الموضوع: عِبر ُ عاشوراء
عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.32 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 42  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي تاريخ الإسلام أم تاريخ المسلمين؟
قديم بتاريخ : 19-12-2012 الساعة : 12:49 AM






اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين عليه السلام وجعلنا و إياكم من الطالبين بثاره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد عليهم السلام



إنّ التأثير الذي تركته أو يجب أن تتركه "واقعة عاشوراء" على الحركات التأريخيّة، والفكر التأريخيّ، وتفكيك وتحليل الحوادث التي هي قريبة العهد بزمان عاشوراء، وكذلك التأثير الذي تركته أو تتركه أو ما يمكنها أن تتركه في الأزمنة التي تلتها إلى عصرنا الحاضر.

في هذه الحالة بإمكان التأريخ أن يتجاوز مهمّة "نبش القبور" و"استغابة الموتى" و"نقل الوقائع الماضية"، ليكون
مرتكزاً لخلق الحركة نحو المستقبل، ومنبعاً لاستلهام كلّ ما هو صحيح وأفضل. وبهذا التوضيح ندرك أنّ بلاغات عاشوراء التأريخيّة لا تنحصر في البلاغات التأريخيّة الصريحة الخطاب إلى المستقبل، بل تشمل أيضاً معرفة القوى الخفيّة الكامنة في باطن الحدث التأريخيّ، وذلك من أجل استلهام العبر والمواعظ والدروس النافعة والمؤثّرة في تصحيح مسار الحياة الفرديّة والاجتماعيّة في الخطاب الموجّه إلى الأجيال القادمة.

وبهذه النظرة تتجاوز واقعة عاشوراء صورة "حادثةٍ ما ماضية" لتتجلّى في صورة حيّة نابضة، هي صورة "ذخائر نفيسة من الهداية، والعبر، والدروس للأجيال القادمة"، ونحن بإمكاننا أن نتلقّى "البلاغ" من عاشوراء، وأن نتعلّم "الدرس" منها، وأنْ نأخذ منها "العبرة" التي هي الأهمّ...



تاريخ الإسلام أم تاريخ المسلمين؟


لقد كانت بعثة النبيّ الأكرم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بداية فصل جديد في تاريخ البشريّة، إذ أوجدت إنقلاباً أساسيّاً في الأفكار، والعقائد، والأخلاق، والسلوك، والنظام السياسيّ، والبنية الإجتماعيّة، ومعايير القيم.

فما يعرف باسم "تاريخ الإسلام" هو مجموعة هذه التحوّلات التي شملت جميع المجالات في فكر وحياة الإنسان في عصر البعثة.

أمّا بعد رحلة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقد عادت المعايير الجاهليّة هي الحاكمة، واتّجه الإرتقاء الروحيّ والمعنويّ في المسلمين نحو الأفول والزوال، وضعفت تلك القيم المقدّسة التي كانت على عهد النبوّة بعد ارتحال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.

ولقد دوّن المؤرّخون حوادث تلك السنين تحت عنوان "تأريخ الإسلام"، إلّا أنّنا إذا أدرجنا أحداث تلك الفترة تحت عنوان "تاريخ المسلمين" كان ذلك أدقّ وأصدق ممّا إذا دوّنّاها تحت عنوان "تأريخ الإسلام".

لم تكن الخصومة بين أهل البيت عليهم السلام ومخالفيهم، أو العداء بين بني هاشم وبني أميّة، خصومة أو عداء بسبب شخصيّ أو قبليّ، بل كان هذا التعارض يستمدّ وقوده من تعارض فكريّ واعتقاديّ وعمليّ، يقول الإمام الصادق عليه السلام في تشخيصه الدقيق لجذور هذا التعارض بين هذين التيّارين:
"إنّا وآلُ أبي سفيان أهلُ بيتين تعادينا في الله، قلنا: صدق الله، وقالوا: كذب الله".

أي أنّ النزاع قائم بين طائفتين إحداهما مؤمنة بالله ومصدّقة بكلّ ما جاء من عنده، وأخرى كافرة بالله تكذّبه بكلّ ما جاء من عنده من عقيدة ودين.

إنّ فصل مسير تأريخ الإسلام عن أهل بيت العصمة عليهم السلام كان السبب في فسح المجال للتوجيهات غير المقبولة لكثير من تصرّفات الحكّام الطغاة على أساس معايير ومباني دينيّة، في حين أنّ معايير ومباني الإسلام المحمّديّ الخالص إسلام أهل البيت عليهم السلام تدين تلك التصرّفات وتبرأ منها.

كما لوّث وشوّه المؤرّخون المحترفون المرتبطون ببلاط الحاكم الظالم وجه التأريخ أيضاً من خلال اختلاقهم لوقائع ونصوص لا حقيقة لها، الأمر الذي خلط الحقّ بالباطل، وجعل من الصعب جدّاً في بعض الأحيان التمييز بين النصّ الصادق والآخر الكاذب، حتّى صار من العسير على المتتبّع الاستناد إلى كثير من المتون التأريخيّة.

في هذا الجوّ، صارت معرفة الصدق من الكذب، والحقّ من الباطل في الحوادث التأريخيّة رسالة تحقيقيّة ثقيلة وضروريّة أيضاً، وهي كذلك عمل صعب ومحتاج إلى الدّقة.

وفي صدد واقعة عاشوراء أيضاً، هناك أحياناً أمور غير واقعيّة وضعيفة زيدت على النقل التأريخيّ، وقد ترسّخت في فكر النّاس وأذهانهم، وهي لا تتلائم مع روح نهضة عاشوراء ولا مع المتون التأريخيّة المعتبرة وهذا الأمر يجعل من اللازم تنقية وتصفية الآثار المرتبطة بعاشوراء من كلّ كذب وتزوير، ومن نقل المسائل والقضايا الضعيفة.

إنّ المعرفة التأريخيّة المعمّقة هي التي تستطيع أن تقرأ ما وراء السطور وما وراء ظواهر الحوادث والأخبار وهي التي بإمكانها أن تكشف عن المعاني الأخرى للحوادث، وبدون هذه المعرفة قد لا يمكن تقديم تحليل صحيح للقضايا التأريخيّة.

لقد وصف الإمام الحسين عليه السلام في خطبته الثانية يوم عاشوراء جيش الكوفة بهذه الأوصاف والألقاب التالية حيث قال:

"... فسحقاً لكم يا عبيد الأمّة وشذّاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ومحرّفي الكلم وعصبة الإثم ونفثة الشيطان ومطفئي السنن! ويحكم! أهؤلاء تعضدون وعنّا تتخاذلون؟! أجل والله غدر فيكم قديم، وشجت عليه أصولكم وتآزرت فروعكم، فكنتم أخبث ثمرة، شجى للناظر وأكلة للغاصب!...".

ففي هذا البيان أيضاً نرى الإمام عليه السلام يقرّر أنّ أولئك إذن بقيّة تلكم القبائل والأحزاب الجاهليّة المعاندة، وأنّهم الثمرة المرّة لشجرة عداوة بني أميّة لدين الله.

فهو إذن تقرير وبلاغ من الإمام المعصوم (الإمام الحسين عليه السلام نفسه) للتعريف بحقيقة الذين شاركوا في صفّ جيش بني أميّة في فاجعة عاشوراء المريرة.

إذن فمعرفة جذور أيّ حادثة من الحوادث ومعرفة القضايا الممهّدة لها من البلاغات الأخرى لعاشوراء.



نسألكم الدعاء


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش
رد مع اقتباس