![]() |
قاعدة [القرعة] في الإسلام
[قاعدة القرعة] ينحصر مورد القرعة في موردين : ألف : فيما كان كل من حكمه الواقعي والظاهري مجهولا ، مما فيه واقع معين ، كما في الخنثى المشكل ، وموارد تعارض البينات عند التساوي من جميع الجهات ويسمونه بالمجهول . ب : فيما لا يكون له واقع معين ، وهو الذي يسمونه بالمشكل والمعضل ، كما لو أوصى بعتق أحد عبيده ، أو أراد أن يسافر بإحدى زوجاته ، كما يأتي ذلك مفصلا إن شاء الله . 2 - القرعة مشروعة في الأديان السابقة دل الكتاب والسنة والتواريخ المعتبرة على مشروعية القرعة في الأديان السابقة . أما الكتاب فقوله تعالى في قصة تكفل مريم : { وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم } ( 1 ) وقوله تعالى في قصة يونس : { فساهم فكان من المدحضين } ( 2 ) . ويأتي تفسيرهما في كلام شيخنا الأستاذ ( دام ظله ) . وأما السنة فكثيرة : منها : ما رواه الصدوق باسناده عن حماد بن عيسى ، عمن أخبره ، عن حريز ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : أول من سوهم عليه مريم بنت عمران وهو قول الله عز وجل : { وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم } والسهام ستة . ثم استهموا في يونس ( عليه السلام ) لما ركب مع القوم ، فوقفت السفينة في اللجة ، فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات ، قال : فمضى يونس ( عليه السلام ) إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه فرمى نفسه . ثم كان عبد المطلب قد ولد له تسعة بنين ، فنذر في العاشر إن رزقه الله غلاما أن يذبحه . فلما ولد عبد الله لم يكن يقدر أن يذبحه ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في صلبه ، فجاء بعشر من الإبل فساهم عليها وعلى عبد الله ، فخرجت السهام على عبد الله فزاد عشرا ، فلم تزل السهام تخرج على عبد الله ويزيد عشرا ، فلما أن خرجت مائة خرجت السهام على الإبل ، فقال عبد المطلب : ما أنصفت ربي ، فأعاد السهام ثلاثا ، فخرجت على الإبل ، فقال : الآن علمت أن ربي رضي فنحرها . ورواها في الخصال عن أحمد بن هارون ، وجعفر بن محمد بن مسرور جميعا عن ابن بطة ، عن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ( 1 ) . ورواها الطبرسي في مجمع البيان مرسلا ( 2 ) . وقال المجلسي الأول في قوله " والسهام الستة " ويمكن أن يقرأ بالنون أي السهام بالقرعة سنة ماضية من الأنبياء ( 3 ) . 4 - القرعة في المذاهب الأربعة المستفاد من كتاب الخلاف والتذكرة في موارد عديدة مشروعية القرعة عند الشافعي ومالك وابن حنبل ، وأما أبو حنيفة فأنكرها وقال : القرعة قمار ( 1 ) . وشنع ابن حزم في كتابه المحلى على الحنفية حيث لم يجوزوا القرعة فيمن أوصى بعتق رقيق لا يملك غيرهم استنادا إلى أنها قمار وميسر ، مع ما ورد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) العمل بها ( 2 ) . وفي كتاب الفقه على المذاهب الأربعة في مبحث حق القسم للزوجات ما يظهر فيه استحباب الاقراع للزوج ، إذا أراد السفر بإحدى زوجاته تطييبا لخاطرهن . وأما المالكية والشافعية والحنابلة فقالوا : بوجوبه في الجملة ( 3 ) . وفي الموسوعة الفقهية الكويتية : " القرعة مشروعة باتفاق الفقهاء ، وقد تكون مباحة أو مندوبة أو واجبة أو محرمة في أحوال سيأتي بيانها . . . " . ثم استدلوا لمشروعيتها بالكتاب والسنة : أما الكتاب فبقوله تعالى بما مر في قصة مريم ويونس . وأما السنة فبما رواه أبو هريرة : " عرض النبي ( صلى الله عليه وآله ) على قوم اليمين فأسرعوا ، فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف " . وبما روي عن عائشة : " كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه " ( 4 ) . أقول : لا تنافي بين ما ذكرناه سابقا من عباراتهم الدالة على إنكار أبي حنيفة وبين ما في الفقه على المذاهب الأربعة ، وهكذا الموسوعة الكويتية الدالة على المشروعية عند الحنفية ، فإن ما ذكرناه سابقا رأي أبي حنيفة نفسه ، وهذه ناظرة إلى رأي الطائفة الحنفية . وفي نيل الأوطار للشوكاني ، في شرح حديث عائشة : " استدل بذلك على مشروعية القرعة بين الشركاء وغير ذلك ، والمشهور عن الحنفية والمالكية عدم اعتبار القرعة " ( 1 ) . وصرح الترمذي في الجامع الصحيح بعد نقله رواية عمران بن حصين في عتق الأنصاري : والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) وغيرهم . وهو قول مالك والشافعي وأحمد وإسحاق ، يرون استعمال القرعة في هذا وفي غيره . وأما بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم فلم يروا القرعة ( 2 ) . ......... 5 - مسلكنا في نقل آراء العامة ورواياتهم اعلم أنا ننقل آراء العامة ورواياتهم حتى يتبين المقصود من أخبار أئمتنا حيث إنهم ( عليهم السلام ) ابتلوا بهم ، وكان كلامهم ناظرا إلى آرائهم ردا أو إثباتا ، وإلا نحن بحمد الله في غنى عنهم وعن أحاديثهم ، فإن أحاديثنا الفقهية في خصوص كتاب وسائل الشيعة ما يزيد على ستة وثلاثين ألف حديث ، بينما أحاديثهم الفقهية في صحاحهم الستة ، لا تزيد على أكثر من خمسمائة حديث على ما ادعاه بعض علمائنا عنهم ( 3 ) . ..... 