عرض مشاركة واحدة

ناظم الصافي الموسوي
عضو جديد
رقم العضوية : 66686
الإنتساب : Jul 2011
المشاركات : 14
بمعدل : 0.00 يوميا

ناظم الصافي الموسوي غير متصل

 عرض البوم صور ناظم الصافي الموسوي

  مشاركة رقم : 8  
كاتب الموضوع : ناظم الصافي الموسوي المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي التقريب المذهبي في مشروع الإمام الصدر / نموذجا
قديم بتاريخ : 24-08-2011 الساعة : 05:35 PM



جذور الخلاف بين أهل السنة والشيعة تعود في جانبها الأكبر إلى عامل نفسي، والإمام الشهيد الصدر رغم قصر عمره الجهادي مارس ألوان الجهود لإزالة هذا الحاجز النفسي. هذه الممارسة نلحظها في خطابه إلى العراقيين، وفي استناده إلى مصادر أهل السنة الحديثية والفقهية في دراساته .
لا نستهدف بهذا البحث إيجاد حلول ومعالجات للخلافات العقائدية والفقهية والسياسية ــ الممتدة الجذور عبر التاريخ ــ بين الفرق والمذاهب الإسلامية، من خلال مناقشة علمية وموضوعية لمختلف المواضيع والقضايا التي هي محلّ خلاف بين المسلمين، والاستدلال على ما هو حق منها والاتفاق عليه ورفض ما عداه .
إن فكرة من هذا القبيل لو أتيحت لها الظروف الموضوعية والأجواء المناسبة لأمكنها أن تزيل الكثير من الخلافات المستعصية بين المذاهب الإسلامية، وهو الاتجاه الذي تبنّاه الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين(قدس سره) في محاوراته ومؤلفاته كالمراجعات، والنص والاجتهاد، ومسائل فقهية، والتي حاول فيها معالجة المسائل الخلافية العقائدية والفقهية والتاريخية معتمداً في ذلك على صحاح المذاهب الإسلامية لإثبات أن ما يعتقده أتباع مدرسة أهل البيت له جذور قوية ومتينة في أصول ومصادر المذاهب الإسلامية الأخرى.
ويجب أن نعترف أن أساليب المعالجة والنقاش حتى وإن اتسمت بأعلى درجات الموضوعية والصراحة لا تنتهي إلى الإيجابية المطلوبة، لأن جذور الخلاف في أكثر الأحيان جذور نفسية، والحواجز تأخذ نفس الطابع. وفي ظل هذا الوضع لا يمكن الوصول إلى ما من شأنه تمهيد الأجواء لبناء الأمة الواحدة المتفقة على الحد المطلوب في رؤيتها العقائدية والفقهية والتاريخية.
ومع ذلك لا يجوز أن تتحطّم آمالنا وطموحاتنا في توحيد أمة التوحيد على صخرة اليأس، وأن لا نسعى إلى التمسك بحبال الإيمان باللّه ورسوله وكتابه في جوّ نفسيّ نقيّ، مصمّمين فيه على أن ما يمكن أن نتفق عليه من خلال البحث العلمي والمعالجة الموضوعية يجب أن نؤمن ونعمل به، حتى وإن خالف قناعاتنا الموروثة. وما لا يمكن أن نتفق عليه لا يجوز أن نجعل منه عقبة في طريق بناء الوحدة الإسلامية في ظل خاتمة الرسالات والنبوات.
إن من الحقائق التي يجب أن لا نغفلها، هي أن أحد أهم جوانب مسألة التقريب بين المذاهب الإسلامية جانب نفسي موروث تلقّته الأجيال من دون دراسة أو مناقشة، تتيحان التحرّر منه، والانطلاق من بوتقته نحو جوّ من التأمل والمعالجة الموضوعية، الأمر الذي أدى إلى تراكم الكثير من الحساسيات التي شكّلت عقبة كبيرة في طريق محاولات التقريب.
ويجب أن لا نغفل أن السياسة لعبت دوراً كبيراً ــ على امتداد التاريخ ــ في تعميق الفجوة النفسية بين أتباع تلك المذاهب، فتارة تصوّره على أنه خطر يستهدف القضاء على أتباع هذا المذهب أو ذاك، وأخرى على أنه عقيدة لا يجوز التنازل عنها وهكذا.
ولو تصفّحنا أوراق التاريخ لوجدنا أن الكثير من الدماء سفكت بسبب سياسات الحكّام، في إطار تعميق الخلافات المذهبية، وإخراجها من إطارها العلمي والفقهي، إلى الوضع الأصعب المتمثل بالحواجز النفسية والروحية، وتسخيرها لمصحة الحكام، وليس لمصلحة الإسلام والأمة الإسلامية.
