|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 54354
|
الإنتساب : Aug 2010
|
المشاركات : 254
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
فارس اللواء
المنتدى :
المنتدى العام
بتاريخ : 13-12-2012 الساعة : 03:34 PM
الارتجال في الفتوى وعدم التدقيق
من المعلوم أن للفتوى أصول لا بد منها، ومن هذه الأصول أن يكون السؤال واضحاً ومحدداً ودقيقاً، وحتى نتثبت من ذلك لا بد أن يكون السؤال مكتوباً بلغة واضحة صحيحة حتى يعرف المفتي عن أي أمر يجيب، لأن الجواب يختلف بجزئية صغيرة ترد في السؤال أو تسقط منه. وليس للمفتي أن يعطي جوابه إلا بعد دراسة المسألة وإمعان النظر بها وعليه يستقصي المعلومات المتعلقة والمعطيات وأن لا يغفل عن أي أمر يمكن أن يكون له علاقة بتحديد الجواب لا سلباً ولا إيجاباً. وعليه بعد ذلك أن ينظر فيما يمكن أن تتركه الفتوى من أثر فلا تخالف مقاصد الشريعة.
واضرب على ذلك مثلاً الفتوى التي صدرت عن لجنة البحوث العلمية في الأزهر والتي جاء فيها أنه يحق للسلطات المصرية أن تقيم الجدار الفولاذي بين غزة والأراضي المصرية، بحجة أن السلطة المصرية تقيم هذا الجدار على أرضها، ويحق للمالك أن يتصرف بأرضه كما يشاء. إن هذه الفتوى عالجت أمراً على مستوى الأمة كما لو أنها مسألة شخصية صغيرة، نعم من المعروف أن لكل إنسان أن يتصرف بملكه كما يشاء، ولكن هل هذا الكلام على إطلاقه؟!.. إنه ليس على إطلاقه أبداً، فقد يكون لشخص الحق بتصرف معين ولكن التعسف في استعمال الحق ممنوع، أي إذا كان استعمال هذا الحق يؤذي الآخرين ولا يحقق منفعة للمستعمل فعندئذ ترد القيود المانعة من إلحاق الأذى بالآخرين.
كما ورد في السيرة أن رجلاً كانت له أرض فيها شجر نخيل وإن إحدى شجرات النخيل كان جذرها في أرضه وكان جذعها وثمرها فوق أرض جاره، فاشتكى الجار أذية صاحب النخلة ودخوله إلى أرض جاره الذي عرض على صاحب الشجرة إما أن يبيعها له أو يُضَمِّنَها أو أن يقطعها، فعرض رسول الله (صلي الله عليه وسلم) الأمر على صاحب الشجرة الذي رفض كل العروض وأصر على الاستمرار في سلوكه المؤذي لجاره، فلما فرغ رسول الله (صلي الله عليه وسلم) من أمره ووجد تعنتاً وتعسفاً في استعمال حقه، أمر المتضرر من الشجرة بأن يقطعها من فوق أرضه.
لقد ضربت فتوى لجنة البحوث العلمية في الأزهر بكل المصالح والحقوق وبالواقع عرض الحائط وسوغت للسلطة المصرية فعلها، وهو الفعل الذي يؤدي إلى تضييق الحصار على بلد مسلم لصالح عدو كافر، بما يعين العدو على إخضاع المسلمين وإذلالهم، بل وإلى قتلهم وتجويعهم وجعلهم عرضة للآلام والأمراض. ولو لم يكن من آثار لهذه الفتوى إلا ما ذكرنا من الضرر على أهل غزة لكان كافياً لبطلانها وعدم جوازها. وهذه الفتوى هي أحد نماذج الفتاوى التي يصدرها المفتون لخدمة السلطة السياسية التي يعملون في خدمتها.
|
|
|
|
|