عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية حفيد الكرار
حفيد الكرار
مشرف المنتدى الثقافي
رقم العضوية : 7208
الإنتساب : Jul 2007
المشاركات : 3,027
بمعدل : 0.47 يوميا

حفيد الكرار غير متصل

 عرض البوم صور حفيد الكرار

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : حفيد الكرار المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 30-08-2013 الساعة : 01:36 AM


وأقول أيضاً : إننا نشاهد الجهود الواضحة للمراجع في نشر الدين والترويج لمذهب أهل البيت عليهم السلام، سواءً من خلال التأليفات أو المحاضرات أو إنشاء المراكز والمؤسسات التخصصية التي تهتم بالعقائد ودفع الشبهات عن الدين، فهل يصحُّ لنا تصويرهم على أنهم أناسٌ لا يهتمُّون بالعقيدة أو لا يفهمون القرآن؟!!!!! فإذا كنتم غير مطَّلعين على جهودهم فهذه ليست مشكلتهم.




الخلط بين الأعلمية وولاية الفقيه :

لقد حَصَلَ في الحلقة الأخيرة من برنامج مطارحات في العقيدة في شهر رمضان المبارك خلطٌ واضحٌ بين مسألة الأعلمية التي أثرتموها ووصفتُم فيها غيركم بأنهم أصحاب فكر بائس متخلف، وبين ولاية الفقيه، مع أنَّ أصل الإشكال الذي وُجِّهَ إليكم لم يكن متعلِّقاً بولاية الفقيه، بل كان متعلِّقاً بالأعلمية ووصفكم لغيركم بالتخلف، ولا أدري كيف أُقْحِمَتْ مسألة ولاية الفقيه في الحلقة الأخيرة وجعلتموها كأنها هي محل النزاع!!!! والأغرب من ذلك أنَّكم قسَّمتُم العلماء إلى اتجاهين :

الاتجاه الأول، وهو الاتجاه الذي لا يرى للفقيه وظيفة في عصر الغيبة إلا في إصدار رسالة عملية (حسب دعواكم).

الاتجاه الثاني، وهو الذي يرى للفقيه ولاية عامة، وبالتالي تكون له وظائف كثيرة، ويكون العالِم القائل بالاتجاه الثاني عالماً بالعقائد والفقه والتفسير والعرفان وغيرها (حسب دعواكم أيضاً).

فيردُ على كلامكم أننا نرى بالوجدان كثيراً من القائلين بعدم ثبوت الولاية في غير الأمور الحسبية لهم دورٌ كبيرٌ ومؤلفاتٌ في غير الفقه والأصول، فمثلاً نجد السيد الخوئي قد ألَّف في العقائد وفي التفسير، وفي إعجاز القرآن وغيرها من الأمور، ونجد مثلاً أن السيد محمد سعيد الحكيم قد ألَّف في العقائد والتاريخ وغيرها، وكذلك غيرهم من الفقهاء القائلين بعدم ثبوت الولاية للفقيه في غير الأمور الحسبية، بينما نجد كثيراً من الفقهاء الذين قالوا بولاية الفقيه المطلقة ليس لهم خدماتٌ بارزةٌ في غير الفقه والأصول، فقد نسبتُم على سبيل المثال للشيخ صاحب الجواهر أنه من القائلين بولاية الفقيه على النحو الذي يراه السيد الخميني، ولكننا لا نجد لصاحب الجواهر تراثاً في غير الفقه والأصول، وكذلك الشيخ الأعظم الأنصاري (مع غضِّ النظر عن صحة ما نسبتموه إليه أو عدمه)، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً.


كما أنكم جئتم بدعوى غريبة، وهي أن القائلين بعدم الولاية للفقيه في غير الأمور الحسبية لا خبرة لهم في تقييم مستوى القائلين بالولاية المطلقة!!!! لأنهم يرونَ أنه لا دورَ للفقيه إلا في إصدار الرسالة العملية، فكيف يقيِّمون من يرى للفقيه وظائف كثيرة تشمل العقائد والتفسير والفلسفة والعرفان والسياسة والاقتصاد!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

وهو أيضاً غير صحيح، لأنَّ مسألة ولاية الفقيه ما هي إلا مسألة تُبْحَثُ في الأبحاث الفقهية، والقائلون بعدم ثبوتها في غير الأمور الحسبية يناقشون في أبحاثهم أدلة القائلين بها، والقائلون بها يناقشون أدلة القائلين بعدم ثبوتها، وكلا الطرفين يتبنى ما يفهمه وما يوصِلُهُ إليه الدليل، فلا معنى أن نقول أنَّ أصحاب الاتجاه الأول لا خبرة لديهم في الاتجاه الثاني.

