عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية kumait
kumait
عضو برونزي
رقم العضوية : 65773
الإنتساب : May 2011
المشاركات : 452
بمعدل : 0.09 يوميا

kumait غير متصل

 عرض البوم صور kumait

  مشاركة رقم : 5  
كاتب الموضوع : kumait المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي خطاب إلى يزيد - بدر شاكر السياب
قديم بتاريخ : 19-11-2012 الساعة : 01:44 AM


خطاب إلى يزيد - بدر شاكر السياب

ارمِ السماءَ بنظـــرةِ استهـــــزاءِ
واجعلْ شرابَكَ من دم الأشــلاءِ

واسحق بظلك كلَّ عرضٍ ناصع
وأَبحْ لنعلك أعظْمَ الضعفـــــــاء

واملأ سراجك إن تقضَّى زيتـــه
مـــمـــا تدر نـــواضبُ الأثــداء

واخلع عليه كما تشـــاء ذبالــــةً
هدب الرضيـع وحلمة الـعـذراء

واسدر بغيِّكَ يايزيد فقد ثـــــوى
عنك (الحسين) ممزَّقَ الأحشـاء

والليل أظلَمَ والقطيع كمــا ترى:
يرنو اليــــك بأعيـنٍ بلهـــــــــاء

أحنى لسوطِكَ شاحبـاتِ ظهوره
-شأن الذليلِ- ودبَّ في استرخاء

وإذا اشتكى فَمَنِ المغيثُ؟ وان غفا
أين المهـيب به إلى العليــــــاء؟!

مثلتُ غدرَكَ.. فاقشعــــر لهولــه
قلبي وثارَ, وزلزلتْ أعضــائي

واستقطرتْ عيني الدموعَ ورنقتُ
فيها بقايــــــا دمعـــةٍ خرســــاء

يطفو ويرسبُ في خيالي دونـــها
ظلٌ أدقُّ من الجنـــاح النــــائي

حيرانُ في قعر الجحيمِ معـــــلقٌ
ما بين أَلسنة اللظى الحمـــراء!

أبصرتُ ظلَّك يا (يزيد) يرجُّـــه
موجُ اللهيــب وعاصفُ الأنواء

رأس تكلَّلَ بالخنا, واعتاض عن
ذاك النضار بحــــــيَّةٍ رقطـــاء

ويدانِ موثقتانِ بالســـــوط الذي
قد كان يعبثُ أمسِ بالأحيــــاء!

قم واسمعِ اسْمَكَ وهو يغدو سُبَّةً
وانظر لمجدك وهو محضُ هباء

وانظر إلى الأجيال يأخذُ مقبِلٌ
عن ذاهبٍ ذكرى أبي الشهـــداء

كالمشعل الوهَّاج- إلا إنهــــــا
نور الإِلـــه يجلُّ عن إطفـــــــاء

عصفتْ بيَ الذكرى, فألقتْ ظلَه
في ناظريَّ, كواكبُ الصحــراء

مبهورةَ الأضواء يغشَى ومضَها
أشباحُ ركبٍ لجًّ في الأســــــراء

أضفَى عليه الليلُ ستراً حِيكَ من
عَرفِ الجنان ومن ظـلالِ حِراء

أسرى ونام.. وليس إلا همســـة
باسمِ (الحسينِ) وجهشة استبكاء

تلك (ابنةُ الزهراء) وَلْهَى راعها
حلم ألمَّ بهـــــــا مع الظلمـــــــاء

تُنبي أخاها وهي تخـــفي وجهها
ذعراً, وتلوي الجيد من إعيــــاء

عن ذلك السهل الملَبَّدِ يرتـــــمي
في الأفق مثل الغيمـــة الســوداء

يكتظ بالأشباح ظمأى حشرجتْ
ثم اشرأبتْ في انتــــظار المـــاء

مفــــغورة الأفـــواه- إلا جثــــة
من غير رأسٍ لطخـــتْ بدمــــاء

زحفتْ إلى مـــاءٍ تراءَى, ثم لم
تبلغه- وانكفأتْ على الحصبــــاء

غِير (الحسين) تصده عما انتوى
رؤيا.. فكُفِّي يا ابنةَ الزهــــــراء

من للضعاف إذا استغاثوا والتظت
عينا (يزيدَ) سوى فتى الهيجــاء؟

بأبي عطاشى لاغبين, ورضَّعاً
صفرَ الشفاهِ حمائصَ الأحشــاء

أيد تمد إلى السماء, وأعيـــــن
ترنو إلى الماء القريــب النــائي

طامٍ, أحلَّ لكلِّ صــــادٍ وِرْدَه:
من سائبٍ يعوي ومن رقطـــاء

عزَّ الحسين وجلَّ عن أن يشتري
رِيَّ الغليلِ بخطـــةٍ نكـــــــراء

آلَى يموتُ ولايــــوالي مـــارقا
جمَّ الخطايا, طائشَ الأهــــواء

فليصرعوه كما أرادوا.. إنمـــا
مـــا ذنبُ أطفالٍ وذنبُ نســـاء

عاجتْ بيَ الذكرى عليها ساعةً
مرَّ الزمانُ بها على استحيـــاء

خفقتْ لتكشفَ عن رضيعٍ ناحلٍ
ذبلتْ مراشفـــه, ذبولَ خبـــاء

ظمآنَ بين يديْ أبيــــه كأنـــــه
فرخُ القطاةِ يدفُّ في نكبـــــاء

لاح الفرات له فأجهشَ باسطـاً
يمنـــاه نحو اللجَّةِ الزرقـــــاء

واستشفع الاب حابسيه على الصدى
بالطفل يومئ باليد البيضــــاء

رجى الرواه فكان سهماً خَزَّ في
نحر الرضيعِ وضحكةِ استهزاء

فاهتز واختلجَ اختلاجةَ طــــائر
ظمآن رفَّ ومات قرب المــاء

ذكرى ألمَّتْ, فاقشعر لهولهــــا
قلبي وثارَ, وزلزلت أعضـائي

واستقطرتْ عيني الدموع ورنقت
فيها بقايا دمعةٍ خرســــــــاء

يطفو ويرسب في خيالي دونهـــا
ظلٌّ أدقُّ من الجناحِ النـــائي

حيران في قعر الجحيمِ معلَّــــــقٌّ
ما بين ألسنةِ اللظى الحمراء


توقيع : kumait


يحتاج الإنسان إلى سنتين ليتعلم الكلام وخمسين ليتعلم الصمت
إرنست همنغواي
من مواضيع : kumait 0 تأملات في فتوى جهاد النكاح
0 وجه واحد!
0 هل الهاتف المحمول كان موجودا عام 1938؟
0 الاعلام العربي و أشكالية الضمير..
0 الأرض تستعد لمواجهة «عاصفة شمسية مدمرة»
رد مع اقتباس