|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77639
|
الإنتساب : Mar 2013
|
المشاركات : 741
|
بمعدل : 0.17 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
alyatem
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 15-03-2013 الساعة : 05:23 AM
هل طبع الكتاب بصيغته الأولى أم تمّ تعديل بعض فقراته؟
نقل لي أحدُ روّاد مجلس السيّد الصدر ومريديه من غير طلّابه أنّه سُئل عن بعض العبارات الواردة في كتاب (فدك) فأجاب بأنّه لم يكن يبني عليها بينه وبين نفسه. ومن هنا، نستطيع الاطمئنان إلى أنّ هذه العبارات لم تكن موجودة في ما كتبه السيّد الصدر بادئ الأمر، فقد أسلفنا أنّه كتبه بادئ الأمر بهدف التأريخ للمرحلة الفكريّة التي كان يعيشها، وهو ما يظهر من مقدّمة الكتاب، ولا وجه في هذه الحالة لأن يكتب شيئاً ويبني في نفسه على شيء آخر، إلّا أن تكون الإضافات متأخّرة زماناً عن تدوين الكتاب ومقارنة لوقت عزمه على طباعته، وهو ما نراه.
وليس هذا حدساً محضاً، بل لدينا مؤيّد آخر يسير في الاتّجاه نفسه: ففي موضعٍ من الكتاب يقول السيّد الصدر: «أكتب هذا كلّه وبين يدي كتاب (فاطمة والفاطميّون) للأستاذ عبّاس محمود العقّاد، وقد جئته بشوق بالغ لأرى ما يكتب في موضوع الخصومة بين الخليفة والزهراء..» (فدك في التاريخ، ط1: 35؛ ط دار التعارف: 40). وفي هامشٍ من هوامش الكتاب جاء: «رواه الطبري كما في ص 18 من سمو المعنى في سمو الذات للأستاذ الكبير الشيخ عبد الله العلائلي..» (فدك في التاريخ، ط1: 121؛ ط التعارف: 113).
وإذا رجعنا إلى كتاب الشيخ العلايلي المذكور وجدنا أنّه طبع سنة 1939 م، وقد جاءت مقدّمته بتاريخ 15/ شعبان/ 1359 هـ (سمو المعنى في سمو الذات، العلايلي، منشورات الرضي قم 1415، ص: 6)، فلا دلالة في ذلك على شيء. أمّا كتاب العقّاد، فقد طبع لأوّل مرّة سنة 1953 م (حوالي 1373 هـ) كما وجدنا في سيرة العقّاد، أي قريب الانتهاء من (غاية الفكر) وإرسال الكتابين إلى الطبع.
وحيث لا يُمكن القول: إنّ السيّد الصدر ألّف كتاب (فدك) سنة 1373 هـ لما جاء في المقدّمة سنة 1374 هـ من أنّه بقي عنده لسنين، فهذا يعني أنّه أعاد النظر فيه قبل إرساله إلى الطبع، فأضاف إليه مناقشةً مع العقّاد لم تكن موجودة في ما كتبه سابقاً، وهذا يؤكّد في نهاية المطاف أنّ (فدك) الذي بين أيدينا يختلف ولو بمقدار عن النسخة الأولى التي ألّفها السيّد الصدر في صباه.
من طبع كتاب (فدك في التاريخ)؟
ذكر الشيخ علي كوراني نقلًا عن السيّد الصدر أنّ أخواله هم الذين طبعوا الكتاب (مسائل في البناء الفكري، الكوراني: 33)، بينما ذكر لي الشيخ محمّد رضا الجعفري بتاريخ 25/ 1/ 2004 م أنّ الشيخ مرتضى آل ياسين قد شجّع السيّد الصدر على طباعة كتاب (فدك في التاريخ)، وقد تبرّع بالمبلغ اللازم لطباعته السيّد عبد الحسين شرف الدين. وقد رجعت طباعة (فدك) على السيّد الصدر بمبلغ كبيرٍ من المال، فطبع به كتاب (غاية الفكر).
وفي كلا القولين نظر (انظر أحداث 1374 هـ)، ويبدو أنّ الصحيح ما ذكره السيّد محمّد باقر الحكيم من أنّ السيّد الصدر عندما أراد طباعة (غاية الفكر) سنة 1374 هـ لم يكن يملك المبلغ الكافي لذلك، فعرض عليه الشيخ محمّد كاظم الكتبي أن يطبع له (غاية الفكر) مقابل أن يعطيه كتاب (فدك) ليطبعه [ملامح من السيرة الذاتيّة، محمد باقر الحكيم (محدود الانتشار)]. وقول السيّد الصدر في مقدّمة (فدك) : «طلب منّي تقديمه إليه ليتولّى طبعه» ناظرٌ إلى هذه المسألة على ما يبدو.