ومثال ذلك : أنَّكم قلتُم سابقاً أنَّ الشهيد السيد محمد باقر الصدر قد قال قبل أن يطرح مرجعيتَه أنَّ أعلم المتصدين للمرجعية هو السيد الخوئي، مع أنَّ السيد الشهيد يرى ولاية الفقيه المطلقة، والسيد الخوئي لا يراها، ومع ذلك أشار إلى أعلميَّته بين المتصدين للمرجعية، مع أنَّ السيد الخميني كان أحد المتصدين لها في ذلك الوقت وكان يعيش في النجف الأشرف، ومع ذلك قال السيد الشهيد بأعلمية السيد الخوئي، وكثيراً ما نرى أنَّ بعض أهل الخبرة الذين لا يرون ثبوت الولاية للفقيه في غير الأمور الحسبية يقولون بأعلمية شخص يرى ثبوت الولاية المطلقة للفقيه، وفي مقابلهم نرى أناساً يرون ثبوت الولاية المطلقة للفقيه ولكنهم يشهدون بالأعلمية لشخصٍ لا يرى ثبوتها.

والأغرب من كل ذلك أنكم نسبتم إلى أصحاب الاتجاه الأول ما هم بريئون منه، ونسبتم إلى بعض الأعلام أنهم من أصحاب الاتجاه الثاني القائل بولاية الفقيه المطلقة وهم ليسوا كذلك.


فقد نقلتم عن السيد الخوئي أنه يقول في (التنقيح في شرح العروة الوثقى ج1 ص424) :
"أن الولاية لم تثبت للفقيه في عصر الغيبة بدليل وإنما هي مختصة بالنبي والأئمة (عليهم السّلام)، بل الثابت حسبما تستفاد من الروايات أمران: نفوذ قضائه وحجية فتواه".

وقلتُم أنَّه كان بصدد بيان دور العلماء في عصر الغيبة، وهو خلطٌ واضحٌ، فهو هناك يتكلم عن الولاية لا عن الأدوار، وفرقٌ كبير بين الأمرين، فقولنا بأنَّ الفقيه ليست له ولاية إلا في القضاء والإفتاء، لا يعني نفي أي دورٍ آخر له، فلا يعني أن لا يجيب على الشبهات العقائدية، ولا يعني أن لا يكتب في التفسير والتاريخ أو غيرها من الأمور، ولا يعني أن لا ينشئ المؤسسات، ولا يعني أن لا يصرف الحقوق الشرعية في الترويج للدين، فهذه الأمور لا تحتاج إلى ثبوت الولاية له لنقول أن نفيها ملازمٌ لنفي هذه الأمور.


ثم انتقلتُم إلى ما قاله السيد الخوئي في (مستند العروة الوثقى كتاب الصوم ج2 ص88) ونقلتُم هذا القول :
"وملخص الكلام في المقام: أنّ إعطاء الإمام (عليه السلام) منصب القضاء للعلماء أو لغيرهم لم يثبت".

فنقلتُم هذا الكلام، وقلتُم أن منصب القضاء أيضاً لم يثبت عند السيد الخوئي لتوصلوا المشاهدين إلى النتيجة التي قلتُموها وهي أنَّ أصحاب الاتجاه الأول يرون دور الفقيه منحصراً في الرسالة العملية فقط، وأن كلام السيد في المستند يتعارض مع قوله في التنقيح، ففي التنقيح أثبت الولاية في القضاء والإفتاء، وفي المستند نفى ثبوت القضاء أيضاً، فلم يبقَ إلا الإفتاء!!!!!

ولكن هل السيد الخوئي نفى القضاء حقاً، أو أنَّ تتمة كلامه تدلُّ على خلاف ما نسبتموه إليه؟

هذا ما قاله السيد الخوئي في المستند :
"وملخص الكلام في المقام: أنّ إعطاء الإمام (عليه السلام) منصب القضاء للعلماء أو لغيرهم لم يثبت
بأيّ دليل لفظي معتبر ليتمسك بإطلاقه . نعم بما أنّا نقطع بوجوبه الكفائي لتوقف حفظ النظام المادي والمعنوي عليه ولولاه لاختلت نظم الاجتماع لكثرة التنازع والترافع في الأموال وشبهها من الزواج والطلاق والمواريث ونحوها . والقدر المتيقن ممن ثبت له الوجوب المزبور هو المجتهد الجامع للشرائط ، فلا جرم يُقطع بكونه منصوباً من قبل الشارع المقدس
، أما غيره فلا دليل عليه".

