|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 429
|
الإنتساب : Oct 2006
|
المشاركات : 12,843
|
بمعدل : 1.91 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
Dr.Zahra
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 14-04-2007 الساعة : 01:08 PM
تابع
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد

وهكذا تنتهي حرب الثماني سنوات دون أن يظفر مشعلو فتيلها في تحقيق أي واحد من أهدافهم. ومرة أخرى يبرهن الشعب الإيراني النبيل في ظل قيادة الإمام الحكيمة، على حقّانيّته وسلامة مسيرته، وأن يجعل أمنية تجزئة إيران الإسلامية وهزيمتها حسرة في قلوب أعدائها.
إنّ أخطر جرائم صدام وأعظم خياناته مع البلدان التي تتستّر برداء العروبة والإسلام، التي شجّعته على العدوان وقدّمت له مختلف أنواع الدعم والمساعدة، فضلاً عن هدر الطاقات العظيمة الإنسانية والإقتصادية لكلا البلدين، هو أنه بشنّه لهذه الحرب المقيتة تنفيذاً لأوامر أسياده، قد قضى على الجهود التي بُذلت على طريق توحيد الأمة الإسلامية، وتحقق ثورة الإسلام العالمية، إذ كانت الظروف قد تهيّأت تماماً لتحقيقها بعد سقوط الشاه.
وما أن استتبّ السلام نسبياً، أصدر الإمام الخميني بياناً في 3/10/1988 م من تسعة بنود، حدّد فيها لمسؤولي الجمهورية الإسلامية النهج الذي ينبغي اتّباعه في مسيرة إعادة بناء البلاد وإعمارها. وتكفي القراءة المتأنية لهذه البنود لاستشفاف عمق نظر الإمام وأصالة القيم التي يؤمن بها.
ومن المواقف المهمة الأخرى التي صدرت عن الإمام الخميني (قده) في الأشهر الأخيرة من عمره المبارك، والتي تستحق التأمل، الرسالة التي بعث بها سماحته الى "غورباتشوف"، آخر رؤساء الإتحاد السوفياتي السابق. ففي هذه الرسالة التي بعث بها في 1/1/1989 م أشار الإمام، ضمن تحليله للتحولات التي شهدها الإتحاد السوفياتي، الى عجز النظام الماركسي الإلحادي عن إدارة المجتمع، وأعلن بأنّ مشكلة الإتحاد السوفياتي الأساسية تكمن في عدم إيمان قادته بالله؛ وحذّرهم من الإنقياد الى النظام الرأسمالي الغربي، وأن لا تخدعهم أميركا.
وفي جانب آخر من الرسالة، وضمن تطرّقه الى المسائل الفلسفية والعرفانية العميقة، وإشارته الى فشل الشيوعيين في سياساتهم المعادية للدين، طلب الإمام الخميني (قده) من السيد "غورباتشوف" أن يؤمن بالله وبالدين بدلاً من عقد الآمال على التوجهات المادية للغرب.
ومن الحوادث المهمة والمؤلمة التي شهدتها الشهور الأخيرة من عمر الإمام، طباعة ونشر كتاب "الآيات الشيطانية" من قِبل إحدى دُور النشر الغربية. وإذا ما نظرنا الى حقيقة التأييد الغربي الرسمي لمؤلف هذا الكتاب - سلمان رشدي - ندرك أنّ هذا الدعم مثّل بداية فصل جديد من الهجوم الثقافي الغربي ضد القيم والمقدسات الإسلامية، إذ إنّ الكتاب استهدف الطعن بالأصول الإسلامية، والإساءة الى المقدّسات، التي كان التحمس للذود عنها سبباً في توحد نهج الحركات الإسلامية التي ظهرت في العقود الأخيرة وانسجام أهدافها وتطلعاتها.
أصدر الإمام الخميني (قده) بتاريخ 14/2/1989 م بياناً، إنطلاقاً من الحقائق المسلّمة بها، وعلى ضوء المعتقدات الإسلامية التي تحظى بتأييد مذاهب المسلمين، واستلهاماً من فتاوى علماء الإسلام الكبار التي تحتفظ بها الكتب الفقهية للفرق الإسلامية، أكد فيه ارتداد سلمان رشدي والحكم عليه، وعلى ناشري الكتاب المطّلعين على محتواه، بالقتل.
ومع صدور حكم الإمام، وقف المسلمون، بشتى مذاهبهم ولغاتهم وقومياتهم، بصفوف مرصوصة في مواجهة الهجوم الغربي، الذي أعدّ له مسبّقاً.
وقد أظهرت هذه الحادثة للعيان، تماسك المجتمع الإسلامي ووحدة الأمة الإسلامية تجاه الأخطار التي تهدّدها، وأوضحت بأنّ المسلمين - رغم اختلافاتهم الداخلية - متى ما توفرت لهم القيادة الحقيقية بإمكانهم - بوصفهم طليعة حركة الإحياء الديني - أن يضطلعوا بدور مصيري في رسم مستقبل العالم.