وفي هذا البحث المقتضب أحاول أن أستعرض أهم الخطوات التقريبية التي خطاها الإمام الشهيد الصدر (رضوان اللّه عليه). ومع أن يد الإجرام حرمت منه الأمة في وقت مبكر جداً، فلم يتح له أن يمارس دوره الكامل في تطبيق أفكاره ومشاريعه التي منها توحيد الأمة وتجميع صفوفها، فإن نزراً يسيراً قد عرفناه عن تلك الأفكار والمواقف والتصورات أعطانا رؤية واضحة عن هذا الجانب في موقفه من عملية التوحيد والتمسّك بعرى الإسلام والإيمان.
ويجب أن نؤكد مرة أخرى على أنه يجب اعتبار حركة الإمام الشهيد الصدر في هذا المجال حركة تتّسم بأهمية خاصة، بحيث يحق لها أن تتصدّر الخطوات الإيجابية الأخرى التي بدرت من علماء المسلمين الواعين من السنة والشيعة، وذلك لما يتمتع به الإمام الشهيد الصدر من موقع لدى الشيعة، ولما يمثل من شموخ وتبحّر في عالم المعرفة الإسلامية والبشرية، وكذلك الظروف السياسية والاجتماعية وأجواء الحوزات والمرجعيات التي قد لا تتقبّل انفتاحًا كبيرًا بهذه الدرجة .
وحينئذ يجب أن ندخل هذه الحقائق في حسابنا عند دراستنا لخطواته التقريبية الجادة والهادفة بين المسلمين.
إن أهم خطواته العملية والتي تعتبر رائدة في هذا المجال يمكن تلخيصها بما يلي:
أولاً: من الملاحظ أن الإمام الشهيد الصدر لم يقتصر في مؤلّفاته على الكتب الشيعية فقط بل اعتمد كذلك على كتب أهل السنة ومصادرهم معتبراً «الفقه الإسلامي» كيانًا واحدًا مع ما فيه من تعدد الاجتهاد والمذاهب، فمثلاً اعتمد في كتاب «اقتصادنا» في محاولته لبلورة النظام الاقتصادي الإسلامي على مجموعة من المصادر الإسلامية السنية، منها: كتاب الأحكام السلطانية للماوردي، وكتاب المغني لابن قدامة، وكتاب الأُم للشافعي، وكتاب المحلّى لابن حزم، والمدونة الكبرى، مواهب الجليل للحطاب، ونهاية المحتاج للرملي، والمبسوط للسرخسي، والفقه على المذاهب الأربعة، وغيرها من المصادر السنية.
لم يكن (رحمه الله) بصدد نقاش الآراء الفقهية للمذاهب الإسلامية، وإنما كان بصدد اكتشاف هيكلية النظام الاقتصادي الإسلامي.
مع ذلك فنحن لا ننكر أن المصادر وطرق الاستنباط للأحكام الشرعية تختلف بين مدرسة أهل البيت وبين المذاهب الإسلامية الأخرى، سواء في القيمة العلمية للرأي الفقهي، أو في قيمة وحجة المصادر الروائية والفقهية، ومع ذلك فإننا على صعيد الواقع ننتهي إلى نتيجة واحدة.
إن هذا اللون من التفاعل الإيجابي والتعامل العلمي يجعل السني يشعر بأنّ لرأيه الفقهي أهمية وموقعًا عند أخيه الشيعي، وكذلك العكس. فيؤدي في النتيجة إلى روح التفاعل والانفتاح ويعزز روابط الأخوة، ويصدّع من قوة الحواجز النفسية.
ثانيًا : أصدر الإمام الشهيد الصدر(رضي الله عنه) بياناً وجّهه إلى الشعب العراقي (عام 1979م) وكان وقتها محتجزاً من قبل السلطة وذلك قبل استشهاده بعدة أشهر، حمل العبارات التالية:
«أيها الشعب العظيم، إني أخاطبك في هذه اللحظة العصيبة من محنتك وحياتك الجهادية، بكل فئاتك وطوائفك، بعربك وأكرادك، بسنتك وشيعتك، لأن المحنة لا تخص مذهباً دون آخر».
«وإني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الأمة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء، ومن أجل العربي والكردي على السواء، حين دافعت عن الرسالة التي توحّدهم جميعًا، وعن العقيدة التي تضمّهم جميعًا».
وفي مقطع آخر يقول: «فأنا معك يا أخي وولدي السني بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي. إن الطاغوت وأولياءه
يحاولون أن يوحوا إلى أبنائنا البررة من السنة أن المسألة مسألة شيعة وسنة، ليفصلوا السنة عن معركتهم الحقيقية ضدّ
العدو المشترك.

