|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 38559
|
الإنتساب : Jul 2009
|
المشاركات : 1,351
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
اللجنة العامة
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 02-07-2010 الساعة : 02:23 AM
(وبقوتك الّتي قهرت بها كلّ شيء)
بيان القوى العشر الظاهرة والباطنة:
المراد بالقوّة: القدرة، لا استعداد الشيء، كالتي هي قسط الهيولى من مطلق الكمال، كما عرفت بأ نّها جوهر بالقوّة المحضة، جنسها مضمّن في فصلها، وفصلها مضمّن في جنسها. ولا من سنخ القوى العشر الّتي أودعها الله تعالى في الإنسان، سبعة منها مدركة للجزئيات، وهي: الواهمة المدركة للمعاني، والحسن المشترك، والباصرة، والسامعة، والذائقة، والشامّة، واللامسة. واثنتان منها هما المحرّكة: محرّكة العاملة ومحرّكة الشوقية. وعاشرها: العقل، أي العاقلة، وهي المدركة للكلّيات، وهي منشعبة إلى أربع قوى: </b>بيان انشعاب العقل إلى أربع قوى:
أحدها: هي القوّة الغريزية الّتي يستعدّ بها الإنسان لإدراك العلوم النظرية، ويفارق بها البهائم، فكما أنّ الحياة تهيئ الجسم للحركات الإرادية والإدراكات الحسيّة، فكذا القوة الغريزية تهيئ الإنسان للعلوم النظرية والصناعات الفكرية. </b>الثانية: قوّة يحصل بها العلم بأنّ الاثنين مثلا أكثر من الواحد، والشخص الواحد لا يكون في زمانين ومكانين. </b>والثالثة: قوّة تحصل بها العلوم المستفادة من التجارب بمجاري الأحوال. </b>والرابعة: قوّة بها يعرف الإنسان عواقب الاُمور، فيقمع الشهوة الداعية إلى اللذّة العاجلة، ويتحمل المكروه العاجل لسلامة الآجل.
فإذا حصلت تلك القوى سُمّيّ صاحبها: عاقلا، فالاُولى والثانية حاصلة بالطبع، والثالثة والرابعة حاصلة بالاكتساب.
وإلى ذلك أشار أميرالمؤمنين</b>(عليه السلام) </b>بقوله:
(رأيت العقل عقلين *** فمطبوع ومسموعُ
ولم ينفعك مسموع *** إذا لم يك مطبوعُ
كما لا تنفع الشمس *** وضوء العين ممنوعُ)(32)
وإنّما لا يجوز إطلاق القوة بهذه المعاني على الله تعالى: إذ جميع ذلك استعدادات وإمكانات وانفعالات وإن نعدّها وجودات، فكانت من جملة قدرته الفعلية الّتي سنفصل لك ونبيّن أن جميعها جهات قادريته تعالى.
بل القدرة ـ كالعلم ـ ذات مراتب، ومرتبة منها هي الواجبة بذاتها، وهي قدرته الذاتية. ومرتبة منها عين الوجود المنبسط، وهي قدرته الفعلية.
وجميع الأشياء مقدورات لله تعالى بهذه القدرة الفعلية، وانقهارها استهلاكها واضمحلالها تحتها; لأ نّها بذواتها ليست أشياء على حيالها، ولهذا ورد عن الشرع الأنور: (لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم).
وقوله: (وبقوّتك الّتي قهرت بها كلّ شيء) أي بقوتك الفعلية الّتي هي تحت قدرتك الذاتية الّتي قهرت بها جميع المقدورات. والباء في قوله: (بها) سببية، أو بمعنى: مع.
(وخضع لها كلّ شيء، وذل لها كلّ شيء)
الضمائر الثلاثة راجعة إلى القوّة. والخضوع ـ كالخشوع ـ : التواضع خوفاً ورجاءً، وقد يفرّق بينهما بأنّ الخضوع يستعمل في البدن، والخشوع في الصوت(33)، مثل قوله تعالى: </b>(وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ)(34). </b>وقد لا يفرق بأنّ الخضوع ـ أيضاً ـ استعمل في القول والصوت، كقوله تعالى: (فَلا تَخْضَعْنَ بِالقَوْلِ)(35).