إذاً فالسيد الخوئي يُثبت منصب القضاء للفقيه في نفس السياق الذي نقلتُم منه، وأنتُم نسبتُم إليه نفي منصب القضاء!!!!!!

أليس هذا تلبيساً على المشاهدين؟!!!!! هل هذا هو البحث التخصصي؟ وهل هذه هي الأمانة العلمية في نقل كلمات الأعلام؟ ماذا لو ظهر أحد المخالفين على الفضائيات وأشار إلى هذا الموضع فنقل كلامكم الذي نسبتم فيه نفي منصب القضاء للسيد الخوئي، ثم عرض تتمة كلام السيد الخوئي، وقال للناس : إذا لم تكن عنده أمانة علمية في نقل كلمات علماء الشيعة فكيف يوثق بما ينقله عن ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب وابن باز والعثيمين وغيرهم من الأعلام؟؟؟ فما هو الجواب؟

هذا ما يتعلَّق بأصحاب الاتجاه الأول، وأما أصحاب الاتجاه الثاني (حسب تقسيمكم)، فقد نسبتُم إلى بعض الأعلام أنهم قائلون بثبوت الولاية المطلقة للفقيه على النحو الذي يراه السيد الخميني قدس سره، وهم : المحقق النراقي صاحب عوائد الأيام، والشيخ محمد حسن النجفي صاحب الجواهر، والشيخ مرتضى الأنصاري، والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء.

فهل هؤلاء جميعاً من القائلين بولاية الفقيه المطلقة؟


كلام الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في ولاية الفقيه :
قال الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في (الفردوس الأعلى ص79-80) :
"السؤال السادس:
عموم الولاية للفقيه في زمن الغيبة ثابت أم لا؟ أفيدونا ما هو المحقق عندكم في ذلك؟
الجواب:
الولاية على الغير نفساً، أو مالاً، أو أيّ شأن من الشؤون لها ثلاث مراتب، بل أربعة:
الأولى:
ولاية الله جل شأنه على عباده، وهو المالك لهم ولما يملكون بالملك الحقيقي الذاتي لا الجعلي العرضي (هنالك الولاية لله)، وهذه الولاية بدرجتها "الثانية" جعلاً وذاتاً لرسول الله والأئمة سلام الله عليهم (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) أي فضلاً عن الكافرين، وهذه الآية واسعة مطلقة بتمام السعة والإطلاق بحيث لو أنّ النبي أو الإمام طلّق زوجة رجل طلقت رغماً عليه، فضلاً عن المال وغيره.
المرتبة الثانية: ولاية الفقيه المجتهد النائب عن الإمام، وهي طبعاً أضيق من الأولى، والمستفاد من مجموع الأدلة أنّ له الولاية على الشؤون العامة وما يحتاج إليه نظام الهيئة الاجتماعية
المشار إليه بقولهم عليهم السلام: "مجاري الأمور بأيدي العلماء،
والعلماء ورثة الأنبياء"،
وأمثالها، وهي المعبّر عنها في لسان المتشرعة بالأمور الحسبية، مثل التصرف بأموال القاصرين الذين لا ولي لهم، والأوقاف التي لا متولي عليها، وتجهيز الأموات الذين لا ولي لهم، وأخذ إرث من لا وارث له، وطلاق زوجة من لا ينفق على زوجته ولا يطلقها، أو الغائب غيبة منقطعة وكثيرة من أمثال ذلك مما لابد منه وعدم إمكان تعطيله للزوم العسر والحرج، ولعل من هذا الباب إقامة الحدود مع الإمكان، وأمن الضرر.
وبالجملة: فالعقل والنقل يدل على ولاية الفقيه الجامع على مثل هذه الشؤون فإنها للإمام المعصوم أولاً، ثم للفقيه المجتهد ثانياً بالنيابة المجعولة بقوله عليه السلام: "وهو حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليكم"، ومن هنا يتضح جواب السؤال الآتي.
المرتبة الثالثة بل الرابعة:
ولاية عدول المؤمنين عند تعذر الفقيه المجتهد، وهي في أمور خاصة، ضابطتها ما تقضي الضرورة به مثل دفن الموتى والإنفاق على الصغير من ماله، وأمثال ذلك، وهي أضيق من ولاية الفقيه طبعاً، فإنها تختص بما لا يمكن تعطيله، وولاية الفقيه تعمّ كل ما فيه المصلحة".

