![]() |
ماذا جاء حول كتاب (فدك في التاريخ) للامام الشهيد السيد محمد باقر الصدر رحمه الله
|
|
|
وأمّا الاستاذ المحقق احمد ابو زيد العاملي فقد ذكر في كتابه (الشهيد الصدر السيرة والمسيرة في حقائق ووثائق) ج1 ص155 http://www.yahosein.com/vb/attachmen...4&d=1305390411 وفي احداث العام 1367 هـ .ش = 1948 م وكان عمر الشهيد الصدر 13 سنة: تأليف (فدك في التاريخ) يُحتمل أنّه في شهر رمضان المبارك من هذه السنة (آب/ 1946 م)، اغتنم السيّد الصدر العطلة الدراسيّة في الحوزة وألّف كتاب (فدك في التاريخ) الذي عالج فيه مشكلةً تاريخيّة من أعقد مشكلات التاريخ، وهي مشكلة (فدك). وقد قصد السيّد الصدر يومئذٍ من تأليف هذا الكتاب التأريخ لتلك المرحلة من عمره، وقد سُئل فيما بعد عن سبب تأليف الكتاب فأجاب: «لقد ألّفتُ هذا الكتاب في مرحلة الصبا، وكنتُ أودُّ أن يبقى لي من تلك المرحلة من العمر كتابٌ، فكان كتاب فدك في التاريخ» [بهجة الراغبين في مؤلفات الشيخ محمد رضا شمس الدين، اعداد رضا حدرج، دار المحجة البيضاء، بيروت 2003، 2: 708، والناقل هو السيّد نورالدين الإشكوري]. ولم يقدّر لهذا الكتاب أن يبصر النور سوى سنة 1374 هـ. وهنا يشير الاستاذ المحقق العاملي في الهامش (3) قائلا: (3) لا بأس بالتطرّق إلى بعض الأمور المتعلّقة بكتاب (فدك في التاريخ) : 1 - تحديد سنة كتابة الكتاب (أ) ذكر لي السيّد نور الدين الإشكوري بتاريخ 15/ شعبان/ 1424 هـ أنّ أستاذه ألّف كتاب (فدك في التاريخ) وهو في الحادية عشرة من عمره. وإذا علمتَ أنّ السيّد الصدر يبلغ الحادية عشرة في 25/ ذي القعدة/ 1364 هـ، وأنّه هاجر إلى النجف سنة 1365 هـ، علمتَ أنّه ألّفه سنة 1365 هـ. (ب) نقل الشيخ علي كوراني عن السيّد الصدر قوله: «كنتُ في أوّل شبابي أحضر مجالس التعزية في حسينيّة آل ياسين في الكاظميّة (وهم أخواله)، وكتبتُ موضوعاً في أيّام وفاة الزهراء عن فدك وألقيته في المجلس، فأعجبوا به وشجّعوني على تكميله في كتاب .. فأكملته باسم فدك في التاريخ، فطبعوه!» [انظر مسائل في البناء الفكري، الشيخ علي الكوراني : 33؛ مقابلة (2) مع الشيخ علي كوراني (أرشيف المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر)]. (ج) ذكر السيّد محمّد الحسيني بادئ الأمر أنّ السيّد الصدر كان في السابعة عشرة من عمره عندما صنّف (فدك) (الإمام الشهيد السيّد محمّد باقر الصدر .. دراسة في سيرته ومنهجه، دار الفرات، بيروت1989، ص: 149)، أي سنة 1369 أو 1370 هـ، وهو ما ذكره السيّد كاظم الحائري (مقدّمة مباحث الأصول: 64) وغيرُه (Une grande figure de l'islamisme en Irak, Pierre Martin: 121) ، إلّا أنّ السيّد الحسيني عدل عن ذلك فيما بعد وقال: إنّ سنّه كانت أقلّ من ذلك (الإمام الصدر.. سيرة ذاتيّة، دار الاسلام، لندن 1996ص: 73). (د) نقل لي السيّد عبد الهادي الشاهرودي بتاريخ 27/ 11/ 2004 م عن السيّد الصدر أنّه كان في الثامنة عشرة من عمره عندما كتب (فدك في التاريخ) و (غاية الفكر). وبواسطة المال العائد من وراء مبيع (فدك) طبع (غاية الفكر)، وقد ذكر هذه السن 18 عاماً بالنسبة إلى (فدك) الأستاذ صائب عبد الحميد (معجم مؤرّخي الشيعة 2: 114). (هـ) وقد قرن بعضُهم بين تصنيف السيّد الصدر (فدك) وبين دراسته كتابَ (الأسفار). (الشهيد الصدر رائد الثورة الإسلاميّة في العراق، غالب حسن (ابوعمار)، ايران 1401، ص: 8)؛ وحيث إنّهم قد بنوا على أنّ دراسته الكتابَ الأخيرَ كانت حدود سنة 1369 هـ، فيكون تصنيف (فدك) كذلك. (و) وذكر بعضُهم أنّ السيّد الصدر ألّف (فدك) في فترة تأليفه (غاية الفكر) ودراسته (الأسفار) وحضوره مجلسَ الشيخ الرميثي، فيكون ذلك عام (1371 هـ) مثلًا. والنتيجة: