|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.32 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
المنتدى الفقهي
التولّي والتبرّي
بتاريخ : 27-12-2012 الساعة : 05:28 PM

اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام وجعلنا و إياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهم السلام
نرى أنّ "عاشوراء" حركة ثوريّة ضد الانحراف السياسيّ والدينيّ للحكّام الطغاة المستبدّين، وأنّ نهضة سيّد الشهداء عليه السلام مليئة بالمعاني والحقائق السياسيّة، إذ إنّ وقوع الأمّة في أسر مخالب الحكومة الظالمة، والسعي من أجل استنقاذها من ذلك، وتسليم قيادة الأمور بيد "الإمام الصالح" لنشر الحقّ والعدل في المجتمع، يكشف عن زاوية من هذا البعد، كما أنَّ حركة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأنصاره لأجل توعية جماهير الأمّة، ورسم معالم شخصيّة القائد اللائق الجدير، وفضح صورة وحقيقة الولاة والحكّام عبّاد الدنيا الظالمين غير الملتزمين بالدين، تكشف عن زاوية أخرى من هذا البعد السياسيّ أيضاً.
من هنا، فإنّ لنهضة عاشوراء بلاغاً ورسالة إلى جميع أولئك الذين يطلبون الحقّ، ويريدون العدالة، والمقاومين والمدافعين عن المظلوم، والمجاهدين في سبيل الله، وطلّاب الشهادة، والمصلحين الاجتماعيّين، والمتحرّرين، وأحرار الفكر، وبشهادة التأريخ فإنّ كيان كثير من الثورات ضدّ الظلم، والانتفاضات في وجه التجاوز والعدوان، والحركات من أجل إقامة وتشكيل الحكومة الإسلاميّة كان قد قام واستحكم على هدي دروس عاشوراء.
التولّي والتبرّي
إنّ الولاية والبراءة من فروع الدين ومن الواجبات العمليّة في الإسلام، أي الموالاة لأولياء الله ومعاداة أعدائه والبراءة والتنفّر منهم.
و"الموالاة" و"الولاية" و"التولّي" جميعها من أصل واحد، ولها مفهوم واحد، وهي دالّة على الالتحام المنهجيّ والفكريّ والسياسيّ للإنسان المسلم مع القادة الربّانيّين وأئمّة الحقّ عليهم السلام، فالمسلم الموالي هو الذي يتّخذ الله ورسوله والإمام "وليّاً" له، ويتقرّب إلى الله ورسوله وأوليائه بالطاعة والتقوى والعمل الصالح، ويربط نفسه وحياته بهم، فالعمل الصالح والورع قوام الولاية، كما يقول الإمام الباقر عليه السلام:"لا تُنال ولايتنا إلّا بالعمل والورع".
فالحياة الإيمانيّة للإنسان المسلم توجب عليه أنّ يشخّص ويحدّد خطّه الفكريّ والسياسيّ في المجتمع، وموقفه إزاء قضايا الحقّ والباطل، وألّا يبقى حيالها محايداً لا إلى الحقّ ولا إلى الباطل، بل يتّبع الحقّ ويمتثل أمر "وليّ الله"، ويكون خصماً وعدوّاً لأعداء الدين والإمامة والزعامة الصالحة.
إنّ الارتباط بأهل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وموالاتهم ومودّتهم تكليف إلهيّ، والبراءة من أعدائهم أمر واجب، لا عند حدّ الشعار والقول فقط، بل في السلوك والعمل، وهذه البراءة والولاية ربّما قادت المسلم الملتزم إلى ميدان الجهاد، وإلى الشهادة أيضاً، ولا خوف عليه لأنّ ذلك في سبيل الله، وله الثواب الجزيل عند الله تبارك وتعالى.
يقول الإمام الرضا عليه السلام:"كمال الدين ولايتنا والبراءة من عدوّنا".
وقيل للإمام الصادق عليه السلام:إنّ فلاناً يواليكم إلّا أنّه يضعف عن البراءة من عدوّكم! فقال: "هيهات! كذب من ادّعى محبّتنا ولم يتبرّأ من عدوّنا".
