|
مشرف المنتدى الثقافي
|
رقم العضوية : 7208
|
الإنتساب : Jul 2007
|
المشاركات : 3,027
|
بمعدل : 0.47 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
حفيد الكرار
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 10-12-2013 الساعة : 09:21 PM
الأُستاذ سيدان:
بالنسبة إلى الموضوع الأول ـ وهو أن للملا صدرا في المسألة نظرين: نظر دقيق، وآخر أدق ـ فأقول: لازم هذا التعبير أن له في المعاد قولين، ومع تقابلهما وتضادهما، لا يمكن الاعتقاد بهما معاً.
أمّا لو كان المقصود بيان أمرٍ واحد بعبارتين، فهذا معناه أنهما ليسا برأيين أساساً، طبعاً لا بد من نسبة المطلب الأدق إليه، وهو غير مسلك المحدّثين، ومن هنا يتضح الموضوع الثاني، وهو وحدة نظره ورأي المحدثين، وهنا نعتقد أنه لا وحدة من هذا النوع أبداً.
وما قيل في تقريب الوحدة، من أن المحدّثين قالوا بآثار وخصوصيّات بالنسبة إلى البرزخ والقيامة، لا تلائم المادية، قلنا فيه: إن محلّ البحث هو هل هناك موجود في ذلك العالم متكوّن من الأجزاء الوجودية الدنيوية أو لا؟
فمع صرف النظر عن اصطلاح المادة، يقول المحدّثون: المحشور في القيامة البدن العنصري، فيما مذهب صدر المتألّهين أن المحشور الصورُ التي أبدعتها النفس.
وأما الموضوع الثالث الذي طرح لتقريب نظرية الملا صدرا، وهو أن الجنة والنار موجودتان الآن، والناس الآن إمّا في الجنة أو في الجحيم، وأنّه يكشف ـ بعد الموت ـ الغطاء عنهم فقط، وأن مثل هذه الجنة وتلك النار لا يمكن أن تكونا ماديتين، وأن الذهاب إلى الجنة والجحيم ليس انتقالاً من نقطة إلى نقطة، بل رؤية لهما في هذا العالم.
بالنسبة إلى هذا الموضوع أقول:
أولاً: كان مصبّ البحث حول حشر الأجساد، وهو هل أن الأشخاص المحشورين في ذلك العالم عندهم شيء من أجزاء هذا العالم أو لا؟
فالمحدّثون يدّعون: أن الناس يحشرون من أجزاء هذا العالم بالأبدان العنصرية، ولو كان هناك تفاوت مع أجزاء هذا العالم بلحاظ الآثار والخصوصيات؛ ذلك أنه يمكن لحقيقةٍ واحدة أن تكون لها عوارض وآثار متفاوتة بلحاظ الظروف الخاصة، سواء أسمينا هذا الشيء ــ اصطلاحاً ــ مادّةً أم لم نسمِّه، فالبحث ليس في الاصطلاح.
أمّا ما هي حقيقة الجنة والنار، وحقيقة العذاب والثواب الأُخروي؟ فهو بحث آخر.
وثانياً: المستفاد من الأدلّة أن الجنة والنار ليستا صورة فقط، وإنما قابلتان للمس، ولهما أجزاء، وهناك يوجد الزمان والسرعة والبطء، كما ورد في الرواية: إن معانقة الحورية يكون في عدّة سنوات، وما شابه ذلك.
ولا منافاة بين موجودات الجنة والجحيم وإحاطتها وبين المادية، فإنها تكون مادةً لطيفة جداً، مضافاً إلى الهيئة التي لها. وهذه المادة لم تكتشف بعد، وغير قابلة للكشف بالآلات الطبيعية الحالية، كحقيقة الروح، على قول من يذهب إلى أنها جسم لطيف.
طبعاً، لم يُصرح بالمادة أو الصورة في الروايات، لكن الظاهر تناسب الروايات مع المادة أكثر، وهذه المادة لا تقبل الإحساس بها في هذا العالم، لكنه يمكن حصول ذلك في العالم البَعدي، ضمن ظروف وشروط خاصة.
