![]() |
《 البناء الموسيقي الرائع والإعجازي في القرآن العظيم* 》
《 البناء الموسيقي الرائع والإعجازي في القرآن العظيم* 》 ـ يقول مصطفى محمود : وتقتحم عليَّ العبارة القرآنية سكون طفولتي ، فأتذكر في ظلام الليل إلقاء الشيخ وهو يردد :*﴿*وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى*﴾*[سورة يس / آية* 20 ] . ـ تسعى العبارة إلى خيالي وكأنها مخلوق حي مستقل له حياته الخاصة. نعم .. لقد اكتشفت منذ تلك الطفولة البعيدة دون ان أدري ، حكاية الموسيقى الداخلية الباطنة في العبارة القرآنية. ـ وفرق كبير بين الموسيقى الباطنة والموسيقى الظاهرة. الموسيقى تصل إلى أذنك من خارج العبارة وليس من داخلها. من القافية والبحر والوزن. ـ أما حينما تتلو*﴿*وَالضُّحَى وَاللَّـيْلِ إِذَا سَجَى*﴾ [ سورة الضحى / 1 - 2 ] فأتت أمام شطرة واحدة ، وهي بالتالي خالية من القافية والوزن والتشطير ، ومع كل ذلك فالموسيقى تقطر من كل حرف فيها. من أين وكيف؟. ـ الموسيقى الباطنة ، سر من أسرار المعمار القرآني ، لا يشاركه فيه أي تركيب أدبي. ـ وكذلك حينما تقول :*﴿*الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى*﴾*[ سورة طه / آية 5 ] وحينما تتلو كلمات زكريا لربه :*﴿*قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأسُ شـَيـْئاً*﴾*[ سورة مريم /آية 4 ]. ـ كل عبارة بنيان موسيقي قائم بذاته ، تنبع فيه الموسيقى من داخل الكلمات ومن ورائها ومن بينها ، بطريقة محيرة لا تدري كيف تتم. ـ إن الكلمات لتذوب في يد خالقها ، وتصطف وتتراص في معمار ورصف موسيقي فريد ، هو نسيج وحده بين كل ما كتب بالعربية سابقاً ولاحقاً. ـ ولكن الموسيقى الباطنة ليست هل كل ما انفردت به العبارة القرآنية ، وإنما مع الموسيقى صفة أخرى هي (الجلال). ـ وفي العبارة البسيطة المقتضبة التي روى بها الله نهاية قصة الطوفان ، تستطيع ان تلمس ذلك الشيء "الهائل الجليل" في الألفاظ :*﴿*وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْـلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ*﴾* [ سورة هود / آية 44 ]. ـ تلك اللمسات الهائلة ــ وكل لفظة لها ثقل الجبال ووقع الرعود ــ تنزل ، فإذا كل شيء صمت .. سكون .. هدوء. وقد كفت الطبيعة عن الغضب ، ووصلت القصة إلى ختامها. ـ لا يمكنك ان تغير حرفاً أو تستبدل كلمة بأخرى أو تؤلف جملة مكان جملة ؛ بحيث تعطي نفس الإيقاع والنغم والحركة والثقل والدلالة .. وحاول وجرب بنفسك في هذه الآية البسيطة ذات العشر كلمات ، أن تغير حرفاً او تستبدل كلمة بكلمة .... ـ ولهذا وقعت العبارة القرآنية على آذان عرب الجاهلية الذين عشقوا الفصاحة والبلاغة وَقْعَ الصاعقة . ـ ولم يكن مستغرباً من جاهلي مثل الوليد بن المغيرة الذي عاش ومات على كفره ، ان يذهل ولا يستطيع ان يكتم إعجابه بالقرآن رغم كفره ، فيقول وقد اعتبر القرآن من كلام محمد (صلى الله عليه وآله) : "والله إِنَّ لَهُ لَحَلاوَة ، وَإِنَّ عَـلَيْهِ لَطَلاوَة ، وَإِنَّ أَعْلاهُ لَمُـثْمِر ، وَإِنَّ أَسْفَـلَهُ لَمُغْدِق ، وَإِنَّهُ لَـيَعْلُو وَلا يُعْـلَى عَـلَـيْه". ـــــــــــــــــــــــــــ ( الإعجاز العددي في القرآن . صفحة 120 - 123 تأليف الدكتور لبيب بيضون ، ماجستير في العلوم . مؤسسة الأعلمي للمطبوعات* ) ملاحظة : الكلمات التي بين [* ] و (* ) زيادة غير موجودة في المصدر . ( منقول ) |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 04:49 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025