![]() |
الكلمة / بقلم سماحة الشيخ منتظر الخفاجي
الكلمة ليست الكلمة لفظ يخرج من الأفواه ليبين مكنون صاحبه، فيلقيها صاحبها متى ما رأى حاجة إلى ذلك ، بل الكلمة هي إحدى الطريقين الذيَن يُسيّران عالم الإنسان . فبالكلمة يعبد الرحمن وتُدخَل الجنان ، وبالكلمة يُقتل الإنسان ، وتضحى المحبة هجران، وبها تقطع أرزاق العباد ويدب الخراب في البلاد ،وبالكلمة تُعمّر الجنان وتطفئ النيران ، وبالكلمة تصرع الرجال وتُيتم الأطفال، وبالكلمة تبدل الآثار وتزيف الأخبار، وبالكلمة تزول المفاسد وتعقد العقائد . إن الكلمة الواحدة لتقع في مسامع الرجال فتمحو أحوال وتثبت أحوال. إن الكلمة لها سلطان النفاذ من أقطار السماوات والأرض والولوج إلى عالم الآخرة فتبني هنالك لصاحبها بنيان ، أو تحفر له حفرة الخسران. إنها لتؤسس في قلوب الناس بغضك أو محبتك ، إذن هي تصوغ القلب كيفما تريد . إن لكل كلمة ، طيبة كانت أو خبيثة وطأة وأثراً ، فإن نفذت إلى القلب فعلت به الأفاعيل . وربما كانت في النفوس ابلغ من الأفعال وصولات الرجال . والكلمة رسول منبعها وأصلها إن أُفهمت أو أُبهمت ،حيث تستمد فاعليتها وتأثيرها من دواخل أربابها ، فليس ثمة كلمة من خلاء ، أو ألفاظ جوفاء وإنما هي معقودة بمعاقد منبعها ، وليس من كلمة إلا ولها أثر ، خفي أو ظهر . فتستمد قوتها وضعفها وطول بقائها وقصر مدتها وعمق أثرها ، من منبعها ومولدها ، فإن كانت وليدة طهارة ، خرجت معجونة بتلك الطهارة ، مطهرة لما طرقته بنسبتها وإن كانت ظاهراً غير ذلك ، وإن كان خَبُثَ منبعها خَبُثَت وإن كانت غير ذلك ظاهراً ، فرب كلمة ظاهرها خير أو حق لكنها صدرت من واقع سوء ، فأتبعت واقعها وجانبت ظاهرها حيث المولد هو الواقع ، كما قيل ( كلمة حق يراد بها بطل) أي أن منبعها باطل ، فالحكم في الكلام لمنبعه وليس لألفاظه . إذن ينبغي على العاقل أن يعامل الكلمة بغاية الحذر ، فربما هدمت بناء سنين أو شيدت ما لا طاقة له به ، ولا أعني الحذر في ألفاظها أو مقامها ، وإنما الأهم أن يكون مصدرها ومنبعها طاهر ، حينئذ لا تحتاج إلى زيادة جهدٍ ، فإن ما كان أصله طاهر يبعد عليه أن يكون مُنَجِساً أو يجلب لصاحبه غير الطهارة ، قال تعالى: {كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} فتكون محمودة المنبع ومحمودة الغاية وحسنة الأثر ، فتؤدي نفعها وبناءها في كل الأزمان {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا } أي لها الأذن الإلهي بالتأثير ولها الفاعلية المستفادة من ذلك الأذن ، وإن كان صاحبها يجهل أبعادها ويجهل طرق سيرها ، إنما أُسِّسَ نظام الخلق على أُسُس الطهارة والخير والصلاح ، فمن ذلك ستأخذ مسراها ومجراها في ذلك النظام ، يقول الرسول الأعظم (ص):(إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، ما كان يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله تعالى له بها رضوانه إلى يوم يلقاه ). وله الحمد في الآخرة والأولى |
احسنتم مولانا الجليل ......
في الصميم وفيه تماس مباشر للواقع المرير .. ممنون |
السلام عليكم . أبو أسد البغدادي وأحسن الله إليكم وشكراً لمروركم العطر
|
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 01:55 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025