فقوله: (وخضع لها كلّ شيء، وذل لها كلّ شيء) مثل قوله تعالى: </b>(وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلْحَيِّ القَـيُّومِ)(36) أي ذلّت وخضعت الوجودات له تعالى; لأ نّه مالك رقابها، وآخذ بناصيتها، وقيوّمها ومقوّمها، وبفيضه تعالى قوام الأشياء، وبسببه حياتها.
گر فيض تو يك لمحه بعالم نرس *** معلوم ثمود بود ونبود همه كس
(وذلّ) من الذُل ـ بالضم ـ ضدّ العز، أي هان لها كلّ شيء. ويحتمل أن يكون من الذّل ـ بالكسر ـ ضدّ الصعوبة، أي انقاد لها كلّ شيء.
(وبجبروتك الّتي غلبت بها كلّ شيء)
وجه تسمية عالم العقول بالجبروت:
جبروت: فَعَلُوت، من الجبر، وهو تعالى جبار; لأ نّه يجبر نقائص الممكنات بإفاضة الخيرات عليها، ويكسو العناصر صور المركبات، فيخبر نقصانها. وخصّ استعمالها بعالم العقول، طولية كانت أو عرضية، صعودية كانت أو نزولية. </b>وجه تسمية عالم الأسماء والصفات باللاهوت:
كما أ نّه خصّ استعمال «اللاهوت» بعالم الأسماء والصفات، أي عالم الواحدية، وهو المسمّى في لسان الشرع الأنور بـ (الاُفق الأعلى) و (الاُفق المبين)، وهو مقام: </b>(قَابَ قَوْسَيْنِ أوْ أدْنَى)(37). وهو منتهى سير السالكين العارفين، وكان مقام نبيّنا محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم)، وإلى ذلك المقام أشار جبرائيل بقوله: (لو دنوت أنملة لاحترقت)(38) كما قيل:
أحمد اربُگشايد آن پُر جليل *** تا أبد مدهوش ماند جبرئيل
وجه تسمية عالم المثال بالملكوت وخصّ استعمال «الملكوت» بعالم الباطن من عالم المثال الأعلى والأسفل، أي عالم النفوس مطلقاً وعالم الصور الصرفة، وباصطلاح حكماء الإشراق(39) عالم المُثل المعلقة. </b>وجه تسمية عالم الأجسام بالناسوت وخصّ استعمال «الناسوت» بعالم الطبائع، أي عالم الجسم والجسماني، وبعبارة اُخرى: عالم الزمان والزمانيات.
كما أنّ «الملكوت» يطلق على عالم الدهور أيضاً، كما قال تعالى: </b>(وَكَذَلِكَ نُرِي إبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ المُوقِنِينَ)(40).
فليعلم أنّ أول ما صدر من الحقّ الحقيقي هو العقل الأوّل، والممكن الأشرف الأجلّ، كما قال(صلى الله عليه وآله وسلم): (أول ما خلق الله تعالى العقل)(41) وبرواية اُخرى: (أول ما خلق الله نوري)(42) و (روحي)(43). وهو المسمّى في الكتاب الإلهي والفرقان السماوي بـ (اُمُّ الكِتَاب) كقوله تعالى: (وَعِنْدَهُ اُمُّ الكِتَابِ)(44) وبالقلم كقوله: (ن وَالقَـلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ)(45).
فهو لاشتماله على جميع الحقائق، لكونه بسيط الحقيقة، جامعاً لكمالات ما دونه بنحو اللفّ والجمع، سُمّي بـ (اُمُّ الكِتَاب) إذ الاُمّ بمعنى الأصل، فهو أصل جميع الكتب ومنبعها، وكتابيته باعتبار ماهيته.
