اخبار دولية
بريطانيا.. على مفترق طرق استفتاء 2014 قد يؤدي إلى استقلال اسكوتلندا وبداية تفكك المملكة المتحدة لندن: عبد اللطيف جابر «أريد أن أكون رئيس الوزراء الذي حافظ على وحدة المملكة المتحدة»، هذا ما قاله ديفيد كاميرون بعد توقيعه هذا الأسبوع مع رئيس الحكومة المركزية، الزعيم الاسكوتلندي أليكس ساموند، على اتفاقية، يتم بموجبها تنظيم استفتاء في أواخر عام 2014 ويعطي اسكوتلندا حق الانفصال عن بريطانيا. لو أجاب الاسكوتلنديون بكلمة «نعم» للانفصال في الاستفتاء، وهذا ما يفضله القوميون، وخصوصا الحزب القومي الاسكوتلندي الحاكم في برلمان ادنبره المحلي، والذي يتزعمه أليكس ساموند، فإن ذلك سيضع نهاية للاتحاد بين لندن وأدنبره والذي دام أكثر من 300 عام، أي منذ التوقيع على اتفاقية الاتحاد بينهما عام 1707 والتي ربطت شمال البلاد بجنوبها. ومنذ ذلك التاريخ شكلت اسكوتلندا مع إنجلترا وإقليم ويلز وشمال آيرلندا، ما يسمى بالمملكة المتحدة. وقد يكون هذا التاريخ الجديد بداية تفكك الاتحاد.. وقد يشجع انفصال اسكوتلندا أقاليم أخرى لاتخاذ الخطوة نفسها. وبعد التوقيع مباشرة توجه كاميرون إلى ميناء لبناء السفن الحربية في منطقة «فايف» باسكوتلندا حيث يجري بناء حاملة طائرات بريطانية جديدة لصالح سلاح الجو الملكي. الزيارة تنطوي على الكثير من الرموز، إذ أراد كاميرون جلب الانتباه إلى أهمية الاتحاد بين ادنبره ولندن بخصوص قضايا الدفاع ووضع بريطانيا الاستراتيجي في العلاقات الدولية، وهذا ما ستفقده اسكوتلندا المستقلة التي لن تكون على الأرجح عضوا في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لأن الحزب القومي الاسكوتلندي الحاكم يعارض السياسات النووية للحلف. وقال أليكس ساموند الذي يمتلك حزبه الأغلبية في البرلمان الإقليمي في إدنبره «إنه يوم تاريخي لاسكوتلندا». وأضاف بعد توقيع الاتفاقية «سننتصر من خلال وضع رؤية إيجابية». وعلى الرغم من أن حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون تعارض بشدة خطوات اسكوتلندا للاستقلال فإنها وافقت على مضض إجراء الاستفتاء. وقال كاميرون «أنا عاطفي تجاه الاتحاد. يجب أن نحافظ على العائلة معا». «ولكن ومع ذلك، فمن الصائب أن (تحترم) الحكومة البريطانية إرادة الشعب الاسكوتلندي وتسمح لهم بالاستفتاء». وبعد أشهر من المشاورات الصعبة، التقى كاميرون مع ساموند في مقر الحكومة المحلية في اسكوتلندا ووقعا بالأحرف الأولى على «اتفاق ادنبره» ثم تصافحا. وقال كاميرون «أعتقد بقوة أن اسكوتلندا ستبقى» بريطانية. لكنه أضاف أن بريطانيا «لا تستطيع بأي حال إبقاء بلد متحد معها ضد إرادة شعبه». وأوضح أن الاسكوتلنديين «انتخبوا حزبا كان يريد إجراء استفتاء. وأعتقد أن من الضروري احترامهم»، لكنه أعرب عن الأمل «بأن تبقى بريطانيا موحدة، لأننا معا نكون أكثر غنى وأكثر قوة ونتمتع بمزيد من الأمان». وقالت نائبة رئيس الوزراء الاسكوتلندية نيكولا ستورجن لـ«بي بي سي»، «قدم الجانبان تنازلات لكنني راضية للتوصل إلى اتفاق يضمن تنظيم الاستفتاء». ونجحت السلطات الاسكوتلندية في الحصول على تنظيم الاستفتاء في 2014 في حين كان تريد لندن أن ينظم في أسرع وقت ممكن. كما وافقت لندن على خفض السن للمشاركة في الاستفتاء إلى 16 عاما وهو مطلب آخر للقوميين الذين يعتقدون أن الشباب الاسكوتلندي ميال إلى الاستقلال. ويرغب اليوم ثلث الاسكوتلنديين وعددهم 5,2 مليون في الاستقلال عن المملكة المتحدة، حسب آخر استطلاع لتلفزيون «إي تي في». إلا أن التنازل الاسكوتلندي تمثل في أن يتضمن الاستفتاء خيارا واحدا لا غير وهو تأييد أو رفض الاستقلال، وهذا ما تريده لندن، في حين كان يرغب القوميون في إضافة سؤال آخر في الاستفتاء حول الحصول على حكم بصلاحيات أكبر في حال رفض الاستقلال لتجنب فوز المعسكر المعارض للاستقلال. اختيار ساموند لعام 2014 للاستفتاء كان مقصودا، إنها الذكرى الـ700 لمعركة بانوكبيرن وهي المعركة الوحيدة التي انتصر فيها الاسكوتلنديون على الإنجليز، ويعتقد المعلقون أن ساموند أراد من هذا التاريخ تأجيج الشعور القومي الاسكوتلندي ضد إنجلترا ولندن. وتخشى السلطات البريطانية من أن يؤدي انفصال اسكوتلندا إلى إحداث مزيد من الانشقاقات في المملكة المتحدة. وبحسب استطلاع أخير للرأي تراجع عدد أنصار الاستقلال خصوصا مع اندلاع الأزمة المالية في أوروبا وخصوصا بعد أن قامت لندن بضخ المليارات في البنوك الاسكوتلندية من أجل إنقاذها. لقد ضخت بريطانيا ما قيمته 187 مليار جنيه إسترليني في البنوك الاسكوتلندية، وهذا أكبر من الدخل القومي الاسكوتلندي الذي يقدر بـ122 مليار جنيه إسترليني. وفي مقابلة سابقة مع القناة الرابعة البريطانية قال ساموند إنه سيحصل على 90 في المائة من مداخيل بحر الشمال التي تقدر بـ10.5 مليار جنيه إسترليني سنويا. حقول النفط والغاز في بحر الشمال تحتوي 24 مليار برميل والتي تقدر قيمتها بـ1.5 تريليون جنيه إسترليني. إلا أن حكومة لندن تقول إن حصة اسكوتلندا هي 8 في المائة من مبيعات غاز بحر الشمال. ويعتقد بعض الخبراء أنه حتى في حالة حصول اسكوتلندا المستقلة على حصة الأسد من مبيعات بترول وغاز بحر الشمال (بعد الحسم جغرافيا للمياه الإقليمية بين البلدين) فإن التذبذب في أسعار السوق لن يكون دائما لصالح اسكوتلندا، كما أن احتياطي النفط في حالة تراجع. أضف إلى ذلك أن ملكية الآبار ستثير معارك قانونية بين البلدين. وقال البروفيسور جون كيرتيس من جامعة ستراثكلايد إن على ساموند إقناع الناخبين بأن «أوضاعهم الاقتصادية ستكون أفضل في اسكوتلندا المستقلة على المدى البعيد». للبرلمان الاسكوتلندي حاليا صلاحيات في مجالات التربية والصحة والبيئة والعدل. إلا أن المسائل المتعلقة بالشؤون الخارجية والطاقة والضرائب والدفاع تبقى من صلاحية لندن. ووعد كاميرون الاسكوتلنديين بمزيد من الحكم الذاتي» إذا ما قالوا «لا» للاستقلال. ولهذه المسألة دعم واسع مع جميع الأحزاب البريطانية في البرلمان ومع الطبقة السياسية البريطانية. من جانبه، جعل ساموند الاستفتاء أبرز نقاط معركته ووصف الاتفاق بـ«اليوم التاريخي» لاسكوتلندا، معربا عن ثقته بفوز «نعم». وقال «لدى الحكومة الاسكوتلندية رؤية طموحة لاسكوتلندا: بلد أوروبي مزدهر، ينجح ويعكس القيم الاسكوتلندية.. اسكوتلندا تشغل مكانا جديدا في العالم». وذكر الوزير البريطاني المكلف ملف اسكوتلندا مايكل مور بـ«المخاطر» التي يطرحها في نظره الاستقلال خصوصا من الناحية الاقتصادية أو لجهة النفوذ الدولي. وتتهم لندن أنصار الاستقلال بترك مسائل عدة عالقة خصوصا ملكية الاحتياطي النفطي الهائل في بحر الشمال أو مستقبل اسكوتلندا المستقلة داخل الاتحاد الأوروبي والسياسة الدفاعية. وكتبت صحيفة «سكوتيش صن» الاثنين أن «المعركة حول مستقبل اسكوتلندا تبدأ اليوم». وتساءلت الصحيفة تحت صورة المسؤولين وهما يتشاجران على صورة لاسكوتلندا ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية «هل علينا أن نصدق أليكس سالموند عندما يعد بمستقبل زاهر لاسكوتلندا مستقلة أم ديفيد كاميرون». ارتبطت اسكوتلندا مع إنجلترا بمعاهدة، تعود إلى أكثر من 300 عام، بنيت خلالها بريطانيا أكبر إمبراطورية في تاريخ البشرية. وحتى بعد تلاشي نفوذها الجغرافي المباشر، ما زالت بريطانيا واحدة من أعظم اقتصادات العالم. فماذا يعني انفصال اسكوتلندا عن المملكة المتحدة.. سياسيا.. واقتصاديا.. واجتماعيا.. وحتى عسكريا؟ كيف يمكن تفكيك قواتها المسلحة، المكونة من شعوب المملكة المتحدة، التي تنتشر قواعدها العسكرية على كامل أراضي المملكة المتحدة وأسلحتها وغواصاتها النووية في مياهها الإقليمية؟ ومن سيبقى من جنودها الموجودين في مهمات عسكرية خارج البلاد؟ ومن سيستحوذ على مقعدها الدائم في مجلس الأمن؟ وماذا سيحدث لسفاراتها؟ حتى العلم سيصبح محل نقاش، وسيتم فصل ألوانه التي تتشكل من اللونين الأحمر والأبيض (علم سانت جورج الإنجليزي، والأبيض والأزرق علم اسكوتلندا). وأخيرا وليس آخرا، هل ستبقى اسكوتلندا ملكية وتبقى إليزابيث الثانية ملكة على اسكوتلندا أيضا؟ أم تصبح جمهورية؟ وعلى الرغم من تأكيدات الوزير الأول الاسكوتلندي أليكس ساموند أنه على علاقة وثيقة مع العائلة المالكة، فإن الأسئلة تبقى. وقال ساموند إن الملكة ستبقى رئيسة الدولة كما هو معمول به بالنسبة لدول الكومنولث، أي دول التاج البريطاني. إلا أن هناك اعتقادا بأن اسكوتلندا المستقلة ستجري استفتاء آخر حول بقاء الملكية. هذه مجرد بعض المشكلات التي ستكون شائكة وتحتاج إلى سنين من المفاوضات القانونية والعملية بين البلدين والتي سيواجهها طلاق اسكوتلندا عن باقي المملكة المتحدة، التي بدأ المعلقون يطرحونها بصراحة ويرون أنها ستكون معضلة حقيقية للجهتين، خصوصا أن هناك حركة إنسانية مستمرة ولمئات السنين بين شعوب المملكة المتحدة. فالتعداد السكاني لاسكوتلندا (مثلا) يصل إلى خمسة ملايين ونصف المليون، ويعيش أكثر من مليون منهم، أي 20 في المائة، في إنجلترا.. هذه معضلة عبرت عنها صحيفة «التايمز» في افتتاحياتها عندما طرح موضوع الاستفتاء في يناير (كانون الثاني) الماضي تحت عنوان «سلطة دون مسؤولية». كتبت «التايمز»، التي تعكس عادة تفكير النخبة السياسية البريطانية، تقول إن على الوزير الأول الاسكوتلندي زعيم الحزب القومي الاسكوتلندي أليكس ساموند أن يحدد ما يريد.. ويحدد بالضبط كل الأمور مثل الدفاع والخارجية والسياسات المالية. وقالت صحيفة «التايمز» بأن على أليكس ساموند أن يقرر هل يريد الاستحواذ على مداخيل مبيعات الغاز والبترول من بحر الشمال فقط، لكنه لا يريد الديون المترتبة على اسكوتلندا، خصوصا بعد عملية إنقاذ البنوك التي قامت بها حكومة غوردن براون، التي ضخت المليارات في البنك الملكي الاسكوتلندي لإنقاذه. وقيل آنذاك إنه لو كانت اسكوتلندا مستقلة وقت وقوع الأزمة المالية العالمية لأعلنت إفلاسها مثل آيسلندا. هذه الأفكار عكسها أيضا وزير الخزانة السابق أليستر دارلينغ في مقابلة مع «بي بي سي» هذا الأسبوع التي اتهم فيها أليكس ساموند بأنه يؤجج الشعور القومي للاستقلال، من خلال هجومه على المحافظين الإنجليز، ويرفض الدخول في حوار جدي حول الأمور المالية. وتثير «التايمز» أسئلة تعتقد أن على أليكس ساموند الإجابة عنها مثل: هل ستكون الحكومة الاسكوتلندية قادرة على إصدار سندات خزينة بالجنيه الإسترليني إذا احتفظت بالعملة نفسها؟ وهل تريد من حكومة لندن إنقاذ البنوك في حال التدهور المالي لها، مثلما عملت في السابق مع البنك الملكي الاسكوتلندي؟ ومن يحدد سعر الفائدة.. البنك المركزي في لندن أم بنك مركزي أسكوتلندي؟ وهذا يعني خلق سياسات مالية متناقضة بين لندن وإدنبره. وهل الاستقلالية بالقرارات المالية تعني أن جزءا من الديون سيتم تحولها إلى ميزانية الدولة الاسكوتلندية؟ وهل يريد أليكس ساموند فقط المداخيل من بحر الشمال، أما بالنسبة للديون فإنه يريدها أن تبقى مسؤولية لندن؟ وماذا عن مسؤولية الدفاع والخارجية؟ وإذا قررت بريطانيا إرسال قواتها إلى الخارج كما حصل في حالة العراق وأفغانستان، فهل ستخالف القرار وتسحب الجنود الاسكوتلنديين من المعركة؟ وبعد التوقيع على اتفاقية الاستفتاء قال وزير الخزانة البريطاني الحالي جورج أوزبورن إن أليكس ساموند لم يحدد بعد شكل الاتحاد المالي بين البلدين، ويعتقد أيضا أن سعر الفائدة سيكون أعلى بالنسبة للدولة المستقلة. أضف إلى ذلك أن اسكوتلندا ستواجه نفس المشكلات التي تواجهها بعض الدول الأوروبية بخصوص سعر الفائدة والبنك المركزي الأوروبي واليورو. وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية والمصير غير المعروف لليورو ومنطقة اليورو، يقول أليستر دارلينغ إن اسكوتلندا ستواجه مشكلات أكبر في حالة الانفصال ودخولها الاتحاد الأوروبي كبلد كامل العضوية. إذا قررت دخول الاتحاد الأوروبي فعليها قبول اليورو كعملة قانونية لاقتصادها. لكن ساموند نوه سابقا بأن اسكوتلندا المستقلة قد تبقي على الجنيه الإسترليني عملة متداولة. لكن يرى بعض المعلقين أن ذلك لن يلبي طموحات اسكوتلندا الوطنية لأن إعطاء بنك إنجلترا المركزي الحق في تحديد سياسات اسكوتلندا الضريبية سيعيد الأمور إلى سابق عهدها، وهذا ما تعاني منه بعض الدول الأوروبية الجنوبية مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا وغيرها ممن قد تجبر على الانفصال عن منطقة اليورو لاحقا. ويقول دارلينغ الاقتصادي المحنك: «الجوانب السلبية للانفصال مخيفة وكذلك المخاطر، ولهذا لا أعتقد أنها تستحق المغامرة». آراء أليستر دارلينغ عوملت من قبل الكثير من وسائل الإعلام على أنها أساس لحوار جاد حول موضوع الاستقلال يضع النقاط على الحروف ويواجه رد الفعل القومي الاسكوتلندي الذي «يختبئ» وراءه أليكس ساموند، الذي اتهم من معظم الأحزاب البريطانية والكثير من المعلقين بأنه يحاول دائما تمييع الأمور بخصوص التداعيات المالية لمستقبل اسكوتلندا. وأصبح ينظر إلى دارلينغ - على الرغم من أنه عمالي وناقد شديد لسياسات ديفيد كاميرون - على أنه الشخص المثالي ليقود حملة الدفاع عن وحدة المملكة المتحدة وإبقاء اسكوتلندا فيها. ولهذا يعتبر دارلينغ أنه من المهم جدا مواجهة ساموند بالقضايا الاقتصادية المهمة. ويطرح ثلاثة سيناريوهات بهذا الخصوص. يقول إن ساموند لم يتكلم بوضوح حول السياسات المالية المستقبلية. ويتساءل: هل يريد أن يبقي «الباوند»، أي الجنيه الإسترليني، كعملة لاسكوتلندا المستقبلية؟ وهذا ما نوه به ساموند في مناسبات مختلفة، قائلا إن «اسكوتلندا المستقلة قد تحتفظ بعلاقات مالية مشتركة مع إنجلترا حتى بعد الانفصال». بهذه الحالة، الجنيه يصبح عملة بين بلدين، أي إنه اتحاد مصغر لمنطقة اليورو. لكن دارلينغ يقول: «إذا جلست مع باقي أعضاء المملكة المتحدة ووافقت على عملة مشتركة، فإن الأعضاء سيقولون له: هل سترفع سقف الضرائب؟ وهل ستستمر بمستوى الصرف العام نفسه على الخدمات، وتزيد من ديونك دون سقف واضح». وهذا ما يواجهه بعض أعضاء منطقة اليورو. عندما تكون هناك عملة مشتركة، فإن ذلك يعني ليس اتحادا اقتصاديا فقط، لكنه يصبح اتحادا سياسيا، وإذا كان هذا هو المطلوب إذن، «لماذا كل هذا التعب والمطالبة بالانفصال من أجل أن تجد نفسك مرة ثانية في نقطة البداية؟ ولهذا فإن العملية غير مجدية». كما أن الخيار الثاني، وهو أن تتجه اسكوتلندا لاختيار عملتها الخاصة، أمر مليء بالمخاطر. ويقول دارلينغ: «تصور كيف تفيق في صباح يوم الاثنين وتجد أن كل مدخراتك في البنوك لا تساوي شيئا، لأنه لا أحد يعرف إلى أين تتجه الأمور بعد أن تقرر دولة استخدام عملة خاصة بها في بداية الأسبوع. وإذا خاف الناس قبل ذلك بيوم واحد وقرروا سحب مدخراتهم ووضعها في بنوك أخرى بعملة مختلفة، فإن ذلك قد يطيح بالنظام المصرفي الاسكوتلندي». أما المخاوف الأخرى التي يطرحها دارلينغ فهي اتجاه اسكوتلندا المستقلة لاتخاذ اليورو عملة لها. ويقول إن دخول الاتحاد الأوروبي دولة مستقلة سيجبر اسكوتلندا أيضا دخول منطقة اليورو وهذا ما تنص عليه اتفاقية الاتحاد الأوروبي. ولهذا ما الفائدة أيضا أن تصبح اسكوتلندا عرضة للتقلبات وسياسة سعر الفائدة التي يحددها البنك المركزي الأوروبي؟ «فما الجديد بالنسبة لاسكوتلندا، التي تطالب بالانفصال عن بريطانيا من أجل التنازل السياسي والاقتصادي للاتحاد الأوروبي». ويعتقد دارلينغ أن «العالم يتجه لبناء تكتلات اقتصادية عالمية ضخمة. وما الهدف من فلسفة اللجوء إلى تكتل اقتصادي أوروبي وفي الوقت نفسه تحاول الابتعاد عن جارك؟». |
شافيز.. للمرة الرابعة
شافيز.. للمرة الرابعة يبيع «الاشتراكية» لفقراء فنزويلا.. ويحصل على أصواتهم للبقاء في السلطة واشنطن: هبة القدسي بعد فوز الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز بولاية جديدة الأسبوع الماضي، أدرك الأميركيون أن أمام أميركا اللاتينية وقتا طويلا حتى تنحسر السياسات الاشتراكية أو تتراجع حالة العداء السياسي بين واشنطن وكراكاس. ويعد فوز شافيز تحديا أمام المراقبين في دول النصف الشمالي من الكرة الأرضية، فهو بذلك الفوز رسخ أقدامه ليظل لمدة ست سنوات مقبلة رئيسا لفنزويلا وزعيما للحركات الاشتراكية في أميركا اللاتينية وربما في العالم، بل يأتي فوزه دفعه للاشتراكية في المنطقة. فالرئيس هوغو شافيز، 58 عاما، الذي تولى السلطة منذ عام 1999 وتنتهي ولايته «الرابعة» إلى عام 2019، سيكون قد حكم بلاده عقدين كاملين. ويدخل ولايته الجديدة بكل أفكاره القديمة ضد الولايات المتحدة والإمبريالية والرأسمالية لترسيخ الاشتراكية في فنزويلا ودول أميركا اللاتينية. يقول المحللون إنه يملك كاريزما خاصة يستغلها لجذب الطبقات الفقيرة إلى سياساته وأفكاره الاشتراكية في بلد يعيش أكثر من ربع سكانه في حالة فقر شديد. وتبدو أفكاره الاشتراكية واضحة في سياسات التأميم التي مارسها في الكثير من الصناعات مثل صناعة الصلب وصناعة الذهب وقطاع البناء والنفط والقطاع المالي والزراعي. وحصل شافيز في الانتخابات الرئاسية على نسبة 55% فيما حصل منافسه على 44% من الأصوات. وحسب المجلس الوطني للانتخابات في فنزويلا فإن ما يقرب من 15 مليون شخص شاركوا في التصويت، وهو ما يعد إقبالا قياسيا لهذه الدولة التي يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة. البعض يرجع أسباب فوزه الساحق لأن سياساته تجد شعبية واسعة، ولدية كيمياء خاصة مع الفقراء، فخلال ولاياته الثلاث السابقة استخدم شافيز ثروة البلاد النفطية لإعطاء الفقراء فرصة عمل ورعاية صحية ومنازل، وقام بإنفاق حكومي كبير على المشاريع الخدمية في الأحياء الفقيرة. لكن المعارضون لسياساته يرون أن تلك السياسات زادت من سيطرة الدولة، وأدت إلى تأكل القطاع الخاص، وانتشار الفساد والمحسوبية وضعف البنية التحتية، وسوء إدارة عائدات النفط وانقطاع التيار الكهربائي في بلد غني بموارد الطاقة. واتهمت المعارضة شافيز باستخدام قوة الدولة في شراء الأصوات واستقطاب الناخبين، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أن الانتخابات جاءت في جو ديمقراطي وكانت حرة ونزيهة ولم تشهد أي تزوير، بل لا أحد يجادل أن كثيرا من الناخبين يريدون شافيز. وقد وصف الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر - الذي أشرف على الانتخابات - نظام التصويت في فنزويلا بأنه الأفضل في العالم. ويثير شافيز الجدل أينما حل وكلما تحدث، فهو يطلق لكلماته العنان دون رابط يهاجم يمينا ويسارا. يدافع عن الشعوب والفقراء والمطحونين ضد تسلط حكامهم تارة، ويدافع عن الحكام الديكتاتوريين تارة أخرى. وهو أحد الشخصيات اليسارية الرائدة في أميركا اللاتينية، وواحد من أكثر المنتقدين للولايات المتحدة وأكثرهم صخبا. وهو من أقرب الأصدقاء المقربين للرئيس الكوبي السابق فيدل كاسترو والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. يظهر شافيز دائما بمظهر المثقف الفيلسوف والذي يستشهد بالكلمات المأثورة لأشهر الكتاب في أميركا اللاتينية، ويلقي خطبه للشعب الفنزويلي وهو جالسا على مكتبه، وأمامه عدة كتب مفتوحة وكأنه يقرا عدة كتب في وقت واحد. ويحلل القضايا الداخلية والدولية لساعات، وهي دائما، في رأيه، وراءها مؤامرة امبريالية وتحالف دولي. فقد اعتبر فوزه وهزيمة منافسة هنريك كابرليس هو انتصار على القوى الخارجية التي تحاول الإطاحة به، وقال عقب فوزه «لم انتصر فقط على منافسي بل على التحالف الدولي فلم تكن الانتخابات مجرد معركة داخلية». واتهم شافيز الولايات المتحدة وأوروبا بإرسال 500 ألف رسالة إلكترونية للناخبين لحثهم على انتخاب هنريك كابرليس. وفي رأي شافيز فإن أميركا والدول الامبريالية تقف وراء كل المصائب في العالم بل إنه يري أن واشنطن تقف وراء مرض السرطان الذي أصاب خمسة رؤساء دول في أميركا اللاتينية بما في ذلك شافيز نفسه. ويعشق شافيز الملابس الصارخة الألوان مثل علم فنزويلا، فمعظم ملابسه تتنوع ما بين الأحمر والأصفر والأزرق. وعندنا انتخب لأول مرة في ديسمبر (كانون الأول) 1998، فاز شافيز بأغلبية ساحقة وكان عمره 44 عاما ليصبح أصغر رئيس يتولى الحكم في فنزويلا. ومن ميزات شافيز قدرته على تبديل مظهره ومنطقه بسهولة لافتة فيظهر مرة في لباس المظليين ومرة أخرى في بدلة أنيقة. وهو يستعير عبارات لماو تسي تونغ وهو يرفع صليبا ويحمل بعنف على «الإمبراطورية الأميركية» التي يبيعها نصف إنتاجه النفطي. ويقول شافيز المدافع عن حقوق الفقراء «من أجل القضاء على الفقر يجب إعطاء السلطة للشعب». ويروق لهذا الرجل الأب لأربعة أولاد الذي سبق وطلق زوجتين أن يقول عن نفسه إنه «متزوج بالوطن». وهو يندد بنبرة المبشرين الملهمين بـ«طريق الرأسمالية التي تقود إلى الجحيم» مؤكدا أنه لو «عاد المسيح لكان صوتا للثورة». وشافيز يطل كل يوم أحد على المواطنين مباشرة عبر برنامج تلفزيوني مطول بعنوان «آلو سيدي الرئيس»، كما يهوى المنابر الدولية والمداخلات الصاخبة ويوضح الكاتب ألبرتو باريرا في سيرة للفتنانت كولونيل السابق بعنوان «شافيز من دون اللباس العسكري» أن «فورته الكلامية هي تكتيك عسكري يقوم على الاستفزاز»، ويشير إلى أن «البعض يشدد على صفات الزعامة لديه والبعض الآخر يرى فيه روحا تبشيرية أو شعبوية جموحة لكن لا يمكن لأي كان إنكار الكاريزما التي يتمتع بها». ويمكنه أن يمزج في خطاب واحد أغنيات شاعرية وشتائم وإبداء معرفة ثقافية واسعة. أسلوبه في الحكم غير تقليدي يستند فيه إلى حدسه وما تعلمه من تدريبه العسكري. وهو لا ينام إلا قليلا ولا يأخذ عطلة، ما دفعه إلى الاعتراف بأنه ارتكب «خطأ أساسيا» بإهمال صحته طيلة سنوات. وتعتبر المؤرخة مرغاريتا لوبث مايا التي كانت حليفته وأصبحت معارضة له، أن «شافيز مزيج متناقض من الميل إلى اليسار والنزعة العسكرية ويحب امتلاك السلطة. وأحد أكبر دوافعه هو البقاء في الحكم بلا قيود». وقد حاول شافيز أن يرسم لنفسه دورا على الساحة الدولية من خلال محاولة تنظيم اتحاد يساري في أميركا اللاتينية يضم كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا والإكوادور والأرجنتين ليكون تحالفا ضد الولايات المتحدة. وبمساندة إيران وبالقيام بتدريبات بحرية مشترك مع روسيا. وهو صاحب شخصية مناضلة، مثله الأعلى هو سيمون بوليفار، ونضاله لم يقتصر فقط على المجال السياسي فقد خاص شافيز معركة مع مرض السرطان خلال عام 2011 وخضع للعلاج في كوبا لأكثر من 16 شهرا وخضع لثلاث عمليات جراحية في منطقة الحوض إلى جانب العلاج الإشعاعي والكيميائي. وسرت وقتها شائعات بقرب نهايته لكنه عاد إلى فنزويلا بعد شهور من العلاج معلنا انتصاره على المرض وشفاءه منه، وبدا خلال حملته الانتخابية أنه الشخص الذي لا يمكن هزيمته. وهناك تكهنات أن تكون حالته الصحية أكثر خطورة مما تم الكشف عنه. علاقته بالحكام العرب غريبة، فقد كان الصديق المقرب للزعيم الليبي السابق معمر القذافي، وهاجم بشدة الطريقة الوحشية التي مات بها وألقى باللوم على الولايات المتحدة وأوروبا. وقد نعى شافيز القذافي وقال إنه شهيد ومناضل وثائر. وهو يساند نظام الرئيس السوري بشار الأسد ويعتبره الزعيم الشرعي لسوريا، ويصف المعارضين لنظام الأسد بالإرهابيين، ويعتبر دعم المتمردين السوريين محاولة للإطاحة بالرئيس بشار الأسد. وفي إحدى خطبه قال شافيز «إنه أمر محزن أن العالم دخل حقبة جديدة من الامبريالية وحكومة الولايات المتحدة هي واحدة من أكثر المسؤولين عن هذه الكارثة في سوريا». وقارن شافيز بين الوضع في سوريا والوضع في ليبيا عندما تم الإطاحة بمعمر القذافي. وتقوم فنزويلا بإرسال شحنات من النفط لسوريا لسد الفجوة الناجمة عن العقوبات المفروضة على سوريا. يعشق شافيز التحدي والوقوف في وجه التيارات، ففي خضم الهجوم الدولي على إيران ومطالبتها بالالتزام بتعهداتها الدولية ووقف طموحها لامتلاك سلاح نووي، قام شافيز بتعزيز علاقات فنزويلا بإيران وقام بزيارة طهران ثلاث عشرة مرة مند بدء حكمه في عام 1999 فيما زار أحمدي نجاد فنزويلا ست مرات منذ عام 2005. ووقع البلدان أكثر من 270 اتفاقية تعاون في عدد من المجالات التي تشمل النفط والغز الطبيعي والتجارة. ووصف كل من شافيز وأحمدي نجاد علاقة البلدين بأنها «تحالف استراتيجي» بهدف القضاء على النظام العالمي الحالي. ويتشابه شافيز مع الزعيم الراحل معمر القذافي في تحليله التآمري للأحداث، وفي عشقه لإلقاء الخطب السياسية الطويلة التي تستمر لساعات، والكثير منها كان موجها لانتقاد الولايات المتحدة، وفي تبني أفكار مخالفة، ومثيرة للجدل دائما، وحب السلطة، لكنه لا يحمل ألقابا كثيرة كما يحملها القذافي. وكان شافيز معارضا للغزو الأميركي لأفغانستان وحرب العراق. ومن أشهر خطبه السياسية، خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2006 حيث وجه انتقادات حادة للرئيس جورج بوش ووصفه بالشيطان، والسيد الخطر. وكان خطابه بعد خطاب بوش مباشرة، فقال بعد أن وصل إلى المنصة.. «إني أشم رائحة الشيطان هنا». وطالب شافيز بمحاكمة بوش أمام المحكمة الجنائية الدولية لقيامه بارتكاب جرائم إبادة جماعية. وفي مقابلة وصف شافيز الولايات المتحدة بأنها مثل «مصاص الدماء دراكولا». لكن عداءه للولايات المتحدة لم يقلل من مساندته للرئيس الأميركي باراك أوباما، فقد أعلن شافيز عدة مرات أنه لو كان أميركيا لصوت لصالح إعادة انتخاب أوباما. ووصف شافيز أوباما بقوله «إنه رجل جيد» وفي مقابلة تلفزيونية بعد فوزه قال شافيز «بعد انتصاري، وبعد الانتصار المحتمل للرئيس أوباما، آمل أن نتمكن من بدء مرحلة جديدة من العلاقات الطبيعية مع الولايات المتحدة». وفي واشنطن هنأ البيت الأبيض الشعب الفنزويلي على الانتخابات الرئاسية، وقال جاي كارني المتحدث باسم البيت الأبيض «لدينا خلافات مع الرئيس شافيز لكننا نهنئ الفنزويليين بالعملية الانتخابية السليمة». وعلى الرغم من هذا العداء الآيديولوجي والفكري السياسي بين فنزويلا والولايات المتحدة، فإن حسابات الاقتصاد تخرج من دائرة العداء، ففنزويلا هي أكبر خامس دولة نفطية في العالم من ناحية الإنتاج أو الاحتياطي، وهي تصدر 90% من هذا النفط للولايات المتحدة. خلفية شافيز الفقيرة صاغت الكثير من ملامح شخصيته وأفكاره، فقد جاء شافيز من بيئة متواضعة، كان والده بن هوغو دي لوس ريبس شافيز، ووالدته إيلينا فرياس دي شافيز يعملان مدرسين. وولد شافيز في 28 يوليو (تموز) عام 1954 في سابانيتا وهي مدينة في ولاية باريناس في فنزويلا. وتعكس الحياة في فنزويلا جانبا كبيرا من التناقضات السياسية والاقتصادية حيث تتسع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، وبين الأقلية الغنية التي تحتكر 77% من الأراضي الزراعية والأغلبية من الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر. وتأثر شافيز في سن مبكرة بسيمون بوليفار الجندي والسياسي الفنزويلي الذي قاد حركة لتحقيق استقلال أميركية اللاتينية من الحكم الإسباني في أوائل القرن التاسع عشر. ووضع شافيز نفسه في قالب بوليفار وهو يخوض ثورته الخاصة «الشافيزية». أنصاره يعتبرونه البطل الأسطورة الذي يأخذ من الأغنياء ويعطي الفقراء على غرار روبن هود الشخصية الأسطورية. ويصفه معارضون بأنه السياسي الداهية والديكتاتور المستبد الذي يستغل الثروات النفطية في البلاد للبقاء في السلطة. ووفقا للبنك الدولي يشكل النفط أكثر من 30% من الناتج المحلي الإجمالي لفنزويلا و90% من صادراتها و50% من دخلها المالي. كان صعود شافيز في عالم السياسة مليئا بالأحداث، فقد كان يحلم بأن يصبح لاعبا محترفا لكرة البيسبول لكنه انضم للجيش بعد تخرجه من الأكاديمية العسكرية في كراكاس في فنزويلا عام 1975، وبدأت ميوله وتوجهاته الاشتراكية اليسارية في الظهور أثناء دراسته وخدمته العسكرية. ودرس أيضا العلوم السياسية في جامعة سيمون بوليفار في كاراكاس في عامي 1989 و1990 وبعدها حصل على درجة الدكتوراه. في عام 1992 كان شافيز يشغل منصبا كبيرا في الجيش برتبة مقدم، واستغل موجة الغضب الشعبي من النخبة السياسية وسياسات التقشف الاقتصادي وقاد حركة انقلاب فاشلة ضد الرئيس أندريس بيريز كارلوس، وألقي بعدها في السجن لمدة عامين. وأطلق سراحه الرئيس الجديد رافائيل كالديرا رودريغيز، خرج بعدها شافيز ليشكل حركة باسم الجمهورية الخامسة، التي استغلها كحركة معارضة للحكومة ووسيلة لانتقاد الفساد الحكومي ونظام الحزبين في فنزويلا، متهما النخبة الحاكمة بإهدار ثروة البلاد النفطية. وسرعان ما التقت الطبقات الفقيرة واليسارية حول شافيز وحركته المعارضة. وظهر شافيز على الساحة السياسية بقوة باعتباره شخصية معارضة وجذب المناصرين والمؤيدين له بتعهداته بحل الكونغرس وإعادة توزيع الثروة النفطية في البلاد وهو ما جعله يفوز بالسلطة في فبراير (شباط) عام 1999، وبعد أدائه اليمين وضعت حكومته دستورا جديدا عام 2000 وبموجبه أعيد انتخاب شافيز لرئاسة فنزويلا لمدة ست سنوات. في خلال عامي 2001 و2002 واجه شافيز نكسات كبيرة، ومعارضة واسعة لأجندته الاجتماعية، بلغت ذروتها في احتجاجات واسعة النطاق. وقاد الجيش انقلابا ضده وأحل محله بيدرو كارمونا، لكن كارمونا قام بحل البرلمان وعلق العمل بالدستور مما دفع الجيش إلى إجباره على الاستقالة. وفي صورة من صور لعبة الكراسي الموسيقية، تولى نائب شافيز ديوسدادو كابيلو منصب الرئيس ثم أعاد شافيز إلى السلطة خلال أيام. أحكم شافيز سيطرته على خيوط اللعبة السياسية في فنزويلا وأحكم قبضته على السلطة وبحلول نهاية عام 2006 أعيد انتخاب شافيز لفترة ولاية ثالثة بأقل قليلا من ثلثي الأصوات. وشهدت تلك الولاية أكثر التغييرات الدستورية التي قام بها لتعزيز بقاءه بالسلطة، ومنها إقرار إمكانية إعادة الانتخاب لأجل غير مسمى دون تحديد مدد للرئاسة. وقلص شافيز في التغييرات الدستورية من صلاحيات الهيئات الرقابية، وألغى مجلس الشيوخ بحيث أصبح لفنزويلا مجلس تشريعي وحيد. وتحول الدستور الذي وعد بإصلاحه إلى أداة في يد شافيز لجمع مقاليد السلطة في يده. وضاق صدره بالمعارضة فقام بإغلاق محطات الإذاعة المعارضة وضيق الخناق على حركات المعارضة. على الرغم من أن شافيز ينفي سعيه «لإقامة ديكتاتورية»، فإنه حذر المعارضة من أنها لن تعود «أبدا إلى السلطة» فيما لا يتصور أن يتخلى هو نفسه عن الرئاسة قبل 2021 على أقل تقدير، في الذكرى المئوية الثانية لآخر المعارك الكبرى ضد العرش الإسباني في فنزويلا. وعلى الرغم من ذلك فهو يعد الحاكم المستبد ناشر الديمقراطية بطريقته الخاصة، والثائر الاشتراكي البازغ نجمه في عتمة انحسار الشيوعية وانهيار الاشتراكية. وسيظل أسطورة الجزء الجنوبي من الكرة الأرضية وبطل التحديات والتناقضات في أفكاره وآرائه وسياساته. |
ميليباند.. رئيس وزراء بريطانيا المنتظر
ميليباند.. رئيس وزراء بريطانيا المرتقب من «إد الأحمر» إلى «إد الواقعي البراغماتي» لندن: عبد اللطيف جابر هل صحيح أن التناحر الآيديولوجي بين الرأسمالية والاشتراكية قد وصل إلى نهايته، بسقوط الكتلة الشرقية، في نهاية حقبة الثمانينات، وأن العالم قد دخل في مرحلة الرأسمالية الليبرالية، كما يقول المنظر اليميني فرانسيس فوكوياما، الشهير بكتابه «نهاية التاريخ»، أم إن الصراع ازداد حدة كما يروج منظرون يساريون في ذاك الوقت، من أمثال الأميركي ناعوم تشومسكي أو التشيكي سلافوي جيجيك، الذين يرون على أن الرأسمالية تواجه أزمة حقيقية؟ وحاليا ومع مع بروز الأزمة المالية التي عصفت بالعالم، خصوصا الولايات المتحدة وأوروبا، عاد الحديث عن الصراع الآيديولوجي من جديد. على هذه الخلفية يمكن تسليط الضوء على توجهات زعيم المعارضة العمالية في بريطانيا، إد ميليباند، الذي يرى العديد من المعلقين السياسيين أن خطابه الذي ألقاه 4 اكتوبر في مؤتمر الحزب السنوي قد وضعه في موقع جديد في الوسط بين تلك الصراعات الآيديولوجية، محاولا كسب مكانة سياسية جديدة تخوله أن يكون منافسا جديا لتولي سدة الحكم في البلاد ويعيد حزبه إلى السلطة التي خسرها في الانتخابات العامة البرلمانية عام 2010، مما جعل وسائل إعلام ومنظرين ومحللين سياسيين يطلقون عليه لقب «رئيس الوزراء المنتظر». لكن إد ميليباند في وضع لا يحسد عليه. الطريقة التي تم انتخابه بها زعيما بعد هزيمة حزب العمال عام 2010 في الانتخابات العامة واستقالة رئيس الوزراء السابق غوردن براون كانت مؤلمة وصعبة على مستويين؛ أولا أنه خاض المنافسة ضد شقيقه ديفيد، وزير الخارجية الأسبق، المحسوب على تيار توني بلير، وهذه المنافسة أدت إلى بروز حواجز عائلية، إن لم تكن قطيعة، مع شقيقه؛ إذ لم يصبحا يلتقيان كما كان معمول به سابقا مع والدتهما يوم الأحد من كل أسبوع، حتى لا يجلسان تحت سقف واحد، كما صرحت والدتهما. ثانيا لقد فاز إد ميليباند في المنافسة ضد شقيقه بسبب دعم النقابات العمالية له، التي جاء صوتها حاسما وكانت تميل لصالح الشقيق الأصغر، وبهذا، وحسب المنطق، فإنه يصبح مدينا لها أخلاقيا وسياسيا. الصحافة البريطانية الشعبية المحافظة أطلقت عليه اسم «إد الأحمر» أي الشيوعي. النقابات كانت تطمح إلى أن ينحاز إد إلى جانبها في أي معركة مع الحكومة المحافظة بخصوص الزيادة في الأجور والدعم في حالة اللجوء للإضرابات. إلا أن إد حاول هذا الأسبوع في خطابه وفي مناسبات سابقة، خصوصا في مؤتمر النقابات الذي جاء بعد فترة قصيرة من انتخابه، أن يبعد نفسه عنها. وفي أول خطاب له أمام مؤتمر الحزب بعد فوزه، أرسل إد ميليباند رسالة واضحة إلى النقابات التي دعمته والتي كانت تخطط وما زالت لسلسلة من الإضرابات العمالية ضد سياسة التقليص للحكومة الائتلافية. وفي الوقت نفسه الذي هاجم فيه سياسة تقليص الخدمات للحكومة، طلب من النقابات أن لا تتبع سياسة «غير مسؤولة» لأن ذلك سيفاقم من المشكلات الاقتصادية التي تواجهها البلاد. لقد فاجأ النقابات بموقفه، مؤكدا أنه غير مدين لها بشيء، الأمر الذي أغضب بعضها وصاح بعض النقابيين بأعلى صوتهم في القاعة خلال إلقاء خطابه متهمين إد بأن ما تفوه به هو «القمامة نفسها». وقال بوب كرو النقابي الذي يقود نقابة عمال السكك الحديدية والمواصلات البحرية، والتي تعتبر من أكثر الاتحادات راديكالية، إن النقابات تفكر جليا في قطع علاقاتها بحزب العمال، مضيفا أن «إد ميليباند، الزعيم الجديد، فضل الذهاب إلى الحفلة الصيفية التي أقامها قطب الإعلام روبرت ميردوخ بدلا من حضور الحفلة التي أقامها عمال المناجم في منطقة ديرهام. إد ميليباند طلب من المدرسين وموظفي الجهاز الإداري مقاطعة الإضراب الذي دعت إليه النقابات قبل عام.. «عند الإضراب، إما أن تأخذ جانب العمال أو تنحاز إلى جانب أرباب العمل» قال كرو. لكن إد حاول عدم الانحياز لأي منهما. لكن كيف سيقنع إد ميليباند جمهور الناخبين ليصل إلى سدة الحكم. لحد الآن ومنذ فوزه بقيادة الحزب والصحافة والمعلقين السياسيين ينتقدون إد ميليباند على أدائه في مجلس العموم وأنه لم يسجل أي ضربات سياسية تذكر ضد الحكومة أو خصمه زعيم حزب المحافظين رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. لكن حدد في خطابه، الذي دام 65 دقيقة (لم يكن مكتوبا ومن دون أي ملاحظات مدونة) سياساته للفترة المقبلة، بعيدا عن النقابات وقريبا من سياسات شد الأحزمة واضعا الحزب في خانة الوسط مع الميل قليلا إلى اليسار. وتلقى المعلقون خطابه بإيجابية وقالوا إنه يعكس «عقلانية وبراغماتية إد» ومؤهلاته القيادية ليكون «رئيس الوزراء المنتظر». الزعيم العمالي قدم نفسه حاميا لمصالح بريطانيا وليس لطبقة اجتماعية أو تكتلات سياسية، قائلا: «لا يوجد مستقبل لحزب يدافع عن مصالح فئة اجتماعية»، أي إنه ليس مع العمال ضد الرأسماليين. وردد عبارة «أمة واحدة» 44 مرة في خطابه. التعبير جاء اقتباسا من بنيامين ديزرائيلي رئيس الوزراء المحافظ في الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وفي هذا يحاول ميليباند أن يسحب البساط من تحت ديفيد كاميرون، الذي اعتاد على ترديد عبارة: «نحن جميعا في خندق واحد» ليبرر سياسة شدد الأحزمة. لكنه توقف عن استخدامها عندما أصبحت أداة سخرية للكوميديين والمتهكمين بسبب الأوضاع المزرية لملايين من العاطلين عن العمل. وحدد ميليباند بالضبط أين يقف، وقال إن بريطانيا كانت متحدة في الحرب وفي السلام، أي إنها كسبت الحرب العالمية الثانية وكانت متحدة بصفتها أمة وكذلك ازدهرت بصفتها أمة واحدة في أيام السلم. «في كل مرة واجهت بريطانيا التحديات انتصرت بصفتها أمة واحدة. وهذا ما ينساه السياسيون. الآن نواجه هذا التحدي (الاقتصادي)، ولهذا نحتاج إلى أن نتوحد من أجل هذه المهمة». إلى أنه أضاف: «لن أقبل اقتصادا يؤدي إلى اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء. بالنسبة لمعتقداتي - لا أعني هنا معتقداتي الدينية- فإن عدم المساواة قضية مركزية ومهمة.. في مجتمع متحد تقع المسؤولية على الجميع وتصل إلى قمة الهرم.. أغنى الأغنياء في المجتمع عليهم مسؤولية كبيرة تجاه الضعفاء والفقراء». ميليباند اتهم ديفيد كاميرون بتقسيم البلاد إلى «شمال وجنوب وقطاع خاص وقطاع عام، وبين من هم منخرطون في وظائف والعاطلين عن العمل». ووجد ميليباند ضالته في الزوبعة التي سببها أحد وزراء كاميرون الذي هاجم أحد رجال الشرطة أخيرا. وقال ميليباند مخاطبا رئيس الوزراء ديفيد كاميرون: «كيف يمكنك أن تقود البلاد وأحد وزرائك يوجه الإهانات للشرطة ويقول لهم إنكم مجرد أفراد من عامة الشعب»، وهذا يعني أن حكام البلاد المحافظين ينتمون إلى الطبقات العليا ولا ينتمون لعامة الشعب. وقال إن سياسات الحكومة لم تقدم أي حلولا للمشكلات الاقتصادية المستعصية، ولهذا «إذا لم يؤد الدواء مفعوله، فعلينا ليس فقط تغيير الدواء وإنما الطبيب أيضا». حاول ميليباند إبعاد حزب العمال تحت قيادته عن تيار توني بلير، الذي ما زال متنفذا في الحزب من خلال العديد من أعضاء حكومة الظل.. «ليس هناك أي مجال للرجوع إلى أيام حزب العمال الجديد»، قال ميليباند بوضوح، واضعا حدا لجناح بلير في الحزب، الذي يعتبر شقيقه ديفيد من أكثر المتحمسين له. إد ميليباند، 42 عاما، أصبح أصغر زعيم للحزب منذ تأسيسه قبل أكثر من قرن من الزمان. كما أن منافسه على زعامة الحزب شقيقه الأكبر ديفيد، الذي عمل وزيرا للخارجية وكان الأصغر في هذه الوظيفة في تاريخ بريطانيا بعد ديفيد أوين، وزير خارجية حكومة جيم كلاهان العمالية في سبعينات القرن الماضي. يعترف كل منهما بتركة والدهما السياسية وتأثيره عليهما، أي على أهمية العمل السياسي، وأن الأفكار أساسية في آلية التغيير من أجل العدالة الاجتماعية. وعندما سئل إد خلال المنافسة على زعامة الحزب حول تأثير والده رالف ميليباند على قراره في دخول المنافسة على زعامة الحزب، جاء رده قائلا: «إنني قررت ذلك بسببه، ولكنني لم أقم بذلك من أجله»، مؤكدا أن والده وجهه إلى الانخراط في العمل السياسي، لكنه لم يستق أفكاره منه. الراحل رالف ميليباند، الأكاديمي الماركسي كان واحدا من أهم منظري اليسار في القرن العشرين في أوروبا الغربية. لكن، على الرغم من ذلك، فإنه لم يحاول أي منهما أن يحمل الشعلة الماركسية من والدهما. طبعا هذا من المتطلبات الأساسية في الحياة السياسية في بريطانيا لأحزاب المؤسسة الحاكمة خصوصا عندما يكون عليك أن تقود واحدا من أهم الأحزاب العمالية في أوروبا الغربية. أن تكون ماركسيا وقائدا سياسيا يعني أنك ضد المؤسسة الحاكمة بكل أطيافها السياسية، بما في ذلك حزب العمال، الذي يعمل على حمايتها وحماية النظام الحاكم وليس قلبه. والدهما الذي قدم إلى بريطانيا مع والده اليهودي من بلجيكا لاجئا سياسيا هربا من النازية بعد احتلالها عام 1940 درس العلوم السياسية في معهد لندن للعلوم السياسية والاقتصادية بجامعة لندن، وأصبح محاضرا فيها وفي أعلى وأهم المؤسسات الأكاديمية في بريطانيا والولايات المتحدة. رالف الأب انتمى لفترة وجيزة لحزب العمال وحضر بعض مؤتمراته السنوية، لكنه وصل إلى قناعاته بعد فترة قصيرة بأن هذا الحزب هو حزب المؤسسة الحاكمة، وليس حزبا اشتراكيا، ولن يعمل لصالح الطبقة العاملة. لكن ابنيه أصبحا وزيرين في الحكومة العمالية السابقة في الوقت نفسه، ديفيد وزيرا للخارجية وإد وزيرا للبيئة، وهذا لم يحدث منذ 1938 في بريطانيا، أي أن يجلس شقيقان على الطاولة نفسها في اجتماعات الحكومة. الخلافات بين معتقدات الأب وأبنائه أصبحت مادة دسمة في أوساط المثقفين اليساريين. وأصبحت النكتة المتداولة بأن «رالف ميليباند آمن بأن حزب العمال ليس اشتراكيا ولن يعمل أي شيء لصالح الطبقة العاملة، والآن جاء دور أبنائه ليثبتا صحة نظريته». ووالدتهما ماريون ميليباند، هي الأخرى مهاجرة يهودية من بولندا، وعملت هي الأخرى في الحقل الأكاديمي وشاطرت زوجها الكثير من الأفكار السياسية والماركسية وما زالت ناشطة اشتراكية وفي منظمات سياسية يهودية متضامنة من حقوق الشعب الفلسطيني، خصوصا في منظمة «يهود من أجل العدالة للفلسطينيين». ويقال إن إد هو الأقرب إلى والدته من شقيقيه ديفيد. وحاول في مناسبات عدة أن يتكلم عن الوضع في الشرق بتعاطف واضح مع الحقوق الفلسطينية، كما أنه حضر اجتماعات تضامنية داخل البرلمان نظمها «أصدقاء فلسطين في حزب العمال»، ويقال إن هذا هو بسبب تأثير والدته عليه، كما أنه يحاول دائما أن يبعد نفسه عن قرار الحرب في العراق. بدأ مشوار إد السياسي منذ أيام الدراسة في مدرسته في شمال لندن، والتي درس فيها العديد من زملائه في الحزب وفي البرلمان إضافة إلى العديد من المشاهير في الحياة الثقافية والأكاديمية. على الرغم من أن المدرسة حكومية، فإنها استقطبت العديد من أبناء النخبة اليسارية الأثرياء ممن يقطنون في المناطق الفاخرة في شمال لندن. وفي خطابه أمس، حاول التركيز على هذا الجانب من خلفيته المدرسية ليميز نفسه عن زعيم حزب المحافظين وأعضاء الحكومة الذين درس معظمهم في مدارس خاصة مثل كلية إيتون الشهيرة. الكاتبان مهدي حسن وجيمس ماكنتاير في كتابهما «إد: الأخوان ميليباند وزعامة حزب العمال» يقولان إن إد يحمل معه برنامجا سياسيا مختلفا عن شقيقه ديفيد، إلا أن صفحات الكتاب تبين مدى المنافسة «الأخوية» التي تطغى في معظم الأحيان على زعامة الحزب. إد خاض الكثير من المعارك، كما يبين الكتاب، التي أكسبته الحنكة السياسية وصقلته في مشواره السياسي منذ الأيام الجامعية، والتي كلفته الكثير على الصعيد الأكاديمي، إذ لم يحالفه النجاح، مثلما حالف شقيقيه، الذي تخرج في موضوعه (سياسة وفلسفة واقتصاد) من الكلية نفسها في جامعة أكسفورد بامتياز، لانشغاله في بعض النشاطات والحملات الطلابية التي أبعدته ولو قليلا عن تحصيله الأكاديمي كما كان متوقعا، وكانت النتيجة أنه تخرج بتقدير جيد جدا. لكن إد تتبع خطوات شقيقه بحذافيرها: المدرسة في شمال لندن وجامعة أكسفورد وكلية كوربوس كريستي ودراسة السياسة والفلسفة والاقتصاد وحتى انخراطه في بعض النوادي السياسية في الجامعة ثم الالتحاق بجامعة هارفارد للدراسة ومن ثم التدريس فيها ودخول البرلمان البريطاني ومن ثم الوزارة. لكن أوجه الشبه وصلت إلى نهاية المطاف، ولم يكن طريق آخر غير خوض المنافسة وجها لوجه على زعامة الحزب. ويقول مهدي حسن وجيمس ماكنتاير إن إد ميليباند زعيم أعاد للحزب مكانته وتوجهاته السابقة التي كان عليها قبل أن يسيطر عليه تيار توني بلير، الذي اختار الطريق الثالث في السياسة البريطانية، والتي أصبحت معروفة باسم مشروع «حزب العمال الجديد» تحت قيادته إلى أن تمكنت من الفوز بثلاث انتخابات عامة متتالية، وهذا لم يحصل في تاريخ الحزب. وتمثلت هذه السياسة في الانحياز إلى سياسة السوق المفتوحة مع تقليص دور الدولة والقطاع العام وكذلك دور النقابات العمالية في الحياة السياسية، إضافة إلى سياسة دفاعية قائمة على التدخلات الخارجية وعلاقة أقوى مع واشنطن، كان من نتائجها الحرب في أفغانستان والعراق، وسياسة أكثر انحيازا إلى جانب إسرائيل. المنافسة على زعامة الحزب، بين الشقيقين، تركزت على هذه النقاط، أو هكذا حاول إد ميليباند أن يصور الخلافات بينه وبين شقيقه ديفيد، الذي كان مصمما على الاستمرار في مشروع توني بلير لو حالفه الحظ بالفوز بالزعامة، ويقال إن هذا كان السبب وراء خسارته أمام شقيقه. منذ أن أعلن إد دخوله المنافسة حاول أن يلخص ما يؤمن به من سياسات، وكان صريحا في هجومه على «حزب العمال الجديد»، أي بمعنى آخر هجومه على شقيقه ديفيد، الذي كان وحتى اللحظات الأخيرة من إعلان النتيجة مقتنعا بأنه الأحق والأوفر حظا في قيادة الحزب. لكن على الرغم من ذلك، فإنه فشل، كما يعتقد العديد من المعلقين، خلال الفترة السابقة من قيادته للحزب في تقديم سياسات تمييز قيادته وتشكل رؤيته للحكم في المستقبل. وما زال منتقدوه من تيار شقيقه يشكون في قدراته السياسية، وأن منافسته شقيقه ديفيد كانت مجرد منافسة تقليدية بين أشقاء وأنها خالية من أي مضمون. ومن هنا جاء أيضا تعليق أحد أصدقاء إد وحلفائه السياسيين، دوغلاس أليكساندر، أحد الوجوه الصاعدة في حزب العمال الذي يقوم حاليا بوظيفة وزير خارجية الظل. أليكساندر دعم ديفيد في المنافسة ضد صديقه إد لاعتقاده بأنه من الخطأ جدا أن ينافس الشقيق الأصغر شقيقه على زعامة الحزب، كما أنه يعتقد أن الدافع وراء قرار إد للفوز بزعامة الحزب هو إثبات نفسه أمام شقيقه، «وإذا كانت الغيرة الأخوية هي الدافع وراء قراره، فهذا يعني أنه تمت التضحية بالحزب لإشباع غرائز إد، ولهذا فإن الحزب سيدفع الثمن غاليا في المستقبل». لقد تبين بعد إعلان النتيجة أن شقيقه ديفيد حصل على أعلى نسبة أصوات من عدد أعضاء الحزب في مجلس العموم وكذلك عضوية الحزب بشكل عام، ولولا دعم النقابات لإد لما فاز بزعامة الحزب، ولهذا سيبقى، كما يعتقد كثير من المحللين، أسير سياسات النقابات العمالية والتي ينظر إليها على أنها غير «مسؤولة وغير واقعية» في مطالبها خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية العالمية والإضرابات التي تعصف بالعديد من المجتمعات الأوروبية نتيجة سياسات التقشف والتقليص لخدمات الدولة. وفي هذا الأسبوع، وفي خطابه، أوضح إد موقفه من هذه القضية ووقف موقفا ثابتا في وجه النقابات التي تقف ضد تقليص النفقات، وتطالب بزيادة الأجور، وتدعو إلى الإضرابات التي يقف إد ضدها. ويقول حسن وماكنتاير إن إد قادر على أن يشد إليه التيارات السياسية المختلفة داخل الحزب ويبعد نفسه عن النقابات التي أوصلته إلى القيادة. كما أنه قادر على أن يتصرف باستقلالية وبعيدا عن سياسة «الولاء» والعشائرية تجاه حلفائه السياسيين. ما زال الطريق طويلا أمام إد ليثبت أن قيمه السياسية تختلف عن قيم شقيقه ديفيد، إلا إذا قرر الأخير أن ينافس شقيقه مرة أخرى قبل نهاية الفترة البرلمانية الحالية، أي قبل أن يتمكن إد من خوض الانتخابات العامة المقبلة وهو على رأس الحزب، وهذا ما زال ممكنا من الناحية النظرية. |
