جريمة بشعة.. طفولة رضيع تنتهك!
علي آل غراش
من أكثر الصور بشاعة ومأساوية.. صور أطفال صغار منهم الرضع يسبحون في برك من دمائهم الحمراء وأشلائهم مقطعة..، أطفال كان من الطبيعي أن يكونوا في هذا السن في أحضان أو على صدور أمهاتهم!!.
الطفولة تعني البراءة والصفاء والنقاء والشفافية والرقة والجمال..، ومن الطبيعي أن تتمتع الطفولة بالحماية والرعاية..، ولكن على أرض الواقع في عالمنا الذي يدعي الديمقراطية وإحترام حقوق الانسان والمواساة.. والذي أصبح كالقرية الصغيرة بفضل تقنية الاتصالات الانترنت والفضائيات فالأمور مختلفة ومعاكسة حيث تم بث صور أطفال ورضع قد تم إستهدافهم بالبنادق والدبابات والطائرات، وشاهد العالم صور أطفال رضع قد تم إستهدافهم بالرصاص مباشرة كالطفلة إيمان في فلسطين حيث إخترقت رصاصة حاقدة قلبها البريء، وصورإستهداف الطفل محمد الدرة الذي قتل وهو يحتمي بوالده، وصور أطفال تم إنتشالهم جثث من تحت الأنقاض بعدما إستهدف العدو الصهيوني بيوتهم، وهناك أطفال تم إستخراجهم من تحت الأنقاض وهم يصرخون بعد وفاة أمهاتهم تحت الأنقاض لا يريدون الحياة في عالم الناس فيه ماتت ضمائرهم، وأصبحوا لا يتأثرون بسماع صراخ الأطفال الإبرياء!.
ومن الغرائب في الدول العربية والاسلامية أن هناك آباء أوأمهات ينتهكون براءة أبنائهم كما فعل الاعلامي الذي يدعي أنه داعية ديني الذي قتل إبنته لمى بالضرب، وكما تفعل بعض الأنظمة العربية بقتل الأطفال بالغازات السامة كما يحدث في البحرين!!.
وفي حادثة يوم عاشوراء الدموية في كربلاء الحسين ع ، حيث إرتكبت فيها أبشع الجرائم ضد الإنسانية من قبل - عدو يدعي العروبة والاسلام - عدو لم يحترم الدين ولا العروبة ولا العادات والتقاليد ولم يحترم ثقافة وآداب الحروب، أنها مجزرة رهيبة لم يحترم فيها الشيوخ ولا النساء ولا الصبية ولم يسلم الأطفال بل لم يسلم الرضع الأبرياء من القتل بأبشع الصور حيث قتلوا بأبشع طريقة وتم تقطيعهم أشلاء وسحبهم من أحضان أمهاتهم، صور لم تنقل عبر وسائل الإعلام الجديد بالصوت والصورة ليرى العالم حجم المأساة الدموية وتتحرك ضمائرهم.
ومن أبشع الإنتهاكات التي وقعت على أرض كربلاء الحسين ع المليئة بما يصنف بالجريمة الانسانية الوحشية حيث قتل أبناء وأحفاد خاتم الأنبياء الرسول محمد ص بل تم فصل رؤسهم عن أجسادهم وتم حرق مخيم بنات الرسول وأخذهن سبايا من بلد إلى بلد!!.
الأبشع فيها كان مقتل عبدالله الرضيع «علي الأصغر» إبن الامام الحسين، فبعد أن تم قتل أصحاب وأقرباء وأخوة وأبناء الحسين ولم يبق له أي ناصر ولا معين، جاءت إليه أخته السيدة زينب عبالطفل الرضيع وهو مدلوع اللسان في حالة يرثى لها بسبب الجوع والعطش، بعد ثلاثة أيام من منع الماء عن مخيم الحسين، أي أن الرباب أم الرضيع ثلاثة أيام لم تشرب الماء وقد جف صدرها من اللبن، أخذ الامام الحسين طفله الرضيع طالبا من الجيش الأموي بقيادة عمر إبن سعد شربة من الماء للطفل فقط، وقد وضح الإمام الحسين للقوم أن هذا طفل صغير وليس له دخل بالحرب - أي أن الحسين حاول تذكير هؤلاء الأعداء بالبعد الانساني وبحقوق الطفولة - ولم يتأخر جواب القوم كثيرا حيث جاء الرد بشكل سريع جدا عبر قتل الرضيع وهو على صدر والده بسهم ذبحه بل نحره من الوريد الى الوريد أي قطع رأسه عن الجسد عبر إستهداف رقبته الرقيقة الناعمة البراقة، ومن شدة ألم وحرارة السهم رفرف الطفل بيديه وهو على صدر والده المفجوع وكأنه يطير الى عالم الإله العادل ليقدم شكوته ومظلوميته، والدماء البريئة تنزف منه!!.
