مسألة 1005 : إذا أكره الصائم على الأكل أو الشرب أو الجماع فأفطر به بطل صومه وكذا إذا كان لتقية سواء كانت التقية في ترك الصوم كما إذا أفطر في عيدهم تقية أم كانت في أداء الصوم كالافطار قبل الغروب ، فإنه يجب الافطار حينئذ ولكن يجب القضاء ، وأما لو أكره على الافطار بغير الثلاثة المتقدمة أو أتى به تقية ففي بطلان صومه اشكال ، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط بالاتمام والقضاء .
--------------------------------
إذا أُكره الصائم وأُجبر على فعل المفطر ، فهذا الإكراه يتصور على نحوين :
النحو الأول / أن يكون وقوع المفطر بلا عمد منه ولا اختيار ، بحيث لا يصدر المفطر عن حركة إرادية منه ولا يفعله بنفسه بل يكون مقهوراً عليه ، كالموجر في حلقه أي الذي يصب الماء في حلقه رغماً عنه ، ولا خلاف في أن هذا معذور وصومه صحيح لأنا اشترطنا في بطلان الصوم وقوع المفطر عن عمد واختيار وهذا غير عامد ولا مختار إذ لم يصدر المفطر منه أصلاً حتى يكون كذلك .
النحو الثاني / أن يكون وقع المفطر بفعله مباشرة وباختياره ، غاية الأمر أنه مكره على ذلك وأن فعله المفطر ليس عن طيب نفسه ، كمن هدّده غيرُه وتوعّده بالمكروه والضرر إن لم يفطر ، فأفطر دفعاً للضرر وتخلصاً من المكروه ، وكلام الماتن في هذا النحو الثاني من الإكراه
والمعروف في هذا النحو من الإكراه بطلان الصوم في جميع المفطرات لأن فعل المفطر صدر عن عمد واختيار وقلنا في المسألة السابقة أن فعل المفطر مع العمد والاختيار يبطل الصوم ، وهنا نقول بلا فرق بين أن يكون ذلك عن طيب نفس ورغبة في فعل المفطر أو عن إكراه ودفعاً للضرر المتوعد به ، فالمهم أنه فعل المفطر عن اختيار أياً كان الدافع لارتكابه ، نعم هو معذور فعليه القضاء فقط دون الكفارة .
وفي مقابل هذا القول المعروف ببطلان الصوم بفعل المفطر عن إكراه أياً كان المفطر ، فصل الماتن والسيد الصدر بين الأكل والشرب والجماع فمن أكره على واحد منها ففعل فلا شك في بطلان صومه وعليه القضاء وبين باقي المفطرات فجزم السيد الصدر بعدم البطلان وأما الماتن فاستشكل وتردد في بطلان الصوم بفعلها عن إكراه ، فمن أكره على الكذب على الله او المعصومين ففعل فهل يبطل صومه أو لا ؟ على رأي السيد الصدر لا يبطل ، وعلى رأي الماتن فيه إشكال ، فيحتمل البطلان لأجل صدوره عن اختيار ، ويحتمل عدم البطلان لمكان الإكراه فحينئذٍ الاحتياط الوجوبي يقتضي إتمام الصوم لاحتمال الصحة وبعد ذلك القضاء لاحتمال البطلان .
« حكم الإفطار لتقية »
إذا أفطر لتقية كما إذا أفطر في آخر يوم من شهر رمضان مجاراةً لحكم غيرنا بأنه يوم العيد وأول شوال ، أو أفطر في أحد أيام رمضان تقية بمجرد سقوط قرص الشمس الذي هو الغروب برأي غيرنا ولم ينتظر حتى زوال الحمرة المشرقية الذي هو وقت الغروب عندنا (1) ، فهل يبطل صومه كالمكره أم صومه صحيح لأجل التقية ؟
المعروف بطلان الصوم لأنه من فِعل المفطر عن عمد واختيار ، وكل من فعل المفطر عن عمد واختيار بطل صومه وإن كان لتقية ، فالإفطار لتقية حكمه حكم الإفطار عن إكراه ، وعليه فيأتي الخلاف المتقدم في الإكراه بين الماتن والسيد الصدر وبين غيرهما هنا أيضاً ، فالمعروف بطلان الصوم بالإفطار لتقية أياً كان المفطر الذي فعله ، بينما خص الماتن والسيد الصدر بطلان الصوم إن أفطر بالأكل او الشرب او الجماع لتقية أما إذا أفطر بغير ذلك كما إذا تعمد القيء لتقية ففي بطلان صومه على رأي الماتن إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط بالاتمام والقضاء ، وعلى رأي السيد الصدر لا يبطل الصوم حينئذٍ .
.
.
___________________________________
(1) لا خلاف بين المسلمين في أن الصوم ينتهي بالغروب الذي هو موعد صلاة المغرب ، ولكن متى يتحقق الغروب ؟ رأي غير الإمامية أنه يتحقق باستتار قرص الشمس ووافقهم قليل من علمائنا ، والمعروف والمشهور عند الإمامية - ولو من باب الاحتياط الوجوبي - أنه يتحقق بذهاب الحمرة المشرقية وهي ضوء الشمس الذي يبقى في المشرق بعد استتار القرص ، والحمرة المشرقية تكون متأخرة عن استتار القرص باثنتي عشرة دقيقة تقريباً ، ويسمون ذهاب الحمرة المشرقية بالغروب الشرعي واستتار القرص بالغروب العرفي . وهناك حمرة أخرى تسمى بالحمرة المغربية وهي ضوء الشمس بعد استتار قرصه في جهة المغرب وتسمى بالشفق وتكون متأخرة عن استتار قرص الشمس بساعة تقريباً ، فأولاً يستتر قرص الشمس ثم بعد اثنتي عشرة دقيقة تقريباً يغيب ضوؤها من جهة المشرق المسمى بالحمرة المشرقية ثم بعد ساعة تقريباً من استتار قرص الشمس يغيب ضوؤها من جهة المغرب المسمى بالحمرة المغربية أو الشفق . هذا كله في غروب الشمس وهناك حمرة مشرقية أخرى تكون عند شروق الشمس وتكون سابقة على ظهور القرص لا متأخرة عنه كما في الغروب ، فهي عبارة عن ضوء الشمس الذي يظهر من جهة المشرق قبل ظهور القرص .