السعودية وبريطانيا واستحقاقات التغيير السياسي
السعودية وبريطانيا واستحقاقات التغيير السياسي التهديدات التي اوصلتها الحكومة السعودية لبريطانيا بتجميد التعاون الاقتصادي ما لم يتوقفالبرلمانيون البريطانيون عن ما اسمته 'التدخل في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي خصوصا البحرين' لها دلالاتها السياسية والاخلاقية. فقد ذكرت بي بي سي ان الرياضمنزعجة جدا من تعاطي بعض اعضاء البرلمان البريطاني مع الثورة في البحرين، وان ذلك امر مزعج للسعودية بشكل خاص. فمنذ ان عبرت قواتها الجسر بين البلدين في منتصف شهراذار (مارس) 2011 للمشاركة في قمع الاحتجاجات السياسية وضرب المعتصمين بدواراللؤلؤة، اصبح الوضع السياسي في البحرين قرارا سعوديا. وقد استطاعت الرياض منعاي موقف غربي ضد ذلك الاجراء الذي يعتبره البحرانيون 'احتلالا'، بينما يراه الكثيرون مغامرة لا تختلف جوهريا عن الاجتياح العراقي للكويت في 1990. وكانت لجنةالعلاقات الخارجية بالبرلمان البريطاني قد انتقدت موقف وزارة الخارجية ازاء ما يجري في البحرين، وطالبتها بتصنيفها ضمن الدول 'المثيرة للقلق'. وتطرقت اللجنة في تقريراصدرته مؤخرا لما اعتبرته من مبررات لذلك التصنيف اهمها فشل حكومة ذلك البلد في القيام باي اصلاح حقيقي او تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق او الالتزام بحقوق الانسان. ومع استمرار الحراك الميداني في البحرين، والاحتجاجات اليومية في شوارعها ووصول تلك الاحتجاجات الى العاصمة في الاسابيع الاخيرة، تشعر السعودية انعليها تشديد الحصار الاعلامي على ثورة ذلك البلد الصغير بحجمه، الكبيربمشاكله.يضاف الى ذلك ان التوتر السياسي الذي بدأ في ذلك البلد الصغير قد انتقلالى عواصم خليجية أخرى، آخرها الكويت التي توترت الاوضاع فيها مؤخرا بعد حل مجلس الامة، وتصاعد نغمة المطالبة بالاصلاح واستهداف امير الكويت شخصيا بالنقد اللاذع،كا فعل مسلم البراك، عضو مجلس الامة. وشهدت الكويت في الايام الاخير مسيرات ضخمة هي الاكبر في تاريخ الكويت المعاصر تطالب باسقاط الحكومة واعادة النظر في قانون الانتخابات. واعتقلت السلطات عددا من النشطاء والنواب السابقين الذين اعتبرتهم قادة المظاهرة ولكنها افرجت عنهم لمنع تفاقم الاوضاع. وشهدت الامارات، هي الاخرى، توترا امنيا باعتقال اكثر من خمسين شخصا من المحسوبين على حركة الاخوان المسلمين وغلق جمعية الاصلاح التي تعتبر واجهتهم الدينية والسياسية. من خلال هذه الحقائق تدرك الرياض عددا من الامور: اولها ان تدخلها العسكري في البحرينلم يحقق هدفه الاساسي وهو القضاء على الثورة، بل زاد المحتجون حماسا للاستمرار في الاحتجاج. واصبح انتقاد العائلة الحاكمة في البحرين يعنيها بشكل اساسي لانها منذ ذلك التدخل اصبحت اللاعب الاول في الساحة، بتواجدها العسكري ودعمها السياسيوالمالي. وتخشى كذلك من تبعات اية مناقشة للوضع البحراني وانعكاساته على اوضاعهاالداخلية وحالة الاحتقان الشديد في مجتمعها وما قد يتمخض عنه من انفجار امني مستقبلا. فاي حديث عن انتهاكات حقوق الانسان يصبح موجها للسياسة السعودية، ولاتستطيع الرياض التنصل من مسؤولية ما توصلت اليه لجنة التحقيق التي تشكلت بزعامة الدكتور شريف بسيوني، بضغط دولي. ومن ذلك: التعذيب الممنهج الذي لم يتوقف حتى الآن،والقتل خارج القانون وهدم المساجد واعتقال الاطباء وطرد اكثر من اربعة آلاف موظف بحراني من وظائفهم. واصبح جليا ان السعودية تمثل المعوق الاكبر لاية محاولة لاقامة نظام ديمقراطي في الدول العربية. وقد وقفت بوضوح امام ثورة مصر واسقاط حسني مبارك،واستقبلت الرئيس التونسي المخلوع، الديكتاتور زين العابدين بن علي، وتدخلت بقوة لمنع حدوث التغيير المنشود في اليمن، وسعت للتأثير على مسارات ثورتي ليبيا وسوريا. وعندما لا تنجح بشكل كامل تحرك المجموعات التي تمولها للقيام باعمال التخريب وهدم المساجد. ويشعر المحتجون في البحرين بانهم مستهدفون بشكل مباشر من قبل القواتالسعودية التي ما تزال تعمل في الخطوط الخلفية، ويرتدي افرادها زي القوات البحرينية لمواجهة الاحتجاجات والتظاهرات التي تجري يوميا بدون انقطاع نهارا وليلا. وقدتدخل الامريكيون والبريطانيون امنيا بارسال خبراء شرطة بزعامة الامريكي جون تيمونيوالبريطاني جون ييتس، لادارة الملف الامني. وبرغم ما تدعيه واشنطن ولندن بان وجود هؤلاء الخبراء انما هو بهدف 'تدريب' القوات البحرينية على مراعاة حقوق الانسانعند مواجهة المحتجين او اعتقالهم، فان عدد من قتل من المواطنين سواء في الاحتجاجات ام السجون ام نتيجة الاستخدام المكثف للغازات الكيماوية ومسيلات الدموع يفوق اضعافاعدد الذين سقطوا قبل اجتياح البحرين. السعودية تعلم ان اي انتقاد لممارسات نظام الحكم في ذلك البلد يمسها بشكل مباشر لانها المسؤولة المباشرة عما يجري في شوارعالبحرين وسجونها، ولا تستطيع التنصل من مسؤولية ما يجري لانها هي التي وفرت لنظام الحكم القدرة على مواجهة ثورة الشعب. ويستحيل على اي نظام ديكتاتوري ان يحترم حقوق الانسان او يلتزم بالمواثيق الدولية في مواجهة الاحتجاجات او يتخلى عن تعذي بمعارضيه والتنكيل بمن يعبر عن رأيه علنا. ثانيها: ان الرياض تدرك ان قبضتهاالحديدية على مجلس التعاون بدأت تتداعى. فسعت لاسترجاع الهيمنة على المجلس ولكن باساليبها المعهودة غير الناجحة، مستغلة نفوذها المالي على المجموعات او المؤسسات المختلفة، او النفوذ الديني عبر المجموعات السلفية التي تنضوي تحت عباءتها. ومايجري في الكويت من احتقان متصاعد ليس منفصلا عن التأثير السعودي على المجموعاتالقبلية والسلفية. فالكويت انتهجت سياسة مختلفة مع كل من العراق وايران، كما هي سلطنة عمان، الامر الذي اظهر مجلس التعاون متباينا ليس في اوضاعه الداخلية فحسب، بل في سياساته الخارجية ايضا. وليس مستبعدا ان يكون الاحتقان في الكويت بتحريك من الرياض هدفه اعادة حكومتها الى بيت الطاعة تحت العباءة السعودية. وبرغم ما يبدو من نتناغم في المواقف بين الرياض والدوحة، فالسعودية ليست مرتاحة لقفز الاخيرة علىالدور السعودي في القضايا الاقليمية، خصوصا خلال الربيع العربي الذي برزت قطر فيه كلاعب اساسي. وجاء التدخل السعودي في البحرين ليس لحماية حكم العائلة الخليفية فحسب، بل لايصال الرسالة واضحة لقطر والامارات: بان السعودية قد تسكت طويلا ولكنهالن تتردد في اتخاذ القرار الحاسم اذا اقتضت الحاجة. وانزعجت السعودية بشكل خاص عندما سعى امير الكويت العام الماضي للقيام بمبادرة سياسية لحل الازمة والتقىم مثلوه ببعض زعماء المعارضة السياسية في البحرين، وهي مبادرة سرعان ما رفضهاالسعوديون بشكل حاسم. وكان ذلك رسالة واضحة لحكومات الخليج، بعدم محاولة القفز على الدور السعودي خصوصا في محيط مجلس التعاون. السعودية تتعامل مع دول المجلس بانهاتابعة لها وليست مستقلة الا ضمن اطر محدودة، ولا تتردد في استخدام اية وسيلة لضمان عدم التمرد. وربما نجحت في ذلك لو لم تسع لالغاء سيادة عائلات الحكم في الدولالاخرى بانتهاك حدودها والسيطرة على مساحات من اراضيها، فقد احتلت مساحة واسعة منارض دولة الامارات تشمل حقل الشيبة النفطي، الامر الذي ادى الى توتر العلاقات بين البلدين حتى الآن. وما تزال تحتل مساحات كويتية خصوصا في الجنوب وفي محيط ماكان يسمى سابقا 'المنطقة المحايدة' على الحدود المشتركة في غرب الكويت. وبرغم الصمت الحالي، فان العلاقات بين السعودية وقطر فاترة جدا، لان قطر تمارس دورا اقليميا ساهم في تقزيم الدور السعودي، الامر الذي ازعج الحكومة السعودية واشعرها بان نفوذهاضمن منظومة مجلس التعاون يتراجع تدريجيا. ولا يستبعد ان يكون تحريك الاوضاع في الكويت رسالة لقطر والامارات ايضا، بان لدى السعودية مفاتيح قادرة على فتح بوابات الصراع الداخلي في تلك البلدان. ثالثها: انه بدلا من القضاء على ثورة البحرين،انتقلت الثورة الى العمق السعودي. وبعد الاجتياح السعودي للبحرين في منتصف اذار (مارس) 2011 انتفض مواطنو المنطقة الشرقية ضد ذلك التدخل وطالبوا باصلاحات سياسية يستحيل على الحكم الملكي تحقيق شيء منها. وتواصل الحراك الميداني في القطيف والعوامية وغيرهما وادى الى استشهاد اكثر من 15 شخصا برصاص قوات الجيش والشرطة،واعتقل المئات من مواطني تلك المنطقة لتتصاعد اعداد السجناء بشكل متصاعد. وقد اصبحت قضية السجناء السياسيين واحدة من اكبر التحديات التي تواجه الحكم السعودي. فهناك اكثر من عشرين الف معتقل في سجون عديدة، مضى على بعضهم اكثر من عشرة اعوام واعتقل هؤلاء بتهم شتى من بينها الانتماء لتنظيم القاعدة او القيام بانشطة سياسية ترفضهاالعائلة السعودية. ويقضي هؤلاء السجناء سنوات عمرهم في السجن بدون محاكمات عادلة. ويمكن القول ان استمرار سجن هؤلاء يمثلون واحدا من اكبر التحديات للنظام السعودي. فان اطلق سراحهم فستغضب الولايات المتحدة الامريكية التي تخشى انتماءهم لتنظيم القاعدة، ويمثل اطلاق سراحهم تهديدا للامن الامريكي وضربة لسياسة الحرب على الارهاب. وان استمرت في سجنهم فسوف تتواصل الانتقادات للنظام السعودي، لان ذلك يمثل انتهاكا فاضحا لحقوق الانسان. وقد بدأت عائلات هؤلاء السجناء تعبر عن غضبهاالشديد ضد النظام السعودي بسبب استمرار سجن ابنائها بالتظاهر بشكل شبه يومي في شوارع المدن السعودية كالرياض والجوف والقصيم والمدينة. وقد اصبح سجن الطرفية فيالرياض مسرحا للاحتجاجات المطالبة بالافراج عن السجناء. انها ازمة متواصلة لنتتراجع بسهولة، بل ستضغط على الحكم السعودي ومن شأنها ان تنفجر في شكل تظاهرات واحتجاجات خصوصا مع استمرار سياسات القمع والاستبداد وغياب حكم القانون المؤسس على خيار الشعب. وهنا يتضح فشل سياسة التدخل السعودية في شؤون الشعوب الجارة. وقد سبقان تكبد الجيش السعودي خسائر كبيرة عندما اجتاح الاراضي اليمنية قبل بضع سنوات. واستطاعت مجموعة الحوثيين القليلة العدة والسلاح صد التدخل السعودي وأسر العشرات منجنوده، الامر الذي اضطر القوات السعودية للانسحاب بدون تحقيق اهدافها. رابعها: لقداصبح واضحا تراجع الدور السعودي على الصعيد الاقليمي. ولذلك اسبابه الموضوعية منبينها شيخوخة الجيل الحاكم من ابناء عبد العزيز وتشوش منظومة الحكم ازاء قضاياالتطوير السياسي والدور الاقليمي للمملكة. كما ان صعود انظمة جديدة في مصر وتونسوليبيا اصبح يصادر الدور السعودي تدريجيا. فوجود انظمة حكم منتخبة في هذه البلدان يحاصر منظومة الحكم السعودية المؤسسة على تغييب دور الشعب عن الحكموالادارة والشراكة السياسية. كما ان تراجع السياسة الامريكية في المنطقة ادى الى اضعاف موقف واشنطن ومعها السعودية، الحليف الاكبر للولايات المتحدة، وذيلها السياسي في المنطقة. ويتوقع صعود دور مصر الاقليمي تدريجيا وان كانت السعودية تسعى لمنع ذلك. وأظهر الصراع في سوريا تباين اولويات الدول التي وقفت ضد نظام بشار الاسد،وتعمق الصراع على النفوذ في ما بينها. فتركيا لم تستطع اثبات دورها بوضوح وفاعلية،وكذلك السعودية التي اتسمت سياستها بالغموض من جهة والسعي لاستكمال مشوار التناف سمع تركيا من جهة اخرى. وقد تقزم الدور السعودي باستعادة مصر، بعد انتخاب الدكتورمحمد مرسي، جانبا من دورها الاقليمي. وثمة ظاهرة آخذة في التصاعد تتمثل باستيعاباطراف سياسية عديدة في الثورات العربية حقيقة استهداف المساجد ودور العبادة في هذهالبلدان. وقد دفعت ليبيا اغلى الاثمان حيث استطاعت الميليشيات المدعومة من السعوديةتدمير قطاع واسع من المساجد التاريخية في عدد من المدن والبلدات الليبية. ويشعرالليبيون بخسارة كبيرة بضياع هذا الإرث التاريخي الانساني ويحثون الآخرين على التصدي لعملية ابادة التاريخ ومعالمه. وهكذا الامر في مصر التي استهدفت فيهامساجد الصوفيين وحدثت في اثر ذلك محاولات عديدة لاحتواء الظاهرة السلفية بدون جدوى. وقد تعمقت نقمة قطاعات واسعة من المواطنين ضد السعودية التي يعتبرونها اساسالاستهداف المذهبي والطائفي، وان بعض الحركات السلفية تحولت الى اذرع امنيةللسعودية تصفي بها الحسابات مع الجهات التي تختلف معها سياسيا او مذهبيا. حالةالاستقطاب لغير صالح الحكم السعودي اضعفت دوره وموقعه على الصعيد العربي وهمشته بشكل غير مسبوق. يضاف الى ذلك ان هناك قلقا من تداعيات الوضع السوري الذي قديؤدي الى تقسيم سوريا في حال استمرت تلك التداعيات. فان حدث ذلك اصبحت تركيا والعراق ومصر والسعودية مهددة بالتقسيم، على غرار ما حدث في السودان. فالسعودية ليست شعبا متجانسا بل اقاليم غير متجانسة وغير منسجمة نتيجة سياسات الحكم المركزيفي الرياض، وان ضعف القبضة الامنية سيؤدي الى انفراط الوحدة القلقة التي فرضهاالملك عبد العزيز بقوة السيف. فالى اين يتجه الوضع السعودي؟ وهل ستستطيع الرياض ان تبحر في هذا البحر اللجي باستخدام مهاراتها القديمة المؤسسة على استعمال الدولارالنفطي لبسط النفوذ الاقليمي؟ هذه التساؤلات تقلق حكام السعودية وتزعجهم وتفرض عليهم اعادة النظر في حساباتهم وافتراضاتهم. د. سعيد الشهابي كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن |
ميت رومني: أضواء على رئيس الولايات المتحدة المحتمل
http://studies.aljazeera.net/Resourc...22767734_2.jpg ميت رومني: أضواء على رئيس الولايات المتحدة المحتمل محمود حمد "طلب الصعاب يقوي الرجال" "The pursuit of the difficult makes men strong" من مقولات ميت رومني المفضلة نقلا عن والده 1 لا يعتبر ويلارد ميت رومني المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأميركية من الشخصيات المعروفة خارج الولايات المتحدة، وبالذات في الوطن العربي. ومن ثم فان طبيعة شخصية رومني، وبالتالي سياسياته المتوقعة -إذا قدر له الجلوس على سدة الرئاسة في المكتب البيضاوي- تعد لغزا كبيرا للمتخصصين وغير المتخصصين على حد سواء. ويمكن القول بوجود ثلاثة مفاتيح لسبر أغوار شخصية المرشح الجمهوري الذي قد يكون في أشهر قليلة الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة: المفتاح الأول لفهم شخصية رومني هو خلفيته الدينية المختلفة عن كل رؤساء أميركا السابقين، أما المفتاح الثاني فيركز على أصول رومني العائلية، وسنيّ النشأة الأولى، ومشواره الدراسي، وأخيرا، فان المفتاح الثالث هو تجاربه المهنية والسياسية. أولا: الخلفية الدينية ينتمي رومني لكنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الآخر المعروفة إعلاميا بطائفة المورمون، وهو في ذلك يختلف عن كل رؤساء الولايات المتحدة السابقين. فباستثناء جون فيتزجيرالد كيندى الكاثوليكي، انتمى كل رؤساء الولايات المتحدة إلى طائفة المسيحيين الإنجيليين وهى ديانة الأغلبية تاريخيا. والمورمون إحدى الأقليات الدينية الصغيرة في الولايات المتحدة، فهم يشكلون نحو 1.7% من السكان وهى نسبة تقارب عدد اليهود وتفوق عدد المسلمين والبوذيين. ويقدم المورمون أنفسهم باعتبارهم مسيحيين، ولكن الكثير من المسيحيين وبخاصة الأصوليون منهم يشككون في ذلك2 . وتعتبر المورمون ديانة أميركية بامتياز؛ فقد تأسست الطائفة في ولاية نيويورك على يد جوزيف سميث الذي نادى بنفسه نبيا مرسلا3 . وفي إبريل/نيسان 1840 وبعد نشر كتاب المورمون أسس سميث مع خمسة من أتباعه كنيسة يسوع المسيح لقديسي اليوم الآخر في ولاية ميسوري، ولكن أهل الولاية تصدوا لهم وقاموا بطردهم، فهاجروا إلى ولاية إلينوي. وقد حققت الدعوة نجاحا لافتا في الفترة الأولى، ولكن الكثيرين وصموا سميث وأتباعه بالهرطقة، ولذلك أمر حاكم الولاية بإيداعه السجن هو واثنين من أتباعه لحين محاكمتهم، وفي 1844 ادعى جوزيف سميث بأنه قد تلقى إعلانا إلهيا بتعدد الزوجات، فثار عليه أهل المدينة، وهاجموا السجن، وحدثت معركة قتل فيها جوزيف وله من العمر 39 عاما. وعقب قتل جوزيف سميث تولى القيادة بعده بريجهام ينج، فقاد المئات من أتباعه إلى ما يعرف الآن بولاية يوتاUtah هربا من الاضطهاد، حيث عملوا بالزراعة، وقاموا ببناء حاضرة كبيرة في الصحراء "سولت ليك سيتي". وتاريخيا استمر تعرض أبناء الطائفة للاضطهاد، الأمر الذي دفع الكثيرين من أبناء الطائفة وبينهم جد رومني للهجرة إلى المكسيك حيث ولد جورج رومني. ولكن الأسرة اضطرت للعودة للولايات المتحدة بعد اندلاع الثورة في المكسيك وقيام الثوار بتهديد الرعايا الأميركيين. ويؤمن أتباع الطائفة بالإنجيل، وإن كانوا يعتقدون أنه قد أصابه التحريف، ولذلك، فإن كتاب "مورمون" هو كلمة الله غير المحرفة. ويدعي المورمون أنهم قد أحيوا الكنيسة الحقيقية التي أسسها السيد المسيح، وأن المسيحية قد عاشت في الارتداد والوثنية لمدة 18 قرنا حتى جاء سميث فأعلن الحق وأعاد الإنجيل الصحيح الذي فُقد (إنجيل المورمون). ويؤمن المورمون كذلك بأن السيد المسيح سيبعث في القدس، ولكنه سيؤسس دولته في القارة الأميركية، وتحديدا في ولاية ميسوري. ويمتنع المورمون عن المسكرات وشرب الشاي والقهوة، ويحرصون على زيادة عدد أعضاء الكنيسة، ولذلك يتزوجون مبكرا وينجبون العديد من الأبناء كما يحرصون على التبشير بديانتهم في الولايات المتحدة وخارجها4 . وتعتبر الأسرة من الركائز المقدسة في المجتمع المورموني ويمتنع أبناء الطائفة عن إقامة علاقات خارج إطار الزواج، كما تقف الكنيسة موقفا صلبا ضد الإجهاض ومثلي الجنس. وقد سببت الاختلافات العقائدية وبخاصة تعداد الزوجات الكثير من الإشكالات السياسية تاريخيا للكنيسة. فقد منع الكونجرس الاعتراف بيوتاه كولاية مستقلة، ووضعت "مقاطعة الصحراء" كما كانت تعرف تحت الحكم الفيدرالي المباشر من واشنطون. وبهدف الحصول على الاعتراف بمقاطعتهم كولاية أصدرت الكنيسة بيان 1890 الذي حظر تعداد الزوجات، وتم النص على هذا الحظر في دستور الولاية كشرط من شروط الانضمام إلى الولايات المتحدة. وتعمل الكنيسة على زيادة النفوذ السياسي للطائفة، حيث يعتبر المرمون من الأقليات الفاعلة في الساحة السياسية الأميركية، ولا يفوقهم في حجم تمثيلهم السياسي بين الأقليات على المستوى الفيدرالي غير اليهود. فعلى الرغم من أن المورمون يشكلون 1.7% من المجتمع، ولأن أغلب هذه النسبة من الأطفال دون الثامنة عشرة الذين لا يحق لهم التصويت، فإن عدد أعضاء الكونجرس من أبناء الطائفة يبلغ العشرة بنسبة تبلغ 2.3%، وتزيد النسبة إلى 5% في مجلس الشيوخ بمن فيهم زعيم الأغلبية الحالي السيد هارى ريد. http://studies.aljazeera.net/Resourc...32579734_8.jpg شكل 1: النسبة المئوية لتمثيل الأديان المختلفة في المجتمع ومجلسي النواب والشيوخ (2011-2013) وعلى الرغم من هذا النفوذ السياسي، وتحسن النظرة المجتمعية نسبيا في السنوات الأخيرة، فإن رجل الشارع لا يعرف الكثير عن هذه الطائفة التي تُبقى طقوسها وعقائدها سرا لا يطلع عليه الغرباء من غير أبناء الطائفة 5. ولذلك، فقد حرص ميت رومني على عدم لفت الأنظار لانتمائه الديني، وبخاصة خلال الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري حيث تنتمي كتلة كبيرة من الناخبين لليمين الديني المحافظ. ومن الملاحظ أن الفيلم الدعائي الرسمي الذي أصدرته حملته الانتخابية ومدته أكثر من عشر دقائق يخلو من أى ذكر عن الدين، وهو أمر شديد الغرابة لمرشح ينتمي للحزب الجمهوري حيث أغلب مناصري الحزب من المتدينين 6. كما يخلو التقديم الرسمي من أية إشارة للفترة التي قضاها رومني في فرنسا للتبشير بديانته. وربما تكون هذه الخلفية أهم الأسباب التي دفعت رومني لاختيار بول راين كشريك في التذكرة الانتخابية الرئاسية. فراين الكاثوليكي المعروف بانتمائه الديني المحافظ يعد من الشخصيات السياسية المفضلة لدى قطاعات عريضة من الناخبين المتدينين الذين مافتئوا يساورهم الشك في معتقدات رومني الدينية. ثانيا: النشأة والتعليم ولد ميت رومني في ولاية ميتشجان في 12 مارس/آذار 1947، وهو ينتمي لذلك إلى جيل Baby Boomer الذي ولد في أعقاب الحرب العالمية الثانية بعد عودة المقاتلين من جبهات القتال. وقد ولد ميت لعائلة ميسورة وذات نفوذ سياسي كبير؛ فوالده جورج رومني كان من كبار رجال الأعمال والسياسة في ولاية ميتشجان؛ فرومني الأب شغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة السيارات الأميركية AmericanMotors Corporation بين عامي 1954-1962، ثم انتخب حاكما لولاية ميتشجان لثلاث دورات 1963-1969، وبعد ذلك شغل منصب وزير الإسكان والتنمية الحضرية 1969-1973. وقد سعى السيد رومني للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة عام 1968، ولكنه خسر بطاقة الترشيح إمام ريتشارد نيكسون الذي حظي بتأييد الحزب وانتخب رئيسا. أما والدة ميت، السيدة ليونور رومني، فقد انخرطت في الحياة السياسية، وترشحت دون توفيق عن الحزب الجمهوري في انتخابات مجلس الشيوخ عن ولاية ميتشجان عام 1970. ويبدو أثر العائلة كبيرا في حياة ميت رومني، الذي تتبع خطوات والده ووالدته في مجال المال والأعمال ومن ثم الترشح للمناصب السياسية على مستوى الولاية والحكومة الفيدرالية. وقد تلقى رومني تعليمه في مدرسة كرانبروك الخاصة في ضواحي ديترويت، وهى المدرسة المفضلة لأبناء النخبة في المدينة. وبعد انتهائه من دراسته الثانوية التحق رومني بجامعة ستانفورد المرموقة ولكنه ترك دراسته بعد عام واحد للقيام بخدمة الكنيسة. ومثله مثل والده، وكحال الكثير من أبناء طائفة المورمون، فقد تطوع ميت رومني للتبشير في الخارج حيث قضى في فرنسا 30 شهرا كاملة 7. وتمنح فترة التبشير في الخارج أبناء الطائفة فرصة الاحتكاك بالعالم الخارجي وتعلم اللغات الأجنبية. ولذلك، فإن أبناء الطائفة من أكثر الطوائف تمثيلا في بعثات الولايات المتحدة في الخارج. وبعد عودته من بعثته التبشيرية التحق ميت رومني بجامعة بيرجهام ينج حيث حصل على درجته الجامعية الأولى. وتعتبر الجامعة المعروفة اختصارا بـ BYU من أفضل جامعات الولايات المتحدة، ويمتاز طلابها بالدأب والرغبة في التحصيل. ولكونها جامعة الكنيسة، ولإيلائها اهتماما خاصا بتدريس الديانة المورمونية، فإن الأغلبية الساحقة من طلابها من أبناء الطائفة، ومعظمهم قد قام بتأدية بعثته التبشيرية، ولذلك فهم أكبر سنا وأكثر نضجا من نظرائهم من طلاب الجامعات الأخرى. وعند تخرجه، التحق ميت بأحد أكثر البرامج تميزا بجامعة هارفارد العريقة، حيث حصل رومني على إجازة الحقوق وماجستير إدارة الأعمال في آن معا8. ويبدو أن اختيار هذا الطريق المزدوج وليد تنازع الاهتمامات الشخصية والضغوط العائلية في تشكيل مستقبل السيد رومني، فبينما فضل ميت دراسة إدارة الأعمال بهدف العمل في القطاع الخاص، كان رومني الأب يدفع ابنه لدراسة الحقوق، وهى الباب الأبرز للولوج في عالم السياسة في الولايات المتحدة. وفى النهاية فقد اختط رومني طريقا جمع فيه بين الهدفين. وتشير قدرة رومني على الالتحاق بهذين البرنامجين الدراسيين إلى دأبه وتنوع مداركه وقدرته على التحصيل والإجادة 9. ثالثا: الحياة العملية وبعد تخرجه من هارفارد بدأ رومني حياته العملية في مجال المال والأعمال وبصفة خاصة تقديم الاستشارات الإدارية للشركات. واستطاع رومني في 1977 الحصول على وظيفة مرموقة في "باين وشركاؤهBain & Company" التي ترقى فيها سريعا ليشغل منصب الرئيس التنفيذي. وفى عام 1984 أسس رومني مع بعض من زملائه شركة أخرى هي باين للاستثمارات Bain Capital التي حققت نجاحا مدويا ومكنت رومني من تكوين ثروة كبيرة ساعدته على الانخراط في الحياة السياسية. وعندما تعرضت باين وشركاؤه لمصاعب جمة في بداية التسعينات من القرن الماضي استُدعي رومني لإنقاذ الشركة فاتخذ إجراءات حازمة، فقلص حصة مؤسسي الشركة بمقدار النصف، وأجرى اقتطاعات كبيرة على المرتبات والمكافآت، وفصل نصف الموظفين، وتفاوض بضراوة مع المقرضين. وقد مكنت هذه الإجراءات الحازمة الشركة على تخطى مصاعبها 10. وعادة ما يشير رومني ومناصروه إلى نجاحه في قطاع الأعمال الخاص كأحد مصادر تفوقه على الرئيس باراك أوباما الذي قضى معظم حياته العملية في المجالين الأكاديمي والسياسي. ويركز رومني على قدرته على خلق الوظائف وإيجاد الظروف الملائمة للقطاع الخاص للانطلاق. ويكتسب هذا أهمية كبيرة في السباق الرئاسي 2012 بسبب عدم تعافي الاقتصاد الأميركي حتى الآن من آثار الأزمة الاقتصادية، وبسبب معدلات البطالة المرتفعة التي لم تستطع سنوات حكم الرئيس أوباما تخفيضها بشكل ملموس. ولكن أوباما ومناصريه يشيرون إلى أن نجاحات رومني تحققت على حطام الكثير من الشركات التي أغلقت، والعديد من العاملين الذين فقدوا وظائفهم بسبب إقامة مصانع خارج الولايات المتحدة وبالذات في الصين للاستفادة من رخص الأيدي العاملة المدربة. ويعد الدور الذي لعبه رومني في تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية في مدينة سولت لايك سيتي إحدى المحطات الهامة التي يركز عليها الخطاب الانتخابي للمرشح الجمهورى؛ فمدينة سولت لايك سيتي عاصمة ولاية يوتا حاضرة المرمون في الولايات المتحدة كانت على موعد مع تنظيم الألعاب الأولمبية الشتوية بعد أشهر قليلة من الحادي عشر من سبتمبر 2011. ونظر الكثير إلى ذلك باعتباره مؤشرا على تعافي الولايات المتحدة من هذه الضربة المؤلمة. ولكن عملية التنظيم شابتها فضائح عدة شملت قضية رشوة دولية، وتحقيقات قضائية فيدرالية، واستقالة أعضاء اللجنة المنظمة، وانسحاب الراعيين الرئيسيين 11. وعرض رئيس اللجنة العليا على رومني تولى إدارة اللجنة المنظمة في ظل هذه الظروف لمحاولة إنقاذها من الفشل المتوقع، وهو التحدي الذي قبله رومني ونجح في تحويل الدفة في خلال أشهر قليلة. وأصبح هذا الإنجاز محطة انطلاق لرومني في مجال السياسة كقائد قادر على تخطى الصعاب، ومدير ناجح في حشد الكفاءات في مجال العمل العام كحاله في قطاع المال والأعمال. وقد أبرز رومني هذا الإنجاز في كتيب ألفه حول تجربته في الألعاب الأوليمبية 12. ويعكس قرار رومني بالموافقة على الانخراط في هذا التحدي بعضا من طبيعة شخصيته المغامرة من جهة، وارتباطه الشديد بالكنيسة من جهة أخرى. حيث اعتبر الكثيرون أن الفشل الذي كان متوقعا للألعاب الأوليمبية في حاضرة المورمون فشلا للكنيسة وقيادتها بسبب الدور المسيطر الذي تلعبه الكنيسة في إدارة المدينة والولاية. واتخذ رومني من هذا النجاح محطة للانطلاق في عالم السياسة، حيث ترشح لمنصب حاكم ولاية ماساتشوستس بعد شهر واحد من انتهاء الألعاب الأوليمبية. فبعد عامين من الفشل في الفوز بعضوية مجلس الشيوخ عن الولاية نجح رومني في الفوز بمنصب حاكم ماساتشوستس. وعادة ما يشير رومني إلى نجاحه في القضاء على عجز كبير في موازنة الولاية قدر ب 1.5 بليون دولار كدليل على قدرته على محاربة العجز الهائل للحكومة الفيدرالية ومكافحة التضخم الكبير في حجم الدين العام للولايات المتحدة 13. ولكن رومني حرص على عدم لفت الأنظار خلال الانتخابات التمهيدية بالذات إلى إنجازه الأبرز خلال ولايته المتمثل في قانون ماساتشوستس للرعاية الصحية، الذي شمل تغطية تأمينية طبية للغالبية الأعظم من ساكني الولاية للمرة الأولى في تاريخ أى ولاية أميركية. ويشبه هذا القانون إلى حد كبير قانون أوباما للرعاية الصحية الذى يلقى معارضة عاتية من الحزب الجمهوري واليمين المحافظ. وقد حرص رومني مثله مثل أى سياسي متمرس على تبيان الفوارق بين قانونه وقانون أوباما بهدف التأكيد على اتجاهه لتقليص دور الحكومة الفيدرالية في الاقتصاد والمجتمع. وبعد انتهاء ولايته كحاكم، سعى رومني لتحقيق الحلم الذي عجز رومني الأب عن تحقيقه. فقبيل يوم واحد من انتهاء ولايته في 4 يناير/كانون الثاني 2007 أعلن رومني عن انخراطه في المنافسة بهدف الفوز بترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية عام 2008. ورغم تقدمه المبدئي فان الحملة الانتخابية سرعان ما تراجعت ليفوز جون ماكين بترشيح الحزب. لكن رومني المعروف بدأبه استمر خلال الأعوام الأربعة الماضية في بناء قاعدة تأييد داخل الحزب وفى جمع المال اللازم لخوض غمار حملة انتخابات تمهيدية ممتدة ومكلفة. وقد مكن ذلك ميت رومني من أن ينال شرف الترشح عن الحزب الجمهوري كأول مرشح من المورمون. ماذا نستطيع أن نستنتج من ذلك؟ يشير سجل رومني في مجال الأعمال والسياسة إلى قدرته على الحسم وعدم تردده في اتخاذ القرارات الصعبة، وإذا ما تلاقى ذلك مع تقاليد الحزب الجمهوري في السياسة الخارجية والانتقادات المتوالية ضد سياسة أوباما الخارجية وبالذات فيما يتعلق بالشرق الأوسط (الصراع العربي- الإسرائيلي وتطورات الربيع العربي) فإنه يمكن توقع تحول في السياسة الخارجية الأميركية في ظل إدارة يرأسها رومني. ومن المنطقي أن يثير ذلك قدرا من التوجس في العواصم العربية وبالذات دول الربيع العربي التي تولت فيها أحزاب تنتمي للتيار الإسلامي السلطة. وهناك الكثير من مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية القريبة من الحزب الجمهوري تريد للولايات المتحدة أن تمارس قدرا أكبر من التأثير في تشكيل البنية السياسية والدستورية للدول العربية التي تتحول إلى الديمقراطية. وعلى العكس من أوباما الذي لا يربطه ود كبير برئيس الوزراء الإسرائيلي نتينياهو فإن رومني لا يخفى تأييده الكامل لإسرائيل وساستها، وقد حرص المرشح الجمهوري على أن تكون إسرائيل إحدى الدول القلائل التي قام بزيارتها منذ فوزه بترشيح حزبه للرئاسة. كما حرص على تأكيد دعمه الكامل للدولة العبرية وسياستها. وقد أثار رومني كثيرا من الاستهجان عندما ألمح خلال زيارته للقدس إلى أن اختلاف الثقافة تفسر تخلف الاقتصاد في الأراضي الفلسطينية عن نظيره الإسرائيلي 14. ولم يحمل هذا إعجابا مطلقا بإسرائيل فحسب وإنما نظرة استعلائية تجاه الثقافة العربية والإسلامية تماثل كثيرا مما يردده كتاب اليمين المحافظ في الولايات المتحدة. ويشير ذلك إلى احتمالية سياسة خارجية أميركية أقل تفهما للمصالح العربية وأكثر اقترابا من سياسية إسرائيل في المنطقة إذا ما قدر لرومني الجلوس في المكتب البيضاوي في يناير/كانون الثاني القادم. _____________________________________ محمود حمد - أستاذ مساعد العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعتي القاهرة (مصر) ودراك (الولايات المتحدة) (10) George Glider, Romney, Bain, abdMe, The American Spectator, September 2012, 24-25. المصادر (1) Mitt Romney, No Apology: The Case for American Greatness. (2) يمكن القول إن النظرة المجتمعية للمورمون في الولايات المتحدة تشبه النظرة الاجتماعية للمنتمين إلى الطائفة الدرزية في الوطن العربي. (3) ولد جوزيف سميث 1805 م بولاية فيرمونت بأميركا. ويدعى أنه وهو في سن الرابعة عشرة تلقى وحيا بأن جميع الكنائس مخطئة، ومن ثم لم ينضم لأي كنيسة من الكنائس المسيحية التقليدية. كما ادعى جوزيف أنه وهو في سن السابعة عشرة ظهر له ملاك يدعى "مورونى" وأرشده إلى كتاب المورمون المكتوب على ألواح ذهبية باللغة المصرية القديمة المعدلة. (4) لا يتزوج المورمون عادة من خارج الطائفة، وقد حرص ميت وأسرته على العمل على تحول آن رومنى إلى المورمونية قبل زواجهم. (5) بمناسبة ترشيح رومني قامت الكنيسة بتمويل حملة إعلانية ضخمة لتقديم أبناء الطائفة في صورة المواطن العادي غير المختلف في سلوكه أو اهتماماته عن أغلب الأميركيين. (6) يمكن مشاهدة هذا التقديم الانتخابي على الموقع الرسمي للحملة: http://www.mittromney.com/learn/mitt (7) يعتبر التبشير في الولايات المتحدة وخارجها من المهام المقدسة لأتباع الطائفة وشرطا أساسيا للترقي في المجتمع. (8) على العكس من نظام التعليم في العالم العربي فإن دراسة الحقوق في الولايات المتحدة تدخل في نطاق الدراسات العليا التي يُلتحق بها بعد إتمام الدرجة الجامعية الأولي. وتعتبر دراسة الحقوق وبالذات في جامعات النخبة كهارفارد ويال بمثابة مفتاح الدخول إلى صفوة رجال السياسة والأعمال. (9) من المفيد التذكير بأن الرئيس بوش الابن قد التحق بهارفارد لدراسة إدارة الأعمال بينما التحق الرئيس أوباما بذات الجامعة لدراسة القانون. (11) كُشف النقاب عن أن المنظمين قاموا بمنح بعض أعضاء اللجنة الأوليمبية الدولية رشا مالية وهدايا ومنح دراسية لضمان فوز المدينة بهذا الشرف الكبير خلال عملية الاختيار في شتاء 1989-1999. (12) Mitt Romney and Timothy Robinson, Turnaround: Crisis, Leadership, and the OlympicGames. (13) تخطى الدين الأميركي حاجز 16 تريليون دولار وعجز الموازنة السنوي مبلغ التريليون دولار خلال العام الحالي! (14) أثارت هذه العبارات وغيرها خلال رحلة رومنى الخارجية انتقادات عديدة في الإعلام الأميركي، حتى إن صحيفة واشنطون بوست الذائعة الانتشار عنونت تغطيتها بأن رومنى لا يزال لديه الكثير لتعلمه " Mitt Romney’s international trip: Still on a learningcurve?" |
عندما انحنى كبير الجلادين عند حذاء الضحية
عندما انحنى كبير الجلادين عند حذاء الضحية تجربة جنوب أفريقيا في انتقال سلمي للسلطة، من نظام أقلية مذهبها العنصرية والفصل العنصري، إلى نظام نقيض أساسه التساوي أمام القانون، ما أمكن! زياد منى قيل: الثورة يطلقها مغامر، ويسير بها ثائر، ويجني ثمارها الجبان والانتهازي والثري. هذه القاعدة، لكن ثمة استثناءات، خصوصًا في الثورات التحررية الوطنية، عندما تنتصر، والاستثناء لا يلغي القاعدة، بل يؤكدها. الآن، ونحن ننظر إلى عالمنا العربي، نرى مشاهد في بلاد الحراك حيث "الشعب غيَّر النظام!"، ويبدو أن المنظر لم يتغير، بل بعض "اللاعبين" ليس أكثر. فما زلنا نرى على شاشات الفضائيات مشاهد المظاهرات في الشوارع وقمع الشرطة والاشتباكات بين المعارضة والموالاة، أي بين "الأغلبية" و"الأقلية"، وبين المتظاهرين والشرطة. كذلك نسمع عن اغتيالات معارضين وقصف متبادل بين بلدات وما إلى ذلك من المشاهد المروعة. " يبدو أن المنظر في عالمنا العربي لم يتغير،بل بعض اللاعبين ليس أكثر، فما زلنا نرى على شاشات الفضائيات مشاهد المظاهرات فيالشوارع وقمع الشرطة والاشتباكات بين المعارضة والموالاة " وكنا من قبل عبّرنا عن خشيتنا من تبسيط الأمور والدفع باتجاه شعارات شعوبية لا تسمن ولا تغني من جوع، فإسقاط "إدارة" نظام ما قد يبدو سهلاً، لكن إقامة إدارة جديدة للنظام نفسه -على أساس منتصر ومهزوم- عبثية، ولن تؤدي إلا إلى إطالة الأزمات واشتداد تعقدها، وبالتالي ازدياد صعوبة البحث عن حل قائم على المصالحة الوطنية التاريخية. والمصالحة الوطنية كما نعرف، لا تتم بين أصدقاء، وإنما بين غرماء في الوطن. رغم كل المشاهد المروعة عن صراعات في بعض بلادنا، فإننا لا نريد نشر روح اليأس وفقدان المقدرة على وضع بوصلة المحارب. قلنا من قبل: لا شرعية لثورةٍ ليست فلسطينُ شعارَها. لكن من الواضح أن القوى السائدة والمهيمنة -على الأقل إعلاميًا- على حراكات بعض الدول العربية، لا تكترث بفلسطين ولا حتى بالحرم الشريف والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين، ولا بكنيسة القيامة في القدس المحتلة وكنيسة المهد في بيت لحم المحتلة، ولا بالناصرة المحتلة، وهمها الوحيد ذاك الكرسي اللعين، إضافة إلى رغبة جامحة لدى البعض في الانتقام من الغريم إلى حد إلغائه- أي حمل السلاح وقتله- أيًا كانت النتائج، مع أن هذا الطريق أثبت عقمه، وأن الاقتتال لن يقود إلى نتيجة مفيدة، بل إحدى نتائجه تدمير الأوطان، والشعوب، وجعل المصالحة/ التسوية/ المساومة الوطنية أمرا غاية في الصعوبة. ويقال أيضًا: اشتدي أزمةُ تنفرجي، والمقصود بذلك أن الفرقاء لن يجلسوا على طاولة ويبدؤون الحوار لحل أزمة ما، إلا بعدما يصلون إلى قناعة بعبثية ما يفعلون، وأن الطريق الوحيد المتاح أمامهم للخروج من المأزق التاريخي الذي أُوقعوا به أو أوقعوا به أنفسهم، هو الحوار والتفاهم. هذا غالبًا ما يحدث بعد فوات الأوان، وبعدما يكون الدمار المادي والروحي والنفسي قد استفحل. لكن ثمة تجارب من التاريخ جلس الفرقاء (قبل فوات الأوان) فيها سوية وتحاوروا وتوصلوا إلى حل وسط يعطي لكل ذي حق حقه (من منظور كل طرف في النزاع)، وأعني هنا تجربة المناضلين في جنوب أفريقيا أيًا كانت انتماءاتهم الحزبية، بقيادة الزعيم الأسطوري نيلسون منديلا. تجربة جنوب أفريقيا في انتقال سلمي للسلطة، من نظام أقلية مذهبها العنصرية والفصل العنصري، إلى نظام نقيض أساسه التساوي أمام القانون، ما أمكن! تلك هي تجربة جنوب أفريقيا التي سيبقى تاريخها الحديث مرتبطًا بالتسوية التاريخية الكبرى التي صاغها منديلا. هذه التجربة يبدو أننا في بلادنا العربية لسنا على دراية بها، مع أن شعوب أمتنا تناضل وتضحي بكل ما تملكه الجماهير الفقيرة المعدمة، التي جردها الطغاة من كل مقومات الحياة المادية والروحية، وفي مقدمة ذلك العيش كبشر ذوي كرامة، ضحى أجدادهم بأموالهم وأرواحهم كي يحرروا الوطن من المستعمر. كثير من "الجهلة" يدّعون أن انهيار نظام بريتوريا العنصري وتسليمه بالواقع السكاني والاقتصادي في جنوب أفريقيا، لم يكن ممكنًا قبل هزيمة المعسكر الشيوعي حيث زالت أخطار "وهمية" بأن المناضلين الأفارقة المنضوين تحت راية المؤتمر الوطني الأفريقي وغيره من التنظيمات السياسية، ما هم إلا مجموعة شيوعية هدفها تقويض إحدى قلاع "العالم الحر" المزعوم. كثير من المدعين كتبوا عن ذلك، لكن من دون معرفة تفاصيل التطورات الداخلية التي أطلقت العملية التفاوضية التي أدت إلى نيل البشر السود من أهل البلاد حقوقهم القانونية. " عملية الانتقال السلمي في جنوب أفريقيا كانتعلى جانب كبير من التعقيد، وشهدت تقلبات كثيرة وعمليات صعود وهبوط، وتفاؤل وأقصىدرجات التشاؤم " الواقع أن عملية الانتقال السلمي كانت على جانب كبير من التعقيد، وشهدت تقلبات كثيرة وعمليات صعود وهبوط، وتفاؤل وأقصى درجات التشاؤم. وبالنظر في وثائق عملية الانتقال تلك، من بداياتها التي انطلقت من علاقات شخصية بين أطراف في جنوب أفريقيا متصارعة ولكنها في الوقت نفسه مصممة -وإن بدرجات متفاوتة- على استبدال نظام "صوت واحد لكل ناخب" بالنظام العنصري المكروه عالميًا، والذي لم يكن يحظى بتعاطف "مستتر أحيانًا" إلا من بعض دول الغرب الاستعمارية، وفي مقدمتها إدارة مارغريت ثاتشر في بريطانيا، التي لم يكن ينافسها في عشق ذلك النظام البغيض سوى كيان العدو الصهيوني والذي وثقه باحث جنوب أفريقي -يهودي، إن كان هذا الأمر يهم البعض- في كتاب "التحالف المسكوت عنه"، وقد سبق لنا عرض الكتاب في موقع الجزيرة نت. لقد مرت عملية الانتقال التفاوضي بمراحل مختلفة بدأت باتصالات شخصية شارك فيها رجال أعمال جنوب أفريقيين وأوروبيين، في بيوت تقع وسط الغابات وفي غرف فنادق في سويسرا، بعيدة عن أعين المتطفلين والصحفيين الذين لو اطلعوا عليها لألحقوا بالعملية أخطارا حقيقية. ومع أن سرية المحادثات بين الطرفين -والتي امتدت سنين طويلة- كانت حاسمة لاستمرار البحث عن حل سلمي يضمن للبشر السود في جنوب أفريقيا حقوقهم القانونية في بلادهم، فإن الوثائق ذات العلاقة والحقائق المرتبطة بها، تثبت أن العامل الحاسم الذي مكّن المؤتمر الوطني الأفريقي وحلفاءه من الوصول إلى أهدافهم الوطنية، كان تمسّك قيادته بحقوق شعبها كاملة، ورفض التنازل عن الحقوق الوطنية والمدنية مهما كان حجمها ضئيلاً، إضافة إلى تمسكها بالوحدة رغم محولات نظام بريتوريا زرع الفرقة بين أفرادها ومحاولة خلق تناقضات بين قيادة الداخل، أي في سجون نظام بريتوريا العنصري، وقيادة الخارج التي كانت تقيم بين الجزائر وزامبيا وغيرهما، ورفض إملاءات الخارج ومغرياته انطلاقًا من معرفة حقيقة أن الشيء الوحيد الذي يقدم مجانًا هو قطعة الجبن في مصيدة الفأر! سرية المفاوضات كانت ضرورية لأن "الرؤوس الساخنة" في كلا المعسكرين كانت متوثبة لإفشال أي حل لا يحقق لها كل مطالبها، أو يضمن سيادتها العنصرية. في الواقع، شهدت مرحلة التفاوض العلني بين الطرفين سقوط عدد من الضحايا في كلا المعسكرين يفوق ما سقط إبان فترة الكفاح المسلح. مع هذا، تمكنت قيادة المؤتمر الوطني الأفريقي، بفضل حنكة زعيمها منديلا وتفانيه من أجل القضية الوطنية، من إثبات صحة الطريق الذي اختطته، والمتمثل في التسوية التاريخية الكبرى عبر التركيز على ما هو جوهري والابتعاد عما هو ثانوي قد يعرقل المصالحة. لقد اجتمعت عوامل كثيرة ساهمت في إنجاح التسوية التفاوضية في جنوب أفريقيا، أهمها كما نرى، التعالي عن الجراح، والنظر إلى مستقبل أفضل يتساوى فيه كل سكان البلاد أمام القانون، وترك الاتهامات والاتهامات المتبادلة وكل ما يتمسك به صبية العمل السياسي ومراهقوه الذين نراهم يحيطون بنا في بلادنا وأوطاننا. نيلسون منديلا كان على قناعة بأن الانطلاق من الجراح الشخصية وتقديمها على مصلحة الوطن والشعب لن يؤدي إلا إلى سكب المزيد من أنهر الدماء البريئة، والمزيد من الجراح وإشاعة الخراب في كل زاوية من زوايا الوطن. ويكفي برهانًا على صحة ذلك النظر حولنا لنرى بحور الدموع والدماء الغارقين فيها، ولكي نفهم أن خوض طريق غير المصالحة الوطنية التاريخية لن يغير سوى عدد الضحايا وكمّ الخراب والدمار. منديلا انطلق في مشروع المصالحة التاريخية من قناعاته كثائر حقيقي يعشق الحياة عشقه لوطن حر. رئيس النظام العنصري أجبر على السير في الطريق ذاته، لكن التاريخ سيكتب أنه ساهم فيه بقسط وإن كان مجبرًا، حيث سجل أنه وصل إلى تلك القناعة عبر رؤية إلهية كانت تطالبه بالسير في طريق التسوية التفاوضية. إن تجربة التسوية التفاوضية في جنوب أفريقيا فريدة ودرس في حكمة العمل يمكننا، بل علينا جميعنا الاستفادة منها لإخراج أوطاننا من أزماتها الحالية، ودليل عملي وعلمي لا مثيل له، لكيفية السمو عن كل ما هو شخصي، والنظر إلى مستقبل أفضل للجميع، وترك الماضي وإدانة الجاني السياسي لكتب التاريخ. لذا فإننا في حاجة إلى عقلية مبدعة من أبناء أمتنا الذين لم يتلوثوا بأوهامنا وأكاذيبنا وحالات الإنكار التي تحيط بأعناقنا كحبل المشنقة، يتعلمون من دروس من سبقنا من شعوب العالم المظلومة، حتى يقدروا على ابتداع طرق تجنب أوطاننا الدمارَ الكلي والمنطقة الخرابَ الشامل. " التاريخ يعلمنا أن المصالحة التاريخية الكبرىكانت نهاية كل أزمة وطنية. وكل من ظن أنه ربح الحرب الأهلية، اضطر في نهاية المطافإلى الدخول في مساومة تاريخية تعيد التوازن بين مكونات الوطن " لنتذكَّر أن التاريخ يعلمنا أن المصالحة التاريخية الكبرى كانت نهاية كل أزمة وطنية. وكل من ظن أنه ربح الحرب الأهلية، اضطر في نهاية المطاف -أي بعد خراب البصرة- إلى الدخول في مساومة تاريخية تعيد التوازن بين مكونات الوطن، أي الشعب، وأنه ليس ثمة رابح وخاسر في الحرب، هناك منتصر ومهزوم، لكن الكل خاسر. لقد توهم عنصريو جنوب أفريقيا بديمومة سيادتهم، وانطلقوا من وهمهم بأن انتماءهم إلى "العرق" الأبيض يمنحهم حقًا إلهيًا لاستمرار الهيمنة على البلاد. لكن الوقائع التاريخية أثبتت عكس ذلك، وأجبرتهم على الاقتناع بأن ما كانوا يؤمنون بأنه حقيقة مطلقة، ما هو إلا وهم. بل إن زعيمهم بوتا يصرح بأن ما دفعه للسير في طريق المساومة التاريخية الكبرى كانت رؤية مسيحانية سماوية ألهمته وكلفته بإنجازها. الأطراف الأكثر تطرفًا في ذلك المعسكر المصاب بهوس ووهم امتلاك الحقيقة المطلقة، عملت على تصعيد الاقتتال حتى تمنع بحورُ الدم أيَّ مساومة. لكن هذا لم يُجدِ نفعًا، واضطرت في نهاية المطاف إلى الانكفاء أمام إصرار أغلبية المجتمع في تلك البلاد على إنهاء الأزمة عبر "التسوية التاريخية الكبرى"، وعادت عنقاء الحروب إلى دفن نفسها تحت الرمال التي أثارتها رياح التغيير المتعقل، وإن كان من منظور البعض "مكرهًا أخاك لا بطلا"! أخيرًا، ثمة حادثة معبرة، عن أول لقاء بين نيلسون منديلا "السجين" الذي استجلبه السجان الأبيض من الزنزانة للاجتماع ببوتا رئيس نظام جنوب أفريقيا العنصري، إبان اللقاءات السرية التي كانت تتم بين الطرفين تحضيرًا للوصول إلى المساومة التاريخية الكبرى تقول: استقل الجميع المصعد مباشرة إلى الطابق الأول وخرجوا باتجاه باب مكتب الرئيس بوتا، وعندما كانوا على وشك الدخول، لاحظ برنارد "رئيس كل أجهزة مخابرات نظام بريتوريا العنصري" أن رباط حذاء منديلا غير معقود, فانحنى على ركبتيه ليربط شريط حذائه قبالة باب مكتب رئيس جمهورية جنوب أفريقيا! تلك الانحناءة تلخِّص على نحو بليغ مصير كل جلاد، فهل نتعلم جميعنا قبل فوات الأوان! المصدر:الجزيرة |