وأريد أن أقولها لكم يا أبناء علي والحسين وأبناء أبي بكر وعمر: إن المعركة ليست بين الشيعة والحكم السني، إن الحكم السني الذي مثّله الخلفاء الراشدون والذي كان يقوم على أساس الإسلام والعدل، حمل عليٌّ السيف للدفاع عنه إذ حارب جندياً في حروب الردّة تحت لواء الخليفة الأول أبي بكر، وكلّنا نحارب عن راية الإسلام، وتحت راية الإسلام مهما كان لونها المذهبي.
إن الحكم السني الذي كان يحمل راية الإسلام قد أفتى علماء الشيعة ــ قبل نصف قرن ــ بوجوب الجهاد من أجله، وخرج مئات الآلاف من الشيعة وبذلوا دمهم رخيصًا من أجل الحفاظ على راية الإسلام، ومن أجل حماية الحكم السني الذي كان يقوم على أساس الإسلام».
ومما لا ريب فيه أن هذه الوثيقة تعتبر من أهم الوثائق التي يمكن أن تساهم في معالجة الحواجز النفسية بين أبناء الأمة الإسلامية، وذلك لأن السيد الشهيد الصدر حينما أصدر هذا البيان كان قد صمّم على الاستشهاد في سبيل اللّه، لإيمانه بأنّ المرحلة الجهادية والسياسية تتطلب ذلك، وقد فصّلنا ذلك في كتاب «سنوات المحنة وأيام الحصار» الأمر الذي يجعل كل باحث موضوعي يدرك أن الإمام الصدر لم يقصد المجاملة أو المحاباة، بل كان يهدف حقًا إلى معالجة مشكلة الفُرقة والتشتت من جانب، وتوحيد الأمة في إطار الإسلام من جانب آخر.
وإذا لاحظنا جذور أسباب المشكلة نجد أن أهمها هو الموقف من الخلفاء الراشدين، فالمسلم السني يرى فيهم مثلاً ونموذجًا جسّد القيم والمبادئ الإسلامية، ويرى الشيعي أن اجتهادات بعض الخلفاء أو مواقفهم تنافي الخط الإسلامي الذي يعتقد بصحته ويتمسّك به، على أساس أنه الخط الذي يمثل المسيرة النبوية. يرى مثلاً أن كل اجتهاد في مقابل النص على إمامة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) اجتهاد مرفوض لا يحمل قيمة دينية، في حين يرى السني أنه جهد علمي اجتهادي للفقيه فإن أصاب المجتهد فله أجران وإن أخطأ فله أجر.
وعلى هذا الأساس ــ وهو الجزء الأكبر من العلة ــ بدأت الحواجز النفسية تتصاعد وتتعمق مدعومة بجهود الحكّام الذين عمّقوها إلى أبعد الحدود، وبدأت تنخر في صميم الكيان الإسلامي العام.
وما من شك أن علاج هذه القضية يحتاج إلى زمن طويل وجهود مكثّفة من الطرفين، إلا أن هذا لا يمنع من التوافق على احترام كلا الطرفين لعقيدة الآخر وآرائه السياسية وغيرها، والوصول ولو إلى الحد الأدنى من الوفاق والتوحّد. وفي هذا الضوء أعتقد أن الإمام الشهيد الصدر سار بهذا الاتجاه، فلم يجعل الاختلافات المذهبية مبررًا لعدم التوحّد، فنراه قد اعتبر نفسه وكيانه ملكًا للمسلم السني كما هو للمسلم الشيعي فيقول: «وإني منذ عرفت وجودي ومسؤوليتي في هذه الأمة بذلت هذا الوجود من أجل الشيعي والسني على السواء».
ويقول: «فأنا معك يا أخي وولدي السني بقدر ما أنا معك يا أخي وولدي الشيعي».
