عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية يوسف علي
يوسف علي
عضو برونزي
رقم العضوية : 44479
الإنتساب : Oct 2009
المشاركات : 557
بمعدل : 0.10 يوميا

يوسف علي غير متصل

 عرض البوم صور يوسف علي

  مشاركة رقم : 9  
كاتب الموضوع : يوسف علي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 23-12-2009 الساعة : 04:23 AM


- 8 -
الحسين بين قراءتين

إذا استثنينا بعض المؤرخين والأعلام الذين قالوا أقل ما يجب قوله في حق الحسين وظلامته ، فإننا نجد محاولات فاشلة وعبثية من قبل البعض الآخر في تمييع المشهد واستصغار خطورته. وليس الأمر يقف هنا فقط ، عند حد مفارقة الجمع بين تعظيم أهل البيت واستصغار الجريمة في حقهم ـ إلى درجة يمكن الجمع فيها بين محبة الحسين ويزيد والترضي عنهما معا ـ فمن المسلمين من ضيعوا قضية الحسين التي لم تكن إلا قضية أمة بكاملها، حيث نهض بها وعبر عنها من خلال خطبه وأشعاره ومواقفه . ولكننا في مقابل ذلك نجد في غير المسلمين من هالهم أمر كربلاء وتعاطوا معه بإنسانية بالغة وبعمق فكري لا يوجد له مثيل عند من اعتبرها حكاية لفها النسيان. لقد جعل غاندي من سيرة الحسين ومثال كربلاء نموذجا لتحرر الهند من الاستعمار. وهذه أكبر إدانة أن يكتشف غير المسلمين الحسين فيما نسيه من اعتبروا مجرد ذكراه فتنة ، كما لو كانوا في وضع مريح وسلام . ألا في الفتنة وقعوا. يقول غاندي: " لقد طالعت بدقة حياة الإمام الحسين، شهيد الإسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء واتضح لي أن الهند إذا أرادت إحراز النصر، فلابد لها من اقتفاء سيرة الإمام الحسين". ومثل ذلك ذكر تاملاس توندون الهندوسي (الرئيس السابق للمؤتمر الوطني الهندي): "هذه التضحيات الكبرى من قبيل الشهادة الإمام الحسين (ع) رفعت مستوى الفكر البشري، وخليق بهذه الذكرى أن تبقى إلى الأبد وتذكر على الدوام".

ويذكر المستشرق الإنجليزي السير برسي سايكوس : "حقاً إن الشجاعة والبطولة التي ابدتها هذه الفئة القليلة، كانت على درجة بحيث دفعت كل من سمعها إلى اطرائها والثناء عليها لاإراديا. هذه الفئة الشجاعة الشريفة جعلت لنفسها صيتاً عالياً وخالداً لازوال له إلى الأبد". وفي كتاب تاريخ مسلمي أسبانيا يقول رينهارت دوزي المستشرق الهولندي : " لم يتردد الشمر لحظة في الإشارة بقتل حفيد الرسول حين أحجم غيره عن هذا الجرم الشنيع.. وإن كانوا مثله في الكفر". وتذكر الكاتبة الإنكليزية فريا ستارك: "وليس من الممكن لمن يزور هذه المدن المقدسة أن يستفيد كثيراً من زيارته ما لم يقف على شيء من هذه القصة لأن مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس وهي من القصص القليلة التي لا أستطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء". ويقول جون أشر الكاتب الانجليزي: " إن مأساة الحسين بن علي تنطوي على أسمى معاني الاستشهاد في سبيل العدل الاجتماعي.". ويقول كارل بركلمان: " الحق أن ميتة الشهداء التي ماتها الحسين بن علي قد عجلت في التطور الديني لحزب علي، وجعلت من ضريح الحسين في كربلاء أقدس محجة.". وليس ثمة أجمل من قولة لصديقنا الكاتب المسيحي انطوان بارى صاحب كتاب الحسين في الفكر المسيحي: "لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل ارض راية، ولأقمنا له في كل ارض منبر، ولدعونا الناس إلى المسيحية بإسم الحسين".

وحينما عاند بعض المسلمين ضد فهم المغزى العميق لهذه الثورة وقيمتها ، كان الأديب الأنجليزي شالرز ديكنز يقول: "إن كان الإمام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فإنني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟ إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام". وأما توماس ماساريك فقد رأى في ما يبديه شيعة الحسين من حماسة ما يتوفر عليه المتحمسون لمأساة المسيح . فيقول: " على الرغم من ان القساوسة لدينا يؤثرون على مشاعر الناس عبر ذكر مصائب المسيح إلا أنك لاتجد لدى أتباع المسيح ذلك الحماس والانفعال الذي تجده لدى أتباع الحسين عليه السلام. ويبدو أن سبب ذلك يعود إلى إن مصائب الحسين عليه السلام لا تمثل إلا قشّة أمام طود عظيم".