ومع أنّ السيّد الصدر لا يؤمن فقهيّاً بحقوق الطبع، إلّا أنّه قد التزم داخل العراق على الأقلّ بإعطاء حقوق الكتاب إلى الشيخ الكتبي، ومن هنا جاء على غلاف الطبعتين الأولى والثانية للكتاب: (حقوق الطبع محفوظة للناشر محمّد كاظم الحاج محمّد صادق الكتبي صاحب المكتبة والمطبعة الحيدريّة في النجف الأشرف)، أو أن يكون حينها قائلًا بذلك فقهيّاً.
ويأتي ضمن أحداث 1390 هـ أنّ تجّاراً من البحرين طلبوا من السيّد الصدر إعادة طباعة الكتاب، ولكنّ السيّد طلب منهم مراجعة الحاج الكتبي لأنّه لا علاقة له بالكتاب. وبعد أن أعاد الحاج طباعته وأرسل نسخاً منه للسيّد، أرجعها.
كم مرّة طبع كتاب (فدك في التاريخ)؟
ذكر الشيخ علي كوراني أنّ السيّد الصدر لم ينقّح كتاب (فدك) و «لم يُعد النظر فيه طوال عمره، بل لم يطبعه ولم يكن يرغب في طبعه!» (مسائل في البناء الفكري: 32)، ثمّ رتّب على ذلك نتائج آلينا عدم التعرّض لها.
أ - أمّا عدم تنقيح الكتاب وإعادة النظر فيه، فلا وجه للاستشهاد به؛ لأنّ السيّد الصدر لم يعد النظر في حياته بشكل ملحوظ إلّا في كتاب واحد هو (بحث حول الولاية) على ما يأتيك مفصّلًا في متن الكتاب ضمن أحداث 1390 هـ وأحداث 1397 هـ. نعم، ربّما أضاف بعض الأمور اليسيرة أو بعض التخريجات كما في (اقتصادنا) مثلًا. وحيث لا يمكن ادّعاء أنّ السيّد الصدر قد عدل عن كتبه جميعاً، فاللازم باطل والملزوم مثله في البطلان.
ب - أمّا دعوى عدم طبعه الكتاب: فقد ذكر لي الحاج محمّد صادق الكتبي صاحب منشورات الشريف الرضي في قمّ بتاريخ 24/ 2/ 2004 م وهو نجل الشيخ محمّد كاظم الكتبي صاحب المكتبة الحيدريّة في النجف والذي ورد اسمه في مقدّمة السيّد الصدر أنّ كتاب (فدك) ملكٌ لوالده الشيخ الكتبي لا للسيّد الصدر. وقد ذيّل كلامه بذكر حادثتين:
الأولى: أنّ كتاب (فدك) لم يدخل بيت السيّد الصدر حتّى دفع ربع دينار ثمن عشر نسخ منه، إذ كان سعر النسخة الواحدة 25 فلساً.
الثانية: أنّ تجّاراً من الناصريّة أتوا إلى السيّد الصدر طالبين منه السماح لهم بطباعة الكتاب، فأجابهم بأنّه لا علاقة له بالموضوع، وأنّ المسألة غير مرتبطة به، وأحالهم على الشيخ الكتبي والده الذي أجازهم بطباعة 3000 نسخة.
أقول: وهذا يؤيّد ما ذكرناه من أنّ الشيخ الكتبي طبع (غاية الفكر) مقابل طباعة (فدك).
وبعيداً عن هذا، فقد طبع الكتاب في حياة السيّد الصدر في العراق ثلاث مرّات وفي لبنان مرّة:
الطبعة الأولى: وهي طبعة المكتبة الحيدريّة سنة 1374 هـ.
الطبعة الثانية: الطبعة التي طبعها تجّار الناصريّة.
الطبعة الثالثة: المشهورة بالثانية، وهي طبعة المكتبة الحيدريّة كذلك، وتعود إلى سنة 1970 م، وقد جاء على غلافها: «فدك في التاريخ، تأليف محمّد باقر الصدر، الطبعة الثانية، 1389 هـ 1970 م، حقوق الطبع محفوظة للناشر محمّد كاظم الحاج محمّد صادق الكتبي صاحب المكتبة والمطبعة الحيدريّة في النجف الأشرف ..» وعلى الغلاف الخلفي: «تمّ في 15/ 3/ 1970». ويشير إلى الطبعة الأولى فوزي عبد الرزّاق في الفهرست الذي أعدّه عن المطبوعات العربيّة والصادر عن جامعة هارفرد ببوسطن عام 1983 م؛ وإلى الطبعة الثانية الدكتور شبلي الملّاط (انظر: تجديد الفقه الإسلامي محمد باقر الصدر بين النجف وشيعة العالم، شبلي الملاط، ترجمة غسّان الغصن، دار النهار، بيروت 1998، ص : 258). وقد يبدو لنا اتّحاد الطبعة الثانية والثالثة وأنّ من الممكن وقوع اشتباهٍ بين تجّار الناصريّة وبين تجّار البحرين على ما يأتيك ضمن أحداث سنة 1390 هـ.
