|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 64616
|
الإنتساب : Mar 2011
|
المشاركات : 324
|
بمعدل : 0.06 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
ابو غدير الساعدي
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 09-05-2011 الساعة : 02:15 AM
3 ـ الاعتراف بفضل الصحابة بنحو الإجمال
يقول الإمام علي(عليه السلام) في صحابة الرسول(صلى الله عليه وآله) :
«لقد رأيت أصحاب محمّد(صلى الله عليه وآله) فما أرى أحداً يُشبههم منكم، لقد كانوا يُصبحون شُعثاً غُبراً، وقد باتُوا سُجّداً وقياماً يراوحون بين جباهِهم وخُدودهم، ويقِفُون على مثل الجَمْر من ذكر معادهم، كأنّ بين أعينهم رُكَبَ المِعزى من طولِ سُجودِهم، إذا ذُكِرَ اللهُ هَمَلَتْ أعيُنُهم حتّى تَبُلَّ جُيوبهم، ومادوا كما يميدُ الشجرُ يوم الريحِ العاصف خوفاً من العقاب ورجاءً للثواب»[1].
ويقول: «أين إخواني الّذين ركِبوا الطريق ومَضوا على الحقّ؟ أين عمّار، وأين ابن التَيِّهان، وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الّذين تَلَوُا القُرآن، فأحكمُوهُ، وتَدبَّروا الفرضَ فأقاموه، أحْيَوُا السُنّة وأماتُوا البدعة، دُعوا إلى الجهاد فأجابوا، ووثِقُوا بالقائد فاتّبعوه»[2].
ومن أدعية الإمام السجّاد زين العابدين عليّ بن الحسين(عليهما السلام)في الصحيفة المعروفة بـ (الصحيفة السجادية) التي يتعبّد بها أتباع أهل البيت(عليهم السلام)، هذا الدعاء: «اللّهمّ وأتباع الرسل ومصدّقوهم من أهل الأرض بالغيب عند معارضة المعاندين لهم بالتكذيب... اللّهمّ وأصحاب محمّد خاصّة، الّذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه ، وأسرعوا الى وفادته، وسابقوا الى دعوته واستجابوا له حيث أسمعهم حجّة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوّته، وانتصروا به، ومن كانوا مُنطوين على محبّته، يرجون تجارة لن تبور في مودّته، والّذين هجرتهم العشائر إذ تعلّقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظلّ قرابته، فلا تنسَ لهم اللّهمّ ما تركوا لك وفيك، وأرضِهم من رضوانك، ... واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم... اللّهمّ وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الّذين يقولون: (ربّنا اغْفِر لَنَا وَلإخوانِنا الّذين سَبَقُونا بالإيمان) خير جزائك...»[3].
وهذا المعنى محسوس في تراث فقهاء ومفكري مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) ، يقول أحد المعاصرين منهم وهو الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء : «لا أقول إن الآخرين من الصحابة ـ هم الأكثر الّذين لم يتّسموا بسمة الولاء لأهل البيت ـ قد خالفوا النبيّ ولم يأخذوا بإرشاده، كلاّ ومعاذ الله أن يُظنّ فيهم ذلكوهم خيرة من على وجه الأرض يومئذ، ولكن لعلّ تلك الكلمات لم يسمعها كلّهم، ومن سمع بعضها لم يلتفت إلى المقصود منها، وصحابة النبيّ الكرام أسمى من أن تُحلّق إلى أوج مقامهم بُغاث الأوهام»[4].
ويُضيف آل كاشف الغطاء بعد أن يذكر جملةً ممّا وقع بحقّ أهل البيت في عهود الخلافة المتتابعة، فيقول: «لا يذهبنّ عنك أ نّه ليس معنى هذا أ نّا نريد أن ننكر ما لاُولئك الخلفاء من الحسنات وبعض الخدمات للإسلام، التي لا يجحدها إلاّ مكابر، ولسنا بحمد الله من المكابرين، ولا سبّابين ولا شتّامين، بل ممّن يشكر الحسنة ويغضي عن السيئة، ويقول: تلك اُمّةٌ قد خَلَتْ، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وحسابهم على الله، فإن عفا فبفضله، وإن عاقب فبعدله»[5].
