|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 74854
|
الإنتساب : Oct 2012
|
المشاركات : 4,936
|
بمعدل : 1.09 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
حسين ال دخيل
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 09-03-2014 الساعة : 08:10 PM
لعن الله ( ابن مرجانة ) فانه اخرجه ( يعني الحسين ) واضطره ثم قتله فبغضني بقتله الى المسلمين وزرع لي في قلوبهم العداوة بما استعظموه من قتلي حسينا . ما لي ولابن مرجانة لعنه الله 41 . لقد اهتز يزيد ، واهتز العرش ، وزلزلت الارض تحت اقدام بني امية ، ولكن ذلك لم يكن كافيا . ان فاجعة الطف اعمق اثرا من ذلك ، وان الهدف منها اعظم واخطر . لابد ان تبقى هذه المأساة وخزا في ضمير المتقاعسين ، ونورا لدرب المجاهدين ، وحبا للشهادة في نفوس المؤمنين .
وهكذا نصبت زينب سلام الله عليها مجلس العزاء في الشام ، ثم لما عادت الى المدينة دخلتها هي والامام زين العابدين عليهما السلام وسائر الاسارى بصورة فجيعة ، ثم نصبت السيدة زينب مجالس العزاء ، واخذت النساء يدخلن عليها وهي تصف لهن ما جرى عليهم وتحرض الناس على سلطة يزيد حتى كتب والي المدينة ( عمرو بن سعد الاشدق ) الى يزيد يقول :
ان وجودها بين أهل المدينة مهيج للخواطر ، وانها فصيحة عاقلة لبيبة وقد عزمت هي ومن معها على القيام للاخذ بثأر الحسين .
فكتب اليه يزيد :
فرق بينها وبين اهل المدينة !
وهكذا طلب الوالي من السيدة مغادرة المدينة الى اي جهة شاءت ، فأبت و تحدت اوامر يزيد قائلة : " قد علم والله ما صار الينا ، قتل خيرنا وسيق الباقون كما تساق الانعام وحملنا على الاقتاب ، فوالله لا خرجنا وان اريقت دماؤنا " .
الا ان نسوة من الهاشميات تلطفن معها حتى اقتنعت بالخروج من المدينة ، ولعلها سلام الله عليها رأت في الخروج من المدينة فائدة للنهضة . وهكذا اختارت مصر حسب التواريخ حيث الارضية المناسبة لحب اهل البيت ، وقيل ذهبت الى الشام ، وقال البعض انما خرجت بطلب من الامام زين العابدين عليه السلام .
10 ـ الرحلة الاخيرة
وهنا تختلف الروايات التاريخية ؛ هل ذهبت الصديقة الى مصر حيث وافتها المنية أم الى الشام حيث مرقدها اليوم ؟ وانى كانت فان رسالة زينب التاريخية قد اكتملت ، وها هي تحس بثقل الفجائع على قلبها . لقد ضاقت الدنيا بها واشتاقت الى اسلافها .
دعنا نرافق سيدتنا الى مثواها حيث الاخير تقول احدى الروايات التاريخية :
انها خرجت في لمة من نساءها قاصدة مصر حيث شيعة ابيها وحيث الوالي الانصاري مسلمة بن مخلد الانصاري الذي يحترم آل البيت اشد الاحترام .
وحينما بلغ الخبر الوالي خرج في جمع من اشراف مصر يستقبلها ، فلما بدا الركب لهم في غرة شعبان لعام 61 هـ وهي ذات السنة التي استشهد الامام الحسين عليه السلام في مستهلة العاشر من محرم ، استقبلها اشراف مصر بالبكاء والنحيب فها هي زينب ام المصائب والتي اصبح اسمها شعيرة من شعائر البكاء والنياحة .
وسكنت زينب في بيت الوالي وانشغلت بالعبادة وتلاوة القرآن .