بأي ذنب يحرم هذا الطفل الرضيع البريء من الماء ومن الحياة كي يقتل وهو عطشان وتنتهك طفولته؟!.
هذا الطفل الرضيع المحروم من الماء والحياة هو حفيد سيد البشرية ورحمة العالمين وخاتم النبيين سيدنا محمد رسول الله ص؟
إن تلك العملية صورة بشعة ومأسوية لإنتهاك الطفولة في يوم عاشوراء، وهذه الحادثة المؤلمة تستحق الإهتمام وتخصيص برامج خاصة لها خلال أيام إحياء عاشوراء، لتكون مناسبة للدفاع عن حقوق الطفولة في عالمنا المليئ بالصور المرعبة بقتل وإنتهاك الطفولة، كما يحدث في فلسطين ولبنان على يد العدو الإسرائيلي وكما يحدث في العديد من البلاد العربية والاسلامية على أيدي الأنظمة الحاكمة الظالمة الفاسدة ومنها البحرين حيث تنتهك الطفولة عبر إستهداف الأمهات بإعتقالهن وسجنهن وتعذيبهن و«..» وقتلهن وفصلهن عن أطفالهن، أو عبر قتل الأطفال مباشرة بالرصاص أو بالدهس أو بالغازات السامة!!. في ظل صمت العالم!!.
على الأحرار والشرفاء وأصحاب الضمائر الحية والنشطاء والعاملين في مجال حقوق الانسان والدفاع عن حقوق الطفولة، المساهمة والمشاركة لإحياء يوم الطفولة في أول جمعة من أيام عاشوراء، شهر محرم الحرام والتي يطلق عليها باليوم العالي للطفل الرضيع ع أو يوم الرضيع العالمي، بحضور الأمهات والنساء والأطفال الرضع للإستفادة من أجواء شهر محرم العاطفية الحزينة ومن أهداف ثورة عاشوراء الحرية والعزة والكرامة والإباء والثورة ضد الظلم والطغيان والفساد، والإستفادة من الحضور والتفاعل الكبير في تلك المناسبة العالمية للثورة الحسينية الخالدة لتسليط الأضواء على الطفولة وحقوقها.
الطفولة مرحلة البراءة والنقاء والصفاء، وهي إحدى المراحل التي يمر عبرها كل إنسان، وهي مرحلة مهمة ينبغي الإهتمام والرعاية والعناية بها، فالطفولة أمانة في عنق كل أب وأم ومسؤول ومن لديه ضمير إنساني ينبض بالحب للإنسان، فمن حق الطفل في هذا السن مهما كان دينه ومذهبه وعرقه أن يحصل على الرعاية والحماية الغذاء والدواء والتعليم، فأطفالنا أكبادنا تمشي على الأرض.
السلام على الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى إبنه حفيد رسول الله محمد ص عبد الله الرضيع ع المقتول وهو عطشان ولم يبلغ من العمر إلا ستة أشهر بسهم مثلث ذي ثلاث شعب صوبه له عدو الله ورسوله والانسانية والطفولة حرملة بن كاهل الأسدي في نحره الشريف وذبحه من الوريد إلى الوريد وهو في حجر أبيه، والسلام على إخوة الحسين وأصحاب الحسين، والسلام على من إتبع منهج الحسين ع في الإصلاح وتحرير الناس من عبودية الذل والإستبداد.
أين حظ الأنثى من العَشَرة؟
بدر شبيب الشبيب
بكل ثقة أقول: لو أُعطِيَت الأنثى في مجتمعنا نصف حصة الذكر من الاهتمام، كما هو حظها في آية الإرث، لتغير حال مجتمعنا بشكل إيجابي أضعافا مضاعفة، غير أن الواقع كما نشهده يعاني من مرض تصلب الشرايين بسبب ارتفاع نسبة الكوليسترول الذكوري في دمه.
كم هو نصيب الأنثى في الأندية الأدبية والجمعيات والمنتديات والملتقيات الثقافية والأنشطة الاجتماعية المختلفة حضورا ومشاركة؟
كم هي نسبة المؤسسات النسوية إلى أختها الرجالية؟ كم وكم، والقائمة تطول؟!