أقول : هذا ما قاله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في نفس الصفحة التي نقلتم منها قوله في طريقة تعيين من له أحقية المرجعية، فلا أدري كيف عددتُم الشيخ كاشف الغطاء من أصحاب الاتجاه الثاني القائل بولاية الفقيه المطلقة، مع أنه يصرِّح ببيان واضح جداً أنَّ الولاية للفقيه ثابتة في الأمور الحسبية، وضربَ لذلك عدة أمثلة كالتصرف بأموال القاصرين الذين لا ولي لهم، والأوقاف التي لا متولي عليها، وتجهيز الأموات الذين لا ولي لهم، وأخذ إرث من لا وارث له، وطلاق زوجة من لا ينفق على زوجته ولا يطلقها، أو الغائب غيبة منقطعة، وأمثال هذه الأمور، فكيف قلتُم أنه من أصحاب الاتجاه الثاني القائل بسعة الولاية؟


وقال الشيخ كاشف الغطاء أيضاً في (أصل الشيعة وأصولها ص80-81) :
"والمراد بالمجتهد من زاول الأدلة ومارسها واستفرغ وسعه فيها حتى حصلت له ملكة وقوة يقدر بها على استنباط الحكم الشرعي من تلك الأدلة
وهذا أيضاً لا يكفي في
جواز تقليده بل هنا شروط أخرى – أهمها العدالة – وهي ملكة يستطيع معها المرء الكف عن المعاصي والقيام بالواجب كما يستطيع من له ملكة الشجاعة اقتحام الحرب بسهولة بخلاف الجبان ، وقصاراها أنها حالة من خوف الله ومراقبته تلازم الإنسان في جميع أحواله وهي ذات مراتب أعلاها العصمة التي هي شرط في الإمام، ثم إنه لا تقليد ولا اجتهاد في الضروريات كوجوب الصلاة والصوم وأمثالها مما هو مقطوع به لكل مكلف ومنكره منكر لضروري من ضروريات الدين كما لا تقليد في أصول العقائد كالتوحيد والنبوّة والمعاد ونحوها مما يلزم تحصيل العلم به من الدليل على كل مكلف ولو إجمالاً فإنها تكاليف علمية وواجبات اعتقادية لا يكفي الظن والاعتماد فيها على رأي الغير ( فاعلم أنه لا إله إلا هو ) وما عداها من الفروع فهو موضع الاجتهاد والتقليد.
وأعمال المكلفين التي هو موضوع لأحكام الشرع يلزم معرفتها اجتهاداً أو تقليداً ويعاقب من ترك تعلمها بأحد الطريقين
لا تخلو إما أن يكون القصد منها المعاملة بين العبد وربه فهي العبادات الموقوف على صحتها على قصد التقرب بها إلى الله، (بدنية) كالصوم والصلاة والحج أو (مالية) كالخمس والزكاة والكفارات أو المعاملة بينه وبين الناس، وهي إما أن تتوقف على طرفين كعقود المفاوضات والمناكحات ، أو تحصيل من طرف واحد كالطلاق والعتق ونحوهما أو المعاملة مع خاصة نفسه، ومن حيث ذاته كأكله وشربه ولباسه وأمثال ذلك ، والفقه يبحث عن أحكام جميع تلك الأعمال في أبواب أربعة.العبادات ، المعاملات ، الإيقاعات ، الأحكام".

أقول : هذا ما قاله الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في تعريف المجتهد، وأن أعمال المكلفين هي التي تكون موضوعاً لأحكام الشرع ويلزم معرفتها اجتهاداً وتقليداً، فلم يذكر استنباط العقائد ولا الفلسفة والعرفان والتفسير وغير ذلك من الأمور.





كلام الشيخ مرتضى الأنصاري في ولاية الفقيه :

نقلتُم عن الشيخ مرتضى الأنصاري أنه قائل بولاية الفقيه على النحو الذي قاله السيد الخميني، واستدللتم على ذلك بعباراتٍ نقلتموها من كتاب المكاسب ج3 ص554 و555 و556، مع أنَّ الشيخ الأنصاري ينفي الولاية بهذه السعة، وقد نفى ذلك قبل العبارات التي نقلتموها، وكرَّر هذا النفي بعد ذلك أيضاً.