ومرت الايام وازدادت الصديقة توغلا في الابتهال والتهجد حتى كان اليوم الرابع عشر من شهر رجب من العام (62) على هذه الرواية ، حيث وافتها المنية ودفنت حيث مرقدها الشريف مزار الشعب المصري . وقبل وفاتها جاءها الوالي وطلب منها ان توصي له بنسخة القرآن التي تقرء فيها فقالت له : انك لا تستفيد منها فلم يعرف سر هذا الكلام ، الا ان الوالي مات في اليوم الثاني من وفاة الصديقة ، و عرف سر كلامها ثم دفن بجوارها حيث اوصى بذلك .
وتقول الرواية الثانية :
ان عبد الله بن جعفر زوج الصديقة لما رأها قد انهد ركنها ، وضعف جسمها رحل بها الى بلاد الشام حيث كانت له ضيعة في اطراف دمشق ، فسكنت هناك برهة من الزمان ثم توفيت ، حيث مرقدها اليوم .
وسواء صحت هذه او تلك الرواية التي تبدو عند اكثر المؤرخين الاصح ، فان مقام السيدة يوجد اليوم في اكثر من بقعة ، والوافدون على هذه المقامات يطلبون الاجر والثواب ، والله سبحانه مجازيهم خير الجزاء في الاخرة ، كما ان استجابة دعواتهم في كل موقع دليل على قبول طاعاتهم .
11 ـ زلزلت الارض
ومضت السيدة زينب لربها قبل ان ترى ثمرات جهادها المضني ، و ثمرات دماء الشهداء من اهل بيتها .. ولكن متى كان عباد الله يجاهدون من اجل انفسهم ؟
ان الهدف الاسمى للمجاهد الحق رضوان الله وان يلقى ربه نقي الجانب من الخضوع للطغاة او السكوت عن الظالمين ، واما الفتح فانه هدف آخر يريده المجاهد لدينه ولأمته قبل ان يريده لنفسه .
بلى بعد وفاة الصديقة زينب بسنة واشهر ثارت المدينة المنورة بقيادة ابن غسيل الملائكة عبد الله بن حنظلة ، وبالرغم من ان يزيد استطاع اخماد الثورة بقسوة بالغة حيث اباح المدينة لقائده الزنيم الذي سمى بحق مسرفا بعد ان كان اسمه مسلم بن عقبة الا ان حصيلته منتلك الوقعة التي سميت بوقعة الحرة لم تكن سوى المزيد من الافتضاح واللعن .. حيث ان عدوه عبد الله بن الزبير قويت شوكته ، لان يزيد امر بعد تلك الواقعة التي كانت في نهاية العام (62) للهجرة بوضع المنجنيق ورمي الكعبة بالحجارة لاخراج ابن الزبير منها ، ففشلت حملته التي وقعت في السنة (63) للهجرة ، وهلك يزيد وغاص البيت الاموي في غمرات المشاكل .
لقد مضت الصديقة زينب الى ربها بعد ان زرعت في الكوفة ايضا بذور المعارضة ، فلم تمر الا بضع سنوات حتى اخضرت واينعت فاذا بانتفاضة التوابين بعد حوالي خمس سنوات من مقتل السبط الشهيد ، والتي كانت بقيادة الصحابي الجليل سليمان بن صرد الخزاعي والذي القى خطابا ألهب حماس الجماهير فقال فيما قال : اما بعد فقد ابتلينا بطول العمر والتعرض لانواع الفتن فنرغب الى ربنا الا يجعلنا ممن يقول له غدا ﴿ ... أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ ... ﴾ 42 فان امير المؤمنين عليا قال : العمر الذي اعذر الله فيه الى ابن آدم ستون سنة وليس فينا رجل الا وقد بلغه .
