عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية alyatem
alyatem
عضو برونزي
رقم العضوية : 77639
الإنتساب : Mar 2013
المشاركات : 741
بمعدل : 0.17 يوميا

alyatem غير متصل

 عرض البوم صور alyatem

  مشاركة رقم : 6  
كاتب الموضوع : alyatem المنتدى : المنتدى الثقافي
افتراضي
قديم بتاريخ : 12-04-2013 الساعة : 01:58 PM


بسم اللَّه الرحمن الرحيم‏

الَّذِينَ يُبَلّغُونَ رِسلتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ‏ وَ لَايَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَ كَفَى‏ بِاللَّهِ حَسِيبًا
الحمدُ للَّه ‏الذي خلق الإنسان علّمه البيان، والشكرُ للَّه الذي علّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم.
والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم رسله محمّد وآله الطيّبين الطاهرين الهداة الميامين.
ينبغي أن لا نقف عند ترجمة حياة علمائنا وفقهائنا عند اسمهم ونسبهم وشي‏ء من علمهم وآثارهم، دون أن نتجاوز ذلك إلى‏ ما يتعلّق بحياتهم الإيمانية وما بذلوه صادقين في بنائهم الروحي والأخلاقي، وخطواتهم العلمية وسيرتهم الذاتية ووعيهم الاجتماعي والسياسي.
ومن الملاحظ أن سيرة كثير منهم- رضوان اللَّه تعالى‏ عليهم- ، كانت ثريّةً بالعبر والمنافع، غنيّةً بما تركوه من آثار وما خلّفوه من مناقب ومفاخر، وما قدّموه من جهود جريئة ومواقف شجاعة وتضحيات جسام في طريق ذات الشوكة وهم يقارعون طغاة زمانهم، ويقفون عند آرائهم بقوّة؛ يجاهدون كلّ ضلال وانحراف في مجتمعاتهم، مؤمنين بأنّ الحياة عقيدةٌ وجهادٌ، وإلّا فذلٌّ وعار في الدنيا وخزي في الآخرة، وبالتالي فإنّ حياتهم تصلح أن تكون دروساً نافعةً لنا وأرضاً خصبةً وعطاءً ثرّاً.
وعندئذٍ لا تكون الترجمة ميّتةً رتيبةً مجرّدَ سطور وكلمات موجزة وإشارات بسيطة، بل هي استكشاف جاد ومفيد لأحداث حياتهم بكلّ مفاصلها، واضعين أيدينا على عوامل نشأتهم وتربيتهم، التي خلقت منهم رجالًا صالحين وعلماء ربّانيّين، غير غافلين عن أسباب رقيّهم العلمي والمعرفي في محاولاتهم الجادّة والدؤوبة لسبر أغوار علوم القرآن وتراثنا الآخر، سواء أكان تراثاً علمياً أو روائياً أو رجالياً وتأريخياً، إضافةً إلى‏ ما تجود به أعصارهم وحضاراتهم التي عاصروها من أحداث وأفكار وآثار، بل ومشاكل تحتاج إلى مواقف شرعية حاسمة وجريئة وصائبة.
وتكون هذه الخطوة أكثر إلحاحاً وتوكيداً إذا ما عرفنا أنّ الفقيه خاصةً إذا تقلّد منصب المرجعية، ما عاد مجرّد مفتٍ‏ يُسأل عن أحكام شرعية فيُجيب، وما عاد التقليد مجرّد رسالة عملية يقتنيها المكلّف ليعود إليها متى‏ ما احتاجها، بل التقليد بات يشكِّل اسلوباً آخر من محاكاة ومجاراة لسلوك المرجع وسيرته، والتزاماً ومتابعةً لا فقط لفتاويه بل لآرائه ومواقفه على الأصعدة كافّة سواء أكانت إيمانية أو اجتماعية.
ولسنا مبالغين إذا قلنا: إنّ حياة المكلّف باتت تصطبغ بسلوك وسيرة مقلَّده وعندئذٍ تكون الحاجة أكثر ضرورةً في ملاحقةحياة مرجع التقليد؛ لتتضح صورتها لمقلّديه ومريديه فيسهل عليهم اتخاذها اسوةً صالحةً في حياتهم الدينية والاجتماعية، ودليلًا ومسعفاً لبنائها على ضوء مواقفه ومتبنياته.
وها نحن أمام فقيه ضليع وعالم كبير من فقهاء وعلماء مدرسة أهل بيت النبوّة عليهم السلام، راح ينتهل من فيض علومها وينبوع معارفها حتى حلّق في آفاقها العلمية والروحية، فغدا اليوم عالماً كبيراً واستاذاً فذّاً ومرجعاً جليلًا من مراجع التقليد في عصرنا.

