عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الباحث الطائي
الباحث الطائي
بــاحــث مهدوي
رقم العضوية : 78571
الإنتساب : Jun 2013
المشاركات : 2,162
بمعدل : 0.50 يوميا

الباحث الطائي غير متصل

 عرض البوم صور الباحث الطائي

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : الباحث الطائي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 22-06-2014 الساعة : 01:51 AM


الحلقة (7) على حافة الظهور!
هل بعث المهدي رسولا ممهدا؟






بسم الله الرحمن الرحيم
وصل الله على محمد وآله الطاهرين




الدراية:
إعادة بناء المنطق!





ان نقد السماع والرواية وترجيح الفهم والدراية، يعني تبني خيار العقل، والعقل معرفة الاسباب وكشف القوانين ومعرفة السنن!
لذلك فان قبل النظر في موضوع حدث ظهور المخلص نحن بحاجة الى فهم منطق العقل كما رسم معالمه الإسلام، ولان هذا الموضوع دقيق وعريض إلا انه في الوقت ذاته فطري وأولي، ونحن بحاجة الى الحد الادنى منه كمدخل لفهم موضوع الظهور، والبرهنة عليه.


ان فهم ظهور المهدي يتطلب الوعي بكيفية حدث الظهور، ورسم معالمه التفصيلية في صيغة حبكة (سيناريو)، وما يؤدي اليه ذلك من قلب الموازين رأسا على عقب، فالظهور سيكون ثوريا، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وسيبدأ ذلك مع المقدمات الممهدة، وسيأخذ منحى تصاعديا، والحسابات الخاطئة لكل الاطراف المشاركة في الساحة سوف تؤدي الى كوارث تحيق باصحابها.


لقد قدمنا القول ان الوعي السائد اليوم في الوسط الشيعي عن الظهور، يتصف بالروائي والاسطوري، الذي يميل الى أخذ الروايات بظاهرها والانتقاء بين المختلفات دون معيار مرجح غالبا، ليبنى مشهدا يتصف بالظاهرية والظنية، ويحاول ان يقارب ما سيجري في المستقبل! الا انه يعزل المنتظِر للظهور ولايمنحه غير دور المراقب المفلس والمنتظر السلبي، وهو تصور لايشيع بين الناس الذين يشكلون القاعدة فحسب، بل يطال النخبة التي كتبت الحدث وروجت له.


بينما اذا بحثنا التراث بعين فاحصة، وفكر ينزع الى الدراية بدل الرواية، العقل وليس الحكاية، نلاحظ اننا قادرين على رسم سيناريو الظهور بصورة مفصلة تتصف بالاحكام ويحتوي المشهد على عناصر الوثوقية والواقعية التي تقطع الشك باليقين، ما يجعلنا قادرين على التنبؤ بمسار الحدث وتطوره بصورة لا لبس فيها، كما يفرز المشهد الناس الى مواقف وجبهات لكل منها خصائصها وحكمها، ما يجعل القارئ أمام خيارات واضحة يختار بينها ويكون مسؤولا عن اختياره ليحيا او يموت على بصيرة من أمره.


هذه الطريقة تستند الى فهم منطق الاسلام الذي يقضي بان الحياة تتلخص في عنصرين هما : الثابت والمتغير، العنصر الثابت هو الذي يصطلح عليه بالسنة في قوله تعالى: (سنة الله في الذين خلو من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا) والعنصر المتغير هو المصطلح عليه بالمثل في قوله تعالى: (فهل ينتظرون الا مثل ايام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا اني معكم من منتظرين)، ففي الوقت الذي تتصف فيه السنة بالثبات وعدم التبدل، فان الامثال يعتريها التبدل والتغير: (واذا شئنا بدلنا امثالهم تبديلا)، ذلك بان المعرفة بالسنة التي لاتتبدل هو الذي يكفل لنا ان نفهم بان الايام سوف تجري في ظل ثابت السنة، مما يجعل الاتي يشبه الماضي، وصورة المستقبل منعكسة على صفحة التاريخ المنقضي.


وبناء على ذلك،نفهم لماذا استغرق القران بسرد تاريخ الاولين وقصص الماضيين وتجارب الغابرين:ثمود وعاد وقوم نوح وقوم ابراهيم وقوم لوط وبني اسرائيل... حتى حسب الكافرون ان ذلك منقصة يعيرون القران بها (يقول الذين كفروا ان هذا الا اساطير الاولين).