مالي.. في قبضة طالبان أفريقيا
مالي.. في قبضة طالبان أفريقيا تمبكتو وغاو وكيدال في يد المتشددين.. حتى موعد الضربات الجوية قبل الوصول إلى مدينة «غاو»، وهي إلى جانب تمبكتو وكيدال، أكبر ثلاث مدن في شمال مالي، يصعد «رجل شرطة» من حركة «التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا» التي تسيطر على المنطقة إلى حافلة مقبلة من الجنوب. يتحدث «الشرطي» باللهجة المحلية ويبلغ المسافرين بلهجة صارمة «ممنوع التدخين، لا راديو، لا كاميرات، لا أقراص كومبيوتر، ولا حلي في غاو». يأمر «الشرطي» بعد ذلك المسافرين المرعوبين، أن لا يجلس الرجال إلى جانب النساء، ويتأكد أن جميع النساء يرتدين الحجاب، في حين لا بد أن يرتدي الرجال سراويل قصيرة تصل إلى مستوى الركبة. كل ذلك أصبح الآن إجباريا في «غاو». عندما ينهي «رجل الشرطة» مهمته التفتيشية، يقفز من باب الخلفي للحافلة متأبطا رشاشه الكلاشنيكوف، ويقول بصوت مرتفع «السلام عليكم» وهي إشارة للحافلة المهترئة لمواصلة السير، في مناطق نفوذ «طالبان أفريقيا». هذا المشهد رواه الصحافي الألماني بول هياسنس مبن، الذي زار المنطقة.. أخيرا وكتب عنها مقالا بعنوان «رحلة عبر الجحيم».. يكاد يكون هياسنس مبن الصحافي الغربي الوحيد الذي جال منطقة شمال مالي، وعاد بعدها إلى العاصمة باماكو، ليقدم وصفا دقيقا للأوضاع في الشمال حين استغلت الجماعات المتشددة حالة الفوضى التي سقطت فيها البلاد عقب الانقلاب العسكري الذي وقع في مارس (آذار) الماضي وانسحاب بعض وحدات الجيش المالي، ليبسطوا سيطرتهم على المنطقة، خاصة مدن تجمعات السكان الأساسية. قبل انقلاب مالي الذي قاده الرائد أمادو سانوغو وأطاح بالرئيس المالي المنتخب أمادو توماني توري في مارس الماضي، كان هناك قرابة مائة ألف من السكان معظمهم من الطوارق يعيشون في «غاو». كانت المدينة في وقت مضى محطة مبهجة يستريح فيها السياح قبل مواصلة سفرهم إلى تمبكتو، العاصمة التاريخية لشمال مالي. لكنها الآن، وتحت سيطرة المتشددين من «حركة التوحيد والجهاد» أغلقت مطاعمها ومقاهيها، ومنعت الموسيقى، ولم يعد فيها سوى «رجال الشرطة» المتشددين يرهبون المعارضين لهم، يحملون شعارات «دولتهم الإسلامية»، التي أدت إلى نزوح 400 ألف من سكان شمال مالي إلى موريتانيا والنيجر. ومما أدى إلى تدهور الأوضاع أكثر أن المهندسين والفنيين الذين كانوا يشغلون محطات توليد الكهرباء والمياه غادروا المدينة، ولم تعد هناك خدمات أساسية، وانهار اقتصاد المنطقة تماما. لم يعد أمام الشبان في «غاو» سوى الانضمام إلى «الشرطة» التي يوجد مقرها الرئيسي في «شارع واشنطن» وسط المدينة. ودور هذه «الشرطة» ليس «حفظ الأمن» كما هو معتاد، لكن أن يحددوا للسكان ما هو «الحلال» وما هو «الحرام»، وفي الغالب ما يكون ذلك بناء على اجتهادات أشخاص لا يفقهون شيئا في الدين. كان مقر «محكمة الشريعة» في «شارع واشنطن»، لكن بعد أن حاولت مظاهرة غاضبة، في وقت سابق، فك أسر معتقلين كان يفترض أن يمثلوا أمام هذه المحكمة، راحت تعقد جلساتها في قاعدة عسكرية، تابعة للجيش تقع في ضواحي المدينة. ويصف بول هياسنس مبن وقائع، محاكمة شاب اتهم بسرقة قطيع من الماشية، يدعى «الحسان بونكانة مايغا»، فيقول «أحضر الشاب الحسان من طرف أربعة حراس وهو مقيد ويرتدي جلبابا فضفاضا أبيض اللون، وربط إلى كرسي في غرفة مظلمة، وأحضر طبيب ليحقنه بمخدر، وبعد ذلك استل رئيس المجموعة ويدعى (عمر بن سعيد) سكينا وراح يقطع كف الشاب الذي كان يتأوه من الألم مغمض العينين لكنه لم يصرخ، حتى حين وصلت السكين إلى العظم، وبعد ثلاث دقائق كانت كف الحسان تسقط في سطل وضع أمامه، ثم اتصل عمر بن سعيد برئيسه وأبلغه أن الشاب تمت معاقبته». ربع ساعة بعد ذلك، أطلق سراح الحسان، وكان يصيح «أنا بريء، ماذا سأفعل الآن»، بعد أيام توفي «الحسان بونكانة مايغا» بسبب نزيف الدم من يده المقطوعة، ومضاعفات التهاب الجرح. بالمقابل شرعت مجموعة «أنصار الدين» في تطبيق قوانينها المتشددة في تمبكتو العاصمة الروحية والتاريخية للبلاد في يوليو (تموز) الماضي، وراحوا يهدمون البنايات التاريخية في هذه المدينة، وكان آخر عملياتهم هدم النصب التذكاري للاستقلال في الأسبوع الماضي بالبلدوزرات. كما حطموا ثلاثة مساجد تاريخية، شيد أحدها في عام 1327. ومثل «غاو» يلقى القبض في تمبكتو، على النساء غير المحجبات ويجلدن، كما يجلد المدخنون، وتقطع أيدي من يتهمون بالسرقة، حتى من دون ثبوت التهمة، وفي هذه المدينة نفذ حكم بالرجم على زوجين لم يستطيعا إثبات زواجهما. يعيش «آياد أغا غالي» زعيم مجموعة «أنصار الدين» في مدينة «كيدال» التي تبعد 320 كيلومترا من «غاو» وعلى الرغم من أنه عاش حياة ماجنة عندما كان يقود إحدى فصائل «جبهة أزواد» التي تطالب باستقلال طوارق شمال مالي، فإنه الآن أصبح من المتطرفين، وبعد سيطرته على «كيدال» فرض قوانين متشددة، مثل منع الاستماع إلى الراديو وأزال أطباق الالتقاط من فوق البنايات وراح يفرض عقوبات على الذين يخالفونه باعتبارهم «أعداء للدين». في هذه المدينة أفلس «المليونير» يعقوب محمان مايغا، الذي كانت له شركة بناء تبلغ استثماراتها مليوني دولار تعمل في تشييد المباني الحكومية، كل من يزور المدينة حاليا يجد ميغا جالسا تحت ظل شجرة قرب المقر السابق لشركته، يحتسي أقداح الشاي وهو أقرب إلى حالة الجنون. يتفاوض قائد جماعة أنصار الدين «آياد أغا غالي» مع عدة أطراف في منطقة غرب أفريقيا بما في ذلك الجزائريون، للبحث عن إمكانية إيجاد تسوية لأزمة شمال مالي، وهو في هذا الموقف يختلف عن «مجموعة التوحيد والجهاد» التي لها علاقة قوية مع «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وترفض أي تفاوض. في حوار أجرته صحيفة «الغارديان» البريطانية عبر هاتف ثريا، قال «عمر ولد حما» رئيس جهاز أمن حركة «التوحيد والجهاد» إن مجموعته ستهاجم باماكو إذا تعرضت المنطقة إلى غزو أجنبي، مشيرا إلى أن الجماعة جندت آلاف المقاتلين، ومضى يقول «إذا هاجمنا جيش مالي أو قوات أجنبية سنسيطر على باماكو خلال 24 ساعة، والمجتمع الدولي يتباطأ في قراره لأنه يدرك أنه في حالة مهاجمتنا فإن الجهاد سيكون في كل مكان». وزاد «نحن متيقنون أننا سنهزم أي قوات تأتي إلى هنا (شمال مالي) نحن نحظى بدعم السكان المحليين، وهناك مقاتلون من جميع أنحاء أفريقيا سينضمون إلينا، نحن مستعدون للموت». وقال ولد حما بشأن موقفهم من حكومة مالي التي تشكلت في باماكو في أغسطس (آب) الماضي «لا نعترف بأي حكومة في باماكو، دعاني وزير الدفاع للتفاوض حول دولة علمانية، وكان جوابي عليه إما الشريعة أو السيف». السيناريو المتوقع في مالي الذي حصلت عليه «الشرق الأوسط» من مصادر وثيقة الاطلاع، يهدف إلى تحييد جماعة «أنصار الدين» بقيادة «آياد أغا غالي» ومحاولة إشراكه في السلطة قبل تنظيم انتخابات عامة في أبريل (نيسان) المقبل، وفي حال فشل الجهود السياسية في تسوية الأزمة، تتولى كل من فرنسا بريطانيا وألمانيا تدريب وحدات من «منظمة دول غرب أفريقيا الاقتصادية» (إكواس) التي تضم 15 دولة، تتكون في البداية من ثلاثة آلاف جندي، وطبقا لقرار مجلس الأمن الذي اتخذ في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي يمكن لهذه القوات أن تتدخل، في حال فشل التسوية السياسية، بعد 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، ومنح مجلس الأمن مهلة 45 يوما لإعداد خططها. ومن المرجح أن تساند كل من أميركا وفرنسا هذه القوات، إلى جانب الدعم اللوجيستيكي، بطائرات من دون طيار لضرب مواقع الجماعات المتشددة في كل من «غاو» و«كيدال» و«تمبكتو»، وكانت قيادة القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) شيدت عددا من المطارات السرية الصغيرة في دول أفريقية في حزام يمتد من موريتانيا حتى جيبوتي، أي من الأطلسي وحتى البحر الأحمر. في أديس أبابا قالت رئاسة الاتحاد الأفريقي التي تؤيد موقف مجموعة «إكواس» إن القوات الأفريقية التي ستتدخل في شمال مالي ستكون جاهزة خلال أسابيع. وقالت نوكسازانا دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد «طلب منا مجلس الأمن إعداد خطة للتدخل العسكري خلال 45 يوما، وهذه الخطة ستكون جاهزة في المهلة المحددة». لكن مصادر أوروبية تعتقد أن خطة وقوات التدخل الأفريقية لن تكون جاهزة إلا في بداية السنة المقبلة، وفي هذا الصدد يقول ستيفن أوبراين ممثل بريطانيا في منطقة الساحل والصحراء، إن العمل سيتواصل حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل لإعداد خطة تدخل في مالي. ومن المقرر أن يعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في 19 من الشهر الحالي اجتماعا لبحث الخيارات المطروحة في مالي، وقال غيدو فيسترفيلي وزير الخارجية الألماني إنه من المبكر الحديث عن تفاصيل بشأن أمكانية إرسال طائرات من دون طيار، مؤكدا أن الدول الأوروبية لن ترسل قوات أو أسلحة، وقال إنها ستقدم دعما لوجيستيكيا، مرجحا تدريب قوات التدخل الأفريقية. من جانبه أعلن رومانو برودي، رئيس الحكومة الإيطالية الأسبق، والمبعوث الأوروبي لمنطقة الساحل، أن الأولوية يجب أن تكون للحل السياسي. وأشار برودي إلى أن حكومة مالي التي تشكلت في أغسطس (آب) الماضي تضم 31 وزيرا من بينهم سبعة من الوزراء مقربين من قائد الانقلاب أمادو سانوغو، الذي أعلن تخليه عن السلطة لكن نفوذه ما يزال قويا على الحكومة، وتوقع برودي عدم إجراء انتخابات هناك قبل أبريل من العام المقبل. في غضون ذلك يعاني الوضع الداخلي في مالي من غياب مؤسسات واضحة، رئيس المرحلة الانتقالية ديونكوندا تراوري يساند التدخل العسكري، وكاد أن يقتل إثر هجوم على القصر الرئاسي بعد مظاهرة قادها التحالف المساند للتدخل العسكري، ورئيس الوزراء يبحث عن توازنات داخلية والساحة السياسية منقسمة إلى «الجبهة الموحدة للحفاظ على الديمقراطية والجمهورية» وجبهة أخرى هي خليط من أحزاب مؤيدة للانقلاب العسكري وللرائد سانوغو. والواضح أن الجبهتين معا لا تراعيان عامل الزمن، وهذا ما أثار استياء وغيظ تجمع دول غرب أفريقيا، وهو أيضا ما دفع مجلس الأمن إلى التريث في مساندة التدخل العسكري. وتسعى كل من واشنطن وباريس إلى أن تنضم الجزائر، التي تصل حدودها مع شمال مالي إلى ألفي كيلومتر، إلى مجموعة التدخل، لكن الجزائر حتى بعد زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية ومحادثاتها مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، تركت الباب مواربا، لم تقل «لا» لكنها لم تقل «نعم» كذلك. وفي هذا الإطار يقول المتحدث باسم وزارة الخارجية الجزائرية عمار بلاني إن حكومة بلاده «تبحث عن مقاربة شاملة في إطار القرار الدولي 2071، الذي أصدره مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع، في 12 أكتوبر الماضي، والذي يطالب الماليين بالحوار». ويبدو جليا، من خلال تصريح بلاني أن الجزائر لا تزال متمسكة بإعطاء فرصة لحل سياسي قائم على التفاوض بين الحكومة المالية والجماعات الإسلامية المسلحة غير المنتمية للإرهاب. ويقصد الجزائريون بذلك، عزل تنظيم «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» وذراعه «حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا»، عن مسار تفاوضي احتضنته الجزائر في الأشهر الماضية، شارك فيه انفصاليو أزواد الطوارق و«جماعة أنصار الدين». وبشأن ما يشاع حول ضغوط تعرضت لها الجزائر، للمشاركة في التحضير للحرب، قال مسؤول جزائري فضل عدم نشر اسمه لـ«الشرق الأوسط»: «إن مسألة الخيار العسكري مسؤولية مجلس الأمن، وبالنسبة للجزائر فإنها ستتخذ القرار السيد في الوقت المناسب بما يخدم مصالحها.. وما يهمنا بالدرجة الأولى في هذه المرحلة هو تحصين أمننا وحماية حدودنا». «أما بالنسبة لمالي كدولة جارة وصديقة» يقول المسؤول الجزائري، «فسنواصل دعمنا للحكومة والجيش المالي خاصة في مجالات التكوين والتجهيزات والاستعلام». وحول زيارة كلينتون، أضاف «لقد جرت معها محادثات معمقة، واتسمت بتطابق وجهات النظر فيما يتعلق بحتمية مقاربة شاملة للخروج من الأزمة التي يعاني منها مالي». ويقول أستاذ العلوم السياسية محمد خوجة المتخصص في قضايا الاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجزائر «وجدت نفسها في شبه عزلة دولية بخصوص مساعيها لتفادي الحرب في مالي. فقد حاولت بكل قوة إقناع شركائها الأساسيين في الساحل، وتحديدا موريتانيا والنيجر، برفض التدخل العسكري الأجنبي بذريعة أن ذلك يمنح الجهاديين شرعية قتال المحتل الغاصب». وتمكنت كلينتون، بعد زيارتها للجزائر، من ضم الجزائريين إلى قائمة البلدان الأفريقية التي تريد خوض المعركة مع «القاعدة»، ولكنها فشلت، إلى حد ما، في إقناعها بتوفير تغطية جوية للحرب المنتظرة. فالجزائر هي أقوى بلد بالمنطقة من حيث القدرات العسكرية، تجمعها حدود طويلة مع مالي حيث يسيطر المتطرفون، وبالتالي هي في عين الأميركيين والفرنسيين وتتوافر على أفضل الظروف لحسم الموقف عسكريا ضد الإرهاب انطلاقا من القواعد العسكرية في الجنوب الجزائري. اهتمام واشنطن بالوضع في مالي مرده بالدرجة الأولى أن لا يكون هناك «ملاذ آمن» لـ«القاعدة» كما حدث في أفغانستان. ومن هذه الزاوية دخل الموضوع إلى جدالات الحملة الانتخابية في أميركا. ومن المقرر أن تنتقل ماريا أوترو مساعدة وزيرة الخارجية الأميركية لأمن المدنيين والديمقراطية وحقوق الإنسان، في مطلع الأسبوع المقبل إلى باماكو لبحث «جميع الاحتمالات» يقول بيير بويلي رئيس معهد الدراسات الأفريقية في باريس «التدخل العسكري في شمال مالي ممكن من دون مساندة عسكرية من طرف الجزائر، لكنه مستحيل من دون ضوء أخضر منها». وقال بيير بويلي إن الجزائر استدعت قيادات مهمة من «جماعة أنصار الدين»، لإقناعهم بقطع علاقاتهم مع «جماعة التوحيد والجهاد» التي تسيطر على «غالو» بالدرجة الأولى. وفي السياق نفسه يعتقد الدكتور الموساوي العجلاوي، الباحث في «معهد الدراسات الأفريقية» في الرباط، أن الحل العسكري في شمال مالي ربما يعيد إنتاج مشكلات منطقة الساحل والصحراء، لذلك لا بد من البحث عن حل سياسي، مشيرا إلى أن الحل العسكري ربما يستهدف فقط استعادة المدن الثلاث من قبضة الحركات المتشددة، خاصة «التوحيد والجهاد» لكنه سيجعلها خارج العملية السياسية في مالي، وهو ما يعني أن المشكلة ستبقى من دون حل. وقال العجلاوي لـ«الشرق الأوسط» في معرض تحليله لتحفظ الجزائر بشأن الحل العسكري، إن الجزائر تخشى أن تتحول إلى «باكستان» المنطقة في حال توجيه ضربات للمتشددين في شمال مالي، نظرا لتداخل قبائل طوارق الجزائر في منطقة تمنراست مع طوارق شمال مالي، مشيرا في هذا الصدد إلى أن قبائل طوارق الجزائر يبلغ تعدادهم 50 ألفا. ويؤكد العجلاوي أن تدفق السلاح في المنطقة بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي في أكتوبر من العام الماضي، هو الذي جعل الجماعات المتشددة في شمال مالي تحصل على كميات كبيرة من الأسلحة. ويرى أن تنسيقا بين المغرب والجزائر بشأن الوضع في شمال مالي «من المستحيلات لعدم وجود مواقف متشابهة بينهما، إذ يعتبر الجزائر المغرب منافسين ولا علاقة لهما بدول الساحل والصحراء». ويرجح العجلاوي إمكانية اللجوء إلى الحل العسكري في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وهو يعتقد كذلك أن المعلومات التي تتحدث عن مشاركة الأميركيين والفرنسيين في ضربات جوية ضد المتشددين، افتراض راجح. |
|
الانتخابات الأمريكية: مرشحون وأحزاب مقموعة
الانتخابات الأمريكية: مرشحون وأحزاب مقموعة الخليج الإماراتية عندما يتوجه الناخبون الأمريكيون الثلاثاء المقبل للإدلاء بأصواتهم، فالأغلبية منهم ستفاجأ بوجود أسماء غير معروفة لديهم في خانة المرشحين للرئاسة، سواء كانوا مرشحين عن أحزاب شبه مجهولة أو كمستقلين، فعلى مدى التاريخ السياسي للولايات المتحدة احتكر الحزبان الجمهوري والديمقراطي السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلى درجة أقصاء غيرهما من اللعبة الديمقراطية بكافة الطرق الممكنة . صحيح أن التاريخ يسجل لكل من المرشح المستقل رالف نادر خوضه غمار الانتخابات مستفيداً من تاريخه كمدافع عن حقوق المستهلك والضعفاء في مواجهة هيمنة الشركات الكبري، وأيضاً الملياردير روس بيرو الذي فضح سيطرة الحزبين مستغلاً قدرته المالية على الإنفاق على حملة انتخابية، إلا أن كل التجارب المنفردة لأشخاص وأحزاب أمريكية لخوض غمار أية انتخابات بما فيها التشريعية باءت بالفشل . وحدهما فقط الحزبان الجمهوري والديمقراطي باتا يتحكمان في صنع وتسيير السياسات الأمريكية بل وفي العملية الانتخابية بما في ذلك تحديد المناظرات بين المرشحين وهي الفرصة الذهبية لأي مرشح لعرض برنامجه على ملايين الأمريكيين عبر محطات التلفزة لاسيما العامة، وذلك بفرضهما قواعد صارمة لا تسمح لغير مرشحيهم بالمشاركة . وتاريخياً كان ترتيب هذه المناظرات يترك لما كان يعرف ب »عصبة النساء« وهي تجمع نسائي جرى تحفيزه في الماضي بتكليفه بهذه المهمة في إطار تشجيع النساء الامريكيات على المشاركة الانتخابية، ولكن بعد أن بدأت »عصبة النساء« قبل نحو العقدين في دعوة المزيد من مرشحي الرئاسة وفق قواعد قديمة تجعل من حق أي مرشح يستوفي التسجيل وجمع عدد مناسب من التوكيلات وهي نفس القواعد التي كانت تؤمن للحزبين عدم تمكن غير مرشحيهما من الوصول للناخب الأمريكي، لاسيما بعد أن تمكن الملياردير روس بيرو من فرض نفسه على مناظرة المرشحين وفضح تحكم الحزبين في أمريكا، ما جعل الحزبان الديمقراطي والجمهوري يتفقان على سحب المهمة من »عصبة النساء« والتحكم في الأمر بنفسيهما عبر تشكيل لجنة مشتركة للمناظرات وهو ما حدث بالفعل من وقتها وحتى الآن، وحيث أصبح معتاداً أن يوقع قادة من الحزبين كل انتخابات عقد اتفاق تعكس تفاصيله سيطرة اللجنة المشتركة على سير المناظرات بشكل يوظف لمصلحة ممثلي الحزبين، بل تحددها بثلاث فقط، وتضع قيوداً غير عادية على أي أسئلة خارج السياق، وتحدد من يسمح له بالحضور داخل القاعة، بل أيضاً هوية من يدير المناظرة، وكيفية ضمان عدم قيامه بتوجيه أسئلة غير متفق عليها، فضلاً عن تحديد الشركات التي يقبل وضع إعلاناتها بقاعة المناظرة . هذه السيطرة التي يراها البعض أنها توصم الديمقراطية الأمريكية المفترضة، تحجب جانباً من المشهد الانتخابي الأمريكي فهناك عشرات من المرشحين والأحزاب الأمريكية يخوضون غمار انتخابات الرئاسة الأمريكية جنباً إلى جنب مع باراك أوباما وميت رومني وهؤلاء جميعاً لهم اجندتهم وبرامجهم الانتخابية، وبغض النظر عن هؤلاء المرشحين الذين يخوضون الانتخابات للشهرة أو دفاعاً عن وجهة نظر بعينها لتسجيل موقف ليس إلا فإن عدداً محدوداً منهم فقط تم اعتمادهم على قوائم الترشح في معظم الولايات وبعضهم اعتمد في ولايات محدودة بمعني أن مجرد تسجيل الناخب لاسم مرشح بعينه غير معتمد بالولاية قد يعرض تصويته للإلغاء حسب قانون الولاية، وبمراجعة سريعة لقائمة مختصرة لهؤلاء وتمثل مرشحين من أقصى اليسار لأقصى اليمين سنتوصل لنتيجة مختصرة وهي أن صاحب القرار في تحديد ديمقراطية أمريكا هو سلطة المال والنفوذ الإعلامي ودونهما لن يتمكن قط في الزمن الحالي على الأقل أن يصل أي شخص غير مدعوم بهما إلى إذن وعين الناخب الأمريكي وبالتالي إلى بطاقته الانتخابية . أحزاب وتيارات وحركت سياسية ظهرت مؤخراً على الساحة السياسية الأمريكية حركات جديدة أبرزها الحركة المعروفة باسم »جماعة حزب الشاي« وهي محسوبة على اليمين المتطرف، وتدعم الحزب الجمهوري الذي بات المحافظون الجدد يسيطرون على توجهاته . وهذا التيار أي »حزب الشاي« تمكن بحكم توافقه هذا مع الجمهوريين من اقتناص عدة فرص بما في ذلك وصول منتمين إليه إلى مقاعد بالكونغرس الأمريكي والمجالس المحلية، وذلك على عكس حركات تقدمية أخرى ظهرت في نهاية عهد بوش الابن وبدايات عهد أوباما، مثل الحركة المعروفة باسم »الوول ستريت« و»مجموعات ال 99%« المناهضة لسيطرة سوق المال الأمريكية والشركات الكبري المتسببة في الكارثة الاقتصادية التي ضربت الولايات المتحدة والعالم بتأثير جشع هذه الشركات وتلاعبها في سوق المال والقروض، والتي اعتمدت على المال العام الأمريكي أي جيب دفع الضرائب لإنقاذها من الانهيار . وقد نجحت السلطات الأمنية الأمريكية وإلى حد بعيد وبدعم من الإعلام الأمريكي من فرض الممكن من التعتيم في احتواء هذه الحركات التقدمية وملاحقة زعاماتها ومحاصرة تظاهراتهم التي اندلعت في مختلف الأنحاء الأمريكية لذا لم يسمع لها صوت يذكر في سجال الانتخابات الأمريكية على عكس الحركات اليمينية . الأحزاب الأمريكية على عكس الحزبين الجمهوري والديمقراطي وبسبب قانون أمريكي يلزم كل حزب بالتسجيل في الولايات المختلفة وللامتداد الجغرافي الأمريكي المتسع، فإن كثيراً من الأحزاب الأمريكية لم تتمكن من التسجيل بنفس الاسم في كافة الولايات الخمسين نتيجة القصور المالي أو تكرر تسجيل الاسم أو التشابه في أسماء الأحزاب المسجلة بنفس الولاية لذا نجد أحزاباً كثيرة - بما فيها الحزبان الرئيسيان - مسجلان بأسماء مختلفة مع وجود جزئي للاسم الأصلي، عموماً فإنه ومن قائمة طويلة للأحزاب الأمريكية التي يوجد لها مرشحين في انتخابات هذا العام الرئاسية نجد أحزاباً مثل: حزب أمريكا المستقل - حزب الموقع الثالث - حزب الدستور - حزب الخضر - حزب العدالة - حزب الأحرار - حزب الأهداف- حزب التحريم - حزب الاشتراكية والتحرر - حزب الإصلاح - حزب المساواة - الحزب الاشتراكي الأمريكي وحزب العمال الاشتراكي . ومع ملاحظة أن الحركة العالمية الأمريكية يجري تقويضها منذ عقود طويلة، وتم سحقها في المهد لمصلحة أصحاب رأس المال، فالعالم كله كان شاهداً على أكبر حركة انتفاض عمالية تمت في العصر الحديث عندما أطلق أفراد الشرطة بمدينة شيكاغو الأمريكية في أول مايو/ أيار عام 1886 النار على المضربين من العمال أثناء إضراب عام شارك فيه عموم العمال، والحرفيين والتجار والمهاجرين مطالبين بحد أقصى لعدد ساعات العمل في اليوم الواحد لا يزيد على ثماني ساعات، وقد راح ضحية تلك الحادثة العشرات من العمال، وتمت بعد ذلك محاكمة مثيرة للجدل، حيث جرت محاكمة ثمانية من العمال بسبب معتقداتهم السياسية، وأدت المحاكمة في نهاية المطاف إلى إعدام سبعة عمال وصفوا بالفوضويين . في تلك الحادثة المعروفة باسم حادث هاي ماركت وألهمت العالم للاحتفال بعيد العمال في ذكرى الحادث في الأول من مايو كل عام، وحيث أصبح الأول من مايو احتفالاً دولياً للإنجازات الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية فيما عدا الولايات المتحدة نفسها، حيث تم التعتيم عملياً على الذكرى لمحوها من ذاكرة العامة بتحديد يوم آخر للاحتفال بعيد العمال وهو الاثنين الأول من شهر سبتمبر/ أيلول من كل عام، حيث تحول الاحتفال بعيد العمال عملياً إلى الاحتفال بنهاية فصل الصيف وإجازات المدارس وأصبح مناسبة للتسوق . وعلى مدى عقود تقترب من القرن لم يكن للاتحادات العمالية بالولايات المتحدة تأثيراً يذكر في نتائج الانتخابات الأمريكية باستثناء قطاعات بعينها مثل قطاعات صناعة السيارات وفي سنوات الكساد وبتأثير منظور لأصحاب الأعمال . بالتالي فإن الأحزاب الأمريكية المدافعة عن حقوق العمال تبقى بعيدة كغيرها من الأحزاب عن إمكانية التأثير في انتخابات الرئاسة، ومن خلال رصد عينة تمثل مختلف توجهات هذه الأحزاب ومرشحيهم للرئاسة يمكننا التوقف عند الأحزاب والمرشحين التالية: توم هوفلينغ عن الحزب الأمريكي: وهو حزب يميني ويترشح عنه في انتخابات الرئاسة هذا العام توم هوفلينغ - من ولاية ايوا - ونائبه جي دي اليس - من ولاية تنيسي، وبرنامجهما الانتخابي يعكس توجه حزبهما، وهما ضد إباحة الإجهاض وضد زواج المثليين ومقتنعون بالملكيات الخاصة وبأنها منحة من الله ويتبنون سياسات فرض السلام في العالم باستخدام القوة ويفخرون بوجود أعداد كبيرة من الجنود الأمريكيين السابقين والحاليين ضمن مؤيديهم . جيل ستاين مرشحة الخضر تخوض الطبيبة جيل ستاين ونائبتها شيري هنكلا انتخابات الرئاسة الأمريكية عن حزب الخضر الذي يحظى رسمياً بدعم الحركات التقدمية المعروفة بحركة »وول ستريت«، وقد تعرضتا للاعتقال خارج مكان مناظرة الرئيس أوباما والمرشح ميت رومني التي انعقدت في نيويورك في السادس عشر من الشهر الحالي وذلك عندما قامتا بالاعتصام احتجاجاً على منعهما من المشاركة في المناظرة، وكذلك على وثيقة خطيرة تم تسريبها لاتفاق وعقد تفاهم يكشف عن قيام الحزبين الجمهوري والديمقراطي بالسيطرة سراً على المناظرات الرئاسية، وهو الأمر الذي نفاه المعسكران في البداية ثم قالا إنه مجرد اتفاق حول الشكليات خلال سير المناظرة ثم لاذا بالصمت . ومع ذلك فقد فرض تعتيم إعلامي على الحادث في مختلف وسائل الإعلام الأمريكية فيما عدا الصحافي الأمريكي مارك هالبرين ومحطة »إم اس إن بي سي« والإعلامية ايمي جودمان التي كانت الوحيدة تقريباً التي أتاحت المجال لبقية المرشحين للرئاسة ومنهم جيل ستاين بالظهور في برنامجها والرد على الأسئلة نفسها التي وجهت إلى أوباما ورومني . ويركز برنامج ستاين الانتخابي على دعم حقوق العمال وزيادة الحد الأدنى للأجور ومساواة أجور النساء بأجور الرجال وإجراء تخفيض في ميزانية البنتاغون بنسبة 50%، وتقليص الاعتماد على العسكر في وضع السياسات الخارجية واعتماد سياسة خارجية تركز على الدبلوماسية وتحترم القانون الدولي وحقوق الإنسان، وفرض منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط تلتزم بها جميع دول المنطقة دون استثناء - أي بما في ذلك إسرائيل - وإنهاء الحرب الأمريكية في أفغانستان والعراق بسحب جميع القوات الأمريكية بما في ذلك المتعاقدين، وإغلاق مايقرب من 140 قاعدة عسكرية أمريكية حول العالم، ووقف استخدام الطائرات من دون طيار والاغتيالات، بما في ذلك الاغتيالات عن طريق أطراف أخرى، وإلغاء التأمين الصحي الخاص وفرض ضرائب أكبر على الأثرياء مع تخفيض الضرائب على الفقراء والطبقة المتوسطة وتوسيع استثمار الدولة في البنية التحتية والتعليم ومنع خصخصة الخدمات العامة وتوفير مظلة تأمين شاملة لكل الأمريكيين واعتماد الطاقة النظيفة والبديلة وتوفير فرص عمل في هذا المجال بدعم وتشجيع الشركات التي تعتمد الحفاظ على البيئة، واحترام الحريات المدنية وإلغاء قوانين المواطنة المقيدة للحريات والمعروفة باسم قوانين ديك تشيني التي قلصت الحريات المدنية بزعم حماية أمريكا والحرب على الإرهاب . روكي اندرسون عن حزب العدالة: وهو عمدة سابق لمدينة سولت سيتي بولاية يوتا يخوض الانتخابات عن حزب العدالة وهو ذات الحزب المسجل تحت أسماء مختلفة في عدة ولايات - في ولاية كونكتكنت اسمه »الاستقلال« وفي ميشجان »الوطني« وأجندته عموماً تركز على مسألة إنهاء سلطة الحكومة على المواطنين ورفض هيمنة وحروب الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وفي شعارات اندرسون نجد بوضوح هذه التوجهات ومنها »إذا كنت ضد الحرب فلا تصوت للديمقراطي ولا للجمهوري« ونجد أيضا دعاية مطبوعةتحمل جدولاً ورصداً للحروب التي تمت في عهد الحكومات الديمقراطية والجمهورية وتكلفتها . ستيوارت الكسندر عن الحزب الاشتراكي يخوض الأمريكي من أصل إفريقي ومعه نائب من أصل لاتيني وهو اليكس مندوزا الانتخابات الرئاسية الأمريكية بشعارات تحاول استقطاب نسبة ال 99% أي الطبقة المتوسطة وفقراء أمريكا، ويلاحظ في دعاية ستيوارت استخدامه مقابلته وهو طفل لمالكوم اكس الزعيم الأمريكي الأسود . على أية حال فقائمة المرشحين للرئاسة الأمريكية طويلة وفيها إلى جانب الجادين أو مرشحي أحزاب بعينها الكثير من المستقلين ولأسباب بعضها غريب، ولكن يبقى السؤال الذي يؤرق الكثيرين وهو إلى متى تبقى سيطرة حزبين لا يسمحان لغيرهما بمجرد المشاركة في دولة متفردة كالولايات المتحدة، وهل تنجح أمريكا فعلاً في تصدير هذا الاحتكار للسلطة إلى عالمنا العربي لاسيما أن معالم من محاولة كهذه بدت واضحة في الممارسات الأمريكية في دول الربيع العربي؟ |
قطر راعي جديد للسلفية والحركات الجهادية تأسلم قطر بالوهابية
قطر راعي جديد للسلفية والحركات الجهادية تأسلم قطر بالوهابية بقلم: جاسم محمد قطر، هي شبه جزيرة تقع على الشاطئ الشرقي من شبه الجزيرة العربية ، وفي منتصف الساحل الغربي للخليج العربي، عاش سكان قطر كغيرهم من سكان الخليج العربي على رزقهم في التجارة والغوص على اللؤلؤ، حتي أكتشاف النفط الذي ساهم في الازدهار العمراني والثقاقي والأقتصادي في قطر. في اليوم الثالث 3 سبتمبر من عام 1971 تم إنهاء العلاقات التعاهدية مع بريطانيا وإلغاء المعاهدة التي كان الشيخ عبد الله بن قاسم ال ثاني قد وقعها مع بريطانيا في عام 1916، فأصبحت قطر دولة مستقلة ذات سيادة كاملة وفي الشهر ذاته انضمت قطر إلى جامعة الدول العربية ألسياسة الخارجية بدأت علاقات قطر الخارجية تشهد تغيرا مع وصول حمد بن خليفة ال ثاني الى الحكم في 27 يونيو من عام 1995،حيث تم عملية تغيير جذري في السياسة الخارجية القطرية ، ونتج عنه تثبيت مكانة دولة قطر في العلاقات الدولية مما خولها للعب دور مؤثر وفق سياسة تنتهج ألجرأة .على الصعيد الخليجي، تحاول دولة قطر على تشجيع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية من خلال حضورها الدائم ومشاركتها الفاعلة في الندوات والاجتماعات الخليجية ، وبحث القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة. كما تدعو قطر دوماً إلى تعزيز مكانة مجلس التعاون الخليجي باعتباره نموذجاً للتكامل والتنسيق يقود إلى توحيد مواقف الدول الأعضاء. وبالرغم من أن العلاقات بين الرياض والدوحة مرّت بأزمة سياسية حادة منذ عام 1992 بعد حادثة مركز الخفوس الحدودي الا أن الجانبين حافظا على قدر من ضبط النفس . الوساطة لعبت قطر دور الوسيط العربي في المنطقة وشاركت منذ سنوات في جهود الوساطة في الصحراء الغربية، واليمن والصراع بين أثيوبيا وارتيريا ، وفي اندونيسيا وفي الصومال وفي دار فور، السودان وفي لبنان والعراق وفي فلسطين بين حماس وفتح وليبيا. وقد يكون دور قطر الوسيط نتيجة تمتعها بعلاقات جيدة مع اميركا واوربا واطراف قوى عالمية اخرى . تأسلم بالوهابية افتتح حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر في 17.09. 2011 أكبر مساجد الدوحة الذي سمي على اسم إمام الدعوة السلفية النجدية محمد بن عبد الوهاب وقال الشيخ حمد لدى افتتاحه الجامع الذي تبلغ مساحته 175 ألف متر مربع "جدنا المؤسس الشيخ جاسم – رحمه الله – وهو العالم بالدين والحاكم في الوقت نفسه كان ممن تلقفوا دعوة الشيخ ابن عبدالوهاب وتبنوها ونشروها في بلادنا وخارجها في أنحاء العالم ألاسلامي." ويتسع الجامع الذي بدأت أعماله الإنشائية أواخر عام 2006 لأكثر من 30 ألف مصل بالاضافة الى مصلى للنساء . فتح حوار مع طالبان جاء الإعلان عن فتح حركة طالبان الأفغانية مكاتب لها في قطر مطلع كانون الثاني 2012 ليثير الكثير من الجدل وعلامات الاستفهام حول الأهداف التي تبتغيها جميع الأطراف من وراء هذا الإجراء، ولاسيما انها تضمنت الولايات المتحدة وأفغانستان وحركة طالبان ودولة قطر . ويرى الخبراء أن هذه الخطوة جاءت من اجل احتواء حركة طالبان سياسياً، وبدء مفاوضات غير مباشرة بينها وبين أميركا على إلقاء السلاح، والانخراط في الحياة السياسية . ووفقاً للدكتور جهاد عودة ، أستاذ السياسة الدولية جامعة حلوان، فإن هذا الاتفاق كان متوقعاً، ولاسيما أن الحرب في أفغانستان لن تستمر مدى الحياة، وقال لـ"إيلاف" إن أميركا لها نفوذ على جميع الأطراف في المعادلة الأفغانية ودول الجوار لها، بالإضافة إلى دول الخليج العربي، وأضاف أنه لا يمكن قراءة الاتفاق الجديد بمعزل عن القراءة التاريخية للوضع في أفغانستان ." الدور الوسيط وحول الدور القطري في الصفقة الجديدة ، قال عودة إن قطر لديها علاقات إستراتيجية مع أميركا، وتقوم بأدوار سياسية لصالحها في المنطقة ، بما يمكن وصفه بـ"المقاول من الباطن"، لكن لا يمكن وصفها بالدولة العميلة كما يحب البعض وصفها دائماً، مشيراً إلى أن تلك الأوصاف أو اللغة لم تعد موجودة في العلوم السياسية في المرحلة الراهنة ، بل يتم الاستعاضة منها بالقول إن هناك علاقات إستراتيجية مع أميركا وتبادل مصالح . ويتبنى الدكتور رفعت سيد أحمد رئيس مركز يافا للدراسات والأبحاث وجهة نظر مغايرة، ويقول في تصريح نشرته ايلاف "إن قطر تلعب دوراً في إطار الإستراتيجية الأميركية في المنطقة ، مشيراً إلى أن حينما تفشل أميركا تدفع بقطر وبعض دول الخليج، ووصفها بأنها تعرف بـ"الدولة الشركة ". ترحيب أميركي وأعلن البيت الأبيض ترحيبه بقرار فتح مكتب سياسي لطالبان في قطر، وقال جاري كارني المتحدث باسمه "إن ذلك من شأنه أن يوفر عنوانا للمفاوضات مع المتشددين، ويزيح قتال واشنطن معهم لأكثر من عقد". وأضاف: "أننا نرحّب بأي خطوة على طول الطريق لعملية تقودها أفغانستان من أجل تحقيق المصالحة ."وأشار كارني إلى أن حركة طالبان طالبت بفتح مكتب في قطر ولكن أيضا كانوا يطالبون بالإفراج عن سجناء طالبان المحتجزين في غوانتانامو، وهذا ما دعا إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه حول بدء السلام في المنطقة والدعوة للمصالحة والمفاوضات التي تقودها الحكومة الأفغانية. الخلاصة شراكة أميركية وصف المراقبون ان الخطوة القطرية هذه ـ فتح مكاتب طالبان ـ تعتبر امتداد لدورها الوسيط في اغلب ازمات المنطقة ، ولم تكن مفاجأة . حيث تبذل اميركا جهودا الان لاحتواء المجموعات الاسلامية الاصولية الجهادية في المنطقة بهدف تغيير مسارات تلك المجموعات بعد ان عجزت عن تحجيمها ، وهي سياسة اميركية جديدة باحتواء المجموعات الاصولية الجهادية الاقل تشددا من ايدلوجية القاعدة وتقليل الخصوم وتخفيض ميزانية الدفاع وسحب القوات الاميركية ومحاولة الفصل مابين القاعدة و طالبان . كذلك تاتي هذه الخطوة ضمن استعدادت الادارة الاميركية بسحب قواتها من افغانستان 2014 ، هذه السياسة لايمكن اختصارها بالانتخابات الاميركية القادمة بقدر ماهي ستراتيجية اميركية جديدة بسحب قواتها وابدالها بالجهد الاستخباري المبرمج لوكالة المخابرات المركزية واصطياد اهدافها بعمليات طائرة بدون طيار ومجموعات النخبة القتالية ( الكومندوز) لتقليل الخسائر وتجنب استفزاز مشاعر الشعوب. أختيار قطر ان اختيار الادارة الاميركية قطر مكانا للحوار مع طالبان جاء امتداد للدور القطري الوسيط الذي عرفت به واشارة الى توصيات لجنة بيكر هاملتون ) الصادرة في عام 2006 ) و اعادة قرائتها من قبل مجموعة الخبراء نهاية العام الماضي 2011 ، القائمة على الحوار مع الخصوم وممكن اعتباره خيارا افضل بعد ان تدهورت علاقات الولايات المتحدة مع الباكستان و استخباراتها واستنفذت دورها الوسيط مع طالبان افغانستان و احتمالات الخروقات ألامنية . اما ديفد باتريوس فهو وراء سياسة التفاوض مع طالبان خلال فترة مسؤوليته للقوات الاميركية في افغانستان وقبل تسلمه مسؤولية وكالة المخابرات المركزية في سبتمبر 2011 وان خبر تفاوض الادارة الاميركية مع طالبان لم يكن بمفاجأة فقد كانت هنالك تسريبات اعلامية للتفاوض في شهر اكتوبر عام 2010. وقد تناولت الوكالات في الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي 2011 حذف مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية اسم الملا عمر زعيم حركة طالبان الأفغانية من قائمة أكثر المطلوبين لدى الجهاز الأمني الأمريكي " اف بي اي" ومن المعروف أن أمريكا كانت قد خصصت 10 ملايين دولار من أجل القبض عليه وقد وافقت الولايات المتحدة من حيث المبدأ على الإفراج عن مسئولين رفيعى المستوى من حركة طالبان من المعتقل الأمريكى فى خليج جوانتانامو كصفقة مقابل موافقة المقاتلين على فتح مكتب سياسى لمفاوضات السلام فى قطر ، وفقا الى تصريحات ذبيح الله المتحدث الرسمي باسم طالبان وبمباركة اجتماع العشائر الوطني "لويه جركه" و المجلس الأعلى للسلام في أفغانستان . بعض المراقبون وصفوا المفاوضات بموت حركة طالبان عسكريا بتحولها الى حركة سياسية . ومن الجدير بالذكر ان المفاوضات قد تعكرت في موجة نشر الفلم الاميركي المسيء للرسول محمد ( ص ) الشهر الماض/ سبتمبر 2012 . مواجهة الحراك الشيعي في الخليج العربي ان دولة قطر باتت تلعب دوراً كبيراً في السنوات الأخيرة رغم أنها دولة صغيرة ، فقوة الدولة وقدرتها في التأثير على السلوك السائد لم يعد وفقا للتقاليد الكلاسيكية القديمة ، فقد تغيرت قواعد اللعبة جذريا وأصبحت هنالك دول صغيرة الحجم والسكان تحتل مكانة هامة . أن دولة قطر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تتمتع بدرجات مختلفة من العلاقة مع الولايات المتحدة وايران وحزب الله وإسرائيل . ويرى المراقبون ، أن افتتاح الجامع جاء في سياق تبني قطر بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كخطوة لسحب البساط من الدور السعودي في زعامة الوهابية / السلفية التكقيرية . وان عرض وكالة الأنباء القطرية لنسب الشيخ محمد بن عبد الوهاب مشيرة إلى انتمائه إلى قبيلة بني تميم التي تنتمي إليها الأسرة الحاكمة في قطر، وهو أمر يعتقد بأنه لإضفاء المزيد من الشرعية على تسميته . وممكن تفسير الخطوة القطرية هذه هي لمواجهة والمد الاخواني في مصر في اعقاب الثورات العربية . ويرى مراقبون في الخطوة القطرية رغبة لاستقطاب السلفيين والحركات الجهادية ، وان واشنطن تستخدم قطر للتأثير على السلفيين بعد أن نجحت ـ اميركا ـ في احتواء الإخوان تحت مظلتها . أن الموقف القطري جاء منسجما مع الموقف السعودي لغرض أستخدام التيارات السلفية في مواجه التمدد ألايراني ومواجهة الحراك الشيعي في دول الخليج العربي ولغرض محاربة الإرهاب .هذه التطورات لا يمكن ان تكون بعيدة في جهود قطر والسعودية مع المعارضة السورية ، فهنالك تقسيم الادوار فاحدهما يمول الجيش السوري الحر والاخرى تمول الحركات السلفية التكفيرية داخل سوريا. السياسة القطرية والسعودية تتماشى مع السياسة الاميركية في المنطقة التي تهدف الى تحجيم ايران في المنطقة وتفكيك المثلث السوري الايراني وحزب الله . اميركا والدول الداعمة تستخدم السلفية في سوريا والمنطقة حزام امان ضد ايران والتمدد السيغي في المنطقة ، ويبدو انها ستراتيجية اميركية للمستقبل البعيد لتحجيم ايران. هذه السياسة قد لا تكون مستبعدة عن ما يجري في سوريا. أن الوضع في سوريا اصبح فعلا معقد ومايحدث في سوريا من مجازر وابادة جماعية للشعب السوري تعدى كل معدلات القتل والعنف التي تعرضت لها الشعوب ومنها حرب فيتنام ومجازر صبرا وشاتيلا ومجازر البوسنه والهيرسك وغيرها من عمليات الابادة الجماعية. السيناريو الاميركي في سوريا الموقف الاميركي المتذبذب والاختلافات داخل المعارضة السورية تلقي بظلالها على النتائج المتوقعة لاجتماعات المعارضة السورية القادمة تحت الرعاية القطرية . يبدو ان الولايا ت المتحدة تعيد ذات السيناريو، عندما شنت حرب الخليج الثانية 1990 على العراق وفرضت الحظر والعقوبات الاقتصادية وغيرها من التحالفات التي كانت تهدف انذاك الى اضعاف العراق وصندقة النظام وفرض شروطها في خيمة صفوان، والتفاوض مع قادة العسكر اكثر من رجال السياسة ، وهذا في تقديرنا ماهو متوقع في الازمة السورية . وما جاء من تصريحات على لسان مسؤوليي الادارة الاميركية في واشنطن التي تلمح فيها الى امكانية تغيير رأس النظام والتحضير لحكومة انتقالية افضل من ترك مصير سوريا مفتوحا على كل الابواب ، قد اثارت غيض المعارضة السورية واعتبرته تناقضا لمقررات اجتماع جنيف. تنظر الولايات المتحدة الى سوريا وحلفائها بشكل يختلف عن المعارضة السورية او الدول الداعمة للتغيير. ، فهي تاخذ بالحسابات تداعيات انهيار النظام السوري وعلاقات النظام مع حلفائه واحتمالات نبش الصراعات وتاجيج ألمنطقة الى ابعد ما تنظر اليه المعارضة السورية والدول الداعمة ، وهي حسابات ستراتيجية، أعتمدتها اميركا من تجربة العراق وافغانستان ، تلك السياسة ،التي عملت على ايقاظ وتفريخ الخلايا والشبكات الارهابية في المنطقة وتاجيج الارهاب ،وتحويل المنطقة الى صفيح ساخن . |
العلاقات الروسية الإسرائيلية: شراكة وتناقضات