أنّ هناك اتّجاهين حول المسألة: الاتّجاه الأوّل: يمثّله السيّد نور الدين الإشكوري معتقداً أنّ السيّد الصدر ألّف (فدك) في المرحلة الأولى من وصوله إلى النجف الأشرف. وربّما أيّده ما نقله الشيخ علي كوراني، حيث يجعلنا ذلك نحتمل بشدّة أنّ السيّد الصدر بدأ بتأليفه في الكاظميّة وأكمله في إحدى العطل الدراسيّة في النجف الأشرف. وهذا قد يجعلنا نستقرب استقراباً قويّاً أن يكون ذلك ضمن فاصلٍ زمنيٍّ غير مديد. الاتّجاه الثاني: يمثّله السيّد كاظم الحائري وآخرون، وهو الاتّجاه الذي يميل إلى أن يكون ذلك في فترة تأليف (غاية الفكر). وربّما أيّد البعض ذلك بما ورد في كتاب (فدك) من مطالب عقليّة يطمئنُّ القارئ بأنّ كاتبها قد فرغ عن دراسة العلوم العقليّة. والتحقيق: أنّ لكلٍّ من هذين الاتّجاهين مؤيّدات، بعضها حسّي والآخر حدسي. ولكن يُمكن الدغدغة في بعضها: 1 - أمّا الاتّجاه الأوّل فربّما ضعّفه ما جاء في مقدّمة الكتاب من أنّه ألّفه في إحدى العطل الدراسيّة في النجف الأشرف، وهو ظاهرٌ في مرور مجموعة من العطل الدراسيّة على السيّد الصدر، الأمر الذي يبعّد الفترة الزمنيّة. وربّما ردّه أنّ الحوزة كانت تعطّل آنذاك في شهر رمضان وأيّام من رجب وأخرى من شعبان وأيّام من محرّم وأخرى من صفر، فيكفي افتراض كونه سنة وروده إلى النجف الأشرف. 2 - أمّا الاتّجاه الثاني، فلا وجه لتأييده بما ورد في الكتاب من مطالب عقليّة، فإنّ من المطالب العقليّة التي يتحدّثون عنها هي من قبيل قوله في إحدى هوامش (فدك): «فإنّ الحقّ تجرّد جميع مراتب العلم والصور المدركة، ولكن على تفاوتٍ في مراتب التجريد، فإنّ المدركَ بالذات لا يمكنُ أن يكون نفسَ الشيء بهويّته الماديّة، فحتّى المدرك بحاسّة البصر له نحوٌ من التجرّد وليس في نوريّة خروج الشعاع أو الانطباع وما ثبت حول الرؤية في علم المرايا أو بحوث الفيزياء ما يفسّر الإدراك البصري تفسيراً فلسفيّاً، فلا بدّ من الاعتراف بتجرّده فضلًا عن الخيال والعقل، وقد أوضحنا هذا المذهب في كتابنا العقيدة الإلهيّة في الإسلام» (فدك في التاريخ: 134). فإذا كان السيّد الصدر قد أوضح هذا المذهب في كتاب (العقيدة الإلهيّة في الإسلام) الذي ألّفه في الكاظميّة قبل هجرته إلى النجف الأشرف على ما تقدّم، فبعد ذلك تنتفي الحاجة إلى افتراض دراسته كتابَ (الأسفار) قبل تصنيفه كتابَ (فدك) أو في عرض تصنيفه إيّاه، لأنّ من المقطوع به أنّه لم يكن قد درس (الأسفار) حين تصنيفه كتابَ (العقيدة الإلهيّة). إضافةً إلى ذلك، فإنّ السيّد الصدر طبع (فدك) و (غاية الفكر) في فترةٍ زمنيّةٍ واحدة على ما يأتي تحقيقه، وطالما أنّ الأمر كذلك، فلماذا قال في مقدّمة (غاية الفكر) : «هذا هو جزءٌ من كتابٍ في الأصول شرعت فيه قبل ثلاث سنوات تقريباً ..»، بينما قال في مقدّمة (فدك) : «فبقي عندي سنين مذكّراً ومؤرّخاً لحياتي الفكريّة ..»، فكيف يتذكّر تاريخ تأليف (غاية الفكر) ولا يتذكّر تاريخ تأليف (فدك) إذا كانا متقارنين؟! ولعلّ عدم تذكّره مشعرٌ بالبعد الزمني.. وعلى أيّة حال، فقبل الوصول إلى المرحلة النهائيّة، لابدّ من أخذ بعض الأمور بعين الاعتبار: الأوّل: التعارض الموجود بين ما ذكره اثنان من قدامى تلامذته، ففيما ذهب السيّد الإشكوري إلى أنّه كان في الحادية عشرة من عمره، ذكر السيّد كاظم الحائري أنّه كان في السابعة عشرة. الثاني: أنّ السيّد الصدر قد ذكر على ما نقلناه في المتن أنّه قد ألّف الكتاب في مرحلة (الصبا)، ولعلّ التعبير بـ (الصبا) يتناسب مع الاتّجاه الأوّل أكثر. وبعد فراغي من تصنيف هذا الكتاب اطّلعتُ على مقابلة مع أحد معارف السيّد الصدر ذكر فيها أنّه سمع من أسرة السيّد الصدر أنّ الأخير ألّف (فدك) عندما كان في 13 أو 14 من عمره (مقابلة مع أحد معارف السيّد الصدر، السيّد محمّد القمّي (أرشيف المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر). 