|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77639
|
الإنتساب : Mar 2013
|
المشاركات : 741
|
بمعدل : 0.17 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
alyatem
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 13-04-2013 الساعة : 05:24 PM
كلمة الإمام الخميني بمناسبة يوم المرأة بتاريخ 2 / 3 / 1986
بسم الله الرحمن الرحيم
أبارك لكنّ جميعاً أيتها السيدات وجميع نساء البلدان الإسلامية.. العيد السعيد: عيد ميلاد المولود الأعظم السيدة فاطمة الزهراء، وأرجو أن تقتفي النساء المكرمات قاطبةً الطريق الذي اختطه الله تبارك وتعالى للمرأة المسلمة وأن يحققن الأهداف الإسلامية السامية.. إنه لمفخرة كبرى أن اختاروا يوم مولد الصدّيقة الزهراء يوماً للمرأة.. إنه لمفخرة ومسؤولية.
أراني قاصراً في الحديث عن الصدّيقة الزهراء، لذا سأكتفي بذِكر حديث نقَله الكافي الشريف بسند معتبر جاء فيه أنّ الإمام الصادق (ع) قال: "عاشت فاطمة بعد أبيها خمسة وسبعين يوماً قضتها في حزنٍ وألم، وخلال هذه الفترة زارها جبرائيل الأمين وعزّاها بمصابها وأخبرها ببعض ما سيحدث بعد أبيها".
يشير ظاهر الرواية الى أنّ جبرائيل تردد عليها كثيراً خلال هذه الخمسة والسبعين يوماً، ولا أعتقد أنّ مثل هذا قد ورَد بحقّ أحد غير الطبقة الأولى من الأنبياء العظام، فعلى مدى خمسة وسبعين يوماً أتاها جبرائيل وأخبرها بما سيحصل لها وما سيلحق بذريتها فيما بعد، وكتَب أمير المؤمنين ذلك، فهو كاتِب الوحي، فكما أنه كان كاتب وحي رسول الله ـ وطبيعي أنّ الوحي بمعنى نزول الأحكام كان قد انتهى بوفاة الرسول الأعظم (ص) ـ كان كاتب وحي الصدّيقة الطاهرة خلال هذه الخمسة والسبعين يوماً أيضاً.
إنّ موضوع مواردة جبرائيل على شخص ما ليس بالموضوع الاعتيادي، فلا يتبادر الى الأذهان أنّ جبرائيل يتوارد أي شخص، إنّ مثل هذا يستلزم تناسباً بين روح هذا الشخص ومقام جبرائيل (الروح الأعظم) سواء آمنا بأنّ هذا التنزيل على هذا النبي أو ذلك الولي يتم عن طريق الروح الأعظم يأتي به الى المرتبة الدنيا، أو أنّ الله تعالى هو الذي يأمره بالنزول وتبليغ ما يؤمر به، سواء قلنا بذلك الذي يؤمن به بعض أهل النظر أو قبِلنا هذا الذي يردده بعض أهل الظاهر، فما لم يوجد تناسب بين روح الشخص وجبرائيل الذي هو الروح الأعظم، فإنّ هذه المواردة لن تتحقق، وإذا ما كان هذا المعنى وهذا التناسب متحققاً بين جبرائيل (الذي هو الروح الأعظم) وأنبياء أولي العزم كرسول الله وعيسى وموسى وإبراهيم وغيرهم (عليهم السلام)، فهو لا يتوافر لأي شخص، كما أنه لن يتحقق بعد الصدّيقة الزهراء لأي أحد، حتى بالنسبة للأئمة: لم أجد ما يشير الى توارد جبرائيل بهذا النحو لأي واحد منهم، بل الذي رأيته أنّ جبرائيل تردد كثيراً على فاطمة الزهراء خلال الخمسة والسبعين يوماً هذه، وقد أخبرها بما سيحدث لذريّتها من بعدها، وكان أمير المؤمنين (ع) يكتب ذلك، ولعلّ من الأمور التي ذكَرها أمر صاحب
الزمان، وربما كانت أحداث إيران ضمن تلك الأمور، نحن لا نعلم.. ربما كان ذلك.