والمستفاد من الروايات أيضاً: أنه قد تمّت تهيئة قسمٍ من الجنة، لا ارتباط له بالعمل، بمعنى أن يكون منشأ إبداعه العمل، فقد جاء في بعض الروايات: أنه قد يدخل إنسان الجنة فتعرض له جنة أخرى فوقها، ويقال له: لو عملت العمل الصالح الفلاني، لكانت هذه الجنة لك. وليس معنى الوقود عدم وجود نار وراء الإنسان وعمله، فقد اشتملت الآية على ذكر الحجارة أيضاً، ومن غير المعلوم اختصاصها بالأصنام.
وخلاصة القول: إن الجنة والنار موجودان مستقلان وراء الإنسان وعمله.
الأُستاذ جوادي:
ثمة ـ عند الملا صدرا ـ نظر دقيق وآخر أدقّ، وذلك من باب تقسيم المعارف الحقّة إلى درجات، لتكون كلّ واحدةٍٍ منها حقّاً في مرتبتها، كما كان المؤمنون درجات: هُمْ دَرَجَاتٌ آل عمران: 163، لَّهُمْ دَرَجَاتٌ الأنفال: 4، فالمؤمنون أنفسهم في مراتب، كما لهم درجات أيضاً.
يُخاطب المؤمن يوم القيامة: اقرأ وارقه( )، على هذا، لا يكون النظر الدقيق باطلاً، بل يغدو حقّاً في مرتبته، ثم يكون أدق أيضاً وحقاً في المرتبة الأُخرى، وليس ذلك من اجتماع المتضادين؛ لأن شرطه ـ اي اجتماع المتضادين ـ وحدة الرتبة، أمّا هذان ففي رتبتين.
[هنا، وقبل أن يتمّ الشيخ جوادي آملي حديثه، قاطعه السيد سيّدان ــ بعد استجازةٍ منه ــ بسؤالٍ: هل يمكن الجمع بين هاتين النظريّتين على الشكل التالي:
1 ــ المحشور في العالم البَعدي له من أجزاء هذا العالم الوجودية.
2 ــ المحشور في العالم البَعدي ليس له من أجزاء هذا العالم الوجودية؟
لكنّ الشيخ جوادي لم يجبه بوضوح عن سؤاله، وراح يكمل حديثه السابق على النحو التالي:].
الجنة والنار التي رآهما النبي 2، كما رأى فلاناً في الجنة، وفلاناً في جهنم، هذا معناه أنّه لا بد من رؤية المتنعّم والمعذّب، وأن يرى ما هي حقيقتهما.
وهل هو غير ما يقال: إن الإنسان موجود على ثلاث طبقات:
الطبقة الأُولى: الطبقة المادية الدنيوية، والتي يُفترض أنه يلبس فيها الحرير، ويعيش فيها الرفاه والنعمة.
الطبقة الثانية: طبقة غير مادية، لكنه فيها جسم قابل للرؤية، وهو الآن في العذاب يحترق: كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا النساء: 56.
الطبقة الثالثة: الروح المجرّدة التي لها عذاب خاص: نَارُ الله الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَة الهمزة: 6 ــ 7.
وهي مرحلة تغاير مرحلة العذاب الجلدي.
هذا الذي يعيش الآن في الدنيا، وهو في حالة السباحة، هو في الوقت عينه في جهنم، وفي حال احتراق، لكنه غير ملتفت ولا شاعرٍ بما يحدث معه ومن حوله، وذلك إلى أن يأتيه الموت: بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ الأنبياء: 40، مثله كمثل الذي يسرح ويمرح في مظاهر السرور والأفراح وهو غارق في السرور، ورجله قد احترقت، وهو لم يلتفت، وبعد انقضاء الحفل يلتفت فجأةً، ويرى رجله قد احترقت، فيصيح: مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ البقرة: 174.
الأُستاذ سيدان:
السؤال: الإنسان يحشر في القيامة، وينتهي إلى الجنة أو الجحيم، فهل لديه من أجزاء بدن هذا العالم شيء أم لا؟
فإذا قلنا: الإنسان المحشور هو من أجزاء بدن هذا العالم فلا تنافي مع ما طرح من مواضيع؛ لأنه في هذا العالم له أبعاد مختلفة، وأحد هذه الأبعاد أنه معذّب وهو لا يدري.
الأُستاذ جوادي:
نعم، له من أجزاء هذا العالم، لكن ما هو هذا العالم؟
لا بد من تبرير وجود الزمان، كما أن خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام( )، لا بد من حمله على درجة وجودية، فإذا تمّ التنـزل إلى ألفي عام، فهناك لا وجود لكم، وليس المكان مكان السرعة والبطء.
