|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 26242
|
الإنتساب : Nov 2008
|
المشاركات : 9,071
|
بمعدل : 1.52 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
آمالٌ بددتها السنونْ
المنتدى :
المنتدى الثقافي
بتاريخ : 16-12-2011 الساعة : 04:21 PM
قطرة المطر الباردة التي سقطت على خد سالم عبر نافدة غرفتة جعلته يعود
لحاضرة. اغلق النافذة بسرعة قبل ان يشتد المطر وعاد الى مكتبهِ
وحدق الى ماكان يكتبة لبرهة ومن ثم الى الساعة في معصمة وقال مخاطباً
نفسه :
- لازال الوقت مبكراً لذهاب للفراش
كان يشعُر بالضيق وعدم الراحة وليس لديه آدنى فكرة كيف يتخلص من هذا
الشعور. تنهد بيأس وألقى برأسة على سطح المكتب. انتفض مرتعداً عندما
احس بيدٍ تمسح على شعره وتسعت عيناه بدهشة عندما رآى والدتهُ امامه و
قال:
- أمي لم اشعر بك وانتِ تدخلين؟!
كان الحنان يشع من عينيها عندما إبتسمتْ بهدوء وقالت :
- ويبدو انك لم تسمعني اطرق الباب ايضاً
هي تعلم بأن إبنها الغالي منزعج ٌمن شيءٍ ما فذلك جليٌّ على ملامحه ولكن
هذا الشعور سيزول عندما تخبره بما اتت من أجله لذلك لم تسأل . اكملت و
هي تتناول يده برقة وتضمها بين يديها:
- خطيبتك واخوها هنا
هتف سالم بفرح وقلبه ينبض بسرعه :
- حقاً يا أمي ؟ غادة وعبد الله هنا؟! لقد كلمت غادة هذا المساء وكذلك
صديقي المتكتم ولم يعلمني إيٌّ منهما عن نيته في القدوم!.
- ربما أرادا مفاجأتك
قالت ذلك وهي تدفع كرسية المتحرك وتسير به نحو غرفة الجلوس . نهض
عبدالله وغادة عندما أقبل سالم. تصافحو وتبدلو التحايا وعندما استقر الجميع
في مقاعدهم نظر سالم الى خطيبتة وبإبتسامة عاتبة قال:
- لم تنبسِّ بحرف عن قدومك الليلة أليس من المفترض أن لديك
اختبار وهذا النبيل يساعدك؟!
اصطبغتْ وجنتا غادة بحمرة الخجل واجابت برتباك:
- لدي امتحان بالفعل... ولكن.... انا...
نظر عبد الله الى اخته بأشفاق ومن ثم الى صاحبة وقال مُبتسماً :
- لقد كانت قلقه عليك ولم نحرز تقدمٌ اثناء المذاكرة فهي لم تنفك عن ترداد:
" سالم ليس على مايرام"، " سالم حزين"، " سالم ليس كعادتة" ... لقد
ارهقت أعصابي يا رجل لذلك حضرتها في هذا المطر لنعرف مما يشكو
جنابكم الكريم؟!
ساد الصمت لثواني تعالت بعدها ضحكة عبدالله الرجولية . كان مستمتعاً
برؤية اختة ورفيقة مرتبكين، فقد كانا متوقدين خجلاً ويتحاشا كلاُّ منهما النظر
للآخر. صوبت والدة سالم نظرة مؤنبة ناحية عبدالله ووفقت قائلة:
- بنيّ عبدالله لما لا تأتي معي قليلاً الى المطبخ
قال متصنعاً البرائة و عدم الفهم لمحاولتها اعطاء فرصة للخطيبين للأنفراد و
الحديث :
- خالتي انا لا اجيد الطهو ولا غسل الصحون ولا انفع في شيءٍ من امور
المطبخ لذلك.....