هذا الالتفات لمنطق السنن يتجلى في صورة ثورة خلاص في الفكر، باعتبار ان العقل سيجد فهمه للمستقبل منعكسا في مرآة تجربة الماضيين التي تجسمت فيها سنة الاولين، ليكون الاتي على مثال الماضي بلحاظ نظام السنن الذي يحكم الماضي والاتي! .
ونجد دليل هذه الفكرة في قوله تعالى: (فهل ينظرون الا سنة الاولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا)، ان التاريخ يعيد نفسه؛ لتكون المخرجات في الزمن الاتي على مثال مخرجات الماضي، وهذا ما عززه الرسول بالقول: "كل ما كان في الامم السالفة فانه يكون في هذه الامة مثله حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة "
ويضيف: "يكون في هذه الامة كل ما كان في بني اسرائيل حذو النعل بالنعل وحذو القذة بالقذة".


ان هذا المنطق الذي يعيد نفسه هو المصطلح عليه بالاعتبار والذي يقرره القران بالقول: (فاعتبروا يا أولي الابصار)، ومن هذه الاية ينطلق الامام علي(غ) آخذا في شرح منطق الاعتبار فاوضح ان عملية الفهم عند العقل البشري تتحقق اعتبارا فيقول: (ثم منحه قلبا حافظا ولسانا لافظا ليفهم معتبرا)، ثم اوضح آلية منطق الاعتبار، التي تقوم على رد التجربة الراهنة كفرع متشابه الى التجربة الماضية كأصل محكم بالقول: "ان الامور اذا اشتبهت اعتبر اخرها بأولها". اي أن رد التجربة المتأخرة الى اﻷولى والحاقها بحكمها يستند الى منطق قياس التمثيل: "واعتبر بما مضى من الدنيا لما بقي منها فان بعضها يشبه بعضا واخرها لاحق باولها"، فالتجربة اﻷولى أصل والاخرى فرع: "نحن فروع قد مضت أصولها، فما بقاء فرع بعد ذهاب أصله"، بمعنى أن حكم اﻷمثال فيما يكون او لايكون واحد، بلحاظ ثابت السنة، يعزز ذلك بقول اﻹمام الحسن:"تلك السنن واﻷمثال يجري بعضها وفق بعض". اي تقتدي التجربة الاخرى سيرة التجربة الاولى!


منطق السنن الذي يدير عجلة التاريخ على محور ثابت لتكون فيه ايام الزمان الاتية نسخة مطورة عن الايام الخوالي، وتجارب الامم والاقوام المذكورة في القران هي الاصول المرجعية، التي تحكم التجارب الاتية كفروع متشابهة
وقد اعتمد البيت النبوي منطق الاعتبار في كشف شبهات تجربتهم المتشابهة بردها الى نظائرها التاريخية المحكمة، وهنا مجموعة من التطبيقات التي تكشف كيف فكر البيت النبوي والحواريين الملتفين حوله:


النموذج (1)
في الخبر عن الحارث بن مالك قال: خرجنا مع رسول الله (ص) الى حنين ونحن حديثوا عهد بالجاهليه.*
قال: وكانت لكفار قريش ومن سواهم من العرب شجره عظيمه خضراء يقال لها ذات أنواط، يأتونها كل سنة فيعلقون أسلحتهم عليها ويذبحون عندها ويعكفون عليها يوما.قال: فراينا ونحن نسير مع رسول الله (ص)سدرة خضراء عظيمة، قال:فتنادينا من جنبات الطريق: يا رسول الله اجعل لنا ذات انواط كما لهم ذات أنواط!. فقال رسول الله (ص): "الله أكبر! قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى لموسى:اجعل لنا إلها كما لهم آلهة. قال إنكم قوم تجهلون. إنها السنن! لتركبن سنن من كان قبلكم".



النموذج(2)
قال سلمان الفارسي:"إن الناس كلهم ارتدوا بعد رسول الله(ص) غير اربعه ان الناس صاروا بعد رسول الله (ص) بمنزلة هارون ومن تبعه،ومنزلة العجل ومن تبعه، فعلي في سنة هارون، وعتيق في سنة العجل وعمر في سنة السامري، وسمعت رسول الله يقول لتجيء قوم من اصحابي من اهل العلية والمكانه مني ليمروا على الصراط، فاذا رأيتهم ورأوني وعرفتهم وعرفوني اختلجوا دوني فاقول يا رب اصحابي اصحابي! فيقال ما تدري ما احدثوا بعدك انهم ارتدوا على ادبارهم حين فارقتهم فاقول بعدا وسحقا وسمعت رسول الله (ص) يقول: "لتركبن امتي سنة بني اسرائيل حذو النعل بالنعل وحذو القذة بالقذة شبرا بشبر وذراعا بذراع وباعا بباع اذ التوراة والقرآن كتبه يد واحده، في رق، بقلم واحد، وجرت الامثال والسنن سواء).



