|
محـــــاور عقائدي
|
رقم العضوية : 20228
|
الإنتساب : Jul 2008
|
المشاركات : 3,427
|
بمعدل : 0.56 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
كربلائية حسينية
المنتدى :
المنتدى العام
بتاريخ : 03-01-2012 الساعة : 01:29 AM
الهجرة إلى الله:
كان إسمه روزبة وسماه رسول الله صلى الله عليه وآله سلمان، وكان اسم أبيه خشفوذان وكان هذا الأخير من جهاقين فارس ـ وقيل من أساورتها ـ له إمرة على بعض الفلاحين من أبناء أصفهان وكان واسع الحال يملك بعض المزارع شأن غيره من الطبقة الوسطى في المجتمع الفارسي آنذاك وكانت لولده سلمان مكانة خاصة في نفسه جعلته يستأثر بالنصيب الأكبر من إهتماماته، فهو لا يكلفه بأي عمل شاق شأنه في ذلك بقية المترفين في معاملة أبنائهم.
وفي ذات اليوم كان خشوذان مشغولاً ببناءٍ في داره فطلب من والده أن يذهب الى مزرعةٍ له ليشرف على سير عمل الفلاحين فيها عن كثب وطلب منه أن لا يتأخر في العودة إليه، قائلاً له: «ولا تحتبس، فتشغلني عن كل ضيعةٍ بهمي بك ...».
يقول سلمان: «فخرجت لذلك، فمررت بكنيسة النصارى وهم يصلون، فملت إليهم وأعجبني أمرهم، وقلت: والله هذا خير من ديننا، فأقمت عندهم حتى غابت الشمس، لا أنا أاتيت الضيعة، ولا رجعت إليه...!».
لوحة رائعة يرسمها لنا سلمان وهو يسود قصة إسلامه، حيث يجسد لنا فيها كيف كانت بداية هجرته نحو الإيمان ... الإيمان بالله وحده، بعزم وتصميم وإرادة قوية لا يقف دونها حاجز ولا تتحكم فيها عاطفة، وكيف إختار لنفسه موقفاً مميزاً جعله فيما بعد من جمله عظماء البشر الذين بهم التاريخ الإنساني صفحاته، فكان بذلك «سابق فارس»ورائدها وداعيها إلى الله.
لقد كانت نفسه التواقة إلى المعرفة تدفعه نحو تخطي الحواجز التي عاش بين قضبانها في ظل أب جمد عقله على طقوس المجوسية دون أن تحرك آيات المبدع سبحانه في نفسه أي تحولٍ نحو الأفضل.
أراد سلمان تخطي تلك الحواجز لكي يرى الحقائق الكامنه ورائها، وكان له ما أراد، فهل هو يعثر على دين خير من دينه حيث ساقته قدماه ـ عن قصد أو غير قصد ـ إلى الكنيسة، فرأى فيها اناساً يصلون، وربما يرتلون فصلاً من الإنجيل بصوت وخيم يأخذ بمجامع القلوب فيه رجع وصدىً لترانيم الراهب الحزين الذي يبكي المسيح! ولا بد أن فقرات من الإنجيل شدته ـ في تلك اللحظات الغامرة ـ إلى الاستغراق والتأمل في عالم اللاهوت ضمن أجواء هي مزيج من الحزن، والفرح، والسأم، واللذة طافت به وراء الغيب، ثم انتهت لتوقظ في نفسه مكامن الألم الطويل الذي عاناه في ظل أبيه.
دارت في رأس سلمان زوبعة من التفكير .. انها فرصة قبضتها له يد الغيب، وما عليه الآن إلا أن يختار. نعم؛ لقد أعجبه هذا الدين، ولكن؛ هل ينتهي به المطاف إلى هنا فتكون هذه فتكون هذه الكنيسة فيم المحطة الأولى والأخيرة في حياته؟ ومن يدري، فلعل يد التشويه قد امتدت إليها أو إلى ذلك الكتاب الذي يتلى فيها فأخر جتهما عن مسارهما الصحيح، وعندها فما الفائدة إذن؟ أيترك دين أبائه وأجداده ليعتنق ديناً ربما كان مثله يف المحتوى أو أميز منه بقليل؟ لم يطل تردده في الأمر، وحانت منه التفاتة ذكية تنم عن عمق روحي وأصالة في التفكير حيث بدا له ان يسأله عن تواجد أصل هذا الدين، وبذلك يحفظ خطوط الرجعة على نفسه، فاندفع يسأل من حوله من النصارى قائلاً لهم: «وأين أصل هدا الدين ...؟».
قالوا: بالشام
|
|
|
|
|