قاطعته وهي تأخد بيده مُبتعدة به عن المكان :
- ولكنك تُجيد البلع أليس كذلك؟
عاد عبدالله لضحك من جديد وهز رأسة وهو يفكر " لا مجال أن تهزم
امرأة اذا كانت مصممة ". بعد ان غاب الأثنان في الممر المؤدي الى المطبخ
نظر سالم الى غادة وقال مطئناً أيها :
- انا بخير لا تقلقي .. مُرهقٌ قليلاً ليس ألا وهذا كل مافي الأمر
ردت بهدوء :
- الألم في صوتك عندما كنت تكلمني يقول أنه ليس مجرد ارهاق
تنفس بعصبية واشاح بوجهه عنها :
- ليس من السهل عليه تذكر ماحدث له فما بالك بالحديث عنه
لن يعيش الألم مجدداً من خلال الذكرى.. مستحيل، صعب..
كان يردد ذلك في داخلة الى ان ألتقت عيناه بعينين خطيبتة ، مزيج القلق
والأهتمام في نظراتها جعله يشعر بالضعف فجأة ونهارت دفاعاته فشرع
يقول بصوتٍ اقرب للهمس:
- انتِ تعلمين لما انا مُقعد أليس كذلك؟
مُقطبة الجبين أجابت :
- نعم لقد اخبرني عبدالله انك تعرضت لضرب على يد طلابٍ في الجامعة
اثناء دراستك وقد تضرر عامودك الفقري نتيجة لأحدى الضربات..
سألها مُجدداً:
- وهل اخبرك السبب وراء الأعتداء الذي تعرضت له ؟
عندما هزت رأسها بالنفي تنهد بثقل وقال :
- أذن اسمعي ماحدث كُنت اكتب في صحيفة الجامعة ونتيجة لرفضهم نشر
احد مقالاتي التي تتناول الحديث عن المذهب الشيعي وأهل البيت عليهم
السلام قررت نشره بنفسي. غرضي كان تصحيح النظرة الخاطئة عنا نحن
الشيعة ولكنَّ مريضاً بالتعصب وببغض اهل البيت رآى ما اقوم به تبشيراً
لمذهبي..
اطلق سالم ضحكة ساخرة واكمل بصوتٍ بارد :
- لم اكن اعلم بأنه يتربص بيّ ألا عندما استوقفني في مواقف السيارات التابع
لطلبه في ذلك اليوم الذي تركتُ فيه المنشورة في مكتبة الجامعة هو وأعوانة.
كانوا ملثمين لا تظهر ألا اعينهم الحاقدة. صرخ في وجهي بعد ان امرهم
بتكبيلي :
- يارافضي مهمتك التبشيرية تنتهي هنا والآن بفضلٍ من الله الذي هدانا لكشف
مخططاتك.
بعدها اخرج النُسخ التي قمتُ بطباعتها واحرقها أمامي. لم اتمالك نفسي و
صحت فيه :
- انت مريض نار حقدك احرقت مجرد ورق ولن تطال مافي قلبي، فحب
عليّ واهل البيت يحيا في القلوب وليس الأوراق، واعلم أن الله متمٌ نوره
ولو كره المشركون.
توقف سالم قليلاً وتنفس بعمق ومن ثم تابع يقول:
- صفعني بعدها ونهال علي بالشتائم. لم يترك لي مجالاً لرد فقد اصدر
أوامره لرفاقه بتلقيني درساً ... غبت عن الوعي ولم اصحو ألا و انا بين
جدران المستشفى.
لم يكن سالم ينظر الى غادة اثناء حديثه وعندما حول بصره ناحيتها كانت
الدموع تغسل خديها. احس بطعنة في قلبه لرؤيتها تتألم من أجله ولم يدري
مايقول لجعلها تتوقف عن البكاء، فجأة نهضت من مكانها وركعت على ركبتيها
بجانب كرسية وقالت بصوتٍ متهدج :
- لم يخبرني كذلك بأنني سأكون زوجة بطل لا يخاف قول الحق ودفاع عن
ما يؤمن به..
ابتسمت من بين دموعها وهي ترا خدا سالم تتوردان قليلاً واكملت:
- كل ما قاله ليّ انك انسانٌ نادر ورجلٌ بكل ماليّ الكلمة من معنى ، قال
لا تنظري الى أعاقته فأن نظرتِ لها ستخسرين هديه قيمة .. انظري الى
قلبه الطيب الشجاع الكريم فهذا ماتحتاجه كل امرأة وانا وثقتُ بكلام اخي
الحكيم.