ومما لاشك فيه أن لهذا الخطاب الأبوي والأخوي أثرًا إيجابيًا فعّالا في تمزيق الحاجز النفسي وتبديد قوته، فما أجمل أن تجد الأمة ــ بمختلف مذاهبها ــ قائدًا شيعيًا بل علمًا من أعلامها يخاطب الجميع بروح الأبوة والأخوة فيقول: أنا لكم جميعًا.
وذكر ثانياً أن الخلاف العقائدي والسياسي في إطار الدين لا يجوز أن يحول دون التعاون والتكاتف في سبيل خدمة الإسلام والدفاع عنه. واستشهد لذلك بمثالين:
الأول ما كان في صدر الإسلام حيث قال: «حمل علي السيف للدفاع عنه، إذ حارب جنديًا في حروب الردة تحت لواء الخليفة الأول أبي بكر».
وذكر مثالاً آخر من التاريخ الحديث وذلك حينما تعرّض الحكم العثماني لضربات الإنجليز، فوقف علماء الشيعة إلى جانب الحكم العثماني وأفتوا بوجوب الدفاع عنه، لأنه رافع لراية الإسلام فقال: «إن الحكم السني الذي كان يحمل راية الإسلام قد أفتى علماء الشيعة قبل نصف قرن بوجوب الجهاد من أجله، وخرج مئات الآلاف من الشيعة وبذلوا دمهم رخيصًا من أجل الحفاظ على راية الإسلام » لماذا؟ لأن الهدف «أن نحارب عن راية الإسلام وتحت راية الإسلام مهما كان لونها المذهبي».
والموضوعية تقتضي أن نعترف أن هذا الخطاب المفتوح والصريح لا يحل مشكلة الخلافات المذهبية بين المسلمين، ولكنه يشكل البوابة الكبيرة التي يمكن الدخول من خلالها والقضاء على المشكلة النفسية، وفتح آفاق الحوار الموضوعي للاتفاق ولو على الحد الأدنى من الوفاق والائتلاف.
ثم بيّن (رضوان اللّه عليه) أن من أهم أسباب تعميق الخلافات وتهويلها هو الاتجاهات السياسية والقادة الذين تحكمهم مصالحهم الخاصة فقال: «إن الطاغوت وأولياءه يحاولون أن يوحوا إلى أبنائنا البررة من السنة أن المسألة مسألة شيعة وسنة ليفصلوا السنة عن معركتهم الحقيقية ضدّ العدو المشترك، وأريد أن أقولها لكم يا أبناء علي والحسين، وأبناء أبي بكر وعمر: إن المعركة ليست بين الشيعة والحكم السني».
ومن المؤكّد أن الإمام الشهيد الصدر قد لا يؤمن بالكثير من اجتهادات الصحابة أو مواقفهم من مختلف القضايا، ويعتبرها اجتهاداً في مقابل النص، والتي منها:الموقف من قضية النص على إمامة أمير المؤمنين علي(عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، فهو يعتقد أنه الوريث الحقيقي للنبي، والحارس الأمين لمسيرة الإسلام من بعده، إلا أن هذا الاعتقاد لم يجعله في موقف الرافض للكيان الآخر، ولم ير في ذلك مبررًا لعدم توحّد الأمة تحت راية "لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه" العقيدة التي أجمعت الأمة على الإيمان بها.
بقلم الشيخ محمد رضا النعماني


توقيع : ناظم الصافي الموسوي

من مواضيع : ناظم الصافي الموسوي 0 عظم الله اجوركم بشهادة امير المؤمنين عليه السلام
0 الشيعة هم الفائزون يوم القيامة
0 كلمة إلى العالم الكبير وشيخ الأزهر احمد الطيب
رد مع اقتباس