|
شيعي علوي
|
رقم العضوية : 64699
|
الإنتساب : Mar 2011
|
المشاركات : 4,121
|
بمعدل : 0.81 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الروح الفاطمية
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 11-06-2012 الساعة : 10:07 AM
جود الإمام الكاظم ( عليه السلام ) وإغاثته للملهوفين كان الإمام الكاظم ( عليه السلام ) من أندى الناس كَفاً ، ومن أكثرهم عطاء للبائسين والمحرومين .
ومن الجدير بالذكر أنه ( عليه السلام ) كان يتطلّب الكتمان وعدم ذيوع ما يعطيه ، مبتغياً بذلك الأجر عند الله تعالى .
ويقول الرواة : أنه ( عليه السلام ) كان يخرج في غَلَسِ الليل البهيم ، فيوصل البؤساء والضعفاء وهم لا يعلمون من أي جهة تَصِلهم هذه المَبَرّة .
وكانت صلاته لهم تتراوح ما بين المائتين دينار إلى الأربعمائة دينار ، وكان أهله يقولون : عَجَباً لمن جاءته صرار موسى ( عليه السلام ) وهو يشتكي القلة والفقر .
وقد حفلت كتب التاريخ ببوادر كثيرة من الحاجة والسؤال ، ويجمع المترجمون له أنه ( عليه السلام ) كان يرى أنّ أحسَنَ صرفٍ للمال هو ما يَردّ به جوعُ جائع أو يكسو به عارياً .
إغاثته ( عليه السلام ) للملهوفين :
ومن أبرز ذاتيّات الإمام الكاظم ( عليه السلام ) إغاثته للملهوفين وإنقاذهم مما أَلَمّ بهم من مِحَن الأيام وخطوبها ، وكانت هذه الظاهرة من أحبّ الأمور إليه .
وقد أفتى شيعته بجواز الدخول في حكومة هارون بشرط الإحسان إلى الناس ، وقد شاعت عنه هذه الفتوى : ( كَفّارَةُ عَمَل السّلطان الإحسان إلى الإخوان ) .
ويقول الرواة : إن شخصاً من أهالي الري كانت عليه أموال طائلة لحكومة الري ، وقد عَجز عن تَسديدها ، وخاف من الحكومة أن تصادر أمواله ، وتُنزِل به العقوبة الصارمة .
فسأل عن الحاكم فأخبروه أنه من شيعة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، فسافر إلى المدينة .
فلما انتهى إليها تَشرّف بمقابلة الإمام ( عليه السلام ) وشكا إليه حالَه وَضِيقَ مجالِه .
فاستجاب ( عليه السلام ) بالوقت له ، وكتب إلى حاكم الري رسالة جاء فيها بعد البسملة :
( اِعلَم أن لله تحت عرشه ظِلالاً يسكنه إلا من أسدَى إلى أخيه معروفاً ، أو نَفّس عنه كُربة ، أو أدخل على قلبه سروراً ، وهذا أخوك والسلام ) .
وأخذ الرسالة ، وبعد أدائه لفريضة الحج اتجهَ صَوبَ وطنه ، فلما انتهى إليه مضى إلى الحاكم ليلاً ، فطرق باب بيته ، فخرج غلامه فقال له : من أنت ؟
فقال : رسولُ الصابر موسى بن جعفر ( عليهما السلام ) .
فَهرع إلى مولاه فأخبره بذلك ، فخرج حافي القدمين مستقبلاً له ، فعانقه وَقبَّل ما بين عَينيه ، وطفق يسأله بلهفة عن حال الإمام ( عليه السلام ) وهو يجيبه .
ثم ناوله رسالة الإمام ( عليه السلام ) ، فأخذها بإكبارٍ وقَبّلَها ، فلما قرأها استدعى بأمواله وثيابه فقاسمه في جميعها ، وأعطاه قيمة ما لا يَقبلُ القسمة ، وهو يقول له : يا أخي ، هل سَرَرتُك ؟
وسارع الرجل قائلاً : أي والله ، وزدتَ على ذلك .
ثم استدعى الحاكم السجِل ، فَشَطب على جميع الديون التي على الرجل وأعطاه براءة منها .