الموضوع الآخر هو أن الأرض تشهد، والأرض موضع الأوّلين والآخرين، وتشهد على ملايين الأشخاص، فقطعة من الأرض هي مسجد، وهي حانة أيضاً، والإنسان المحشور يقوم من هذه الأرض، فالأرض تبدّل بما لم يكتسب عليها الذنوب.
الأُستاذ سيدان:
إن شهادة الأرض بشهادات مختلفة لا يدل على أن الأرض ليست مادية؛ لأنه يمكن على شريط تسجيلٍ واحد تسجيلُ عدّة أمور مختلفة، فما هو الإشكال من الزاوية الاحتمالية العلمية، وإن لم تعيّن كيفية التسجيل؟
الجلسة الثامنة ــــــــــ
الملا صدرا والنظرة الدقيقة والأدق، إحاطة الجنة والنار بالناس الآن، معضلة الخلود في النار، مقامات المعاد الصدرائية، هل المعذَّب هو البدن العنصري أو المثالي؟...
الأُستاذ سيدان:
خلاصة ما تم بحثه أنّ الملا صدرا طرح معاداً اعتبره جسمانيّاً، لكنه أوضح في مواضع أخرى أن المراد من جسمانية المعاد ليس الجسم العنصري المركّب من أجزاء هذا العالم الوجودية، وإنما صورةٌ أبدعتها النفس.
وفي مرحلة تالية دار الحوار حول تطابق أو عدم تطابق مقولة المحدّثين والفقهاء في المعاد الجسماني ومقولة صدر المتألهين؟
وقيل في هذه المرحلة أيضاً: ليست الحال كذلك، إنما يقصدون ـ أي الفقهاء والمحدثين ـ الجسم العنصري المادي.
وانتهى الحوار إلى نقطتين:
1 ــ ذكرتم في الجلسة السابقة أن لصدر الدين الشيرازي نظرتين: دقيقة، وأدق.
الدقيقة: هي كلام المحدثين والعلماء الآخرين.
والأدق: هو ما أثاره في كثيرٍ من كتاباته.
والمتبادر إلى الذهن من ذلك كلّه، أنه لو كان المقصود من هذا الكلام أن له طريقين لإثبات دعوى واحدة، أي له دليلان: أحدهما دقيق؛ والآخر أدق، فلا إشكال في ذلك. أما لو كان المقصود غير ذلك، أي وجود دعويين، مع القول بأن إحداهما دقيقة والأخرى أدق ــ مع كون الدعويين صادقتين واقعيّتين ـ فهذا أمر غير مفهوم ولا واضح، يعني في مركز واحد، وفي ظل ظروف واحدة.
أي أن المحشور في القيامة تتحقق له واقعيتان متضادتان:
أ ــ الجسم العنصري.
ب ــ الصورة الإبداعية.
وعليه، إمّا أن نقول: هما نظرتان متضادتان، أو أن النظر الثاني كاشف عن النظر الأول، بمعنى أن المختار واقعاً هو النظر الثاني.
2 ــ استدلّ صدر المتألهين بقسمٍ من ظواهر الآيات والروايات لإثبات المعنى الأدق الذي اختاره، والمستفاد منها أن العالم البَعدي صورةٌ فاقدةٌ للمادة، ومعنى ذلك حشر الأبدان على هذا النحو.
إننا نقول: ليس فقط لا تدلّ الآيات والروايات على مدّعاه، بل لا مناسبة بينهما، فمثلاً أكل الثمار ـ والظاهر أن لها حجماً ـ له مادة، وإن كانت مناسبةً لذلك العالم.
أمّا أن الجنة والجحيم ــ الآن ــ لهما إحاطة بالأفراد، فلابد من فرض صورة مثالية تحيط بها الجنة والنار، كما تدلّ على هذا الموضوع المكاشفات والمشاهدات، وهذا الموضوع أيضاً لو دُقق فيه، لا يمكن أن يثبت أن الإنسان المحشور في القيامة هو البدن المثالي، غاية الأمر أننا لا نقدر على معرفة إحاطة الجنة والنار، حتى نقول عن ذلك شيئاً باطمئنان.
فعلى هذا، لا نخرج من الآيات والروايات بنتائج واضحة تدعم وجهة نظر صدر المتألّهين، حتى نتخلّى بها عما توصّل إليه المحدّثون من مفاد الآيات والروايات الكثيرة، كما لا يوجد دليل عقلي ملزم في البَين.