قال الشيخ الأنصاري في (المكاسب ج3 ص553) بعد نقل جملة من الروايات التي يستدل بها القائلون بولاية الفقيه المطلقة :
"لكنّ الإنصاف – بعد ملاحظة سياقها أو صدرها أو ذيلها – يقتضي الجزم بأنّها في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية، لا كونهم كالنبيّ والأئمة صلوات الله عليهم في كونهم أولى بالناس في أموالهم، فلو طلب الفقيه الزكاة والخمس من المكلّف فلا دليل على وجوب الدفع إليه شرعاً. نعم، لو ثبت شرعاً اشتراط صحّة أدائهما بدفعه إلى الفقيه مطلقاً أو بعد المطالبة، وأفتى بذلك الفقيه، وجب اتّباعه إن كان ممّن يتعيّن تقليده ابتداءً أو بعد الاختيار، فيخرج عن محلّ الكلام.
هذا، مع أنّه لو فرض العموم فيما ذكر من الأخبار، وجب حملها على إرادة الجهة المعهودة المتعارفة من وظيفته، من حيث كونه رسولاً مبلّغاً، وإلّا لزم تخصيص أكثر أفراد العامّ؛ لعدم سلطنة الفقيه على أموال الناس وأنفسهم إلّا في موارد قليلة بالنسبة إلى موارد عدم سلطنته.
وبالجملة، فإقامة الدليل على وجوب طاعة الفقيه كالإمام عليه السلام – إلّا ما خرج بالدليل – دونه خرط القتاد!".


وقال في (ص557-558) :
"وعلى أيّ تقدير، فقد ظهر ممّا ذكرنا : أنّ ما دلّ عليه هذه الأدلّة هو ثبوت الولاية للفقيه في الأُمور التي يكون مشروعيّة إيجادها في الخارج مفروغاً عنها، بحيث لو فرض عدم الفقيه كان على الناس القيام بها كفاية. وأمّا ما يُشكّ في مشروعيّته كالحدود لغير الإمام، وتزويج الصغيرة لغير الأب والجدّ، وولاية المعاملة على مال الغائب بالعقد عليه وفسخ العقد الخياري عنه، وغير ذلك، فلا يثبت من تلك الأدلّة مشروعيّتها للفقيه، بل لا بدّ للفقيه من استنباط مشروعيّتها من دليلٍ آخر.
نعم، الولاية على هذه وغيرها ثابتة للإمام عليه السلام بالأدلّة المتقدّمة المُختصّة به، مثل آية (أوْلى بِالمُؤْمِنينَ مِنْ أنْفُسِهِمْ).
وقد تقدّم: أنّ إثبات عموم نيابة الفقيه عنه عليه السلام في هذا النحو من الولاية على الناس – ليقتصر في الخروج عنه على ما خرج بالدليل – دونه خرط القتاد".

أقول : هذا كلام الشيخ الأنصاري الذي وصفتموه بشيخ الفقهاء والشيخ الأعظم وأستاذ كل هذه المدرسة الحديثة في النجف، وهو خلاف ما نسبتموه إليه تماماً.


وأما صاحب الجواهر، فإنه مع قوله بولاية الفقيه في الأمور العامة، إلا أن قوله لا يتطابق مع قول السيد الخميني تماماً، فقد استثنى بعض الموارد، حيث قال في ج21 ص397 :
"نعم لم يأذنوا لهم في زمن الغيبة ببعض الأمور التي يعلمون عدم حاجتهم إليها ، كجهاد الدعوة المحتاج إلى سلطان وجيوش وأمراء ونحو ذلك مما يعلمون قصور اليد فيها عن ذلك ونحوه وإلا لظهرت دولة الحق كما أومأ إليه الصادق عليه السلام بقوله : "لو أن لي عدد هذه الشويهات وكانت أربعين لخرجت" وبالجملة فالمسألة من الواضحات التي لا تحتاج إلى أدلة".

إذاً فالقول بأنَّ قول صاحب الجواهر هو نفس قول السيد الخميني غير صحيح.







