عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية بو هاشم الموسوي
بو هاشم الموسوي
عضو برونزي
رقم العضوية : 46821
الإنتساب : Dec 2009
المشاركات : 437
بمعدل : 0.08 يوميا

بو هاشم الموسوي غير متصل

 عرض البوم صور بو هاشم الموسوي

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : بو هاشم الموسوي المنتدى : المنتدى العقائدي
افتراضي
قديم بتاريخ : 08-01-2010 الساعة : 04:39 PM


التوفيق بين علمهم (ع) بالغيب وسلوكهم الخارجي
إنّ تزويدهم بهذا العلم لا يُنقض الغرض من الحكمة الإلهيّة، لأنّ الغرض من الحكمة الإلهيّة، إنّما ينتقض في حالة عدم امتثال الإنسان لتكليفه عند علمه بما هو صائر إليه.
لذا نقول بأنّ الله تعالى إنّما زوّد الأنبياء والأئمّة (ع) بعلم الغيب بنحوٍ منهم أنّ هذا العلم لا يؤثّر ولن يؤثّر في سلوكهم الخارجي، وهذا ما عتقده في الرسل والأوصياء (ع). فالإمام الحسين (ع) مثلاً إذا خرج إلى كربلاء سوف يُقتل، ولكن بحسب الظّواهر والأسباب العاديّة والشرائط الطبيعيّة الّتي يعلمها ما هو تكليفه؟ هل في أن يخرج إلى كربلاء؟

ولو فرضنا أنّه لا يعلم بأنّه سيُقتل وليس عنده علم الغيب، فما هو تكليفه؟ لقد شخّص الإمام (ع) تكليفه بأن يأتي إلى كربلاء استجابةً لأمر الله تعالى، وبغضّ النظر عن معرفته بالمصير الذي سوف ينتظره.
لذا يقول السيد الطاطبائي في الميزان، ج18، ص 194 :
" وأجاب بعضهم عنه بأنّ الّذي ينجّز التكاليف من العلم هو العلم من الطرق العاديّة وأمّا غيره فليس بمنجّز". ا.هـ

فكما أنّ العلم الإلهي لا يترتّب عليه الأثر إلاّ بعد القيام بالعمل، فهكذا العلم بالغيب عند المعصوم (ع) لا يترتّب عليه الأثر؛ بل على العكس مما يفهمه البعض فإنّ إعطاء العلم الغيبي للأئمّة (ع) ليس امتيازاً فحسب؛ بل هو مسؤوليّة، لأنّ الّذي يعلم بأنّه سيُفعل به كذا وكذا، ومع ذلك فهو يخرج. وهذا أثقل وأشدّ عليه ممّن هو يخرج ولا يعلم ما يصير إليه.

وفي هذا المضمون وردت روايات عدّة، نذكر منها ما ورد في (الأصول من الكافي)، ج1، ص 261 - 262، حديث 4:
"عن ضريس الكناسي قال : سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول - وعنده أناس من أصحابه - : عجبت من قوم يتولونا ويجعلونا أئمة ويصفون أن طاعتنا مفترضة عليهم كطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم، فينقصونا حقنا ويعيبون ذلك على من أعطاه الله برهان حق معرفتنا والتسليم لأمرنا، أترون أن الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده، ثم يخفي عنهم أخبار السماوات والأرض ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم ؟ !
فقال له حمران : جعلت فداك أرأيت ما كان من أمر قيام علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عز ذكره، وما أصيبوا من قتل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا ؟
فقال أبو جعفر عليه السلام : يا حمران إن الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه على سبيل الاختيار ثم أجراه فبتقدم علم إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله قام علي والحسن والحسين عليهم السلام، وبعلم صمت من صمت منا، ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل بهم ما نزل من أمر الله عز وجل وإظهار الطواغيت عليهم سألوا الله عز وجل أن يدفع عنهم ذلك وألحوا عليه في طلب إزالة ملك الطواغيت وذهاب ملكهم إذا لأجابهم ودفع ذلك عنهم، ثم كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد، وما كان ذلك الذي أصابهم يا حمران لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ولكن لمنازل وكرامة من الله، أراد أن يبلغوها، فلا تذهبن بك المذاهب فيهم". ا.هـ


نظرية السيّد الطبطبائي في التوفيق بين العلم بالغيب والسلوك الخارجي
يذكر السيّد الطباطبائي بحثاً تحت عنوان (بحث فلسفي ودفع شبهة) في كتابه (الميزانج18، ص 192 – 194، يقول فيه:
" تضافرت الأخبار من طرق أئمة أهل البيت أن الله سبحانه علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليه السلام علم كل شيء، وفسر ذلك في بعضها أن علم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من طريق الوحي وأن علم الأئمة عليه السلام ينتهي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأورد عليه أن المأثور من سيرتهم أنهم كانوا يعيشون مدى حياتهم عيشة سائر الناس فيقصدون مقاصدهم ساعين إليها على ما يرشد إليه الأسباب الظاهرية ويهدي إليه السبل العادية فربما أصابوا مقاصدهم وربما أخطأ بهم الطريق فلم يصيبوا، ولو علموا الغيب لم يخيبوا في سعيهم أبدا فالعاقل لا يترك سبيلا يعلم يقينا أنه مصيب فيه ولا يسلك سبيلا يعلم يقينا أنه مخطئ فيه. وقد أصيبوا بمصائب ليس من الجائز أن يلقى الإنسان نفسه في مهلكتها لو علم بواقع الأمر كما أصيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد بما أصيب، وأصيب علي عليه السلام في مسجد الكوفة حين فتك به المرادي لعنه الله، وأصيب الحسين عليه السلام فقتل في كربلاء، وأصيب سائر الأئمة بالسم، فلو كانوا يعلمون ما سيجري عليهم كان ذلك من إلقاء النفس في التهلكة وهو محرم، والإشكال كما ترى مأخوذ من الآيتين : (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير) (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم).