نعم، لا يمكن التخلّي ـ نتيجة فرضية محتملة يمكن تأويل بعض النصوص لها ـ عن ظواهر الآيات والروايات الكثيرة، وبيان الموضوع بصورة أمر اعتقادي جزمي.
إننا نشاهد نظير ذلك في مبحث الخلود، فقد توصّل بعض الفضلاء في هذا الموضوع إلى أنّ القسر لا يدوم، وبما أن حركة الجهنميين حركة قسرية، فلابد من تبدّل طبيعتهم، ليعود العذاب عليهم عذباً في نهاية المطاف.
وقد قيل: إن المشركين معذبون في ابتداء الأمر، لأجل حصرهم الإله في معبودهم، لكن حيث كان معبودهم حقّاً فما عبدو إلاّ الله، فرضى الله عنهم، ويبدّل الله عذابهم عذباً، ومن أجل قاعدة: القسر لا يدوم، تخلّوا عن أدلة الخلود، وأخذوا يعملون التأويل والتطويع فيها.
الأُستاذ جوادي:
تعرّض الحديث لثلاث نقاط:
1 ــ بيان نظريتي صدر المتألّهين: الدقيقة والأدقّ.
2 ــ إثبات المسألة من زاوية النصوص الدينية.
3 ــ مسألة الخلود.
بالنسبة إلى المطلب الأول، يقول صدر المتألهين: في مسألة المعاد مقامات أربعة:
المقام الأول: أدناها في التصديق، وأسلمها عن الآفات، مرتبة عوام أهل الإسلام، وهو أن جميع أمور الآخرة من عذاب القبر، والضغطة، والمنكر والنكير، والحيّات، والعقارب، وغيرها أمور واقعة محسوسة من شأنها أن تحسّ بهذه الباصرة، لكن لا رخصة من الله في إحساس الإنسان ما دام في الدنيا....
ثم ينقل المقام الثاني ويبطله، ثم المقام الثالث، ثم بعد ذلك ينقل المقام الرابع عن الأكابر ويثبته.
ويُعلم من سيرورة الكلام أنه يقبل المقام الأول، كما يقبل المقام الرابع، وليس معنى النظرين أنه مطلب واحد نثبته من طريقين، إنما طريق واحد طويل ذو درجات، فللإيمان وللعلم درجات، كما أن للمؤمنين أنفسهم درجات: لَّهُمْ دَرَجَاتٌ الأنفال: 4، يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ المجادلة: 11، وفي روايةٍ سأل سعد بن سعد الإمام الرضا A عن التوحيد؟ فقال A: هو الذي أنتم عليه( ).
وفي روايةٍ أخرى عن هشام بن سالم قال: دخلت على أبي عبدالله A فقال لي: أتنعت الله؟ فقلت: نعم. قال: هات. فقلت: هو السميع البصير. قال: هذه صفة يشترك فيها المخلوقون. قلت: فكيف تنعته؟ فقال: هو نور لا ظلمة فيه، وحياة لا موت فيه، وعلم لا جهل فيه، وحقّ لا باطل فيه. قال: فخرجت من عنده، وأنا أعلم الناس بالتوحيد( ).
هاتان الروايتان إشارة إلى درجتين: التوحيد، والإيمان بالتوحيد، والثانية أعلى مرتبةً من الأولى، فيما الأُولى حقّ أيضاً.
السير إلى الله له درجات أيضاً، كما النـزول من عند الله.
وبناءً على ذلك، ليس الأمر مطلباً واحداً، ولا طريقين لإثبات موضوع واحد، إنما درجتان لواقع واحد بسيط.
الأُستاذ سيدان:
اما عن كونهما نظرتين فمسيرة المعاد على مرحلتين: الأُولى في البرزخ؛ والثانية في القيامة بنحو آخر، وهذا معقول، إذ ذُكرت نظرتان، وكل منهما مرتبطة بمرحلة معينة، والسؤال هنا هو أن الحشر يتحقق في القيامة، فهل يوجد شيء من أجزاء البدن العنصري أم لا؟
من غير المعقول وجود وجهتي نظر كلّ منهما محقّة ــ مع فرض تضادّهما ــ في موطن واحد وموقف واحد.