على أية حال: إنني أعتبر هذا الشرف وهذه الفضيلة أسمى من جميع الفضائل التي ذُكرت للزهراء رغم عظَمتها كلّها، وهي لم تتحقق لأحد سوى الأنبياء، بل الطبقة السامية منهم، وبعض مَن هم بمنزلتهم من الأولياء، ولم يتحقق لأحد بعدهم مثل هذا، وهو من الفضائل التي اختصت بالصدّيقة فاطمة الزهراء.
يجب أن تفخرن أيتها النساء بأن جعلوا من هذا اليوم يوماً للمرأة، ولابد لكم من تحمّل أعباء مسؤوليته، فإذا ما اقتنعتن بأن يكون العشرين من جمادى الآخرة (يوم مولد الصديقة فاطمة الزهراء) يوماً للمرأة، فإنّ ذلك يلقي على عاتقكن مسؤوليات كثيرة، فإذا ما أقرّ شعب ما يوماً للجهاد، فإنّ قبوله هذا يحتّم عليه التحلّي بالجهاد في ذلك اليوم، وإذا امتنع أحد عن ذلك فهذا يعني أنه لم يقبل ذلك اليوم يوماً للجهاد، وإذا ما آمنت أمة بأن يكون اليوم الفلاني يوماً للحرب وقبِل أبناؤها ذلك، فإنّ كل من يتخلف عن ذلك يعمل خلافاً لواجبه الإنساني، وعليه فإذا ما اقتنعتن أنتن أيتها النساء وقبلتن بأن يكون مولد الصدّيقة الزهراء ـ بما تتسم به من كمالات ومنزلة ـ يوماً للمرأة، فهذا يعني استعدادكن لتحمل أعباء المسؤوليات العظيمة التي اضطلعت بها الصدّيقة الزهراء، ومنها مسؤولية الجهاد، فالصدّيقة الزهراء جاهدت خلال هذه الفترة الوجيزة على قدر استطاعتها.. ولابد لكنّ من الاقتداء بسيرتها لكي تترجمن إيمانكن بيوم مولدها يوماً للمرأة، أي أن يتجلى يوم مولد فاطمة الزهراء يوماً للمرأة حقاً.. وينبغي الاقتداء بزهدها وتقواها وعفافها وجميع الخصال التي اتصفت بها. يجب اتباع سيرتها إذا ما آمنتن بهذا اليوم، أما إذا تقاعستن عن اتباعها فيجب أن تعلمن أنّكن لم تعشن يوم المرأة.. إنكنّ وأيّ شخص آخر لن تدخلوا في يوم المرأة ولن تنالوا هذا الشرف ما لم تؤمنوا بهذا الأمر، وأنا آمل أن تؤمنّ بذلك وأن تجاهدن من أجل هذه المسؤوليات التي تتحملن أعباءها: سواء في ميدان اكتساب العلم [الذي هو أمر مهم] أو في ميدان الدفاع عن الإسلام، فهذه أمور واجبة على كل رجل وامرأة.. صغيراً وكبيراً.
الدفاع عن الإسلام وعن البلد الإسلام واجب لا يختلف فيه أحد من علماء الإسلام ومن المسلمين، إنّ ما هو موضوع جدل ونقاش هو موضوع الجهاد الابتدائي، وهو غير واجب على المرأة، أما الدفاع عن حريمها.. عن وطنها.. عن حياتها.. عن مالها.. وعن الإسلام.. فهو واجب على الجميع.
