|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 54354
|
الإنتساب : Aug 2010
|
المشاركات : 254
|
بمعدل : 0.05 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
فارس اللواء
المنتدى :
المنتدى العام
بتاريخ : 13-12-2012 الساعة : 03:31 PM
الإفتاء في السابق
لم يكن الإفتاء منصباً سياسياً ولا دينياً لا على زمن النبي محمد (صلي الله عليه وسلم) ولا على زمن الخلفاء الراشدين من بعد. بل مسؤولية صاحب العلم والمعرفة كائناً من كان، ولقد كان أصحاب النبي (صلي الله عليه وسلم) يسألون عن الأحكام في المسائل فكان كل واحد منهم يقف عند ما علم ولا يتجاوزه، حتى الخلفاء عندما تعرض لهم أو عليهم مسائل ولم يكن لهم علم بها كانوا يسألون الناس ممن عاشوا أو صحبوا رسول الله (صلي الله عليه وسلم)، هل يعلمون شيئاً عن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) في المسألة؟ هل قال فيها، أو فيما يشبهها شيئاً أو قضى بشيء أو عمل شيئاً، فإن وجدوا شيئاً عملوا بمقتضاه وإن لم يجدوا رجعوا إلى اجتهادهم واعملوا عقولهم وأفهامهم. ثم استمر الإفتاء رسالة ووظيفة العلماء والفقهاء إذا عرض للناس شيء لا يدرون ما حكمه استفتوا أهل العلم، فكانوا يفتونهم فيه أو كانوا يحيلونهم إلى من هو اعلم منهم بالأمر.
وقد عرف ذلك بين الصحابة فكان منهم من برع في القضاء، كعلي بن أبي طالب (رض) ومنهم من برع في الفرائض كزيد، ومنه من برع في التفسير كعبد الله بن عباس (رضي عنهم أجمعين). وقال مسروق: لقد رأيت مشيخة أصحاب رسول الله (ص) يسألون عائشة عن الفرائض(1).
وبعد مرور عهد الصحابة والتابعين، صار الناس يحتاطون في أمر الفتوى فلم يعد لكل عالم أن ينبري لها، ووضع أهل العلم شروطاً للمفتي لا تتوفر لكثير ممن يوصفون بالعلم.
قال حذيفة: إنما يفتي الناس أحد ثلاثة: من يعلم ما نسخ من القرآن أو أمير لا يجد بداً، أو أحمق متكلف، قال فربما قال بن سيرين فلست بواحد من هذين ولا أحب أن أكون الثالث. قلت (أي المؤلف) مراده عامة السلف بالناسخ والمنسوخ رفع الحكم بجملته تارة وهو اصطلاح المتأخرين، ورفع دلالة العام والمطلق والظاهر وغيرها تارة،أما بتخصيص أو تقيد أو حمل مطلق على مقيد، وتفسيره وتبينه، حتى إنهم يسمون الاستثناء والشرط والصفة نسخاً، لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد، فالنسخ عندهم،و في لسانهم هو بيان المراد بغير ذلك اللفظ، بل بأمر خارج عنه(2).
ثم وفي فترات متأخرة شرطوا للمفتي ذات الشروط المطلوبة في الفقيه المجتهد واعتبروا أن ناقل الفتوى ليس بمفتٍ، وينقل أبن القيم عن أصحاب أحمد أنه لا يجوز الفتوى بالتقليد، لأنه ليس بعلم، والفتوى بغير علم حرام، وجوزوا للمقلد أن يفتي لنفسه فقط دون غيره، وأباحوا ذلك استثناءاً عند الحاجة وعند عدم وجود العالم المجتهد.
وروى الخطيب عن الإمام الشافعي في كتاب الفقيه والمتفقه: "لا يحل لأحد أن يفتي في دين الله إلا رجل عارف بكتاب الله، بناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وتأويله وتنزيله، ومكيِّه ومدنيّه، وما أُريد به، ويكون بعد ذلك بصيراً بحديث رسول الله (صلي الله عليه وسلم)، وبالناسخ والمنسوخ، ويعرف من الحديث مثل ما عرف من القرآن، ويكون بصيراً باللغة والشعر، وما يحتاج إليه للسنة والقرآن، ويستعمل هذا مع الإنصاف، ويكون بعد هذا مشرفاً على اختلاف أهل الأمصار، وتكون له قريحة بعد هذا، فإذا كان هكذا فله أن يتكلم ويفتي في الحلال والحرام، وإذا لم يكن هكذا فليس له أن يفتي.
|
|
|
|
|