|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 77639
|
الإنتساب : Mar 2013
|
المشاركات : 741
|
بمعدل : 0.17 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
alyatem
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 11-03-2013 الساعة : 10:03 AM
وعمداً على بدء، فقد صدرت أبحاث مهمة عن الشهيد الصدر في عددٍ من الدوريات مما هو منشور في (مجلة المنهاج) الصادرة في بيروت، ومجلة (الفكر الجديد) الصادر عن دار الإسلام في لندن، ومجلة (قضايا إسلامية) الصادرة في قم، ومجلة (قضايا إسلامية معاصرة) الصادرة في قم أيضاً.
كما تحسن الإشارة إلى عددٍ من أبحاثٍ وإصدارات السيد عمار أبو رغيف، في محاولاته التعريف بفكر الشهيد الصدر أو الدفاع عنه، أو تقريره بصيغٍ أخرى.
وربما فاتني أن أشير إلى بعض الكتب والأبحاث، فقد لا أكون مطلعاً على بعضها، وقد يكون بعضها الآخر في طريقه إلى الصدور. وفي هذا السياق أُشير إلى ما ذكره مستشار رئيس النظام العراقي الإعلامي والصحفي صباح سلمان ـ مما نشره في صحيفة الحياة بتاريخ (20/9/1995) وأعيد نشره في صحيفة (بغداد) بعددها (247) بتاريخ (22/9/1995) ـ بصدد تأليفه كتاباً لم ينشر بعد بعنوان (الإمام الصدر والرئيس صدام.. واللقاء الأخير!!).
وربما كان من المفيد نشر هذا الكتاب، لأنه يطلعنا على أحداث ووقائع كان من غير الممكن الإطلاع عليها.
-2-
ويحسن أن أُلفت نظر القارئ إلى التحديات التي واجهتني في الإعداد لهذا الكتاب، شأني شأن العديد من الكتَّاب والباحثين، وبالخصوص في الموضوعات المعقَّدة والساخنة.
ويمكن أن أشير إلى أهم هذه التحديات:
1ـ الهاجس الأمني، إذ أن هناك عدداً من المعطيات التاريخية كانت تتصل بحياة عدد من الشخصيات ولا يمكن الإفصاح عنها، ولذلك كانت مجموعة من المعلومات تضيع أو تختفي لهذا السبب، إذ لا يمكن المجازفة بالإشارة إليها بشكل تفصيلي. وإذا كان ذلك يُعدُّ تحدياً كبيراً للباحث، إذ يقلل من أهمية بعض المعلومات التي يذكرها، فإنه تحدٍ لا يمكن إغفاله، لأنه يشكّل قيداً شرعياً وأخلاقياً، ولا يمكن تجاوزه على الإطلاق.
وأُشير إلى أن معظم هذه المادة كان قد أُعِدَّ في زمنٍ كان فيه النظام قائماً ولا يزال يفرض نفسه على حياة العراقيين، ولذلك ورد بعض المعلومات ملبيّاً لهذا القيد، وإن حاولت تداركه وإعادة النظر فيه. لكن أُشير إلى أن هناك عدداً من المعلومات لابد وأَن يضيع لجهة تقادم الزمن، وبسبب النسيان الذي يفرض نفسه على الشهادات فتتآكل بسبب هذا العامل.
2ـ الهاجس الوحدوي، إذ يتردد الباحث بين أمرين اثنين :
أحدهما: الكتابة بصراحةٍ تامة لتقديم الصورة كاملة غير منقوصة، وبذلك يقدِّم التاريخ كما هو ووفقاً للمعطيات التي سجّلها أهل ذلك الزمان وحفظتها الشهادات على هذا المقطع الزمني.
وثانيهما: الإحساس بالهيبة والرهبة تجاه بعض المواقف التي قد تكون الإشارة إليها وذكرها تجريحاً ـ أو يشم منها ذلك ـ أو تعريضاً ببعض الشخصيات أو بعض الاتجاهات. وربما تزيد هذه الحيرة رغبة البعض في تغليب الصور المشرقة من حياة العظماء على الصور الأخرى، بل وإغفالها لصالح الأولى.
وقد شعرت بالحيرة ـ شأني شأن الباحثين الآخرين ـ تجاه هذه الملاحظات، وإن كنت ميّالاً بقوة إلى الكتابة بصراحةٍ شديدة، لإيماني العميق بضرورة ذلك، احتراماً للتاريخ نفسه.
وقد زادني قوة على قوة ما يردده الشهيد الصدر نفسه في هذا الصدد، وهو يتحدث عن كتابة التاريخ بمناسبة بحثه (فدك في التاريخ) فيقول: "".. وأما إذا جئنا للتاريخ لا لنسجل واقع الأمر خيراً كان أو شراً، ولا لنحبس دراستنا في حدود مناهج البحث العلمي الخالص، ولا لنجمع الاحتمالات والتقديرات التي يجوز افتراضها ليسقط منها على محك البحث ما يسقط ويبقى ما يليق بالتقدير والملاحظة، بل لنستلهم عواطفنا وموروثاتنا ونستمد من وحيها الآخّاذ تاريخ أجيالنا السابقة، فليس ذلك تاريخاً لأولئك الأشخاص الذين عاشوا على وجه الأرض يوماً، وما كانوا بشراً تتنازعهم ضروب شتى من الشعور والإحساس، وتختلج في ضمائرهم ألوان مختلفة من نوازّع الخير ونزعات الشر، بل هو ترجمة لأشخاص عاشوا في ذهننا وطارت بهم نفوسنا إلى الآفاق العالية من الخيال..""(1).