وإذا ما أصبح الدفاع واجباً على الجميع، فمن الطبيعي أن تتضافر الجهود لتوفير مستلزماته التي من جملتها إقامة دورات التدريب العسكري وتعليم أنواع الفنون العسكرية لمن يتيسر له ذلك، فلا يكون الأمر بهذه الصورة، وهي أنه يتحتم علينا الدفاع ولكننا لا نعرف كيف ندافع، بل لابد من تعلّم أساليب الدفاع، وبطبيعة الحال يجب أن يكون المحيط الذي تتدربن فيه على فنون القتال محيطاً سليماً، أي أن يكون محيطاً إسلامياً يحافَظ فيه على العفاف من جميع الجوانب وتتوفر فيه الشؤون الإسلامية.
لقد كانت النساء في الجمهورية الإسلامية سبّاقات في تحمّل أعباء المسؤولية: كما هو الحال في مختلف الأحداث التي شهدتها إيران خلال تاريخها الحديث، فلقد كنّ سبّاقات في نهضة "التنباكو" وفي الحركة الدستورية، وفي الأحداث التي تشهدها البلاد في الظرف الراهن، حيث تساهم المرأة بدور كبير، بل ينبغي القول أنّ دورها مضاعف، فلو افترضنا أنّ مجموعة من النساء اتجهن الى ساحة المعركة للقتال، فهنّ في هذه الحال [فضلاً عن تحمّل أعباء القتال] يضاعفن من عزيمة الرجال، إذ أنّ للرجال تجاههن إحساساً خاصاً، فالرجل قد لا ينفعل كثيراً حتى لو رأى أمامه مئة شخص يُقتلون، ولكنه قد يبدي رد فعل سريع إذا ما رأى امرأة تتصرف تصرفاً لا يليق [وإن كانت تلك المرأة أجنبية ولا يعنيه شأنها]، إنّ مثل هذه الحساسية موجودة لدى الرجال، وعليه: فإنّ حرصكن على التواجد في الطليعة في جميع القضايا [بما فيها قضية الدفاع والجهاد وتقديم الدعم الى الجبهات] سيزيد من عزم الرجال ويدفعهم للإقدام والتحلّي بالشجاعة اللازمة للنزول الى ساحة المعركة.
إننا اليوم نعيش مثل هذا الظرف، إذ نقف في مواجهة هذا الكمّ الهائل من الهجوم الإعلامي العالمي الرهيب، ولكننا بحمد الله منتصرون في كلتا الجبهتين، وأيّد الله شبابنا الذين يصنعون الملاحم الباهرة، ويجب علينا شكرهم جميعاً، فهم اليوم يد واحدة دون فرق بين الجيش والحرس، ...
لابد لكنّ أيتها النساء من الالتفات الى هذا المعنى، وهو (أنه) مثلما يجب على الرجال في الجبهات أن يكونوا سبّاقين في مقاتلة العدو، فعليكن أنتنّ أيضاً خلف الجبهات أن تقدّمن أنواع الدعم، وأن تتأهبنّ ليوم يصبح فيه ـ لا سمح الله ـ الدفاع العام واجباً علينا جميعاً ممن يمتلكون القوة والقدرة دون استثناء، فلابد من الاستعداد للدفاع، وبطبيعة الحال: إنّ خندق العلم خندق دفاع أيضاً.. دفاع عن ثقافة الإسلام، فكما تعلمون أنّ الثقافة الإسلامية كانت مظلومة في القرون الأخيرة، بل منذ وفاة الرسول الأكرم وحتى عصرنا الحاضر، كانت الثقافة الإسلامية مظلومة.. كانت أحكام الإسلام مظلومة.. فلابد من إحياء هذه الثقافة، ومثلما ينشغل السادة الرجال في الجبهة العلمية والثقافية، فعليكنّ أنتنّ أيضاً الانشغال بهذه الجبهة، وآمل أن يمنّ الله على الجميع بتوفيقه لمواصلة التقدّم في هذا الخندق أيضاً، وأسأل الله أن يمنّ بالنصر الدائم على المرابطين في الجبهات والمنشغلين بالدفاع عن بلادهم وعن الإسلام، وأسأله سبحانه أن يمنّ بالتأييد والتوفيق والسلامة عليكم جميعاً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
|
|
|
|
|