من ممارسات عبادية في الأربعين، وتوظيف القوَّة المالية في إحياء هذه المناسبة - من خلال الصـرف المالي على المواكب وإطعام الطعام الذي تمارسه المواكب لملايين الزائرين -، وهذا ما يُمثِّل قوَّة اقتصادية كامنة في الأُمَّة الحسينية التي هي أُمَّة الإمام المهدي (عليه السلام) وناصرته، فلا ميزانية مالية ولا دعم دولة ولا حزب وإنَّما هي تمويل من شعب الحسين لزوّار الحسين (عليه السلام)، وهذا التمويل الهائل ما هو إلَّا ممارسة وتدريب اقتصادي على الصـرف المالي المنضبط الذي يمارسه الممهِّدون للظهور، وثقافة متقنة على الصرف والبذل في سبيل الدين وإنجاح الثورة المهدوية.
وهذه الممارسة والاستعداد للصـرف، بل والصـرف الفعلي لم يكن لولا هذه الزيارة المباركة، فإذا كان عصـر الظهور فلا يجد المؤمن حرجاً في الصـرف المالي بعد أن مارس الصـرف لعشـرات السنين على جمهور الحسين (عليه السلام).
خصوصاً وأنَّ بعض المؤمنين يقاسم زوّار الحسين (عليه السلام) قوت عياله ومؤنته السنوية، لكي يُنفِقها في موسم الزيارة، بل بعضهم - كما سمعت ورأيت بأُمِّ عيني - يبيع بيته أو سيّارته ويشتري ما هو أقلّ منهما إذا لم يكفِ ما جمعه للموسم.
فهكذا عمل يصدر من هكذا شعب حسيني يُؤهِّلهم لتكوين مجتمع مهدوي يقود الأُمَّة إلى برِّ الأمان، ويبني اقتصاداً رصيناً يكفُّ حاجة الأُمَّة.
المحور الثالث: البناء التعبوي:
من المفاهيم المهمَّة في عالم الدعوة وتجميع الجماهير والأنصار هو مفهوم التعبئة، وهي قوَّة شعبية كامنة أو ظاهرة لها حضورها في كلِّ نواحي الحياة لخدمة قضيَّة ما تهمُّ الوطن أو المواطن، وهي على أنواع، فقد تكون تعبئة عسكرية أو إعلامية أو اجتماعية أو غيرها.
ومن أهمّ أنواعها هو التعبئة الاجتماعية، وهي تحريك واستنفار المجتمع بكلِّ قطاعاته للمشاركة الإيجابية لتحقيق الأهداف المطلوبة. ولا بدَّ أن تشمل التعبئة الاجتماعية جميع قطاعات المجتمع من المسؤولين الرسميين والسياسيين، قادة الرأي، القادة المحلّيين وجموع المواطنين (نساء، رجال، بل الأطفال من مدارسهم).
وهذا ما يحصل فعلاً في زيارة الأربعين، فإنَّ هناك تعبئة جماهيرية عامَّة لتحقيق هدف ديني هامّ في حياة الفرد والمجتمع.
فمن أهمّ ما تحتاجه كلُّ دعوة سماوية كانت أم أرضية هو وجود قوَّة معنوية أو مادّية أو شخصية قيادية تمتلك (كاريزما) عالية تستطيع أن تخلق جمهوراً وأتباعاً من خلال التعبئة الجماهيرية الواسعة التي تُقدِّم الولاء والخدمة مجّاناً وبلا مقابل.
والذي يلاحظ زيارة الأربعين لا يجد أيّ مجهود في التعبئة الجماهيرية، بل الجمهور مقبل على الزيارة وعلى الخدمات بلا نظير، بل كثير من الجماهير يُنفِق أموالاً وجهداً مضاعفاً في تلك الأيّام ويبتهج بذلك الصرف وبهذا الجهد.
وهذا العمل التطوّعي العظيم لا تجد له نظيراً في كلِّ العالم، وهو مفخرة يتميَّز بها أتباع آل البيت (عليهم السلام)، وهو من ثمرات الثورة الحسينية الخالدة.
وهذه التعبئة الجماهيرية في الزيارة إنَّما هي صورة من صور التعبئة للإمام المهدي (عليه السلام) حال قيامه بالثورة العالمية المباركة.
فالجمهور الحسيني معبَّأ للحركة المهدوية ومستعدّ لها على أحسن ما يكون، فلا نحتاج أن نعدَّ برامجاً تعبوية كثيرة لأجل الحركة المهدوية - من هذه الجهة - لأنَّها معدَّة إعداداً واضحاً وبخبرة تمتدُّ مئات السنين، نعم نحتاج إلى برامج مهدوية أُخرى من جهات أُخرى.
فدور زيارة الأربعين في تعبئة المؤمنين تعبئة مهدوية واضحة وفعّالة من خلال الحرارة التي تكوَّنت في قلبهم بمقتل الحسين (عليه السلام)
|
|
|
|
|