العلاقات الروسية الإسرائيلية: شراكة وتناقضات (I) أصبح التطور المكثف للعلاقات مع إسرائيل إحدى السمات المميزة للسياسة الروسية في الشرق الاوسط بالسنوات الاخيرة. فقد عبّر أول سفير روسي في إسرائيل الكساندر بوفين، الذي تم تعيينه العام 1991 بعد استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، في مذكراته عن أسفه قائلاً: «لم نتمكن خلال خمسة أعوام ونصف من عملي من تحقيق أي مشروع روسي - إسرائيلي ضخم». أما الآن فتُقدَّر مثل هذه المشاريع بالعشرات. وتمكّن العديد من المهاجرين القادمين في التسعينيات من القرن العشرين، من روسيا والجمهوريات السوفييتية السابقة، الذين بلغت بفضلهم نسبةُ الروس القاطنين في اسرائيل 20 %، من تحويل تفوُّقهم العددي إلى «رأسمال سياسي». وتعتبر اللغة الروسية اللغةَ الامّ بالنسبة لعدد من اعضاء الكنيست بتشكيلته الأخيرة. وتضم حكومة بنيامين نتنياهو أربعة وزراء (من أصل ثلاثين وزيراً) متحدرين من الاتحاد السوفياتي السابق. ويشغل أحدهم، افيغدور ليبرمان، منصب وزير الخارجية. وأصبح الإسرائيليون الناطقون بالروسية «وسيطاً هاماً» للاتصالات بين البلدين. فقد اعترف السفير الروسي السابق في إسرائيل بيتر ستيغني بأن «العامل البشري» اتى بنظرة روسية جديدة إلى ما يجري في إسرائيل بمشاكلها، و«عُقَدِها» وأخطائها ومنجزاتها». تدرس النخبة الإسرائيلية الناطقة بالروسية بجدية، سعياً منها لتوطيد مواقعها في أجهزة السلطة، إمكانية تشكيل تحالف روسي - إسرائيلي جديد مستقبلاً، من شأنه أن يصبح (وإنْ لم يكن بديلاً) «مقابلا» للشراكة الأميركية - الإسرائيلية. وأعلن عن هذا الهدف في برنامجه الانتخابي العام 2009 افيغدور ليبرمان زعيم حزب «إسرائيل بيتنا»، الذي يمثل أساساً «إسرائيل الروسية». وبالفعل، فإن روسيا حريصة على توسيع العلاقات مع إسرائيل. إن الاقتصاد الإسرائيلي القائم على استخدام التقنيات العالية، وتجربة إسرائيل في مجال تنمية مختلف قطاعات الاقتصاد في الظروف الطبيعية المعقدة، والآفاق المشجعة التي ذر قرنُها للاستثمار المشترك لاحتياطات الغاز التي تم استكشافها في إسرائيل، والتجربة الإسرائيلية في مكافحة الإرهاب، إنها بعض المجالات التي يمكن أن يصبح التعاون فيها مفيداً بالنسبة لروسيا. ومع ذلك فلا مبرِّر لأية حسابات مبنية على كوْن روسيا قادرةً على انْ تأخذ على عاتقها الأعباء الثقيلة الخاصة بضمان قدرات إسرائيل الدفاعية والأمنية، والتي تتحمّلها الولايات المتحدة على مدى عقود من السنين. إن الولايات المتحدة لا تزال تبقى المورِّدَ الرئيس الأهم، لأحدث الأسلحة إلى إسرائيل، كما يُخصص لإسرائيل ما يربو على 50% من برنامج البنتاغون لتمويل المساعدات العسكرية إلى البلدان الأجنبية. وبالإضافة إلى ذلك، يُخصص سنوياً زهاء 200 مليون دولار للخطط الأميركية - الإسرائيلية المشتركة للدرع الصاروخية. وتعتبر الشركات الأميركية شركاء رئيسيين للإسرائيليين في تنفيذ الطلبات العسكرية للبلدان الثالثة، وهي تعرقل، في حالات كثيرة، إقامة التعاون الروسي - الإسرائيلي في هذا المجال. وقد صرح الخبير المعروف في العلاقات الاميركية الروسية والعامل في مركز «Heritage» آرئييل كويين، في أحد أحاديثه الصحافية بأن واشنطن لن ترغب، على الأرجح، في تقوية روسيا المفرطة في مجال التقنيات الحديثة والتحديث السريع للقوات المسلحة الروسية على حساب التعاون مع إسرائيل. إن أحد الأمثلة التي تؤكد وجهة النظر هذه، هو الضغط الأميركي، الذي مورس على الحلفاء الإسرائيليين العام 2008 في سياق محاولات إحباط صفقة بيع طائرات بلا طيار إلى روسيا. وترد من الولايات المتحدة إلى إسرائيل أموالٌ ضخمة سواء في إطار المساعدة الحكومية أو المساعدات الآتية من الجالية اليهودية الأميركية، وتعجز خزانة الدولة الروسية واليهود الروس عن التنافس مع هذه المساعدات، وليس لديهم النية في ذلك. إن النخبة الإسرائيلية التقليدية تنظر إلى روسيا على أنها بلد، تسوده القيم والثقافة السياسية الغربية. وتجلى ذلك بوضوح بصدد اشتداد الهجمات على زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان وأنصاره، الذين تقدموا في الكنيسيت في يناير (كانون الثاني) عام 2011 بمبادرة تشكيل لجنة للتحقيق في نشاطات المنظمات الإسرائيلية لحقوق الإنسان. ويقوم الناشطون الإسرائيليون في مجال حقوق الإنسان بمراقبة وضع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والاعمال العسكرية الإسرائيلية تجاه المدنيين، ويؤمنون جمع معلومات عن طبيعة أعمال القوات الإسرائيلية إبّان عملية «الرصاص المسكوب» في قطاع غزة. ويثير نشاطهم سخطاً شديداً لدى الأوساط اليمينية ذات النزعة القومية، التي تَعتبر هذا النشاط خيانة لمصالح الدولة. لكن البنية المتفرعة للمنظمات الاجتماعية اليسارية واليمينية تبقى، من منظور النظام الديموقراطي الإسرائيلي بكل ما يميزه من خصائص وقيود، دليلاً على وجود مجتمع مدني فاعل في البلاد. فإذا لم يتجاوز نشاط هذه المنظمات الإطار القانوني، فإن أحداً لا يشكك في شرعية هذا النشاط. وينظر كثيرون في إسرائيل إلى السعي لوضع ناشطي حقوق الإنسان تحت الرقابة القاسية، على أنه نتيجة لـ «زحف» منحدرين من الاتحاد السوفيتي السابق إلى هيئات السلطة، علماً بأنهم لا يملكون ـ من وجهة نظر الإسرائيليين ـ تجربة الحياة في مجتمع ديمقراطي طبيعي، بل تعودوا على قمع أي مخالف في الرأي، «على الطريقة السوفيتية». وانتشر في وسائل الإعلام مصطلح «لَبَرْمَنَة»، بحيث أصبح مرادفاً لضغط مناهض للديمقراطية ومحاولة كسب شعبية، مما يميز الساسة «الروس». وجدير بالذكر أن المهاجرين من الجمهوريات السوفيتية السابقة ينتمون إلى عدد من الكتل الحزبية الأخرى في الكنيست، ولا يمكن نسبهم بلا أساس إلى شركائهم في الرأي من حزب «إسرائيل بيتنا». بيد أن السخط الذي تعبر عنه بشكل خاص، الأوساط الليبرالية اليسارية رداً على «هجمات» ليبرمان السياسية يستهدف جميع الناطقين بالروسية. وليست هذه الأجواء مناسبة لذكر مساهمة حاسمة من جانب اليهود المنحدرين من الإمبراطورية القيصرية السابقة، في تكوُّن أساس الدولة، الذي يقوم عليه اليوم صرح الديمقراطية الإسرائيلية بأسره. فإن «الحكم» على الناطقين بالروسية لا يقوم على أثرهم الثقافي في الأدب والفن الإسرائيلي، ولا على حصتهم في إنشاء الإقتصاد الاسرائيلي المبني على استخدام التقنيات العالية. فإن السخط الشديد من الطابع المناهض للديمقراطية المميز للمهاجرين من روسيا ينتقل الآن آلياً إلى روسيا الجديدة. ويُنظر إلى العلاقات معها عبر منظار التقييم السلبي للنشاط السياسي، الذي يقوم به المهاجرون الجدد، حيث كانت تتعالى منذ عقدين من السنين أصواتٌ تدعوهم بإلحاح للهجرة إلى إسرائيل، غير أنهم يتحوّلون الآن إلى منافسين خطرين غير مرغوب فيهم للنخبة الإسرائيلية القائمة. إن مثل هذه الأجواء التي تشكّل الرأي العام بهذه الطريقة، لن تساعد على الأرجح، على التقارب السياسي الوثيق للبلدين. روسيا: صديق أم عدو؟ إن تقدم روسيا إلى سوق الأسلحة الشرق أوسطي يبقى عاملاً يثير حفيظة الإسرائيليين، بسبب تسليح سوريا وإيران. إن تضمين هذا الموضوع «ذكريات» عن أزمنة « الحرب الباردة»، حين حاربت الجيوش العربية إسرائيلَ بالسلاح السوفيتي سواء في عام 1967، أم في العام 1973 ، يجعله «مؤلماً» للغاية. كما تؤكد وقائع الماضي القريب على صحة مخاوف إسرائيل من أن الأسلحة الروسية ستكون موجَّهةً ضدها. ففي أثناء الحرب اللبنانية الثانية العام 2006 ، استخدم مقاتلو «حزب الله» صواريخ «كورنيت» المضادة للدبابات، التي كانت قد قامت روسيا بتوريدها إلى سوريا. إن بعض الساسة الإسرائيليين، وفي مقدمتهم، مندحرون من الاتحاد السوفيتي السابق، يرون إمكانية تخفيض المخاطر المتصلة بتقوية سوريا وإيران على حساب شرائهما المعدات الحربية الروسية عبر توسيع التعاون العسكري الإسرائيلي - الروسي. وتعليقاً على التوقيع على الاتفاقية الروسية - الإسرائيلية بشأن التعاون العسكري - التقني، صرح عضو الكنيست أحد رئيسي الاتحاد البرلماني المشترك «إسرائيل - روسيا»، زئيف إيلكين، بأن إسرائيل تسعى لجذب أهتمام روسيا بطرح مشاريع تجربة مشتركة كي تأخذ القيادة الروسية ورجال الأعمال الروس بعين الاعتبار مصالحَ إسرائيل بمزيد من الجدية. بيد أن غياب الثقة بروسيا (بشكل تقليدي) بوصفها لاعباً في حلبة الشرق الأوسط مناهضاً ليس لإسرائيل وحدها، بل وللغرب، يدفع الإسرائيليين إلى التشكيك في آفاق الشراكة معها. فإن روسيا يُشتبه فيها بالعزم على استعادة مواقعها المفقودة في الشرق الأوسط جراء انهيار الاتحاد السوفيتي، وذلك بواسطة توحيد كتلة بلدان مناهضة للغرب بحكم طبيعتها. فإن جريدة «جيروزاليم بوست» التي أوردت كل التعاقدات الروسية الأخيرة المبرمة مع سوريا وإيران بشأن إمدادات بعض أنواع الاسلحة، مشيرة إلى احتمال وقوع هذه الأسلحة بأيدي التجمعات الإسلامية الراديكالية التي تحارب إسرائيل (مثل «حزب الله»، و«حماس»)، تتوصل إلى استنتاج «حادّ»، مفاده أن «روسيا لا يمكن اعتبارها في الوقت الحاضر شريكاً أميناً فيما يتعلق بمهام السياسة الخارجية والاعتبارات الأمنية». إن بيع الأسلحة إلى البلدان العربية يُعتبر بالنسبة لروسيا صفقة تجارية محضة. فإن ذلك ما تقوم به الولايات المتحدة وغيرها من البلدان الغربية التي تبيع المعدات الحربية والأسلحة بمبالغ تُقدر بملايين من الدولارات إلى الدول المعروفة كخصوم إسرائيل. إن مثل هذا التعاون لا يتنافى والقانون الدولي، لا سيما أن الطرف الروسي يسعى جاهداً لتحقيق أقصى حد من الشفافية لصفقاتها مع الشركاء الإقليميين، حيث تضمِّن روسيا هذهالصفقات تعهداتٍ يأخذها على عاتقه «المنتفع النهائي»، بعدم تسليم الأسلحة المورَّدة إلى أطراف ثالثة. ومن جهة أخرى فإن متابعة تنفيذ هذه الشروط والتعهدات أمر في غاية الصعوبة، إنْ لم يكن مستحيلاً، في ظل النزاعات التي تسود الشرق الأوسط، والنشاط الخالي من أي مراقبة من قبل اللاعبين الإقليميين، مثل «حزب الله» و«حماس». ومع ذلك تقدِّم موسكو في بعض الحالات تنازلات متراجعةً عن مصالحها التجارية. ففي سبتمبر/أيلول العام 2010 وقع الرئيس ديمتري ميدفيديف مرسوماً يقضي بحظر بيع صواريخ «إس-300» إلى إيران، بسبب العقوبات المفروضة في مجلس الأمن الدولي على طهران. إن صواريخ إس ـ 300 «تعتبر أحد أكثر منظومات الدفاع الصاروخي فعاليةً في العالم. وكان يمكن لشرائها (لو تمّ) أن يجعل إيران أقلَّ تعرُّضاً لخطر ضربة عسكرية أميركية أو إسرائيلية. وتفيد أنباء وسائل الإعلام بأن القيادة الإسرائيلية أقدمت ـ استجابةً لمطالب موسكو - على تقليص التعاون العسكري مع جورجيا، وذلك لحثِّ الطرف الروسي على اتخاذ هذا القرار. العلاقات الروسية الإسرائيلية: شراكة التناقضات(II) لم تتراجع روسيا عن عزمها على تزايد دورها في تسوية النزاع العربي - الإسرائيلي. فمن منظور مصالح روسيا الوطنية، تتصدر إقامةُ السلام قائمة المهام ذات الأولوية، وتكتسب العلاقات الجيدة المبنية على الثقة مع إسرائيل، أهميةً خاصة في هذا السياق. ومع ذلك لا يجوز أن يتناسى المرء أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، تمارس بشكل، لم يسبق له مثيل خلال السنوات العشرين الاخيرة، التعنتَ والعنادَ، رافضة أي حل وسط مع الطرف الفلسطيني. وهكذا فإن روسيا تقع في مصيدة مصالح سياسية خارجية «تصادمية»، حيث أن المستوى العالي المنقطع النظير لعلاقاتها مع إسرائيل، يضع روسيا في وضع بلدٍ يشجع في الواقع الزعماء الأقل ميْلاً لخوض مباحثات سياسية. وفي غضون ذلك ليس ثمة أي أساس للاعتماد على مساعي الوساطة الروسية في تسوية النزاع، من جانب الساسة الناطقين بالروسية. فمثلا، صرح أفيغدور ليبرمان، في معرض أقواله الواعدة بشأن آفاق الشراكة بين روسيا وإسرائيل ، رداً على سؤال خاص بدور روسيا والرباعية الدولية في تقدم السلام: «يحدوني الأمل بأن الرباعية ستتركنا وشأننا وستتناسى وجودنا». ويبدو أن الإسرائيليين «الروس» لا يعتزمون المساهمة في الترويج لمصالح موسكو السياسية في هذا المجال الحساس. ان بعض الخبراء الروس الذين تكوَّن بينهم خلال العقود الأخيرة من السنين «اللوبي» الموالي لإسرائيل، يشككون في دور روسيا في التسوية الشرق أوسطية، زاعمين أن مصالح روسيا تكمن في المجال الاقتصادي قبل غيره. إن إقامة الدولة الفلسطينية، من هذا المنظور، لا تحمل في طياتها أية منافع بالنسبة لروسيا، فيما تعتبر العلاقات مع إسرائيل واعدةً جداً من منظور المستقبل. إن مثل هذه «الحتمية» الاقتصادية المبتذلة من شأنها أن تزيل قضية النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتُبعد الى المقام الثاني (إنْ لم نَقُلْ «تشطب») مسألة ضرورة احتواء التناقضات الفلسطينية الإسرائيلية في اثناء المفاوضات السياسية. أما سياسة روسيا الشرق أوسطية، فيبقى أحدَ مكوناتها الرئيسية، التمسكُ بمبدأ تسوية النزاع، وتفهُّم واقع أن تحقيق سلام وطيد في المنطقة مستحيل من دون حل القضية الفلسطينية. لذا فإن الساسة أو الدبلوماسيين الروس لا يرون بديلاً آخر للحوار، مهما كان صعباً وطويلاً ومهما تطلب من القوى والشجاعة، من الطرفين. وفي اثناء مثل هذا الحوار، ينبغي أن تُبنى رؤيةٌ جديدة لتعايش إسرائيل مع جيرانها العرب عل أساس الشرعية الدولية المعترف بها. وترى روسيا أن من المفيد، باستغلال سمعتها في العالم العربي، خوضَ حوار مع منظمات مثل «حماس»، التي تحتل مواقف أكثر تطرفاً إزاء اسرائيل. لقد أشار رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي ميخائيل مارغيلوف ، إلى أن الاتصالات مع «حماس» هامة، لأنها تحمل طابعاً إعلامياً، وبالإضافة الى ذلك، فإن هذه الاتصالات تسمح بمحادثة ممثليه مباشرة، وبدون وساطة من قبل الإيرانيين والسوريين. وتهدف الاتصالات الروسية مع الجناح السياسي لـ «حماس» إلى دفع زعماء هذه المنظمة إلى القبول بشروط الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي وإلى اتخاذ موقف أكثر واقعيةً إزاء مسألة استعادة الوحدة الفلسطينية المطلوبة لتحقيق تقدّم على طريق التسوية السلمية. إن «الحضور الروسي» في إسرائيل لا يُمثَّل بحوالى مليون من سكانها الناطقين بالروسية فحسب، بل وبتراث روسيا المتمثل في كنائس وأديرة ومبانٍ متنوعة وقِطعٍ من الأرض، أي ما صنعه المسيحيون الأرثوذكس الروس في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وخلال الفترة الممتدة بين عامي 1857 و1914، اشترت البعثة الدينية الروسية في القدس والجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية أكثر من 65 قطعة أرض يبلغ مجموع مساحتها زهاء 150 هكتاراً. وزادت هذه الأملاك بست مرات عن أراضي كريملين موسكو المعاصر. ويقع الجزء الأكبر من هذه الأراضي في القدس وضواحيها، لكن قِطعًا أخرى من الأرض تم شراؤها في بيت لحم وأريحا وعند بحر الجليل والخليل وحيفا وعدد من المواقع الأخرى. أشارت الصحف الإسرائيلية المعاصرة إلى أن روسيا بنت في فلسطين أكثر مما بنته بريطانيا التي أدارت هذه الأراضي على مدى ثلاثين عاماً تقريباً. عاد الجزء الأكبر من الأملاك الروسية إلى البعثة الدينية، غير أن الجمعية الفلسطينية، كانت بحوزتها أملاكٌ ضخمة. وتم تسجيل هذه الأملاك وفقاً للقواعد العاملة في الإمبراطورية العثمانية، حيث خُصص جزء منها للحكومة القيصرية، وسُجل جزء آخر على أسماء النبلاء منهم الأمير العظيم سيرغي الكساندروفيتش، الذي شارك بشكل فعال في نشاط الجمعية الفلسطينية، كما سُجّل جزء محدد من هذه الأملاك بصفة الوقف الشرعي. وجدير بالذكر أن هذه الأملاك تم شراؤها من خزانة الدولة، أساساً، لا بأموال خاصة. غير أن غياب ذكر «الدولة» (في الأوراق الرسمية)، كشخصية اعتبارية تتمتع بحق حيازة الملكية، شكل لاحقاً حواجز عديدة عرقلت إعادة الاملاك الروسية الى الاتحاد السوفيتي السابق، ومن ثم إلى روسيا. أقرّت سلطات الانتداب البريطانية في العام 1926 «توجيهات بشأن إدارة الأملاك الروسية»، ثبَّتت وضعها كطرف وحيد تصرَّف بالأملاك الروسية في فلسطين. وفي القدس أقيمت على الأرض الروسية وفي المباني الروسية ـ مقابلَ أدنى أجرة ـ مؤسساتٌ حكومية بريطانية، مما خلق سابقةً استغلتها دولةُ إسرائيل بعد العام 1948. وفي السنوات الاولى بعد قيام إسرائيل، سُلِّم إلى الكنيسة الروسية عدد من قطع الأرض والمباني الواقعة على أرضها وفي القدس الغربية. اما الأديرة والكنائس الروسية الواقعة على أراضٍ أدارها الاردن، فبقيت ملكاً للكنيسة. وفي اكتوبر/تشرين الأول العام 1964 وقعت وزيرة الخارجية الإسرائيلية غولدا مائير والسفير السوفيتي في إسرائيل ميخائيل بودروف اتفاقية، دخلت التاريخ باسم «الصفقة البرتقالية». فقد باعت حكومة نيكيتا خروشوف إلى أسرائيل، مقابل لا شيء، في واقع الأمر، اي مقابل مبلغ 4,5 مليون دولار 22 منشأة (أملاكاً عقارية) واقعة على أرضها. وفي النصف الثاني من الثمانينيات من القرن العشرين، حين وصل إلى إسرائيل فريق قنصلي للدبلوماسيين الروس، طُرحت مسألة الأملاك الروسية. وبدأ الطرفان في دراسة هذه القضية منذ اوائل التسعينيات من القرن العشرين، حين استعادت روسيا العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، وأسست سفارتها في تل أبيب. ودار الحديث بالدرجة الأولى عن إعادة تسجيل كنيسة الثالوث المقدس، ومبنى البعثة الدينية الروسية بمبانيها المتاخمة لها وقطعة أرض في شارع الملك جورج في وسط القدس، إلى الحكومة الروسية. واستمرت المباحثات خلال بضعة أعوام. وتباطأت اللجنة الإسرائيلية المعنية بدراسة مسألة الأملاك الروسية، والتي تمّ تشكيلها في السنوات السوفيتية، في الاعتراف بروسيا كوريثة للاتحاد السوفيتي السابق. وبالرغم من أن روسيا وقعت، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، عدداً من الاتفاقيات مع الجمهوريات الاتحادية السابقة التي نصّت على أنها (روسيا) ستحصل على كل الأملاك السوفيتية في الخارج مقابل شطب الديون المستحقة على الاتحاد السوفيتي، إلا ان السلطات الاسرائيلية خشيت من مطالب أوكرانيا (مثلاً) بها. وفي خريف العام 1996، أثناء زيارة وزير الخارجية الروسي آنذاك يفغيني بريماكوف إلى إسرائيل، سُلِّمت اليه وثائقُ تثبِّت لروسيا الاتحادية الحقَّ في الأملاك المذكورة. وتم تسليم المباني الكنسية المعادة، إلى الكنيسة الأرثوذكسية الروسية على الفور، بموجب مرسوم أصدره الرئيس الروسي. وطالت قصة تسليم «بيت سيرغي»، أي مجموعة المباني الواقعة في وسط القدس إلى روسيا. وبينت التعقيدات الخاصة بهذه المسألة بوضوح، سعي إسرائيل لربط تسوية قضايا الملكية بحل مهامها السياسية الخارجية. وفي خريف العام 2008، أثارت قلقاً بالغاً لدى السلطات الإسرائيلية نيةُ روسيا عقدَ معاهدة بشأن التعاون العسكري مع سوريا، وكذلك ما تردد من شائعات بإعداد العدة لبيع صواريخ «إس -300 « إلى إيران. ففي ذلك الوقت بالذات جاء رئيس الوزراء إيهود أولمرت إلى موسكو بقرار الحكومة الاسرائيلية تسليم «بيت سيرغي» إلى روسيا. يظهر تاريخ العلاقات الروسية - الاسرائيلية خلال العقود الأخيرة أن الطرفين يتعلمان أثناء التعاون بينهما التغلبَ على سوء التفاهم والاعتبارات المتكوّنة تاريخياً، وإيجادَ مخرج من الأوضاع المعقدة التي تتسبب فيها مصالح إقليمية يستبعد بعضها البعض. غير أن تطور التعاون الثنائي الواسع النطاق لا سيما في المجال العسكري التقني، سيعرقله غيابُ الثقة بروسيا بسبب توجيه صادراتها العسكرية إلى بلدان معادية لإسرائيل، وبسبب الموقف الإسرائيلي المستقل من الملف النووي الإيراني. وستعرقل الإدارة والشركات الأميركية هي الاخرى، هذا التعاون. تاتيانا نوسينكو - باحثة في قسم الدراسات الاسرائيلية معهد الاستشراق، الأكاديمية الروسية للعلوم |
النظام الحاكم في البحرين وسياسة تضييع الفرص والشعب
النظام الحاكم في البحرين وسياسة تضييع الفرص والشعب من الناحية التاريخية يمكن القول ان النظام في البحرين قد استنفذ امكانياته، ووصل الى طريق مسدود بنهاية الثمانينات وبداية التسعينات. وكانت انتفاضة التسعينات الشعبية استمرت حتى عام 2000 - والتي واجهها النظام بعنف منقطع النظير، كانت هي العلامة الفارقة على ان هذا النظام قد وصل الى طريق مسدود، ولم يعد بامكانه ان يحكم بالطرق القديمة. وليس بامكانه ان يقدم على عملية اصلاح سياسي شاملة تنقد البلاد والعباد، وتنقذ النظام. في هذه الاثناء تدخل القدر وتوفي الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة امير البلاد في 6 مارس 1999، وحل محله ابنه الاكبر وولي عهده الشيخ حمد بن عيسى / الامير، ثم الملك الحالي. ولأن ولي العهد / الملك الجديد قد استلم تركة سياسية ثقيلة من جراء سياسة عمه غير الرشيدة منذ الاستقلال في 1971 مرورا بحل المجلس الوطني بمنتصف السبعينات وقمعه لكل الحركات المطالبة بالديمقراطية - من جراء قانون ومحاكم امن الدولة - على اختلاف مشاربها بما فيها انتفاضة التسعينات، وتجفيف مؤسسات المجتمع المدني فقد حاول الملك ان يأخذ زمام المبادرة حيث كان العم العزيز كل شيء في عهد ابيه - ويتصرف باعتباره الرجل الأول وسيد البلاد والعباد، وسيبدأ صفحة جديدة مع شعبه ويخرج البلاد من عنق الزجاجة. بدأ خطوات اجرائية متتالية مع بداية سنة 2000 تخللها التصويت على ما سمي بالميثاق في 2001 بنسبة تصويت عالية لا مبرر لها سوى قلة حيلة ادارة المعارضة حينذاك لعملية الصراع مع النظام، واعتبر ذلك شيكا على بياض للنظام من قبل المعارضة دون مقابل، وانتهت هذه الاجراءات بصدور دستور 2002 بديلا عن دستور 1973 واستبدال اسم البلد من دولة الى مملكة ومسمى الحاكم من امير الى ملك، واطلق على كل هذه الاجراءات اسم 'المشروع الاصلاحي'!. لكنها في حقيقة الامر لم تكن مشروعا اصلاحيا بل كانت بمثابة اجراءات فوقية لانعاش النظام المتهالك والذي اصيب بالشيخوخة منذ زمن ووصل الى طريق مسدود، ولاعتقاد الملك وبقية افراد العائلة الحاكمة انهم بهذه الاجراءات وبالطنطنة الاعلامية سيقنعون الشعب البحريني والعالم بأن ما قاموا به هو الاصلاح بذاته وبالتالي ينفخون في النظام شيئا من الروح . وبالفعل صدق كثير من المراقبين ان ما يقوم به ملك البحرين هو اصلاح غير مسبوق، لكن بعد برهة تبين ان جدوى ذلك الاصلاح ايضا لم ينطل على من يستشرف المستقبل المنظور من المتابعين للشأن البحريني. ربما انعش النظام قليلا لكنه لم يستمر طويلا، وسرعان ما عاد النظام الى سياساته القديمة وعلى اسوأ ولكن باخراج جديد . بتقديري في هذه المناسبة كان بامكان الملك الجديد ان يقوم باصلاح حقيقي من خلال عملية مركبة ومعقدة في الوقت نفسه. الاولى هي عملية اصلاح في بنية العائلة الحاكمة، وتتمثل في استبعاد الحرس القديم الذي عاصر اباه / الامير الراحل والحد من تكالب العائلة على مغانم البلاد وخيراتها ودمجها في النسيج الاجتماعي العام . والثانية طرح برنامج متكامل وشامل للاصلاح السياسي يمكن ان يكون تدريجيا للوصول الى ملكية دستورية بمعنى الكلمة الحرفي كما هي مطبقة في عدد من الممالك، ومن خلال هذه العملية المركبة يستطيع الملك ان يمسك بكل مفاصل القوة في عائلته الحاكمة من جهة، وفي الوقت نفسه يستطيع انجاز الاصلاح السياسي المطلوب، أي الملكية الدستورية من ناحية اخرى من خلال توافق وطني حقيقي، وبالتالي يمكن حينها الحديث عن مشروع اصلاحي حقيقي يمكن قياسة والتحقق منه بمحكات على صعيد الواقع خلال فترة زمنية محددة . لكن للاسف الشديد ان ما يسمى بالمشروع الاصلاحى ما هو الا اشبه بالاناء الفارغ وجعجعة دون طحين، فقط للشو كما يقال، اما مضمونه فهو تجديد آلة القمع وزيادة الفساد وزيادة استحواذ القبيلة على السلطة والثروة، واستشراء السرقات والاستيلاء الكامل على الدولة واجهزتها، وتحويل الوطن الى مزرعة كبيرة، وسجن كبير من جراء المشروع الاصلاحي المزعوم. ولأنه ليس مشروعا اصلاحيا حقيقيا لذلك لم يمضِ هذا المشروع الاصلاحي قدما وولد ميتاً حيث بدأت المطالبات من قبل المعارضة منذ اقرار دستور 2002 بتصحيح المسار، وأن ما تم من قبل الملك ما هو الا التفاف على مطالب الشعب والانقلاب على ما تم الاتفاق عليه، فاستمر الحراك الشعبي المتنوع مقاطعة الانتخابات، مؤتمرات دستورية، نضالات سلمية مختلفة، احتجاجات هنا وهناك، مطالب حقوق انسان ، مشركة بعض المعارضة في المجلس النيابي بعد المقاطعة لعل وعسى ولكن دون فائدة - حتى جاء الانفجار الكبير في 14 فبراير سنة 2011 ليؤكد ان كل ما تم خلال عشر سنوات ما هو الا مزيد من سطوة العائلة الحاكمة في كل مناحي الحياة ومفاصلها، بتعبير آخر ما جرى انما هو خلفنة البلاد وإحكام سيطرة القبيلة على مقدرات البلاد . ومع ذلك فإن ملك البحرين قد اضاع فرصة تاريخية قبل عشر سنوات كان بامكان البحرين ان لا تصل الى ما وصلت اليه من طريق مسدود، حيث يعوّل النظام على كسب الوقت، في حين ان ذلك لن يفيده شيئا. ذلك ان تسونامي التغيير قادم لا محالة ولا تفيد فيه الاصلاحات الشكلية، وأن المطالب الشعبية كلما طالت الازمة سيرتفع سقفها، فمن كان يطالب باصلاح النظام قبل عشر سنوات او قبل سنة بات يطالب باسقاط النظام، وتسقيط رموزه، لا لشيء انما بسبب تطرف النظام في تعامله القمعي مع المحتجين من جهة، وتطرفه في عدم استجابته للمطالب السياسية المشروعة. هذا هو منطق الامور في الصراع السياسي المتجدد والدائر في البحرين منذ قرن من الزمان . اخيرا، كل ذلك لا يؤشر على قرب انفراج الوضع في البحرين، ولا يؤشر على قدرة النظام على تقديم حلول للمشكل السياسي، بل كل الدلائل تشير الى ان النظام استنفذ امكانيات الاصلاح، ويحاول اطالة عمره بألف حيلة ووسيلة وفي مقدمتها القمع بشتى الوسائل وليس آخرها منع المسيرات والتجمعات والمظاهرات، ولكن دون جدوى، بحكم منطق النظام والتاريخ. وان تسونامي التغيير قــــادم لا محالة على الرغم من آلة القمع والايديولوجــيا الخاصتين بالنظــــام. وذلك معنى ان النظام الحاكم في البحرين قد وصل الى طريق مسدود. فليس بالقمع وحده يحي النظام . وفي وضع كهذا ليس امام النظام في البحرين إلا احد خيارين: اما نظام ملكي دستوري كما هو في الدول الملكية العريقة، وهو غير قادر على فعله لاسباب تعود الى بنيته القبلية الاستبدادية، واقصى ما يستطيعه هو اصلاحات شكلية فارغة لا تمس جوهر بنية النظام، وهذا لن يقبل به الشعب، او خيار الاسقاط، وهذا ليس خيارا، انما هو فعل ثوري شعبي سيقول الشعب فيه كلمته، وايضا لا يستطيع النظام ان يحكم الشعب بالطرق القديمة، فذاك عهد مضى وانقضى، والبلد على كف عفريت. اجل في كل الاحوال النظام في مأزق، وكل الخيارات مرة بالنسبة للقائمين عليه. هذا هو النظام الحاكم في البحرين المضيّع بارادته للفرص والوقت والشعب. يوسف مكي - باحث بحريني في علم الاجتماع |
http://annabaa.org/nbanews/2012/11/Images/110.jpg تقسيم سوريا... فرصة تاريخية ينتظرها الاتراك! شبكة النبأ: بعد مرور عام ونصف على بدء الحرب الأهلية في سوريا، يشهد الفصل الأخير من الأحداث أعمالاً عدائية مسلحة بين سوريا وتركيا التي كانت ذات مرة دولة صديقة لنظام الأسد. ومنذ قرن من الزمن، كانت القوى الغربية هي التي فككت وقسّمت الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى. واليوم يمكن أن تتولى تركيا دور القيادة في ترسيم الحدود على خارطة الشرق الأدنى الناشئة. يشير وقوع سوريا في الفوضى إلى أن انشقاق وتقسيم البلد أصبح نتيجة محتملة جداً -على عكس وضع ليبيا في الوقت الراهن - إلا إذا سقط نظام الأسد. و بحسب ما يراه الباحثان (سونر چاغاپتاي) و (باراغ خانا) في تحليلهما المنشور في موقع معهد واشنطن لدراسات الشرق الادني. إذا استمر الصراع في سوريا من دون رادع وأدى إلى وقوع حرب طائفية شاملة بين العلويين والسنّة وقيام توترات عرقية عنيفة بين العرب والأكراد، فمن المتوقع أن يتحقق السيناريو الأقرب إلى النموذج العراقي، حيث نشأت مناطق خاضعة لسيطرة شبه مستقلة. من المتوقع أن تبقى حلب ودمشق مرتبطتين مع أنهما قد تسيران في اتجاهين مختلفين بسبب الروابط التجارية المتعادلة . وسينشأ أيضاً معقل درزي متوسط في الجنوب، وفي الوقت نفسه، سينسحب العلويون، أو على الأقل أولئك الذين نجوا من الكوارث المأساوية المؤسفة، إلى معقلهم التقليدي في محيط مرفأ اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط. لكنّ الأهم بالنسبة لتركيا هو مصير المعاقل الكردية في سوريا. ويشكّل الأكراد بين 10 و20 في المائة من الشعب السوري، وهم يُعتبرون عامل ضغط يدفع باتجاه إنشاء منطقة كبرى يسيطر عليها الأكراد ويتمتعون فيها باستقلالية تامة في النهاية إلى جانب حلفائهم في العراق، وذلك نظراً إلى تمركز أكبر عدد من أكراد سوريا في شمال البلاد، على طول المناطق الحدودية التركية، مع امتداد نقاط التمركز شرقاً نحو العراق. فضلاً عن ذلك، من المعروف أن أكراد تركيا وسوريا والعراق (على الأقل أولئك الذين يعيشون في شمال غرب العراق، على طول الحدود مع تركيا وسوريا) يتشاركون اللغة نفسها. فهؤلاء الأكراد يتحدثون باللهجة الكرمانجية، بما يختلف عن لهجة الأكراد في إيران وفي شمال شرق العراق الذين يتحدثون باللهجة السورانية التي تختلف بشدة عن اللهجة الكرمانجية أكثر من اختلاف اللغة البرتغالية عن الإسبانية. من المتوقع أن يتطلع أكراد سوريا إلى تركيا بحثاً عن الدعم، ولا شك أنهم سيقدرون أهمية دور تركيا كقوة موازنة تتصدى للنزعة القومية العربية. فقد تعلّموا درساً سريعاً من أكراد العراق الذين لجأوا إلى تركيا للاحتماء من بغداد منذ عام 2010. بسبب هذا الوضع، أصبحت تركيا أمام خيار حاسم. فطالما كانت ترفض فكرة نشوء دولة كردية مستقلة أو كيان كردي مشابه في أي مكان من المنطقة خشية أن تطالب الجماعات الكردية في تركيا بالأمر نفسه. لكن يمكن أن تتغير حساباتها من خلال احتمال غياب الاستقرار بصورة مزمنة في الدول العربية السنية المجاورة ونظراً إلى الحاجة إلى التصدي لمحور إيران الشيعي - الذي يمتد حالياً من بغداد عبر نظام الأسد وإلى «حزب الله» في لبنان. وتمثل بلقنة سوريا فرصة بالنسبة لتركيا تحدث مرة واحدة في قرن. تتعدد الأسباب الفورية التي تبرر الدعم التركي للكيان الكردي المستقل في سوريا. ويمثل القصف على الحدود التركية السورية سبباً هاماً يمكن أن يجعل تركيا أفضل حالاً إذا نشأت مناطق عازلة مثل كردستان بدلاُ من التمسك بالحقائق الجغرافية المبهمة السائدة اليوم. وبالإضافة إلى ذلك فمع انهيار سلطة الأسد بوتيرة متسارعة في شمال غرب سوريا، يبدو أن الرئيس السوري غير مهتم بمنع "حزب العمال الكردستاني" من استعمال الأراضي السورية - وهذا الحزب هو جماعة متشددة تقود الكفاح من أجل الاستقلال الكردي في تركيا وتنفذ العديد من الهجمات الإرهابية في البلاد. لذا يجب أن تؤيد تركيا قيام حكومة جديدة مركزها حلب، شرط أن تسعى تلك الحكومة إلى إرساء الاستقرار والنظام على أراضيها وأن تتصرف بطريقة مسؤولة، كما تفعل "حكومة إقليم كردستان"، لكبح ميليشيات "حزب العمال الكردستاني" في شمال العراق. وفي الواقع، تتلقى اليوم القوات الكردية - التي تدافع عن نفسها ضد سوريا - تدريبات من قوات البشمركة في كردستان العراق. وبغض النظر عن قدرة (أو استعداد) الأكراد السوريين على كبح جماح "حزب العمال الكردستاني"، تعلمت أبرز جهة سياسية كردية في سوريا ("حزب الوحدة الديمقراطي") من تتبع الأحداث في العراق المجاور بأن السنّة سيتوحدون على الأرجح في وجه الحكم الكردي الذاتي. وهكذا، فمن المفارقات أنه في الوقت الذي يستمر فيه "حزب العمل الكردستاني" في محاربة تركيا، قد يقرر الفرع السوري التابع لذلك الحزب إقامة صداقات مع أنقرة. وعلاوة على ذلك، وكما هو الحال في كردستان العراق، قد تكون شركات البنى التحتية التركية من أبرز المستفيدين من الاستثمار في المنطقة الكردية في سوريا في مرحلة ما بعد الأسد وذلك بالحصول على عقود ضخمة كما فعلت في كردستان العراق بعد صدام. وعملياً، كانت الشركات التركية هي التي بنت كردستان العراق، حيث قامت برصف طرقها وتصميم مطاراتها والتنقيب عن النفط في أراضيها وبناء مجتمعاتها في المناطق الحضرية - ناهيك عن كونها المنفذ الضروري لتصريف موارد كردستان العراق من الطاقة. وبالمثل، فهي شريك تجاري أساسي لأي كيان محصور ينشأ في مرحلة ما بعد الأسد. وستصب الميزة التنافسية التي تمتعت بها تركيا في العراق - باعتبارها اقتصاداً متطوراً في المنطقة المجاورة - في مصلحتها في سوريا أيضاً بعد سقوط الأسد. في ضوء كل هذه الأسباب المقنعة التي تبرر دعم كيان كردي مستقل في سوريا، قد تقتنع تركيا بأن تتراجع عن معارضتها القديمة لأي استقلال كردي في المنطقة. ولكن توجد عقبة رئيسية تقف أمام تركيا وتعيقها من الاستفادة من هذه التطورات وهي: سكانها الأكراد الذين ظلوا لأمد طويل يثيرون مسألة استقلالهم. وبينما تقيم تركيا علاقات صداقة جيدة مع الأكراد السوريين والعراقيين، فإنه يتعين عليها إرضاء مواطنيها الأكراد الساخطين. وقد أثارت القومية الكردية الناشئة في مختلف أنحاء المنطقة حماسة الأكراد الذين يقطنون تركيا. وقد شهدت تركيا ارتفاعاً في وتيرة هجمات "حزب العمال الكردستاني" في الآونة الأخيرة وقد ذهبت تلك الجماعة إلى حد إطلاق حملة جريئة - تم إحباطها - للاستيلاء على بلدات في جنوب شرق البلاد. وعلى الصعيد السياسي، أدى فشل أنقرة في محاولتها إعطاء المزيد من الحقوق الثقافية للأكراد عام 2009 إلى حدوث زيادة في إحباطهم. وسيتم التعبير عن مثل هذه المشاعر بصوت عال في الانتخابات المحلية للبلاد عام 2013، حين من المرجح أن يستعيد "حزب السلام والديمقراطية" القومي الكردي السيطرة على المدن الرئيسية في جنوب شرق تركيا. وسيصعب على تركيا بناء صداقة قوية مع الأكراد السوريين والعراقيين إذا بقي أكراد تركيا معزولين عن أنقرة. وفي الوقت الذي تسعى فيه أنقرة إلى فرض نفوذها في سوريا والعراق، يتعين عليها التصالح مع مجتمعها الكردي أولاً. فإذا كان الاستقلال هو السبيل لحل القضية الكردية في العراق وسوريا، فإن منح المزيد من الديمقراطية للأكراد في تركيا يعتبر بمثابة خطوة إلى الأمام لحل المشكلة. ويسود جدل في تركيا حالياً حول مسألة صياغة أول دستور مدني في البلاد. ويمنح ذلك تركيا فرصة مناسبة لوضع ميثاق ليبرالي حقيقي يعمل على توسيع حقوق الجميع بمن فيهم الأكراد. وقد أشار قوميون أكراد مؤخراً بأن الوضع الراهن يشكل لحظة فارقة في تاريخ الأكراد. فقد يقلب الأكراد التحالفات التي سادت في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى رأساً على عقب، ولكنهم لا يستطيعون فعل ذلك من دون تركيا. إنها في الواقع لحظة تاريخية لأكراد تركيا والشرق الأوسط عموماً -- وذلك إذا لعبت أنقرة دوراً إيجابياً في الداخل. نبذة عن معهد واشنطن الجدير بالذكر ان معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحسب موقعه الالكتروني أسس عام 1985 لترقية فهم متوازن وواقعي للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبتوجيه من مجلس مستشارين بارز من كلا الحزبين من اجل توفير العلوم والأبحاث للإسهام في صنع السياسة الأمريكية في هذه المنطقة الحيوية من العالم. وينقل موقع تقرير واشنطن الالكتروني إن الهدف من تأسيسه كان دعم المواقف الإسرائيلية من خلال قطاع الأبحاث ومراكز البحوث وان لجنة العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية المعروفة بإيباك كانت المؤسسة الأم للمعهد حيث أن مديره المؤسس هو مارتن إنديك رئيس قسم الأبحاث السابق باللجنة. وتزعم المنظمة أنها اختارت مصطلح "الشرق الأدنى" لتعريف الهوية الذاتية للمعهد (بدلا من "الشرق الأوسط) لأنه المصطلح المعترف به في الخارجية الأمريكي لوصف العالم العربي والدول المجاورة. |
قراءة أخرى في مستجدات واقعنا
تأسيساً على وقائع “السيل الجارف” من العنف الأصولي المندفع بقوة في أكثر من مجرى عربي وإسلامي بصورة مذهلة، هل لنا أن نتساءل عما إذا كان العالم العربي وجزء لا يستهان به من العالم الإسلامي، قد أعدا العدة وشارفا على الدخول بمحض إرادتهما في عصر الظلمات على غرار ما حدث لأوروبا في عصور سحيقة أكلها النسيان؟ وقبل الاسترسال ومحاولة إيجاد إجابات عن هذا السؤال الجوهري والأسئلة المتفرعة عنه، لعل من المفيد هنا استذكار ماهية عصور الظلام التي تعارف عليها الأوروبيون وأعطوها المسمى الإنجليزي ذائع الصيت لدى مؤرخي تاريخ الحضارة الأوروبية (Dark Ages)، أي القرون المظلمة الواقعة بين سنة 500 وسنة 1000 ميلادية، والتي تميزت بانتشار الانحطاط الفكري والتقوقع على الذات وتواري الحياة المدنية في ثنايا العصبيات والهوس الديني والتطاحنات والحروب الدينية ذات الخلفيات الإقطاعية التسلطية . تُنبئنا سرديات مصادر التاريخ السحيق والحديث أنه كلما فاض الكيل، وبالمعنى الفلسفي حين تصل الحالة التراكمية الاجتماعية إلى ذروتها، فإن كمية “الذَّرّات” المتكاثرة عددياً (المتراكمة) والدائرة في فلكها (في فلك الحالة التراكمية)، وتحت ضغط هذا التزاحم التراكمي، سوف تُسَرِّع من تحولها تلقائياً إلى حالة نوعية أخرى مغايرة تماماً لما كانت عليه في فترة سكون وكمون الذرات الخادعيْن والسابقين . ويمكن بكل يسر إسقاط هذا المذهب النظري الخاص بدراسة وتحليل المسيرة التطورية للمجتمعات البشرية وظواهرها الاجتماعية على الحالة الساكنة -تطورياً - للمجتمعات العربية، والتي رتبت حدوث النقلة التي أُعطيت اسماً كودياً هو “الربيع العربي” بعد أن تجاوزت الفجوة بين العناصر “أ” (قوى الإنتاج أو الموارد البشرية والعلم والتكنولوجيا وفنون ومعارف الإدارة الحديثة) والعناصر “ب” (سكون تموضعات الناس وعلاقاتهم بالنسبة إلى كل أنواع الأصول والموارد المادية والحيازات) في المعادلة التي تقيس درجة التوازن والاهتزاز في تطور المجتمعات . مع الاستدراك هاهنا بأن ذلكم التحليل للحالة/الظاهرة لا يستبعد مطلقاً الدور المقرر للعامل “الخارجي” في “تحفيز” وإطلاق شرارة النقلة التحولية، إنما في حدود دور العامل الذاتي الموظف (بتشديد وكسر الظاء) للعامل الموضوعي الذي يشكل محور المعادلة . وما حصل هو أن هذا العامل المساعد الذي لعب دور الصاعق (Detonator) قد تحول إلى لاعب أساسي في خلط أوراق تداعيات المرحلة الانتقالية لتصعيد قوى اجتماعية بعينها لصدارة المشهد الجديد الحاكم للسياسات الكلية والجزئية . وهذا، باعتقادنا، ما أحال الولادة الطبيعية للنقلة النوعية إلى الحالة موضوع المعادلة، في صورة ما سمي بالربيع العربي، إلى فوضى “خلاقة” هي التي أنتجت ذلكم الزخم المتدافع المنفلت العقال للحركات الأصولية ذات الخلفيات الأيديولوجية الإقصائية التي تستخدم العنف المسلح وسيلةً لتحقيق غاياتها . فمن الاستحالة بمكان إطلاق الفوضى “الخلاقة” من دون فقدان السيطرة على الخزين الوفير من الهويات والعصبيات الفاعل منها والكامن في ظل وجود وفرة لا حد لها من الفاعليات الناشطة والأخرى المتحفزة لهجر حالة الكمون لدى أي فرصة لائحة، للاندفاع تهوراً للتعبير عن ذواتها وأطماعها المستترة، وبضمنها بطبيعة الحال الأصوليات المستعدة للذهاب إلى آخر الشوط في هذا المضمار . والنتيجة المذهلة للدخول المتطفل للعامل الخارجي في مسار نقلة التحول الفاصلة بأدوات الفوضى “الخلاقة”، هي وصول تلك الجماعات السلفية إلى بعض مواقع السلطة أو على مقربة منها في غير بلد عربي، ما أفضى إلى محصلة في غاية الغرابة . وفي ذلك بعض التفسير لكيفية إفلات “الربيع العربي” من قبضة القوى الاجتماعية التي لطالما ضحت بالغالي والثمين من أجل انجلاء ليل الاستبداد الطويل؟ وكيف أفلت زمام الأمور من القوى الشبابية التي تقدمت الصفوف في تحدي أنظمة بوليسية معتقة . فالحراك الشعبي الذي انطلق أساساًتحت تأثير اختلال معادلة قانون التطور المجتمعيبهدف وضع حد لعقود من الاستبداد والفساد، انتهى به الأمر إلى إنشاء حالة لا تختلف في المضمون عن الحالة الزائلة من حيث استمرار تأمينها لبقاء وانتظام ذات البنى المؤسسية الراعية لماكينة الاستبداد والفساد . وما يزيد الطين بلة أن هذه “الحالة” الجديدة ومقاربة إدارتها الكلية تتساندان بجماعات سياسية إسلامية متطرفة طالما عُرفت بعدائها الشديد والسافر للتعددية بشقيها الثقافي والسياسي وللرأي الآخر بصفة عامة، وهي جماعات كان يُنظر إليها حتى الأمس القريب على أنها قوى إقصائية وتكفيرية تشكل خطراً داهماً على المجتمعات الحاضنة لها، فإذا بها اليوم في موقع من يصنع ويقرر مصير هذه المجتمعات، حيث أتاح لها وجودها في بعض مواقع السلطة أو بالقرب منها فرصة بدء حملة ترويجية واستعراضية من أجل فتح جبهة صراع ضد الدولة المدنية ورموزها بما يفضي إلى تطهيرها وإفراغها من كوادرها بتهمة الانتماء إلى الليبرالية . وبهذا المعنى فإن هناك خشية حقيقية من أن تفضي مخرجات الفوضى “الخلاقة” التي نعرف، إلى إدخال العالم العربي في حقبة تيه تكون الردة الحضارية عنوانها، ويكون البطش بالآخر المختلف أحد أكثر فصولها عتمةً . ذلك أن العداء للآخر - وليس فقط عدم احترامه - لابد أن ينتهي به المآل إلى استخدام العنف بكافة صوره سبيلاً لتحقيق الأجندات الخاصة المضمرة وشبه المعلنة . |
المسلمون الروس وسياسة روسيا الخارجية
http://studies.aljazeera.net/Resourc...59393734_2.jpg مسلمو روسيا جزء من الأمة ومستعدون للتغاضي عن قضايا داخلية من أجل تحقيق مصالح الإسلام العالمية المشتركة المسلمون الروس وسياسة روسيا الخارجية د. رسلان غوربانوف ود. عبد الله رينات محمدوف تُعتبر السياسة الخارجية الروسية بالنسبة لـ 20 مليون مسلم في روسيا شأنًا داخليًّا، وبحكم أن المسلمين في روسيا هم جزء من المجتمع الإسلامي العالمي الكبير الذي يبلغ تعداده المليار ونصف المليار مسلم، فإنهم يربطون أنفسهم ومصالحهم مع ما يجري لهذه الأمة الكبرى التي تقع خارج أرض الوطن. وبالنظر إلى السياسة الخارجية عمومًا في بعدها المحلي نجد أن اهتمام غالبية النخبة المسلمة في روسيا بالقضايا الخارجية لروسيا المتصلة بالعالم الإسلامي يقوم على أساس المبادئ الدينية، وليس على أساس المصلحة السياسية الضيقة. التداخل بين الخارج والداخل عندما أوصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين روسيا في عام 2003 إلى منظمة التعاون الإسلامي (منظمة المؤتمر الإسلامي آنذاك)، لم يتلقَّ أي دعم يُذكر من قِبل مسلمي روسيا، ولا أية مساندة ضد المقاومة الشديدة التي لقيها حينها الرئيس من حاشيته والبطانة التي تدور حوله، سواء من الجهات الأمنية واللاعبين الرئيسيين في سوق الموارد الطبيعية أو من الاقتصاديين الليبراليين. منذ ذلك الوقت، صدرت تصريحات متعددة حول التقارب مع العالم الإسلامي واحترام المسلمين داخل البلاد، ثم أعقبها بعض الأحداث البارزة، أهمها انضمام روسيا بصفة مراقب إلى منظمة اليوسسكو (وهي منظمة مماثلة لليونسكو ولكن ضمن منظمة التعاون الإسلامي)، ثم جاءت زيارة قادة حماس لموسكو، وإرسال كتيبة عسكرية من الشيشان إلى لبنان بعد حرب عام 2006، ثم الزيارة التاريخية للرئيس الروسي إلى المملكة العربية السعودية وغيرها. عبر تاريخ الدولة الروسية كله يعتبر فلاديمير بوتين أول سياسي من المستوى الرفيع يعترف رسميًّا بأن روسيا هي بلد "إسلامي" فضلا عن أبعادها الأخرى. مع العلم أنه لم يخطُ هذه الخطوة قبله لا القياصرة ولا الأباطرة، ولا أي أمين عام للحزب الشيوعي، بل ذهب بوتين أبعد من ذلك عندما قال: إن المسلمين في روسيا لديهم كل الحق للشعور بأنهم جزء من الأمة الإسلامية العالمية، وإن روسيا كانت -ولا تزال- حليفًا جيوسياسيًّا للإسلام. في الشتاء الماضي، وخلال لقاء تليفزيوني خُصِّص للتواصل مع المواطنين الروس، شدَّد بوتين على أن الإسلام كان دائمًا واحدًا من أسس الدولة الروسية، وقال: "إن السلطة في روسيا سوف تحافظ دائمًا على إسلامنا التقليدي". بهذا وضع بوتين الخطوة التاريخية الثانية في تكييف الإسلام مع الظروف السياسية والاجتماعية في روسيا؛ فالخطوة الأولى كانت منذ 250 سنة مضت، في زمن القيصرية الروسية، عندما سُمِّي الإسلام "بدين التسامح"، أي اعتُرِف بأنه الدين الذي على الدولة أن تتوافق معه على كامل أراضيها، في حين كان الحال قبل هذا الاعتراف، أن الدولة كانت تعمل على استيعاب المسلمين واحتوائهم ضمن المجتمع المسيحي الغالب. ومن الواضح أن نهج الرئيس فلاديمير بوتين قد واصل على منواله الرئيس السابق ديمتري ميدفيديف يوم أن قال: "إن روسيا بصفتها عضوًا مراقبًا في منظمة المؤتمر الإسلامي عازمة على مواصلة توسيع الحوار البنّاء مع العالم الإسلامي. إنني متأكد من أن هذا الانخراط النشط سيسهم في خلق نظام أكثر إنصافًا في العلاقات الدولية، وحلّ النزاعات على الصعيدين العالمي والإقليمي". وخلال اللقاء الذي عُقد قبل بضع سنوات وجمع بين الرئيس الروسي آنذاك ميدفيدف والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي (أي التعاون الإسلامي) أكمل الدين إحسان أوغلو؛ قال الأخير: "إن روسيا ومنظمة المؤتمر الإسلامي لديهما علاقة خاصة؛ فهي ليست فقط عضوًا مراقبًا في المنظمة، ولكننا نريد أيضًا أن تكون علاقاتنا معها متكاملة وبأشكال متنوعة وعلى منصات مختلفة". وأكد إحسان أوغلو أن "العالم الإسلامي بأسره يرحب بعضوية روسيا (بصفة مراقب) في منظمة المؤتمر الإسلامي، ويدعو إلى تطوير هذه العلاقات". من جهة أخرى كان ميدفيديف بصفته أحد الزعماء السياسيين العالميين، هو الرئيس الوحيد الذي التقى شخصيًّا برئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، وهو ما كان مستغربًا حتى في العواصم الإسلامية. وعلى الرغم من المشاعر الطيبة التي يحملها النظام الروسي لمحمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، إلا أن روسيا أكدت من خلال هذا اللقاء أنه ليس لديها "أصحاب حظوة خاصة" داخل حركة فتح الفلسطينية؛ فروسيا هي الوحيدة من بين كل القوى الكبرى الدولية، التي لديها علاقة مع حماس. وبما أنه لا يمكن تحقيق أي حل حقيقي في الشرق الأوسط بدون حركة حماس، فإن الكرملين اعتبر أنه من المناسب سياسيًّا، التحسن الكبير في علاقاتها مع حركة المقاومة الإسلامية. أما بالنسبة لخالد مشعل فإن إجراء محادثات مع الرئيس الروسي لا يعني فقط التأكيد على أهمية دور حماس في الساحة الفلسطينية ولكنه أيضًا تقدير لدورها الذي يمكن أن تلعبه خاصة في العالم الإسلامي. والجدير بالذكر أن القيادة الروسية، وكذلك المواطنين من المسلمين، يربطون العامل الإسلامي الداخلي بمثيله الخارجي؛ فمراكز التكامل مع العالم الإسلامي، بداية من جمهوريات آسيا الوسطى مرورًا بالدول العربية وماليزيا، يراها بوتين تنطلق من المناطق الروسية ذات الغالبية السكانية من المسلمين وتحديدًا من جمهوريات منطقة شمال القوقاز ومنطقة حوض الفولغا. وهذا يعني أن الرئيس بوتين يعتقد أن هذا شيء طبيعي ومبرر بالنسبة لتلك المناطق، فليست وجهة كل من في روسيا نحو الغرب، إنما هناك من ينظر نحو الشرق، وينطبق ذلك بشكل خاص على الاقتصاد. وعلى ما يبدو فإن الرئيس يدرك أن موسكو باعتبارها واحدة من أكبر مدن العالم، لا تريد التحول نحو العالم الإسلامي. وهذا في حقيقة الأمر غير مطلوب، فالمطلوب البحث عن مراكز أخرى كقازان، وغروزني، وأوفا، ومحج قلعة وعواصم الجمهوريات الإسلامية داخل روسيا، بحيث تكون فكرة التقارب مع العالم الإسلامي تحمل طابعًا إقليميًّا مهمًّا، وتصبح قوة دافعة إضافية لتطوير الاتحاد الروسي. فدور المسلمين كوكلاء للمصالح الاقتصادية للبلاد في دول العالم الإسلامي له مبرراته من الناحية التاريخية. ولعل هذا ما قصده الرئيس بوتين في كلمته التي ألقاها في اجتماع رسمي بمدينة قازان عام 2005، بمناسبة الاحتفال بمرور ألف سنة على إنشاء المدينة؛ حيث قال: "من خلال بناء علاقات قوية ودائمة مع خانات قازان، بدأ الحكام الروس بوعي تشكيل روسيا كدولة أوراسية متكاملة... وهنا في منطقة الفولغا، نرى أكثر من أي مكان آخر دور روسيا كجسر بين الحضارتين العظيمتين: الأوروبية والآسيوية... إن قازان التاريخية، لعبت دورًا كبيرًا في تطوير الحياة التجارية في روسيا، وتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي. ويكفي أن نقول: إن تجار قازان من العرقية التترية على وجه الخصوص، كانوا في طليعة رجال الأعمال الذين ساهموا في تحريك رأس المال المحلي والنفوذ السياسي للإمبراطورية الروسية، كان ذلك بداية في سيبيريا، ثم انتقل بعد ذلك إلى آسيا الوسطى والقوقاز". المشكلة