كما استطاع الإمام الخميني (قده) في السنوات التي أعقبت انتصار الثورة الإسلامية، رغم المؤامرات المتلاحقة لأعداء الإسلام، وفي مقدّمتهم أميركا، التي استهدفت إسقاط الحكومة الإسلامية في إيران، وفرضت حرب الثماني سنوات على الشعب الإيراني المسلم، إستطاع الإمام، عبر توجيهاته وقراراته، بتشكيل المؤسسات الثورية والمراكز الحيوية، وإعادة تنظيم التشكيلات الموروثة عن النظام السابق، أن يمهّد الأرضية لخدمات واسعة وقيّمة للشعب الإيراني.
إنّ تشكيل مؤسسات من قبيل مؤسسة "جهاد البناء" و"لجنة الإمام الخميني للإغاثة" و"مؤسسة 15 خرداد" و"مؤسسة الإسكان" و"مؤسسة شهداء الثورة الإسلامية" و"مؤسسة المستضعفين" و"نهضة محو الأمية" و.. التي شملت بخدماتها أقصى نقاط إيران وأكثر القرى والأرياف المحرومة، هي من جملة الإنجازات التي تحققت في حياة الإمام الخميني (قده).
كما أنّ تشكيل كلٍّ من "لجان الثورة الإسلامية" و"قوات حرس الثورة الإسلامية"، وإعادة تنظيم "جيش الجمهورية الإسلامية في إيران"، ودور هذه الكيانات في المحافظة على الأمن، وردّ عدوان النظام البعثي، وإحباط مؤامرات الأعداء، تعدّ من الإنجازات المثيرة والباهرة للثورة الإسلامية.
ومن جملة الأمور التي تحققت بتأكيد سماحة الإمام ومتابعته لها شخصياً، التحول الذي شهدته الحوزات العلمية، وإعادة النظر في مناهج المدارس والجامعات، وإقامة دورات جامعية جديدة بمستويات مختلفة، وإنشاء الجامعات ومراكز التعليم العالي في المناطق المحرومة، وتوسيع مدى بث مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الى أقصى نقطة في البلاد، وتقديم خدمات الإتصالات الى أبناء هذه المناطق.. علماً أنّ تشكيل المجلس الأعلى للثورة الثقافية وتولّيه مسؤولية الإشراف على برامج الدورات الجامعية وتدوين المناهج الدراسية للجامعات، وإعداد الأساتذة الجامعيين، وتنظيم القبول في الجامعات، هي من جملة الخطوات التي تمّت المباشرة بها منذ أوائل انتصار الثورة الإسلامية.
وبعد عشرة أعوام من تجربة نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، بعث سماحة الإمام الخميني (قده) بتاريخ 24/4/1989 م رسالة الى رئيس الجمهورية وقتئذ (سماحة آية الله الخامنئي) أوكل فيهما الى لجنة من أصحاب الرأي والخبراء مسؤولية دراسة وتدوين التعديلات اللازمة في الدستور على أساس محاور حدّدها في الرسالة، وذلك بدافع إصلاح وتكميل تشكيلات النظام الإسلامي.
إنّ مثل هذا القرار ونظائره يشير بوضوح الى أي حدّ كان هاجس ترسيخ وتقوية أركان الحكومة الإسلامية يشغل فكر الإمام (قده)، وكيف أنه كان ينتهز كل فرصة ليمهّد الأرضية ويعبّد الطريق أمام تطبيق الأحكام الإسلامية على أحسن وجه.
الرحيــل
رغم أنّ الإمام الخميني (قده) كان قد شارف على التسعين من عمره الشريف، إلاّ أنه لم يتوانَ لحظة عن السعي على طريق رقيّ المجتمع الإسلامي، وكان يعتبر أحد أكثر الزعماء السياسيين نشاطاً في العالم. فإضافة الى اطّلاعه اليومي على أهم أخبار وتقارير الصحافة الرسمية، وقراءة عشرات الملفات الخبرية الخاصة، والإستماع الى أخبار الراديو والتلفزيون الإيراني، كان يحرص على الإستماع للإذاعات الأجنبية أيضاً.
كان سماحة الإمام يؤمن بشدة بالبرمجة والنظام والإنضباط في الحياة، فقد كانت لديه ساعات معيّنة من الليل والنهار يتفرغ فيها للعبادة والتهجد وتلاوة القرآن. كما أنّ رياضة المشي، وفي ذاته ذكر الله والتأمل والتدبّر، كانت جزءاً من برنامجه اليومي.
كذلك كان سماحته حريصاً على اللقاء بطبقات الشعب، لا سيما الطبقات المحرومة والمستضعفة، فحتى الأسابيع الأخيرة من عمره المبارك كان لديه كل أسبوع لقاء مع عوائل الشهداء؛ ولم تؤثر نشاطاته اليومية المكثفة، ولا حضوره المستمر إجتماعات مسؤولي النظام الإسلامي، دون
يتبع فتابعونا
|
|
|
|
|