نشأته:
بعد أن هاجر من القفقاز قضى والده العالم الجليل الفقيه الشيخ فاضل اللنكراني قدس سره عدّة سنوات في مدينة مشهد المقدّسة وفي الحوزة العلمية لمدينة زنجان، ثمّ هاجر إلى‏ مدينة قم المقدّسة بعد سنة من قيام آية اللَّه الشيخ عبد الكريم الحائري- رضوان اللَّه تعالى عليه- بتأسيس حوزتها العلمية المباركة؛ ليواصل فيها نشاطه العلمي فقهيّاً واستاذاً.
في سنة 1350 هـ. ق ولد سماحة الشيخ محمد الفاضل في مدينة قم المقدّسة في اسرة علمية وفي بيتٍ من بيوت الصلاح والتقوى‏ وتحت ظلّ رعاية والده الكريم، الذي راح يوليه اهتماماً خاصّاً وعنايةً متميّزةً حتّى أنهى‏ دراسته الابتدائية، وكان متفوّقاً في جميع مراحلها؛ لا فقط على زملائه في المدرسة، بل على‏ جميع طلبة مدينة قم المقدّسة.
لم يواصل سماحته دراسته الأكاديمية بعد أن أنهى الدراسة الابتدائية، بل راح يصوّب نظراته إلى حيث الحوزة العلمية في قم، التي عرف بشغفه بها وشوقه إلى علومها، فالتحق بها بادئاً بذلك مشواره العلمي، وهو في السنة الثالثة عشرة من عمره المبارك، وكان فيها نموذجاً رائعاً للتلميذ المنظّم في تفكيره؛ المواظب في عمله.
عرف سماحته بدقّته وجديّته وحبّه لدرسه، بشكل يتناسب مع ما اتسمت به ذهنيته من قدرة فائقة على‏ منهجة أعماله الحوزوية ونشاطاته الفكرية ومتابعاته العلمية؛ ممّا جعله أكثر تفوّقاً من غيره وأسرع اجتيازاً لمراحل دراسته رغم ما اتصفت به من صعوبة ومشقّة، فأنجزها بصورة كاملة دقيقة، مستوعباً جميع موادها، متقناً بحوثها، فكان حقّاً طالباً منتفعاً واستاذاً نافعاً.
لقد كانت تلك الصفات التي اصطبغت شخصيته بها وميّزته عمّن سواه من أقرانه ومعاصريه؛ سواء التي اكتسبها من نشأته البيتية المدعومة بجهود تربوية مكثّفة أضفاها عليه والده رحمه الله، أو ترسّخت في نفسه وهو يعيش حلقات دروسٍ لكبار علماء الحوزة ممّن عرفوا لا فقط بغزارة علمهم بل بحسن التربية لطلّابهم وروعة تهذيبهم لهم.
هذه الصفات راحت ترافق شيخنا الجليل طيلة حياته منذ أن كان طالباً صغيراً في الحوزة العلمية يشقّ مراحلها الصعبة بما مَنَّ اللَّه تعالى‏ عليه من ذهنية قويّة وفطنة واضحة ونباهة عالية حتّى‏ تربّع على‏ كرسي التدريس يحيطه جمعٌ من فضلاء الحوزة وعلمائها يستفيدون من بحوثه وآرائه ويتحلّون بأخلاقه وسيرته.
رافق سماحته في دراسته الحوزوية زميله المرحوم الشهيد آية اللَّه الحاج السيّد مصطفى الخميني؛ النجل الأكبر لسماحة الإمام الخميني قدّس سرّه الشريف، حيث كانت تربطهما علاقة متينة وصداقة حميمة.
وطالما تذاكرا دروسهما الحوزوية وتباحثا فيها سنين طويلة.
يقول سماحة الشيخ الفاضل عن هذه الرفقة المباركة:
«كان لوجود هذا الصديق العزيز أثر قوي راح يشدّني بالسبيل الذي سلكتُه، فقد كنّا صديقين متعاونين نتذاكر دروسنا ونتباحث فيها».
وقد كان هذا أحد العوامل التي شجّعت سماحته لمواصلة دراسته الحوزوية، وكان من تلك العوامل موقف سماحة والده قدس سره الراعي له والمهتمّ به أكثر من إخوته الثلاثة، خاصّةً بعد أن اكتشف فيه استعداده ورغبته الأكيدة في الدراسة الحوزوية، فراح يكثر من ملاحقته تنشئةً وتربيةً وتعليماً، فكان لهذا كلّه الأثر البالغ في توجّهه الحوزوي وتفوّقه المتميّز بين أقرانه ومعاصريه.
كما أنّ هناك عاملين مهمّين توفّر عليهما سماحته، فقد مَنَّ اللَّه تعالى‏ عليه بقوّة الذاكرة وبالصبر، فهما عاملان يحتاج إليهما كلّ طالب يبتغي الترقّي في سُلَّم العلم والمعرفة.
فراح يستوعب علوم الحوزة ويكافح صعوبتها ويطوي مراحلها بدقّة وبوقت قياسي، وغدا يرتقي مدارج العلم بأقصر وقت وبصبر واستيعاب أدهش أساتذته وزملاءَه ومحبّيه.