هل القول بولاية الفقيه المطلقة هو المشهور أو المجمع عليه في كلمات أهل البيت عليهم السلام :

ذكرتُم في الحلقة الأخيرة من شهر رمضان المبارك أنَّ القول بولاية الفقيه المطلقة هو رأي مدرسة أهل البيت، فهل هذا الكلام صحيح؟

ورد في كتاب (صراط النجاة في أجوبة الاستفتاءات ج1 ص10) هذا السؤال والجواب :
سؤال1 :
هل هناك إجماع من علمائنا المراجع المتقدمين والمتأخرين على ولاية الفقيه؟ وضّحوا لنا ليتبيّن لنا من سماحتكم حقيقة المسألة عند علمائنا الأعلام الذين أفتوا بولاية الفقيه في عصر غيبة قائم آل محمد "عج" الشريف؟
الخوئي :
أما الولاية على الأمور الحسبيّة كحفظ أموال الغائب واليتيم إذا لم يكن من يتصدّى لحفظها كالولي أو نحوه، فهي ثابتة للفقيه الجامع للشرائط وكذا الموقوفات التي ليس لها متولي من قبل الواقف والمرافعات، فإن فصل الخصومة فيها بيد الفقيه وأمثال
ذلك،
وأما الزائد على ذلك فالمشهور بين الفقهاء على عدم الثبوت، والله العالم.

أقول : هذا ما قاله أستاذ الفقهاء والمجتهدين في الحوزة العلمية السيد أبو القاسم الخوئي، وهو المحقق الكبير، فأين هو الإجماع؟ وكيف يُقال أنَّ ثبوت الولاية المطلقة للفقيه هو رأي مدرسة أهل البيت؟ نعم، هو رأي من الآراء في مدرسة أهل البيت، والمشهور بخلافه.


ويبقى سؤال :
هل القول بثبوت الولاية المطلقة للفقيه ينعكس على تعريف الاجتهاد والأعلمية، بحيث أنَّ من يرى ثبوتها فهو يرى أن الاجتهاد يشمل المعارف العقائدية والتفسير والفلسفة والعرفان، وأما من لا يرى ثبوتها فهو يقصر الاجتهاد على مسائل الحلال والحرام؟


قال المحقق النراقي في (عوائد الأيام ص547، تحقيق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية، الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي) :

"اعلم أنّ أهل زمان الغيبة بين مجتهد، وغير مجتهد.
ومرادنا من المجتهد: مَن كانت له ملكة الترجيح، وقوة الاستنباط من مظانّ الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية".

أقول : هذا هو تعريف المجتهد عند المحقق النراقي القائل بثبوت الولاية المطلقة للفقيه، وهو لا يختلف عن غيره من الأعلام سواءً القائلين بثبوت الولاية المطلقة أو القائلين بعدم ثبوتها.


وهناك عدَّة أسئلة تدور في ذهني وأذهان الكثيرين حول ما طرحتموه،
ومنها :
أنكم قلتُم أنَّ مقصودكم هو النقد البنَّاء والنقد الذاتي لإصلاح الإشكاليات الواقعة في الحوزة العلمية.
والسؤال :
هل يُعالج النقص والإشكال الموجود في الحوزة العلمية بإثارة هذه القضايا في الفضائيات لعوام الناس وجهلتهم؟ أو أنَّ مكان المعالجة هو داخل الحوزة العلمية وبين المتخصصين؟


ومنها :
أنكم قلتُم أنَّ مسائل الحلال والحرام لا تشكِّل إلا خمسة إلى عشرة بالمئة من منظومة الدين، وفي أحد المرات قلتُم أن الأحكام الشرعية في الرسائل العملية متفق عليها بنسبة 95 %.


والسؤال :
لماذا طرحتُم مرجعيتكم، ولماذا صدرت منكم كل هذه الإثارات التي أدت إلى وقوع الفتن والعداوات والحساسيات والشتائم بين الشيعة، هل صَدَرَ كلُّ هذا لتبيِّنوا للناس 5% من مسائل لا تشكلِّ إلا 5 أو 10 % من منظومة الدين؟ فماذا يساوي 5% من 5 أو 10%؟ فلن تصل النسبة إلى 1% من مسائل الدين، فهل يساوي هذا المقدار كل ما صَدَرَ وكل ما نتجَ عنه مما ذكرناه؟


وسؤال آخر :
ما هو الفرق بينكم وبين من وصفتموهم بأنهم لا يهتمون بالعقائد والفلسفة والعرفان والتفسير، وقلتُم أنَّ المجتهد لا بدَّ أن يكون مستنبطاً في جميع المعارف، وإذا لم يكن مجتهداً في العقائد فلن يكون فهمه للأحكام الشرعية صحيحاً، ففي النتيجة قد اتفقتُم معهم في 95% من المسائل الشرعية، فهل أثر العقائد كان فقط في 5% من المسائل الشرعية؟

ومنها :
أنكم جعلتُم الخلاف وكأنه خلافٌ في ولاية الفقيه المطلقة.

