|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 64421
|
الإنتساب : Feb 2011
|
المشاركات : 1,498
|
بمعدل : 0.29 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نهروان العنزي
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 15-04-2012 الساعة : 11:07 PM
لقد أصبح التكفير سمّة بارزة في العقل الوهابي، ولم يسلم من لظاها أحد، فارتدّت سهام التكفير على من يرمي بها غيره، فصار
التراشق بالتكفير والتبديع والتضليل ديدن كل من وطأ مضمار العلم الشرعي، فمن زرع بذرة التكفير أنبتت له جماعات متطرّفة لا
همّ لها سوى تكفير الآخر، ثم ما يلبث أن يعود ليصبح التكفير داخل الجماعة الواحدة، أي الوهابية، التي نبذت كل الفرق الإسلامية
باعتبارها فرقاً ضالة وأنها وحدها الفرقة الناجية، فإذا بأتباعها وقد أوغلوا في سرائر بعضهم بعضاً، وصاروا يفسّقون ويبدّعون
ويكفّرون بعضهم بعضاً، لم يسلم من ذلك حتى رموز الوهابية وكبار علمائها في الأزمنة الأخيرة مثل ابن باز وابن عثيمين
واللحيدان والمفتي الحالي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وغيرهم الذين صاروا هدفاً للتكفير، كما سيأتي، لأنهم يدعمون نظاماً كافراً،
أي نظام آل سعود، الذي فرّط في أحكام الشريعة، وامتنع عن تطبيق شرع الله، بحسب العقيدة الوهابية لدى القاعدة. في المقابل،
فإن هؤلاء الكبار لم يتوقفوا هم أيضاً عن تكفير الآخر، من غير الوهابيين، فلا يزال، الأحياء منهم، يشيعون ثقافة تكفير الآخر، شخصيات، وطوائف، ودول.
وفي واقع الأمر، أن التكفير الوهابي للآخر بدأ بالمسلم قبل غيره، ثم انتقل في نهاية المطاف الى الذات، فالنزعة التكفيرية لدى
تنظيمات القاعدة إنما ارتبطت بالتراث التكفيري لدى الوهابية، واستخدم في ساحات عديدة: افغانستان، باكستان، العراق، لبنان،
الجزائر، المغرب، الصومال، والسودان..وأخيراً نيجيريا، وشمل مئات الشخصيات، وتسبب في مقتل الآلاف، فلأول مرة تصبح
المساجد ودور العبادة ساحات قتال بسبب فتاوى التكفير الوهابية، كما شهدت ذلك مساجد باكستان، والهند وافغانستان والسودان.
وقد شاعت في أوساط التيار القاعدي وعناصره السعودية قضية تكفير الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، وثار جدل حول ما اذا
ثبت ذلك الحكم التكفيري عليهما، ومن يصدق عليه وهل هو من قادة القاعدة أو الاتباع، ولكن التسجيلات الصوتية المبثوثة
المتوافرة تثبت بأن التكفير غير المباشر كان ديدن القادة، وقد صدر كلام للقائد القاعدي أبي مصعب السوري، (وقد أفرج عنه
مؤخراً في صفقة تبادل مع مخطوفين إيرانيين من قبل جماعات قاعدية في سورية)، يشنّع فيه على إبن باز وابن عثيمين ويقول بأن
(العلماء أمثال ابن باز وابن عثيمين، قد خانوا الله ورسوله وأمانة العلم وخانوا الأمة..وأنهم مرتكبون لكبيرة من أعظم الكبائر
وفسق من أشنع الفسوق، بل إن كثيراً من فتاواهم ومواقفهم هي أعمال نفاق يصل بعضها لأن تكون عملاً من أعمال الكفر..).
ورغم أنه لا يكفّرهم بسبب صحة معتقدهم والتأوّل المانع من التكفير، إلا أنه (لا يعترض على من كفّرهم بدليله لأنها أدلة قوية.. )(1).
وكما تفعل النار في الهشيم، فحين يندلع التكفير لا يستثني أحداً، ويطال من يشعلها في نهاية الأمر. ولذلك، لا غرابة أن نقرأ فتاوى
وبيانات من طلاّب كبار العلماء وهم يكفّرونهم، ويطلقون عليهم نعوتاً قبيحة، فقد جرى تكفير المفتي السابق والحالي وأعضاء
بارزين في هيئة كبار العلماء مثل اللحيدان والفوزان إلى جانب تكفير الدولة السعودية. بل ما هو مثير في دوامة التكفير تلك أن
التراشق بالتكفير صار شغلاً رئيساً لدى المشايخ فهذا يكفّر هذا ويردّ عليه بتكفيره وتكفير من يعلوه أو يدنوه، ويكفّر الأباعد في
المكان والزمان والرتبة بعضهم بعضاً مثل تكفير الوهابي في اليمن للوهابي في بلاد الشام، والوهابي في مصر يكفّر الوهابي في
فلسطين، وتتوسّع دوائر التكفير وتضيق وتكبر وتصغر وتتعدد وتتوحد، بحيث نجد أن موجة التكفير والتفسيق والتبديع تحيط بالجميع
من كل جانب. وما يثير السخرية، أن الجميع في لحظة ما يبرأ من الفعل التكفيري ويحذّر من الوقوع فيه، ويدعو الى التثبّت من
شروطه وانطباقه على شخص بعينه أو جماعة بعينها أو على فعل بعينه، أو على العموم!

|
|
|
|
|