|
شيعي فاطمي
|
رقم العضوية : 23528
|
الإنتساب : Oct 2008
|
المشاركات : 4,921
|
بمعدل : 0.82 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
نووورا انا
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 13-01-2010 الساعة : 06:42 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد
و اشير هنا إلى أن هذا المجلس كان مغايراً للمجالس التي يعقدها أكثر العلماء؛ إذ عادة ما يجلس صاحب المجلس مع الحضور من العلماء في موضع ، و يجلس عامة الناس في موضع آخر.
كنت في غالب الأوقات قائماً عند الباب على قدم الاحترام للجميع . و هذا مما جعل أهل البلدة عامة يتقاطرون لحضور المجلس حتى يغص بهم المكان ، بحيث يتعذر العبور من بين الحاضرين ، و بحيث يضطر جمع من الناس إلى الانتظار في الأزقة المجاورة ، لعل أحداً من الحضّار يخرج من المجلس ليحل في مكانه بعض المنتظرين.
على أي حال .. قال لي سيد محمد في صباح اليوم التالي : البارحة سألت العلماء الأربعة عما طلبت ، فقالوا : في يوم تاسوعاء في الساعة الفلانية و الدقيقة الفلانية سوف يحضر في المجلس الامام ولي العصر (عليه السلام) ... في الوقت الذي تكون أنت فيه جالساً قرب البئر عند باب الدار . في تلك اللحظة تجد في نفسك تغيراً مفاجئاً يهتز له بدنك.
و عليك آنئذ أن تتطلع إلى ذلك الموضع (و أشار إلى جانب من الدار) ، و سوف تشاهد رجالاً جالسين ، و عدتهم حوالي اثني عشر .. على هيئة خاصة و في زي خاص.
أحد هؤلاء .. هو الامام بقية الله (روحي له الفداء).
سوف يمكثون هنا ساعة .. ثم ينصرفون مع الناس . و لن تفطن لانصرافهم ، رغم سعيك ألا تغفل عنهم .
ينبغي في وقتها ان تكون على وضوء ن و أن تواصل عملك في الخدمة داخل المجلس .. من تقديم الشاي و إعادة الفناجين الفارغة . أنهم لن يقوموا لك ، وسوف يقولون لك : هذه دارنا ، فاذهب أنت و قف عند الباب لاستقبال الناس.
ساعة بتمامها يظل الامام ولي العصر (عليه السلام) و مرافقوه في المجلس . اثنان من قراء التعزية يصعدان المنبر . و مع انهما لا يتطرقان في حديثهما إلى ذكر مصيبة سيد الشهداء (عليه السلام) ألا أن حالة من التأثر و الهياج تهيمن على المجلس . ترتفع ضجة الناس بالبكاء و العويل .. على غير العادة في سائر الأيام.
القارئ (أشرف الواعظين) الذي يستغرق حديثه يومياً على المنبر ساعة ، و يختم المجلس في الثانية بعد الظهر .. يأتي في اليوم الموعود ، و يرتقي المنبر ، و يحدث الناس – على خلاف عادته – عن الامام بقية الله (روحي فداه).
كل هذا .. أنباني به سيد محمد في اليوم الخامس من المحرم . و إنتظار ليوم تاسوعاء ..كنت أحصي ساعات الليالي و الأيام .
و حان يوم تاسوعاء ..فحضر المجلس عدد غفير من الناس . و لشدة ازدحام الحاضرين ، اتخذت مكاناً لي في الساعة الموعودة محاذياً للبئر ، و على حين غفلة احسست بهزة تأخذ بدني ، جعلتني ارتجف .. بادرت ، فتطلعت إلى الموضع المعين من الدار ، فرأيت اثني عشر رجلاً جالسين حول بعضهم كالحلقة .
كانت ثيابهم من مألوف الثياب .و على رأس كل منهم قلنسوة كرمانشاهية .
كل ثيابهم خضر .. و كلهم ذوو بنية قوية .
محاسن وجوههم و حواجبهم سود اللون . و شعر رؤوسهم أسود أيضاً .
أما أنا .. فقد شققت لي طريقاً – من فوري – بين صفوف الحاضرين ، حتى وصلت إليهم ، وناديت بصوت عال : هاتوا شاياً للسادة.!
تبسموا في وجهي . و لم يظهر منهم لي في هذا المجلس من الاحتفاء و التقدير حتى بالقدر الذي يظهر لي رجال الحكومة و عامة الناس . قالوا لي : هذه دارنا. أحضروا لنا كل شيئ . اذهب لدى الباب و استقبل الناس.
و بلا اختيار .. عدت راجعاً إلى باب الدار ، و أنا لا أدري من أين دخلوا . و احتملت أنهم قد دخلوا من الغرفة الفاصلة بين غرفة الاستقبال و داخل المنزل .
و مهما يكن . . فقد صعد في تلكم الساعة اثنان من الوعاظ ، و احداً بعد الآخر . ومع أن المألوف أن يكون الحديث في يوم تاسوعاء عن أبي الفضل العباس (عليه السلام) ألا انهما – و بدون سابقة – شرعا يخاطبان الامام ولي العصر (أرواحنا فداه) خطاباً جعل الناس يبكون على فراق الامام (عليه السلام).
قدما التعازي للامام (عليه السلام) ، و استغاثا به من شدائد الدنيا و بلاءاتها.
في وقتها .. ضج المجلس بحالة من الاهتياج و الانفعال و البكاء و النحيب . الخطيب (أشرف الواعظين) جاء – كما أنبأني سيد محمد – مبكراً في أول الصباح .. و كان ينبغي أن يحضر على جاري العادة بعد الظهر ليختم المجلس . و عوض أن يجلس في الغرفة الخاصة بالقراء و الواعظين كما هي سيرته اليومية .. قعد إلى جواري عند باب الدار ، قائلاً : اليوم عطلت مجالسي الأخرى للاستراحة .. استعداداً ليوم غد (عاشوراء ) ؛ فإن لدي مجالس كثيرة ينبغي التهيؤ لها .. و لكني لم استطع أن اتخلف عن حضور هذا المجلس.
في تلك الساعة ارتقى المنبر . و ما ان جلس على المنبر حتى أحذته حالة من الصمت الطويل .. كمن لا يدري ما يقول.
أيها المتشرد في البراري ... كلامنا اليوم معك !
هذه العبارة جعلت الناس – من فرط الجزع و الثكل – يلطمون رؤوسهم و وجوههم بأيديهم ، و ينتحبون باكين .. حتى فقدوا السيطرة على أنفسهم خلال ذلك .. كنت أعاود النظر بين فينة و فينة إلى أولئك الرجال الاثني عشر . لكني افتقدتهم على حين غرة ، و لم أعد أراهم . لقد غادروا المجلس منصرفين .
بعد هذا الموضع من رواية الواقعة يروي سيد حسين الحائري كرامات للسيد محمد الرشتي ، نعتذر هنا عن إيرادها ابتغاء للاختصار ، و لأنها خارجة عن نطاق الموضوع.
و من المفيد هن الإشارة إلى امر نتعلمه من هذه الواقعة . و هي أن القارئ في المجلس – أو عامة الحضور – حين يحدث ان يتوجهوا بلا اختيار إلى الامام بقية الله (روحي فداه ) ..فمن قوي الاحتمال أن يكون الامام (عليه السلام) حاضراً في ذلكم المجلس.
الكمالات الروحية للسيد حسن الابطحي
|
|
|
|
|