والسؤال : ما معنى طرحكم للمرجعية بهذا المعنى، فأنتُم الآن تعيشون في بلدٍ فيه وليٌّ فقيه مبسوط اليد، فما هو الدور الذي سيكون لكم مع وجود هذا الولي الفقيه؟ وهل معنى وجود هذا الولي هو إلغاء دوركم ودور غيركم من العلماء إذا كانت أدوار الفقيه ومسؤولياته نابعة من كونه صاحب ولاية مطلقة؟

ومن الملاحظ أيضاً أن الولي الفقيه في الجمهورية الإسلامية ليست له أبحاث في العقائد ولا في التفسير، ولم يُعرف عنه أنَّه من المتخصصين في الفلسفة والعرفان، ومع ذلك عيَّنَه مجلس الخبراء الذي يضمُّ عدداً كبيراً من الفقهاء ورأوا صلاحيته لهذا المنصب، ومعنى هذا أن منصب ولاية الفقيه حسب الدستور الإيراني منذ زمن السيد الخميني لا يشترط فيه كل هذه الأمور التي ذكرتُموها، بل ولا يُشترط فيه أن يكون أعلم الفقهاء.

وهذا يدلُّ على وقوع الخلط في كلامكم بين الأعلمية بالمعنى الذي ذكرتُموه وبين ولاية الفقيه.


ومنها :
أنكم استدللتم بولاية الفقيه المطلقة لإثبات ما ترونه في الأعلمية من شمولها لجميع المعارف الاعتقادية.

والسؤال : ما هي علاقة ولاية الفقيه بالمعارف الاعتقادية؟ وما معنى أن تكون للفقيه ولاية على عقائد الناس؟!!!! وإذا اعتقد الفقيه باعتقاد معين، فهل يلزم الناس بالاعتقاد به من حيث كونه ولياً عليهم؟





كلمة أخيرة :

لقد أدى ما صَدَرَ منكم إلى توقف الكثير من المؤمنين عن متابعة هذه البرامج بعدما كانوا على مدار السنة يفرِّغون أنفسهم لمتابعة برامجكم، وهم يرون إضافةً إلى ذلك أنكم تستغلون مثل هذه البرامج للترويج لمرجعيتكم، وأنكم كثيراً ما تكررون : هذا ما أدعو إليه، هذه هي المرجعية الشمولية التي أدعو إليها، وغيرها من العبارات، فما دخل الناس باعتقادكم في المرجعية، وما دخل هذه البرامج برؤيتكم الخاصة في الأعلمية والمرجعية والتقليد؟


إن هذه البرامج ينبغي أن تصب في خط الدفاع عن مذهب أهل البيت عليهم السلام، لا أن تكون محلَّاً لإثارة الخلافات بين الشيعة وعلمائهم، ولاحظوا أنَّ الشيعة الذين يتابعونكم فيهم من يقلِّد السيد السيستاني، وفيهم من يقلِّد الشيخ الوحيد الخراساني، وفيهم من يقلِّد الميرزا جواد التبريزي، وفيهم من يقلِّد السيد محمد سعيد الحكيم، وفيهم من يقلِّد الشيخ محمد إسحاق الفياض، وفيهم من يقلِّد السيد الخوئي، وفيهم من يقلِّد الشيخ بشير النجفي، وفيهم من يقلِّد غيرهم من الأعلام، وهؤلاء لن يقبلوا بإهانة مراجعهم والإساءة إليهم، ولن يقبلوا بتبرير الإساءة الواضحة بأنها تقييم علمي، أو أنكم لم تقصدوا الإهانة أو الإساءة، أو أنكم لا تذكرون أسماء ولا تشيرون إلى أشخاص، فالناس لهم عقول ويجب احترام عقولهم.


ولقد بَلَغَ الأمر بكم إلى القول بأن المراجع لا يهتمون حتى بمسألة الهلال!!!! وهذا القول فيه مجازفة كبيرة وإساءة واضحة لمراجع الدين، فهي دعوى خطيرة، ولكن ما هو دليلكم عليها، الدليل كان في قولكم :
"ولذا تجدون مسألة الهلال تختلف من يومين إلى ثلاثة إلى أربعة"!!!!