هي أن هذه التصريحات المهمة من بوتين، ومحاولة بدء "حوار إستراتيجي بين موسكو والعالم الإسلامي" لم تجد دعمًا وتكملة من أولئك الذين كان من المفترض أن يقوموا بذلك. صحيح أن المسلمين مهتمون جدًّا بأن تأخذ مثل هذه المبادرات مجراها ولكنهم لا يملكون القوة ولا المهارات ولا الموارد للقيام بذلك. ولا تزال مشاركة موسكو في منظمة التعاون الإسلامي تحمل طابعًا عاديًّا بالرغم من أنها تحمل إمكانيات إستراتيجية. هناك اختلافات بين التيار الرئيسي للسياسة الخارجية الروسية والمواقف العامة من جهة، وبين موقف المسلمين الروس من جهة أخرى بشأن الأحداث التي حصلت في يوغوسلافيا في الفترة 1998-1999. فالمجتمع المسلم لم يُخْفِ استياءه من وقوف موسكو بكل قوتها مع بلغراد الرسمية، دون أن تولي اهتمامًا للتمييز والجرائم التي ارتُكبت ضد الشعب في كوسوفا. أما في منطقة الشرق الأوسط الكبير فالمعلومات عن روسيا غير كافية، والناس بمختلف مستوياتهم يحملون عن روسيا وجهة نظر مسبقة وغير واضحة ، وينطبق الشيء نفسه بالنسبة لموسكو ونظرتها للعالم الإسلامي. أما في الأروقة التي تحاك فيها السياسة الخارجية، بما في ذلك العلاقة مع العالم الإسلامي، فليس هناك فهم كافٍ لمفهوم البلدان الإسلامية الحديثة، ولمنظمة التعاون الإسلامي والمجتمع الإسلامي العالمي بأسره، كما لا يوجد فهم لكيفية الاستفادة من كل هذه الدول المنتشرة على نطاق العالم بأسره. إن المسلمين الروس يشتكون في هذا الصدد من نشاط بعض الطبقات السياسية والتجارية والجماعات التي تعارض تطوير العلاقات مع العالم الإسلامي. جماعات الضغط واللوبيات المرتبطة بالبيروقراطية الروسية موجودة بالفعل وتحول دون تنفيذ هذه المبادرة، ولكنها ليست على كلمة سواء، فهي تقوم بهذه التحركات لأسباب مختلفة، وتترك الموقف سلبيًّا ثم يقوم أصحابها بإجراءات سياسية ذات صلة. ومع ذلك، فإن المشكلة الرئيسية ليست فيهم، ولكن في المسلمين أنفسهم الذين لا يملكون لوبيًّا مماثلاً يحقق مصالحهم، وهو ما يؤثر سلبًا على الوضع. يحتل العالم الإسلامي اليوم كشريك لموسكو المرتبة الثالثة بعد الغرب والصين، وربما يكون الشيء الإيجابي هو نظرتهم لروسيا في المقام الأول كقوة موازنة لسياسات الولايات المتحدة. ومن الواضح أن روسيا تختلف عن مثيلاتها من القوى العظمى بشأن العمل المنظم مع المجتمع الإسلامي؛ فأميركا مثلاً تمتلك شبكة واسعة من جماعات الضغط والتأثير وتنسيق المصالح في العالم العربي والإسلامي؛ فهي تتعامل مع طبقات المجتمع وعلى نطاق واسع كما تتعامل في نفس الوقت مع أطراف النزاع. حتى مع إيران فإن الولايات المتحدة لم تكن دومًا خصمًا لدودًا، بل لديهما تاريخ طويل من الاتفاقات (فالبعض مثلاً وعبر اتفاق "إيران كونتراس" يتحدث عن أن طهران تلقى دعمًا ليس فقط من الولايات المتحدة ولكن أيضًا من إسرائيل)، ولا يخفى أن هناك تعاونًا كبيرًا حول العراق، وهناك أرضية مشتركة بشأن أفغانستان بين الدولتين. أما في روسيا، فالوضع مختلف تمامًا، فالقضايا التي ذكرناها آنفًا يتم مناقشتها ثم توزيعها على مجموعات مختلفة من الإدارات داخل وزارة الخارجية، كما توجد إدارات مماثلة تقريبًا في وزارة الدفاع وفي وكالات الاستخبارات. ويمكننا القول بعبارة ملطفة: إنهم لا يتعاطون مع هذه القضايا بالمستوى المهني المطلوب، مقارنة بملف علاقات روسيا مع أوروبا. هناك ما يسمى بمجموعة الرؤية الإستراتيجية "روسيا-العالم الإسلامي"، ولكن هذه الأخيرة لم تجتمع ولعدة سنوات. وغالبية من يعمل في هذا المجال هم من الدبلوماسيين القدامى ورجال الاستخبارات المتقاعدين، وهو ما يدلِّل على الضعف الملحوظ في هذا الجزء من السياسة الخارجية. تحمل السياسة الخارجية الروسية طابعًا بيروقراطيًّا إلى حدٍّ كبير وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، ويتمحور عملها فقط مع السلطة الرسمية، وليس مع النخبة ولا المعارضة ولا مع المجتمع المدني، لذلك تتمسك موسكو بعلاقاتها مع الأنظمة، وحتى المتهاوية منها إلى آخر رمق، لأنها بالنسبة لروسيا هي المدخل الوحيد للعمل في تلك المنطقة. وفي العادة لو تغير الوضع السياسي وجاء على النقيض من رغبات روسيا، فإن موسكو تتكيف مع الوضع الجديد ولو بعد فترة طويلة لكنها تتمسك بشكوكها وتحفظها وتشرع في البحث عن الأعداء بدلاً من الحراك الإيجابي. ومن الأمثلة الدالة على ذلك أن "جماعة الإخوان المسلمين" التي جاءت إلى السلطة في مصر وبعض الدول العربية الأخرى لا تزال إلى حدِّ الآن، وبسبب سوء الفهم، مدرجة في القائمة الروسية للمنظمات الإرهابية، التي يُحظَر التعامل معها. إن روسيا تفتقر إلى هياكل للتجارة والأعمال التي من شأنها أن تسعى إلى تطوير العلاقات مع العالم الإسلامي. حتى جهود الدبلوماسي السابق، ورئيس مجلس الوزراء الأسبق وأحد أشهر المستشرقين الروس يفغيني بريماكوف، وما يقوم به مجلس الأعمال الروسي-العربي الذي ساهم في إنشائه لم تُثمر إلى الآن؛ فالمشاريع الاقتصادية موجودة ولكن يتمحور غالبيتها حول التعاون العسكري التقني. وفي هذا الصدد عبّر شاميل سلطانوف رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية "روسيا-العالم الإسلامي" عن خوفه؛ فقال: "ليس هناك موضوع علاقات للشراكة بين موسكو والعالم الإسلامي، وهذه نقطة أساسية؛ فالكرملين يحتاج إلى وضع مثل هذه الإستراتيجية. وقد تناول ذلك بوتين مرارًا وتكرارًا، وطالب بالجهد والعمل لإيجاد مجتمع مسلم في روسيا. ولكن لم نرَ أي رد فعل على كلام الرئيس. "النقطة المضيئة" الوحيدة تمثلت في المؤتمر الدولي "العقيدة الإسلامية ضد الراديكالية"، الذي عُقِد في 25-26 مايو/أيار 2012 في موسكو، ومثّل خطوة ما في الحوار الإستراتيجي بين روسيا والمسلمين. حينها مُثِّل العالم الإسلامي في مجموعة من أكابر وأبرز علماء الدين الذين قدموا لأول مرة إلى روسيا. وقد أيّد العلماء الذين قدِموا إلى موسكو، بدعوة من مركز الوسطية في الكويت وصندوق دعم الثقافة الإسلامية والعلوم والتعليم، جهود روسيا في مواجهة التطرف. وقد اعتمد علماء الدين الإسلامي المعروفون على المستوى العالمي بيان مؤتمر موسكو حول مسائل الجهاد والتكفير والخلافة. وكانت هذه الوثيقة على قدم المساواة مع تلك التي صدرت في عمان ومكة المكرمة. لم يتطرق العلماء الى السياسة الخارجية لروسيا بشكل مباشر، ولكن الزيارة التي قامت بها شخصيات بارزة ومؤثرة من العلماء، الذين يتخطى دورهم وتأثيرهم الأمور الدينية، اعتبرتها وسائل الإعلام العربية خطوة في الاتجاه نحو موسكو على الرغم من موقف الأخيرة من سوريا، والذي لا يجد تفهمًا ولا دعمًا في العالم العربي والإسلامي. وعلى الرغم من كل الصعوبات وعدم الاستقرار السياسي في العالم العربي وعلاقة روسيا بذلك، فقد أظهر علماء الدين استعدادهم للعمل مع موسكو، لما رأوا فيها شريكًا إستراتيجيًّا جديدًا للعالم الإسلامي. وصار المسلمون في روسيا الذين كانوا المنظمين الرئيسيين لهذا الحوار، لأول مرة بمثابة الجسر بين روسيا والإسلام. أما مركز الوسطية الكويتي، فيعتبر المركز العربي الوحيد الذي لديه أنشطة رسمية في روسيا. فمنذ عام 2000 أُغلقت جميع الجمعيات العربية، بسبب الاشتباه في تمويل الانفصاليين الشيشان. قدَّمت الكويت البلد الصغير مفهوم الوسطية الإسلامية، وأصبح النافذة الروسية إلى الدول العربية، وخاصة إلى دول الخليج التي لم تربطها تاريخيًّا علاقات جيدة مع روسيا. في عام 2010، منح ديمتري ميدفيديف وسام الصداقة لوكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف الكويتية عادل الفلاح لمساهمته البارزة في تطوير العلاقات العربية-الروسية. وللمرة الأولى في تاريخ روسيا يتم منح هذه الجائزة لرجل عربي يعمل في المجال الاجتماعي والديني. بالطبع لا يمكننا القول بأن المسؤولين في المؤسسات الدينية الإسلامية في روسيا يعملون بنشاط واضح على الاتجاه الخارجي. فمجلس المفتين في روسيا يقوم بما يستطيع من أجل تعزيز جهود الرئيس المنتخب فلاديمير بوتين على الساحة الأوراسية (مبادرة المجموعة الاقتصادية الأوراسية، ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي، والاتحاد الجمركي، وما إلى ذلك). لقد كان قادة مجلس المفتين في روسيا أول من قام بجولة لدول الربيع العربي في شمال إفريقيا، حيث التقوا بالقادة الجدد لتلك الدول. لكن هذا النشاط اقتصر على مجموعة صغيرة جدًّا من النخب. وعلى صعيد آخر توجد عوائق كثيرة في التكامل مع مسلمي آسيا الوسطى، من بينها وجود معارضين للتكامل الأوروبي-الآسيوي بين الروس، لأنه سيؤدي إلى زيادة ضغط الهجرة على روسيا من تلك المنطقة. قد يبدو هذا للبعض غريبًا، ولكن المسلمين في روسيا ليسوا من المشجعين للهجرة لسبب وحيد، وهو أنها تزيد من الكمِّ فقط دون اهتمام بالكيف أي بنوعية المسلمين القادمين. لم يمضِ وقت طويل على تصريح لمجلس الشعب الأنغوشي الذي طالب علنًا بإيقاف تدفق العمال غير الشرعيين، وجاء في البيان: "على الرغم من الوضع الحرج بالنسبة للعمالة، إلا أننا نرى تدفق أعداد كبيرة جدًّا من العمال المهاجرين إلى الجمهورية من دول آسيا الوسطى. إننا نتفهم وجود مجالات عمل تحتاج هؤلاء، ولكن ما نراه في شوارعنا، وفي المدن والقرى قد تجاوز المعقول، وفي المقابل نرى السلطة تسخِّر جميع مواردها للوقوف ضدنا وتعتقد أن مشكلة الهجرة ليست بالأهمية القصوى" حسب البيان. إستراتيجيات مقترحة للعلاقة مع المسلمين قدّم المفكرون المسلمون في روسيا مجموعة من الأفكار للسياسة الخارجية؛ فبحسب رئيس اللجنة الإسلامية الدكتور حيدر جمال فإن روسيا في تحالفها مع إيران ينبغي أن تترأس مجموعة ما يسمى بـ "فقراء العالم" المحتجين. إن الشكل الذي يقترحه حيدر جمال غريب نوعًا ما. فجمال يعتقد أن سقوط نظام بشار الأسد في سوريا سيؤدي إلى اتحاد الدول التي انتصرت فيها الثورات العربية. وأن هذه الكتلة السنِّية ستدخل في حرب مع إيران، وسيصبح ذلك في وقت لاحق تهديدًا لوحدة الأراضي الروسية. ولذلك فإن موسكو مطالبة بضخّ كل إمكاناتها لإنقاذ الرئيس السوري وموقف طهران في البحر الأبيض المتوسط، ثم بعد ذلك تقوم بتطوير أساليبها في معركتها ضد الغرب، بأن تقوم باستنهاض كل الذين يعيشون على أقل من دولارين في اليوم ضده. من جهة أخرى يقول رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية "روسيا-العالم الإسلامي" شامل سلطانوف: "إن روسيا في تحالفها مع المجتمع الإسلامي كله ينبغي أن تعمل ضد الغرب في (حرب الحضارات) التي بدأت فعلاً". ووفقًا للمحلل، فإن المنطق الجيوستراتيجي نفسه "يدفع موسكو والعالم الإسلامي، اللذين يقعان تحت التهديد الغربي، إلى البحث عن الصداقة بين بعضهما البعض". وهذا الرأي يتوافق معه الخبير الروسي في معهد الدراسات الإستراتيجية، ورئيس تحرير صحيفة "مشاكل الإستراتيجية الوطنية" أجدار كورتوف الذي قال: "عندما كانت روسيا قوة عظمى، استطاعت بثقلها كحليف أن تساعد العالم الإسلامي في مواجهته مع منافسيه الجيوسياسيين، الذين يمثلون الغرب باعتراف جميع المسلمين". إذا استطاعت روسيا -حسب رأي الخبير- "أن تتحصل على القوة اللازمة، نتيجة الإجراءات الصحيحة التي ستتخذها خلال السنوات الست المقبلة من رئاسة بوتين الجديدة، فإن ذلك سوف يعود بالنفع على حالة العالم الإسلامي". إن روسيا مطالبة بالاقتراب من البلدان الإسلامية التابعة لرابطة الدول المستقلة، بحسب دامير محدينوف النائب الأول لرئيس الإدارة الروحية للمسلمين في القسم الأوروبي لروسيا وكذلك حسب رأي عميد الجامعة الإسلامية بموسكو دامير خيرالدينوف "إن العنف وشبح الثورات الملونة يتجولان بالقرب من حدود دول رابطة الدول المستقلة"، ولذلك حسب رأيهما، فإن روسيا وآسيا الوسطى يجب "أن يطوِّرا، باسم تلبية احتياجات مواطنيهما، مفهوم الحفاظ على السلم الأهلي والاستقرار". إن دور الزعماء المسلمين في عملية الاندماج والتكامل، يراه محدينوف في تنفيذ ما صرّح بها ديمتري ميدفيديف لدى اجتماعه مع الزعماء الدينيين المسلمين في يوليو/تموز 2011 في مدينة نالتشيك حيث قال: "إن على رؤساء أكبر مؤسسات المجتمع المدني أن يقوموا بالتعامل مع القضايا المعقدة مثل مسألة التكيف الاجتماعي للمهاجرين". من جهة أخرى يعتقد فريق من الخبراء المسلمين في مجموعة "مينار" أن روسيا تحتاج إلى التركيز أكثر على دول الربيع العربي وتركيا، ويعتقدون أن العرب على استعداد للاستثمار بشكل كبير في روسيا، فهم بحاجة إلى تنويع استثماراتهم، "لكي لا يكونوا تحت مطرقة الغرب، وحتى لا تكون حساباتهم البنكية في يوم ما، ولأي سبب من الأسباب السخيفة، قد جُمِّدت من قبل الأميركيين". إن الخبراء يذكِّرون بأن روسيا لم تتحارب في تاريخها مع أي دولة عربية فهي "لم تقم بقصف العراق وإرجاعه إلى العصر الحجري، بل إن روسيا كانت بطريقة أو بأخرى داعمة مستمرة للفلسطينيين، وهي التي قامت باستقبال قادة حماس على أعلى مستوى. وبشكل عام، فقد قدمت روسيا في القرن العشرين الكثير من الأشياء الجيدة للدول العربية. وأعتقد أنه لا يزال لدينا فرصة لكي تصبح روسيا شريكًا مميزًا لدى العالم العربي الجديد. ولكن هناك مخاوف من أن تظل روسيا بدون أي حليف في الشرق الأوسط، وفي العالم العربي والإسلامي كله. إن هذه الآفاق غير السارة تنشأ بسبب ردة الفعل غير المتكافئة لثورات الربيع العربي. ومن المفروض أن لا نعطي الذرائع لأولئك الذين يؤكدون أن موسكو أصبحت حليفًا للإمبريالية الإيرانية الشيعية وخصمًا للصحوة السنية، فبحسب قول خبراء "مينار" إن الربيع العربي له طابع سُني واضح" ووفقًا لأولئك الذين يشاركون هذا الرأي فإن هناك اليوم محاولة لخلق تكتل عسكري-سياسي بين أنقرة والقاهرة والرياض والدوحة. والواقع أن هذه هي الأخيرة هي القوة الجديدة الواعدة في المنطقة، والوقوف ضدها وبشكل عام ضد الشعب العربي والعالم السني الذي قام من أجل حياة أفضل، إنما هو قصر نظر. روسيا كقوة عالمية وكحَكَم يجب عليها الحفاظ على علاقات مع جميع الأطراف الفاعلة على الأرض. إنه لمن الضروري وضع البيض في سلال مختلفة، وأن لا نراهن على الأقل على أصحاب الحظ الضعيف. بين كل هذه المفاهيم يجب على المسلمين في روسيا أن يلعبوا دور الرابط بين موسكو والعالم الإسلامي. لكن المشكلة تكمن في أن المسلمين أنفسهم لا يفعلون إلا القليل من أجل تحقيق الشراكة السياسية الإستراتيجية، ناهيك عن الشراكة الاقتصادية، التي تحدث عنها كثيرًا بوتين وميدفيديف، ولافروف. ولعله من المهم أن نلاحظ هنا أيضًا، أنه لا وجود لكثير من الفروق في أولويات السياسة الخارجية للمجموعتين الرئيسيتين من المسلمين في روسيا (التتار والبشكير من جهة، وشمال القوقاز من جهة أخرى)، على الرغم من أن طبع المجموعة الأولى وطريقة تفكيرها قريب من طبع وتفكير الأتراك في حين أن المجموعة الثانية أقرب إلى الطبع العربي. ثانوية العلاقات الخارجية لدى المسلمين قد لا يعلق مسلمو روسيا آمالاً كبيرة على جني بعض المنافع جرّاء النشاط السياسي الخارجي. ربما يرجع ذلك إلى التجارب السابقة، يوم أن كانت علاقات موسكو مع بلدان العالم الإسلامي جيدة، ومع ذلك كانت نتيجة المنافع هزيلة؛ فالصداقة الحميمة التي كانت تجمع الدول العربية وغيرها من الدول الإسلامية مع الاتحاد السوفيتي، جعلت تلك الدول "تتجاهل" اضطهاد الإسلام في هذه الربوع. واليوم لا تتعجل الدول الإسلامية بالحديث مع قيادة الدولة حول العديد من القضايا التي تهم المسلمين مثل حظر الكتب الإسلامية، التي لها علاقة مباشرة بالمملكة العربية السعودية وبتركيا. بل إن الشريك الإيراني لازَم الصمت أيضًا عندما قامت محكمة محافظة بينزا بحظر نشر وتوزيع "وصية" الإمام الخميني. على عكس الهند، التي عبّرت عن استيائها لمحاولة إضافة كتاب "بخاباغات غيتا" إلى قائمة المواد المتطرفة. ربما يكون عامل التواجد الإسلامي داخل روسيا عائقًا لتحقيق التطور في العلاقات بين روسيا والعالم الإسلامي، مما يدفع الطرفين إلى الاهتمام بالقضايا الهامشية والشكاوى التي تصدر عادة من "الأقلية غير الراضية دومًا". ما يمكن قوله في العموم هو أن السياسة الخارجية للمسلمين في روسيا تعتبر ثانوية وربما هامشية، كما أن المواقع الإلكترونية الناطقة باللغة الروسية حافلة بكثير من المعلومات عن المشاكل وبالقليل من النجاحات التي حققها إخوانهم المسلمون في الخارج (بداية من ميانمار إلى الولايات المتحدة). أما التعليقات على الأحداث في هذه المواقع فغالبيتها يحمل طابعًا معاديًا لإسرائيل ومناهضًا للغرب، بالرغم من علم هؤلاء المعلقين بمستوى الحرية الدينية في البلدان الغربية وعدد المساجد في مدن الإسلاموفوبيا كلندن أو نيويورك، التي لا يمكن مقارنتها بالوضع في موسكو بهذا الشأن وطبيعة الإسلاموفوبيا فيها. أما على الصعيد الداخلي فكل هذا لا يقارَن بردة فعل المسلمين على الشؤون الداخلية لروسيا وخاصة المسائل المتعلقة بالقضايا الدينية، والعِرقية وطلبات المسلمين المدنية. بطبيعة الحال، يحبذ المسلمون أن تتحرك موسكو بنشاط أكبر للتقارب مع الدول الإسلامية وأن تساعدهم على ذلك، وأن تلتفت بإيجابية أكبر نحو الأحداث القاسية في العراق وأفغانستان وسوريا، وخصوصًا في فلسطين. والمسلمون في روسيا على استعداد لتقديم تضحيات في سبيل إخوانهم المسلمين خارج أرض الوطن، بل إنهم مستعدون للصبر والتغاضي عن الكثير من القضايا الداخلية من أجل تحقيق مصالح الإسلام العالمية المشتركة، فهم جزء من هذه الأمة والاهتمام بمشاكل المسلمين أينما كانوا واجب ديني. ولعل ذلك ينطبق على القضية الفلسطينية التي تعتبر الأكثر أهمية في السياسة الخارجية الروسية لمسلمي روسيا. وبالنسبة للأزمة السورية إن الآراء وردود أفعال المسلمين حول الأزمة السورية الحالية والأزمة الليبية التي سبقتها تختلف من مسلم لآخر، فالمسلمون مثل جميع المواطنين الروس يريدون أن تكون سياستهم الخارجية أكثر عقلانية ومؤثرة في رفاهية كل فرد في هذا العالم، سواء المادية منها أو الروحية. _____________________________________ د. رسلان غوربانوف، باحث كبير في معهد الدراسات الشرقية لأكاديمية العلوم الروسية د. عبد الله رينات محمدوف، منتج لقناة "روسيا اليوم" |
خارطة علاقة دول البلقان وشعوبها مع إسرائيل: حدودها وطبيعتها
خارطة علاقة دول البلقان وشعوبها مع إسرائيل: حدودها وطبيعتها (1) فريد موهيتش: ترجمة كريم الماجري إن فهم علاقات بلدان البلقان بإسرائيل هو مفتاح فهم سياسة إسرائيل العامة وإستراتيجياتها ليس فقط في البلقان بل أيضًا في منطقة الشرق الأوسط وكذلك سياستها العالمية تهدف هذه الدراسة بعد إلى تتبع خارطة العلاقات التي تجمع إسرائيل ودول البلقان وبيان وجوهها المتعددة وخطوطها الأساسية، ولضرورات منهجية ستُقسَّم الدراسة إلى جزئين؛ خُصِّص الأول منهما لدراسة العلاقات الإسرائيلية مع الدول البلقانية التي لم تكن جزءًا من الاتحاد اليوغسلافي السابق ألا وهي: اليونان وبلغاريا وألبانيا. أما الجزء الثاني فسيتعرض لعلاقة إسرائيل ببقية دول البلقان الست والتي كانت منضوية تحت الاتحاد اليوغسلافي السابق، وهي: مقدونيا، الجبل الأسود، صربيا، كوسوفا، البوسنة والهرسك و كرواتيا. وقبل الخوض في الجزء الأول من خارطة العلاقات، تستعرض الدراسة أحدث أزمة ذات صلة بالشأن اليهودي في منطقة البلقان. الشوط الثالث، وعلاقة البلقان باليهود أحدث عرض الفيلم المقدوني "الشوط الثالث" ضجة كبيرة في وسائل الإعلام المقدونية والبلغارية، كما كان سببًا في اتخاذ المؤسسات الديبلوماسية في كلا البلدين لعدد من الخطوات والقرارات التي وُصِفت بالقوية كما يبدو من خلال جملة الرسائل والبرقيات المتبادلة بين هذين البلدين البلقانيين. قد تبدو هذه الضجة مفهومة إذا علمنا أن موضوع الفيلم المقدوني تناول مسألة ترحيل اليهود خلال الحرب العالمية الثانية من أرض مقدونيا، وهو الموضوع الذي لا يزال محل خلاف كبير بين البلدين في روايتيهما الرسميتين للأحداث التاريخية لتلك الفترة، ويزيد الأمر تعقيدًا وجدية إذا تعلق بإسرائيل. كما هو معروف، فإن إسرائيل هي المثال العالمي للدولة صاحبة الوضع الخاص وأي نقد سلبي لها، بقطع النظر عن مصدره ومهما كانت الحجج المقدمة للبرهنة عليه، يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها للدولة التي جاء منها هذا النقد، وقد يصل الأمر أحيانًا إلى التشهير بصاحب النقد وتوجيه كل التهم له، وهو ما حدث مع الحاصلين على جائزة نوبل للسلام جيمي كارتر وديزموند توتو، ومع العالمين جون ميرشايمر وستيفن وولت، ومع مثقفين من أمثال نورمن فينكلشتاين ونعوم تشومسكي، وكُتّاب مثل أليس وولكر وغونثر غراس وروجيه غارودي وآخرين بمن فيهم سياسيون معروفون وحتى بعض الشهود الذين بقوا على قيد الحياة من ضحايا المحرقة، فكل هؤلاء أصبحوا بدورهم ضحايا لمجرد إقدامهم على إدانة إسرائيل بشأن اعتداءاتها المتكررة والمثبتة على حقوق الإنسان الفلسطيني في قطاع غزة، وخاصة في استنكار الاعتداء على قافلة الصليب الأحمر التي كانت متجهة نحو غزة في محاولة لتقديم مساعدات إنسانية لسكان غزة ورفع جزء من الحصار المفروض عليهم جورًا من قِبل إسرائيل. الإشكال الذي يطرحه الفيلم المقدوني "الشوط الثالث" يتمثل في حقيقة أن المسؤولية عن عمليات الترحيل التي طالت اليهود في مقدونيا خلال الحرب العالمية الثانية تُحمّل على الجيش البلغاري الفاشي حليف النظام الألماني الفاشي المتهم بتلقي أوامر من القيادة الألمانية برئاسة أدولف هتلر تقضي بإحكام السيطرة ومراقبة الوضع في مقدونيا التي لم تكن تملك سيادتها على أراضيها ولم يكن لها بالتالي يد في ترحيل اليهود الذين كانوا موجودين على أراضيها في حينها. الواضح اليوم هو أن تصنيف دولة إسرائيل لبلدان العالم الأخرى يعتمد بشكل حصري على مدى عمق ونوع العلاقات بينها وبين تلك البلدان سلبًا وإيجابًا، وهذا يمثل حجر الأساس في سياسة دولة إسرائيل الخارجية الذي قامت عليه منذ نشأتها في العام 1947، حيث عاملت تل أبيب بلدان العالم من خلال تصنيفها إلى بلدان صديقة ومقربة وأخرى عدوة عاملتها بالتهديد والوعيد، وبهذا صنعت شبكة علاقات فعالة على مستوى علاقاتها الدولية وكانت منطقة البلقان جزءًا من هذا التصور الإسرائيلي! من جهة دولة مقدونيا التي تعي تمامًا أن عين إسرائيل ترقبها عن قرب، يأتي هذا الفيلم الذي أنتجته ليس فقط لدفع تهمة خيانة اليهود خلال الحرب العالمية الثانية وترحيلهم إلى معسكرات الموت الألمانية، بما أن الأراضي المقدونية كانت تحت السيطرة البلغارية حينها، بل أيضًا لاستنكار الهولوكوست وتوجيه التهمة لبلغاريا بشكل مباشر وتحميلها المسؤولية الكاملة في ذلك، وتذكيرها بماضيها الفاشي وإشراف سلطاتها المباشر على الترحيل القسري الجماعي ليهود مقدونيا إلى معسكرات الموت في ألمانيا، وبهذا فإن مقدونيا تحاول التقرب من إسرائيل وتنقية ماضيها من ناحية، وإحراج بلغاريا دوليًّا وإضعاف وضعها على الساحة الدولية من ناحية أخرى! وبما أن لا أحد يشكك في الماضي الأليم والطويل لليهود في البلقان فإن علاقات دول البلقان اليوم مع إسرائيل تؤثر بشكل واضح على القرارات السياسية للجانبين بل وحتى على مستقبلهما. من الضروري استحضار أن التركيبة الحضارية والثقافية والدينية لمنطقة البلقان شديدة التنوع والتعدد، وأنها مكونة، دون استثناء، من جماعات وشعوب إثنية وثقافية ولغوية ودينية مختلفة. وبذلك فإن تعامل هذه المجتمعات البلقانية المختلفة مع اليهود الذين تواجدوا في المنطقة خلال الفترات التاريخية الماضية تعددت أوجهه بدورها سلبًا وإيجابًا، وعرفت فترات تشنج وكراهية كما شهدت عهودًا من الانفتاح على تلك الجاليات اليهودية ومعاملتها بتسامح. لكن التاريخ الحالي يشهد فصولاً درامية لا تعكس حقائق التاريخ وما كان من حسن المعاملة وما بذله المسلمون من حماية وما وفروه من استضافة لليهود المهجرين من أصقاع أوروبا على أرض الإسلام. وحتى تكتمل فصول هذه الدراما، فإن من كانوا من أشد أعداء اليهود بالأمس أصبحوا اليوم من أقرب حلفائها، في حين بات من كانوا من أشد المدافعين والحامين لليهود خلال التاريخ المديد من أعداء دولة إسرائيل الحديثة. فالمسيحيون الكاثوليك وعلى امتداد التاريخ أظهروا عداءً واضحًا لليهود (من خلال مطاردتهم المستمرة لليهود منذ 1492 ومحاولاتهم إفنائهم واستئصال وجودهم بالكامل ، أو حملات الكاثوليك التي انطلقت في العام 1612 من أجل حمل اليهود على تغيير دينهم إلى المسيحية، وصولاً أخيرًا إلى تورط الفاتيكان غير المباشر مع سياسات الفاشيين خلال الحرب العالمية الثانية)، أما اليوم فنجد أن البلدان الكاثوليكية والبروتستانتية من أهمّ حلفاء إسرائيل. في المقابل، ورغم أن الدول الأوروبية المسلمة مثّلت -وعلى امتداد 780 عامًا من حكم الأندلسيين و632 عامًا من حكم العثمانيين- الفضاء الوحيد الآمن والحامي لليهود الأوروبيين، فإن التوتر المستمر هو ما يطبع العلاقات اليوم بين تلك البلدان وإسرائيل. اللحظة الحاسمة في إنشاء شبكة العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية الإسرائيلية مع باقي الدول والجماعات الإثنية والمنظمات السياسية في البلقان كانت متأثّرة ومرهونة في طبيعة تشكيلها بهذا التناقض وقلب الحقائق التاريخية التي عاشها اليهود على أرض القارة الأوروبية. من الحقائق الثابتة تاريخيًّا أن المسيحيين، وعلى الأخص الدول الكاثوليكية مثل: إسبانيا والبرتغال وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، وشعوب هذه البلدان من المسيحيين-الكاثوليك والكاثوليك الرومان والأنجليكيين والبروتستانت- هم اليوم من أقرب حلفاء إسرائيل، وهذه الحقيقة هي ما تزيد في الاستغراب من هذا التشوه التاريخي في الذاكرة والذهنية والنفسية لدى الطرفين؛ إذ إن التاريخ يثبت بكل قطعية أن تلك الدول والشعوب التي أشرنا إليها أعلاه ضاقت باليهود ذرعًا وطاردتهم وعاملتهم أسوأ معاملة وصولاً إلى محاولة التخلص النهائي من وجودهم ومحوهم من على وجه البسيطة خلال محرقة الهولوكوست التي دبّروها لهم في الحرب العالمية الثانية! وهذا التشوه في الذاكرة التاريخية والنفسية ذاته هو الذي يحكم اليوم علاقة إسرائيل بالدول والشعوب المسلمة. هذا التشوه والتناقض في فهم التاريخ اليهودي يبدو أكثر جلاء وتمظهرًا في واقع العلاقات بين إسرائيل ودول البلقان؛ حيث إن تأثير تلك العلاقات بالغ الأهمية على السياسات البلقانية ومستقبل المنطقة بشكل عام. لهذا فإن فهم علاقات بلدان البلقان بإسرائيل هو مفتاح فهم سياسة إسرائيل العامة وإستراتيجياتها ليس فقط في البلقان بل أيضًا في منطقة الشرق الأوسط وكذلك سياستها العالمية. كما هو معروف فإن الاعتراف بدولة إسرائيل لم يكن أمرًا يسيرًا، وإن كان أول اعتراف قانوني بهذه الدولة المعلنة من جانب واحد عند منتصف ليلة 14 مايو/أيار عام 1948، من قِبل حكومة أميركا بإعلان رئيسها آنذاك هاري ترومان الذي جاء بعد 11 دقيقة فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية (ونذكّر هنا بأن الأمر في حينها تعلّق بالاعتراف بحكومة إسرائيلية ظرفية ومؤقتة)، أما الاعتراف الواقعي بإسرائيل فجاء في 31 يناير/كانون الثاني من العام 1949 وكان من قِبل عدد قليل جدًّا من الدول الأعضاء بعصبة الأمم؛ ففي الجولة الأولى من التصويت الأول على قرار الاعتراف بدولة إسرائيل المعلنة لم تقبل أية دولة من دول منطقة الشرق الأوسط ولا من قارة آسيا أو إفريقيا بالتصويت لصالح الإعلان، ثم تلت ذلك جولة ثانية من التصويت نُظِّمت في 14 مايو /أيار عام 1948؛ حيث صوّتت جمهورية جنوب إفريقيا، التي كانت مؤسسة على التفرقة العنصرية (الأبارتايد)، لصالح قرار الاعتراف بإسرائيل، ثم كانت الهند أول دولة آسيوية تقر لإسرائيل بالاعتراف بدولتها في 17 من سبتمبر/أيلول من عام 1950. وبما أن بلدان الرابطة الشيوعية كانت على قدر عالٍ من الوحدة آنذاك، فقد شكّل اعتراف الاتحاد السوفيتي بدولة إسرائيل محفِّزًا لاعتراف دول البلقان بالدولة الإسرائيلية الوليدة، وكان على رأس تلك البلدان الاتحاد اليوغسلافي ودول أخرى مثل بلغاريا ورومانيا وألبانيا بالإضافة إلى اليونان، التي كانت عضوًا في حلف شمال الأطلسي وحليفة مقربة من أميركا. أما اليوم، وبما أن الخارطة السياسية للبلقان قد شهدت تغيرًا مهمًّا، فإنه من الضروري إجراء قراءة جديدة في واقع العلاقات السياسية بين بلدان البلقان وإسرائيل. علاقات إسرائيل وبلدان منطقة جنوب شرق البلقان تمثل اليونان وبلغاريا أولى بلدان منطقة البلقان انضمامًا إلى الاتحاد الأوروبي، كما أنهما كانا تحت الحكم العثماني الإسلامي خلال القرون الممتدة من الرابع عشر وحتى التاسع عشر، وعرف تاريخهما الماضي (العثماني) والحديث (فترة الحربين العالميتين وما تلاهما وخضوعهما للاستعمار النازي الألماني) نفس مستويات التعامل مع اليهود الذين كانوا يستوطنونهما. أما دولة ألبانيا فأُلحقت باليونان وبلغاريا لأنها أولاً من بلدان البلقان التي لم تنتمِ للاتحاد اليوغسلافي السابق، وثانيًا لأنها الدولة البلقانية، إلى جانب اليونان وبلغاريا التي لم تعِشْ ويلات حرب الاستقلال عن الأنظمة الشيوعية التي كانت تحكم بلدان المنطقة قبل انهيار جدار برلين والاتحاد السوفيتي. هذه البلدان الثلاثة التي تنتمي إلى حلف شمال الأطلسي، اكتمل بناء مفهوم الدولة فيها وعرفت مراحل متقدمة من الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، وهو ما لا يتوفر بشكل كامل في دول البلقان الأخرى وريثة الاتحاد اليوغسلافي السابق، وما من شأنه بالتالي أن يجعل طبيعة العلاقات التي تقيمها مع إسرائيل تختلف في مضمونها وتأثيراتها. أولاً: اليونان اعترفت اليونان بدولة إسرائيل قبيل نهاية العام 1949، إلا أن التمثيل الدبلوماسي كان في أدنى مستوياته بين الطرفين إلى غاية العام 1991 بافتتاح سفارتي البلدين في أثينا وتل أبيب، وتعود برودة العلاقات بين البلدين إلى تأثرها بقوة العلاقات التي كانت قائمة بين إسرائيل وتركيا العدو الرئيسي لليونان. وكانت وفاة رئيس الوزراء اليوناني أندرياس باباندريو في يونيو/حزيران من العام 1996 (كان باباندريو صديقًا للشعب الفلسطيني ومناصرًا لقضيته وداعمًا لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهو ما لم تغفره إسرائيل أبدًا له ولبلده)، قد مثّلت أولى بشائر تحسن العلاقات اليونانية-الإسرائيلية، ثم دفع برود العلاقات بين إسرائيل وتركيا منذ العام 2010 إلى تمتين التقارب والتعاون اليوناني-الإسرائيلي بشكل واضح. يعود تاريخ وجود اليهود في جُلّ الأراضي اليونانية، كما في كل بلدان البلقان الأخرى، إلى العام 1492م بعد ترحيلهم قسرًا من إسبانيا الكاثوليكية. وكان الاستقبال والترحيب الذي لاقاه اليهود من قبل سلطات وشعب الإمبراطورية العثمانية محكومًا بمعاهدة المدينة المنورة (وهي نفس المعاهدة التي أبرمها المسلمون الأوائل مع يهود المدينة المنورة عام 623م)، وقد وفرت لهم سلطات العثمانيين ظروفًا كريمة لحياة مستقرة ومزدهرة تدل عليها حقيقة أن مدينة سولون (وتسميتها الحالية تيسالونيكي) كانت في بداية القرن العشرين أكبر مدينة في العالم لتجمع الجاليات اليهودية التي بلغ تعدادها 15 ألف يهودي. سبقت العلاقات الاقتصادية بين البلدين علاقاتهما الدبلوماسية، فقد بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية إلى اليونان من المواد الكيميائية عام 1995 مئتي (200) مليون دولار، في حين كانت صادرات اليونان إلى إسرائيل، التي تتكون في الغالب من المواد الإسمنتية والغذائية ومواد البناء، قد بلغت 150 مليون دولار. العلاقات الجيدة بين إسرائيل وتركيا من جهة، وعلاقات اليونان الحميمة مع منظمة التحرير الفلسطينية في عهد باباندريو من جهة ثانية، أثّرتا بشكل واضح على طبيعة العلاقات الثنائية بين هذه البلدان الثلاثة سلبًا وإيجابًا. ولهذا فقد ظلت معاهدة التعاون العسكري بين أثينا وتل أبيب الموقعة عام 1994 حبرًا على ورق، ومن ذلك أن البلدان لم يجريا أبدًا المناورات العسكرية المشتركة التي اتفقا عليها عام 2007. إلا أن تعكُّر صفو العلاقات الإسرائيلية-التركية على خلفية اعتراض قافلة الحرية التي نظمتها منظمة الصليب الأحمر الدولية التي كانت متوجهة إلى غزة وما صاحبها من هجوم على طاقمها وقتل عدد من الناشطين الأتراك على متنها، سمح للقوات العسكرية الجوية الإسرائيلية واليونانية بتنفيذ مناورات مشتركة بينهما في العام 2010 على الأراضي اليونانية، كما أرسلت اليونان عام 2011 خمس طائرات من نوع F-16 للمشاركة في تدريبات في إسرائيل، ثم تواصلت وتيرة العلاقات العسكرية بين البلدين حيث وقّع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في يناير/كانون الثاني من العام 2012 أثناء زيارته إلى اليونان معاهدة عسكرية تقضي بمزيد من التعاون المشترك في مجال الدفاع القومي. طُبِعت العلاقات الإسرائيلية - اليونانية بمزيد من التقارب والتنسيق من خلال جملة اللقاءات الثنائية بين قيادات البلدين في أعلى المستويات. فقد قام الرئيس الإسرائيلي موشيه كاتساف بزيارة إلى اليونان في أول زيارة من نوعها في تاريخ البلدين. وكان رئيس الوزراء اليوناني جيورجيوس باباندريو (نجل أندرياس باباندريو) قد زار إسرائيل رسميًّا في يونيو/حزيران 2010 بهدف تحسين العلاقات الثنائية. وفي أغسطس/آب من نفس العام ردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الزيارة وقَدِم إلى اليونان في سابقة من نوعها بين البلدين. زيارة نتنياهو لأثينا جاءت كرد للجميل على موقف اليونان التي أمسكت عن التصويت على قرار دولي يندد بما قامت به القوات الإسرائيلية من عمل عدائي تجاه قافلة الحرية التي كانت في طريقها إلى قطاع غزة في مايو/أيار من عام 2010، وكان هذا الحادث نفسه هو ما تسبب في نسف العلاقات بين إسرائيل وتركيا عدوة اليونان التقليدية. إلا أن التطور الأكثر تعبيرًا عن تدهور العلاقات الإسرائيلية-التركية تمثل في الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان إلى أثينا عام 2011، والتي أدت إلى فتح باب التحاور بين الطرفين حول رسم الإستراتيجيات المشتركة وتوحيد جهودهما لمكافحة الإرهاب. تجاوبت اليونان بسرعة ولعبت دورها في "مكافحة الإرهاب" بتعطيلها ومنعها للاستعدادات التي كان يقوم بها نشطاء خيريون لإرسال مساعدات إلى الشعب الفلسطيني المحاصر في قطاع غزة، ولذلك كوفئت من قبل إسرائيل التي ضمت الجزء اليوناني من جزيرة قبرص إلى مشروع التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في حقل ليفياتان، وهكذا زادت العلاقات الثنائية بينهما متانة في مجالي الطاقة وحماية البيئة الطبيعية. هذا الاتفاق المبرم في مارس/آذار عام 2012 ضمّ أيضًا قطاع الطاقة الكهربائية وسمح بمد خط كهربائي ينطلق من إسرائيل إلى قبرص ومنها إلى اليونان ما يجعله أطول خط للطاقة الكهربائية في العالم. كما أن مشروعًا مشتركًا ضخمًا بين إسرائيل وقبرص واليونان يتعلق بالتنقيب في حقول للغاز تقع شرق البحر الأبيض المتوسط ويهدف بوضوح إلى جعل اليونان الشريك والحليف الرئيسي لإسرائيل في منطقة البلقان. ثانيًا: بلغاريا الحقيقة دائمًا هي أمر أكبر من مجرّد اجتماع عدة دلالات. هذه المقولة تصحّ على حقيقة طبيعة العلاقات الإسرائيلية-البلغارية، بمعنى أن الدلالات التي تُقدَّم على وصف العلاقات البلغارية-الإسرائيلية بالجيدة لا تبدو كافية وحدها للكشف عن طبيعة وسمات الأحداث التي بُنيت عليها. فعندما تُسوَّق بلغاريا على أنها من الدول الأوروبية القليلة، مع رومانيا، التي كانت تحت الاستعمار الألماني خلال الحرب العالمية الثانية، والتي أنقذت حوالي 80% من اليهود الذين كانوا يعيشون على أرضها من محنة المحرقة، وتجعل من هذا المعطَى دليلاً على متانة وتطوّر علاقاتها المتميزة الحالية مع إسرائيل، فإن هذا لا يكشف شيئًا من حقيقة الأجواء التي دارت فيها عمليات الإنقاذ المشار إليها لحوالي 48 ألفًا من اليهود، وهو ما يعادل 80% من العدد الإجمالي للجالية اليهودية التي سَلِمت من الترحيل القسري إلى معسكرات الموت الألمانية. علينا هنا قبل كل شيء أن نقول: إنّ لا بلغاريا ولا رومانيا كانتا محتلَّتَيْن من قبل ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية لكنهما بالأحرى كانتا حليفتين لألمانيا. وهذا الوضع سمح لهما بالتالي: · أولاً: كان هناك قدر كبير من استقلالية القرار فيما يتعلق بالمسائل الداخلية لكل من بلغاريا ورومانيا وتمكنتا من حرية التصرف في قضية ترحيل اليهود من أراضيهما. · ثانيًا: إن عددًا من المؤرّخين يتفقون، يدعمهم كمٌّ كبير من الوثائق المثبتة، على أن العامل الأساسي في عدم ترحيل اليهود إلى المعسكرات الألمانية في عهد الحكومة الفاشية البلغارية، يعود أساسًا إلى جهود الحزب الشيوعي البلغاري في معارضة عمليات الترحيل ولا يعود الفضل فيه للحكومة البلغارية الرسمية! فقد جنّد الحزب الشيوعي البلغاري كل قواه الشعبية لمواجهة التوجه الحكومي البلغاري الرسمي الداعم للفاشية في الوقت الذي كانت فيه الحكومة البلغارية، وبالأخص القيصر بوريس الثالث، ذات توجه معارض للسامية، وذلك بعكس مقولات بعض المؤرخين الآخرين. أدت تلك المعارضة الشعبية الواسعة المدعومة من قبل أوساط كنسية بلغارية إلى رفض ترحيل كامل لليهود نحو معسكرات الموت الألمانية. لكن السلطات البلغارية، وبقصد تخفيف حدة ردة الفعل الألمانية المتوقعة حول منع ترحيل اليهود البلغاريين إليها، أصدرت أوامرها بترحيل كامل لليهود المتواجدين في كلٍّ من مقدونيا التي كانت واقعة ضمن حدود مملكة يوغسلافيا، ويهود منطقة تراكيا التي كانت تابعة لدولة اليونان التي أخضعتها بلغاريا حينها إلى وصايتها بمباركة ألمانية عندما كانت صوفيا حليفًا قويًّا للقوة الألمانية الفاشية الغاشمة. أدت عمليات الترحيل تلك إلى التسبب في قتل حوالي 11700 يهودي، وهدّأت من غضب ألمانيا، بل ومثّلت -بالإضافة إلى ذلك- إنجازًا ونجاحًا تامًّا؛ حيث لم ينجُ من عمليات الترحيل تلك سوى بعض الأفراد من اليهود! · ثالثًا: لقد كلفت عملية منع ترحيل اليهود من بلغاريا الكثير من المال في المقابل، فقد تنازل اليهود حينها عن كل ممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة ودفع أموال طائلة كانت جماعات يهودية في الخارج قد أرسلتها إلى السلطات البلغارية من أجل إنقاذ اليهود البلغاريين. · رابعًا: عدد من الناجين من اليهود المرحَّلين قسرًا إلى المعسكرات الألمانية كانوا قد أدلوا بشهادات تفيد بأن جزءًا من المرحَّلين لم يكونوا أصلاً من اليهود بل كانوا مساجين بلغاريين من المعارضة الشيوعية البلغارية تم تجميعهم من داخل السجون وشحنهم في قوافل المرحَّلين على أنهم يهود. تبدو معرفة هذه الحقائق والأحداث ضرورية على مستوى التحليل الجدي لأن كلا الطرفين الإسرائيلي والبلغاري يعرفان تلك الحقائق جيدًا؛ إذ إن هذا الجانب الخفي من واقع العلاقة بين البلدين كان حاضرًا وبقوة في الحقبة التي مرت بها علاقاتهما الباردة ، فبالرغم من اعترافها بدولة إسرائيل عام 1948، متبعة في ذلك خطى الاتحاد اليوغسلافي الذي كانت من حلفائه المقربين ، وعضوًا في حلف وارسو**، فإن بلغاريا كانت قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل عام 1967 على إثر حرب الأيام الستة، وكان ذلك مرة أخرى بتأثير من الاتحاد اليوغسلافي. بعد انهيار الاتحاد اليوغسلافي عام 1990 أعادت بلغاريا علاقاتها الدبلوماسية بإسرائيل وكان ذلك على مستوى تبادل السفراء في كل من تل أبيب وصوفيا بالإضافة إلى قنصلية فخرية في مدينة فارني البلغارية. التعاون بين البلدين يتجه أكثر نحو المجالين الاقتصادي والعسكري مع تكثيف التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وقد توصل الطرفان إلى هذا المستوى من التعاون في مكافحة الإرهاب على إثر حادث الهجوم على حافلة كانت تقل سائحين يهودًا في بلغاريا في 19 يوليو/تموز عام 2012، والذي نفذه شخص يحمل رخصة قيادة أميركية. ثالثا: ألبانيا عند إعلان قيام دولة إسرائيل، كانت ألبانيا حينها تتمتع بعلاقات متميزة مع الاتحاد السوفيتي، وبما أن هذا الأخير كان قد اعترف بإسرائيل فإن كل الدول الأعضاء في حلف وارسو تبعت خطى الحليف الأكبر ولم تكن ألبانيا لتتأخر في الاعتراف بالدولة الإسرائيلية وأعلنت ذلك عام 1949، إلا أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين لم تتخذ طابعًا رسميًّا على مستوى السفراء في كل من تيرانا وتل أبيب سوى في الفترة التي أعقبت تهاوي الشيوعية في ألبانيا، وكان ذلك في 20 أغسطس/آب 1991. جوهر الحقيقة عادة ما يكون غير معروف أو متجاهَل عن قصد، ومؤداه أنه لا يجب إطلاقًا التحقير من أي شخص أو الانتقاص من قدرات الشعوب والدول الصغيرة، هذا المعنى نجده متحققًا في كون عدد اليهود في ألبانيا عند نهاية الحرب كان أكبر من عددهم عند انطلاقها!؟ وذلك على الرغم من أن ألبانيا كانت خاضعة لاستعمار القوى الغاشمة خلال فترة الحرب العالمية الثانية (تحديدًا من قبل الاستعمار الفاشي الإيطالي تحت قيادة بينيتو موسيليني)، وهذا ما لم يتحقق في أية دولة من الدول التي استعمرتها ألمانيا وإيطاليا الفاشيّتان. الدلائل تشير إلى أن الترحيل القسري طال عائلة يهودية واحدة ووحيدة خلال تلك الفترة بعد تأخّر وصول النجدة الشعبية الألبانية إليها في الوقت المناسب. ازدياد عدد اليهود في ألبانيا لم يكن فقط بفضل منع ترحيلهم وإنما أيضًا باستقبال ألبانيا لأعداد ممن رُحِّلُوا منهم من دول الجوار على أراضيها وتأمينهم على حياتهم. لكن هذا النجاح لم يكن دون مخاطر جدية، فقد مكنت السلطات الألبانية اليهود من أوراق ثبوتية مزورة ووطّنتهم في مناطق البلاد الداخلية البعيدة مما سهل عملية اندماجهم في المجتمع الألباني بسرعة. وبحسب الأرقام الرسمية فإن ألبانيا كانت بلد الاستقبال لحوالي 1200 يهودي لجأوا إليها من بلدان البلقان المجاورة. إسرائيل من جانبها، وكرد جميل لألبانيا استضافت على أراضيها عددًا من الألبان اللاجئين إليها من كوسوفا خلال الاعتداء الصربي عليها عام 1999، ومكنتهم من العلاج والإقامة على أراضيها. بصفتها عضوًا ملاحِظًا في الاتحاد الأوروبي، ساندت إسرائيل بقوة طلب ألبانيا عضوية الاتحاد وحلف النيتو عن طريق لوبياتها القوية والفعالة على الساحة الدولية. إلا أن نقطة التحول في هذه العلاقة قد كمنت في اعتراف ألبانيا الرسمي بدولة فلسطين. لكن يبدو أن حتى هذا الاعتراف لم يغير من طبيعة العلاقات المتميزة والقوية التي تربط إسرائيل بألبانيا والتي يمكن أن تُصنَّف على أنها أقوى العلاقات التي تربط إسرائيل بدول منطقة البلقان على الإطلاق. يعيش حاليًا في ألبانيا حوالي 530 أسرة يهودية. ومنذ العام 2007 ازداد اهتمام الشركات الإسرائيلية بالشراكة مع نظيراتها الألبانية؛ ومن ثم فقد ازداد حجم الاستثمارات الإسرائيلية في البلاد بسرعة وخاصة تلك الموجهة إلى قطاعات الفلاحة والسياحة وتمويل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي. هكذا تبدو علاقات إسرائيل بدول جنوب شرق البلقان، اليونان وبلغاريا وألبانيا، متوازنة بشكل عام وتحكمها مصالح السياسة الدولية وسعي كل طرف منها إلى تعزيز مصالحه وكسب ودّ الطرف الآخر تجاه قضاياه الإستراتيجية الكبرى. لغة المصالح المشتركة تطغى على طبيعة تلك العلاقات، وماضي اليهود وما لاقوه من عنت على أيدي اليونانيين والبلغار خلال العقود الماضية، وخاصة ما تعرضوا له من تنكيل وسجن وترحيل قسري أثناء الحرب العالمية الثانية، لا يُشكِّل عاملاً معطّلاً لسيرورة العلاقات وتطوّرها، كما أن تميز العلاقة بين إسرائيل وألبانيا تاريخيًّا لم تتغير طبيعته، بل ازدادت متانة رغم أن ألبانيا دولة يشكِّل المسلمون فيها غالبية مطلقة. _______ * النص بالأصل أعد لمركز الجزيرة للدراسات باللغة البوسنية، وترجمه إلى العربية الباحث المتخصص بشؤون البلقان كريم الماجري. * * يُسمّى حلف وارسو رسميا بمعاهدة الصداقة والتعاون المشتركين ، وهي منظمة عسكرية تأسست في العام 1955، كانت هدفها الأساسي مواجهة تهديدات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، واستمر عمل المنظمة التي نشطت كثيرا أثناء حقبة الحرب الباردة حتى انهيار جدار برلين وما تلاه من تفكك للاتحاد السوفييتي، لكن الإعلان الرسمي عن حلّ الحلف في يوليو/تموز من عام 1991 سبق بقليل الإعلان الرسمي عن التفكك النهائي للاتحاد السوفييتي المُعلن في 25 ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاتحاد اليوغسلافي كان الدولة الشيوعية الوحيدة التي لم تنضم إلى منظمة معاهدة وارسو.(المترجم) فريد موهيتش - محاضرا لمادّة الفلسفة بجامعة القديسين سيريل وميثوديوس بالعاصمة المقدونية سكوبيا. أستاذ زائر بالمعهد الدولي للفكر والحضارة الإسلامية بكوالالومبور الماليزية. وأستاذ زائر في جامعة فلوريدا الحكومية وجامعة سيراكوز بنيو يورك، وجامعة السوربون الباريسية وعدد آخر من الجامعات الغربية والإسلامية. |
خارطة علاقة دول البلقان وشعوبها مع إسرائيل: حدودها وطبيعتها(2)
