|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 72513
|
الإنتساب : May 2012
|
المشاركات : 7,601
|
بمعدل : 1.63 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
nad-ali
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
بتاريخ : 22-12-2012 الساعة : 11:37 PM
عندما يكون العُرف “مقدسّاً”
فللعُرف قدرة على النمو السريع لكن دون صوت، وله القدرة على التوسّع دون لفت نظر، إلا للذين يرصدون نموّه وتكونّه وظهوره بعناية ودقة . فالعُرف كائن حي يتنفّس عبر هواء الدعم الذي تغذيه الأفكار والسلوكيات والمظاهر التي يمكن ملاحظتها إذا تم رصدها عبر أجهزة التجرّد في النقد والمتابعة العملية والرجوع إلى أساسيات هوية المجتمع الأصلية وهدفه في التطور والنمو وتعزيز روح الإنسانية فيه بشتى صورها الممكنة.
نحن من نترك هذا الكائن الحي ينمو، ونحن من نتركه يتشكّل بناء على تفاعلنا وتربيتنا له فينا، فإما يكون هو الضمير الحي والدافع للإنتاج وفهم الإنسان باحترام وتفاعل جميل وإما أن يكون وحشاً أو مسخاً يستنفذ طاقتنا في الاجترار وتشويه الهوية السمحة للضمير الإنساني، وتحويل الدين إلى مُبرّر مقدس للوصول إلى المصلحة الذاتية، ليكون جرّ السكين على رقبة إنسان بمجرد اختلاف الفكر معه “عبادة”، وإحداث الألم والقتل في طرف مُخالف معه في المنهج “تقرّب”!
وكارثة كربلاء تتكرر بصور شتى في التاريخ البشري قبلها وبعدها، إلا أن كربلاء الطف تبقى ذات خصوصية ترتبط بعوامل عدة، من أهمها أنها حركة التضحية من أجل استقامة دين العدالة والإنسانية “إن كان دين محمد لا يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني”.
وتكرار المأساة وبصور مختلفة أساسها البيئة المهيئة لوقوعها، ويكون العُرف هو الحاضن الأم لها، هو ذلك العُرف الذي بايع الحسين وانصرف عنه، وهو ذلك العُرف الذي خذل مسلم بن عقيل-ابن عم الإمام الحسين(ع)- بعد أن اجتمع أمر أهل الكوفة بين يديه، فأصبح وحيداً مطارداً مطلوباً ليُقتل، وهو ذات العُرف الذي يعلم بزحف الجيش الأموي لقتل ابن بنت رسول الله، وتركه دون أدنى ممانعة أو ردة فعل، وهو أيضاً ممن جعل مجزرة كربلاء احتفالاً وطنياً يتراقص الناس فيه على جراح أهل بيت النبوة في معبد الذات وغياب الضمير الحي.
وليس بالضرورة أن يكون كل عُرف مضاد صحيح بالكامل، فبعض ردات فعل المجتمع المسلم بعد مقتل الحسين أتت من واقع الندم والحسرة على التخاذل الذي حله بهم، فتولّدت بعض سلوكيات حينها أو بعدها تعبيراً عن محبة أو ندم أو أمنية، ونتيجة اقترابها من العنوان المقدّس وهي واقعة كربلاء، أصبحت تكتسي القداسة فيها، بالرغم من سلبية التعبير فيها. وتلك الممارسات هي نتيجة التوسّع العرفي الذي تغذّى بصور شتى، وهي مما يصرف النظر عن لُبّ القضية ويحرف مسارها بدرجة أو بأخرى.
يتبع..
|
|
|
|
|