الأُستاذ جوادي:
هذه الحقيقة فهمهما بعض ولو بمقدار قليل، وهذه هي المرحلة الأُولى التي يقول عنها الملا صدرا: عليه جمهور المسلمين، وهو أسلم من الآفات، وهي أن المحشور هذا الجسم والبدن، بحيث أنه لو رأى مسلم تلك الحالات يقول: هذا ما كنت أقوله، فزيد بجميع أعضائه وجوارحه وخصوصيات أنامله، لكن هناك أيضاً مرحلة أدق، وهي في الحقيقة أن نتأمّل هذا الجسم، يقول الملا صدرا في هذه المرحلة: إنه جسم خلق بـ كُن فَيَكُونُ.
الأُستاذ سيدان:
كان مركز حديثنا مقارنة مسلك المحدثين ومسلك الملا صدرا، وقلنا: إن مسلك الفقهاء والمحدّثين ــــ وتؤيده باعترافكم أدلة كثيرة ــــ أن المحشور في المعاد هو البدن العنصري، لكن صدر المتألّهين يقول: ليس هو البدن العنصري. والجمع بين هذين المعنيين، واعتبارهما معاً أمراً واقعاً حقيقيّاً، غايته أن أحدهما دقيق والآخر أدق، جمعٌ بين الضدّين، واستحالته من الأُصول القطعية العقلية.
الأُستاذ جوادي:
عندما يبين الملا صدرا النظرية الأولى لا يردّهاً، بخلاف الثانية والثالثة، فيُعلم من ذلك أنه يقبل الأولى.
الأُستاذ سيدان:
نعم، يمكن أن يدّعي هو: إن جمهور المسلمين القائلين بالمعاد الجسماني، يقولون بجسم دون أن يعيّنوه بالعنصري، ولهذا فإن هذين المسلكين من قبيل المطلق والمقيّد، ولا تنافي بينهما.
ولكن بعد أن قيل: إن الجسم العنصري هو المستفاد من ظواهر الآيات والروايات ــ باعترافكم أنتم ــ، وقال به المحدّثون والفقهاء، حتى بعض أهل الفن من قبيل الآشتياني، ويقول به جمهور المسلمين أيضاً ارتكازاً، فلا معنى لصوابية كلا المسلكين.
الأُستاذ جوادي:
أمّا بالنسبة إلى أن أدلّة الكتاب والسنّة تناصر مذهب الشيرازي، فظاهر أدلّة كثيرة من الكتاب والسنة أن الجزاء ليس سوى العمل: وَلا تُجْزَوْنَ إِلا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ يس: 54.
وفي دعاء الصحيفة: وصارت الأعمال قلائد في الأعناق( ).
وقال تعالى: وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ سبأ: 33.
فالجزاء الإلهي في القيامة منحصر ـ من ناحية ـ بالنار، فيما الجنّة والنار ـ من ناحية أخرى ـ موجودتان الآن، كما جاء في رواية عيون أخبار الرضا A، والتي استشهد الإمام A فيها بآية: هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ الرحمن: 43.
أمّا عن تنعّم أهل الجنّة الآن وعذاب أهل النار كذلك، فلأن الرسول
الأكرم 2 شاهدهم، ولم يكن هذا خيالاً، وإنما كان واقعاً، ولأن بعضاً آخر كحارثة بن مالك رأى ــ كما جاء في إحدى الروايات ــ أهل الجنة والجحيم، ولأن آية: وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ العنكبوت: 54، يُفهم منها هذا المعنى، ولأن المستفاد من الرواية التي أشير إليها، والتي استشهد الإمام الرضا A فيها بآية: هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي...، أن المجرمين قابعون الآن في جهنم.
وقد وصف الله سبحانه أهل الجنة فقال:
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ القمر: 54 ــ 55، وهذه إشارة إلى قسمي الجنة: الجسماني والروحاني، كما أن جهنم أيضاً وصفت بهذين الوصفين:
نار جسمانية: بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ النساء: 54.
ونار روحانية: نَارُ الله الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ الهمزة: 6 ــ 7.
فإذا تقرّر أن المؤمن الآن في الجنة، والكافر الآن في النار، فلا بد أن يكون ذلك مرتبطاً بالبدن المثالي لا البدن العنصري.
أما المطلب الثالث: فقد كان حول الخلود، حيث أنكر بعضٌ الخلود، استناداً إلى أن القسر لا يدوم.