أساتذته:
بعد أن أكمل سماحته مرحلتي المقدّمات والسطوح في فترة ست سنوات، مهيئاً نفسه لمرحلة أُخرى‏ وهي مرحلة البحث الخارج التي تتضمّن بحوثاً عالية وكان له من العمر تسعة عشر عاماً.
فحضر الأبحاث الفقهية والأُصولية لكلّ من: سماحة آية اللَّه العظمى السيّد البروجردي قدس سره، فراح يستقي علومه من معين هذا السيّد العملاق والاستاذ البارع والمرجع الكبير ملتزماً بالحضور في محافله العلمية، يضبط محاضراته الفقهية والاصولية حتّى‏ بلغت تلك التقريرات مجلّدات ثلاثة ضخمة وبأبواب متعدّدة في فقه الصلاة.
فكان بحقّ أُذناً واعيةً وتلميذاً فذّاً ومقرّراً دقيقاً ومتفهّماً لكلّ ما ورد فيها ممّا أثار إعجاب استاذه، ونال حظوةً متميّزةً عنده ومكانةً مرموقةً لم يكتمها عن تلميذه وأبلغها والده بشكل صريح.
فلنستمع إلى ما تفضّل به سماحة الشيخ محمد الفاضل وهو يُبيّن تاريخ التحاقه بدرس السيّد البروجردي مشيداً بمنهج سماحة السيّد الجليل وعمق بحوثه: في عام 1369 هـ.ق.
كان لي من العمر تسع عشرة سنة، وفّقني اللَّه تعالى لحضور بحث استاذنا البروجردي، وبكلّ شوق ونشاط وبسبب قوّة ذاكرتي كنت أدوّن حين الدرس عناوين البحث ورواياته فقط لأكمل كتابته ليلًا، هذه كانت طريقتي في كتابة تقريرات سيدنا الاستاذ.
كان يتمتع سيّدنا الاستاذ بدقّة في التعبير وعمق في المنهج، إلّاأنّ وروده في البحث وخروجه منه لم يكن يخلو من غموض، ولهذا كانت كتابة هذه الدروس لا تخلو من صعوبة.
كما كان سماحة السيّد في دروسه كالقاضي الذي يحمل معه ملفّاً خاصّاً لكل قضية، ففي كلّ مسألة من مسائل الفقه يحتفظ بملفّ خاص لها في‏صدره، والملف‏يحتوي على‏ روايات المسألة وأقوال الفقهاء من العامة والخاصة فيها وآرائهم المختلفة حولها وحول الرواية الواحدة، وبالتالي يوضّح المسألة المذكورة بشكل جليّ لينتهي أخيراً إلى رأيه بشأنها.
وفي يوم من الأيّام حضر سماحة سيدنا الاستاذ مجلس تعزية لأهل البيت عليهم السلام عقد في بيتنا، وبعد انتهاء المجلس وتفرّق الناس حيث لم يبقَ في البيت غيرنا، قال والدي لسماحة الاستاذ: هل تعلمون أنّ ابني يكتب بحوثكم التي تتفضّلون بإلقائها في دروسكم وهو ممّن وفّق لحضورها؟ فأجاب سيدنا الاستاذ: لا.
فقال لي والدي: هات كتاباتك، وقدّمها إلى سماحة السيّد.
فجئت بها ووضعتها بين يديه.
فقضى نصف ساعة في قراءتها، ثمّ أورد إشكالًا على‏ نقل كتاب الوسائل لرواية، ثم التفت لي وراح يشجّعني على‏ مواصلة ما قمت به، ومن ثَمَّ لم أتأخَّر عن كتابة دروس سيدنا في يوم إلقائها.