9 - نظرة إجمالية حول الروايات الواردة في القرعة قال المحقق النراقي : وأما السنة فكثيرة جدا مذكورة في أبواب متفرقة بل بالغة حد التواتر معنى ، ثم أورد ستة وأربعين حديثا ( 1 ) . أقول : أورد صاحب الوسائل ما يقرب من 63 حديثا ( 1 ) . وأورد صاحب مستدرك الوسائل في خصوص باب 12 من أبواب كيفية الحكم 15 حديثا . فالمجموع ما يقرب 78 حديثا ( 2 ) . وأورد البخاري في كتابه الصحيح 7 أحاديث . وأورد أحمد بن حنبل في مسنده ما رواه البخاري مع روايات أخرى سيأتي ذكرها إن شاء الله . 12 - روايات القرعة في صحيح البخاري نحن نذكر ما أورد البخاري في صحيحه بحذف الإسناد قال البخاري في كتاب الشهادات باب القرعة في المشكلات ( 1 ) : 1 - قال أبو هريرة : عرض النبي ( صلى الله عليه وآله ) على قوم اليمين فأسرعوا ، فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف . 2 - قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا سفينة فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها ، فكان الذي في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلاها . . . 3 - عن أم العلاء من نساء الأنصار أن عثمان بن مظعون طار له سهمه في السكنى حين أقرعت الأنصار سكنى المهاجرين . . . 4 - بإسناده عن عائشة : أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه . . . 5 - بإسناده عن أبي هريرة : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا . . . ( 2 ) . 6 - وقال في كتاب الصلاة : ويذكرون أن أقواما اختلفوا في الأذان ، فأقرع بينهم سعد ( 3 ) . 13 - روايات القرعة في مسند أحمد بن حنبل 7 - حديث عمران بن حصين ، وفيه أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته ، ولم يكن له مال غيرهم ، فدعا بهم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فجزأهم أثلاثا ، ثم أقرع بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة ( 1 ) . 8 - حديث زيد بن أرقم : كان علي ( عليه السلام ) باليمن ، فأتي بامرأة وطأها ثلاثة نفر . . . فألزم الولد الذي خرجت عليه القرعة . 9 - لما قدم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) المدينة ، اقترع الأنصار أيهم يأوي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقرعهم أبو أيوب ، فآوى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ( 2 ) . 10 - عن الزبير في غزوة أحد ، جاءت أمي صفية بكفنين لأخيها حمزة ، فإذا قتيل في جنبه قد فعل به ما فعل بحمزة ، فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له ، فقلنا : لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب ، فلما كان أحد الكفنين أكبر من الآخر ، فاقترعنا بينهما ، فكفنا كل واحد في الثوب الذي صار له ( 3 ) . 14 - فهرس روايات القرعة في كتاب وسائل الشيعة 1 - ج 2 ص 589 ، أبواب الحيض الباب 41 الحديث 5 . 2 - ج 3 ص 265 ، أبواب لباس المصلي ب 10 ح 12 . 3 - ج 3 ص 399 ، أبواب أحكام الملابس ب 51 ح 2 . 4 - ج 5 ص 220 ، أبواب بقية الصلوات المندوبة ب 11 ح 1 . 5 - ج 8 ص 617 ، أبواب أحكام العشرة ب 164 ح 5 . 6 - ج 9 ص 330 ، أبواب مقدمات الطواف ب 11 ح 11 . 7 - ج 11 ص 87 ، أبواب جهاد العدو ب 41 ح 13 . 8 - ج 11 ص 88 ، أبواب جهاد العدو ب 41 ح 14 . 9 - ج 13 ص 46 ، أبواب بيع الحيوان ب 18 ح 2 . 10 - ج 13 ص 427 ، كتاب الوصايا ب 43 ح 1 . 11 - ج 13 ص 464 ، كتاب الوصايا ب 75 ح 1 . 12 - ج 14 ص 566 - 567 ب 57 ، خمسة أحاديث ح 1 - 5 . 13 - ج 16 ص 37 ، كتاب العتق ب 34 ح 1 . 14 - ج 16 ص 58 - 59 ، كتاب العتق ب 57 ، ثلاثة أحاديث ح 1 - 3 . 15 - ج 16 ص 65 ، كتاب العتق ب 65 ح 1 و 2 . 16 - ج 16 ص 358 ، كتاب الأطعمة والأشربة ب 30 ح 1 . 17 - ج 16 ص 359 ، كتاب الأطعمة والأشربة ب 30 ح 4 . 18 - ج 17 ص 471 ، أبواب ميراث الأبوين والأولاد ب 20 ح 7 . و ج 17 ص 498 ، أبواب ميراث الإخوة والأجداد ب 9 ح 4 . 19 - ج 17 ص 571 ، أبواب ميراث ولد الملاعنة ب 10 ح 1 . 20 - ج 17 ص 579 - 581 ، أبواب ميراث الخنثى ب 4 ، خمسة أحاديث ح 1 - 5 . 21 - ج 17 ص 592 - 594 ، أبواب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ب 4 ، خمسة أحاديث ح 1 - 5 . 22 - ج 18 ص 183 - 187 ، أبواب كيفية الحكم ب 12 ، سبعة أحاديث [ ح 5 و 6 و 7 و 8 و 11 و 12 و 15 ] . 23 - ج 18 ص 187 - 192 ، أبواب كيفية الحكم ب 13 ، اثنان وعشرون حديثا ح 1 - 22 . .......الخ للمزيد كتاب (قاعدة القرعة) للشيخ حسين الكريمي القمي |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 06:27 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025