|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 28390
|
الإنتساب : Jan 2009
|
المشاركات : 2,309
|
بمعدل : 0.38 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
محمد الشرع
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 09-06-2011 الساعة : 03:14 PM
الفصل الاول :
يستند الإمام السيستاني بما لم يسبقه إليه مرجع من قبل ـ إلى قاعدة جماهيرية خلاقة ومليونية تتوزع على مساحات واسعة من مدن العراق ومحافظاته. وتزداد كثافة هذا الوجود كلما أوغل هذا المرجع الذي يتخذ النجف الأشرف منذ أكثر من خمسة وستين عاماً قاعدة ومركزاً لمحيطه الفقهي ودرايته الدينية وسكنه الروحي ونشاطه المرجعي في بحر الجماهير العراقية ومحاولات إخراجها من قمقم العزلة والقوقعة والحصار وظروف الاحتلال إلى الانفتاح على العالم وآليات العصر والمدنية والأخذ بكل الأسباب الموضوعية المؤدية إلى العدالة والأمن والعافية.
ويستند المرجع السيستاني إلى تأييد واسع النطاق من قبل جميع فرقاء الساحة الدينية والوطنية الشيعية والإسلامية في العراق وتحظى فتاواه ومواقفه السياسية من الحرب الأميركية الأخيرة ضد النظام الفاشي السابق وتطورات اللحظة العراقية الراهنة وما يجري من تحولات سياسية واجتماعية واقتصادية وإنسانية متسارعة قبولاً وتقديراً واحتراماً بالنظر لما يمتاز به خطابه من واقعية تحليلية ورؤية مفعمة بالعقلانية والأهم من كل ذلك وضع مصلحة الإسلام والأمة والحرية والكرامة والاستقلال بنظر اعتباره بوصف هذا كله القاعدة التي تتألف منها الكينونة العراقية وموزائيكها البشري والحضاري.
كما يشكّل وجوده المبارك ملاذاً حقيقياً لكل القوى الوطنية والإسلامية التي تجد فيه الموئل والقاعدة الأساسية التي يتأسس على ضوئها البناء الوطني وكثافة معطياته على الأرض بما في ذلك لون النظام السياسي البديل وهي ملاحظة أو كما يسميها الفقهاء وأهل القانون المادة الفقهية التي تلتقي عندها كافة أهداف التعبيرات السياسية للفريق السياسي العراقي الذي يعمل اليوم على إنجاز طبيعة نظام الحكم في العراق بعد سقوط الدكتاتورية ونهاية عصر القمع والجبـروت.
إن الإمام السيستاني يضطلع اليوم وعبـر فتاواه ولقاءاته السياسية مع وفود الأمم المتحدة وتنظيمات وقوى سياسية وطنية وإسلامية عراقية إلى تهيئة الظروف الموضوعية العراقية الجادة لبناء النظام الوطني القادر أولاً على بناء المجتمع الكفؤ الناهض بأهدافه وكفايته الذاتية المتطلع إلى إرساء دولة القانون والمساواة والعدالة الاجتماعية ويستجيب لكافة الشروط والمتطلبات الواجب توافرها في دولة وطنية يفترض أن تقيم نظام العدل بعد أن تم القضاء على دولة الحزب الواحد المتحكم بالحديد والنار بـرقاب الناس.
ويستند الإمام السيستاني إلى تراث فقهي يعد من بين أهم القواعد التي وضعت إلى جانب شقيقاتها من القواعد الفقهية للمرجعيات السابقة إضافات هامة في العلوم التشريعية الإسلامية ومن يتطلع بأبسط قراءة ولو كانت (عابـرة) لفتاوى الإمام في المسائل محط الابتلاء الشخصي للإنسان المؤمن ولغة إجاباته (دام ظله) على الأسئلة التي كانت وردته وترده باستمرار من قبل أبنائه من الجاليات العربية والإسلامية التي تعيش في بلدان الاغتراب يلحظ جزالة المعنى ودقة العبارة ووعيه لخلفيات المسألة الشرعية ودرايته بالأوضاع والوقائع الاجتماعية والسياسية والثقافية والفكرية والقضائية في بلدان الاغتراب.