وإذا لم اوفق لكتابتها في يومها كتبتها في الليلة التالية، وكنت اقدّم لسماحته كلّ ما أكتبه فيقرأه ويرشدني إلى مواضع الخلل فيه.
وقد كتبت بحث اللباس المشكوك وهو من البحوث المهمة في كتاب الصلاة، وقد تناوله الاستاذ بجميع جوانبه الفقهية والاصولية، كتبته بشكل كامل في كراسة مستقلّة وقدّمته إلى سماحته، وبعد انتهائه من مطالعته أخذ يبعث في نفسي العزيمة ويشجّعني على مواصلة الكتابة، وقد أعطاني في وقتها خمسمائة تومان وهو مبلغ كثير في ذلك الزمان.
ولما انتهيت من إكمال المجلّد الأوّل قدّمته له وقرأه ثمّ أمر بطبعه.
وهكذا فعل مع المجلّد الثاني حينما أتممته، فقد بقي عنده اسبوعاً كاملًا، وبعد أن أتمّ قراءة ثلثيه.
قال: لم أجد فيه غلطاً ولا إشكالًا.
فقلت: أتجيزني لأطبعه؟ قال: اذهب واطبعه وعليَّ ثمنه.
هذا الكتاب يتناول مباحث الصلاة وهي ثمرة إحدى عشرة سنة من تدريس السيد الاستاذ.
وفي اخريات عمره الشريف درّس بعض كتاب القضاء.
وقد كان لُاستاذنا اهتمام خاص به.
وأذكر أنّه قال في مجلس ضمّ اثنين أو ثلاثة أشخاص، وقد جرى الحديث حول هذا الكتاب: نحن نذهب من الدنيا ولا يبقى لنا إلّا هذه الكتب التي الّفت باسمنا، وهي التي تحفظ ذكرنا.
كانت وسائل الطبع في ذلك الزمان رديئة، وليست هي كالتي في وقتنا من الجدة والتوفّر؛ لهذا فقد كتبت كتابي هذا ثلاث مرّات؛ مرّة مسودة، ومرّة مبيضة، وثالثة كتبت كلّ صفحة على‏ وجه واحد من الورقة، وقدّمته إلى الطباعة.
وهذا العمل كان من الصعوبة بمكان، ومع أنّه أتعبني كثيراً، ولكنه عمل كنت فرحاً به لما كان يعكس من عطاء سيّدنا الاستاذ قدس سره، وقد تمّ بعونه تعالى‏ وتوفيقه.
وأنا أشكر اللجنة العلمية في مركز فقه الأئمّة الأطهار عليهم السلام التي هيّأت هذا الكتاب بطباعة جديدة، فهي خدمة جليلة لفقه أهل البيت عليهم السلام، أسأل اللَّه تعالى أن يبارك لهم في مجهودهم وأن يمنّ عليهم بالتوفيق والسداد.
انتهى حديث الشيخ.
وقد ذكرتُ هذا الحديث بكامله فيما كتبتُه عن حياة السيّد البروجردي وحياة الشيخ الفاضل في بداية الجزء الأوّل من كتاب نهاية التقرير لسماحة آية اللَّه الشيخ الفاضل، وقد جئتُ به هنا للضرورة والفائدة.


من مواضيع : alyatem 0 هل أن كنوز الطالقان في أفغانستان أم في إيران؟!!
0 زيارة قرية المنتظرين للحجة(عجل الله فرجه الشريف) في مدينة طالقان
0 حق اليقين.. في تنزيه أعراض النبيين
0 الرد التحريري على السيد حسن الكشميري
0 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء
رد مع اقتباس