هذا من حيث التفصيل، أ مّا الوصف الإجمالي للصحابة فقد أوجزه السيّد الشهيد محمد باقر الصدر بعبارة رائعة، فقال: «إنّ الصحابة بوصفهم الطليعة المؤمنة والمستنيرة كانوا أفضل وأصلح بذرة لنشوء اُمة رساليّة، حتّى أن تاريخ الإنسان لم يشهد جيلاً عقائديّاً أروع وأنبل وأطهر من الجيل الذي أنشأه الرسول القائد»[6].
4 ـ وثائق قرآنية ونبوية وتاريخية تشهد بسقوط العدالة عن بعض الصحابة.
وها نحن نسوقها بنحو من التفصيل:
فقد برزت ظاهرة النفاق بين صحابة الرسول في المدينة المنوّرة، وسجّلها القرآن الكريم بعبارات مريرة في اثنتي عشرة سورة من سوره، وخصص واحدة منها للتنديد بهم والتحذير منهم، وكشف خططهم وألاعيبهم، وبيان خصائصهم وصفاتهم السلوكية، ووردت الإشارة إليهم بكلمة النفاق أو المنافقين سبع وثلاثين مرة، ولا شك أن هؤلاء قد صحبوا النبي(صلى الله عليه وآله) ، وربّما كانوا قبل ذلك من المشاركين في بعض الغزوات، وربّما كان بعضهم صادقاً في إيمانه قبل حلول النفاق في قلبه. وفي الصحابة مَن لمز النبي(صلى الله عليه وآله) في الصدقات، ومنهم من آذاه وقال: (هواُذُنٌ) ومنهم من اتّخذوا مسجداً ضراراً وتفريقاً بين المؤمنين، ومنهم من كان في قلبه مرض ومنهم المعوقون، (ومنهم الذين اعتذروا في غزوة تبوك وكانوا بضعة وثمانين رجلاً)[7]، وحلفوا للنبي فقبل منهم علانيتهم، فنزل فيهم قوله تعالى: (سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجسٌ ومأواهم جهنم جزاءاً بما كانوا يكسبون * يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين)[8].
وفي هذه الغزوة همَّ أربعة عشر منافقاً أن يفتكوا برسول الله في ظلمات الليل عند عقبة هناك[9].
ولما انصرف النبيّ من هذه الغزوة إلى المدينة كان في الطريق ماء يخرج من وشل بوادي المشقق، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من سبقنا إلى ذلك الماء فلا يسقين منه شيئاً حتّى نأتيه. فسبقه إليه نفر من المنافقين واستقوا ما فيه، فلما أتاه رسول الله(صلى الله عليه وآله)! وقف عليه فلم ير فيه شيئاً، ولمّا علم النّبي بأمر المنافقين قال: أوَلم ننههم أن يستقوا منه شيئاً حتّى نأتيه. ثم لعنهم ودعا عليهم[10].
(ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اُذُنٌ... والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم)[11]. (إنّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مُهيناً)[12].
وفيهم المخادعون والذين يظهرون الإيمان وقد وصفهم الله تعالى بقوله:
(ومن الناس من يقول آمنّا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين* يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلاّ أنفسهم وما يشعرون)[13].
(وإذا لقوا الّذين آمنوا قالوا آمنّا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحن مستهزءون)[14].
(ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدّقن ولنكوننّ من الصّالحين* فلمّا آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون* فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون)[15].
إنها قصة ثعلبة، ذلك الصحابي المعدم الذي سأل الرسول أن يدعو الله له حتّى يرزقه المال، فقال له الرسول: «ويحك يا ثعلبة، قليل تشكره خير من كثير لا تطيقه» فقال ثعلبة: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فيرزقني مالاً لأعطين كل ذي حقّ حقه. فقال الرسول: «اللهم ارزق ثعلبة مالاً»، فرزقه الله ونمّاه له، وعندما طلب منه الرسول زكاة أمواله بخل ثعلبة، معللاً بخله بأن هذه الزكاة جزية وامتنع عن دفعها ومات النبي(صلى الله عليه وآله) وثعلبة على قيد الحياة، فأرسل زكاة أمواله إلى أبي بكر فرفضها، وأرسلها إلى عمر فرفضها، وهلك ثعلبة في زمن عثمان[16].
وفيهم من قال القرآن فيه: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون* أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نُزلاً بما كانوا يعملون* وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلّما أرادوا أن يخرجوا منها اُعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون)[17].
المؤمن هو علي بن أبي طالب، والفاسق هو الوليد بن عقبة، وقد تولى الكوفة لعثمان، وتولى المدينة لمعاوية ولابنه يزيد[18].