ويرده أنه مغالطة بالخلط بين العلوم العادية وغير العادية فالعلم غير العادي بحقائق الأمور لا أثر له في تغيير مجرى الحوادث الخارجية. توضيح ذلك أن أفعالنا الاختيارية كما تتعلق بإرادتنا كذلك تتعلق بعلل وشرائط أخرى مادية زمانية ومكانية إذا اجتمعت عليها تلك العلل والشرائط وتمت بالإرادة تحققت العلة التامة وكان تحقق الفعل عند ذلك واجبا ضروريا إذ من المستحيل تخلف المعلول عن علته التامة. فنسبة الفعل وهو معلول إلى علته التامة نسبة الوجوب والضرورة كنسبة جميع الحوادث إلى عللها التامة، ونسبته إلى إرادتنا وهي جزء علته نسبة الجواز والإمكان.

فتبين أن جميع الحوادث الخارجية ومنها أفعالنا الاختيارية واجبة الحصول في الخارج واقعة فيها على صفة الضرورة ولا ينافي ذلك كون أفعالنا الاختيارية ممكنة بالنسبة إلينا مع وجوبها على ما تقدم. فإذا كان كل حادث ومنها أفعالنا الاختيارية بصفة الاختيار معلولا له علة تامة يستحيل معها تخلفه عنها كانت الحوادث سلسلة منتظمة يستوعبها الوجوب لا يتعدى حلقة من حلقاتها موضعها ولا تتبدل من غيرها، وكان الجميع واجبا من أول يوم سواء في ذلك ما وقع في الماضي وما لم يقع بعد، فلو فرض حصول علم بحقائق الحوادث على ما هي عليها في متن الواقع لم يؤثر ذلك في إخراج حادث منها وإن كان اختياريا عن ساحة الوجوب إلى حد الإمكان.

فإن قلت : بل يقع هذا العلم اليقيني في مجرى أسباب الأفعال الاختيارية كالعلم الحاصل من الطرق العادية فيستفاد منه فيما إذا خالف العلم الحاصل من الطرق العادية فيصير سببا للفعل أو الترك حيث يبطل معه العلم العادي.

قلت : كلا فإن المفروض تحقق العلة التامة للعلم العادي مع سائر أسباب الفعل الاختياري فمثله كمثل أهل الجحود والعناد من الكفار يستيقنون بأن مصيرهم مع الجحود إلى النار ومع ذلك يصرون على جحودهم لحكم هواهم بوجوب الجحود وهذا منهم هو العلم العادي بوجوب الفعل، قال تعالى في قصة آل فرعون: (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) النمل : 14. وبهذا يندفع ما يمكن أن يقال : لا يتصور علم يقيني بالخلاف مع عدم تأثيره في الإرادة فليكشف عدم تأثيره في الإرادة عن عدم تحقق علم على هذا الوصف. وجه الاندفاع : أن مجرد تحقق العلم بالخلاف لا يستوجب تحقق الإرادة مستندة إليه وإنما هو العلم الذي يتعلق بوجوب الفعل مع التزام النفس به كما مر في جحود أهل الجحود وإنكارهم الحق مع يقينهم به ومثله الفعل بالعناية فإن سقوط الواقف على جذع عال، منه على الأرض بمجرد تصور السقوط لا يمنع عنه علمه بأن في السقوط هلاكه القطعي. وقد أجاب بعضهم عن أصل الإشكال بأن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة عليه السلام تكاليف خاصة بكل واحد منهم فعليهم أن يقتحموا هذه المهالك وإن كان ذلك منا إلقاء النفس في التهلكة وهو حرام، واليه إشارة في بعض الأخبار.

وأجاب بعضهم عنه بأن الذي ينجز التكاليف من العلم هو العلم من الطرق العادية وأما غيره فليس بمنجز، ويمكن توجيه الوجهين بما يرجع إلى ما تقدم". ا.هـ

ونختم بهذه الرواية الشريفة:
" عن علي السائي عن أبي الحسن الأول موسى عليه السلام قال :
مبلغ علمنا على ثلاثة وجوه : ماض وغابر وحادث فاما الماضي فمفسر ، وأما الغابر فمزبور وأما الحادث فقذف في القلوب، ونقر في الاسماع وهو أفضل علمنا ولا نبي بعد نبينا".اهـ.
الكافي الشريف: ج1، ص 264، حديث1، كتاب الحجة: باب جهات علوم الأئمّة عليهم السلام.


والحمد لله ربّ العالمين ،،،
وصليّ اللهمّ على محمّد وآل محمّد والعن أعداءهم ،،،



مُستفاد من كتاب (الرّاسخون في العلم) لسماحة السيد كمال الحيدري حفظه الله تعالى.


من مواضيع : بو هاشم الموسوي 0 الإمام الحجّة بن الحسن (ع) يحارب التصوّف
0 الإمام الحجّة بن الحسن (ع) يحارب التصوّف
0 هويّة شيعة فاطمة الزّهراء عليها السّلام
0 لقاءات مع إمام زماننا الحجّة بن الحسن (ع)
0 لقاءات مع إمام زماننا الحجّة بن الحسن (ع)
رد مع اقتباس