وفي هذا الإطار يقدم الإمام رؤية عقلانية تجديدية للإنسان المسلم الذي يعيش في بلدان الاغتراب مؤداها ضرورة القيام بعكس صورة الإسلام والدين الإسلامي الحنيف والفكر والشريعة السمحاء للإنسان والمجتمعات الغربية لكي يحدث الحوار الديني والإنساني ولقائه المفترض بين العالم الإسلامي وجالياته العربية والإسلامية والأديان والطقوس والمفاهيم والسياسات الدينية الأخرى. على أن الإمام يستهدف من وراء هذا كله إيضاح صورة ونموذج الإسلام الحقيقي بمسلميه للعالم المسيحي وشعوبه وقد نجح الإمام في مجمل إجاباته الفقهية وإرشاداته القيادية الأبوية في تأكيد تلك المعاني والإشارات.
إن العديد من الدول الاسكندنافية واستراليا والولايات المتحدة الأميركية وعدداً لا بأس به من دول العالم يعرفون الإمام ومرجعيته الدينية قبل سقوط صدام ودخول القوات الأميركية وظهور هذه المرجعية الدينية بقوة في الشارع العراقي.
فبحكم كثرة ومساحة مقلدي سماحة الإمام في الخارج أمكن التعرف على أبـرز الآراء والمواقف الاجتماعية والسياسية للإمام من قبل هذه الدول وقد أشادت دول عديدة من بينها الدانمارك والسويد وعلى لسان مسؤولين كبار بحرص الإمام السيستاني على جالياته الشيعية وتربيته النبيلة لهم عبـر حظهم على حماية الممتلكات والأسواق والمتاجر الموجودة في تلك البلدان من السرقة والسراق وعدها ممتلكات لا يجوز التلاعب بها بل أكد الإمام في وقتها على (النهي الشديد) من مغبة التطاول على الممتلكات هذه كونها لا علاقة لها بما يتحدث به المسلمون في تلك البلدان من أن هذه المتاجر غير مسلمة ولا تتعامل بالأصول الشرعية في بيعها وشرائها كذلك دعوة الجاليات المسلمة إلى التقاضي في المحاكم الغربية والدعوة إلى احترام أهل الكتاب وتوقير تقاليدهم وأعرار تقاليدهم وأعرا به الدين الإسلامي الحنيف أتباعه ونهاهم عن الإساءة مهما كانت.
لقد كانت تأثيرات سياسات الإمام وأخلاقياته في الغرب لها انعكاسات مهمة في مسيرة التعرف على شخصيته الدينية ومواقفه كمرجع أعلى للطائفة الشيعية فيما بعد ولعّل القوى السياسية المهمة كالولايات المتحدة الأميركية كانت تدرك مكانة الرجل المهمة الاستراتيجية تلك حين أصبح شغلها الشاغل بعد سقوط النظام كيفية التعاطي مع مرجعية السيستاني الفقهية وحيازة رضاه والحرص على لقائه ومحاولة الانضواء تحت (عبائته) لاستحصال الشرعية!!. ولا نعتقد أن هناك مرجعية دينية قادرة على تثوير الشارع العراقي وتهدئته والتحكم بأزرار قوته وتوجيه مساره وتفعيل حركته السياسية والعقائدية كمرجعية الإمام السيستاني مع تقدير جهود كل المرجعيات الدينية المتنورة في العراق.
ا ولهذا السبب توجهت الأنظار في الغرب وفي الولايات المتحدة الأميركية لمحاولة فهم هوية الرجل والدخول في صميم مداركه ومواقفه ودواخل شخصيته وتحليل حركته ونظرياته في العمل وعقد المقارنات بينه وبين بقية الشخصيات الدينية والسياسية في الساحة العراقية. وفي هذا الصدد كتب الكثير وارتفع صوت البعض من هذه الكتابات في الغرب مطالباً بضرورة تحريك كل مسارات الضغط على الرجل السبعيني في النجف الأشرف لكي (يستقيم على الطريقة) بعد أن لمسوا في شخصيته وسمات حركته ما لا يدل على ذلك!!
يتبع
|
|
|
|
|