ثم اضاف : فما عذرنا عند ربنا وعند لقاء نبينا وقد قتل فينا ولد حبيبه وذريته ونسله . لا والله ، لا عذر دون ان تقتلوا قاتله والموالين عليه او تقتلوا في طلب ذلك 43 . كلمة يا لثارات الحسين اصبحت شعار كل ثائر ، وهكذا نسمع هذا الشعار في ازقة الكوفة ابتداء من السنة (65) للهجرة ، واذا بالالوف من الشيعة الذين اعتبروا انفسهم مقصرين تجاه السبط الشهيد يخرجون من الكوفة الى كربلاء حيث يستغفرون الله عند مزار ابي عبد الله الحسين عليه السلام ثم يتوجهون الى الشام للانتقام من دم الشهيد . وكانت تلك الحملة الفدائية شبيهة في كثير من الوجوه لذات الواقعة التي شهدتها كربلاء في يوم عاشوراء ، لا تهدف الانتصار بل الشهادة دفاعا عن الحق ، واستشهد الصحابي الجليل سليمان بن صرد وثلة منالفقهاء والقراء الصالحين ، وجرت دمائهم الزاكية في ذات القناة التي جرت فيها دماء شهداء الطف حيث روت شجرة الاسلام ، واحيت الضمائر ، واثارت الهمم ، وكانت مقدمة لثورة اخرى اعقبتها بقيادة المختار الثقفي ، والتي استهدفت قتلة الحسين سلام الله عليه واستأصلتهم وبعثت برؤوسهم الى المدينة عند الامام زين العابدين عليه السلام .
وتلاحقت الثورات واصبحت راية السبط الشهيد المصبوغة بالدم الثائر ، والتي رفعتها السيدة زينب اصبحت مرفوعة خفاقة تنضوي تحتها النفوس الابية ولا تزال .
تلك كانت من ثمرات جهاد الصديقة زينب ، فسلام الله عليها وعلى جدها وابيها وامها واخويها .
واليوم يقتدي بالصديقة الطاهرة مئات الملايين من البشر ، حيث يحيون كل عام شعائر السبط الشهيد والتي تزداد كل يوم تألقا وانتشارا .
وانا اسطر هذه الكلمات الاخيرة من هذا الكتاب في يوم التاسع من شهر محرم لعام 1416 للهجرة اي بعد مرور (1355 ) من واقعة الطف ، اجد عاصمة الجمهورية الاسلامية في ايران ( طهران ) وعاصمة العلم (قم ) تشهد مراسيم احياء الذكرى كأعظم مناسبة وطنية او دينية ، وكأن الحدث التاريخي واقع هذا اليوم ، كما نستمع الى نشرات خبرية تطلعنا على مثل ذلك في عشرات الدول ، ولاول مرة تشارك الاجهزة العالمية للاعلام في نشر اخبار العزاء على الحسين 44 يا ايتها الصديقة الطاهرة لك منا سلام واكبار على ما بذلتي من جهد في سبيل رسالة النهضة الحسينية ، وعهدا منا ان نظل اوفياء لهذه النهضة باذن الله ، وما توفيقنا الا بالله عليه توكلنا واليه ننيب 45 .
1. موسوعة بحار الأنوار / ج 45 ـ ص 164 / الطبعة الثانية في طهران .
2. الكامل في التاريخ لابن اثير / ج 1 ـ ص 608 .
3. بنت الشاطي في كتابها السيدة زينب نقلا عن ابن حجر في الاصابة / ج 3 ـ ص 49 .
4. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 101 ، الصفحة : 203 .
5. القران الكريم : سورة الحجرات ( 49 ) ، الآية : 14 ، الصفحة : 517 .
6. a. b. موسوعة بحار الأنوار / ج 45 ـ ص 116 .
7. موسوعة بحار الأنوار / ج 45 ـ ص 177 .
8. مفاتيح الجنان دعاء اليوم الثالث من شهر شعبان .
9. موسوعة بحار الأنوار / ج 45 ـ ص 3 .
10. المصدر / ص 34 .
11. موسوعة بحار الأنوار / ج 45 ـ ص 179 ـ 180 .
12. المصدر / ص 156 .