وقد أجاب عن هذا الكلام سيدنا الأُستاذ الطباطبائي في كتابه: الميزان في تفسير القرآن، مثبتاً الخلود، ونكتفي فعلاً بهذه الإيضاحات.
الأُستاذ سيدان:
لتمام هذه الآيات والروايات أكثر من وجه، وتحتمل عدّة احتمالات، ولا يمكن التمسّك بوجه واحد من وجوهها، ثم اتخاذه وسيلةً للتخلّي عن ظهور بقيّة الأدلّة أو صراحتها، كما لا يمكن أن تكون الإحاطة الفعلية للنار دليلاً قطعياً على عدم ماديتها، أما كون الجزاء عين العمل لا غير، فهو أيضاً غير محسوم ولا مؤكّد.
كما أنّ نصوص القرآن المجيد تتماشى والقول بأن الجزاء المقرّر يقع نتيجةً للعمل، والمستفاد من الظواهر القريبة من النص، أن الجنة والنار لهما وجودان مستقلان خارجيان، بصرف النظر عن العمل، ومن الطبيعي عدم خلوّ العمل في كيفيته من التأثير، كما يوجب المجرمون اشتعال النار ولهيبها.
أمّا الروايات التي تدلّ على أن النبي 2 رأى الجنة والنار، فهي لا تدلّ على رؤيته 2 أهل الجنة وأهل النار بأجمعهم، حتى نصدر حكماً حاسماً بوجودهم جميعاً الآن في الجنة والنار، ولا يبعد أن تكون أشباحهم المستقبليّة قد عُرضت على النبي 2، كما يمكن أن يكون حارثة رأى الجنة والجحيم البرزختين.
إلى جانب ذلك، ثمّة تساؤل هنا: كيف يمكن وجود الجنة والجحيم في مكان واحد، مع أنّه يُستفاد من الروايات أن كلاًّ منهما يقع في مكان مستقل عن الآخر، بل ما معنى ابتداع النفس الإنسانية في العالم البعدي صوراً مثالية؟!
وحتى لو تجاوزنا ذلك كلّه، وقبلنا هذه المقدمات جميعها، لا يمكن إثبات الحشر الإنساني في العالم البَعدي بغير الأبدان العنصرية.
خلاصة القول: إننا بحاجة إلى دليل قاطع في الأُمور الاعتقادية، حتى يكون حجةً بين الإنسان وربه، فهل نستطيع ــ بمثل هذه الأدلة غير الخالية من الإجمال والتشابه ــ أن نحكم بالحكم القطعي أن المحشور في القيامة ليس هو البدن العنصري؟!
وهل يمكن القول: إن الثواب والعقاب والمحشور من مبتدعات النفس الإنسانية؟!
هل يمكن التخلّي عن ظواهر الأدلّة الكثيرة ـــ باعترافكم ــــ وتأويلها كافّة؟
إننا نعتقد أن كل واحدةٍ من هذه القضايا لما كان موضع جدل ونظر لم يحسم بعد، لا يمكنه أن يكوّن برهاناً علمياً وفلسفياً.
الأُستاذ جوادي:
لم نُثِر حتى الآن موضوع البرهان العقلي، بل حصرنا الحديث في المستفاد من ظواهر الأدلّة الشرعية، ومن مجموعها يخرج الأعلام ـ أي المحدثون ـ بتفسير ما، فيما يخرج الملا صدرا والفيض الكاشاني بنمط آخر من التعاطي.
لو قُبلت تلك المقدمات، فلا بد من القول: إنّ المحترق والمعذَّب هو البدن المثالي، فحينما ينعزل البدن العنصري يرى الشخصُ نفسه في العذاب.
الأُستاذ سيدان:
ثبت إلى الآن ـ على الأقل ـ وجود البدن المثالي، أمّا ما هو الدليل على أن البدن المحشور والمعذَّب في القيامة هو هذا البدن، دون البدن العنصري، مع ملاحظة التحوّل في الحالات التي تحصل هناك؟
الأُستاذ جوادي:
لمّا كان المؤمن الآن في الجنة، والكافر في النار، من ذلك يُعلم أن البدن العنصري لا تأثير له.
الأُستاذ سيدان:
لا يمكن الخروج بنتيجة حاسمة بذلك، تقضي بعدم حشر البدن العنصري، فهذا مجرّد قياس وتنظير لا برهان عليه.