http://studies.aljazeera.net/Resourc...17813734_2.jpg تعتبر إسرائيل علاقاتها مع دول البلقان مهمة جدًّا في بناء شبكة علاقاتها خارطة علاقة دول البلقان وشعوبها مع إسرائيل: حدودها وطبيعتها(2) تناول الجزء الأول من هذه الدراسة علاقة إسرائيل بدول البلقان التي لم تكن جزءًا من الاتحاد اليوغسلافي السابق، أي بلدان منطقة جنوب شرق البلقان. ويتناول الجزء الثاني منها وهو الأخير، طبيعة العلاقات الإسرائيلية مع دول البلقان التي كانت منضوية تحت لواء الاتحاد اليوغسلافي السابق (ثم استقلت عنه)، والتي عاشت حقبًا تاريخية مشتركة عرفت خلالها الأوضاع البلقانية تطورات درامية وصراعات دامية خلّفت جراحًا وندوبًا في التاريخ يصعب محوها. إسرائيل ودول البلقان المستقلة عن الاتحاد اليوغسلافي السابق عرف مصير اليهود في البلدان التي كانت مستقلة عن الاتحاد اليوغسلافي مرحلتين مختلفتين تمامًا بل ومتناقضتين، فبينما لُوحق اليهود وشُرّدوا ورُحِّلوا قسرًا، وصودرت ممتلكاتهم، وسيق من سيق منهم إلى معسكرات الموت الألمانية النازية في كلٍّ من صربيا الأرثوذكسية وكرواتيا المسيحية، تمامًا كما كان الأمر بالنسبة لكل مسيحيي أوروبا في تعاملهم مع اليهود، فإن تاريخ اليهود مع شعوب البلدان البلقانية التي تغلب فيها ديموغرافيا المسلمين عرف وجهًا مشرقًا وحضاريًّا وإنسانيًّا يعترف به اليهود أنفسهم. لكن ثمة مشكلة ما تجعل هذه الحقائق التاريخية تُنتج آثارًا عكسية، فما نشهده اليوم من علاقات متينة بين اليهود والبلدان المسيحية (التي أقامت لأجدادهم المحرقة وطردتهم من أراضيها ولاحقتهم وصادرت أموالهم) أمر يدعو إلى الاستغراب، خاصة إذا قارنّاه بحالة الحقد والكراهية الإسرائيلية المعلنة لكل ما هو مسلم، وهذا قدر عدد من دول البلقان. فما هي طبيعة تلك العلاقات؟ وهل لها من تأثير على واقع ومستقبل الدول البلقانية؟ أولاً: مقدونيا يعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين مقدونيا وإسرائيل إلى 7 ديسمبر/كانون الأول عام 1995، أي أربع سنوات بعد إعلان مقدونيا استقلالها عن الاتحاد اليوغسلافي. وبالرغم من أن دستور مقدونيا قد أعلن أن اسم البلاد الرسمي هو جمهورية مقدونيا، فإن إسرائيل أقامت علاقاتها الدبلوماسية مع مقدونيا باعتماد اسمها المؤقت المعتمد لدى الأمم المتحدة تحت اسم جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة (من المعروف أن اليونان طالبت من جانب واحد بضرورة تغيير مقدونيا لاسمها الدستوري واقترحت أن تُسمّى جمهورية مقدونيا اليوغسلافية السابقة، ورغم أن الخلاف لا يزال موضوع نظر الأمم المتحدة إلا أن إسرائيل بادرت إلى الاعتراف بجمهورية مقدونيا مما أثار غضب اليونان، ويبدو أن ذلك هو ما قصدته إسرائيل من وراء هذا الاعتراف). تم تسجيل قدوم أعداد بسيطة من اليهود إلى المناطق الواقعة جنوب أرض مقدونيا في منتصف القرن الماضي، إلا أن وجودهم في مقدونيا يعود إلى نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، وكان ذلك على إثر عمليات الترحيل القسري التي طالت اليهود في إسبانيا واستقبلتهم سلطات الإمبراطورية العثمانية التي كانت الدولة الأوروبية المسلمة الوحيدة. يعيش اليوم في مقدونيا حوالي 200 يهودي أغلبهم في العاصمة سكوبيا، بالإضافة إلى أسرتين في مدينة شتيب وهم من بقايا الأسر اليهودية المرحّلة. ينتظم هؤلاء اليهود في جماعة يهودية ناشطة في مجال مزيد من التقريب بين البلدين، كما يعملون على ربط علاقات قوية بين جماعتهم وجماعات اليهود الأخرى في باقي دول البلقان وأميركا. من جانبها قامت حكومة مقدونيا بتسوية وضعية ممتلكات اليهود العقارية التي ظلت دون وريث شرعي بعد موت أصحابها وأعادت ملكيتها إلى منظمة الجماعة اليهودية في مقدونيا، وهو إجراء قلّ نظيره في دول العالم، كما شيدت حكومة مقدونيا أحد أكبر المراكز في العالم خُصِّص لذاكرة الهولوكوست في نفس المكان الذي كان في ما مضى حيًّا يسكنه اليهود. التعاون الاقتصادي بين البلدين يتقدم ببطء على غير ما خُطّط له، ولم يتم تحويل الاستثمارات الإسرائيلية الموعودة لإنجاز جملة من المشاريع المعلنة منذ 2008 والمتعلقة باستصلاح الأراضي وإقامة نظام للريّ الزراعي، لكن النشاط الأكبر يسجَّل في قطاعي السياحة والتبادل الثقافي بين البلدين. ثانيًا: الجبل الأسود (مونتينيغرو) مباشرة على إثر إعلان استقلال الجبل الأسود في يونيو/حزيران 2006، اعترفت إسرائيل رسميًّا بالدولة الجديدة في 13 يونيو/حزيران من نفس السنة، وبعد شهر واحد من ذلك التاريخ وبسرعة غير معهودة سارعت إسرائيل إلى تكليف سفيرها في العاصمة الصربية بلغراد بالقيام بأعمال السفير الإسرائيلي في الجبل الأسود في 19 سبتمبر/أيلول عام 2007. أما الجبل الأسود فقد افتتح قنصلية فخرية لتمثيله في تل أبيب بداية من العام 2009. وخلال هذه الفترة قام وزيرا خارجية البلدين بتبادل عدد من الزيارات بين عامي 2009 و2010، في حين قام، ميلو دجوكانوفيتش، رئيس وزراء الجبل الأسود بزيارة رسمية إلى إسرائيل. التعاون الاقتصادي بين الجانبين لا نظير له من حيث تسارع نموّه كمًّا ونوعًا في أيٍّ من بلدان منطقة البلقان كلها، فإلى جانب شراء أسهم شركة الطيران التابعة للجبل الأسود، فإن إسرائيل تضخ أموالاً هائلة في البنية التحتية السياحية وبناء النزل الفاخرة والمرافق السياحية العصرية على شواطئ جمهورية الجبل الأسود. لم يُسجَّل في الماضي أي أثر لوجود الجالية اليهودية في الجبل الأسود، وقد تم ترحيل من عُثر عليهم من اليهود على أرض الجبل الأسود، إثر خضوعها للاستعمار الفاشي الإيطالي والنازي الألماني الذي تواصل من سبتمبر/أيلول 1943 إلى فبراير/شباط 1944. بالرغم من عدم وجود إحصاءات رسمية تفيد عن أعداد اليهود في جمهورية الجبل الأسود اليوم، فإنه لا شك لدينا في أن عددهم ضئيل جدًّا، وقد لا يتعدى عدد أصابع اليدين. لكن ومع ذلك فإن كل الإمكانات وُضِعت بين أياديهم لبناء روابط بينهم وبين باقي الجاليات اليهودية، في البلقان، ومن ذلك أنهم أسسوا جماعتهم الخاصة في الجبل الأسود. في يناير/كانون الثاني من العام 2012 وقَّعت حكومة الجبل الأسود معاهدة مع الجماعة اليهودية المقيمة على أراضيها تضبط العلاقة الثنائية بينهما، (هذه هي أقل الجماعات اليهودية عددًا في العالم)، واعترفت حكومة جمهورية الجبل الأسود باليهودية دينًا رسميًّا فيها. ثالثًا: صربيا كما هي الحال في كامل منطقة البلقان، فإن تاريخ هجرة اليهود إلى الأراضي الصربية يعود إلى العام 1492 عندما تم تهجيرهم قسرًا من إسبانيا، فكانت الإمبراطورية العثمانية الدولة الأوروبية الوحيدة حينها التي استقبلت عددًا غير محدود من اليهود المهجَّرين، وقد تأسس هذا الموقف المنفتح آنذاك على مبادئ الإسلام التي قامت عليها الإمبراطورية العظمى. إن الإمبراطورية العثمانية بصفتها دولة إسلامية كانت الدولة الوحيدة التي بإمكانها قبول ذلك العدد الهائل من أشخاص مهجَّرين ينتمون إلى دين آخر (الدين اليهودي) دون أن تؤدي تلك الهجرة الجماعية الكبرى إليها إلى التساؤل عن أصول الوافدين وديانتهم. هذا الموقف لم يكن في تعارض مع المبادئ الاجتماعية والسياسية التي تحكم نظام الدولة العثمانية الأوروبية المسلمة، بل على العكس من ذلك فقد كان تأكيدًا واقعيًّا لتلك المبادئ وذلك التسامح الذي عزّ نظيره. في إطار نفس هذا المنطق في التعامل مع أصحاب الديانات المخالفة، لا يجب أن نستغرب في المقابل من أن هذا الوضع الآمن الذي عاشه اليهود على أرض البلقان، وعلى أرض صربيا في حدودها الحالية، وما عرفوه من تطور كان قد توقف وانقلب إلى نقيضه بمجرد انتهاء الحكم الإسلامي في كامل هذه المنطقة. مباشرة على إثر سقوط مملكة يوغسلافيا عام 1941، تأسست على أرض تلك المملكة دولتان جديدتان، كلتاهما مبنيتان على أسس الغطرسة والقوة المفرطة، وهما: دولة كرواتيا المستقلة ودولة صربيا، وقد كانت حكومة دولة صربيا التي تشكّلت على إثر انهيار المملكة اليوغسلافية تتعاون مع النظام الفاشي الألماني، لكنها وفي نفس الوقت استمرت في ضغطها على بقايا رجال النظام الملكي المنهار مما دفع ولي العرش اليوغسلافي إلى اللجوء إلى لندن. هذا التعاون كان يعني، على مستوى التطبيق، قبولاً بمخطط ترحيل اليهود الذين كانوا يعيشون على أرض صربيا إلى معسكرات الموت الألمانية، أما على مستوى القناعات والإيمان لدى الحكومة الصربية المؤقتة فقد تُرجم بإقامتها معسكرًا لتجميع يهود البلقان في منطقة بانيتسي بالقرب من بلغراد. تم ترحيل ما يقرب من 10 آلاف و500 يهودي، وهو عدد اليهود المسجلين في الدفاتر الرسمية لمدينة بلغراد بعد إلقاء القبض عليهم وسجنهم في معسكر بانيتسي، ويضاف إلى هؤلاء حوالي 500 يهودي كانوا يعيشون في كوسوفا. ولم يلقَ أغلب هؤلاء اليهود الموت في محرقة الهولوكوست في المعسكرات الألمانية، ومن نجا منهم من الأسر هاجر لاحقًا إلى إسرائيل. علينا هنا أن نذكر أن عددًا من اليهود الذين انضموا إلى قوات "البارتيزان" (المقاومة للاستعمار الألماني وللحكومة الصربية الفاشية آنذاك)، بقيادة يوسيب بروز تيتو، أصبح أغلبهم فيما بعد من وجهاء الحياة الاجتماعية والثقافية والفنية، وخاصة الاقتصادية لصربيا حيث يعيش اليوم حوالي 1700 يهودي أغلبهم في العاصمة بلغراد. من المثير هنا (وكذلك من الأمور التي تحمل دلالات قوية) الإشارة إلى أن المصادر والوثائق الحكومية الصربية فيما يتعلق بالعلاقات الصربية-اليهودية لا تذكر إطلاقًا فترة الهجرة المكثفة لليهود نحو الأرض الصربية أيام كانت تخضع للحكم الإسلامي للإمبراطورية العثمانية!! هذا الموقف الصربي المستغرب يبدو أكثر وضوحًا إذا علمنا أن بلغراد بدأت بإقامة علاقاتها الدبلوماسية في 31 يناير/كانون الثاني من العام 1992، وهي الفترة ذاتها التي كانت تُعدّ فيها صربيا لعدوانها على البوسنة والهرسك، مُعلنة أنها تخوض حربًا لحماية أوروبا من الإسلام الذي يتهددها، حتى تحصل بذلك على مباركة ودعم تل أبيب. هذه السياسة الصربية الداخلية المعلنة المعادية للإسلام تمثل اليوم ركيزة أساسية ودافعًا مهمًّا لسياستها الخارجية أيضًا. إن طبيعة العلاقات الصربية-الإسرائيلية ترتكز بالأساس على موقفيهما من قضيتين ذواتي أهمية خاصة لكليهما، وهما قضية وضع كلٍّ من كوسوفا وفلسطين القانوني على المستوى الدولي، فبعد تبني مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 1244 للعام 1999 الذي وضع كوسوفا تحت وصاية الأمم المتحدة على إثر إعلانها استقلالها وسيادتها على أراضيها في العام 1998، فإن صربيا لا تزال تعلن رفضها القاطع للاعتراف باستقلال كوسوفا وتتمسك بها كجزء من أراضيها، وذلك على الرغم من الضغوط الدولية المتواصلة عليها من أجل انتزاع اعترافها بسيادة كوسوفا. وفي هذا الإطار فإن عدم اعتراف إسرائيل باستقلال كوسوفا تُرجم صربيًّا على أنه دليل على دعم تل أبيب لبلغراد وتعبير عن صداقتها لها. لكن صربيا لم ترد المعاملة بالمثل فيما يتعلق بقضية الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، وكان ذلك بالتعبير عن دعم بلغراد لهذا المقترح وتأكيدها على عدم ممانعتها قيام دولة فلسطينية ذات سيادة على أراضيها إذا ما طُرح هذا المقترح أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. من الواضح أن خلفية مثل هذه المواقف "وإشارات الدعم المتبادل" تصدر عن تقييم دقيق لآثار وتبعات موقفي الجانبين تجاه أحدهما الآخر من القضايا ذات الأهمية الإستراتيجية لكليهما. فإسرائيل رفضت الاعتراف بسيادة جمهورية كوسوفا واستقلالها حتى لا تكون في تناقض مع موقفها المُنكر لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، أما من الجانب الصربي فإن اعترافها بحق الفلسطينيين في دولة سيدة مستقلة نابع من تقدير لما قد تكون عليه الأوضاع مستقبلاً من إبقاء الباب مفتوحًا أمام تحقيق مخطط انفصال "ريبوبليكا صربسكا" ومن ثم التحاقها بدولة صربيا. قسمت اتفاقيات دايتون أرض دولة البوسنة إلى كيانين منفصلين لكنهما يشكّلان معًا دولة البوسنة والهرسك، وهذان الكيانان هما: فيدرالية المسلمين والكروات وتشمل 51% من مساحة البوسنة وتعيش فيها أغلبية مسلمة وكرواتية، و"ريبوبليكا صربسكا" التي تحتل 49% من مساحة البلاد وتعيش فيها أغلبية صربية ساحقة). لكن أزمة الاعتراف الصربي بإمكانية قيام دولة فلسطينية لم تؤثر سلبًا على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وبحسب تصريحات رئيس الوزراء الصربي السابق بوريس تاديتش في الأول من فبراير/شباط 2012، بمناسبة مضي عشرين عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، جاء فيها أن الاستثمارات الإسرائيلية في مجال البنية التحتية الصربية قد بلغ بليون يورو، وهو رقم ضخم إذا ما قورن باستثمارات إسرائيل في باقي دول البلقان. أما في مجال التعاون المشترك فقد وقّع البلدان اتفاقًا في العام 2009 يقضي بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة المخدرات. وانطلاقًا من ذلك التاريخ شهد التعاون بين البلدين في مجال السياحة تطورًا نوعيًّا حيث بلغ عدد السياح الصرب إلى إسرائيل في العام 2011 حوالي 4700 سائح مقابل 1400 سائح فقط عام 2009.\ رابعا: كوسوفا العلاقات الكوسوفاوية-الإسرائيلية لا تشكو من ثقل تأثير الأحداث التاريخية فيها، ويعود ذلك بالأساس إلى أن أعداد اليهود المقيمين في كوسوفا لم تكن كبيرة، وكذلك لأن اليهود القلائل الذين سكنوا كوسوفا تمتعوا رسميًّا، وعلى امتداد قرون طويلة، بحقوقهم كمواطنين في الإمبراطورية العثمانية. إلا أن يهود كوسوفا، وبعد 30 عامًا فقط من رحيل السلطات العثمانية عن كوسوفا، لاقوا مصيرهم في أتون محرقة الهولوكوست، ولم يكن لسكان كوسوفا من الألبان أي دخل في تعرضهم لذلك المصير، فقد كان جزء من كوسوفا مستعمَرًا عام 1941 من قبل القوات الألمانية والإيطالية الفاشية التي نظمت عمليات تجميع حوالي 200 من اليهود الكوسوفاويين في معسكرات بانيتسي بالقرب من بلغراد، ومن ثم إرسالهم إلى المحرقة النازية الألمانية. أما الشعب الألباني، الذي كان حينها يسكن جانبي كوسوفا المحتلَّيْن، فقد بذل كل جهده في حماية اليهود ولم يسجل التاريخ أي خيانات أو معاملات قاسية من قبل الألبان تجاه اليهود، وهذا كان ديدن الألبان في علاقتهم باليهود في كل المناطق التي عمروها. من الحقائق التي لا مراء فيها أن العدد الأقل من اليهود المقيمين في مناطق الألبان هو من لاقى مصير الترحيل إلى المعسكرات الألمانية بالرغم من بذل أقصى جهد في سبيل حمايتهم، وما يدلل على هذا هو أن ألبانيا التي كانت ترزح تحت الاحتلال الألماني الفاشي هي البلد الأوحد الذي زاد فيه عدد اليهود المقيمين فيه إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية عن أعدادهم في فترة بداية الحرب! يبدو أن هذا المعطى ليس بغائب أو مجهول من طرف السلطات الإسرائيلية، من ذلك أن وزارة خارجيتها، وخلال محادثات خاصة في العام 2008 أبدت تفهمًا وتعاطفًا مع قضية كوسوفا، كما أن إسرائيل استقبلت في العام 1999 عددًا من اللاجئين الألبان الكوسوفاويين على أراضيها وشملتهم بالعلاج والإقامة. لكن كل هذا لم يكن كافيًا، فإلى اليوم لم تعترف إسرائيل باستقلال جمهورية كوسوفا، والسبب في ذلك يعود إلى تخوفها من استغلال الفلسطينيين مثل هذا الاعتراف للمطالبة بالاعتراف باستقلال دولتهم وهو ما ترفضه إسرائيل بقوة. في إبريل/نيسان عام 2009 صرّح أرثور كول سفير إسرائيل لدى صربيا بأن موقف بلاده من استقلال كوسوفا لم يتغير وأن في ذلك برهانًا على علاقات الصداقة الحميمة بين إسرائيل وصربيا، إلا أن أفيغدور ليبرمان، وزير خارجية إسرائيل قلّل من هذا التصريح وقال في رد عليه: إن قضية الاعتراف باستقلال كوسوفا حساسة، مضيفًا أن بلاده ستدرس المسألة بعد أن تتخذ إسبانيا واليونان موقفًا واضحًا منها، وقد شكّل هذا التصريح ضربة موجعة لصربيا وهو ما قصده ليبرمان بالضبط من وراء تصريحاته تلك. أما اليوم، وفي الوقت الذي لا توجد فيه علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وكوسوفا، فيبدو أن موقف إسرائيل من استقلال كوسوفا ومستقبل إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين، يبقى خيارًا إسرائيليًّا للابتزاز تضغط من خلاله على بلغراد من أجل دفع مستوى التعاون معها إلى أقصى درجاته الممكنة لصالح إسرائيل بالطبع. خامسا: البوسنة والهرسك حقيقة طبيعة العلاقات الإسرائيلية المتناقضة مع دول البلقان تظهر بجلاء في علاقة تل أبيب بالبوسنة والهرسك؛ فالبرغم من الحقائق التاريخية التي تشير إلى أن أكبر عدد من اليهود في البلقان تم ترحيلهم من صربيا (البلد الأكبر والأقوى في كل المنطقة)، بعد تجميعهم في معسكرات الاحتجاز التي أقيمت في بلغراد، فإن إسرائيل ساندت صربيا في عدوانها الوحشي على البوسنة والهرسك عام 1992، وزادت من تقوية علاقاتها الدبلوماسية مع بلغراد تحت حكم الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش، وكان العنوان الأبرز لذلك الدعم هو أن ميلوشيفيتش سوّق لعدوانه على أنه معركة يقودها شخصيًّا من أجل الدفاع عن أوروبا من خطر الإسلام الداهم، واصفًا البوسنة والهرسك بأنها موطن المجاهدين والعرب الإرهابيين، وهو ما يتفق تمامًا مع موقف إسرائيل من المسلمين وبالأخص من العرب، وجاء في وقت كانت فيه منظمة بات يا أور Bat ya’or تشن حملة ضارية في الأوساط الفكرية ومراكز البحوث شبه العلمية معادية للإسلام والعرب، تدعمها في ذلك آلة إعلامية دولية ضخمة. حقيقة أن اليهود كانوا يَلقَوْن، طيلة تاريخ إقامتهم في البوسنة، حسن المعاملة لم تشفع لشعب البوسنة لدى حكومة إسرائيل، وهذا التاريخ الذي شهد صفحات ناصعة من العيش المشترك والكريم لليهود بين ظهراني البوسنيين، وإن كان معتَرَفًا به ضمنًا من قبل إسرائيل، إلا أنّه تم تجاهله بالكلية من قبل القادة الإسرائيليين؛ حتى إن أول سفير إسرائيلي لدى البوسنة والهرسك، وفي معرض رده على سؤال: هل البوسنة والهرسك حالة خاصة بما أنه لم يكن يوجد في التاريخ أماكن كثيرة عاش فيها اليهود بأمان وفي صداقة حقيقية مع شعبها مثلما كان ذلك في البوسنة؟ قال السفير الإسرائيلي جويل ألون: "إنه من التواضع القول بأنه لا توجد دول كثيرة، لأنني ببساطة لا أعرف أي مكان آخر عاش فيه اليهود بأمان وفي صداقة مع شعبه مثل ما كان في البوسنة"، إلا أنه أضاف معقّبًا: "هذا دليل على أن الجماعات اليهودية لها من المرونة والذكاء ما يجعلها تعمل وتتحرك بسلاسة داخل مجتمعات غريبة عنها وتتمكن من المحافظة على عاداتها الدينية وعلاقاتها مع باقي الجماعات اليهودية في العالم". يبدو أن هناك شيئًا ما غير واضح هنا، فإذا كانت علاقات المسلمين واليهود على أرض البوسنة بهذه النصاعة التي ذكرها السفير الإسرائيلي وعبَّر عنها بأنه لا يعرف أي مكان آخر في العالم عرف عيْشًا مشتركًا وآمنًا بين اليهود والمسلمين غير البوسنة، فإن التفسير الذي قدمه لذلك لا يبدو مقنعًا؛ إذ إنّ ما ذكره من قدرة اليهود على التعامل بمرونة وذكاء داخل مجتمعات غريبة عنها، دون أن يُرجع ذلك إلى الخصوصية الثقافية والأنثروبولوجية البوسنية، يجانب الحقيقة والواقع؛ إذ كيف يمكن إذن ألاّ تكون نفس تلك النتائج (العيش الآمن) وأسبابه (الذكاء والمرونة في التعامل) قد تحققت لليهود في أماكن أخرى من العالم خاصة في إسبانيا عام 1492، أو في ألمانيا وكل البلدان التي خضعت لسيطرتها خاصة في الفترة ما بين 1938 إلى عام 1945. من نافلة القول أن إسرائيل أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع البوسنة والهرسك على مستوى تبادل السفراء دون أن يمنعها ذلك من التجاهل التام للمصالح الحيوية البوسنية في سبيل تحقيق مصالح تل أبيب الإستراتيجية. وفي هذا السياق لابد من التذكير بالدعم الواضح والصريح الذي قدمته إسرائيل لرئيس "ريبوبليكا صربسكا" ميلوراد دوديك ولتصريحاته المتكررة الداعية إلى الانفصال ونفيه العلني لحدوث مجزرة سربرينيتسا التي راح ضحيتها آلاف المسلمين البوسنيين ونفذتها قوات صرب البوسنة في يوليو/تموز من عام 1995. تقارب دوديك مع كبار القادة الإسرائيليين وخاصة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان عبّر عنه رئيس "ريبوبليكا صربسكا" خلال حوار تليفزيوني طرح قضية هذا الكيان الصربي؛ حيث قال: "إن هناك حوالي تسعة أو عشرة بلدان مستعدة للاعتراف بدولة ريبوبليكا صربسكا لو أُعلن عنه الآن". ورأى محللون في ثنايا هذا التصريح إشارة واضحة إلى أن إسرائيل ستكون في مقدمة تلك البلدان، خاصة وأن دوديك يُروّج لدى الأوساط الإسرائيلية بأن الفيتو الذي استعملته "ريبوبليكا صربسكا" هو ما منع دولة البوسنة والهرسك من التصويت لصالح قرار مجلس الأمن الدولي حول إنشاء دولة فلسطينية مستقلة. الواضح إذن أن علاقات إسرائيل بالبوسنة متعددة الأوجه والمستويات، وتتداخل تلك العلاقات بين تعامل إسرائيل مع دولة البوسنة والهرسك المعتَرَف بها دوليًّا، لكن دون أن يمنع ذلك تل أبيب من التعامل المباشر مع "ريبوبليا صربسكا"رغم أنها كيان لا شرعية دولية له، ولا يتمتع بأية استقلالية عن دولة البوسنة. أما على مستوى التعاون الاقتصادي فيظل في أدنى درجاته ولم يتخطّ بعد مرحلة مناقشة المشاريع المحتمل تنفيذها بين الجانبين، في حين أن التوجه على مستوى العلاقات السياسية يشير إلى تصنيف إسرائيل لدولة البوسنة على أنها دولة ذات أغلبية مسلمة وذات توجه مساند للعرب ضد المصالح الإسرائيلية، في حين تنظر تل أبيب إلى "ريبوبليكا صربسكا" (بالرغم من أنها ليست دولة شرعية وتمثل جزءًا من دولة البوسنة) على أنها صديقة لإسرائيل وعدوّة لدودة لكل ما يحمل طابعًا إسلاميًّا. في السياق البلقاني العام، يبدو من الواضح أن دولة صربيا تدفع بالكيان الصربي البوسني "ريبوبليكا صربسكا" إلى إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل في محاولة لاستغلال تلك العلاقات في تنفيذ أطماعها بضم الأراضي البوسنية التي أقيمت عليها "ريبوبليكا صربسكا"، وتتفق إسرائيل مع هذه اللعبة لأن صربيا يمكنها لعب دور المحترِم لحق الفلسطينيين في الحصول على دولة مستقلة، وبالتالي يمكنها أيضًا فعل نفس الشيء مع البوسنة (التي ترى فيها إسرائيل صديقًا مقربًا من العرب ومعاديًا لإسرائيل) فيما يتعلق بالمطالبة بحق "ريبوبليكا صربسكا" في الانفصال عنها. سادسا: كرواتيا العلاقات الإسرائيلية مع دول البلقان -كما رأينا- مليئة بالتناقضات، ويتجلّى أبرز تلك التناقضات في علاقة إسرائيل بدولة كرواتيا التي هي أقرب دول المنطقة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. فعلى الرغم من قيام علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين منذ العام 1997 إلا أن التوتر هو ما يحكم علاقتهما التي لا تزال أسيرة للماضي. فتاريخ كرواتيا مرتبط بقربها من ألمانيا الفاشية خاصة خلال السنوات الثلاث الأولى من الحرب العالمية الثانية؛ حيث إن إقامة دولة كرواتيا الوطنية، على إثر انهيار مملكة يوغسلافيا في إبريل/نيسان من عام 1941، كان بمساعدة الرّايخ الألماني، وبذلك ظهرت للوجود دولة كرواتيا المستقلة ذات التوجه الفاشي المُعلَن. في تناغم تام مع نظرية هتلر بنقاء العرق الآري، نظمت حكومة دولة كرواتيا حملة واسعة لتطهير البلاد عرقيًّا من كل السكان الذين ينتمون لغير العرق الكرواتي، وكان من أولى أهداف تلك الحملة العنصرية تطهير البلاد من اليهود وترحيلهم إلى المعسكرات الألمانية. إن معاداة السامية التي كانت موجودة لدى المسيحيين منذ بدايات القرن الماضي، تصاعدت حدتها أكثر واتخذت طابع الكراهية المعلنة التي تُرجمت إلى حملات من الملاحقة والمطاردة لليهود، ثم بلغ الأمر حد التخطيط لإنهاء وجودهم بشكل كامل، فكان الهولوكوست في كرواتيا هو الأكثر فتكًا باليهود في كل منطقة البلقان. ضمت دولة كرواتيا المستقلة أكبر معسكرات الاعتقال في منطقة البلقان على الإطلاق، واسمه ياسينفتسو؛ حيث لقي عشرات الآلاف (تتحدث بعض المصادر عن إعدام 700 ألف شخص) من غير الكروات مصرعهم فيه، كان ربعهم من اليهود. وعلى إثر هزيمة جيش دولة كرواتيا المستقلة ذات التوجهات الفاشستية المعلنة أواخر عام 1943، قامت دولة كرواتيا المُعلنة على إثر انهيار الاتحاد اليوغسلافي بدايات التسعينيات من القرن الماضي، وقد تم إعادة بنائها ليس فقط على أسس قومية متطرفة، بل أيضًا على إيقاظ المشاعر الشوفينية المبالغة في العداء للآخر والتي تشمل أيضًا معاداة السامية. وحتى الرئيس الكرواتي، فرانيو تودجمان، الذي كان معارضًا للتوجه الكرواتي الفاشي في فترة الحرب العالمية الثانية، وبمجرد اعتلائه كرسي الرئاسة كشف عن ميل صريح نحو أقصى اليمين وتصرف كواحد من أعتى المتطرفين القوميين الكروات. أدى هذا التوجه إلى ردود فعل قوية وهجوم مفتوح على سياسة كرواتيا وتوجيه اتهامات صريحة لها بتجديد عهدها مع الفاشية وانتهاجها سياسة معادية للسامية. ولم تفلح محاولات الرئيس تودجمان في إصلاح الأوضاع، حتى إنّ الندوة الصحفية التي عقدها لتهدئة الأمور بين تل أبيب وزغرب، انقلبت إلى ضدها وفُسّر كثير من كلامه على أنّ فيه عداءً مفضوحًا للسامية، وهو ما أدى إلى إلغاء تل أبيب لزيارة كانت مقررة لتودجمان إلى إسرائيل، وهو ما عُدّ سابقة تاريخية لأنها كانت ستكون أول زيارة على هذا المستوى في تاريخ البلدين. بعد هذا البرود الذي طبع العلاقات بين البلدين، عادت الحرارة إلى تلك العلاقات بداية العام 2010 لتتعمق أكثر بزيارة رئيسة الوزراء الكرواتية، يادرانكا كوسور، إلى إسرائيل لتعلن في تصريح مشترك مع نظيرها الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن العلاقات بين البلدين ممتازة. إلا أنّ جلّ المحادثات بين الجانبين تمحور حول المعطى الاقتصادي فقط. البرلمان الكرواتي، من جانبه، وخلال مداولاته عبّر عن رغبته في تحسين العلاقات مع إسرائيل وجعلها بناءة في أكثر من توصية صادرة عنه في العام 2012، وهذا ما يشير إلى أن "العلاقات الممتازة" التي أعلنها وزيرا خارجية البلدين لم تكن كذلك حقيقةً، وهو ما ظهر بوضوح أكثر عندما لم تلقَ زيارة الرئيس الكرواتي، إيفو يوسيبوفيتش، في 14 فبراير/شباط 2012 أي ترحيب رسمي وإعلامي من قبل إسرائيل، وعوملت الزيارة على هامش الأخبار، أما الصحيفة الوحيدة التي علقت على هذه الزيارة، فكانت صحيفة هآرتس، التي استغلت الزيارة لإحياء الذاكرة اليهودية وما حل باليهود في ظل الدولة الكرواتية الفاشية خلال الحرب العالمية الثانية، والتذكير بتصريح تودجمان المعادي وكذلك تحميل حكومة يوسيبوفيتش مسؤولية امتناعها عن التصويت في قضية الاعتراف بدولة فلسطين. الوقائع إذن تؤكد أن العلاقات بين الطرفين لا تزال تبحث عن طريقها، كما أنها لا تزال تبحث عن أجوبة لكثير من الأسئلة المفتوحة. فهل سيكون قبول كرواتيا في عضوية الاتحاد الأوروبي عاملاً مخففًا للتوتر بينهما؟ لا يمكن الآن الإجابة على ذلك بكل تأكيد. من الأكيد أن تتغير موازين القوى التي حكمت وتحكم العلاقات الإسرائيلية مع هذه الدول البلقانية الست إذا اكتمل التحاقها بعضوية الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، واكتمل بناؤها كدول حديثة ذات سيادة كاملة واستقلال في القرار، وقد تصبح حينها إسرائيل مضطرة للتعامل مع هذه البلدان كجزء من الاتحاد الأوروبي وليست بلدانًا ما زالت تبحث عن تأكيد هويتها وكسب الأصدقاء والداعمين في عالم ما بعد الحرب الباردة، وعندها فإن طبيعة العلاقة ستتغير حتمًا وستكون ندية أكثر. الخاتمة في المجمل، يبدو واضحًا أن إسرائيل تعتبر علاقاتها مع دول البلقان مهمة جدًّا في بناء شبكة علاقاتها وإستراتيجيتها السياسية الدولية التي تبنيها تل أبيب على معطيين رئيسيين: الأول: هو خصوصية منطقة البلقان الجيوسياسية، والتي لكل بلد من بلدانه أهميته وموقعه الخاص فيها، والثاني: هو الطبيعة المتعددة للإثنيات والديانات والثقافات والقوميات التي تميز كل دولة من دول البلقان. وفي هذا الواقع البلقاني تُفتح الأبواب مشرعة أمام إسرائيل للعب دور دينامي نشط لتحقيق مصالحها واستغلال هذه العوامل في فرضها لنوع وحجم العلاقة التي تريدها من شعوب المنطقة يدعمها في ذلك وضعها الدولي القوي والمؤثر في مثل هذه الدول البلقانية. إن تقسيم شعوب البلقان إلى مسلمة وكاثوليكية وأرثوذكسية يمثل معطى آخر يمكِّن إسرائيل من اللعب به كورقة رابحة تتغير تشكيلتها من وضع لآخر أثناء تعاملها مع شعوب المنطقة، وهو ما تفعله تل أبيب الآن في رسم علاقاتها مع دول البلقان دون تحفظ. مثل هذا النوع من العلاقات التي تقيمها إسرائيل مع مختلف بلدان البلقان على الساحة السياسية البلقانية يبدو واضح التأثير. يجري التفاعل المتبادل بين دول البلقان ويُفسَّر أيضًا من خلال علاقات كل دولة منها مع إسرائيل التي باتت تلعب دور البوصلة الموجّهة والجاذبة، فكان من بعض الدول أن سارعت إلى تأكيد توجهاتها الداعمة للغرب (والتي عبَّرت عنها بشكل عملي من خلال تأكيدها على توجهاتها المعادية للإسلام والمسلمين). وإذا أخذنا في الاعتبار أن علاقة المسلمين باليهود، وعلى امتداد فترات تاريخ طويل لقرون عديدة على أرض البلقان، كانت من أكثر العلاقات تميزًا واحترامًا وحماية لليهود الذين كانوا حينها مستضعفين، فإننا نرى أنّه يمكن استغلال هذا المعطى على المستوى الدولي ليكون في صالح مسلمي المنطقة وبالتالي البلدان البلقانية المسلمة، طالما أن طبيعة العلاقة مع إسرائيل هي التي تحدّد موقف المجتمع الدولي من أي دولة في العالم ومنها دول البلقان. كما أن حضور العرب القوي في البلقان وتقوية علاقاتهم الثقافية والاقتصادية والسياسية مع بلدان المنطقة من شأنه أن يؤثّر بقوة في إعادة ترتيب مرتكزات ومستويات العلاقة بين إسرائيل ودول البلقان، والتي تميل كفتها اليوم لصالح إسرائيل. إن مستقبل البلقان بالمعنى السياسي يرتبط في جانب منه دون شك بالعلاقة مع إسرائيل، علمًا بأن معطيات تلك العلاقة ليست هي المحددات الوحيدة ولا هي المحددات الأهم في رسم مستقبل دول البلقان. أما إذا أخذنا بالمعنى الجغرافي الصرف لمصطلح منطقة البلقان، فإن تركيا تكون جزءًا من المنطقة، وبالتالي فإن التصوّر العام للعلاقات البينية داخل البلقان لابد أن يستحضر قوة الدولة التركية وتأثيرها الإستراتيجي على المنطقة. ____ * النص بالأصل أعد لمركز الجزيرة للدراسات باللغة البوسنية، وترجمه إلى العربية الباحث المتخصص بشؤون البلقان كريم الماجري. فريد موهيتش - محاضرا لمادّة الفلسفة بجامعة القديسين سيريل وميثوديوس بالعاصمة المقدونية سكوبيا. أستاذ زائر بالمعهد الدولي للفكر والحضارة الإسلامية بكوالالومبور الماليزية. وأستاذ زائر في جامعة فلوريدا الحكومية وجامعة سيراكوز بنيو يورك، وجامعة السوربون الباريسية وعدد آخر من الجامعات الغربية والإسلامية. |
https://encrypted-tbn3.gstatic.com/i...7_DmObnfWzcd-A "ربيع الإخوان" في خطر الأربعاء, 28 نوفمبر 2012 http://www.athabat.net/news/images/r...46_450_300.jpg حسناً فعل "الإخوان" في مصر بأن ألغوا التظاهرة التي كانت مقررة يوم الثلاثاء الماضي، رداً على تظاهرة المعارضين ضد قرارات الرئيس المصري محمد مرسي الأخيرة، فالانقسام الذي تشهده الساحة المصرية ينذر بشرّ مستطير، قد لا تسلم منه مصر كلها، فيما لو التحمت المظاهرتان وسالت الدماء في الشارع. من خلال "إعلانه الدستوري" يكون الرئيس محمد مرسي قد قام بخطأ استراتيجي كبير، سيعود بالخسارة الكبيرة عليه، وعلى الجماعات التي يمثلها، ليس في مصر فحسب، بل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ككل، ويمكن إدراج عوامل سوء التقدير المؤدي إلى الخطأ في ما يلي: - يعلم الرئيس مرسي أن المصريين يعيشون إحباطاً لا مثيل له، فهم يعتبرون أنهم خرجوا إلى ثورة، ووجدوها تُسرق أمام أعينهم، وهكذا يكون قد أخطأ في المراهنة على قدرة تحمّل المصريين، وعلى إمكانية "بلع" إعلانه الدستوري، بعدما استطاع سابقاً أن يمرر إحكام السيطرة على السلطة التشريعية والتنفيذية والإعلام والعسكر، من دون اعتراضات تُذكر. - لم يتحسّب مرسي للعوامل الاقتصادية والاجتماعية والأمنية المتردية في مصر بشكل لم يسبق له مثيل، فالشعب المصري الذي تئنّ غالبيته من الجوع، كان قد وضع آمالاً وتوقعات بتحسّن الأحوال بعد استتاب الحكم الجديد، فإذا بالبطالة ترتفع نسبتها، ولا سياحة تنشّط الاقتصاد، ومظاهر التشدد والانقسامات السياسية تؤدي إلى هروب رؤوس الأموال، وهبوط البورصة. - أراد الرئيس مرسي أن يستغل الانتصار الذي تحقق في غزة، فقام مسرعاً بمحاولة إعلان سيطرته على القضاء المصري، قبل أن يجف حبر الهدنة الموقعة بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل"، متوهماً أنه يستطيع استثمار ما تصور أنه فائض قوة إقليمي ودولي تحصّل لديه، حين أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما إعجابه ببراغماتيته، وامتدحه أفيغدور ليبرمان وشيمون بيريز على أنه رجل دولة، ولم ينتبه مرسي إلى أن مديحاً من المتطرف الصهيوني ليبرمان ورئيسه بيريز، يعني أن عليه أن يقلق، فإما أنه قام بعمل مضرّ بأمته، أو أنهم يريدون تشويه سمعته في أنحاء العالم العربي. - اللافت للنظر أن الرئيس المصري كان قد اتخذ قراراته السلطوية دائماً بعد مقابلة المسؤولين الأميركيين، بما يشير إلى أنه قد استحصل على ضوء أخضر منهم، فقد أقال المشير طنطاوي والفريق عنان بعد أن قابل وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، وألغى الإعلان الدستوري المكمل، الذي قلّص فيه العسكر صلاحيات الرئيس، بعد مقابلة ويليام بيرنز؛ نائب وزيرة الخارجية الأميركية، وقام بإعلانه الدستوري الأخير بعد مقابلة هيلاري كلينتون مجدداً. وبهذا الإطار، يبدو أن مرسي لم يتعظ من تجربة صدام حسين، الذي لطالما تمتّع بدعم أميركي غير مسبوق خلال حربه التي دامت ثماني سنوات مع إيران، وفي النهاية، قامت السفيرة الأميركية آبريل غلاسبي بتشجيعه على الدخول إلى الكويت، من خلال التلميح بأن هناك ضوءاً أخضر أميركياً بذلك، سرعان ما تبيّن أنه فخ دفع ثمنه كل من الكويت والعراق وصدام حسين نفسه. ولعل فائض القوة المتحصل الذي استشعره مرسي، من إرهاق الشعب والضوء الأخضر الأميركي، ونشوة انتصار إعلامي على "إسرائيل"، جعله يقدم على تلك المغامرة، التي قد تكون إحدى نتائجها أمرين: - أن تدفع حدة الانقسام السياسي والاحتقان الطائفي وانتشار السلاح، مصر إلى حرب أهلية لن تكون قصيرة الأجل، بسبب تداخل العوامل الإقليمية والدولية والمذهبية والدينية.. وحرب كهذه، إن اندلعت، لن تنتهي إلا بتقسيم مصر، الذي سيشكّل بدوره نوعاً من الدومينو يؤدي إلى تقسيم معظم دول شمال أفريقيا. - خسارة حلم المشروع "الإخواني" الأممي الذي ظهر بعد الثورات العربية، إن فشل حكم "الإخوان" في مصر، أو حتى تعثّره، وظهوره كديكتاتورية دينية سيكون له تداعيات تشبه تداعيات مقتل السفير الأميركي في ليبيا، حيث سيعيد الأميركيون تقييم سياساتهم في المنطقة، ويعيدون النظر في الدعم الذي يقدمونه لهم، ما يؤدي إلى ترجيح كفة الحل السياسي مع النظام في سورية، وعودة تركيا إلى حجمها الطبيعي، وعودة حماس إلى حضن إيران، ومزيد من الضغوط على الحكم الجديد في تونس وغيرها.. انطلاقاً من كل ذلك، وانسجاماً مع سياساتهم البراغماتية، لا يبدو أن هناك حلاً أمام الرئيس مرسي وجماعة "الإخوان" إلا إعادة النظر في السياسة التي ينتهجونها، والقبول بمبدأ التعددية في مصر، والتوقف عن التعويل على الدعم الخارجي، وذلك لأن استمرارهم في محاولة الاستئثار قد يؤدي إلى أحد الأمرين السابقيْن أو كليهما معاً. ليلى نقولا الرحباني |
[IMG]http://neurobonkers.com/wp-*******/uploads/2010/07/independent1.jpg[/IMG] قطر تدخل مرحلة العزلة الدولية http://static.guim.co.uk/sys-images/...er-She-007.jpg تحت عنوان “قطر تنسحب من العالم العربي الجديد والمرحلة العالمية” بدأت صحيفة (إندبندنت) البريطانية تحليل نظرة قطر للعالم من حولها، وكيفية تعاملها مع العالم العربي الجديد، وتأثير ذلك على علاقتها الوثيقة بأمريكا. وقالت الصحيفة: لسنوات كانت قطر، الإمارة الصغيرة الغنية بالنفط، شريكا وثيقا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط – كمضيفة لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة وحصنا دبلوماسيا ضد إيران- وساندت سقوط الحكام المستبدين في ليبيا وسوريا. وبعد عامين من بداية الربيع العربي، تشوشت وتذبذبت سمعة قطر كشريك الولايات المتحدة – ودور الوسيط المحايد في المنطقة – على نحو متزايد، حيث إن تمويل جيل جديد من الإسلاميين في مختلف أنحاء الشرق الأوسط أثار تساؤلات حول رؤيتها للمنطقة، وعما إذا كانت بعض سياساته بدأت تتخذ شكل الصراع المباشر مع مصالح الولايات المتحدة. ورأت الصحيفة أن هذه الأسئلة معقدة وصعب الإجابة عليها بسبب حرص قطر على الاحتفاظ بنفوذ في الغرب، وظهر ذلك من خلال تأمين قطر لمكانة الجامعات الغربية ومراكز البحوث، بما في ذلك جامعة جورج تاون ومعهد بروكينجز، على أرضها للمساعدة في إثراء وجهات النظر الغربية حول مستقبل المنطقة ودور قطر في ذلك. وعند سؤال بعض المراقبين، “ماذا تمثل قطر بالضبط؟!”، قال دبلوماسي عربي بارز الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، “أعتقد أن هذا أمر يشوبه العديد من الألغاز، ولكن الحكومة القطرية على علاقات وثيقة مع دول الخليج الفارسي. واستطردت الصحيفة تحليلها قائلة: سعت قطر طويلا لرسم صورة لنفسها باعتبارها دولة تهتم في خدمة الصالح العام، وكجزء من هذا الجهد، استثمرت مئات الملايين من الدولارات في جهود السلام في دارفور والسودان واستضافة المتمردين المسلحين واللاجئين وزعماء القبائل في الفنادق الفخمة في الدوحة لإجراء محادثات. وفي لبنان، اكتسبت قطر استحسان دولي لوساطتها الماهرة، والتي عززت حكومة وطنية تضم حزب الله الموالي لإيران والحركة المؤيدة للغرب. وأضافت الصحيفة قائلة: إن قطر لديها علاقة غامضة مع إيران، حيث وقعت اتفاقية دفاع عسكري مع طهران عام 2010 والحفاظ على علاقات وثيقة مع وكلائها التقليديين وحماس وحزب الله. وفي الآونة الأخيرة، عملت قطر على تفقد النفوذ الإيراني، ودعمت عسكريا الإطاحة بأقرب حلفائها، سوريا. وقال “إبراهيم جمباري”، دبلوماسي نيجيري سابق سافر إلى الدوحة أكثر من اثنتي عشرة مرة خلال مفاوضات السلام حول دارفور: “ان قطر تريد أن ينظر إليها على أنها لاعب كبير مهم وأن تكون موضع احترام وعلى استعداد لإحلال السلام في البلاد الأخرى، ولكن هذا الأمر يبدو مهمة حساسة وصعبة للغاية، حيث أن طريقة قطر للتتعامل مع هذه الأمور يعتمد على دفتر الشيكات الدبلوماسي”. ولكن المحللين يقولون ان البلاد قد فقدت بعضا من مصداقيتها كوسيط نزيه من خلال دعمها للاعبين محددين في الربيع العربي. ففي ليبيا، على سبيل المثال، كانت قطر من أوائل الدول التي وفرت الطائرات الحربية لحلف شمال الاطلسي ضد العقيد الراحل “معمر القذافي”، ولكنها بالغت بعد سقوط القذافي في دعمها للفصائل الإسلامية من أجل رعاية حكومة البلاد الانتقالية. وقال “إبراهيم الدباشي”، السفير الليبي لدى الأمم المتحدة: “إن قطر كانت تدعم جماعات معينة في ليبيا، ولكن، هذه المجموعات لم تحظ بأي دعم شعبي على أرض الواقع …. والفصيل الرئيسي الذي كان مدعوما من قبلهم لم يحصل على أي مقاعد في الجمعية الوطنية، واعتقد ان الليبيين حساسون جدا للتدخلات الخارجية في شؤونهم، وأعتقد أن القطريين استوعبوا ذلك الآن”. http://b.vimeocdn.com/ps/325/704/3257040_300.jpg |
بعد ان امتنع السلفيون حصد اخواننا الشيعة 17 مقعد في مجلس الامة الكويتي وابرزهم عبد الحميد دشتي وخالد الشطي المحامي المعروف وصاحب المقولة عن تسريحة فيصل الشيخ ومعصومة مبارك وعبد الصمد وعاشور والقلاف والدويسان الذي اصبح شيعيا وزلزلة والمطوع وثمة صور في صحيفة القبس تبين الفرحة للطائفة الشيعية وهم يحملون الفائزين |
مجلس... «الصوت الواحد»
اللهم صل على محمد وآل محمد وأنصر وبارك مواليهم في كل مكان وأبعد عنهم شر كل من ارادهم بسوء مجلس... «الصوت الواحد» الشيعة حصدوا ثلث عدد المقاعد... 8 في «الأولى» و3 في «الثانية» و2 في «الثالثة» و1 في «الرابعة» و3 في «الخامسة» لم تشأ انتخابات الصوت الواحد ان تكون عادية، وكأنها أبت إلا أن تحاكي ظروف ماقبلها على الساحة السياسية المحلية. رهان مقابل رهان، فكانت المفاجآت. المرشحون الشيعة فازوا في كل الدوائر، وشكلوا ما يزيد قليلا على ثلث المجلس الجديد، فيما كان للأقليات نصيب لا سيما في الدائرة الخامسة، أما العلامة الفارقة فكانت مجلس أمة بلا مطران أو عوازم. ومع الوجوه الجديدة التي تتأهب لدخول قاعة عبدالله السالم،استعادت المرأة «صوتها الناعم» تحت القبة، بوجه قديم وآخرين حديثي العهد بالكرسي الأخضر. وحصد الشيعة في الدائرة الأولى ثمانية مقاعد بفوز كل من فيصل الدويسان وعدنان عبدالصمد والدكتور يوسف الزلزلة والدكتورة معصومة المبارك وعبدالحميد دشتي وصالح عاشور وحسين القلاف وخالد الشطي. وفاز المرشحون الشيعة بثلاثة مقاعد في الدائرة الثانية بفوز كل من عدنان المطوع وأحمد لاري وخليل الصالح، فيما اخترقواالدائرة الثالثة بمقعدين من نصيب خليل عبدالله وهشام البغلي، والدائرة الرابعة بمقعد لمبارك النجادة، وثلاثة مقاعد في الدائرة الخامسة من نصيب عبدالله التميمي وهاني شمس وناصر الشمري. وحقق السلف فوزا بمقعدين حققه كل من الدكتورعلي العميرفي الدائرة الثالثة وعبدالرحمن الجيران في الدائرة الثانية. وعادت المرأة الى قبة عبدالله السالم بـ «الثلاث» فربحت النائبة والوزيرة السابقة الدكتورة معصومة المبارك مقعدا في الدائرة الاولى، فيما كان المقعد الثاني من نصيب صفاء الهاشم عن الدائرة الثالثة، وفازت ذكرى الرشيدي بالمركز النسائي الثالث عن الدائرة الرابعة. وفازت قبيلة عنزة بمقعدين احتلهما كل من خلف دميثير في الدائرةالثانية وعسكر العنزي في «الرابعة»، في حين حققت قبيلة الرشايدة قصب السبق في الدائرة الرابعة بخمسة مقاعد من نصيب سعد الخنفور ومبارك الخرينج وذكرى الرشيدي ومحمد الرشيدي وعلي الرشيدي. وباعلان نتائج الانتخابات، فإن من المقررأن تقدم الحكومة استقالتها اليوم الى الأمير تمهيدا لتشكيل حكومة جديدة تتواكب والمجلس الجديد الذي بدوره يتهيأ لعقد اجتماعات متلاحقة بين أعضائه للتنسيق والتشاور حول خوض المنافسة على مناصب الرئيس ونائبه وأمين السر والمراقب وعضوية اللجان. فمن سيكون الرئيس الجديد للمجلس الجديد؟ وعلى السؤال أجاب النائبان المنتخبان علي الراشد وأحمد المليفي معلنين خوضهما السباق الى منصب الرئيس، وشاطرهما في ذلك الدكتورعلي العميرالذي قال ان الاحتمالات مفتوحة للترشح الى المنصب، في حين بدأ السباق الى منصب نائب الرئيس بإعلان من عدنان عبد الصمد ومبارك الخرينج. |
في حين يرفعون من التهديد والوعيد، فهم يستجدون التسوية في كثير من الملفات العالقة التي تهم الغرب الأناني واللا إنساني! أميركا مستعدة لإجراء محادثات ثنائية مع إيران إذا كانت «مستعدة» واشنطن - رويترز قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن الولايات المتحدة مستعدة لإجراء محادثات ثنائية بشأن البرنامج النووي الإيراني إذا كانت طهران «مستعدة دائماً». وفي رد على سؤال وصفت كلينتون إيران بأنها أصعب قضية تعاملت معها كوزيرة للخارجية «بسبب الأخطار التي يمثلها سلوكها بالفعل والخطر الأكبر الذي ستشكله إيران المسلحة نوويّاً». وفي حديث أمام مجموعة من المسئولين والخبراء والدبلوماسيين من الولايات المتحدة والشرق الأوسط؛ شددت كلينتون على أن إدارة الرئيس باراك أوباما مستعدة لإجراء محادثات ثنائية مع إيران. وقالت كلينتون إنه بالنسبة للوقت الحالي؛ فإن واشنطن تعمل مع أعضاء ما يسمى بمجموعة (5+1) للقوى الكبرى وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة لاستئناف المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي. من جانب آخر، قالت الشرطة الإيرانية أمس إن رئيس وحدة شرطة الإنترنت بطهران عزل من منصبه بسبب وفاة مدون إيراني أثناء احتجازه ما أدى إلى موجة من الإدانات الدولية وأثار دعوات إيرانية لإجراء تحقيق رسمي. وقال بيان نشر على الموقع الرسمي للشرطة الإيرانية إن قائد وحدة الإنترنت بشرطة طهران عزل بسبب «أوجه الفشل والقصور في الإشراف بكفاءة على أفراد تحت إدارته». وقالت قناة تلفزيون «برس» الإيرانية الناطقة بالإنجليزية ووكالة أنباء «مهر» شبه الرسمية إن القائد المعزول هو محمد حسن شكريان. وفي السياق نفسه طالبت الولايات المتحدة إيران بالإفراج عن داعية حقوق الإنسان المسجونة نسرين سوتوده والتي قالت إنها مضربة عن الطعام منذ أكثر من ستة أسابيع، وانتقدت بشدة السلطات الإيرانية لأسلوب معاملتها المحامية البالغ عمرها 49 عاماً. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن التدهور السريع في صحة سوتوده مقلق للغاية وإنها حرمت من الرعاية الطبية واحتجزت في حبس انفرادي. http://alwasatnews.com/mobile/news-720081.html |
