|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 14260
|
الإنتساب : Dec 2007
|
المشاركات : 1,024
|
بمعدل : 0.16 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
أبو حيدر11
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 21-04-2012 الساعة : 05:55 PM
يلوموننا لأننا - حسب دعواهم - ننبش تاريخا قد مضى! يلوموننا لأننا - بزعمهم - نخلق فتنة لا حاجة لنابها! يلوموننا لأننا - في منطقهم - نستحضر قضايا عفا عنها الزمن لنؤجج بها نار الشقاق! يتهموننا ويرشقوننا بوابل من السهام بدعوى أننا نمزق وحدة الأمة!
كل هذا لأننا أبينا أن نسكت على تلك الجرائم التي ارتكبت بحق الزهراء صلوات الله وسلامه عليها ولم نتناساها، وأبينا إلا أن نكشف مظلومية البتول وندافع عن حقها ونفضح أعداءها، أعداء الله ورسوله. وصرنا بذلك؛ مثيري الفتن ومؤججي نار التعصب وممزقي شمل الأمة!
فليكن! فإنما موقفنا يستتبع موقف الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، التي كانت في نظر الزمرة الحاكمة الظالمة، مصدر شق عصا الطاعة والتأليب على خرق الجماعة؟
إن الزهراء صلوات الله وسلامه عليها؛ بمواقفها الشجاعة وكلماتها الإبائية؛ ترد على هؤلاء الذين يزعقون اليوم، ويرموننا بصنوف التهم. إنها رفضت التنازل عن حق أو إلغاء مبدأ في سبيل وحدة وهمية، كان يمكن لها أن تسكت وترضى، وكان يمكن لبعلها أن يبايع ويقبل، حرصا على (الوحدة) التي تشدق بها أهل السقيفة كما يتشدق بها الجهلاء هذه الأيام. إلا أنهما صلوات الله عليهما سجلا درسا علّم الأجيال أن الوحدة لا تعني الرضوخ للظلم، أو السكوت عن الحق، أو إمضاء الباطل، أو القبول بالأمر الواقع. فما هذه بوحدة حقيقية، إنما هي وحدة وهمية هلامية بنيت على أرضية هشة، هي أرضية المصالح الدنيئة.
نحن نتساءل: هذا الزخم الهائل من النصوص، الواردة عن أهل بيت الوحي والعصمة صلوات الله عليهم في التبرؤ من الظالمين ولعنهما، ألا يدلل على حقيقة ما؟! ألا يكشف عن أن الله تعالى بنص المعصوم، يدعونا لأن نفضح هذين وننال منهما لما ارتكباه بحق الزهراء والعترة؟! أليس الله أعرف بمصلحة الأمة منا؟! ولو كان في السكوت والتغاضي والتواري مصلحة لكان قد قررها الشارع المقدس، ولكن الشارع أمرنا بأن نستمر في منهجية التبري، الذي هو ركيزة من ركائز الدين، بغيرها لا يستقيم.
إنهم يقولون: هذه قضايا قد انتهت ولا داعي لذكرها الآن! والمطلوب منا أن ننظر إلى المستقبل وأن نحرص على الوحدة مع الفريق الآخر الذي يعتقد بهذين ويجلهما ويقدسهما!
ونحن نقول: إن هذه القضايا لم تنته! فنحن اليوم، بما نعيشه من فرقة، وبما نتجرعه من آلام الظلم والجور من السلاطين والحكام، وبما نراه من مظاهر الفساد والإفساد، إنما جاء على خلفية ذلك اليوم الذي ظلمت فيه الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، واستبيحت حرمتها، وأزيح بعلها عن الخلافة الشرعية، ولو كان كل ذلك لم يقع، لكنا الآن في نعيم، نعيش تحت ظل حكم آل محمد صلى الله عليهم أجمعين، لا جور ولا ظلم ولا استبداد ولا أباطيل ولا تخاريف ولا رجعية ولا جهل!!
إن آثار السقيفة وإسقاطاتها لم تنته، وهي باقية إلى اليوم، وهاهي الأمة تعيش في خبط ومآسي بسببها، ولو أردنا تغيير حالنا فيتوجب علينا أن نقتلع رمزية الانقلابيين من الأذهان، حتى لا تكون هذه الرمزية سببا في استمرار انتهاج المنهج الذي خطوه لنا، والذي تدفع الأمة - بسبب انقيادها له - ثمنا باهظا أوقعها في ما وقعت فيه الآن.