وهذا أيضا نزر يسير مما قاله هؤلاء عن الحسين ونهضته التي تحمس لها شيعته أكثر من أربعة عشر قرنا. في صمت وذهول من باقي المسلمين بمن فيهم حتى أولئك الذين لا زالوا يحتفظون ببعض العواطف تجاهه لكنها عواطف باردة تجعلهم لا يذكرون الحسين إلا يعد أن يذكرهم به شيعته. وطبعا بعد أن يثير ذلك عليهم من الشتيمة واللعن ما يزيد من فضيحة الصورة. هناك فقط ندرك كم كانت مأساة الحسين عظيمة!

فلسفة الخروج وباطن التاريخ

هل لنا أن نستوعب حقائق التاريخ خارج سلطة سياسة التدوين التي اقتلعت أنياب التراث الآخر وحولت التاريخ العام إلى كليشيه لا ينطق إلا بالتبرير. كان ابن خلدون يعتبر أن للتاريخ ظاهرا وباطنا. وإذا كان هذا الأخير اختصر باطنه في بعض من تلك السنن التي اختزلها في نظرية الشوكة والعصبية وقواعد العمران، فإن ما لم يجرؤ عليه يراعه هو أن يقرأ باطن السياسية التي أرغمته هو نفسه أن يبدي عجزا منكرا عن قراءة الثورة الحسينية لأن نظرية الشوكة والعصبية الخلدونية كانت قد اصطدمت بالحدث العاشورائي الذي كان حريا به أن يعيد النظرية الخلدونية إلى المربع الأول لتأمل سنن العمران التي ليس بالضرورة أنها تقوم على سلطان القوة بمعناها الكلاسيكي ـ خيل ورجال ـ بل هي أيضا شوكة رمزية ومعنوية تجعل من قوة الإصرار على طلب الحق والعدالة ما يفوق كل معاني القوة المادية التي جعلت عنوان عاشوراء : انتصار الدم على السيف.

كانت السياسة تفعل فعلها في باطن التاريخ . وقد هلل ظاهره وسكر وغدا تاريخا ماجنا مترنحا كالسكارى على أبواب الخلفاء. فحينما اصطدموا بثورة الحسين تشقلب التاريخ كله وانفضحت سرائره وتلاطمت حقائقه ولم يعد بعد قيام الحسين من يملك أن يمنح عمرا لأكذوبة تاريخ حولوه بجرة قلم سكرانه إلى دين يعبد من دون الله. إننا لن نفهم المغزى العميق لثورة الحسين إلا إذا غصنا في أعماق التاريخ وباطنه وكسرنا قيد جرمه المشهود و انتهكنا أسواره وخرمنا خدوره المزيفة. فالحسين لن تجده في تاريخ عام لم يتعب حراسه من التبرير حتى أنهم سعوا جهدهم أن يخرصوا أنصار الحقيقة الأخرى من مجرد أن يبكوا ولو مثل اليتامى على مصيبة تذكرهم بأن تاريخنا ليس رائعا كما صاغوه ولا طهرانيا كما حلموا به ولا مزكى كما هندسوه. فالتاريخ لا يكذب وإن كذب المؤرخون.

استكمل الحسين مناسك العمرة وغادر دون التمتع بالحج، مكتفيا بالعمرة. إنه لم يحج وإنما انطلق إلى صناعة مجد الثورة. كانت الأمة تحج والحسين يتهيأ للذبح. افترقت الأصول عن الفروع. لتتذكر الأجيال كلما وقفت بعرفات ذات يوم أن الحسين لم يحج وإنما أرغم على الثورة ليحمي تلك الشعيرة على الأقل كما خلدتها خطبته في عرفات. بعد عرفات يحل الأضحى عيدا والذبيح هديا. بينما الذبيح هذه المرة هو الحسين الذي افتدي به في أصل الشعيرة حيث : وفديناه بذبح عظيم".

كان لا بد أن يذكر الحسين وكل القيم التي جسدتها ثورته في كل عيد وفي كل حجة ، بأن الحسين حاضر فيها بجلال فدائيته وجمال معاني ثورته التي حولت عاشوراء من طقس بارد إلى خرجة جماعية تجسد الإسلام كله وتؤكد على أنه منذ ذلك الوقت تحديدا كان الإسلام حقا: حسين البقاء.

يتبـــــــــــــــع

من مواضيع : يوسف علي 0 اعلان اسلام مدرب منتخب انكلترا بالبلياردو ، مع الصور
0 حفيد ملك السعوديه لوطي {اجلّكم الله } ، وقتل احد لائطيه !
0 اسم نبينا الاكرم عليه واله الصلاة ، تشّكله البحار
0 حركات الصلات تشكـّل اسم احمد عليه وآله السلام
0 برنامج وكتاب ، فيهما روابط مباشرة من مصادر السنه ..تدينهم
رد مع اقتباس