2 - تحديد الشهر ذكر السيّد الصدر أنّه قد ألّف الكتاب في إحدى العطل الدراسيّة في النجف، والعطل الدراسيّة في ذلك الوقت كانت عبارة عن: 1 - بضعة أيّام من شهر رجب وشهر شعبان. 2 - شهر رمضان المبارك. 3 - أسبوعين من شهر محرّم. 4 - أسبوعين من شهر صفر. ولم يكن في النجف عطلة صيفيّة. والكاتب يميل إلى أن تكون عطلة شهر رمضان المبارك، خاصّة وأنّه قد عبّر قائلًا: «.. في الشهر الذي تمخّض عنه..» بعد قوله «عطلة من عطل الدراسة». |
هل طبع الكتاب بصيغته الأولى أم تمّ تعديل بعض فقراته؟ نقل لي أحدُ روّاد مجلس السيّد الصدر ومريديه من غير طلّابه أنّه سُئل عن بعض العبارات الواردة في كتاب (فدك) فأجاب بأنّه لم يكن يبني عليها بينه وبين نفسه. ومن هنا، نستطيع الاطمئنان إلى أنّ هذه العبارات لم تكن موجودة في ما كتبه السيّد الصدر بادئ الأمر، فقد أسلفنا أنّه كتبه بادئ الأمر بهدف التأريخ للمرحلة الفكريّة التي كان يعيشها، وهو ما يظهر من مقدّمة الكتاب، ولا وجه في هذه الحالة لأن يكتب شيئاً ويبني في نفسه على شيء آخر، إلّا أن تكون الإضافات متأخّرة زماناً عن تدوين الكتاب ومقارنة لوقت عزمه على طباعته، وهو ما نراه. وليس هذا حدساً محضاً، بل لدينا مؤيّد آخر يسير في الاتّجاه نفسه: ففي موضعٍ من الكتاب يقول السيّد الصدر: «أكتب هذا كلّه وبين يدي كتاب (فاطمة والفاطميّون) للأستاذ عبّاس محمود العقّاد، وقد جئته بشوق بالغ لأرى ما يكتب في موضوع الخصومة بين الخليفة والزهراء..» (فدك في التاريخ، ط1: 35؛ ط دار التعارف: 40). وفي هامشٍ من هوامش الكتاب جاء: «رواه الطبري كما في ص 18 من سمو المعنى في سمو الذات للأستاذ الكبير الشيخ عبد الله العلائلي..» (فدك في التاريخ، ط1: 121؛ ط التعارف: 113). وإذا رجعنا إلى كتاب الشيخ العلايلي المذكور وجدنا أنّه طبع سنة 1939 م، وقد جاءت مقدّمته بتاريخ 15/ شعبان/ 1359 هـ (سمو المعنى في سمو الذات، العلايلي، منشورات الرضي قم 1415، ص: 6)، فلا دلالة في ذلك على شيء. أمّا كتاب العقّاد، فقد طبع لأوّل مرّة سنة 1953 م (حوالي 1373 هـ) كما وجدنا في سيرة العقّاد، أي قريب الانتهاء من (غاية الفكر) وإرسال الكتابين إلى الطبع. وحيث لا يُمكن القول: إنّ السيّد الصدر ألّف كتاب (فدك) سنة 1373 هـ لما جاء في المقدّمة سنة 1374 هـ من أنّه بقي عنده لسنين، فهذا يعني أنّه أعاد النظر فيه قبل إرساله إلى الطبع، فأضاف إليه مناقشةً مع العقّاد لم تكن موجودة في ما كتبه سابقاً، وهذا يؤكّد في نهاية المطاف أنّ (فدك) الذي بين أيدينا يختلف ولو بمقدار عن النسخة الأولى التي ألّفها السيّد الصدر في صباه. من طبع كتاب (فدك في التاريخ)؟ ذكر الشيخ علي كوراني نقلًا عن السيّد الصدر أنّ أخواله هم الذين طبعوا الكتاب (مسائل في البناء الفكري، الكوراني: 33)، بينما ذكر لي الشيخ محمّد رضا الجعفري بتاريخ 25/ 1/ 2004 م أنّ الشيخ مرتضى آل ياسين قد شجّع السيّد الصدر على طباعة كتاب (فدك في التاريخ)، وقد تبرّع بالمبلغ اللازم لطباعته السيّد عبد الحسين شرف الدين. وقد رجعت طباعة (فدك) على السيّد الصدر بمبلغ كبيرٍ من المال، فطبع به كتاب (غاية الفكر). وفي كلا القولين نظر (انظر أحداث 1374 هـ)، ويبدو أنّ الصحيح ما ذكره السيّد محمّد باقر الحكيم من أنّ السيّد الصدر عندما أراد طباعة (غاية الفكر) سنة 1374 هـ لم يكن يملك المبلغ الكافي لذلك، فعرض عليه الشيخ محمّد كاظم الكتبي أن يطبع له (غاية الفكر) مقابل أن يعطيه كتاب (فدك) ليطبعه [ملامح من السيرة الذاتيّة، محمد باقر الحكيم (محدود الانتشار)]. وقول السيّد الصدر في مقدّمة (فدك) : «طلب منّي تقديمه إليه ليتولّى طبعه» ناظرٌ إلى هذه المسألة على ما يبدو. ومع أنّ السيّد الصدر لا يؤمن فقهيّاً بحقوق الطبع، إلّا أنّه قد التزم داخل العراق على الأقلّ بإعطاء حقوق الكتاب إلى الشيخ الكتبي، ومن هنا جاء على غلاف الطبعتين الأولى والثانية للكتاب: (حقوق الطبع محفوظة للناشر محمّد كاظم الحاج محمّد صادق الكتبي صاحب المكتبة والمطبعة الحيدريّة في النجف الأشرف)، أو أن يكون حينها قائلًا بذلك فقهيّاً. ويأتي ضمن أحداث 1390 هـ أنّ تجّاراً من البحرين طلبوا من السيّد الصدر إعادة طباعة الكتاب، ولكنّ السيّد طلب منهم مراجعة الحاج الكتبي لأنّه لا علاقة له بالكتاب. وبعد أن أعاد الحاج طباعته وأرسل نسخاً منه للسيّد، أرجعها. كم مرّة طبع كتاب (فدك في التاريخ)؟ ذكر الشيخ علي كوراني أنّ السيّد الصدر لم ينقّح كتاب (فدك) و «لم يُعد النظر فيه طوال عمره، بل لم يطبعه ولم يكن يرغب في طبعه!» (مسائل في البناء الفكري: 32)، ثمّ رتّب على ذلك نتائج آلينا عدم التعرّض لها. أ - أمّا عدم تنقيح الكتاب وإعادة النظر فيه، فلا وجه للاستشهاد به؛ لأنّ السيّد الصدر لم يعد النظر في حياته بشكل ملحوظ إلّا في كتاب واحد هو (بحث حول الولاية) على ما يأتيك مفصّلًا في متن الكتاب ضمن أحداث 1390 هـ وأحداث 1397 هـ. نعم، ربّما أضاف بعض الأمور اليسيرة أو بعض التخريجات كما في (اقتصادنا) مثلًا. وحيث لا يمكن ادّعاء أنّ السيّد الصدر قد عدل عن كتبه جميعاً، فاللازم باطل والملزوم مثله في البطلان. ب - أمّا دعوى عدم طبعه الكتاب: فقد ذكر لي الحاج محمّد صادق الكتبي صاحب منشورات الشريف الرضي في قمّ بتاريخ 24/ 2/ 2004 م وهو نجل الشيخ محمّد كاظم الكتبي صاحب المكتبة الحيدريّة في النجف والذي ورد اسمه في مقدّمة السيّد الصدر أنّ كتاب (فدك) ملكٌ لوالده الشيخ الكتبي لا للسيّد الصدر. وقد ذيّل كلامه بذكر حادثتين: الأولى: أنّ كتاب (فدك) لم يدخل بيت السيّد الصدر حتّى دفع ربع دينار ثمن عشر نسخ منه، إذ كان سعر النسخة الواحدة 25 فلساً. الثانية: أنّ تجّاراً من الناصريّة أتوا إلى السيّد الصدر طالبين منه السماح لهم بطباعة الكتاب، فأجابهم بأنّه لا علاقة له بالموضوع، وأنّ المسألة غير مرتبطة به، وأحالهم على الشيخ الكتبي والده الذي أجازهم بطباعة 3000 نسخة. أقول: وهذا يؤيّد ما ذكرناه من أنّ الشيخ الكتبي طبع (غاية الفكر) مقابل طباعة (فدك). وبعيداً عن هذا، فقد طبع الكتاب في حياة السيّد الصدر في العراق ثلاث مرّات وفي لبنان مرّة: الطبعة الأولى: وهي طبعة المكتبة الحيدريّة سنة 1374 هـ. الطبعة الثانية: الطبعة التي طبعها تجّار الناصريّة. الطبعة الثالثة: المشهورة بالثانية، وهي طبعة المكتبة الحيدريّة كذلك، وتعود إلى سنة 1970 م، وقد جاء على غلافها: «فدك في التاريخ، تأليف محمّد باقر الصدر، الطبعة الثانية، 1389 هـ 1970 م، حقوق الطبع محفوظة للناشر محمّد كاظم الحاج محمّد صادق الكتبي صاحب المكتبة والمطبعة الحيدريّة في النجف الأشرف ..» وعلى الغلاف الخلفي: «تمّ في 15/ 3/ 1970». ويشير إلى الطبعة الأولى فوزي عبد الرزّاق في الفهرست الذي أعدّه عن المطبوعات العربيّة والصادر عن جامعة هارفرد ببوسطن عام 1983 م؛ وإلى الطبعة الثانية الدكتور شبلي الملّاط (انظر: تجديد الفقه الإسلامي محمد باقر الصدر بين النجف وشيعة العالم، شبلي الملاط، ترجمة غسّان الغصن، دار النهار، بيروت 1998، ص : 258). وقد يبدو لنا اتّحاد الطبعة الثانية والثالثة وأنّ من الممكن وقوع اشتباهٍ بين تجّار الناصريّة وبين تجّار البحرين على ما يأتيك ضمن أحداث سنة 1390 هـ. الطبعة الرابعة: وهي طبعة دار التعارف