بل يصعِّد الشهيد الصدر الحديث في هذا الصدد فيكتب: ""فإذا كنت تريد أن تكون حراً في تفكيرك، ومؤرخاً لدنيا الناس لا روائياً يستوحي من ذهنه ما يكتب، فضع عواطفك جانباً، أو إذا شئت فاملأ بها شعاب نفسك فهي ملكك لا ينازعك فيها أحد، واستثن تفكيرك الذي به تعالج البحث فانه لم يعد ملكك بعد أن اضطلعت بمسؤولية التاريخ، وأخذت على نفسك أن تكون أميناً ليأتي البحث مستوفياً لشروطه قائماً على أسس صحيحة من التفكير والاستنتاج""(2).
3ـ طبيعة المعطيات، إذ يتوجب على الباحث فحص المعطيات المتوفرة والتي تشكِّل المادة الرئيسة للبحث، وقراءتها قراءة دقيقة ومتأنية، خاصة في ظل عدة عوامل، منها: النسيان الذي يفعل فعله في الشهادات، حيث من الطبيعي أن تتعرض هذه الشهادات للتآكل، بسبب فقدان جزء منها في ذاكرة أصحابها، فيعرِّض الباحثين إلى التحريف بطريقة غير مقصودة وغير متعمدة، خاصة إذا عرفنا أن عدداً من أصحاب هذه الشهادات لا يستعين بالكتابة والتدوين، لسبب ذاتي أو لسبب موضوعي، كما في ظروف المحنة والمطاردة، مما هو موضوع بحثنا ودراستنا.
ومنها: اختفاء بعض المعطيات أو إخفاؤها، إذ يعمد بعض أصحاب الشهادات والقريبين من الأحداث والشخصيات ـ موضوع الدراسة والبحث ـ إلى إخفاء المعلومات والرسائل.. وحجبها عن الباحثين، وهو عامل يضر بالبحث أيما إضرار، ويشوِّه الدراسة بشكل كبير جداً، فقد غابت رسائل عديدة للشهيد الصدر وتم حجبها عن التداول لسبب وآخر ـ بغض النظر عن المسوِّغ ـ ومُنع الباحثون من الاطلاع عليها بشكل مباشر لقراءتها عن قرب واستنتاج ما يمكن استنتاجه منها. واذكر في هذا السياق الرسائل التي كتبها الشهيد الصدر إلى الشهيد محمد باقر الحكيم، وهي رسائل ثمينة وذات مضمون مهم على المستوى السياسي والفكري معاً. واذكر ـ أيضاً ـ رسائل الشهيد الصدر إلى الشيخ علي الكوراني، والتي نشر بعضها بعد شطب قسمٍ منها منعاً من الوقوف عليها(3). ويمكن مراجعة القسم الوثائقي من كتاب (شهيد الأمة وشاهدها) للشيخ محمد رضا النعماني، ليعرف مدى ما أتلف من هذه الرسائل عبر إخفاء بعض الأسماء أو شطب بعض الأقسام.
ومما ضاع وأُخفي رسالة الشهيد الصدر الأخيرة والتي كتبّها ـ وهي أشبه بالوصية ـ للسيد محمود الهاشمي (الشاهرودي) تلميذه وممثله في الخارج، والتي نقلها الشيخ محمد رضا النعماني، عقيب استشهاد السيد الصدر وهروب النعماني إلى إيران، وسلّمها إلى السيد الهاشمي(4).
بل ضاع أثر مهم من آثار الشهيد الصدر، وهو عبارة عن أجوبة الشهيد الصدر على تساؤلات وتعليقات الدكتور علي شريعتي على بحثه (بحث حول الولاية)، وقد أرسلها الشهيد الصدر إلى بعض طلابه على أمل ترجمتها وطبعها، إلاّ أنها أخفيت بحجة أنها تسهم في الترويج للدكتور علي شريعتي، مما أوجب استغراب الشهيد الصدر نفسه، كما يفيده السيد محمد الحيدري. ويقول السيد الحيدري أنه سعى للعثور عليها فلم يستطع(5).
ومنها: تناقض المصالح والآراء بين أصحاب الشهادات والمقربين من الشهيد الصدر بعد اتساع الخلافات بينهم وتزايد الهوة، ولذلك يقف الباحث على محاولات عديدة من هذا الطرف أو ذاك تحاول إخفاء بعض الحقائق أو تجاهلها والتركيز على أمور أخرى.
ومن ذلك ما يُلاحظه الباحث في المقدمة التي كتبها السيد علي أكبر الحائري للطبعة الجديدة لكتاب (دروس في علم الأصول) للشهيد الصدر، إذ أغفل السيد علي أكبر الحائري ـ على خلفية الصراع بين شقيقه السيد كاظم الحائري وحزب الدعوة ـ الإشارة والحديث إلى نشاط الشهيد الصدر السياسي ولم يذكر منه سوى إعتقالاته(6).
----------------
(1) الصدر، محمد باقر، فدك في التاريخ، ص34 وما بعد، ط دار التعارف، بيروت، 1983.
(2) المرجع السابق نفسه، ص35.
(3) راجع الملاحق، ملحق رقم [44] [45].
(4) النعماني، محمد رضا، الشهيد الصدر: سنوات المحنة وأيام الحصار، ص 299، ص323، ط أولى، 1996، قم.
(5) الحيدري، محمد، الإمام محمد باقر الصدر.. معايشه من قريب، ص 24، ط دار الهادي، أولى 2003.
(6) دروس في علم الأصول، نشر مجمع الفكر الإسلامي، قم، 1991/ 1412ه، ط الأولى.
|
|
|
|
|