الطبعة الرابعة: وهي طبعة دار التعارف التي جاءت بتاريخ 1400 هـ 1980 م. وقد احتملتُ كونها بعد استشهاد السيّد الصدر، إلّا أنّ الحاج حامد عزيزي صاحب دار التعارف ذكر لي بتاريخ 14/ 9/ 2004 م أنّ ذلك كان في حياة السيّد الصدر وبموافقته (على تفصيلٍ يأتي).
ولعلّ الشيخ كوراني لم يعلم بطبعة تجّار الناصريّة لخفاء الأمر، ولم يطّلع على طبعة سنة 1970 م لتواجده حينها في الكويت، ثمّ ظنّ أنّ طبعة دار التعارف كانت بعد استشهاد السيّد الصدر، ولهذا نفى أن يكون الكتاب قد طبع، ولكنّ الأمر قد اتّضح.
عدم الرغبة في إعادة طباعة (فدك في التاريخ)
ثمّ إن الشيخ كوراني ادّعى أنّ السيّد الصدر لم يكن يرغب في إعادة طباعة (فدك في التاريخ)، وهي دعوى صحيحة، ولكنّ السياق الذي وضعت فيه والذي أهملنا نقله فضلًا عن التعليق عليه سياقٌ موهم. ولا يهمّنا فعلًا مناقشة النتائج التي أوصل إليها تشكيل المقدّمات بهذا الشكل، بل نكتفي بتوضيح حقيقة الأمر تاريخيّاً:
أ - ذكر لي الحاج حامد عزيزي بتاريخ 14/ 9/ 2004 م أنّه عندما أراد إعادة طباعة (فدك في التاريخ) في لبنان فضّل السيّد الصدر عدم طباعته حفاظاً على أمور الوحدة وما هو من هذا القبيل، وبعد مراجعة الحاج حامد مرّة أخرى بواسطة السيّد محمود الهاشمي وافق السيّد الصدر. ويظهر ذلك أيضاً من جواب للسيّد الصدر عن سؤال وجّهه إليه السيّد محمّد الغروي سنة 1397 هـ يطلب فيه السماح بطباعة (فدك) فلا يوافق السيّد الصدر.
ب - وأوضحُ من ذلك ما ذكره السيّد الصدر للسيّد حسن الأمين في رسالة أرسلها إليه (حصلنا عليها مؤخّراً وتُنشر للمرّة الأولى) : «.. وفي نفس الوقت فأنا لا أرجّح إعادة نشر الكتاب نظراً إلى طبيعة موضوعه وملابساته العاطفيّة، وأرى أنّ العمل الفكري الإيجابي المستقلّ أفضل من الدخول في المناقشات المذهبيّة مهما كانت موفّقة وعميقة..» (انظرها كاملةً ضمن أحداث سنة 1374 هـ).
وقبل كلّ شيء، لا بأس ببيان مراد السيّد الصدر من (العمل الفكري الإيجابي المستقل) مستفيدين من رسالةٍ أرسلها إلى الشيخ علي الإسلامي بتاريخ 19/ ذي الحجّة/ 1396 هـ حيث يقول: «... وقد تحقّقت بدايات بعض الآمال التي أسعى إلى تحقيقها، فإنّي كنت أفكّر أنّ المرجعيّة النائبة عن الإمام الصادق إذا استطاعت أن تقدّم أحكام الشريعة في إطار فقه أهل البيت إلى العالَم بلغة العصر ومنهجة العصر وبروح مخلصة فسوف تستطيع أن تقنع عدداً كثيراً من أبناء السنّة بالتقليد للمجتهد الإمامي باعتباره اجتهاداً حيّاً واضحاً على مستوى العصر، وبذلك يعود نائب الإمام الصادق مرجعاً للمسلمين عموماً كما كان الإمام كذلك، ويكون هذا التقليد مرحلةً للانتقال إلى التشيّع الكامل، وهذا ما تحقّقت بعض بوادره لأنّ بعض المدرّسين المثقّفين من السنّة في بغداد راجعوني طالبين تحويل تقليدهم من أبي حنيفة إلى الفتاوى الواضحة. وعلى هذا الأساس فقد قرّرنا طبع الفتاوى الواضحة في القاهرة إن شاء الله تعالى ليقدّم صورة واضحة للفقه الإمامي المليء تقوىً وورعاً وإيماناً بين يدي المتعلّمين من أبناء مصر» (انظرها كاملةً ضمن أحداث 1396 هـ).
ج - ولكن في المقابل، لم يكن السيّد الصدر يعارض نشر الكتاب في إيران، وهذا ما تجده واضحاً في رسالته إلى السيّد أحمد الحسيني الإشكوري الآتية ضمن أحداث سنة 1374 هـ.
إذاً كان جديراً حصر النقاش في استراتيجيّة العمل فقط وفقط دون جرّ البحث إلى بساطٍ آخر ولو بالإيحاءات.
|
|
|
|
|