التي جاءت بتاريخ 1400 هـ 1980 م. وقد احتملتُ كونها بعد استشهاد السيّد الصدر، إلّا أنّ الحاج حامد عزيزي صاحب دار التعارف ذكر لي بتاريخ 14/ 9/ 2004 م أنّ ذلك كان في حياة السيّد الصدر وبموافقته (على تفصيلٍ يأتي). ولعلّ الشيخ كوراني لم يعلم بطبعة تجّار الناصريّة لخفاء الأمر، ولم يطّلع على طبعة سنة 1970 م لتواجده حينها في الكويت، ثمّ ظنّ أنّ طبعة دار التعارف كانت بعد استشهاد السيّد الصدر، ولهذا نفى أن يكون الكتاب قد طبع، ولكنّ الأمر قد اتّضح. عدم الرغبة في إعادة طباعة (فدك في التاريخ) ثمّ إن الشيخ كوراني ادّعى أنّ السيّد الصدر لم يكن يرغب في إعادة طباعة (فدك في التاريخ)، وهي دعوى صحيحة، ولكنّ السياق الذي وضعت فيه والذي أهملنا نقله فضلًا عن التعليق عليه سياقٌ موهم. ولا يهمّنا فعلًا مناقشة النتائج التي أوصل إليها تشكيل المقدّمات بهذا الشكل، بل نكتفي بتوضيح حقيقة الأمر تاريخيّاً: أ - ذكر لي الحاج حامد عزيزي بتاريخ 14/ 9/ 2004 م أنّه عندما أراد إعادة طباعة (فدك في التاريخ) في لبنان فضّل السيّد الصدر عدم طباعته حفاظاً على أمور الوحدة وما هو من هذا القبيل، وبعد مراجعة الحاج حامد مرّة أخرى بواسطة السيّد محمود الهاشمي وافق السيّد الصدر. ويظهر ذلك أيضاً من جواب للسيّد الصدر عن سؤال وجّهه إليه السيّد محمّد الغروي سنة 1397 هـ يطلب فيه السماح بطباعة (فدك) فلا يوافق السيّد الصدر. ب - وأوضحُ من ذلك ما ذكره السيّد الصدر للسيّد حسن الأمين في رسالة أرسلها إليه (حصلنا عليها مؤخّراً وتُنشر للمرّة الأولى) : «.. وفي نفس الوقت فأنا لا أرجّح إعادة نشر الكتاب نظراً إلى طبيعة موضوعه وملابساته العاطفيّة، وأرى أنّ العمل الفكري الإيجابي المستقلّ أفضل من الدخول في المناقشات المذهبيّة مهما كانت موفّقة وعميقة..» (انظرها كاملةً ضمن أحداث سنة 1374 هـ). وقبل كلّ شيء، لا بأس ببيان مراد السيّد الصدر من (العمل الفكري الإيجابي المستقل) مستفيدين من رسالةٍ أرسلها إلى الشيخ علي الإسلامي بتاريخ 19/ ذي الحجّة/ 1396 هـ حيث يقول: «... وقد تحقّقت بدايات بعض الآمال التي أسعى إلى تحقيقها، فإنّي كنت أفكّر أنّ المرجعيّة النائبة عن الإمام الصادق إذا استطاعت أن تقدّم أحكام الشريعة في إطار فقه أهل البيت إلى العالَم بلغة العصر ومنهجة العصر وبروح مخلصة فسوف تستطيع أن تقنع عدداً كثيراً من أبناء السنّة بالتقليد للمجتهد الإمامي باعتباره اجتهاداً حيّاً واضحاً على مستوى العصر، وبذلك يعود نائب الإمام الصادق مرجعاً للمسلمين عموماً كما كان الإمام كذلك، ويكون هذا التقليد مرحلةً للانتقال إلى التشيّع الكامل، وهذا ما تحقّقت بعض بوادره لأنّ بعض المدرّسين المثقّفين من السنّة في بغداد راجعوني طالبين تحويل تقليدهم من أبي حنيفة إلى الفتاوى الواضحة. وعلى هذا الأساس فقد قرّرنا طبع الفتاوى الواضحة في القاهرة إن شاء الله تعالى ليقدّم صورة واضحة للفقه الإمامي المليء تقوىً وورعاً وإيماناً بين يدي المتعلّمين من أبناء مصر» (انظرها كاملةً ضمن أحداث 1396 هـ). ج - ولكن في المقابل، لم يكن السيّد الصدر يعارض نشر الكتاب في إيران، وهذا ما تجده واضحاً في رسالته إلى السيّد أحمد الحسيني الإشكوري الآتية ضمن أحداث سنة 1374 هـ. إذاً كان جديراً حصر النقاش في استراتيجيّة العمل فقط وفقط دون جرّ البحث إلى بساطٍ آخر ولو بالإيحاءات. |