من الأمور التي تسترعي انتباهي في الأيام العشرة الأولى من المحرم - والتي تعتبر موسما دينيا وثقافيا واجتماعيا كبيرا في منطقتنا، حيث مراسم إحياء ذكرى عاشوراء الإمام الحسين ع - هو قلة التركيز على دور المرأة وإسهامها الإيجابي في هذا الحدث. فلم يتم مثلا تخصيص يوم من الأيام العشرة للحديث عن الشخصيات النسائية الفاعلة التي شاركت في نصرة الإمام الحسين ع بمواقف مختلفة.
وكان على رأس تلك الشخصيات عقيلة الطالبيين زينب بنت علي بن أبي طالب ع التي تحملت من الأعباء والآلام ما لا يستطيع حمله الأشداء من الرجال، وقامت بمهامها قبل المعركة وفي أثنائها وبعدها خير قيام. والحديث حول ذلك يحتاج لأكثر من مقال.
لقد قامت العديد من النساء بأدوار تفوقن فيها على الرجال بجدارة، بل كشفن فيها عورات أشباه الرجال، كما فعلت مارية بنت منقذ العبدية التي كان منزلها في البصرة « مألفا لشيعة أهل البيت يتحدثون فيه في ما يهمهم من أمور دينية وغيرها» كما يقول الشيخ فوزي آل سيف في كتابه «نساء حول الرسول وأهل البيت»، وكان ستة من أنصار الإمام الحسين عمن خريجي ذلك المجلس. بينما نرى في الجانب الآخر، سقوط ثلاثة من إخوتها الذكور في الاختبار سقوطا مدويا، وهم رضي ورجاء ومرة بن منقذ، حيث كانوا في المعسكر الآخر ضد الحسين.
من النساء اللاتي لعبن دورا رائدا قبل المعركة هي أم القاسم زوجة حبيب بن مظاهر الأسدي. فعندما كان الإمام الحسين ع يسير من مكة إلى الكوفة كتب كتابا إلى حبيب، يقول فيه: من الحسين بن علي بن أبي طالب ع إلى الرجل الفقيه حبيب بن مظاهر، أمّا بعد يا حبيب، فأنت تعلم قرابتنا من رسول اللهص وأنت أعرف بنا من غيرك، وأنت ذو شيمة وغيرة، فلا تبخل علينا بنفسك، يجازيك جدّي رسول اللهص يوم القيامة.
يضيف التاريخ: ثم أرسله إلى حبيب، وكان حبيب جالساً مع زوجته، وبين أيديهما طعام يأكلان، إذ غصَّت زوجته فقالت: الله أكبر يا حبيب! الساعة يرد علينا كتاب كريم من رجل كريم، فبينما هم في الكلام وإذا بطارق يطرق الباب، فخرج إليه حبيب وقال: من الطارق؟ قال: أنا رسول الحسين ع إليك، فقال حبيب: الله أكبر! صدقت الحرَّة بما قالت، ثم ناوله الكتاب، ففضَّه وقرأه، فسألته زوجته عن الخبر فأخبرها فبكت وقالت: بالله عليك يا حبيب لا تُقصّر عن نصرة ابن بنت رسول الله ص.
في المقابل كان موقف بني عمه سلبيا حيث حاولوا منعه من الخروج لنصرة الحسين ع .
ومنهن أيضا دلهم بنت عمرو زوجة زهير بن القين التي حثت زوجها على اتخاذ القرار الحكيم الأصوب، مقدمة عقلها على عاطفتها، قائلة له: خار الله لك يا زهير. أسألك أن تذكرني في القيامة عند جد الحسين.
ومنهن كما ذكرنا في مقال مستقل «طوعة» التي آوت سفير الحسين إلى الكوفة مسلم بن عقيل بعد أن تخلى عنه رجالها، فسجلت موقفها البطولي ناصعا في صفحات التاريخ؛ وكذلك أم وهب التي استشهدت في طف كربلاء بعد مصرع زوجها عبد الله بن عمير الكلبي الذي شجعته على نيل الشهادة.
ومنهن بل في مقدمتهن نساء أهل البيت اللاتي أبلين البلاء الحسن بعد المعركة، وكان لهن الدور الأكبر في نشر ظلامة الحسين وفضح أعدائه.
إننا نحتاج في هذا العصر بالذات لتسليط الضوء على النهضة الحسينية بكافة أبعادها المشرقة، وأن نقدمها للعالم أجمع في صورتها الأبهى التي احتضنت الإنسان والإنسانية.