كان قلبه يرفر كطائرٍّ تحرر من قفصهِ وطار الى الفضاء الواسع. الألم الذي
لازمة طيلة اليوم تلاشى والراحة التي تغمره غريبة. راح يسأل نفسه هل هذا
بسبب الكلام عن ما يؤلمة؟ أم لأنها اجابت عن سؤالٍ لطالما ارهق تفكيرة ولم
يجرؤ على طرحه خوفاً. منذ ان تمت خطبتهما وهو راغب في معرفة لم قبلت به
وهو على هذه الحال؟. اهي الشفقة ام ان أخيها ووالدها مارسا نوعٍ من الضغط
عليها. إبتسمت عيناه لها وربت بلطف فوق يدها وهو يقول:
- ان كُنت هدية فأنتِ جوهرة سأحافظ عليها واصونها الى آخر العمر
دخلت والدة سالم على حين غرة يتبعها عبد الله وقالت :
- سالم هناك رجلٌ على الهاتف يود محادثتك، انا آسفة يابني لم اشأ المقاطعة
ولكنه قال أن الأمر ضروري
نظر سالم الى خطيبتة التي وقفت حال دخول أمه ومن ثم الى والدته رافعاً حاجبة
في حيرة ورد قائلاً:
- لا عليكِ يا أماه سأستقبل المكالمة في مكتب والدي عن أذنكم
عندما عاد لغرفة الجلوس بعد نصف ساعة كانت ملامحة هادئة جداً. كانت
جميع الأنظار مصوبةٌ نحوه وعلامات الأستفهام مرسومة فيها والدتهُ هي من
بادرت بسؤال :
- خيراً ياسالم من كان هذا الرجل؟!
اجابها بفتور:
- كان ذلك والد بكر
قطبتْ جبينها في حيرة وعادت تسأل:
- والد بكر؟! ومن بكر هذا وماذا يريد والده ُمنك؟!
رد عليها بنفس النبرة:
- الذي اعتدى عليّ منذ اربع سنوات
الصدمة كانت واضحة في وجه امه وخطيبته وصديقة لذلك اكمل يقول قبل أن
تنهمر عليه الأسئلة :
- لقد تعرض ولدهُ لحادث وتوفي منذ شهر، وهو يبحث عني من ساعتها
لينقل لي ما اوصاه به بكر
شعر بالغصة فجأة وسودة عيناه حزناً وصاح بألم :
- طوال هذه السنوات كنتُ اتمنى أن يقتص الله مِن منْ آذاني وكنتُ متأكداً
من أنني سأفرح اذا وقعوا في يد العدالة، ولكن عندما اخبرني الرجل بما نال
أبنه شعرت بالحزن وزالت نقمتي عليه!.
نهضت والدتهُ وجلستْ على ذراع كرسية وقبلت رأسة وضمته الى صدرها
وقالت:
- اهدأ يا بنيّ هي مشيئة الله لقد أذنب في حقك وموته بهذه الطريقة تكفيرٌ عن
ذنبه ثق بذلك لأن المولى عادل وحكيم في حكمة. أن كنت تشعر هكذا فهذا
من طيب قلبك وصفاء روحك.
خيمة الكآبة على الجميع وساد الصمت ، احس عبدالله بثقل الموقف فوقف
قائلا ً:
- من الأفضل أن نغادر ونتركك لترتاح هيا بنا ياغادة
اعترض كلاٌّ من سالم ووالدته على قوله ولكنه اصرعلى الذهاب. بعد رحيل
صديقة وخطيبتة توجه سالم الى غرفتة بعد أن قبل يد والدته وتمنى لها ليلة
سعيدة. في غرفته اخذ يفكر في هذه اليوم المشحون بالذكريات والمشاعر هز
رأسه وتنهد قائلاً:
- ياله من يوم!
امسك قلمة وراح يكمل ما كان يكتبه :
فثورة الأمام الحسين عليه السلام وعبر الحقب الزمنية هي أم الثورات ومنطلق
النهضات ونموذج المعارك الخالدة. ثورة الحسين مستودع القيم و
المباديء الأسلامية، كما انها اللحظة التاريخية التي اثبتت بشكل لا لبس فيه
أن الدم ينتصر على السيف وأن الظلم مهما تمادى واستفحل فهو الى زوال..
- انتهى -
|
|
|
|
|