رسم الصورة الكاملة حول الكتاب وتاريخه وعلى ضوء ما تقدّم سابقاً نستطيع رسم صورة أكثر موضوعيّة وملامسةً للواقع، وهي كالتالي: * عندما كان في الكاظميّة كتب السيّد الصدر موضوعاً حول السيّدة الزهراء ألقاه في حسينيّة أخواله من آل ياسين، وكان عمره حينها حوالي إحدى عشرة سنة، وهنا يلتقي ما نقله الشيخ علي كوراني وما نقله السيّد نور الدين الإشكوري. * وبعد استقرار السيّد الصدر في النجف الأشرف، استغلّ إحدى العطل الدراسيّة في شهر رمضان المبارك وطوّر ما كان قد بدأه في الكاظميّة، وكان هدفه من ذلك هو التأريخ لتلك المرحلة العلميّة من حياته، ولم يكن في نيّته طباعته ونشره على الإطلاق، وكان ذلك حوالي سنة 1367 هـ. * وبعد فترة (1370 - 1371) كتب السيّد الصدر (غاية الفكر) وأراد طبعه سنة 1374 هـ، ولكنّه لم يكن يملك المبلغ اللازم لطباعته، فعرض عليه الشيخ محمّد كاظم الكتبي طباعته مقابل أن يسمح له بطباعة (فدك) بعد أن علم أنّ له كتاباً حول الموضوع. ويبدو أنّ السيّد الصدر التزم بإعطاء حقوق الطبع إلى الشيخ الكتبي (داخل العراق على أقلّ تقدير) وإن لم يؤمن به فقهيّاً (أو أنّه كان يؤمن به يومذاك)، ولهذا أحال تجّار الناصريّة إلى الشيخ الكتبي عندما رغبوا في إعادة طبع الكتاب. * ثمّ بعد أن عرض عليه الشيخ الكتبي طباعة (غاية الفكر) مقابل السماح بطباعة (فدك) أعاد النظر في الكتاب الأخير لكي يكون بنظره أكثر إقناعاً ومدعاةً لتقبّل الطرف الآخر، فأدخل العبارات المرتبطة بالخلفاء غيرَ بانٍ عليها بينه وبين نفسه، إضافةً إلى مناقشته مع العقّاد، وربّما مباحث أخرى. * وبعد أن أصبح السيّد الصدر في سدّة المرجعيّة شخّص أنّ العمل الفكري الإيجابي أكثر فائدةً للتشيّع، ولهذا كان مهتمّاً بالدخول إلى الساحة السنيّة في مصر من أجل إرجاع مثقّفيها في التقليد إليه ليكون الفقه الإمامي الشيعي هو المرجع، وذلك تمهيداً للتشيّع الكامل بحسب تعبيره. ولهذا لم يرجّح إعادة نشر الكتاب عندما طلب منه السيّد حسن الأمين ذلك، وهو ما ذكره للحاج حامد عزيزي عندما طلب منه ذلك، ولكنّه وافق بعد أن طلب الحاج حامد ذلك مرّة أخرى. وهذا يعني أنّ ملاك إعادة النشر لم يكن عنده بمستوى المفسدة المطلقة، إضافةً إلى عدم ممانعته من طباعته مترجماً في إيران. هذه هي الصورة المتكاملة التي أجدها أقدر على تفسير مختلف الظواهر في ما يتعلّق بالكتاب. نشير أخيراً إلى أنّ السيّد البروجردي مثلًا كان يمنع غيره عن طباعة ما يثير الحساسيّات الشيعيّة السنيّة: فعندما أراد آقاي وكيلي طباعة منظومة له في الفقه تعرّض في أوّلها للخليفتين الأوّل والثاني، قال له السيّد البروجردي: «لا يحق لك نشر هذا الكتاب، وعليك حذف مطلعه، إنّ اليوم ليس زمان طرح هذه الأمور وتشديد الخلاف الشيعي السنّي». كما انتقد الشيخ عبد الحسين الأميني صاحب (الغدير) بدون ذكر اسمه عندما زار إصفهان مصادفاً مع التاسع من ربيع الأوّل، واتّخذت محاضراته طابعاً مشحوناً ضدّ السنّة، فقال: «ما هذا الوضع في إصفهان؟ ففي الوقت الذي تشنّ فيه إسرائيل حربها على مصر وتريد احتلال قناة السويس وتعريض أهل مصر للضغوطات والأخطار، نأتي لنشعل حرباً بين السنّة والشيعة» (انظر: يادنامه شرق، ضميمه رايگان تاريخ وانديشه، شماره 12، ويژه آيت الله بروجردى، فروردين 6: 85). وكان الشيخ المستشكل قد نوّه سابقاً بجهود السيّد الصدر حيث قال: «الوعي الإسلامي الذي تراه في العالم العربي الشيعي هو مدينٌ لجهود المرحوم السيّد الحكيم والشهيد الصدر..» (صحيفة المبلغ الرسالي، العدد 108، 10/ 4/ 1997 م: 10). |
|