فهل هذا دليلٌ على أنَّ المراجع لا يهتمُّون بمسائل الهلال؟!!!!! ومتى اختلف الشيعة في إثبات الهلال إلى ثلاثة أو أربعة أيام بأن يثبت الهلال عند مرجعٍ في يوم ويثبت عند آخر بعد ثلاثة أو أربعة أيام لأننا لا نعلم بوقوع مثل هذه الحالة أبداً؟ بل متى وصل الخلاف إلى يومين فضلاً عن ثلاثة أو أربعة؟؟؟


ثمَّ لو اختلف الفقهاء في إثبات الهلال، فأثبته شخصٌ في يومٍ، وأثبتَه الآخر في اليوم الذي يليه، فإن سبب الاختلاف يعود إلى المباني التي اعتمد عليها كلٌّ منهما، فأحدهما مثلاً يرى الرؤية بالعين المسلحة حجةً في إثبات الهلال، والآخر يقول بأنَّ الهلال لا يثبتُ بالرؤية بالعين المسلحة، وأنَّه لا بدَّ من رؤيتِه بالعين المجردة، وكلٌّ فقيه يأخذ بما أوصله إليه الدليل، فهل هذا دليلٌ على عدم اهتمامهم بمسألة الهلال؟


ثمَّ بعد هذا كلِّه تقولون للناس أنكم لا تقصدون الإساءة والانتقاص وأنكم بصدد التقييم العلمي!!!!


إنَّ مثل هذه الاستدلالات جعَلَتْ الكثيرين ينظرون لكم على أنكم تريدون التنقيص من بقية المراجع بأي وسيلة كانت.

ولا أنسى بأن أذكر قولكم
"فإن كان المرجع الديني يتبنى الاتجاه الأول فيكتب رسالة عملية ويذهب إلى البيت وينام"!!!!!!!!!!!!!!!!

فإن كانت كل هذه الأمور لا تعدُّ إساءة فلا يوجد في الدنيا شيءٌ اسمه إساءة.

هذا بعض ما أردتُ إيصاله لكم، ولا أريد أن أطيل عليكم بأكثر من هذا، وما أردتُ بهذا إلا النصح، وأرجو أن أكون قد وفِّقتُ في ذلك.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



انتهت الرسالة



بعد وصول هذه الرسالة إلى السيد كمال الحيدري اتصل لي وقال : وصلتني الرسالة، وقد قرأتُها مرَّتين، واستفدتُ منها كثيراً جزاك الله خيراً، والمؤمن مرآة أخيه، ولن أتكلم عن هذه الأمور في البرنامج، وسيعود البرنامج كما كان.


فقلتُ له : سيدنا إنني أرسلتُ هذه الرسالة إليكم من باب النصح لكم، قبل أن يقوم غيري بالكتابة عنكم علناً بدافع التحامل عليكم.


فشكرني كثيراً وقال لي كلاماً خارجاً عن الموضوع أُفَضِّل عدم نشره حالياً.


ولكن السيد الحيدري - ومع شديد الأسف - عاد إلى الهجوم على الحوزات العلمية ومراجع الدين بأسلوب تهكُّمي، وعن طريق المغالطات الواضحة، وهنا قرَّرتُ إيقاف العمل معه في البرنامج، وقد اتَّصل لي مراراً بعد ذلك ولكني لم أرد على أي اتصال، لأنني رأيتُ أنَّي قد بذلتُ جهدي في سبيل إيقاف مثل هذه الطعن في مراجعنا وحوزاتنا العلمية دون فائدة.

توقيع : حفيد الكرار
أبا حسن لو كان حبك مدخلـي
جهنم كان الفوز عندي جحيمها
فكيف يخاف النار من بات موقنا
بأن أميــــــــــرالمؤمنين قسيمها
من مواضيع : حفيد الكرار 0 المستضعف في الكتاب والسنة، المستطرف في بيان حقيقة وحكم المستضعف
0 تراث الشيعة القرآني - 7 أجزاء
0 المبادئ العامة لدرس القرآن وتفسيره
0 الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) و مناوئوه - الشيخ محمد جعفر الطبسي
0 القرآن و العقل, تفسير بديع في أسلوبه - السيد نور الدين الحسيني العراقي - 3 مجلدات
رد مع اقتباس