ومنهم من قال الله تعالى فيه: (ومن أظلم ممّن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين)[19].
نزلت هذه الآية في عبدالله بن أبي سرح وهو والي عثمان على مصر، فهو الذي افترى على الله الكذب، وأباح الرسول دمه ولو تعلق بأستار الكعبة، كما يروي صاحب السيرة الحلبية الشافعي في باب فتح مكة، وجاء به عثمان يوم الفتح يطلب الأمان له كما يروي صاحب السيرة، وسكت الرسول على أمل أن يقتل خلال سكوته، كما أوضح رسول الله، ولما لم يقتل أعطاه الأمان[20].
وفيهم مَن قال: (اتّخذوا أيمانهم جنّة فصدّوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين)[21].
وفيهم مَن قال: (يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلاّ قليلاً* مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً)[22].
والكتاب العزيز يعلن بصراحة عن وجود طائفة تستمع إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولكن طبع الله على قلوبهم لأ نّهم اتّبعوا الهوى، فقال تعالى:
(ومنهم من يستمع إليك حتّى إذا خرجوا من عندك قالوا للّذين اُوتوا العلم ماذا قال آنفاً اُولئك الّذين طبع الله على قلوبهم واتّبعوا أهواءهم)[23].
كما أعلن تعالى لعن طائفة منهم وهم الذين في قلوبهم مرض والذين يفسدون في الأرض ويقطعون أرحامهم، (اُولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم* أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)[24].
ومنهم ذو الثُّدَيَّة الذي كان من الصحابة المتنسكين وكان يعجب الناس تعبده واجتهاده، وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: إنه لرجل في وجهه لسفعة من الشيطان، وأرسل أبا بكر ليقتله، فلما رآه يصلي رجع، وأرسل عمر فلم يقتله، ثم أرسل علياً(عليه السلام) فلم يدركه[25]. وهو الذي ترأّس الخوارج، وقتله علي(عليه السلام) يوم النهروان[26].
كانت مجموعة من الصحابة يجتمعون في بيت أحدهم يثبطون الناس عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فأمر من أحرق عليهم هذا البيت[27].
وممّن صحب النبي(صلى الله عليه وآله) قزمان بن الحرث، قاتل مع رسول الله في اُحد قتال الأبطال، فقال أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله): ما أجزأ عنا أحد كما أجزأ عنّا فلان، فقال النّبي: أما إنه من أهل النار، ولما أصابته الجراح وسقط قيل له: هنيئاً لك بالجنة يا أبا الغيداق، فقال: جنّة من حرمل!! والله ما قاتلنا إلاّ على الأحساب[28] !
ومنهم الذين اتّخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين، وقالوا: إنّهم بنوا هذا المسجد تقرّباً لله تعالى، وكانوا اثني عشر رجلاً من الصحابة المنافقين.
أخرج ابن حجر الهيثمي عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): لألفينّ ما توزعت أحداً [29] منكم عند الحوض فأقول: هذا من أصحابي فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك[30].
وعن أبي الدرداء، قال: قلت: يا رسول الله بلغني أ نّك تقول:
إن أُناساً من اُ مّتي سيكفرون بعد إيمانهم، قال: أجل يا أبا الدرداء؟ ولست منهم[31].
وأخرج الإمام أحمد عن أبي بكرة، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ليردّن الحوض عليّ رجال ممّن صحبني، ورآني، فإذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني، فلأقولنّ أصحابي، أصحابي فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك[32].
وأخرج الإمام أحمد عن أنس بن مالك عن النبي(صلى الله عليه وآله)، قال: ليردّن الحوض عليّ رجال حتّى إذا رأيتهم رفعوا إليّ، فاختلجوا دوني فلأقولنّ: ياربّ: أصحابي، أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك[33]. وأخرج الإمام أحمد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: قام فينا رسول الله(صلى الله عليه وآله)بموعظة، فقال: إنّكم محشورون إلى الله تعالى حُفاة، عُراة، عُزْلاً، (كما بدأنا أوّل خلق نُعيده وعداً علينا إنّا كنّا فاعلين).
فأوّل الخلائق يُكسى إبراهيم خليل الرحمن عزّ وجل، ثم يؤخذ بقوم منكم ذات الشمال.