وفي ختام المناظرة قَبل الشيخ جوادي آملي ــ حسب الظاهر ــ بعدم إمكان الاستدلال على نظرية صدر المتألهين بالأدلة الشرعية.
يقول كاتب هذه السطور ومعدّها[مرواريد]: قلت لسماحة الشيخ جوادي آملي: كم هو حسن من سماحتكم لو ركّزتم في أبحاثكم على هذه الناحية، فإن الموضوع عقائدي وحساس وله تبعات، ولا ينبغي تلقين طلبة العلوم الدينية وتثقيفهم بطريقة ملتبسة تجعل صدر المتألهين موضع اتهام بعدم معرفته بالفلسفة.
فكان جواب الشيخ جوادي آملي مؤيّداً لذلك، وقال: درّس سيدنا الأُستاذ العلامة الطباطبائي بحث المعاد من الأسفار الأربعة، ولم يُثبت أو ينفي أيّ مطلب من مطالب صدر الدين الشيرازي.
الخاتمة في الآيات والروايات
الدالة على المعاد الجسماني العنصري ــــــــــ
وأرى ـ أنا مُعدّ هذا الحوار ]مرواريد[ ـ من المناسب، ذكر قسم من الآيات والروايات الصريحة في المعاد الجسماني بمعنى العنصري المادي:
1 ــ قال الله تبارك وتعالى:
أَوَلَمْ يَرَ الْإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ يس: 77 ــ 79.
ومن البديهي أن الذي كان مورد إنكار المنكر ـ أُبيّ بن خلف ـ إنما هو إحياء عظام الإنسان الميت، وواضح أن الله تعالى ردّ ما كان معرضاً للإنكار، وبيّن أن هذه العظام الرميمة التي خلقها أوّل مرة، يحييها بعد موت الإنسان.
2 ــ قال الله تبارك وتعالى:
أَيَحْسَبُ الْإنسان أَلَّن نَجْمَعَ عِظَامَهُ * بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَـوِّيَ بَنَانَهُ القيامة:
3 ــ 4.
في الآية الشريفة أعلاه ألقي اللوم على التخيّل الباطل لمنكري المعاد الجسماني، وأشير إلى قدرته تعالى على إرجاع بَنان الإنسان ـ كما كانت ـ بعد موته.
3 ــ قال الله تبارك وتعالى:
وَأَنَّ الله يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُور الحج: 7.
وهناك آيات متعددة في القرآن الكريم تلتقي مع هذه الآية في المضمون،ويستفاد منها صريحاً إحياء الموتى في القبور، وبديهيّ أن الذي في القبر ليس هو الروح، بل بدن الإنسان الرميم.
4 ــ قال الله سبحانه:
أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ الله بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ الله مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَـى حِمَـارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة: 259.
5 ــ وقال تبارك وتعالى:
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ الله عَزِيزٌ حَكِيمٌ البقرة: 260.
6 ــ وقال عزّ من قائل:
وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا * قُل كُونُواْ حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا الإسراء: 49 ــ 51.
7 ــ وقال:
وَقَالُواْ أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا * أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ
الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ قَادِرٌ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ الإسراء: 98 ــ 99.
8 ــ وقال:
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ * أَفْتَرَى عَلَى الله كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآْخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ سبأ: 7 ــ 8.
9 ــ وقال تبارك وتعالى:
أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ * قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ ق: 3 ــ 4.
10 ــ وقال تعالى:
وَمِنْ آيَاتِهِ أَن تَقُومَ السَّمَاء وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ الأَرْضِ إِذَا أَنتُمْ تَخْرُجُونَ الروم: 25.
وبديهيّ أن الخارج من الأرض هو الأبدان المتلاشية والمتفرقة، ومعه فالآية تدلّ ـ صراحةً ـ على المعاد الجسماني.
والآيات المذكورة نماذج من عشرات الآيات التي تعلن ـ وبصورة صريحة وواضحة ـ المعاد الجسماني.