فخرج وقد غَمَرَتْهُ موجات من الفرح والسرور ، ورأى أن يجازي إحسانه بإحسان ، فيمضي إلى بيت الله الحرام ويدعوا له ، ويخبر الإمام ( عليه السلام ) بما أسداه عليه من المعروف .
ولما أقبل مَوسم الحج سافر إلى بيت الله الحرام ، ولما انتهى إليه دعا للرجل بإخلاص ، وأخبر الإمام ( عليه السلام ) بما أسداه حاكم الري من الإحسان إليه .
فَسُرَّ الإمام ( عليه السلام ) بذلك سروراً بالغاً ، والتفت إليه الرجل قائلاً : يا مولاي ، هل سَرَّكَ ذلك ؟
فقال الإمام ( عليه السلام ) :
( أي والله ، لقد سَرَّني ، وسَرَّ أمير المؤمنين ، والله لقد سَرَّ جَدي رسول الله ، ولقد سر الله تعالى ) .
سجن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ومحاولة اغتياله ألقى أزلام الخليفة القبض على الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، وأرسلوه مُقيداً إلى البصرة ، وقد وَكّل حسان السري بحراسته ، والمحافظة عليه .
وفي الطريق التقى به عبد الله بن مرحوم الأزدي ، فدفع له الإمام ( عليه السلام ) كُتُباً ، وأمره بإيصالها إلى ولي عهده الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، وعَرّفه بأنه ( عليه السلام ) الإمام من بعده .
وسارت القافلة تطوي البيداء ، حتى انتهت إلى البصرة – وذلك قبل التروية بيوم – .
فسلَّم حسّانُ الإمامَ ( عليه السلام ) إلى عيسى بن جعفر ، فحبسه في بيت من بيوت المحبس ، وأقفل عليه أبواب السجن .
وكان عيسى لا يفتحها إلا في حالتين ، إحداهما خروجه ( عليه السلام ) إلى الطهور ، والأخرى لإدخال الطعام إليه ( عليه السلام ) .
وأقبل الإمام ( عليه السلام ) على العبادة والطاعة ، فكان يصوم في النهار ويقوم في الليل ، ويقضي عامة وقته في الصلاة ، والسجود ، والدعاء ، وقراءة القرآن .
واعتبرَ تَفرّغَه للعبادة من نِعَم الله تعالى عليه ، فكما يقول ( عليه السلام ) :
( اللَّهم إنك تعلمُ أني كنتُ أسألك أن تُفرِّغَني لعبادتك ، اللَّهُم وقد فعلتَ ، فَلَكَ الحمدُ ) .
الإيعاز لعيسى باغتياله :
وأوعز هارون الرشيد إلى عيسى بن جعفر عامِلهُ على البصرة باغتيال الإمام ( عليه السلام ) ، وثقل الأمر على عيسى .
فاستشار خَوَاصّه بذلك ، فمنعوه وخَوّفوه من عاقبة الأمر ، فاستجابَ لهم ، ورفع رسالة إلى هارون ، جاء فيها :
( يا أمير المؤمنين ، كُتِب إليّ في هذا الرجل ، وقد اختبرتُه طولَ مَقامِه بِمَن حبستُهُ مَعه عَيْناً عليه ، لينظروا حيلته وأمره وطويته ، ممن له المعرفة والدراية ، ويجري من الإنسان مجرى الدم .
فلم يكن منه سُوءٌ قط ، ولم يذكر أمير المؤمنين إلا بخير ، ولم يكن عنده تَطلّع إلى ولدية ، ولا خروج ، ولا شيء من أمر الدنيا .
ولا دعا قط على أمير المؤمنين ، ولا على أحد من الناس ، ولا يدعو إلا بالمغفرة والرحمة له ولجميع المسلمين من ملازمته للصيام والصلاة والعبادة ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يعفيني من أمره ، أو ينفّذ من يتسلّمه مِني ، وإلا سَرّحت سبيله ، فإني منه في غاية الحرج ) .