النموذج (3)
قال عبدالله بن مسعود:"انتم اشبه الامم ببني اسرائيل سمتا وهديا تتبعون عملهم حذو القذة القذة غير اني لا ادري اتعبدون العجل ام لا". انهم عبدوه عبادة تشريع، كما قال تعالى: (اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله). فاحل لهم حراما وحرم عليهم حلالا فاطاعوه فعبدوه من حيث لايعلمون".


النموذج (4)
عن عبدالله بن مسعود قال: "قلت للنبي (ص) يا رسول الله من يغسلك اذا مت فقال: يغسل كل نبي وصيه! قلت: فمن وصيك يا رسول الله؟ قال: علي بن ابي طالب! فقلت: كم يعيش بعدك يا رسول الله؟ قال: ثلاثين سنة! فان يوشع بن نون وصي موسى عاش من بعده ثلاثين سنة وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوج موسى! فقالت: انا احق بالامر منك! فقاتلها فقتل مقاتلتها واسرها فاحسن أسرها، وان ابنة ابي بكر ستخرج على علي في كذا وكذا ألفا من امتي، فيقاتلها فيقتل مقاتلتها ويأسرها فيحسن أسرها، وفيها انزل الله تعالى: "وقرن في بيوتكن ولاتبرجن تبرج الجاهلية الاولى"، يعني صفراء بنت شعيب". اي ان خروج عائشة يستن بسنة صفراء حذو النعل بالنعل في عملية استعادة للتاريخ!



النموذج (5)
عن ابي جعفر الباقر (ع) قال: قال رسول الله (ص) : والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لاتخطئوا طريقهم ولا يخطئكم سنة بني اسرائيل ثم قال ابو جعفر: قال موسى لقومه : (يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم)، فردوا عليه وكانوا ستمائة الف فقالوا: ياموسى ان فيها قوما جبارين وانا لن ندخلها حتى يخرجوا منها، فان يخرجوا منها فانا داخلون قال رجلان من الذين يخافون انعم الله عليهما) احدهما يوشع بن نون والاخر كالب بن يافنا قال هما ابنا عمه فقالا:
(قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، قَالُوا يَا مُوسَىٰ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا ۖ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ، قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) فتاهو اربعين سنة لانهم عصوا، فكان حذو النعل بالنعل ان رسول الله (ص) لما قبض لم يكن على امر الله إلا علي والحسن والحسين وسلمان والمقداد وابو ذر فمكثوا اربعين حتى قام علي فقاتل من خالفه".



النموذج (6)
قال الامام الحسن(ع):"علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله لبني ضمرة وبني اشجع ولاهل مكة حين انصرف من الحديبية! اولئك كفار بالتنزيل، ومعاوية واصحابه كفار بالتأويل"، اي ان تجربة الصلح التي تجري معي تجري على مثال تجارب الصلح التي جرت مع الرسول حذو النعل بالنعل!.
اتضح من خلال هذه النماذج، كيف ان ما جرى في التاريخ الاسلامي، ما هو إلا تمثل لتجارب الاقوام والامم السالفة التي ذكرها القران، باعتبار ان السنة التي جرت على الماضين تجري على الباقين، كما اتضحت معالم منطق فكر النبي وائمة البيت النبوي والحواريين في فهم الوقائع اعتبارا، بالنظر اليها من خلال نظائرها التاريخية، باعتبار ان "تلك السنن والامثال يجري بعضها وفق بعض. فمثال التاريخ كاصل يحكم ويعلل الموقف من المثال الحاضر، كما اوضح الامام الحسن في النموذج الاخير عندما فكر وفق المنطق العبوري فاعتبر تجربته مع معاوية من خلال تأويلها بتجارب صلح النبي مع بني ضمرة وبني اشجع واهل مكة.
اذا فهمنا منطق الاعتبار هذا، الذي يرجع التجربة الراهنة كفرع متشابه الى التجربة الماضية كاصل محكم، يمكننا ان ننظر في حدث الظهور بصورة منهجية تجتاز بنا الشبهات الناتجة عن السماع والرواية وتحقق لنا اليقين المعقود بالعقل والدراية!. فيحدث الفتح بالانفتاح على آفاق جديدة ملهمة!


والى حلقة قادمة انشاء الله!

توقيع : الباحث الطائي
لا اله الا اللـه محمــــد رســــول الله
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم

( الاسلام محمدي الوجود . حُسيني البقاء . مهدوي الغاية )

*
*

الباحـ الطائي ــث
من مواضيع : الباحث الطائي 0 القراءة السياسية والعلامتية لاحداث مصر
0 متى يخرج السفياني لغزو العراق
0 في أي فصول السنة يظهر القائم ع
0 الفتنة الشرقية الغربية وعلو بني إسرائيل الثاني
0 قراءة جديدة في رواية اذربيجان
رد مع اقتباس