كما أنّ عالم العقول بهذا الاعتبار سُمّي بـ (الأرض البيضاء)، كقوله(عليه السلام): (إن الله أرضاً بيضاء مشحونة خلقاً، يعبدون الله ويسبّحونه ويهللونه، ولا يعلمون أنّ الله خلق آدم ولا إبليس)(46) وذلك لأنّ الوجود المنبسط والرحمة الواسعة تختلف أسماؤه باعتبارات شتى ]في[ نفس الأمرية، فإنّه مضافاً إلى الله تعالى إيجاده وصنعه كما مرّ، ومضافاً إلى الماهية وجودها، ومن حيث إنّه كالقلم بين أصابع الرحمن يكتب على صفحات القوابل: (قلم) ومن حيث المثبت في الألواح العالية من اللوح المحفوظ ولوح القدر (كتابه) كما قيل:
بزد آنكه جانش در تجلّى است *** همه عالم كتاب حق تعالى است
عرض اعراب وجوهر چون حروف است *** مراتب همچو آيات وقوف است
از او هر علمى چون سوره اى خاص *** يكى زان فاتحه وآن ديگر اخلاص
***
ومن حيث كونه علّة مؤدّية لوجود المقضي: (قضاء) ومن حيث إنّه يعيّن شكل المقضي ويقدّر مقداره: قدر.
وبالجملة: من حيث إنّه كلمة (كن) الوجودية: </b>(كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَة طَيِّبَة أصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)(47).
ثمّ صدر بتوسّطه العقل الثاني، ثمّ الثالث، إلى العاشر، وهو المسمّى عند الحكماء بـ (العقل الفعّال)، وعند العرفاء(48) بـ (روح القدس) وفي لسان الشرع الأطهر بـ (جبرائيل).
وهذا الترتب العلّي بين العقول العشرة على طريقة حكماء المشّائين(49) وأمّا على مذهب الإشراقيين(50) لا ترتّب بينها، بل هي عندهم متكافئة، ولا نهاية لها.
والعرفاء يسمون العقول: أرباب الأنواع، فالجبروت اسم لذلك العالم جملة.
فقد عُلم ـ بما ذُكر ـ أنّ وجود العقول غالب ومقدّم على كلّ شيء، لا نّه أصل في التحقق والجعل، فهو غالب على جميع الماهيات، وقاهر عليها بالحقّ بعد الحقّ، فهو تعالى إذا كان بجبروته ـ الّتي هي عالم من عوالمه ـ قاهراً على الأشياء، فمقهورية الكلّ تحت نور ذاته الظاهرة لا خفاء بها (وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ)(51).
الهوامش
32) ديوان الإمام عليّ(عليه السلام): 61.
(33) اُنظر الفروق اللغوية: 216 الرقم: 844 .
(34) طه: 108.
(35) الأحزاب: 32.
(36) طه: 111.
(37) النجم: 9.
(38) اُنظر بحار الأنوار: 18/382.
(39) حكمة الإشراق ضمن مجموعة مصنفات شيخ الإشراق: 1/230.
(40) الأنعام: 75.
(41) بحار الأنوار: 1/97 و54/309.
(42) بحار الأنوار: 1/97 و54/170.
(43) بحار الأنوار: 54/309.
(44) الرعد: 39.
(45) القلم: 1.
(46) عوالي اللآلي: 4/100 ح 144 ، مختصر بصائر الدرجات: 12 باختلاف.
(47) إبراهيم: 24.
(48) الإنسان الكامل: 2/8.
(49) اُنظر كتاب المشارع والمطارحات ضمن مجموعة مصنفات شيخ الإشراق: 2/450.
(50) اُنظر حكمة الإشراق ضمن مجموعة مصنفات شيخ الإشراق: 1/139 ـ 140.
(51) الأنعام: 18.
(52) القاموس المحيط.
(53) مضمون حديث ورد بألفاظ مختلفة، اُنظر بحار الأنوار: 65/265 و275، 92/457. نختتم مجلس اليوم بالصلاة على محمد و آل محمد
تحايا اللجنة العامة في منتديات انا شيعي العالمية
|
|
|
|
|