ودلت هذه الرسالة على خوف عيسى من الإقدام على اغتيال الإمام ( عليه السلام ) ، وقد بقي في سجنه سنة كاملة .
سجنه في بغداد :
واستجاب الرشيد لطلب عامله عيسى ، فأمره بحمل الإمام ( عليه السلام ) إلى بغداد ، فَحُمِل إليها تحفّ به الشرطة والحرس .
ولما انتهى إليها أمر الرشيد بحبسه ( عليه السلام ) عند الفضل بن الربيع ، فأخذ الفضل وحبسه في بيته ، ولم يحبسه في السجون العامة ، وذلك لسمو مكانة الإمام ( عليه السلام ) ، وعظم شخصيته ، فخاف من حدوث الفتنة واضطراب الرأي العام .
واقبل الإمام ( عليه السلام ) على العبادة والطاعة ، وقد بهر الفضل بعبادته ، فقد روى عبد الله القزويني قال : دخلتُ على الفضل بن الربيع ، وهو جالس على سطح داره فقال لي : أُدنُ مني .
فَدنوتُ حتى حَاذَيتُه ، ثم قال لي : اشرفْ على الدار .
فأشرفتُ على الدار ، فقال لي الفضل : ما ترى في البيت ؟
فقلت : أرى ثوباً مطروحاً .
فقال الفضل : انظر حسناً .
فتأملت ونظرتُ مليّاً فقلتُ : رجل ساجد .
فقال الفضل : هل تعرفه ؟
فقلتُ : لا .
فقال : هذا مولاك .
فقلت : من مولاي ؟
فقال : تتجاهلُ عَلَيّ ؟
فقلت : ما أتجاهل ، ولكن لا أعرف لي مولى .
فقال : هذا أبو الحسن موسى بن جعفر .
وكان عبد الله ممن يدين بإمامته ( عليه السلام ) .
وأخذ الفضل يحدثني عن عبادته قائلاً : إني أَتَفَقّده الليل والنهار ، فلم أجده في وقت من الأوقات إلا على الحال التي أُخبِرُك بها : إنه يصلي الفجر ، فَيُعقب ساعة في دبر صلاته إلى أن تطلع الشمس ، ثم يسجد سجدة فلا يزال ساجداً حتى تزول الشمس .
وقد وكّل من يترصد له الزوال ، فلستُ أدري متى يقول الغلام : قد زالت الشمس ، إذ يَثِبُ فيبتدئ بالصلاة من غير أن يجدد الوضوء ، فاعلم أنه لم يَنَم في سجوده ولا أغفى .
فلا يزال كذلك إلى أن يفرغ من صلاة العصر ، فإذا صلى العصر سَجَد سجدة فلا يزال في صلاته وتعقيبه إلى أن يصلي العتمة .
فإذا صلى العتمة افطر على شِوىً يُؤتَى به ، ثم يجدد الوضوء ثم يسجد ، ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة .
ثم يقوم فَيُجدد الوضوء ثم يقوم ، فلا يزال يصلي حتى يطلع الفجر ، فلستُ أدري متى يقول الغلام : إن الفجر قد طلع ، إذ قد وَثِبَ هو لصلاة الفجر .
فهذا دأبه منذُ حَولٍ لي .
فهكذا كان الإمام ( عليه السلام ) ، قد طبع على قلبه حُبّ الله تعالى ، وهام بعبادته وطاعته .
ولما رأى عبد الله الفضل للإمام حَذّره من أن يستجيب لهارون باغتياله قائلاً له :
اتّقِ الله ، ولا تُحدث في أمرِهِ حَدَثاً يكون منه زوال النعمة ، فقد تعلم أنه لم يفعل أحدٌ سوءاً إلا كانت نعمتُهُ زائلة .
فانبرى الفضل يؤيد ما قاله عبد الله قائلاً : قد أرسلوا إِليّ غير مَرّة يأمرونني بقتله ( عليه السلام ) فلم أُجِبهِم إلى ذلك .
فقد خاف الفضلُ من نقمة الله وعذابه في الدنيا والآخرة إن اغتال الإمام ( عليه السلام ) ، وأعرض عن ذلك .
|
|
|
|
|