|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 44479
|
الإنتساب : Oct 2009
|
المشاركات : 557
|
بمعدل : 0.10 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
يوسف علي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 23-12-2009 الساعة : 04:17 AM
- 6 -
وانطلق بعيدا حتى باغته حكيم بن الطفيل من وراء نخلة فضربه على شماله ، وقطع يده الأخرى . وانهالت عليه السهام من كل جانب ، وأصابت صدره وضرب رأسه فانفلق ، وسقط صريعا وهو يقول : عليك مني السلام أبا عبد الله . رآه الإمام الحسين (ع) وهو يكفكف الدمع ويقول :
"أما من مغيث يغيثنا؟ أما من مجير يجيرنا؟ أما من طالب حق ينصرنا ، أما من خائف من النار فيذب عنا ".
لقد استنفذ معسكر الحسين (ع) كل عناصره . ولم يبق إلى جانب الحسين ، سوى عياله . وكان ذلك الطفل الرضيع ولده فتح عينيه في معمعة الحرب . فرفعه أمام القوم يريد استعطافهم يطلب له الماء. غير أن الروح الدموية التي ما رآها التاريخ ولا شهدتها ملاحم البشر ، كانت ديدن جنود يزيد . فرفع حرملة بن كاهل الأسدي سهمه ورمى بها الطفل فسال دم البراءة على كف الحسين ، وأخذ يرمي به نحو السماء وهو يقول : "اللهم تقبل منا قربان آل محمد" . وقال : "هون ما نزل بي إنه بعين الله تعالى ، اللهم لا يكون أهون عليك من فصيل ناقة صالح ، إلهي إن كنت حبست عنا النصر فاجعله لما هو خير منه وانتقم لنا من الظالمين ، واجعل ما حل بنا في العاجل ذخيرة لنا في الآجل ، اللهم أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الناس برسولك" ، ثم نزل عليه السلام عن فرسه ودفن طفله الرضيع وصلى عليه . فكان الإمام هو آخر من يتقدم للميدان ، انطلق إلى القوم مصلتا سيفه ، فقاتلهم قتالا شديدا وهو يقول :
الموت أولى من ركوب العار*** والعار أولى من دخول النار
هنالك صاح عمر بن سعد : هذا ابن الأنزع البطين (يقصدون الإمام علي (ع)) هذا ابن قتال العرب احملوا عليه من كل جانب . فصاح فيهم الحسين(ع) يردهم بكلامه النافذ في أعماق الضمير . فقال شمر بن ذي الجوشن : ما تقول يا ابن فاطمة؟ قال: أنا الذي أقاتلكم والنساء ليس عليهن جناح فامنعوا عتاتكم عن التعرض لحرمي ما دمت حيا . واستمر القتال بين جيش عمر بن سعد ، والإمام الحسين (ع) ، وقد بدأت الدماء تغطي جسده وهو يقول : "هكذا أكون حتى ألقى الله وجدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا مخضب بدمي وأقول : يا جدي قتلني فلان وفلان .". لقد أصابته السهام في جسده ورأسه فسقط ، ولم يقدر على الحراك ، يقول صاحب أسد الغابة :" أمر عمر بن سعد نفرا فركبوا خيولهم وأوطأوها الحسين ." . كانت الحياة لا تزال تدب في جسده الشريف ، ولا يزال به رمق . فلا بد أن يتقدم إليه القوم ليحتزوا رأسه . فبادر زرعة بن شريك بضرب كتفه الأيسر ، ثم رماه الحصين في حلقه وطعنه سنان بن أنس في ترقوته ، ورماه بسهم في نحره وطعنه آخرون على عاتقه وجنبه. وارتفعت الأصوات ، ونادت أم كلثوم وأخته زينب :
وامحمداه وا أبتاه واعلياه واجعفراه واحمزتاه هذا الحسين بالعراء صريع بكربلاء ثم نادت زينب : ليت السماء أطبقت على الأرض وليت الجبال تدكدكت على السهل!
ولا يزال الصياح يهز الميدان ، والنوح تولول على الحسين (ع) والدنيا قد اظلمت ، فالحسين صريع! ويقف عمر بن سعد ، انزلوا إليه وأريحوه.
يتبــــــــــــع
|
|
|
|
|