وعلى أيّة حال، فقد جاء كتاب (فدك) في (168) صفحة من الحجم الوسط، وجاء عليه: «فدك في التاريخ، تأليف محمّد باقر الصدر، حقوق الطبع محفوظة للناشر محمّد كاظم الكتبي، المطبعة الحيدريّة في النجف، 1374 هـ 1955 م» [انظر كذلك: معجم المطبوعات النجفيّة منذ دخول الطباعة إلى النجف حتّى الآن: 261؛ معجم مؤلّفي الشيعة: 247]. وقد كتب السيّد الصدر في مقدّمته يقول: «أيّها القارئ الكريم: هذا إنتاجٌ اغتنمتُ له عطلةً من عطل الدارسة في جامعتنا الكريمة النجف الأشرف، وتوفّرتُ فيها على درس مشكلةٍ من مشاكل التاريخ الإسلامي، وهي مشكلة فدك والخصومة التاريخيّة التي قامت بين الزهراء صلوات الله عليها والخليفة الأوّل رضي الله تعالى عنه. وكانت تتبلورُ في ذهني استنتاجاتٌ وفكر، فسجّلتُها على أوراق متفرّقة، حتّى إذا انتهيتُ من مطالعة مستندات القضيّة ورواياتها ودرس ظروفها، وجدتُ في تلك الوريقات ما يصلح خميرةً لدراسة كافية للمسألة، فهذّبتُها ورتّبتُها على فصول اجتمع منها كتيّبٌ صغير. وكان في نيّتي الاحتفاظ به كمذكّر عند الحاجة، فبقي عندي سنين مذكّراً ومؤرّخاً لحياتي الفكريّة في الشهر الذي تمخّض عنه، غير أنّ حضرة الوجيه الفاضل الشيخ محمّد كاظم الكتبي ابن الشيخ صادق الكتبي أيّده الله طلب منّي تقديمه إليه ليتولّى طبعه. وقد نزلتُ على رغبته تقديراً لأياديه البيضاء على المكتبة العربيّة والإسلاميّة [كذا في الطبعتين الأولى والثانية والطبعة الجديدة للمؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر، وفي الطبعة الرائجة لدار التعارف للمطبوعات بيروت (ص 11): «غير أنّ بعض الإخوة (أيّدهم الله) طلبوا منّي طبعه، وقد نزلت على رغبتهم تقديراً لهم ولتوفيره في المكتبة العربية والإسلاميّة»، وقد كان هذا التعديل من قبل الحاج حامد عزيزي بعد أن طبع الكتاب في حياة السيّد الصدر على ما أخبرني به بتاريخ 14/ 9/ 2004 م]. والكتاب هو ما تراه بين يديك. (المؤلف)» [انظر: فدك في التاريخ: 3 (الطبعة الأولى 1374/ 1955 م)]. أمّا (غاية الفكر)، فقد جاء في (104) صفحات من الحجم الوسط وجاء عليه: «غاية الفكر .. القسم الخامس من الجزء الثاني .. في مباحث الاشتغال» [انظر كذلك: معجم المطبوعات النجفيّة منذ دخول الطباعة إلى النجف، حتّى الآن، محمد هادي الاميني، النجف1966. ص: 255]، وقد جاء في مقدّمة الكتاب: «هذا هو جزءٌ من كتابٍ في الأصول شرعتُ فيه قبل ثلاث سنوات تقريباً، وقد ابتدأتُ فيه من القسم الثاني من المباحث الأصوليّة، أي مباحث الأدلّة العقليّة، ورتّبته على عشرة أجزاء، وهذا الذي بين يديك هو الجزء الخامس منها في أكثر مباحث الاشتغال، أعني في أصل المسألة مع بعض تنبيهاتها. ويليه الجزء السادس في باقي تنبيهات المسألة مع أصل مسألة الأقلّ والأكثر. ولئِن كان أكثرُ مطالب هذا الكتاب مخالفاً لِمَا هو المسموع من الكلمات، فليس ذلك لأنّي قد اهتديتُ إلى ما لم يصل إليه الأساتذة والأكابر، وهيهات لذهني القاصر أن يرتفع إلى ذلك، وإنّما هو لأنّي لم أوفَّق للعروج إلى آفاق تفكيرهم ومجاراتهم في أنظارهم الدقيقة. وكلُّ رجائي من المولى سبحانه أن يشملني بعنايته ولطفه، ويوفّقني لاقتفاء أثرهم، ويعدّني للتشرّف باتّباع خطواتهم المباركة، إنّه على كلّ شيء قدير. الراجي عفو ربِّه محمّد باقر الصدر» [غاية الفكر، ط المؤتمر العالمي ص: 7]. قال آقا بزرگ الطهراني في ترجمة السيّد حيدر الصدر: «..وخلّف ولدين: السيّد إسماعيل والسيّد محمّد باقر وهما من الفضلاء المشتغلين بطلب العلم في النجف الأشرف ولا سيما الثاني، فقد طبع من آثاره غاية الفكر في مبحث الاشتغال وفدك في التاريخ، حفظهما الله وزاد توفيقهما» [طبقات أعلام الشيعة/ نقباء البشر في القرن الرابع عشر 2: 684]، ولكنّه لم يُشر في (الذريعة) إلّا إلى (فدك في التاريخ) [الذريعة 16: 129]. وقد أهدى السيّد الصدر نسخةً من كتاب (فدك) إلى السيّد مهدي الصدر العاملي، وقد كتب له على صفحتها الأولى: «هديّتي إلى حضرة حجّة الإسلام والمسلمين العلم العيلم المعظّم السيّد آغا مهدى صدر عاملى دام بقاه، المؤلّف»، وأهدى أخرى إلى السيّد جمال الموسوي [الإصفهاني] وكتب له: «هديّتي إلى حضرة الصديق العزيز العبقري الأستاذ السيّد جمال الموسوي مع أطيب تمنيّاتي وتحيّاتي [الأخويّة]، محمّد باقر الصدر»... http://www.yahosein.com/vb/attachmen...1&d=1361772292 |
