|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 50367
|
الإنتساب : May 2010
|
المشاركات : 299
|
بمعدل : 0.06 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
د. حامد العطية
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 17-10-2013 الساعة : 04:35 AM
أخي العزيز الفاضل الأستاذ المؤرخ حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله ما أدق وصفك لحالتي! وكأنك نفذت ببصيرتك الثاقبة إلى أعماق نفسي فقرأت أفكاري وتبينت لك معاناتي. أخي العزيز أنا مجرد إنسان عادي لا أدعي علماً متميزاً ولا قلباً أكبر وأرق من قلوب الغير لكن ما دار في قرارة نفسي هو بالفعل صراع بدأ منذ أكثر من عشرة أعوام وربما لن ينتهي بإعلان براءتي من شقيقي الوحيد في الجرائد والمواقع العراقية.
بعد حصولي على جواز سفر كندي أواخر القرن الماضي سافرت لزيارته في لندن، استضافني على الغداء في شقته، وجبة سمك كما أتذكر، لا بد أن اليوم كان الجمعة، فهم لا يأكلون من اللحوم سوى السمك أيام الجمع، تجرعت الطعام الرديء على مضض. سألته سجادة صغيرة لأصلي عليها، فأحضر لي قطعة نسيج خشنة الملمس، أشبه ببماسح الأحذية التي توضع أمام الأبواب الخارجية، صليت على عجل، وقفا في المطبخ القريب يتبادلان الحديث، صوتها مرتفع وحاد وصوته منخفض ومتوسل، فيما بعد خمنت بأنها كانت توبخه على سماحه لي بأداء صلاة المسلمين في شقتها، والله أعلم.
بعدها بقليل استأذنت لأعود للفندق، فأصر على اصطحابي مسافة من الطريق، صدقني يا أخي عندما أقول لك كان قلبي يعرف وعقلي ينكر، كنت شاكاً في ارتداده قبل ذلك بمدة زمنية، إذ قبلها بسنوات وبعد انقطاع طويل عاود الاتصال بي هاتفياً، وكان يتحدث بلغة المسيحيين، ولا أقصد هنا اللغة بالمفهوم المعروف وإنما المفاهيم والفكر والمعاني، وبعد انتهاء إحدى هذه المكالمات قلت لزوجتي: هذا الرجل قد تنصر، فهو يردد كلاماً أشبه بعظات القساوسة والمبشرين فاستبعدت ذلك.
بعد مغادرتي شقته بدقائق نفذ صبري، توقفت فجأة وسألته: هل أصبحت نصرانياً؟ فاجأه السؤال، فأجاب بالإيجاب، ألحقته بسؤال ثان: هل غيرت اسمك؟ نعم من محمد إلى مايكل ومن عطية إلى عطيايا، وبعد حديث قصير لا أتذكر تفاصيله بالضبط قلت له هذا فراق بيني وبينك، وبعد عودتي إلى كندا استخرجت له أدلة مفحمة من الأناجيل الأربعة وملحقاتها تبرهن وبشكل قاطع لا يقبل الشك على بطلان العقائد والشعائر الممارسة حالياً من قبل المسيحيين والمنسوبة زوراً وظلماً للنبي عيسى عليه السلام وهو نبي مرسل لليهود فقط كما يؤكد هو ذلك في أحاديثه التي ترويها الأناجيل ويصدقها قرآننا العظيم، فاتصل بي معاتباً ومستنكراً ليخبرني بقصة ارتداده، فهو يدعي بأنه واثناء جولة له في مزار مسيحي رأى بأم عينيه تمثالاً أصماً لأحد القديسين يرفع أصابعه بالتثليث، فقلت له لو ذهبت إلى طبيب نفساني مسيحي لشخص الحالة بأنها هلوسة ناتجة عن اضطراب عصبي أو جسماني أو تناول مخدرات أو أدوية، ولك يا أخي العزيز أن تتصور حالتي وأنا استمع لشقيقي الوحيد الحاصل على شهادة دكتوراة في العلوم من إنكلترا والأستاذ في جامعة بغداد سابقاً يروي لي هذا الحدث السخيف، وكان بودي أن أقول له: لو أن كل موتى البشر خرجوا من أجداثهم وهم يؤشرون بأصابعهم علامة التثليث بل لو فعل مثلهم مخلوقات تنزلت من السماء لقلت بأنه فعل شيطاني لأن العقل يرفض التثليث تماماً، وكثير من المسيحيين يتركون ديانتهم والبعض منهم إلى الإسلام لأنهم يجدون صعوبة بالغة في تقبل فكرة الثالوث المقدس المعبود لدى المسيحيين كما أكدت نتائج دراسة ميدانية حديثة.
في النهاية وكما قلت يا أخي العزيز فلا بد من أن أكون مخلصاً للفكر الذي أنتمي إليه وهو أهم من انتمائي العائلي والقبلي وحتى الوطني فليس من المعقول والمقبول والعدل أن أهجر العراق في 1982م على أساس عقائدي وفكري وهو رفض العمل والعيش في ظل نظام حكم كافر وجائر ثم أتغاضى عن ارتداد أخي وسعيه لاقناعي وعائلتي بتقليده بسبب صلة القرابة والعاطفة.
انتهى الصراع لكن المعاناة لا تنتهي، وكما كتبت مؤخراً، قد يأسف ويتحسر الإنسان إن لم يرزق بأخ، وكل إنسان يحزن لموت أخيه، لكن حالتي مختلفة تماماً، فلي أخ وهو على قيد الحياة لكنه لا يحسب أخاً لي، وهو تبرأ مني قبل أن أتبرأ منه.
كل الشكر والتقدير لك ومعذرة على الإطالة
ودمت بكل خير
أخوك
حامد
|
|
|
|
|