قال ابن جعفر: وإنه سيُجاء برجال من اُمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا ربّ أصحابي قال: فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح: (وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم) الآية، إلى (إنّك أنت العزيز الحكيم)[34].
5 ـ القرآن والسنّة يصرّحان بلعن بعض الصحابة
أما القرآن الكريم: فقد ذكرنا أن موارد اللعن في القرآن الكريم قد توزعت على أربعة محاور هي: عموم الكفار، خصوص أهل الكتاب، المنافقون، عوامل تهديد النظام الاجتماعي الإسلامي.
والمحور الأول والثاني خارجيان، والثالث والرابع داخليان، يعيشان داخل المجتمع الإسلامي، وحينما يصبّ القرآن الكريم لعنته على النفاق، فإنّما يلعن بذلك، أفراداً ممّن أسلم وصحب النبي(صلى الله عليه وآله) وصدق عليه مفهوم الصحبة، وكذلك الأمر في المحور الرابع وأبرز مورد قرآني في لعن بعض الصحابة، قوله تعالى: (وإذ قلنا لك ان ربّك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلاّ فتنة للناس والشجرة المعلونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلاّ طغياناً كبيراً)[35].
وذكر المفسرون أن الشجرة الملعونة في القرآن هي شجرة الحكم بن أبي العاص، والرؤيا هي رؤيا النبي(صلى الله عليه وآله) في المنام، أن ولد مروان بن الحكم يتداولون منبره[36].
أما لعن النبي(صلى الله عليه وآله) لبعض صحابته، فباب واسع فيه موارد عديدة أشهرها لعن الرسول للحكم، ولعن ما في صلبه حتى أ نّه، قال: ويل لاُ مّتي ممّا في صلب هذا[37].
ومن حديث عائشة أنها قالت لمروان: أشهد أن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبه، فنفاه النبي إلى مرج قرب الطائف، وحرّم عليه أن يدخل المدينة، ولما مات رسول الله راجع عثمان أبا بكر ليدخله فرفض أبو بكر، ولما مات أبو بكر راجع عثمان عمر ليدخله المدينة فأبى عمر، ولما تولى عثمان الخلافة أدخله معزّزاً مكرّماً وأعطاه مائة ألف درهم، واتّخذ مروان ابنه بطانة له، وتسبب فيما بعد بقتل الخليفة وخراب الخلافة الراشدة .
وأخرج نصر بن مزاحم المنقري، عن عبدالغفار بن القاسم، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «اللهمّ العن التابع والمتبوع، اللهمّ عليك بالاُقيعس». فقال ابن البراء لأبيه: مَن الاُقيعس[38]؟ قال: معاوية؟[39].
وأخرج نصر، عن علي بن الأقمر في آخر حديثه، قال: فنظر رسول الله إلى أبي سفيان وهو راكب، ومعاوية وأخوه، أحدهما قائد والآخر سائق، فلمّا نظر إليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ،قال: «اللّهمّ العن القائد، والسائق، والراكب». قلنا:
أنت سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟! قال: نعم، وإلاّ فصُمَّتا اُذناي ، كما عُميتا عيناي[40].
وانظر إلى رسالة محمد بن أبي بكر التي وجهها لمعاوية، فقد جاء فيها: «وقد رأيتك تساميه وأنت أنت، وهو هو أصدق الناس نية، وأفضل الناس ذرية، وخير الناس زوجة، وأفضل الناس ابن عم أخوه الشاري بنفسه يوم مؤته، وعمّه سيد الشهداء يوم اُحد، وأبوه الذابّ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ،ونحن حوزته. وأنت اللعين ابن اللعين، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسول الله(صلى الله عليه وآله)الغوائل، وتجهدان في إطفاء نور الله، تجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال وتؤلبان عليه القبائل، وعلى ذلك مات أبوك وعليه خلفته. ولم ينف معاوية لعنه ولا لعن أبيه مع أنه قد كتب رداً على هذه الرسالة[41].
وهذه الشواهد القرآنية والنبوية والتاريخية، تشهد بقاطعية لبطلان نظرية عدالة كل الصحابة. وتشهد أيضاً على أن الصحابة أنفسهم لم يكونوا ينظرون بمنظار العدالة لكل صحابي، كما في كلمة عائشة لمروان: أشهد أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعن أباك وأنت في صلبه. وتتأكد هذه النتيجة بملاحظة كلمتها الشهيرة بحق عثمان: اقتلوا نعثلاً فقد كفر[42].
يتبع
|
|
|
|
|