ونستعرض الآن ـ للتذكير فقط ـ بعض الأحاديث الواردة في الكتب المعتبرة، وهي تثبت الموضوع أعلاه:
1 ــ عن أبي عبدالله 2 قال:
إذا أراد الله أن يبعث، أمطر السماء على الأرض أربعين صباحاً، فاجتمعت الأوصال ونبتت اللّحوم، وقال: أتى جبرئيل رسول الله فأخذه فأخرجه إلى البقيع، فانتهى به إلى قبر فصوَّت بصاحبه، فقال: قم بإذن الله، فخرج منه رجل أبيض الرأس واللحية، يمسح التراب عن وجهه، وهو يقول: الحمد لله والله أكبر، فقال جبرئيل: عُدْ بإذن الله، ثمَّ انتهى به إلى قبر آخر فقال: قم بإذن الله، فخرج منه رجل مسودّ الوجه، وهو يقول: يا حسرتاه، يا ثبوراه، ثم قال له جبرئيل: عد إلى ما كنت بإذن الله، فقال: يا محمّد! هكذا يحشرون يوم القيامة، والمؤمنون يقولون هذا القول، وهؤلاء يقولون ما ترى( ).
2 ــ عن أبي بصير عن الصادق عن آبائه G قال:
قال رسول الله 2: يا عليّ! أنا أوّل من ينفض التراب عن رأسه، وأنت معي، ثم سائر الخلق...( ).
3 ــ عن أبي سعيد الخدري K قال:
سمعت رسول الله 2: يقول لعليٍّ: يا عليّ! أبشر وبشّر، فليس على شيعتك حسرةٌ عند الموت، ولا وحشةٌ في القبور، ولا حزنٌ يوم النشور، ولكأنّي بهم يخرجون من جدث القُبور، ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم، يقولون: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ فاطر: 34( ).
4 ــ عن أبي عبدالله 2 قال:
سئل عن الميّت يبلى جسده؟ قال: نعم، حتّى لا يبق له لحم ولا عظم إلاّ طينته الّتي خُلق منها فإنّها لا تبلى، تبقى في القبر مستديرةً حتّى يُخلق منها كما خلق أوّل مرّة( ).
5 ــ عن هشام بن الحكم أنّه قال الزنديقُ للصادق A:
أنّى للروح بالبعث والبدن قد بلى والأعضاء قد تفرّقت؟! فعضوٌ في بلدةٍ تأكلها سباعها، وعضو بأخرى تمزّقه هوامّها، وعضو قد صار تراباً بني به مع الطين حائطاً! قال: إنّ الَّذي أنشأه من غير شيء، وصوّره على غير مثال كان سبق إليه، قادر أن يعيده كما بدأه، قال: أوضح لي ذلك.
قال: إنّ الروح مقيمةٌ في مكانها، روح المحسنين ــ وفي المصدر روح المحسن ــ في ضياء وفسحة، وروح المسيء في ضيق وظلمة، والبدن يصير تراباً منه خُلق، وما تقذف به السباع والهوامّ من أجوافها فما أكلته ومزّقته كلّ ذلك في التراب محفوظ عند من لا يعزب عنه مثقال ذرّةٍ في ظلمات الأرض، ويعلم عدد الأشياء ووزنها، وإنّ تراب الروحانيّين بمنـزلة الذهب في التراب، فإذا كان حين البعث مطرت الأرض فتربوا الأرض، ثمّ تمخض مخض السقاء، فيصير تراب البشر كمصير الذهب من التراب إذا غسل بالماء، والزبد من اللبن إذا مخض، فيجتمع تراب كلّ قالب، فينقل بإذن الله تعالى إلى حيث الروح، فتعود الصور بإذن المصوّر كهيئتها، وتلج الروح فيها فإذا قد استوى لا ينكر من نفسه شيئاً...( ).
* * *
الهوامش
ــ سبيل الرشاد: 104.
ــ التوحيد للصدوق، باب ما جاء في الرؤية: 118، ح21.
ــ الغدير، باب الغلو في فضائل عثمان 8: 214.
ــ بحار الأنوار 67: 209.
ــ التوحيد للصدوق، باب ما جاء في الرؤية: 118، ح21.
ــ أصول الكافي، كتاب فضل القرآن 2: 601، ح11.
ــ بحار الأنوار 61: 131 ــ 150.
ــ التوحيد للصدوق، باب التوحيد ونفي التشبيه: 46، ح6.
ــ المصدر نفسه، باب صفات الذات وصفات الأفعال: 146، ح14.
ــ الصحيفة السجادية، دعاؤه A عند ختم القرآن.
ــ بحار الأنوار 7: 39، ح8.
ــ المصدر نفسه: 179، ح16.
ــ المصدر نفسه: 198، ح73.
ــ المصدر نفسه: 43.
ــ المصدر نفسه: 37.
|
|
|
|
|