13. مستدرك الوسائل / ج 2 ـ ص 635 ، وايضا : الطفل بين الوراثة والتربية / ج 20 ـ ص 253 .
14. موسوعة بحار الأنوار / ج 45 ـ ص 162 .
15. a. b. موسوعة بحار الأنوار / ج 45 ص 115 .
16. الختر : اقبح الغدر وفي الحديث : ماختر قوم بالعهد الا سلط عليهم العدو ( المعجم الوسيط / ج 1 ـ ص 217 ) .
17. الحدل : يقال رجل حدل وحكم . حدل : غير عادل ( المصدر / ص 162 ) .
18. رقأت العبرة : سكنت الدمعة .
19. الشنف : البغضاء .
20. مرعى على دمنة : خضار فوق القمام .
21. فضة على ملحودة : فضة فوق قبر والمثلان يضربان لما ظاهره حسن وباطنه قبيح .
22. الشنار : الامر المشهور بالشنعة والقبح ( المصدر / ص 496) .
23. رحض : الثوب غسله ( المصدر / ص 334 ) .
24. الآسي : الجراح والطبيب ( المصدر / ص 18 ) والكلم الجرح .
25. المدرة : زعيم القوم وخطيبهم المتكلم عنهم ( المصدر / ص 282 ) .
26. اي لا يدعوه خوف الوقت الى المبادرة الى اخذ الثأر بل انه يمهل .
27. موسوعة بحار الأنوار ج / 45 ـ ص 163 ـ 164 .
28. القران الكريم : سورة الروم ( 30 ) ، الآية : 10 ، الصفحة : 405 .
29. اي يضرب منكبيه بيده للدلالة على اللهو والسرور .
30. المدروان جانبا الاليتين او انهما جانبا كل شيء ، ونفضهما دلالة على البغي والتوعد او على المرح والتكبر .
31. القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 178 ، الصفحة : 73 .
32. لعل مرادها انهم اموات غير احياء فكيف يسمعونك ، بلى حين تلتحق بهم يسمعونك وهناك تندم لانهم واياك في النار .
33. اي انك ما فعلت الذي فعلته الا بنفسك لانه مجزي به .
34. القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 169 ، الصفحة : 72 .
35. القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 170 ، الصفحة : 72 .
36. في بعض النسخ هكذا : ولان جرت علي الدواهي مخاطبتك اني لاستصغر قدرك ، واستعظم تقريعك واستكبر توبيخك ، لكن العيون عبرى والصدور حرى . ( بحار الأنوار / ج 45 ـ ص 134 عن الملهوف ) وهذا النص يوضح ما في المتن حيث يدل على ان زينب بينت انها ارفع مقاما من مخاطبة يزيد ، ولكنها مفجوعة وهي بالتالي لا تنتظر من يزيد التوبة لانه قد انغمس في الجريمة .
37. هذا مثل يدل على ان من تربى في بيت السوء لا يرجى صلاحه .
38. اي تقطر من ايديهم دمائنا وتأكل افواههم لحومنا .
39. الجيوب : اي الارض الغليظة ( وتقصد وادي كربلاء حيث الفاجعة ) .
40. موسوعة بحار الأنوار / ج 45 ـ ص 157 ـ 160 .
41. السيدة زينب ( بنت الشاطىء ) ص 158 نقلا عن الطبري وابن الاثير .
42. القران الكريم : سورة فاطر ( 35 ) ، الآية : 37 ، الصفحة : 438 .
43. الكامل لابن اثير / ج 2 ـ ص 625 .
44. نشرت محطة سي ـ ان ـ ان العالمية صورا عن مراسيم العزاء في مدينة باكو عاصمة اذربايجان الاسلامية .
45. الصديقة زينب شقيقة الحسين ( عليهما السلام ، آية الله السيد محمد تقي المدرسي ، الناشر : دار البقيع للطباعة و النشر .
|
|
|
|
|