وفي عصر الإمام الحسين عليه السلام كان قد تجلّى الحقّ في وجوده عليه السلام، وتمثّل الباطل في شخص يزيد، وكان من الواجب على كلّ مسلم ملتزم أن "يتولّى" الإمام الحسين عليه السلام و"يتبرّأ" من أعدائه، كما صنع أنصار الإمام (قدّس سرّهم)، إذ وقفوا معه للدفاع عنه ولنصرته بشجاعة لا نظير لها، وتبرّأوا من يزيد وابن زياد وأعوانهم، وقد كشفت عن هذه الحقيقة أشعارهم وأقوالهم فضلاً عن مواقفهم: فمّما ارتجز به أبو الشعثاء الكنديّ (رضوان الله عليه) يوم عاشوراء، قوله:
يا ربّ إنّي للحسين ناصرٌ ولابن سعد تاركٌ وهاجرٌ
وممّا قاله برير بن خضير (رضوان الله عليه):
"اللّهمّ إنّي أبرأُ إليك من فعال هؤلاء القوم...".
وفي ليلة عاشوراء لمّا أظهر أصحاب الإمام عليه السلام عزمهم على البقاء معه وعلى عدم التخلّي عنه، وقف نافع بن هلال (رضوان الله عليه) بين يدي الإمام عليه السلام وقال:
"نوالي من والاك ونُعادي من عاداك...".
إنّ خطّ التولّي والتبرّي لا ينتهي بانتهاء عصر الإمام الحسين عليه السلام، ذلك لأنّ خطّ أبي عبد الله الحسين عليه السلام مستمرٌّ دائمٌ بلا انقطاع على هذه الأرض من بعده، وتقتضي موالاته عليه السلام والبراءة من أعدائه أن يوالي الإنسان المؤمن أنصاره والسائرين على نهجه ويتبرّأ من أعدائهم على مدى التأريخ.
في متون زيارات المعصومين عليهم السلام عامّة، وزيارات الإمام الحسين عليه السلام خاصّة، يرد ذكر موضوع التولّي والتبرّي كراراً كأحد الاعتقادات والأعمال التي يتقرَّب بها إلى الله تعالى، نقرأ مثلاً في زيارة الإمام الحسين عليه السلام في النصف من رجب: "إنّي أتقرّب إلى الله بزيارتكم وبمحبّتكم، وأبرأ إلى الله من أعدائكم".
وجميع التحيّات وإظهار المحبّة والمودّة هو وارد في متون زيارات الإمام الحسين وبقيّة الأئمّة عليهم السلام علامةٌ لهذا "التولّي"، وجميع اللعنات والدعاء على أعدائهم وظالميهم وإظهار السخط عليهم شهادة على "التبرّي" منهم، وتموج متون الزيارات بالسلام والتحيّات الزاكيات على الأئمّة عليهم السلام وأنصارهم ومواليهم، وتموج كذلك باللعنات على أعدائهم ومخالفيهم، بل حتّى على الراضين بفعلهم، لأنّهم بالفعل منهم، نقرأ مثلاً في أحد متون زيارات الحسين عليه السلام:
"لعن الله قاتلك، ولعن الله خاذلك، ولعن الله من رماك، ولعن الله من طعنك، ولعن الله المعينين عليك، ولعن الله السائرين إليك... ولعن الله أعوانهم وأتباعهم وأشياعهم وأنصارهم ومحبّيهم...".
وهذه ذروة البراءة وغاية الشمول في التبرّي...
ونقرأ في الزيارة الجامعة، وزيارات أخرى منها زيارة أبي الفضل العبّاس عليه السلام:
"فمعكم معكم، لا مع عدوّكم، إنّي بكم مؤمن، وبإيابكم من المؤمنين، وبمن خالفكم وقتلكم من الكافرين...".
لقد استوجب أن يكبّ على منخريه في نار جهنّم كلّ من سمع واعية الإمام الحسين عليه السلام واستغاثته ولم ينصره، وهذه الصرخة والاستغاثة: "هل من ناصر..." لم تزل تطنُّ في الآذان مدى الأجيال.
وبلاغ عاشوراء هو أن لا تكونوا غير مبالين بما يجري في ميادين الصراع بين الحقّ والباطل في كلّ زمان وكلّ مكان، بل انهضوا لنصرة الحقّ ولموالاة وليّ الله، وتبرّأوا من أتباع الباطل المخالفين لأئمّة الحقّ، حتّى تكون الشهادة التي تعطونها في زيارة الأربعين شهادة حقّ وصدق لا شهادة شعار وكذب: "اللّهمّ إنّي أُشهدك أنّي وليٌّ لمن والاه، وعدوّ لمن عاداه...".
نسألكم الدعاء
|
|
|
|
|