يؤكد سماحة المرجع الديني الأعلى الإمام الشيرازي دام ظله الوارف في كتابه (من فقه الزهراء عليها السلام - الجزء الثالث - المجلد رقم 123 من موسوعة الفقه الكبرى) على ضرورة بيان مظلومية الزهراء وأهل البيت عليهم السلام والنيل من أعدائهم، وهو يرد على من يعتبرون ذلك إشغالا للأمة في الفتنة واستحضارا لأحقاد قد مضت، فيقول حفظه الله: (يجب إحياء ظلامة السيدة الزهراء عليها الصلاة والسلام حتى تكون على مر الأيام غضة طرية لا يعفي عليها الزمن كمصيبة سيد الشهداء عليه الصلاة والسلام.. لا يقال: ذلك تاريخ قد انقضى! لأنه يقال: التاريخ هو الذي يصنع المستقل، والحاضر تاريخ المستقبل، ومن لا تاريخ له لا جذور له، ولذلك ذكر الله تعالى في كتابه الحكيم قصة هابيل وقابيل، وغيرها من القصص. قال سبحانه: (لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب). ولذلك سجلت عليها السلام ظلامتها بقولها: (ونصبر منكم على مثل حز المدى ووخز السنان في الحشا). ولذلك كان (نفس المهموم لنا المغتم لظلمنا تسبيح وهمه لأمرنا عبادة) ولذلك ورد: (من أبكى أو بكى أو تباكى وجبت له الجنة)... فالدعوة إلى إلغاء التاريخ تعد عند العقلاء سفاهة وجهلا إن لم تعد مخططا خبيثا لقطع الأمة عن جذورها ليسهل للمستعمر ابتلاعها... فلماذا نسمع همسات من هنا وأصوات من هنالك تنادي بطمس أهم ملامح التاريخ وأهم منعطف تاريخي وأهم محور في معادلة الصراع الكبرى بين قوى الجاهلية والإيمان، حيث تقول الآية القرآنية الشريفة: (أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)؟!!
ولعل أبلغ رد على هؤلاء الانهزاميين التراجعين، الذين يريدون منا أن نسكت على جرائم الظالمين بحق آل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام، هو ما كتبه سماحة آية الله السيد مرتضى الشيرازي دام ظله في كتابه (في السجن.. كانت مقالات) وهو الكتاب الذي ألفه في زنزانته عندما سجنوه ظلما وعذبوه جورا!!
يقول السيد المرتضى بعد عرضه لعدد من النصوص الواردة عن الأئمة المعصومين عليهم الصلاة والسلام في أهمية وضرورة لعن الجبت والطاغوت وأعداء أهل البيت عليهم السلام: (وربما تعتري الكثيرين حالة حيرة بل تعجب واستغراب، بل ومضات ريب وشك، وربما تطفح على السنة بعضهم تساؤلات، او تنعكس عبر اقلامهم علامات استفهام حقيقي أو استنكاري: أفهل يعقل ذلك؟ أهل يمكن أن يعطي الله لمن يقول كل يوم مرة واحدة: (اللهم العن الجبت والطاغوت)، سبعين ألف حسنة ويمحوعنه سبعين ألف سيئة ويرفع له سبعين ألف درجة؟!
أهل يمكن أن يعطي الله لمن قرأ زيارة عاشوراء: مئة مليون درجة؟ وما معنى ذلك؟
وربما يزيد بعض المتنورين! و(المثقفين)! لماذا (نتعمد) شحن النفوس بـ (العداوة والبغضاء)؟ لماذا نزرع في ضمائر الناس (المحن والحزازات) ثم نسقيها ونغذيها لتنفجر براكين ثائرة وتتحول إلى أعاصيرها مدمرة؟ لماذا لا نحل (الألفه والرأفة والاخوة والمحبة والصفاء) محل كل ذلك؟ لماذا نؤجج أحقادا تاريخية دفينة؟ ولماذا لا (نتحد) ونكون يداً واحدة على جحافل الأعداء، وجيوش الشرك والضلالة، والاستعمار والاستعباد؟ بادئ ذي بدء نقول: هل في ذلك (تأجيج أحقاد تاريخية، وإثارة أحداث بالية هي بمعزل عن حياتنا الراهنة وعن مآسينا الحاضرة)؟ أم انه (تحديد لـ (قادة الأمة) الحقيقيين، وتعريف بـ (الأسوة والقدوة) التي تطبع بصماتها على حياة الأمم على مر الأزمنة والأعصار)؟ هل في ذلك حديث ممل ومكرر عن (أشخاص من التاريخ الغابر، عاشوا فترة زمنية محددة، وما توا بعدها، ومات معهم كال شيء) أم أنه حديث استراتيجي عن (منهج وفكر وسلوك، ومدرسة متكاملة، تجسدت في هذه الشخصية التاريخية أو تلك)؟ هل أولئك الأفراد أضحوا، مجرد أسطورة تاريخية، و(شخصيات محنطة في متاحف التاريخ ومجاهيله)، أم انهم لا يزالون - عبر أقوالهم وسيرتهم - ملء سمع الناس وأبصارهم وعقولهم، يعايشونهم في حياتهم الشخصية والعائلية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها؟! وهل كان القران الكريم مجانبا جادة الصواب - وأعوذ بالله حتى من مجرد التفكير في ذلك - عندما ركز العدسات على (أئمة الضلال) و(أئمة الهدى والرشاد) وعندما صب لعناته الخالدة على فرعون وقارون وهامان والسامري وقوم لوط وقوم هود وقوم صالح وقابيل ونظائرهم من قبل؟ لماذا ذكر الله (أبا لهب) في القرآن الكريم، وهو الكتاب السرمدي الذي جعله الله منارا ومصباحا لكل الشعوب والأمم على مر التاريخ، و (أبو لهب وامرأته) لم يكونا إلا شخصين متحددين بفترة زمنية خاصة ثم أكل دهر عليه وشرب؟! ولماذا نجد القرآن الكريم يسلط الأضواء على قادة وكبراء وسادة معسكري والإيمان الكفر والهدى والضلال على مر التاريخ وبكثافة؟