ثم يضيف العاملي: ويبدو من خلال مجموعة من القرائن والوثائق التاريخيّة أنّ السيّد الصدر لم يكن يرغب في مرحلة لاحقة في إعادة طبع الكتاب في العالم العربي، ولم يكن لديه مانعٌ من ذلك في إيران مثلًا، ولكنّ عدم الرغبة لم يبلغ حدّاً عالياً، فلم يمانع من ذلك بشكل لا يقبل النقاش عندما أعيد طبع الكتاب في النجف سنة 1970 م وفي بيروت سنة 1980 م. وحول هذا الشأن يكتب إلى السيّد حسن الأمين الذي كان قد طلب منه أن يبعث له بنسخةٍ من كتابه (فدك في التاريخ)، وقد كتب إليه السيّد الصدر: «بسم الله الرحمن الرحيم حضرة الأستاذ الكبير الأخ العزيز السيّد حسن الأمين دام فضله السلام عليكم زنة احترامي وتقديري وبعد، فقد تسلّمتُ رسالتكم الكريمة فقرأتُ فيها روحكم العالية وعملكم المتواصل في سبيل إعلاء شأن الطائفة والكشف عن ثقافتها الإسلاميّة والمذهبيّة، والاستمرار في حمل رسالة المقدّس السيّد رضوان الله عليه [يقصد السيّد محسن الأمين]، ومن أجدر منكم بحكم الوراثة والتربية والثقافة وتوفّر الإخلاص أن يحمل هذه الرسالة المقدّسة ويخدمها بكلّ ما أوتي من حولٍ وطول. أمّا كتاب فدك فلا توجد عندي إلّا نسخة واحدة منه، وسوف أرسلها إليكم بالبريد المسجّل وثمنها مقبوضٌ سلفاً، إذ يكفي ثمناً لها يسيرٌ من هذه الخدمات الجلّى التي تقدّمونها للطائفة ومن هذه الألطاف التي تغمرونني بها بين حينٍ وحين. وفي نفس الوقت فأنا لا أرجّح إعادة نشر الكتاب نظراً إلى طبيعة موضوعه وملابساته العاطفيّة، وأرى أنّ العمل الفكري الإيجابي المستقلّ أفضل من الدخول في المناقشات المذهبيّة مهما كانت موفّقة وعميقة. وأمّا الموضوعات التي تفضّلتم بالإشارة إليها فأنا لا يسعني إلّا أن أتجاوب بقدر الإمكان مع رغباتكم نظراً إلى إخلاصي وتقديري لكم، ولهذا فسوف أحاول دون أن أقطع بذلك وعداً على نفسي أن أكتب في موضوع المجتهد، ولا أدري هل سوف أنجح في المحاولة بالرغم من كثرة الأشغال أو لا. وختاماً أبتهل إلى المولى سبحانه وتعالى أن يسدّد خطاكم ويواصل توفيقكم في خدمة الطائفة ويحفظكم لها ذخراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. النجف الأشرف محمّد باقر الصدر». وفي المقابل كتب إلى السيّد أحمد الحسيني الإشكوري في النصف الأوّل من السبعينات الميلاديّة: «بسم الله الرحمن الرحيم قرّة العين الفاضل الكامل العلّامة السيّد أحمد الإشكوري دامت بركاته. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد، فقد تسلّمت رسالتكم العزيزة، وفرحت بها، لأنّها ذكّرتني بما لم أنسه ولا أنساه، ذكّرتني بكم وببقيّة الأحبّة الأعزّاء. ولا تزال أيّها الأحبّة صوركم في قلبي وذكرياتكم [ملء] نفسي، رعاكم الله بعينه التي لا تنام، وأسبغ عليك أيّها العزيز ما يسبغه على الصالحين من عباده من تأييد وتسديد في مرضاته وخدمة دينه الحنيف. وأمّا موضوع ترجمة كتاب فدك، فأمره موكولٌ إليكم؛ فإنّ اهتمامكم بالكتاب كاهتمامي، فأنتم مأذونٌ في إجازة الترجمة إذا رأيتم أنّها كاملة ومناسبة لفظاً ومعنى. وهناك بعض الملاحظات سوف يشير إليها السيّد أبو جواد [يقصد السيّدكاظم الحائري] في رسالته. والسلام عليكم وعلى سائر أحبّتكم وإخوانكم ورحمة الله وبركاته. محمّد باقر الصدر» ... [گنج ورنج: 276، 314. وتاريخها كما ذكرنا لأنّ السيّد كاظم الحائري كان في العراق والسيّد أحمد الإشكوري في إيران ...] |
|
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 01:56 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025