ولماذا نجده - وهو الوسيط بين الرب والخلق - يقوم بعملية دمج لـ (الأشخاص والمناهج) وبعملية تعريف للمنهج عبر الأشخاص وللأشخاص عبر المناهج والربط بينهما؟ (...) إن (بلورة القيم الإنسانية ومعاني الخير والصلاح) في عقول الناس وأنفسهم وعواطفهم ومشاعرهم وضمائرهم وزوايا حياتهم وجوانبها، يتم ويتكامل عبر التركيز على مشاعل الهداية الذين تجسدت فيهم تلك المثل العليا والمعاني السامية، وان استدراج الناس نحو مهاوي الباطل والضلال يتم عبر تسليط الأضواء على أبطال وهميين أو حقيقيين، تمثلت فيهم معاني الشر والضلال. وان (أسوة صالحة) واحدة تصنع أكثر مما يصنعه ألف كتاب وحكمة وعظة. وان (أنموذجا مثالياً فاضلاً) يقود الأمة أو الأمم نحو مدارج الكمال اكثر من عشرات الدراسات والبحوث والخطب! وكان لذلك أن قرن الله تعالى الرسالة بالرسول، والكتاب بالأنبياء والأوصياء، وكان لابد من (القرآن الناطق) إلى (جوار القرآن الصامت) كما قال مولى الموحدين عليه صلوات المصلين. والعكس بالعكس تماما.. فان (عالما ضالا) و(حاكما جائراً) و(فناناً فاسداً)، يؤثر تأثيره الكبير الكبير وربما على حياة أمم على مر الأعصار... وفي الحديث: (إذا فسد العالِم فسد العالَم). ولذلك نجد في عالم اليوم ذلك السيل الجارف من الإعلام وتلك المليارات المتزايدة أبدأ من الأموال والتي تبذل لـ (صناعة ابطال) و(تحت شخصيات) و(مكيجة وجوه) لتسطع. في أعين جمهور البسطاء. شموسا مضيئة، أو الفن والثقافة، أو حتى (عالم الإنسانية). وبذلك، يسهل علينا تفسير تلك التعبيئة الرهيبة التي يقوم بها الاستعمار الشرقي أوالغربي على مر التاريخ لتسليط مالا يحصى من العدسات والأضواء ولعقد مئات المؤتمرات، ولنصب النصب التذكارية والتماثيل والصور اللامعة حتى على أوراق النقد وطوابع البريد ولكتابة مالا يعد من البحوث والدراسات عن شخصيات من أمثال: جمال عبد الناصر بطل القومية العربية! واتاتورك بطل التقدم والعلمانية! ومحمد رضا بهلوي بطل القفزة الحضارية! ودارون بطل أصالة القرد وحالة البهيمية! ولينين بطل الاشتراكية وحقوق الطبقة الكادحة! ومحمد عبد الوهاب ومحمد علي الباب وكسروي والوردي ونظائرهم. بدرجة! أوباخرى. أبطال المذاهب الضالة والفرق المبتدعة. بل إنهم بدأوا ينحتون للشعوب أبطالا وشخصيات وقدوات من أمثال: هذه المرأة الفاتنة أو ذاك المطرب والموسيقار وغيرهم، من أبطال الأهواء والشهوات والملاهي! إن كل ذلك ما هو إلا عملية (عزل) ذكية وماهرة وحضارية لـ (الشعوب الساذجة الغافلة) عن كل ما يدفعها للتحرر والانطلاق وعن كل ما يشدها للوجه المشرق النقي الروحاني من تاريخها! ولذلك أيضا كان معاوية قد أمر بلعن الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) على سبعين ألف منبر!! ولذلك أيضاَ كان ذلك الحشد الكبير من الأحاديث والروايات والكلمات الدالة تصريحا وتلويحا، وتفسيراً وتأويلا، وباطناً وظاهراً على الموقع الذي يحتله الأول والثاني في تاريخ الحركة الإسلامية، وعلى الدور الذي اضطلعا به، وعلى الزلزال الذي أحدثاه في قلب عالم الرسالة، وعلى الثورة المعاكسة التي قاداها لتحطيم حركة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) في الصميم، وعلى منهج الظلم والجور والطغيان والاستبداد الذي أرسيا دعائمه، وعلى إحياء (الجاهلية) على انقاض الدين الوليد.
ولذلك، كانت اللعنات المتواترة عبر مئات الروايات من الله والرسل والنبي الأعظم وأئمة آل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) على الجبت والطاغوت..
|
|
|
|
|