من العراق الى ايران : حصار الانسان واستهداف الانسانية
من العراق الى ايران: حصار الانسان واستهداف الانسانية الطفل الايراني منوتشر اسماعيلي الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة من العمر توفي الاسبوع الماضي ليكون اول ضحية للحصار الاقتصادي المفروض من الغربيين على الجمهورية الاسلامية. وعلى مدى الاسابيع الاخيرة سعت عائلته للحصول على الادوية المطلوب لعلاجه، ولكن بدون جدوى. فبرغم ان الحصار لا يشمل الادوية الا ان الشركات الغربية تمتنع عن التعامل التجاري مع ايران خشية معاقبتها من قبل حكوماتها، بالاضافة لصعوبة التحويلات المالية. فالحصار المفروض على المصرف المركزي الايراني يجعل تمويل الصفقات التجارية شبه مستحيل. اما الفتاة عاطفة اللهياري (جار الله) فقد سعت هي الاخرى لانقاذ حياة اخيها المصاب بالسرطان، فكانت تبدأ يومها الساعة الرابعة والنصف صباحا لتنتظم في الطابور امام صيدلية '13 آبان' وسط العاصمة طهران، لعلها تحصل عقار (باكليتاكسل) لعلاج السرطان الذي اصيب به اخوها الاصغر، ولكن مسؤول الصيدلية كان يقول لها كل يوم: لم يصل الدواء حتى الآن. وما هي الا ايام حتى التحق الشاب بربه. وهكذا بدأت قافلة ضحايا الحصار الغربي تسجل اسماءهم يوميا، حتى لكأن ايران اليوم بدأت المشوار الذي بدأه العراق بعد حرب الكويت. يومها وقف العالم صامتا امام القتل الجماعي الذي عانى منه ذلك البلد، حتى لكأن الضمير الانساني قد حكم عليه بالاعدام. وبفرض العقوبات الحالية على ايران يبدو ان السجال حول حقوق الانسان والمواثيق الدولية التي تحرم قتل الناس ليس سوى وسائل للتخدير، لان العمل بمقتضياتها يتعارض مع مصالح الدول الغربية. ويمكن القول ان ما حصل في العراق على مدى 14 عاما لم يكن له نظير في التاريخ الانساني المعاصر. فحتى العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الامريكية على كوبا منذ الخمسينات لم تكن بهذه الصرامة. فهل نسيت الذاكرة الانسانية معاناة شعب العراق خلال سنوات الحصار ولما يمض عليها سوى اقل من عقد ونصف؟ ام ان السياسة الغربية تقتضي طي صفحتها وازالتها من الذاكرة ومن سجلات الجرائم ضد الانسانية لكي لا يعاقب مرتكبوها وفقا للقانون الدولي. ومع اقتراب اليوم العالمي لحقوق الانسان الذي يصادف العاشر من ديسمبر يطرح تساؤل حول جدوى تلك المواثيق والاتفاقات. فاذا كان العالم مستعدا لمقاضاة الرئيس السوداني بسبب مشكلة دارفور ولا يلتفت لمقولة 'الحصانة الدبلوماسية'، فكيف يتغاضى هذا العالم عمن ساهمبشكل مباشر في خنق العراقيين حتى الموت. لم يكن ذلك سرا، ولم تنحصر فترته بساعات اوايام او شهور بل امتد طوال الفترة المذكورة، وكتبت حوله تحقيقات ودراسات كثيرة. معذلك كان زعماء امريكا وبريطانيا قادرين على إحكام الحصار بدون رحمة. ولما وعى بعض الاطراف الدولية بحجم الكارثة الانسانية امتنع عن التصديق على قرار الحرب الذي اتخذته امريكا وبريطانيا قبل عشرة اعوام ضد العراق. ومع ذلك قامت الحرب الشرسة التي اسقطت نظام بغداد. والرئيس الامريكي الذي اتخذ قرار الحرب، وكان قبلها شريكا في الحصار المفروض على ذلك البلد، هو نفسه الذي أكد في مذكراته انه اعطى الاوامر بممارسة التعذيب بحق سجناء غوانتنامو، وانه أقر استخدام طريقة 'الايهام بالغرق' التي تعتبرها المنظمات الحقوقية الدولية تعذيبا واضحا. وبعد صدور كتابه، ظهر الرئيس بوش على شاشة التلفزيون وكرر ما ذكره في الكتاب وانه شخصيا أقر استخدام ذلك التعذيب. ولم يتخذ اي اجراء دولي ضده برغم اعترافه العلني باقرار ممارسة التعذيب. واليوم، يتكرر تطبيق نسخة مماثلة جدا للحصار الذي فرض على العراق. ضحيتها هذه المرة الشعب الايراني الذي بدأ يمر بمعاناة لا تختلف كثيرا عما عاناه العراقيون. العالم يعرف ما جرى آنذاك، ولا يحتاج الى ذكاء كبير ليستنتج ان فرض الحصار على ايران سوف يؤدي الى نتائج مماثلة لما حصل في العراق. بدأ الحصارالاقتصادي على بغداد بسرعة ملفتة للنظر، ففي 6 اغسطس 1990 فرض ذلك الحصار، اي بعداربعة ايام من اجتياح الكويت، واستمر حتى اسقاط نظام صدام حسين في العام 2003 نتيجةالحرب التي شنها التحالف الانكلو امريكي ضد العراق. تقول الاحصاءات المتوفرة ان عدد الاطفال الذين توفوا كنتيجة مباشرة لفرض الحصار يتراوح ما بين 100 الف ونصف مليون،وهو رقم مرعب جدا. يضاف الى ذلك الامراض التي نجمت عن ذلك الحصار نتيجة سوء التغذية وعدم توفر مستلزمات العناية الصحية والغذائية. وتضاعفت المعاناة بعد الحرب بسبب الاستخدام المكثف للبلوتونيوم المنضب الذي استخدم لصنع ذخيرة المدافع والقنابل التي تقذفها الطائرات. ويعاني العراقيون اليوم من تشوهات غير مسبوقة للاطفال حديثي الولادة. وقد أشارت دائرة صحة محافظة واسط الى أن هناك ظاهرة منتشرة في السنوات الاخيرة في واسط وهي التشوهات الولادية بسبب الحروب التي تعرض لها البلد وانتشرت بسببها المواد المشعة، وكذلك التلوث البيئي والاستخدام غير المنظم للعلاج. وتقول الدكتورة ابتهال الأخصائية في توليد النساء أن حالات التشوه موجودة في داخل مستشفى البتول بأعمار مختلفة بين 3 أشهر الى سنة من العمر والبعض من هذه الحالات قد توفي. بعض هذه الحالات غريب ونادر، بينما البعض الآخر منها عادي وبسيط. ومن هذه الحالات مواليد بجسد محترق ورأس كبير وأنف في جانب الرأس. وتضيف ان المستشفى في عام2011 سجل 54 حالة في سجلاته، أما في سنة 2012 فهناك حتى الآن 43 حالة البعض منها يتوفى بعد ساعة من الولادة و البعض الاخر يبقى ليعاني من هذا التشويه طوال عمره. اماالدراسة التي قدمتها جامعة ميتشغن الأميركية فأكدت ارتفاع نسبة التشوهات الخلقية في محافظة البصرة الى 12 حالة تشوه لكل ألف ولادة مقارنة بـ 1.3 تشوه ولادي لكل ألفعام 1994 . وأشارت الدراسة إلى أن 'معدل تشوهات الدماغ في البصرة بلغت ستة أضعاف ماهو موجود في كاليفورنيا الأمريكية، على الرغم من أن 'عدد نفوس كاليفورنيا يفوق عدد سكان البصرة إذ يبلغ نحو 34 مليونا، فيما لا يتجاوز عدد نفوس البصرة حاجزالمليونين'. وهناك دراسات أجريت على 5000 عائلة في مدينة الفلوجة بينت أن هناك معدلات مقلقة للإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية ، وأن معدل الوفيات بين الأطفال بعمر سنة واحدة أو أقل قد وصل إلى 80 حالة وفاة في الألف'. في العام 1996 سئلت وزيرة الخارجية الامريكية آنذاك، مادلين اولبرايت، في برنامج 'ستون دقيقة' عن آثارالحصار الامريكي على العراق وما اذا كان بالامكان تبرير موت البشر نتيجة ذلك. فكان جوابها: 'اعتقد انه خيار صعب، ولكن الثمن (وفاة الاطفال والمرضى)، كما نعتقد، يستحق ذلك'. هذا الثمن الباهظ لم يحاسب اي ممن فرضوا العقوبات على العراق بشأنه بعد سقوط النظام العراقي وانكشاف حقيقة ان العراق لم يكن يمتلك اسلحة الدمار الشامل. مئات الآلاف من البشر قتلوا بسبب 'الشك' و 'الظن' لدى المسؤولين في واشنطن ولندن. واليوم يتكرر الامر نفسه مع ايران لان الساسة في واشنطن ولندن 'يظنون' ان ايران قد تسعى لانتاج السلاح النووي، او 'يشكون' في النوايا الايرانية من وراء البرنامج النووي. مع العلم ان ايران (وليس الكيان الاسرائيلي) وقعت اتفاقية الحد من انتشار الاسلحة النووية، وانها (وليس تل أبيب) تسمح بشكل منتظم للمفتشين الدوليين بزيارة منشآتها النووية. واذا لم يحرك العالم اليوم ساكنا لالغاء الحصار فسوف تتكرر الكارثة الانسانية التي حلت بالعراق، وسيمنى الضمير الانساني بانتكاسة جديدة لا تقل خطرا. الهدف الرئيسي الذي طرح في بداية الامر لذلك الحصار، تنفيذا لقرار مجلس الامن الدولي رقم 661 هو 'اجبار العراق على الانسحاب من الكويت دفع ودفع التعويضات والقضاء على اسلحة الدمار الشامل'. وقامت الامم المتحدة بتنفيذ القرار 661. ولكن بعد نهاية حرب الكويت تم توسيع دائرة الحصار وربطه بازالة اسلحة الدمار الشامل. ومنع الحصار التبادل التجاري ما عدا في مجال الدواء والغذاء. ولكن بعد سقوط النظام لم يتم العثور على اي من اسلحة الدمار الشامل التي طبق الحصار بسببها اثني عشر عاما اضافية. لقد كانت جريمة ضد الانسانية بدون حدود، ولكن في عالم محكوم بقوى الشروالهيمنة اصبحت حياة الانسان اقل شأنا من المصالح المادية لهذه القوى، ولا مجال للحديث عن الاخلاق او القيم. بل ان من يمعن في ما يطرح من مفاهيم وثقافة حول 'حقوق الانسان' و 'الحرية' و'الديمقراطية' يكتشف ببساطة انها لم تعد سوى وسائل للتخدير منجهة وتقنين الهيمنة من جهة ثانية، والقضاء على اية مقاومة جادة للقوى الشريرة التي تمارس الاحتلال وتدعم الاستبداد وتسلب ثروات الشعوب وتصادر حقوقها الطبيعية في صياغة انماط حياتها. وفي ضوء التجربة المرة التي مرت بالشعب العراقي وما تعرض لهمن حصار كان تجسيدا لقيم الشر وانعدام الانسانية او الاخلاق، اصبح من الضرورة بمكان، لدى من يملك ضميرا حيا او انسانية فاعلة، او اهتماما بقيمة حياة البشروكرامة الانسان، ان يتخذ موقفا مضادا للعقوبات المترتبة على الحصار. هذه المرة تجاوز الحصار كافة الحدود، فحتى لو ذهب المرء لفتح حساب تجاري باحد المصارف فعليه توقيع تعهد بان لا يتعامل تجاريا او ماليا مع ايران، ويتحول الموظف في البنك المسؤول عن فتح الحساب الى محقق مع الشخص المتقدم لفتح الحساب، خصوصا اذا كان هذاالشخص من منطقة الشرق الاوسط. وبعد ثلاث جولات من العقوبات، يتدبر الكونغرس الامريكي حزمة اخرى من العقوبات التي يناقشها مجلس الشيوخ، لفرضها على ايران. وتشمل العقوبات المزمع تطبيقها قريبا مجال الطاقة والموانئ وصناعة السفن. كما يشمل رصد حركة الذهب بين تركيا وايران بدعوى ان تجارة الذهب ساعدت طهران على ادارة اقتصادها برغم العقوبات الاقتصادية الصارمة. وهذه هي المرة الثالثة خلال عام واحد التي يحاول الكونغرس الامريكي فيها منع وصول الاموال الى نظام الحكم في طهران. تطبيق العقوبات يهدف لكسر ارادة ايران في المجال النووي الذي استثمرت فيه كثيرا. وبرغمالاعتراف بان تلك العقوبات ساهمت في تبطئة حركة المشروع، يقول روبر منندز، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي: 'لقد تأثر الاقتصاد الايراني سلبا بهذه العقوبات من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي' مضيفا: 'ان رسالتنا واضحة وان الشباك (الذي ينفذ منه هواء التنفس) يغلق تدريجيا. لقد انتهى وقت الانتظار. علينا فعل شيءما '. وقال السناتور عن الحزب الجمهوري، مارك كيرك : ان علينا مسؤولية عمل كل ما في وسعنا لفرض ضغط مدمر على الحكومة الايرانية، وان تمرير هذه العقوبات ضرورة لانجاح ذلك الجهد'. مهما كانت مبررات الحصار فقد بدأ يتحول الى كارثة انسانية شبيهة بماجرى في العراق. فمنع التعامل مع البنك المركزي الايراني ادى الى توقف وصول عائداتبيع النفط ، وتوقفت بذلك كافة اشكال التبادل التجاري مع العالم بما في ذلك استيراد الادوية والمعدات الطبية. وفي شهر يوليو الماضي كان الاحتياطي الايراني من العملات الاجنبية يقدر بـ 150 مليار دولار، بينما تراجع هذا المخزون الى 110 مليارات في غضون اربعة شهور، اي انه يتناقص بمعدل عشرة مليارات شهريا. وهذا يعني انه سينفذ تماما في غضون عام واحد، بينما تراجعت العملة الايرانية الى نصف قيمتها قبل بدءالحصار. وذكرت مصادر اعلامية ان ما تملكه ايران من الدواء لا يكفي لاكثر من مائة يوم فقط. ومع ان الحكومة شجعت الانتاج المحلي من الادوية فان صعوبة استيراد بعض المواد اللازمة للتصنيع يعني عدم امكان التصنيع الكامل بما يلبي احتياج المواطنين. ومن اكثر المتضررين من نقص الدواء مرضى الدم والثالاسيميا ونقص الدم وانواع عديدة من السرطان. يضاف الى ذلك ان الحصار يمنع المرضى الذين يحتاجون لعلاج خارج بلادهم من السفر نظرا لعدم توفر الاموال من جهة واستحالة تحويل العملة، حتى لو توفرت، بسبب الحصار المفروض على البنك المركزي. وقد تعددت في الفترة الاخيرة التقاريرالاعلامية التي تبثها وكالات الانباء الدولية مثل رويترز وهيئة الاذاعة البريطانية حول تداعي الاوضاع الصحية في المدن والارياف الايرانية نتيجة قلة الدواء وتداعي الرعاية الصحية. فاذا سمح للوبي الصهيوني بتكرار نجاحه في فرض العقوبات على العراق قبل 23 عاما، فان التاريخ سيعيد نفسه، ولكن هذه المرة بقرار دولي ووعي الجيل الحاضربالكارثة الانسانية التي حلت بالعراق، وسيكون الجميع شركاء في جريمة القتل الجماعي التي اودت بحياة مئات الآلاف العراقيين، اغلبهم من الاطفال، وادت الى آلاف التشوهات والامراض والسرطانات. هذه المرة تعاقب ايران، ليس بسبب افعال قامت بها، بل بتهم توجه اليها بانها 'تنوي' تصنيع اسلحة نووية، المحاكمة والادانة وتنفيذ العقوبة، تأتي هذه المرة على النوايا وما يختلج في النفس، وليس على جرائم ارتكبت، بينما يفلت من العقاب مرتكبو جرائم التعذيب في غوانتنامو وابوغريب وقاعدة بغرام والسجون السرية في ثلاثين بلدا حليفا لامريكا، وكذلك قتلة الفلسطينيين الذين امطروا غزة بالحمم والقنابل بدون رحمة. د. سعيد الشهابي كاتب وصحافي بحريني يقيم في لندن |
الألبان يحتفلون بمئوية استقلالهم وينقسمون على تاريخهم
الألبان يحتفلون بمئوية استقلالهم وينقسمون على تاريخهم محمد م. الأرناؤوط على رغم أن ألبانيا تحتفل كل عام في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) بـ «يوم الاستقلال» إلا أن الاحتفال هذا العام يبدو مختلفاً ليس لأنه يتزامن مع الذكرى المئوية (1912-2012) بل لأنه يتوّج ما يحلو للبعض أن يسمّيه «قرن الالبان» نظراً لما تحقق لهم خلال السنوات الاخيرة نتيجة للتطورات الاقليمية والدولية. ففي 28 تشرين الثاني 1912 اجتمعت شخصيات وطنية ألبانية في مدينة فلورا الساحلية لتعلن «استقلال ألبانيا» عن الدولة العثمانية في الوقت الذي لم يعد هناك وجود للدولة العثمانية نظراً لأن معظم الاراضي الالبانية كانت تحت سيطرة جيوش صربيا والجبل الاسود واليونان التي كانت قد أعلنت في تشرين الاول (اكتوبر) 1912 الحرب على الدولة العثمانية بتأييد سري ثم علني من روسيا القيصرية. ونظراً لأن انتصار حلفاء روسيا كان يعني رسم خريطة جيوسياسية جديدة تهدد مصالح النمسا وألمانيا وايطاليا في الشرق فقد توترت العلاقات الاوربية ووصلت الى حافة الحرب بسبب «ألبانيا». كانت «ألبانيا» أو «بلاد الالبان» حتى ذلك الحين مفهوماً جغرافياً غير محدد المعالم لأن الألبان خلال الحكم العثماني الطويل (حوالى 500 سنة) توزعوا على أربع ولايات متجاورة (شكودرا وكوسوفا ومناستير ويانينا) كانو يشكّلون فيها الغالبية اضافة الى الصرب والبلغار واليونان الخ... ومع نمو الحركات القومية في البلقان ونشوء الدول القومية (اليونان وصربيا والجبل الاسود) تبلورت الحركة القومية عند الالبان بالاستناد الى اللغة والثقافة وليس الدين (غالبية مسلمة وأقلية مسيحية) في 1878 لتطالب بتوحيد الولايات الاربع في ولاية واحدة تتمتع بالحكم الذاتي ضمن الدولة العثمانية. وفي هذا السياق كان أهم انجاز للألبان اتفاق غالبيتهم في «مؤتمر مناستير» 1908 على تبني أبجدية واحدة (لاتينية عوضاً عن العربية) للغة الالبانية أصبحت توحدهم ثقافياً على الاقل. ولكن اسطنبول لم تستجب الى ذلك على رغم المطالبات والانتفاضات الالبانية المتواصلة حتى 1912 حين جاءت الحرب البلقانية لتنهي الحكم العثماني في غرب البلقان وتضع الالبان في المجهول. ومن هنا كان سبب الخلاف بين القوى الاوربية الكبرى الذي كاد يوصل الى حرب بينها يدور حول الاعتراف باستقلال «البانيا» والاتفاق على حدود هذا الكيان السياسي الجديد. فقد كانت روسيا ومعها حليفاتها في البلقان لا تريد أن تكون هناك «تركيا أخرى» (دولة ألبانية بغالبية مسلمة)، بينما كانت النمسا والمانيا وايطاليا تؤيد تشكيل دولة ألبانية مستقلة لتكون حاجزاً أمام وصول روسيا وصربيا الى البحر الادرياتيكي. ومع انعقاد «مؤتمر لندن» في كانون الاول (ديسمبر) 1913 أثمرت الضغوط والضغوط المضادة عن حل وسط أو نصف حل: نعم لدولة البانية مستقلة ولكن بحدود مصغرة لم تشمل سوى نصف الالبان، بينما ذهب النصف الآخر (كوسوفو ومكدونيا الغربية وتشامريا) الى صربيا واليونان. ومع هذا الحل الوسط أمكن تفادى حرب أوروبية وأمكن لوزير خارجية بريطانيا ادوار غراي أن يصرح في مجلس العموم أن ما تحقق كان «لأجل الحفاظ على السلم في أوروبا». ترسيم حدود «ألبانيا» استغرق طيلة 1913، وفي ذلك الحين توافقت القوى الكبرى على ترشيح النبيل الالماني ولهلم فون فيد لحكم أول دولة أوربية بغالبية مسلمة (70 في المئة مسلمون و20 في المئة اورثوذكس و10 في المئة كاثوليك) ، إلا أن وصوله تأخر حتى آذار (مارس) 1914 ولم يبق فيها سوى عدة شهور لانه عاد الى ألمانيا بعد اندلاع الحرب العالمية الاولى واحتلال النمسا لصربيا وألبانيا معاً. وبعد الاحتلال النمسوي جاء الاحتلال الايطالي ثم مقاومة الالبان لذلك في 1920 الى أن قرر «مؤتمر السفراء» في باريس (الذي تابع أعمال مؤتمر الصلح) الاعتراف باستقلال ألبانيا في حدودها الحالية وقبولها في عصبة الامم في كانون الاول 1920 . في فترة الاستقلال برزت أولاً شخصية أحمد زوغو الذي حكم ألبانيا خلال 1922 - 1939 رئيساً للحكومة ثم رئيساً للجمهورية وأخيراً «ملك الالبان»، الذي كان معجباً بمصطفى كمال أتاتورك وتنافس معه في التخلص من كل ماهو شرقي وتبنّي كل ماهو غربي. لكن زوغو فوجئ في نيسان (ابريل) 1939 بايطاليا تغزو بلاده وتضمها بعد الحبشة الى الامبراطورية التي أنشأها موسوليني، وهو ما فجّر المقاومة المسلحة في البلاد التي تطورت في 1943-1944 الى حرب أهلية بين اليمين واليسار. وفي نهاية الحرب تمكّنت القوات التابعة للحزب الشيوعي الالباني بقيادة أنور خوجا أن تحسم الوضع لصالحها وأن تلغي الملكية وتعلن ألبانيا «جمهورية شعبية». وكما أن زوغو بقي مرادفاً لألبانيا حتى الحرب العالمية الثانية فقد أصبح أنور خوجا مرادفاً لألبانيا بعد الحرب العالمية الثانية الى أن توفي في 1985. وخلال تلك العقود اشتهرت ألبانيا بتطرفها الايديولوجي ، حيث انها انضمت الى الصين في مقاومة النهج السوفياتي الجديد (التعايش السلمي) وتجاوزت الصين في «الثورة الثقافية» عام 1967 لتعلن «إلغاء الدين» وإغلاق كل الجوامع والكنائس في البلاد لتبقى «الممثلة الوحيدة للماركسية اللينينية» بعد تخلص الصين من التركة الماوية. بعد وفاة أنور خوجا بدأ «ربيع» أوربا الشرقية الذي وصل الى ألبانيا متأخراً في 1990 لينهي احتكار الحزب الشيوعي للحكم و يسمح بتأسيس أحزاب ديموقراطية جديدة كان أولها «الحزب الديموقراطي» الذي برز على رأسه صالح بريشا. وربما يمكن القول أن اسم بريشا هو الثالث الذي ارتبط به تاريخ ألبانيا بعد الاستقلال حيث أنه كان أول رئيس غير شيوعي لألبانيا خلال 1992-1997 ورمز الانتقال بألبانيا من الشيوعية الى الديموقراطية. وبعد تحول ألبانيا من نظام رئاسي الى نظام برلماني عاد الى الحكم ثانية كرئيس للحكومة في 2005 و فاز في 2009 بفترة ثانية، وهو يستعد منذ الان لانتخابات 2013 المهمة بالنسبة لعضوية ألبانيا في الاتحاد الاوروبي. خلال هذه السنوات عرفت ألبانيا ازدهاراً اقتصادياً تخطى 3 في المئة في 2011 بفضل تطور السياحة واندماجاً في المنظمات الاوربية الاطلسية، حيث انها انضمت الى حلف شمال الاطلسي في 2008 وتقدمت حينها بطلب للانضمام الى الاتحاد الاوربي. وربما ليست مصادفة أن تقرر بروكسيل تقديم مكافأة لألبانيا عشية الاحتفال بالذكرى المئوية لاستقلالها حيث أن لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاورربي أوصت بمنح ألبانيا وضعية «دولة مرشحة» في 22 تشرين الثاني، وهو الامر الذي يفترض أن يقرّه البرلمان الاوربي في كانون الاول. الا ان بريشا لن يدخل تاريخ ألبانيا المعاصر باعتباره من قاد البلاد من الشيوعية الى الديموقراطية ومن العزلة الى حلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي بل أنه من تجرأ على مراجعة التاريخ الرسمي لالبانيا بعد الاستقلال الذي ساد طيلة الحكم الشيوعى ودعا الى إعادة الاعتبار الى الملك أحمد زوغو، بل انه تبنى مبادرة نقل رفاته من باريس الى تيرانا لتدفن بمراسيم رسمية عشية الاحتفال بالذكرى المئوية للاستقلال. ولكن هذا الاحتفال قسّم الالبان بين من يتعاطفون مع زوغو وبريشا في الشمال ومع من يؤيدون أنور خوجا ورئيس الحزب الاشتراكي (وريث الحزب الشيوعي) إدي راما في الجنوب. هذا الانقسام لا يتعلق بألبانيا فقط بل أنه يشمل الالبان أيضا في كوسوفا المجاورة التي أصبحت «الدولة الالبانية الثانية» منذ 1999. فقد شاركت رئيسة الجمهورية عاطفة يحيى آغا في مراسيم تشييع رفات الملك أحمد زوغو وكالت المديح له، بينما لم يشارك في ذلك رئيس الحكومة هاشم ثاتشي بل انتقد بشدة نهج الملك زوغو إزاء ألبان كوسوفو. في هذه المناسبة لم يكن الاحتفال يخصّ ألبانيا بل أنه كان احتفالاً للألبان في ألبانيا وكوسوفو ومكدونيا والجبل الاسود وصربيا بـ «قرن الالبان» بعد أن خرج الالبان من عزلتهم وأصبحت لهم دولة ثانية (كوسوفو) وربع دولة ثالثة (مكدونيا) ووجود قوي في جنوب صربيا وجنوب الجبل الاسود. وعبّر وزير خارجية ألبانيا السابق ورئيس «حزب الاندماج الاشتراكي» إيلير ميتا عن هذه الاجواء في احتفال كبير بمدينة تيتوفو (عاصمة الالبان في مكدونيا الغربية ذات الغالبية الالبانية) بأن «المئة سنة المقبلة ستشهد توحيد الالبان»، وهو الشيء الذي كرّره الاكاديمي الكوسوفي المعروف مارك كراسنيتشي بالقول: «إن ألبانيا ستصبح دولة كل الالبان مهما طال الزمن». إلا أن بريشا يعبّر عن ذلك بواقعية أكثر حين يقول أن «كل الالبان سيتوحدون تحت مظلة الاتحاد الاوروبي»، أي بعد أن يكتمل انضمام دول غرب البلقان الى الاتحاد. |
http://www.almanar.com.lb/images/logo.png خُمس الاسرائيليين تحت خط الفقر كشفت معطيات جديدة عرضتها مؤسسات الضمان الوطني الصهيونية ان خمس الاسرائيليين تحت خط الفقر وان هذا المعطى الى ازدياد اذا لم تبادر السلطات الى مواجهة هذا الخطر. واظهرت هذه المعطيات ايضا ان "اسرائيل" تعد من الدول التي تحوي العدد الاكبر من الفقراء بين الدول المتقدمة وانها تضم الفوارق الاجتماعية الاكثر اتساعاً. |
[IMG]http://www.manifestosardo.org/wp-*******/uploads/2012/02/il-manifesto-logo.jpg[/IMG] MANLIO DINUCCI [IMG]http://www.areen.info/wp-*******/uploads/2012/12/ciaobama-300x198.jpg[/IMG] لا يحب الرئيس أوباما الحرب. ليس لأنه حاصل على جائزة نوبل للسلام، بل لأن العمل الأعرج المفتوح يكشف بطاقات الاستراتيجية الأمريكية والمصالح التي تشكل الركيزة لذلك. وكتبت صحيفة واشنطن بوست انه أطلق خطة كبرى، “تعكس تفضيل ادارته التجسس والعمل السري بدلا من استخدام القوة التقليدية”. تتيح هذه الخطة إعادة هيكلة وتحفيز “ديا” (وكالة مخابرات الدفاع)، المركـِّزة حتى الآن على حربيْ أفغانستان والعراق، بصورة يمكن أن تعمل على نطاق عالمي، بوصفها “وكالة تجسس تركز على التهديدات الناشئة، أوثق ارتباطا بالـسي.أي.أي ووحدات النخبة العسكرية”. ستكون الخطوة الأولى برفع المخطط الهيكلي لـ”ديا” -الذي تضاعف خلال العقد الأخير- بحوالي 16500 عضو. وسيتم تشكيل “جيل جديد من العملاء السريين” تحضيرا لإرسالهم الى الخارج. وتتكفل وكالة المخابرات المركزية “سي.أي.أي” بتدريبهم في مركزها الواقع بولاية فرجينيا، المعروف باسم “المزرعة”، حيث يؤطـَر عملاء سريون: بالنسبة الى اولئك المنضمين الى “ديا”، الذين يشكلون الآن 20٪ من الطلاب، سيتم خلق مناصب جديدة لهم. ويترجم التعاون المكثف بتزايد بين الوكالتين من خلال حقيقة أن “ديا” قد تبنت بعض الهياكل الداخلية لوكالة الاستخبارات المركزية، بما في ذلك وحدة تسمى “بارسيا هاوس”، التي تنسق العمليات السرية داخل إيران. وسيُجري وكلاء “ديا” الجديدة دورة تخصصية لدى قيادة العمليات الخاصة. وهي متخصصة، بالإضافة إلى القضاء على الأعداء، في “حرب غير تقليدية” أجرتها قوات خارجية مدربة على هذا الغرض، على “التصدي للتمرد” لمساعدة الحكومات الحليفة على قمع تمرد ما، على “العمليات النفسية” للتأثير على الرأي العام، بهدف دعم الإجراءات العسكرية الامريكية. عند انتهاء التأطير، ستعين وزارة الدفاع الامريكية عملاء “ديا” الجدد، وهم حوالي 1600 عند الانطلاقة، في بعثات في جميع أنحاء العالم. وتتكفل وزارة الخارجية الامريكية بأمر توفير هويات مزيفة لهم، عن طريق توظيف جزء منهم في السفارات. ولكن، بما انها (السفارات) مليئة بعملاء وكالة المخابرات المركزية، فسيقدم لوكلاء “ديا” هويات مزيفة أخرى، كجامعيين أو كرجال أعمال. إن وكلاء “ديا” بفضل خبرتهم العسكرية، أكثر ملاءمة لتجنيد مخبرين قادرين على توفير معلومات ذات طابع عسكري، مثلا، حول الطائرة المقاتلة الصينية الجديدة. يسمح تطور المخطط الهيكلي لـ”ديا” بتوسيع نطاق الأهداف المزمع ضربها بطائرات بدون طيار وبقوات خاصة. انها طريقة جديدة لخوض الحرب، التي تـُعدّ وتدعم هجوما علنيا بواسطة العمل السري، لتلغيم البلد من الداخل، كما فعلوا في ليبيا، أو للإسقاط من الداخل، مثلما يحاولون القيام به في سورية. في هذا الاتجاه تسير إعادة هيكلة “ديا”، التي أطلقها الرئيس أوباما. ولا يُعرف ما إذا كان المرشح الجدد لرئاسة الوزراء بيير لويجي برساني(1)، الذي يكن تقديرا كبيرا لأوباما، وقد هنأه فعلا. في غضون ذلك، ذهب إلى ليبيا من أجل “التقاط خيط تواجد قوي لإيطاليا في البحر المتوسط”، خيط الحرب على ليبيا، التي شاركت فيها إيطاليا تحت القيادة الامريكية. في حين تمتع، برساني، مستبشرا “مرحى”.. الترجمة من الإيطالية (الى الفرنسية): ماري آنج باتريزيو تعريب: خالدة مختار بوريجي مركز عرين للمعلومات |
http://www.alqudscenter.org/arabic/images/head1.jpg مركز القدس للدراسات السياسية "حملانٌ" في فلسطين و"أسودٌ" في سوريا وليبيا http://www.gulfissues.net/m_p_folder...otab/areeb.jpg عريب الرنتاوي http://sphotos-a.xx.fbcdn.net/hphoto...91503043_n.jpg نظرية "العرب الحملان"، هي الامتداد الطبيعي والمنطقي، لنظرية "التوسل والتسول"، كلتاهما صدرتا عن المصدر نفسه: رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري...ودائماً في سياق توصيف الموقف العربي من القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي...ودائماً أيضاً في سياق الترويج للتسويات والصفقات التي تنتقص الحقوق و"تُسفّه" المقاومة والعمل العربي المشترك، من دون أن تندرج يوماً في سياق النهوض والاستنهاض. العرب "حملانٌ" في فلسطين، هكذا يقول المسؤول القطري، المنزعج بلا شك من اندلاع المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين خشية أن "تغطي" على حربه المعلنة على سوريا، وحربه المُستترة ضد إيران...لكنهم (العرب الحملان) أسود في ليبيا وسوريا..في فلسطين لا سبيل سوى لدراهم معدودات لدعم صمود الفلسطينيين، أما في ليبيا، فإن بمقدور سلاح الجو العربي، الخليجي بخاصة، أن يزأر هناك، وسط أسراب المقاتلات والقاذفات الأطلسية. وينهمر المال والسلاح بغزارة، ومن كل المنافذ الحدودية، البرية منها والبحرية، بل ويُرسل بآلاف الجنود للقتال ضد الديكتاتور، وتحت رايات نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان (تصوروا يرعاكم الله). حملانٌ في فلسطين، وأسود في ليبيا وسوريا، هذه هي الرسالة التي يراد إيصالها للفلسطينيين...لا تعولوا على صواريخ "التنك"، قالها رئيس تحرير الشرق الأوسط، معبراً عن الموقف كما يرتسم في الرياض، وهنا نتساءل عمّا فعلته صفقات القرن والعقد، اليمامة والغراب، وهل كانت فعّالة حتى في مواجهة الحوثيين الحفاة والجوعى في بلاد اليمن السعيد؟. لا تلتفتوا لتهديد الإخوان المسلمين ووعيدهم، ولا لمناورات محمد مرسي، فهو في "الجيب"، وثمة حدود متواضعة لما يمكن أن يفعله أو يصل إليه...أيها الفلسطينيون، يجب ألا ترفعوا سقف توقعاتكم...ليس لدينا لكم سوى قليل المال، لتضميد الجراح وشراء الأطراف الصناعية، وفي أحسن الحالات، لتمويل "البنية التحتية" للهدنة طويلة الأمد، التي بشّر بها شارون لأول مرة، وأعاد صياغتها نتنياهو في مشروعه للدولة ذات الحدود المؤقتة. ليس مسموحاً لحماس والمقاومة والشعب الفلسطيني أن ينتشوا بمواجهتهم الباسلة للعدوان الإسرائيلي...ليس مسموحاً لهم أن يتفاءلوا بالتغيير في مصر، وليس مسموحاً لمصر، أن تغادر مربع الضياع والاستتباع، نهوض مصر خطر على هذا المحور الذي لم ينتعش دوره إلا على أنقاض دورها وريادتها، ليس مسموحاً للقاهرة أن تنفض عن نفسها غبار سنوات الركود والاستنقاع الطويلة، ليس مسموحاً لها أن تقترب من الخطوط الحمراء، فمثل هذا الأمرٌ يستدعي الاستنفار..ولقد استنفروا وهرعوا إلى القاهرة، لضمان الانصياع لـ"صوت العقل" و"الحكمة" والتعقل"، التي رسمت سقفاً لمقررات الوزراء العرب في القاهرة، لم تفلح العبارات الرنانة والإنشاء الثوري الجميل، في التغطية على قصور قراراتهم وبؤس نتائجها. حملانٌ في فلسطين، وأسود في سوريا وليبيا...هنا مطلوب تعميق الانقسام وإنشاء بنية تحتية لإدامته...وهناك يبذل الغالي والنفيس لتوحيد المعارضة، ويستخدم الجزر والعصي بكثافة بالغة للوصول إلى الغاية والمبتغى...هنا تنهمر النصائح والضغوط على عباس للعدول عن الذهاب للأمم المتحدة بحثاً عن الاعتراف، وهناك يجوبون العالم، بكل أدوات الضغط والإغراء التي يملكون، بحثاً عن تأمين الاعتراف بالوليد السوري الجديد في الدوحة. لن نذهب أبعد من ذلك في التكهن والتخمين، بيد أننا نشتم رائحة كريهة تفوح من بين جنبات "المرابطين" في القاهرة، وهذا التحرك الكثيف صوب التهدئة والهدنة، بأي ثمن، حتى لا أقول بالشروط الإسرائيلية...هنا تزرع بذور "الترتيبات النهائية" لوأد القضية الفلسطينية تحت عنوان التوسل والتسول، فالحملان لا تحرر وطناً ولا تسترد حقوقا، ليس للحملان من مستقبل سوى أن تصبح خرافاً ونعاجا، ليس لها من مكان في أعراف هؤلاء وتقاليدهم الحديثة، خارج موائد "الكبسة" و"المندي" و"الزرب"..فالحذر الحذر. |
مخطط استبدال "اسرائيل" بإيران: بداياته وغاياته ومصيره؟ حسين ملاح منذ اللحظة الاولى لانتصار الثورة الاسلامية في ايران عام 1979، عكفت دوائر الغرب بجناحيه الاميركي والاوروبي مستعينة بدول عربية وخليجية بشكل خاص على وضع مخططات لاستهداف النهج الايراني الجديد ، خاصة مع رفع الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني (قده) شعار دعم حركات المقاومة في لبنان وفلسطين لاستعادة الحقوق العربية والاسلامية ، وهو ما أربك المشاريع الاميركية المعدة للمنطقة خاصة مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد واخراج مصر السادات من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني ، ومنذ تلك اللحظة بدأت الغرف السوداء بإعداد العدة لضرب الثورة معتمدين على وسائل شتى من الحرب العسكرية والاستخباراتية وصولاً الى التحريض القومي والمذهبي … بداية مخطط ضرب ايران تحت ستار "منع تصدير الثورة الاسلامية"!!!! لم تكد تمضي اشهر بل ايام قليلة على انتصار الثورة الاسلامية (عام 1979) حتى بدأت موجة اغتيالات استهدفت شخصيات بارزة في الثورة (الشهيد بهشتي ، الشهيد مطهري وغيرهم) وذلك عبر سلسلة عمليات هدفت الى زرع الفوضى في البلاد مستعينة بعناصر داخلية جُندت من قبل اجهزة مخابرات أجنبية. ولم تكد تنتهي الثورة من اجتياز حاجز الاغتيالات والفوضى حتى أعلن صدام حسين الحرب على ايران في ظل دعم غربي ومالي وفرته دول خليجية متخفية تحت عباءة "حماية العالم العربي" من بوابته الشرقية، ورغم الخسائر الكبيرة في الارواح والاموال استطاعت الجمهورية الاسلامية افشال تلك الحرب ، فلجأت واشنطن وحلفاؤها الى المعارك السياسية لعزل طهران ، بعد مد القيادة الايرانية جسور تواصل مع حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية. وتمثلت هذه المعارك بمحاولة اختزال القضية الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي لأراضٍ عربية عبر توقيع اتفاقيات "سلام" (اوسلو، وادي عربة) ، وترافق ذلك مع لجوء الكيان الصهيوني الى الزج بترسانته العسكرية للقضاء على المقاومة في فلسطين وتصعيد الاغتيالات بحق قادة المقاومة واجتياح المدن الفلسطينية ، كذلك عمد العدو الى شن حربين على لبنان صيف (1993) وربيع (1996) . وبعد الفشل في تحقيق اهدافهم عمد الصهاينة الى الانسحاب من جنوب لبنان (2000) وبعده قطاع غزة وهو ما دفع "اسرائيل" وامريكا ومعهم حلف ما يسمى "الاعتدال العربي" الى التصويب على ايران بصفتها رأس "محور الممانعة" ، فبدأ التبشير بخطورة ما أسموه "الهلال الشيعي" وانتشر في الفضائيات والصحف المدعومة من قبل دول خليجية العزف على الوتر المذهبي في محاولة لتأليب الرأي العام العربي والاسلامي ضد ايران بهدف عزلها على الساحة الاسلامية والعربية وابعادها عن قضايا العرب الاساسية وفي مقدمتها احتلال فلسطين. غزو العراق ومرحلة جديدة من التحريض المذهبي أمام نجاح ايران في استيعاب الحملات ضدها وصمود المقاومتين الفلسطينية واللبنانية بدعم وغطاء سوري بوجه الاحتلال الصهيوني ، سعت الادارة الاميركية الى التدخل عسكرياً في المنطقة متذرعة بالحرب على "الارهاب" بعد احداث ايلول / سبمتبر فإحتلت افغانستان والعراق. وبعد فشلها في هذين البلدين انطلقت حملة تحريض مذهبية ضد ايران ساعدت فيها اطراف عربية واقليمية عملت على تغذية الشعور المذهبي خاصة في العراق الذي دخل بدوامة عنف حصدت مئات الالالف من الابرياء. ورغم ذلك استطاع العراقيون تحقيق نجاح جزئي في منع انتشار الفتنة في بلدهم ودفعوا الاميركيين الى الخروج منه وهو ما وصف بضربة قوية لمحور "الاعتدال العربي" (لخوفه من غياب الخاضنة الاميركية) ، وبدلاً من الانفتاح على ايران وانشاء تعاون معها رفع محور "الاعتدال العربي" من سقف تمويله لحملات التحريض ضد ايران وبدأوا بتصويرها على انها عدو العالم العربي الجديد. انقلاب الموازين …..ايران بدل "اسرائيل" عدوا للعرب!! حملة التحريض ضد ايران وصلت الى مستوى غير مسبوق في السنتين الاخيرتين خاصة مع سقوط ابرز حلفاء واشنطن في المنطقة حسني مبارك في مصر وزين العابدين بن علي في تونس ، وشعر معه الغرب ودول "الاعتدال" العربي بانهم اصيبوا بضربة قوية ، فوجدوا في الازمة السورية التي اندلعت لاحقاً فرصة للنيل من ايران لقربها من سورية ولما تمثل هذه الاخيرة من اهمية بالنسبة الى دعم المقاومة في لبنان وفلسطين. هنا وجدت امريكا وحلفاؤها العرب في الازمة السورية فرصة ذهبية لتسعير الفتنة والتحريض ضد ايران وايقاع الشرخ في صفوف حركات المقاومة ، وتحميل ايران مسؤولية نزيف الدم السوري عبر القول ان الحرب في سورية هي بين اقلية علوية تحتكر السلطة ضد اغلبية سنية ، فسُخرت وسائل الاعلام على اختلاف انواعها لتحقيق هذا الهدف وزُج بالفتاوى الدينية واستقدم الاف المقاتلين من شتى البلدان الى سورية تحت عناوين "الجهاد" ، وسط هذا كله بدأت محاولات للايحاء بان "اسرائيل" هي كيان طبيعي يمكن التعايش معه وان ايران هي دخيلة على المنطقة وتسعى الى بسط نفوذها. اما القيادة الايرانية فكانت اول من رحب بالثورات في تونس ومصر ووصفتها بالصحوة الاسلامية ونادت بضرورة الاصلاح في سورية واعتماد الانتخابات والخيار الشعبي للوصول الى عملية تحول ديمقراطي في هذا البلد داعية الى ابعاد عناصر التدخل الاجنبي وحصر الحل بالسوريين لتسوية خلافاتهم ، ورغم ذلك اصرت اطراف سورية بتحريض اميركي على رفض اية حلول رافعين شعار اسقاط النظام ولو بالقوة المسلحة. وفي هذا الاطار يرى الكاتب والمحلل السياسي مخائيل عوض في اتصال مع موقع المنار ان محاولات ضرب ايران وتشويه صورتها (خاصة مع اندلاع الاحداث السورية) اتت بعد سلسلة الانتصارات التي حققها المقاومون في لبنان وفلسطين والذين وضعوا حداً لتفوق الكيان الصهيوني وهو ما لم يحتمله داعمو هذا الكيان على رأسهم الادارة الاميركية ، التي جندت حلفاءها من العرب والمنطقة وسعت جاهدة لعزل طهران ومحاصرتها وفي تفكيرهم ان ضرب الرأس ويتداعى بعدها الجسد. كيفية التصدي لمخطط استهداف ايران؟ وبحسب عوض فإن مشروع استهداف ايران سيظل قائما طالما بقيت القضية الفلسطينية حية مؤكدا ان افضل وسيلة لمنع اصحاب مشاريع الفتنة في بلاد الغرب والعرب هو الاستمرار في احياء هذه القضية ومواصلة نهج المقاومة في لبنان وفلسطين والعمل على شد الاهتمام العربي والاسلامي اليها (فلسطين) وجعلها بوصلة الصراع لتمييز العدو من الصديق، ولعل صواريخ المقاومة الفلسطينية الاخيرة التي وصلت للمرة الاولى الى تل ابيب تُثبت بالدليل القاطع ان الجمهورية الاسلامية هي خير داعم للقضية الفلسطينية وليس من رفع شعار "السلام" كخيار لاسترجاع الحقوق المسلوبة... http://www.almanar.com.lb/adetails.p...ccatid=34&s1=1 |
[IMG]https://lh5.googleuser*******.com/-inw10FtnwPM/UMI0QVFJnJI/AAAAAAAAAJA/aconPUQU3ZU/s640/Untitled-12.jpg[/IMG] أخي نسمات الحرية! سلام عليكم ومرحباً بك وبمشاركاتك وبمقترحاتك. أخي العزيز إلهي عظم البلاء! نحمد الله على عودك وعودك ميمون ورؤيتك تزيل الهم وتفرج السرائر حقاً. ملامح زوال آل خليفة باتت على الأبواب الراية الحسينية كتب: جاءت الأوامر الأمريكية للنظام البحريني بالسماح للمعارضة بالإعتصام والتظاهر السلمي في البحرين وبالأخص العاصمة المنامة ، وذلك بعد إتفاق مسبق أمريكي إيراني قبل بدء أي حوار بين الأمريكان وإيران ، وذلك كتقديم أوراق حسن نية من الطرف الأمريكي بأنه فعلا يدعم الديمقراطية قولا وفعلا ويسعى لحل المشكلة البحرينية ولا يفرق بينها وبين ما يجري في مصر وتونس واليمن وغيرها ولا يدعم النظام البحريني كما تتهمه أطراف عديدة كروسيا وإيران ، وحل مشكلة البحرين هو أول شروط إستئناف الحوار مابين إيران ومجموعة 5+1 بعد توقف إستمر 6 شهور ولم تلتزم خلالها أمريكا بالإتفاقات التي تم التوصل إليها ، لذلك فالبحرين هي ورقة إعتماد إستئناف الحوار ، لذلك تم إعطاء الأوامر لبريطانيا لإستئناف إدارتها للملف البحريني وإرغام النظام على الدعوة إلى حوار والسماح بحق التظاهر والإعتصام للمعارضة ، فرضخ النظام البحريني مجبرا وإشترط أن يكون الإعتصام سلميا ، فخرج ولي العهد الخليفي وأعلن دعوته للمعارضة لحوار جديد حسب بنود باتت مختلفة تماما عن الدعوة الأولى التي أطلقها قبل أكثر من سنة وبسقف أعلى وأشد مرارة على النظام الخليفي ، فهذه المرة الحوار يحظى بظروف إقليمية مختلفة تماما وحالة ضعف وإرباك خليفي غير مسبوقة ، بالأخص أن الداعم الأساسي وهي العربية السعودية في حال إنكفاء داخلي ومرشحة للإنفجار نتيجة الوضع الصحي للملك السعودي ، والسبب الأكبر لقبول إمريكا بهذا التراجع والقبول بفتح حوار مابين النظام البحريني والمعارضة هو أن المشروع الأمريكي في المنطقة وبالأخص في سوريا قد هزم شر هزيمة وجاءت هزيمة الصهيوني في غزة لتتوج هذه الهزيمة ، فما كان من الأمريكي إلا الرجوع إلى الروسي أولا والإتفاق معه على إحياء بنود إتفاق جنيف والذي ينص أولا أيضا على حل مشكلة البحرين والدخول في مفاوضات لحل المشكلة السورية بشرط موافقة النظام السوري على أية نتائج وتضمن بقاء الأسد بموقعه ، هذا الحوار من المستحيل أن يتم بعيدا عن النظام الإيراني فبدأت أمريكا بالدعوة مرة أخرى للحوار المباشر مع إيران ولكن إيران رفضت وفضلت الحوار عبر مجموعة 5+1 ومباشرة ماتم التوصل إليه من إتفاقات قبل توقف الحوار وأولها حل مشكلة البحرين وإعطاء المعارضة حقوقها كاملة غير منقوصة وأول حق التظاهر والإعتصام وإسقاط أي تهم سياسية مفبركة والإفراج عن النشطاء إضافة إلى الدخول في حوار يفضي إلى نظام ديمقراطي وحكومة ملكية دستورية وحق الشيعة في الإنخراط بكل الأجهزة الحكومية بما فيها العسكرية وتوقيف التجنيس العشوائي وتعويض المتضررين ، فوافقت أمريكا وأوكلت المهمة للمستعمر التقليدي الذي يعرف طبيعة البحرين والمنطقة جيدا بريطانيا لتدير الملف. هنا الأمور ستأخذ منحى آخر مختلف عن أي مرة سابقة لأن الأمريكي الأن مجبر على الوصول لحل لمشكلة البحرين وإلا فقد معها كل وجوده بالمنطقة فالقضية البحرينية هي الأخطر على الأمريكان لأنها نقية ولا يستطيعون التفلت منها بالأخص وأنها تشكل الإحراج الأكبر لها في كل المحافل والحوارات وحتى أمام الرأي العام في أمريكا لذلك لا تستطيع أمريكا تجاهل المشكلة للأبد ، إضافة إلى أننا أمام مفصل تاريخي كبير بعد بداية العام 2013 حيث من المقرر أن تدخل القوى العالمية الكبرى في حوارات ومفاوضات لتسوية مجمل الوضع في العالم كله وليس المنطقة فقط وذلك لتقاسم النفوذ وتشكل البحرين معضلة المعضلات لأمريكا في هذه المفاوضات ، لذلك هي تقبل الأن بحل المشكلة وبالتنازل عن البحرين بشكل أخف وطأة حتى لا تفقدها بالكامل عبر التوصل لحكومة شبه ملكية دستورية ليكون لها نوع من النفوذ في النظام الجديد الذي سينشأ في البحرين. هنا نأتي إلى النقطة الأهم في كل ما يجري ... ونتساءل عن ردة فعل النظام البحريني أزاء الأوامر الأمريكية الجديدة !! وهل سينصاع آل خليفة إلى أمريكا للدخول في حوار شفاف ونزيه مع المعارضة يسلمون بموجبه الحكم إلى سلطة الشعب وإلى إنشاء دستور يحجم آل خليفة ويقزم أكثر من 90% من نفوذهم وربما يعرضهم للمحاكمة والسجن لاحقا نتيجة مخالفاتهم وجرائمهم ، وبذلك يخسرون كل شيء ولا تبقى لهم إلا سلطة الملك الذي لا يملك إلا بعض الصلاحيات المحدودة؟؟!! .... الإجابة أن النظام سيسعى كما المرات السابقة للتهرب من الحوار بإفتعال أزمات أخرى والتحجج بحجج واهية حتى لا يتم التوصل لحل حقيقي ولكنه يعلم هذه المرة أن الوضع مختلف عن أي مرة سابقة وبأن الظروف تغيرت ، لذلك يعمد إلى تسليح السنة في البحرين والمرتزقة تمهيدا للحظة إعلان فشل التوصل لحل في الحوار مع المعارضة لأنه لا يستطيع تحمل كلفة مطالب المعارضة لأن طبعه الذي جبل عليه كعدو غزى البحرين منذ 230 سنة لم يتغير على مدى الأجيال لذلك لن يسلم الغنيمة بسهولة وسيقاتل بكل الوسائل الشرعية وغير الشرعية مهما كان الثمن للحفاظ على غنيمته التي حصل عليها بالغزو ، فالنظام ليس إلا سارق وقاطع طريق وقاتل ومعتدي وهذه حقيقته التي يدركها هو وكل الدول المرتبطة بالقضية البحرينية ، وعلى ضوء هذه المعطيات ، فإن النظام سيعمد إلى إفشال الحوار بشتى الوسائل أولها الإدعاء بأن المعارضة غير سلمية عبر إفتعال أعمال عدائية ونسبها للمعارضة كما حصل سابقا ولكن هذه المرة بشكل أكبر ، وسيتبع كل الوسائل الشيطانية لتشويه سمعة المعارضة ، ولكنه بالتأكيد سيفشل وستضيق ذرعا كل الدول الكبرى التي تشارك بحل المشكلة البحرينية من تصرفات النظام البحريني والذي سيلجأ في نهاية المطاف إلى إستخدام العنف وإشعال حرب أهلية مابين السنة المؤيدين له والمعارضة الشيعية والتي ستؤدي إلى تدخل خارجي يستأصل حكم آل خليفة من البحرين بشكل أبدي وتحقق المعارضة البحرانية الإنتصار بعد بذل تضحيات كبيرة بسبب جرائم آل خليفة ، إذا فالمسألة هذه المرة بإذن الله محسومة ، وسقفها الزمني محدد حسب تطور أوضاع الحوار المرتقب والتي لا أعتقد بأنها ستتعدى الثلاثة شهور على أقصى تقدير منذ بدء الحوار ، وبعد إنتهاء الحوار بالفشل أيضا لن تستمر الأمور أيضا لأكثر من ثلاثة شهور لوضع نقطة النهاية في سطر حكم آل خليفة في البحرين وطبعا هذه الشهور تقديرات شخصية أتوقعها وربما تقصر أو ربما تطول حسب تطور الأوضاع الإقليمية فربما تتغير الأمور في أية لحظة في البحرين وتنقلب الأمور رأسا على عقب إذا ما تطورت الأوضاع في منطقة ما في منطقة الشرق الأوسط وبالأخص في سوريا ، فإن أي خلل في الخطوط الحمراء المتفق عليها في سوريا من شأنها إنهاء حكم آل خليفة خلال أيام ، لذلك لايوجد سقف زمني محدد ولكن بكل تأكيد بأن الأمور هذه المرة لن تتعدى الشهور فقط قبل إعلان سقوط آل خليفة وإنتصار المعارضة البحرانية المؤمنة المظلومة في البحرين الأبية ، وبعض التسريبات أشارت إلى أن الأمور لن تتعدى شهر مارس القادم 2013 كحد أقصى لزوال آل خليفة. وبوادر هذا الإنتصار بدأت فعليا بالظهور وأهمها السماح للمعارضة بالتظاهر وقريبا بإذن الله الرجوع لدوار اللؤلؤة رمز الثورة البحرانية ، وأيضا طلب بعض السفارات بتسفير عائلات الموظفين بها والإبقاء على بعض الموظفين الأساسيين وتراجع الإقتصاد بشكل كبير وحركة الأسواق والبيع والشراء والأهم الإفراج عن بعض قيادات الحراك البحراني من السجون الخليفية وكلها بوادر تبشر بقرب الإنهيار الخليفي وزوالهم المحتوم بإذن الله. ولكم الأن أن تتابعوا خطاب الشيخ علي سلمان الأخير والذي كان بنبرة صوت عالية ومختلفة جدا عما تعودناه منه ، وبكلام شفاف ومباشر وتلميحات لا تقبل التأويل ، وطلبات مباشرة وإصرار على عدم التنازل عنها ، فهو بحق خطاب فصل الخطاب وكلمة الإنتصار النهائية قبل إعلانه رسميا ، وهو يؤكد على إنتصار السنة الإلهية المتمثلة في حصول الشعب على حقوقه وقريبا جدا ، فأبشروا بالخير يا آل أوال وتمسكوا بقيادة الحكيم وخوئي البحرين سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم الذي قادكم بنجاح باهر لهذه اللحظة التاريخية والتي ستؤدي كتحصيل حاصل لإعلان الإنتصار وزوال الحكم الخليفي بكل يقين ، فقد صبرتم صبر أيوب بسلميتكم ولابد أن يكافأكم الله على هذا الإيمان والصبر الغير مسبوق في تاريخنا الحديث. وتعقيباً كتب أبو رقية: اغلب المتابعين للاحداث من المهتمين الشيعة بعلامات الظهور المبارك يعتقدون ان ما يحدث اليوم في العالم وفي سوريا خصوصا هو مقدمة للعلامات الحتمية واذا كان الامر كذلك ومع وجود بعض النصوص الشريفة التي بين ايدينا , يمكن لنا ان نرسم صورة تقريبية لما سيحدث في القادم من الايام او ما سيحدث قبل ظهور داعي الحق والعدل عليه صلوات ربي وذلك بربط الاحداث الجارية والجو السياسي العام القائم بعلامات واحداث الظهور . أمريكا تقاتل اليوم ( بالنيابة ) في سوريا بكل شراسة للاسباب التالية 1- مصالح امريكا الاستراتيجية ومشاريع الطاقة العالمية 2- أمن الكيان الصهيوني اللقيط 3- أمن حلفاؤها الخليجيين فبقاء سوريا ضمن الحلف المقاوم في المنطقة مع تراجع الهيمنة الامريكية وبروز اقطاب منافسة سيؤدي عاجلا ام اجلا الى ضرب المصالح الامريكية بالصميم وكذلك تصبح خطر وجودي حقيقي على كيان الصهاينة وبعد هذا ستصبح مشيخات خليج الخيانة في مهب الريح , فممالكهم واماراتهم اوهن من بيت العنكبوت لعنهم الله . بالعودة الى صلب الموضوع وربط الاحداث الجارية بروايات الظهور المبارك نستطيع القول ( والله العالم ) أن الروايات تتحدث عن صراع بين الاصهب والابقع ثم خروج السفياني عليهما لتكون له الغلبة والنصر , وان هذا السفياني لع سيدخل العراق بعد ذلك وسيكون اصطدامه بالايرانيين واليمانيين على ارض العراق او داخل اراضي ايران ( اصطخر ) اي ان ايران لن تتدخل في احداث سورية عسكريا ( او تدخل ضعيف ليس ذو جدوى ) وكذلك اليمانيين الا بعد فترة طويلة ويصبح حكم ال الاسد ( او غيرهم ) في خبر كان وتتعرض المنطقة الى دمار كبير ومنها العراق ! اين ايران واليمانيين وحزب الله اذن ؟ اين الروس والصينيين ودول البريكس ؟ لماذا لم يتحركوا ؟ وتركوا سوريا تسقط هكذا بيد الحلف الغربي الصهيوني !! قبل الاجابة على هذا السؤال يجب معرفة التالي في الجولات القادمة ( ساعات الصفر القادمة ) سيكون الحلف الممهد للسفياني اكثر شراسة واصرار على الاطاحة في الاسد وسيلجأون الى اجراءات متطرفة ( فالروايات تتحدث عن رجفة وعن هزة وعن امور عظام تحدث قبل خروج السفياني يهلك فيها مائة الف او اكثر ) وربما تخدمهم ايضا كوارث طبيعية وتسهل لهم المهمة كما حدث في هاييتي من زلزال اذاب كيان الدولة ومؤسساتها ودمرها. فبمرور الايام تشعر امريكا بالضعف والتراجع اكثر واكثر والوقت ليس بصالحها وعليها العمل بصورة اسرع واكبر لتحقيق اهدافها , خصوصا اذا علمنا ان اكبر حلفاؤها بالمنطقة ( مملكة الخيانة السلولية ) ايلة للسقوط ( والاتيان ببندر وتسليمه وزارة هو عمل امريكي ليحافظوا على هيمنة الاسرة الحاكمة على مقاليد الامور داخل المملكة والمحافظة على التوازنات بين ال سعود انفسهم وضمان هيمنة امريكا على القرار السعودي , فبندر لم يكن بعيدا عن المسالة السورية حتى يقربوه بهذه الخطوة هذا من ناحية من ناحية اخرى , اذا كانت الاستخبارت الامريكية والموساد ومخابرات الاعراب والاتراك والغربيين مستنفرة وتعمل على اضعاف سورية ليل نهار فماذا يمكن لبندر السوبر مان ان يضيفه لكل هؤلاء ) واعتقد والله العالم سنشهد هذا التطرف في الملف السوري بعد 4 - 6 اشهر من اليوم وبعد ان يزجوا بدماء ومقاتلين جدد الى ارض المعركة وامكانيات اكبر لتحقيق النصر على الاسد وسيظهر السفياني وترتفع رايته بعدها ويقاتل حتى يستلم السلطة . فما سيحدث في سوريا , ان اغلب حاملي فكر القاعدة المثقوبة سيتجمعون في الشام تحت قيادة امريكا ( وهذا ما اكده الشيخ الكوراني كثيرا ) بالاضافة الى هؤلاء هناك الجيش الحر وتيارات اخرى كثيرة طامعة للوصول الى السلطة لكنها في نهاية المطاف سينتهي بها الامر كما انتهى بالفصائل الافغانية التي قاتلت الروس ثم تناحرت فيما بينها , فلابد اذن من طالبان جديدة ولكن امريكية الهوى وهذا ما يمثله السفياني , فالموجودون حاليا دماء رخيصة جدا دورها ابقاء الوضع السوري مضطربا ودمويا حتى ساعة الصفر الحقيقية .وسيبقى الكثير منهم لينظم بعدها الى جيش السفياني الذي يعد الان على الارض الاردنية واللبنانية والتركية وبقية الدول المنخرطة في هذا المخطط الخبيث. والحديث عن تفتيت سوريا الى كانتونات طائفية صغيرة متناحرة غير صحيح حيث ستكون عرضة للاختراق والتموضع لقوى عالمية اخرى , ولايمكن ايضا والحال هكذا من الحفاظ على مشاريع الطاقة الكبرى التي تفكر بها امريكا بعد اسقاط الاسد هذا من من ناحية , من ناحية اخرى نرى ان المخطط الامريكي في مصر حدث عبر استبدال حسني بالاخوان المفلسين مع بقاء السلطة الحقيقية بيد العسكر الموالين لامريكا والبلد لازالت موحدة ( لكن يمكرون ويمكر الله ) والعراق ايضا بقي موحدا رغم الاحتلال الامريكي . نعود لسؤالنا الكبير اين ايران , اين روسيا , اين الصين , اين حزب الله . يبدو لي من خلال الروايات الشريفة ان حزب الله سيتدخل في سوريا عند احتدام الصراع بين القوى الثلاث في دمشق لتنفيذ غاية محددة وينسحب بعدها , والله هو العالم طبيعة تلك المهمة او المهمات العاجلة . الصين التي استخدمت الفيتو المزدوج مع الروس ثلاث مرات , هل تتخلى هكذا عن سوريا وتبقى متفرجة لا مبالية وهي التي اعلنت العام الفائت على لسان هوجينتاو اوامره للبحرية الصينية بالاستعداد للحرب دفاعا عن مصالح الصين الاستراتيجية . ام روسيا التي نرى وزير خارجيتها منذ سنة ونصف لم يطول به المقام في روسيا اسبوعا واحدا فهو دائم التنقل هنا وهناك حتى وصل بعض الاحيان الى حالة الاصطدام مع رئيس وزراء موزة الديوث لعنه الله والتهديدات اللفظية والعسكرية الفعلية التي تطلقها روسيا بين الحين والاخر وقطعها البحرية تجوب المياه الاقليمية السورية وقاذفاتها الاستراتيجية التي بدأت تقترب كثيرا من الشرق الاوسط . او ايران التي تعلم جيدا ان استهداف سوريا اليوم هو مقدمة لاستهدافها وباقي المقاومات بالمنطقة مستقبلا للقضاء عليها قضاءا مبرما وهي التي تعد حالها منذ 30 عاما لمثل هذه المواجهة المصيرية . فمعركة اليوم في سوريا وعلى سوريا ستحدد بلا شك شكل العالم لعقود قادمة فالمسألة اليوم هي اما نكون او لانكون انها مرحلة فاصلة ومفصلية وسمها ما شئت في تاريخنا المعاصر نعيشها اليوم على ارض سورية . بعد هذا نعرف انه لايمكن التراجع والسماح لامريكا واذنابها في العبث في سوريا والمنطقة والعالم كيفما تشاء وكما اعتادت على ذلك خلال العشرين عاما المنصرمة من الهيمنة المطلقة للارادة الامريكية , خصوصا بعد النكسة المالية والاقتصادية التي جعلت العالم الغربي يترنح بسببها ويهتز والخسائر العسكرية المذلة لامريكا وحلفاؤها في العراق وافغانستان وجنوب لبنان وكشفت سوئاتهم . اذن لابد من مقاومة المشروع الامريكي لكن اين ؟ الكل يعلم ( او الكثيرين ) ان هناك حربا عالمية ستسبق ظهور الامام عليه السلام ( وهناك موضوع خاص عن هذا الامر في المدونة ) وان زمان ظهور السفياني واستيلائه على السلطة يكون خلال هذه الحرب وبالتأكيد بعد نشوبها والتي ستشغل القوى العالمية والاقليمية فيها. وستكون الصين وروسيا وايران مشتركة بها ضد المعسكر الغربي وخصوصا امريكا التي ستدمر ولن يكون لها ذكر بعد ذلك ( تدمر بصورة تجعلها غير قادرة بعد ذلك على التدخل في اي مكان من العالم ) .اما اوربا فستتضرر جزئيا وليس كليا من هذه الحرب ( ربما تحاول ان تنأى بنفسها من دخول هذه الحرب ) وهذا يتضح من خلال الروايات التي تتحدث عن قدوم الجيوش الاوربية لحرب الامام المهدي ارواحنا لتراب نعله الفداء . وستكون الضربة الاولى لهذه الحرب الكونية قادمة من المشرق ( الصين او روسيا ) ضد امريكا حيث ان الرواية تقول ( تخرج نار من المشرق فتصيب المغرب ثم تخرج نار من المغرب فتصيب المشرق ) حيث الروايات عن اختلاف صنفين من العجم وسفك دماء كثيرة اما ايران فاعتقد والله العالم انها ستستغل ظروف الحرب وتقوم بالتحرك في استهداف القوات الامريكية في الخليج والمنطقة وستقضي على الوجود الحربي لهم وستغرق اساطيلهم وتدمر قواعدهم ان شاء الله وتقوم بتحرير البحرين والقضاء على الاسر اليهودية النجسة الحاكمة في الخليج عدا السعودية التي سيبقى لال سعود لعنهم الله سلطان ضعيف ومحدود ويفقدون السيطرة على اجزاء كبيرة من البلاد ولكنها ( اي ايران ) سيصيبها ضرر كبير ايضا يمنعها من الحركة السريعة للقضاء على السفياني وجيشه في بادئ الامر مما يمكنه من دخول العراق لفترة قصيرة ومحدودة , فلابد من فترة لاعادة بناء وتنظيم جيوشها . ملاحظة (أبو رقية نفسه): هذا الكلام كتب قبل 4 أشهر وشهر صفر القادم سيحدد كل شئ ولاأظن أن هناك تسوية قادمة بين الامريكان وخصومهم فلو هدأت سوريا اليوم فيستبعد جدا أن تعود هذه الاحداث من جديد في وقت قريب منقول |
"المشروع القطري "تدمير السعودية لقد سببت أحداث الربيع العربي والمتغيرات التي طرأت على العراق بعد غزوه في عام 2003 والتي أدت إلى سقوط الحكام الديكتاتوري، فراغا سلطويا وسياسيا تنافست عليه الدول التي مازالت حكوماتها تمسك بزمام الحكم فيها لتتحول إلى دول ذات سطوة. ومن هذه الدول قطر ذات المساحة الصغيرة والطموحات الكبيرة والتي تدعمها وتباركها الولايات المتحدة وإسرائيل. وأصبح الخليج منطقة لسباق النفوذ والقوة بين الجهات المختلفة بما فيها بين قطر والمملكة العربية السعودية وتحولت المنطقة الى أرض للصراع السياسي، فقط أصبح واضحا ان السياسة العربية هي سياسة مبنية على المصالح الخاصة للحكام ولا يوجد فيها اي احترام لحرية الكلمة أوالضمير، خصوصا أن ما يحدث في ظاهرها يختلف تماما عن ما يكتب بين السطور. ومن الواضح ان السياسة القطرية تهدف الى تقوية سلطتها ودورها في المنطقة على حساب الدورالسعودي. وفي الوقت ذاته اصبحت العلاقات السورية القطرية متوترة بسبب خطة قطر لضرب سورية من أجل الحصول على موطئ قدم في الخليج وبعد ذلك تقوم بتدمير وتقسيم الدول الاخرى كي تتحول لدولة عظمى بين دول صغيرة مفتتة في المنطقة. كما تستمر قطر حتى الساعة بدعم المعارضة المسلحة السورية مادياً وإعلامياً كي تفضح دور الحكومة السعودية بعد اسقاط سورية. لذلك يبقى السؤال الأساسي: كم ولمن تدفع قطر؟ والجواب واضح: دفعت جمعية الشيخة موزه حوالي 200 مليون دولار لجمعيات وهابية (كأنصار السنة في مصر) و100 مليون للاخوان المسلمين وشيد أمير قطر جامعا كبيرا باسم محمد بن عبد الوهاب. كما قامت قطر بتنفيذ خطة عسكرية لنقل القواعد العسكرية الامريكية من السعودية الى اراضيها وبهذا فرضت نفسها على العالم الغربي كدولة اقليمية وعربية. وأصبح هذا الأمر سببا لضرب السعودية مادياً وسياساً بعد ان كانت المملكة مقراً للاتفاق بين دول الخليج والدول الاخرى. فلذلك سيتم ترويج ايديولوجية ضد الاسرة الحاكمة في المملكة بين الجيش والشعب السعودي لزعزعة الاستقرار و تدمير الدولة السعودية سياسيا وإقتصاديا ثم ستعرض قطر نفسها كدولة إقليمية. وفي الوقت ذاته نرى ان الوضع في المملكة السعودية ليس هادئاً كما هو معهود، ويختفي شيئا فشيئا أمام أعيننا ما يسمى "بالاستقرار السعودي"، حيث تغلي المناطق الشرقية الشيعية الغنية بالنفط ويسمع وقوع أصوات انفجارات في المناطق القريبة جداً من العاصمة الرياض، علاوة على أن أحفاد العائلات العربية القديمة في الحجاز وعسير غربي البلاد يتذكرون الدور الذي لعبوه سابقاً في حياة شبه الجزيرة العربية وحرموا منه في عهد آل سعود (راجع الرابط). وبالطبع ستأتي قطر الدولة الصغيرة المستقرة الغنية على خلفية التناقضات والانقسامات العربية وستظهر كأنها متزعمة للدور الاقليمي في المنطقة. http://arabic.ruvr.ru/2012_12_04/96825923/ |
تقرير عن نشاط إيران النووي زيّفته إسرائيل... ينقلب عليها
تقرير عن نشاط إيران النووي زيّفته إسرائيل... ينقلب عليها كُشف، أمس، أن التقرير الذي تناقلته أخيرا وسائل الإعلام العالمية وبالأساس وكالة أنباء «أسوشيتد برس» واوضحت أن مصدره الوكالة الدولية للطاقة النووية التي تتخذ من فيينا مقراً لها وتضمن صورا لموقع ذكر التقرير أنه المكان الذي أجرت فيه إيران تجربة نووية وتضمن أيضاً صورا للمنشآت التي قيل أنها استخدمت في التفجير، «كان مزورا وأن إسرائيل هي المتهم الأول في تزويره»، الأمر الذي، وفقا للمراقبين السياسيين، انقلب على إسرائيل وألحق ضررا فادحا بالحملة الدولية ضد البرنامج النووي الإيراني في شكل عام. وذكرت «نشرة علماء الذرة» التي تصدر في فيينا عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن علماء الفيزياء الذرية الذين اطلعوا على التقرير والصور المنشورة معه لاحظوا وجود أخطاء واضحة يمكن من خلالها بسرعة ملاحظة عدم صحة التقرير والصور وقالوا أنه «عمل مزور من شخص هاو». وكان التقرير المزور أثار أسئلة حول التحقيق الجاري من جانب مفتشي الوكالة الدولية والذي يشكل جزءاً مهماً من المعلومات الاستخبارية حول الأعمال الجارية في المنشآت التابعة للبرنامج النووي الإيراني وشكك فيه، ما سبب حرجا للوكالة، ودفع الاتحاد الأوروبي إلى تشديد العقوبات من جانبها على إيران. واوضحت النشرة أن «المسؤولين الغربيين يعتقدون أن نفاذ صبر الإسرائيليين دفعهم لارتكاب هذا التزييف، إضافة إلى تزييفات أخرى تتعلق بالبرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي يُسلط الضوء على الحملة الدعائية الواسعة التي تتعرض لها إيران بسبب برنامجها النووي». وأكدت صحيفة «الغارديان» في تعليق لها على الفضيحة ظهر على موقعها الإلكتروني، أمس، أن التقارير الإسرائيلية المزيفة حول الموضوع أتت بنتائج عكسية، وأشارت إلى أن وكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية تنشط في شكل مركز في مدينة فيينا التي انقلبت إلى ما يشبه ساحة الحرب للنشاط التجسسي، في ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني. وكانت «اسوشيتد برس» نشرت التقرير الذي ذكرت أنه سُرِّب إليها «على يد مسؤولين من دولة غير راضية عن برنامج إيران النووي» من دون أن تكرها بالإسم. وأضافت أن المسؤولين الإسرائيليين الذين اتصلت بهم للحصول على تعليق منهم حول التقرير رفضوا التعليق على الموضوع. وتضمن التقرير المزيف معلومات استخبارية غير عادية تجعل التقرير أقل مصداقية بدلاً من تعزيزه، مثل المعلومات التي وردت عن اثنين من خبراء الفيزياء الذرية الإيرانيين الأول قتل والثاني جرح قبل عامين، هما ماجد شهرياري الذي اقتربت دراجة نارية من السيارة التي كان يستقلها في طريقه إلى العمل في طهران في نوفمبر العام 2010 وألصق راكب الدراجة على السيارة شحنة ناسفة انفجرت فقتلت شهرياري، والثاني فريدون عباسي ديواني الذي جرح في محاولة اغتيال شبيهة. يُشار إلى أن كتابا نشر أخيرا في الولايات المتحدة بعنوان «جواسيس ضد آرماغيدون» ذكر أن العمليتين نفذتا على يد عملاء يعملون لحساب وحدة «كيدون» التابعة لجهاز الموساد. ونقلت «الغارديان»، أمس، عن مسؤولين غربيين لم تسمهم، أن «التقرير المزور كان يهدف إلى إضفاء الشرعية على عمليات الاغتيال التي تنفذها إسرائيل في إيران». وقال المسؤولون أن «وكالة الطاقة الذرية ستضطر بعد كشف زيف هذا التقرير إلى إلغاء بعض الخطوات التي كانت اتخذتها ضد إيران بالنسبة لعمليات التفتيش على منشآتها النووية، فتكون النتيجة التخفيف عن إيران بدلاً من تشديد الخناق عليها». وتابعوا: «خلق التقرير المزور شعورا بالمرارة داخل الوكالة الدولية للطاقة التي يشعر المسؤولون فيها أنهم مستهدفون من جانب الجواسيس، وأنهم معرضون لحملات مركزة للتأثير على قراراتهم أو إظهارهم كأشخاص من دون مصداقية» .وذكرت «الغارديان» أن الرئيس السابق للوكالة محمد البرادعي، «كان تعرّض لحملة إسرائيلية شعواء لإظهاره منحازا إلى إيران، بل جرت محاولة من جانب الإسرائيليين لوضع مبلغ كبير من المال في حسابه البنكي للادعاء لاحقا بأنه يحصل على أموال من طهران. معهد واشنطن: اختلافات الولايات المتحدة مع البحرين تتجلى بوضوح على الملأ تشهد علاقات واشنطن مع البحرين توتراً بعد التعليقات الملكية في مؤتمر إقليمي حول الاستراتيجيات عُقد في عاصمة المملكة. إن الحدث الذي وصفته وكالة "أسوشيتيد بريس" بأنه "زلة دبلوماسية" و"صفعة ضد واشنطن على الملأ" يعيد فتح النقاش بشأن تقدم الإصلاحات مع استمرار العنف في الشوارع بين المحتجين الشيعة وقوات الأمن التي نشرتها عائلة آل خليفة الملكية السُنية. وقد لقي أكثر من خمسين شخصاً حتفهم، من بينهم رجال أمن، في الاحتجاجات المطالبة بمزيد من التمثيل السياسي والحقوق الأخرى على مدى العامين الماضيين. وكان معظم الأعضاء الشيعة في البرلمان قد استقالوا في شباط/فبراير 2011، مما أسفر عن تعزيز الأغلبية السنية في مجلس النواب في الانتخابات اللاحقة التي جرت بعد ذلك، رغم أن أغلبية سكان المملكة هم من الشيعة. ولا تزال الاحتجاجات مستمرة بشكل يومي تقريباً - الأمر الذي يشكل حرجاً لواشنطن نظراً لاستضافة المملكة للأسطول الخامس الأمريكي الذي هو أحد المكونات الرئيسية في ردع إيران. وقد فوجئ الدبلوماسيون الغربيون في مؤتمر "حوار المنامة السنوي" عندما لم يذكر ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الولايات المتحدة بالأسم عندما سرد الحلفاء الذين قدموا دعماً جوهرياً أثناء الاضطرابات. وكان يُنظر إليه من قبل باعتباره الإصلاحي الرائد في العائلة الملكية. وقد تحدث ايضاً عن بلدان وجهت انتقادات "انتقائية" إلى قيادة البحرين، دون ذكر أمثلة محددة. وأثناء دعوته إلى الحوار، صرح أيضاً بأن على القادة الدينيين الشيعة - الذين أشار إليهم بمصطلح "آيات الله" - شجب العنف بمزيد من القوة. وقد حاكى كلمات سلمان القاسية نجل العاهل السعودي ونائب وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير عبد العزيز بن عبد الله آل سعود. وفي محاولة واضحة لتبرير التدخل العسكري في البحرين من جانب السعودية في العام الماضي، حذّر من أن دول الخليج "لا تستطيع تقبل عدم الاستقرار". وفي غضون ذلك، أكد نائب وزيرة الخارجية الأمريكية وليام بيرنز الذي ترأس الوفد الأمريكي على "التحديات العاجلة لسلوك إيران الطائش". وفيما يتعلق بالإصلاح، قال "لا يوجد منهج واحد يناسب الجميع في العمليات الانتقالية أو الإصلاحية، فالكثير يعتمد على الظروف المحلية ومؤهلات القيادة المحلية". ومع ذلك فقد صرح أيضاً بأن "الاستقرار طويل الأجل والأمن الدائم، يعتمدان على المشاركة الكاملة لجميع المواطنين في الحياة السياسية والاقتصادية، وإيمان جميع المواطنين بأنه يتم سماع واحترام وجهات نظرهم المعبّر عنها سلمياً؛ [و]اقتناع جميع المواطنين بأن لهم نصيب في مستقبل بلادهم". وفي نص الخطاب المرسل عبر البريد الإلكتروني الذي وزعته وزارة الخارجية الأمريكية، كان ذكر الكلمات "جميع" ثلاث مرات وارداً بخط سميك في جميع الحالات. وتشير الرسالة إلى أن الفجوة في التصورات والرؤى بين واشنطن والمنامة شاسعة أكثر من أي وقت مضى. وتنظر الولايات المتحدة إلى الإصلاح السياسي على أنه يتفق مع الحفاظ على العلاقات الأمنية التاريخية، بينما تنظر العائلة المالكة إلى القادة الشيعة بعين الريبة والشك، حيث ترى أنهم متعاطفون جداً مع إيران وعازمون على تغيير الوضع السياسي الراهن. وبالإضافة إلى ذلك، كان منظمو المؤتمر يأملون أن يكون وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا من ضمن المتحدثين الرئيسيين. وعلى الرغم من إدراج قائد القيادة المركزية الجنرال جيمس ماتيس وقادة الأسطول الخامس نائب الأدميرال جون ميلر كمتحدثين، إلا أن نائب وزيرة الخارجية وليام بيرنز هو الذي ألقى البيان التوضيحي حول السياسة الأمريكية والمنطقة. وقد رافقه مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان مايكل بوزنر. وفي ملاحظاته في التاسع من كانون الأول/ديسمبر قال بوزنر أنه: "من أجل خلق مناخ يمكن فيه تحقيق الحوار والمصالحة، تحتاج حكومة [البحرين] إلى محاكمة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في أوائل 2011. كما يجب عليها إسقاط التهم ضد جميع الأشخاص المتهمين بارتكاب انتهاكات ترتبط بالتعبير غير العنيف عن الآراء السياسية وحرية التجمع". وفي المرحلة اللاحقة، هناك خطران يهددان العلاقات بين الولايات المتحدة والبحرين: أولهما أن إيران سوف تحاول إضعاف العلاقة بشكل أكبر؛ وثانيهما أن واشنطن لم تبذل الكثير من الجهد على ما يبدو لرأب تلك العلاقة. ففي كانون الأول/ديسمبر 2011، على سبيل المثال، لم يحضر الاحتفال بالعيد القومي البحريني في واشنطن سوى مسؤول أمريكي واحد صغير الرتبة. وعلى الرغم من هذا التوتر، يجب أن يكون تمثيل الولايات المتحدة في مناسبة هذا العام - التي من المقرر الاحتفال بها يوم الأربعاء 12 كانون الأول/ديسبمر - أكبر حجماً وتمثيلاً. سايمون هندرسون هو زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن. |
http://www.assafir.com/Images/Logo.png الانحدار الأميركي : الأمة المنقسمة سمير التنير [IMG]http://mepanorama.mepanorama.netdna-cdn.com/wp-*******/uploads/2012/12/mepanorama15117.jpeg[/IMG] «لم تبق أميركا الأمة الأقوى في العالم. ليس هناك من دليل على ذلك. وليست هي الأولى. هي الأولى في عدد المساجين. والأولى في الإنفاق على التسلح». هذا ما يقوله سوركين أحد أكبر كتاب أميركا في الزمن الحالي. http://www4.pictures.zimbio.com/gi/A...MsPwGZ00jl.jpg تلف الأزمة السياسية والاقتصادية أميركا. ولكن لا بحث في هذا الموضوع ولا نقاش. هم لا يعترفون بهذه الحقائق ويعتبرون كل بحث في ذلك بمثابة خيانة وطنية. واعتماداً على أقوال سوركين وعلى الإحصاءات، فإن أميركا ليست من الدول العشر الأولى في العالم من ناحية البنى التحتية، وخاصة بالنسبة للطرق وللجسور والأنفاق ومحطات السكك الحديد والمطارات. وتتفوق أوروبا عليها في كل تلك المناحي. تفتقر أميركا حالياً للقدرة المالية والشجاعة السياسية والإرادة الاجتماعية. وإذا نظرنا إلى الانقسام الثقافي، الذي ظهر واضحاً أثناء الحرب الأهلية التي جرت منذ 150 عاماً، رأينا انه (أي الانقسام) قد عاد الآن أقوى من ذي قبل. ويدلّ على ذلك الأزمات المتوالية حالياً. وفي مختلف المجالات. لقد تغير الوضع، عما كان عليه في القرن العشرين، عندما خرجت أميركا، بعد الحرب العالمية الثانية، كأقوى دولة في العالم. اما في القرن الحادي والعشرين، فقد انهار الحلم الأميركي، الذي كان وهماً، بفعل الانحدار الاقتصادي، الذي نتج عن تطبيق الليبرالية الجديدة، التي جعلت من «وول ستريت» مركز الاقتصاد العالمي، والذي أنتج الأزمة المالية الكبرى، التي أدت إلى خسارة ملايين الأميركيين لبيوتهم وأعمالهم، ولصعود البطالة إلى مستويات لم تُعرف من قبل. بعد خسارة أميركا حروبها في العـراق وأفغانسـتان أصـاب التعب الأميركيين. على ما تقوله مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية في عهد بيل كلينتون. وبعد الهجوم على مركز التجارة العالمي في نيويورك العام 2001 تفكك المجتمع الأميركي، وظهر ذلك في المشاجرات السياسية التي حدثت ما بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري. تتراجع أميركا في مجالات يسبقها فيها الآخرون، وخاصة في مجال الطاقة الشمسية. والتي أشار إليها الرئيس بيل كلينتون في الحملة الرئاسية الحالية، إذ تستوعب بريطانيا 300 ألف فرصة عمل في هذا المضمار. اما في أميركا فالعدد قد يصل إلى مليون فرصة عمل. يقول باراك أوباما إن أميركا لا تستطيع إرسال جنودها لإشعال الحروب في الخارج. وقد أشعل هذا الاعتراف نقاشات لا تنتهي حول نهاية الدور الأميركي في العالم، ويرجع السبب إلى الأزمة الاقتصادية وأزمة النظام السياسي. إن الوضع الاقتصادي لأي دولة يؤثر في سياستها الخارجية. ويثير هذا الأمر حفيظة المحافظين، الملتصقين بالماضي الزائل. يدرك معظم الأميركيين أن بلادهـم فـقدت دورها القـيادي. ويصبّ الجمهوريون جام غضبهم على تمثال الكراهـية الذي صنعوه. (وهو هنا باراك أوباما وليس غيره) ويحمّلونه مسؤولية الهزيمـة المنـكرة. ولـكن ما دمـنا قد التزمـنا بالموضوعـية، فلا بد من القول بأن أميركا هي الأكثر تطوّراً عســكرياً واقتـصادياً. ولا تزال الأولى في الابتكار والاختراع العلمي. وتتميز أيضاً بالنمو السكاني، والمســاحة الشـــاسعة من الكرة الأرضيــة. وهذا مختلف عمـــا هي أوروبا عليه، التي سيكون انحدارها أسرع من ذلك المتوقع لأميركا. |
http://www.neworientnews.com/news/images/non_02.jpg أميركا على حافة الإنهيار المالي – هل ستهوي فعلا ؟ د.منذر سليمان http://cdn3.alalam.ir/sites/default/...1325315128.jpg تطغى التحذيرات من السقوط في الهاوية المالية على غيرها من أولويات سياسية وإجتماعية في واشنطن، على خلفية التجاذبات الحادة لإقرار بنود الميزانية المركزية بين الفريقين السياسيين الرئيسيين. حقيقة الأمر أن مخاطر الوقوع في هاويتين تنتظران البت العاجل: الأولى، الإرتفاع التلقائي للنسب الضريبية المقررة مع بداية العام المقبل، والتي من شأنها الوصول بالحالة الإقتصادية الى الركود. والثانية تتمثل في رفع سقف الديون العامة والذي لا مفر منه للمحافظة على مستويات الإنفاق المركزية الراهنة. يرى بعض الفرقاء من طرفي الصراع ضرورة الوصول بالدولة إلى السقوط لاحداث الصدمة لدى العامة وصناع القرار على السواء. هناك من يجادل داخل فريق الحزب الديموقراطي بأن التحديات الناجمة بعدئذ جاءت بسبب تعنت الحزب الجمهوري، مما يشكل ذخيرة انتخابية للفريق الاول في الانتخابات النصفية المقبلة، عام 2014. بالمقابل، يستمر فريق الحزب الجمهوري في عناده بان مسؤولية الركود الاقتصادي تقع على عاتق البيت الابيض وحده لتخلفه عن الوصول الى اتفاق مشترك بخفض الانفاق على البرامج الاجتماعية والصحة العامة. بعضهم يرى انه يتعين على اوباما استثمار فوزه بولاية رئاسية ثانية من اجل ممارسة مزيد من الضغوط على الفريق الجمهوري للتساوق مع موقفه. حقيقة المشهد السياسي تدل على خطأ تلك الفرضية، لا سيما وان اوباما لا يتمتع راهنا بمستويات عالية من الدعم الشعبي ومن شأن اي اهتزاز في الوضع الاقتصادي، نتيجة تفعيل مستويات ضرائبية اعلى، ان يؤدي الى تآكل قاعدة الداعمين والمؤيدين له. اذ يتطلع الى حشد اكبر دعم جماهيري ممكن لصالحه قبيل الانتخابات النصفية في عام 2014، التي عادة تنذر بالشؤم للحزب المسيطر على البيت الابيض وتداعياتها القاسية في مناخ يتسم بالركود الاقتصادي. كما ان تضاؤل الموارد المالية نتيجة لحالة الركود وعدم رفع سقف الدين العام يشكلان قيودا جديدة على حرية حركته في ولايته المقبلة وبرامجه المتعددة. من المستبعد ان يسمح اي من الفريقين بتدهور الاوضاع ودفعها نحو السقوط الاقتصادي المدوي. بل ان الفريقين يشتركان في الظهور بموقف صارم امام قواعدهما الانتخابية، لكنهما في حقيقة الامر سيتوصلان لصيغة عمل ما لدرء تفاقم الازمة. وكما جرت العادة، فان الحلول الوسط التي سيتوصلان اليها طبيعتها قصيرة الاجل وتستند الى الحد الادنى من تقديم التنازلات المتبادلة. الا انها في نهاية المطاف تشكل اتفاقا يمكن البناء عليه، مع ادراك الطرفين لطبيعته للمعالجة السريعة بمثابة ضمادات تخفي عمق الازمة بغية درء التداعيات المقبلة، ومن شأن الازمة العوده مجددا العام المقبل. ومن بين المقترحات المتداولة الطلب من وزارة المالية بعدم قبض اموال ضرائبية مستحقة على اصحاب الدخل العالي لعام 2013، واجماع الخبراء وصناع القرار على السواء ان لدى وزير المالية، تيموثي غايتنر، صلاحية اقرار حجم الضرائب المستحقة على المداخيل – لكافة اصحاب الدخل او البعض منهم. مما يعني ان اجراءاته المرتقبة تتساوق مع موقف البيت الابيض القاضي برفع النسب الضريبية لذوي الدخل المرتفع من فئة 250،000 دولار سنويا فما فوق. وفي نفس الوقت، الابقاء على النسب الضريبية المستحقة على الطبقة الوسطى كما هي عليه راهنا، وعدم تعرض مداخيلهم لمزيد من الاستقطاعات الضرائبية. من شأن الحل المقترح تخفيف وطأة الازمة، اذ ان الضرائب المستحقة تبقى كذلك، وعدم قبضها في اوانها يؤجل ولا يلغي الاستحقاق الذي لا مفر منه ان لم يتم تسوية الامر وابقاء المستويات المستحقة على نسبها الراهنة. اذ ان صلاحية السلطة الرئاسية تقتصر على تحديد النسب الضرائبية المستحقة على المداخيل، وليس اعفاء اصحابها منها بالكامل. الادارة هي في وضع المقامرة، ففي حال ثبوت خطأ فرضياتها السابقة سيواجه الملايين استحقاقات ضرائبية كبيرة في العام الذي يليه، 2014، وقبل نحو ستة اشهر من بدء حملة الانتخابات النصفية لممثلي الكونغرس. لمعالجة الهوة المالية الامثل الناجمة عن فروقات الدخل والانفاق هو اعتماد تغييرات جادة في برامج اصلاح الاستحقاقات الاجتماعية، الامر الذي يشكل عنصرا تجاذبيا لدى فرقاء الحزبين. اورد الصحافي الاستقصائي المعروف، بوب وودووارد، عن رغبة البيت الابيض في ادخال اصلاحات على برامج الاستحقاقات، برفع سن التأهل لبرنامج الرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية. الا ان العثرة تكمن في معارضة القاعدة الديموقراطية العريضة للخطوة، اذ يعتبر الحزب البرنامجين جوهرة سياساته التقليدية. في المقابل، يواجه رئيس ممجلس النواب الجمهوري، جون بينر، تحديا مماثلا من اقرانه للتمسك بتخفيض الاستحقاقات الضرائبية على ذوي الدخل العالي. الحل، برأي وودوورد، يتعين على الطرفين تقديم تنازلات في هذا الصدد، اذ ان كل فريق يتمترس خلف معتقداته، لكن ما يجمعهما هو الرغبة المشتركة في التوصل لحل وسط يحفظ ماء الوجه لهما معا. ما ينشده المجتمع باكمله هو التوصل لحلول عملية والاقلاع عن المناكفات الحزبية والايديولوجية المتزمتة، وقد ضاق ذرعا لتشتيت الطرفين للوقت والجهود، ولديه قابلية لتبني اي حل يحظى بموافقة مشتركة. من المفارقات الحزبية، ان عددا لا باس به من معارضي الرئيس اوباما هم اعضاء في مجلس النواب المسيطر عليه من قبل الحزب الجمهوري. ان كان بمقدوره التوصل لاتفاق مع رئيس المجلس، جون بينر، فمن شان ذلك تهميش معارضيه من حزبه. يتشارك الطرفين المعنيين خشية الافصاح علنا عن حجم التنازلات المتفق عليها، درءا لسهام الانتقادات المتربصة بهما. قد يكون من الافضل لهما اصدار اعلان مشترك لصيغة الاتفاق النهائي تحفظ ماء وجهيهما امام قواعدهما الحزبية. وعليه، من الجائز ان تستمر وتيرة المفاوضات الراهنة لبضعة اسابيع مقبلة. عند توصل الطرفين لاتفاق حول تجنب السقوط في الهاوية، يبقى عليهما معالجة رفع سقف الدين العام الذي يخول الحكومة الاميركية الاقتراض المالي لتغطية الانفاقات المتعددة. اذ سعى اوباما منذ البداية الى حصر صلاحية رفع السقف بالسلطة التنفيذية. اما الكونغرس الذي يزهو بسلطته المطلقة على "ميزانيات الانفاق،" كما هو منصوص عليها دستوريا، لا يبدي استعدادا لتخليه طواعية عنها. مما يعني ان اي طلب للكونغرس برفع سقف الاستقراض يشكل عنصر ضغط ونفوذ يسعى الحزب الجمهوري التشبث به. كما ان عددا من زعماء الحزب الديموقراطي ليسوا على استعداد للتنازل عن تلك الصلاحية، لخشيتهم مما يضمره المستقبل من رئيس جمهوري يعارضون سياساته. جعبة مناورات السلطة التنفيذية لا تخلو من مفاجآت. اذ يلوح البيت الابيض الاعتماد على نص التعديل الدستوري الرابع عشر، المادة الرابعة، اذ تنص بان "صلاحية اقرار الدين العام للولايات المتحدة، المصادق عليه قانونيا .. لا تجوز مساءلته." وعليه، ينذر فريق البيت الابيض خصومه المعارضين بان اخفاق الكونغرس في رفع سقف الدين العام سيؤدي تلقائيا الى تعثر التزامات الولايات المتحدة بسداد ديونها، الامر الذي لا تسمح به المادة الخاصة بالدين العام. ودرءا لتلك الواقعة، يطالب بالمصادقة على صلاحية الرئيس برفع سقف الدين العام دون موافقة مسبقة من الكونغرس. الفريق الاخر، بالمقابل، يتمسك بالنص الدستوري الذي حصر الصلاحية بالكونغرس. كما ان المحكمة العليا حسمت الجدل سابقا بالقول ان التعديل الدستوري المشار اليه كان يرمي لدرء تخلف الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها او اضطرارها لتعديل شروط الاستقراض. من بين المقترحات الاخرى المتداولة ثغرة "عملة البلاتين،" اذ ان القوانين المعمول بها تخول وزارة المالية صك عملة معدنية مصنوعة من البلاتين وتحديد قيمتها الشرائية كما تراه مناسبا. وعليه، باستطاعة هيئة صك العملة استحداث زهاء 2 تريليون دولار من عملة البلاتين، تخضع لامرة الرئيس بتخزينها في البنك المركزي والذي سيشرف على تسويقها عبر وزارة المالية. وبهذا تستيقظ وزارة المالية لتجد في حوزتها ملياري دولار في خزينتها تسدد ديونها لنحو سنتين قادمتين – دون اللجوء للتعامل بسقف الدين، وابطال مفعول النص الدستوري الاصلي. بالرغم من ان الاقتراح المذكور لا تشوبه تحفظات قضائية، الا انه ينطوي على بضعة تحديات. اولها، النص القانوني الاصلي لم يكن يرمي الى تطبيق من هذا القبيل وباستطاعة الكونغرس ابطال مفعوله بغية الحفاظ على سلطاته الحصرية للتحكم بمصادر الدخل العام. ثانيا، تداعيات التضخم الاقتصادي المترتبة عن سياسة عدم الاستقراض، بل البحث بوسائل تنفيذها. وفي التاريخ القريب، كانت تجربة المانيا ابان عهد جمهورية ويمر في عشرينيات القرن المنصرم، ومثال حديث العهد في زيمبابوي التي اعتمدته مما ادى الى افراط التضخم الاقتصادي واضطرابات اجتماعية. في نهاية المطاف، تتضائل الخيارات المتاحة امام الحزبين لتجنب السقوط مما يشكل ضغطا مضاعفا على الطرفين لتقديم تنازلات كافية، وستستمر جهودهما في الظهور بمظهر التشدد العام وعدم الرضوخ لاهواء الطرف المقابل، وستعلو اصوات بعدم الرضا من بعض مؤيدي الطرفين. الا ان شدة وطأة الاوضاع وتنامي الضغط العام على الطرفين لتقديم تنازلات يُعقّد من رغبة المعسكرين التمترس وراء مواقفهما المعلنة، ويدفع باتجاه الاقتراب للتوصل الى حل يرضيهما. |
«حلم» الصين العظيم
http://www.aawsat.com/2012/12/21/ima...ad1.709611.jpg «حلم» الصين العظيم صممت جوازات سفر جديدة تضم خريطة ما يعرف بـ «الصين الكبرى».. فأغضبت الجيران قامت الدنيا ولم تقعد.. واعترضت غالبية الدول الآسيوية على ما سمته بحادثة «اغتصاب الأرض» الذي قامت به بكين عندما وضعت علامة مائية جديدة على جوازات السفر الصينية التي أصدرتها مؤخرا ضمت مناطق متنازع عليها إلى السيادة الصينية. الخطوة أثارت غضب دول الدول الجوار الآسيوية وقلقا بشأن دوافع بكين. أعاد الصينيون تصميم جوازات السفر الجديدة لتضم خريطة ما يعرف باسم «الصين» الكبرى، التي تضم البر الرئيسي في الصين وتايوان وبحر الصين الجنوبي إضافة إلى المنطقة التي تزعم الفلبين وفيتنام وبروناي وماليزيا وبعض أجزاء الهند وبوتان تبعيتها لها. كانت للصين مزاعم دائمة بالسيطرة على بحر الصين الجنوبي ومجموعة من الجزر قبالة ساحل اليابان. وعلى صعيد ذي صلة، دخلت الصين واليابان في نزاع على خمس جزر غير مأهولة، تعرف باسم دياو في الصين وسينكاكو في اليابان. بيد أن هذه الجزر لم تكن بين الخرائط المثيرة للخلاف. من ناحية أخرى لم يكن قرار بكين في إصدار جوازات سفر بيو مترية، تمثل ما تعتبره حدودا برية أصيلة لجمهورية الصين الشعبية، إجراء إداريا عاديا، بل هي خطوة علنية وتصعيدية مهمة باتجاه تنفيذ نواياها. وقد كشفت بكين صراحة عن طموحاتها في وقت تتزايد فيها قواتها العسكرية بشكل سريع وتجتهد لتصبح القوة الأبرز في المحيط الهادي في آسيا. كانت الصين تراجع سياستها الخاصة بدول الجوار منذ العام الماضي، باستراتيجيات عسكرية صينية وبالتوصل إلى مفهوم يؤكد على أن سياسة استرضاء دول الجوار وتنحية الخلافات غير فاعلة. وأوصوا بضرورة استبدالها بأخرى ممتزجة بتعاون مع التزامات ذات مصداقية لاستخدام القوة. وأكدوا على أن مبدأ السيادة والمصالح الوطنية طويلة المدى تأتي على رأس أولويات الصين. وقد أعلنت القيادة العسكرية الصينية الجديدة عن تأييدها لهذه لسياسة الجديدة. وعلى الرغم من إصدار جوازات السفر الجديدة في مايو (أيار)، فإن وسائل الإعلام لم تسلط عليها الضوء إلا في الآونة الأخيرة عندما أشيع على نطاق واسع أن كل صفحة من صفحات جواز السفر الجديد به خلفية مختلفة تظهر تايوان ومجموعة جزر سبراتلي أند باراسل ومناطق الهمالايا المتنازع عليها مع الهند. تشهد العلاقات في الوقت الراهن توترا نتيجة المواجهات في بحر الصين الجنوبي، حيث تزعم الصين سيادتها على عدة جزر استراتيجية، حتى أنها أرسلت قوارب حربية لتعزيز الموقف العدائي. لكنها كشفت الآن عن طموحاتها الحدودية صراحة في الخريطة المطبوعة داخل جوازات السفر الصينية الجديدة التي تضم بحر الصين الجنوبي بأكمله. ويحذر الخبراء من إمكانية تقويض الخطوة الصينية الجديدة للتوازن الدقيق للعلاقات الثنائية مع دول الجوار في آسيا على نحو خطير. واقتصر رد فعل الدول الغاضبة تجاه التحرك الصيني، في الوقت الراهن، على التصريحات واتخاذ الإجراءات البيروقراطية المعتادة للتعامل مع جوازات السفر التي أثارت المشكلة، حيث ردت فيتنام برفض منح تأشيرات دخول على هذه الجوازات وأصدرت بدلا من ذلك تأشيرات على أوراق منفصلة فيما ألغت الأصلية. بينما التزمت الفلبين بموقف أكثر حيادية حيث آثرت الترقب وانتظار تحرك الدول الأحرى ثم سارت على نهج فيتنام وبدأت في رفض منح التأشيرات على جوازات الزوار الصينيين الوافدين إلى مانيلا، لتصدر عوضا عن ذلك وثائق مستقلة خشية أن يؤدي ذلك إلى تعزيز المزاعم الصينية بشأن سلسلة جزر سبراتلي إذا اعترفت بجواز السفر الجديد. لم تعترف تايوان بجواز السفر الصيني على أي حال، وحصل الزائرون الصينيون المقبلون إلى الجزيرة على وثائق سفر خاصة. أما بوتان فلم تقم أي علاقات دبلوماسية مع الصين حتى الآن. وعلى الرغم من تعبير بعض الدول الأخرى عن غضبها وحنقها رفضت الهند هذا التحرك الصيني واتخذت خطوة أكثر جرأة وعرضت إحدى الخطط الأصلية. فقد بدأت السفارة الهندية في بكين إصدار تأشيرات مطبوع عليها خريطة الهند تضم المناطق المتنازع عليها في شمال شرقي ولاية أرونكال براديش وهضبة أكساي تشين في أقصى شمال الشطر الهندي من كشمير. ما أثار المشكلات على نحو خاص كان قرار الصين ضم أجزاء من الهند في نسختها المطبوعة من خريطة الصين الأكبر الجديدة. ويأتي هذا في أعقاب الذكرى الخمسين للحرب الهندية الصينية عام 1962. ويعد جواز السفر الجديد تأكيدا واضحا على الحدود الإقليمية كما تراها الصين، وبات واضحا أنه يعكس حدود الدولة الصينية التي جاءت ضمن الخريطة التي نشرتها الصين عام 1954، والتي لا تزال تدرس في الصين حتى اليوم. كانت هذه الخريطة جزءا من كتاب بعنوان «مختصر تاريخ الصين الحديث»، الذي يزعم أنها تضم أراضي الصين التي استولت عليها الدول الاستعمارية في عهد الثورة الديمقراطية القديمة (1840 - 1919). وتضم الخريطة دول نيبال وسيكيم وبوتان، وشمال شرقي الهند الذي يتألف من ولايات آسال وإن إي إف إيه وولاية ناغالاند، وجزر أندامان وبورما. وقال سلمان خورشيد، وزير الخارجية الهندي: «نحن غير مستعدين لقبول ذلك، ومن ثم فنحن نؤكد أن الخلافات ستستعر بمجرد أن يحدث شيء. يمكننا التوصل إلى حل للمشكلات بصورة مقبولة أو قد يتعذر التفاهم فلا يكون هناك سوى الوسائل غير المرغوب بها». كانت الهند والصين قد دخلتا في مواجهات عسكرية حدودية عام 1962 في منطقة أروناكال براديش الجبلية ومنطقة الهيمالايا في آكساي تشين، حيث لم يجر ترسيم المنطقة الحدودية غير المأهولة على الأرض. وتتسم هذه المنطقة النائية بتضاريسها الوعرة التي يتعذر على الشرطة الوصول إليها وهو ما سمح لبكين ببناء واحد من أكثر الطرق ارتفاعا على الإطلاق في العالم في منطقة آكساي تشين. لم تكتشف نيودلهي وجود الطريق إلا بعد الإعلان عن بنائه في الصحافة الصينية. وكانت الصين قد رفضت في الماضي مزاعم السيادة الهندية على كل من جامو وكشمير وقامت بإصدار تأشيرات للكشميريين على أوراق مستقلة تعترف بكشمير منطقة متنازع عليها، في الوقت الذي رفضت فيه بشكل واضح منح تأشيرات لسكان منطقة أرونكال براديش. ويشير أدواي بهاسكار، المحلل السياسي في الهند إلى أن جوازات السفر الصينية الجديدة تسببت في ردود فعل قوية من دول آسيان، اتحاد دول جنوب شرقي آسيا، وأشعرتهم بالحاجة إلى اتخاذ موقف حاسم، وهو ما يعتبر تطورا غير مسبوق، إذ إنها المرة الأولى التي تقوم فيها إحدى هذه الدول بنقش خارطتها الخاصة على جواز السفر. وقد أثار التحرك الصيني ردود فعل قوية من جانب الهند التي انتهجت نفس الأسلوب في الرد على الصين. ويعتقد بهاسكار أن الصين شرعت في شيء دون منطق استراتيجي يدعمه. وأكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشونينغ في تصريحات للصحافة أن هذه الخرائط أو الصور المطبوعة في جوازات السفر الجديدة، التي استقر عليها اختيار السلطات الصينية، تم اختيارها بعناية. وقالت في إشارة إلى أن بكين لن تحيد عن موقفها، وفي محاولة خفية لتحويل اللوم عن أي اضطرابات في العلاقات الثنائية التي تتسبب فيها الأعمال الاستفزازية الصينية: «نأمل أن تأخذ الدول المعنية موقفا عقلانيا ومعقولا لتجنب التسبب في اضطراب العلاقات الطبيعية الهندية الصينية. والخريطة الصينية التي على جواز السفر غير موجهة ضد دولة بعينها، فالصين ترغب في التواصل مع الدول المعنية ومواصلة تعزيز العلاقات الثنائية مع جميع الأطراف». وتبدي دول جنوب شرقي آسيا هي الأخرى مخاوف بشأن الصين وأن ذلك قد بدا واضحا في الاجتماع الذي عقدته دول جنوب شرقي آسيا مؤخرا في كمبوديا، عندما شكا قادة الفلبين وسنغافورة وفيتنام من التهجم الصيني، بل الاعتداء والسعي وراء مصالحها الاقتصادية في المنطقة، ووجودها العسكري الضخم في بحر الصين الجنوبي. بينما تشهد بعض الدول في المنطقة سياسات توسعية، يشهد كثير من الصينيين استردادا لأراضٍ. إن رؤية بكين يعاد صياغتها. وينظر إلى «الصين العظمى» على نطاق واسع بوصفها أحد الاهتمامات المحورية للدولة. ومدفوعة بصعود القومية الصينية التي تتطلب مزيدا من السيطرة القوية على الأجزاء الصغيرة المتنازع عليها من الأراضي، دخلت بكين في عدد من المطالبات المتشابكة بملكية أراض عبر منطقة آسيا - المحيط الهادي، بدءا من جزء مهجور من جبال الهيمالايا إلى عدة أجزاء صخرية نصف مغمورة بالماء في بحر الصين الجنوبي. ويقول مجلس شؤون البر الرئيسي في تايوان، وهو الهيئة الوزارية المسؤولة عن العلاقات مع بكين: «هذا جهل تام بالحقائق ويثير فقط نزاعات». وقال المجلس إن «الحكومة لن تقبل بتلك الخريطة». وانشقت تايوان عن الصين بعد حرب أهلية اندلعت في عام 1949. وقد طالبت الصين بأحقيتها فيها منذ ذلك الحين. وأصبحت العلاقات بين البلدين التي شهدت تحسنا خلال الأعوام القليلة الماضية مهددة الآن. وأخبر وزير خارجية الفلبين، ألبرت ديل روساريو، الصحافيين في مانيلا بأنه قد أرسل رسالة موجزة إلى السفارة الصينية يشير فيها إلى أن بلده «تعارض بشدة» ذلك المشهد. وقال إن مطالبات الصين تضمنت منطقة تعتبر «بشكل واضح جزءا من الأراضي الفلبينية ونطاق البر الرئيسي». وجاء رد فعل فيتنام مماثلا. فقد بعثت بالمثل برسالة دبلوماسية إلى السفارة الصينية في هانوي. وفي الرسالة، شدد المسؤولون على ضرورة أن تزيل بكين «المحتوى المغلوط»، على حد تعبيرهم. إن طباعة خريطة في جواز سفر وهو ما تعتبره دول أخرى إجراء غير صحيح هو إجراء تحريضي على وجه الخصوص، من الناحية الدبلوماسية، لأن تلك الدول مجبرة على ختم الخريطة، وبالتبعية التصديق على المحتوى. وتؤكد دول جنوب شرقي آسيا على مواقفها بصورة دبلوماسية قدر الإمكان. إنه إجراء يهدف لتحقيق التوازن. فهي تعلم أنه من الحصافة من الناحية الاقتصادية بالنسبة لها أن تحافظ على علاقاتها بالصين، لكنها متمسكة بمواقفها وثيقة الصلة بشأن القضايا الإقليمية. وعلى الرغم من علمها بجواز السفر الجديد، وتأثيره على العلاقة بالهند واتحاد دول جنوب شرقي آسيا (أسيان)، أصدرت الحكومة الصينية قرابة 6 ملايين جواز سفر جديد. وقال إس دي برادهان، نائب سابق لمستشار الأمن القومي في الهند والذي ترأس أيضا لجنة الاستخبارات المشتركة في الدولة، إن الصين استمرت على مدى أعوام كثيرة في شن «هجوم متعلق برسم الخرائط». وفي تعليق له، وجه برادهان للصين تهمة «التدخل السافر» في مناطق الحدود الهندية، و«القيام بأنشطة جريئة مثل تدمير ملاجئ تحت الأرض أو حفر كلمة (الصين) على الصخور الهندية أو إزالة علامات تعيين الحدود». وأشار أيضا إلى أنه كانت هناك «الكثير من المواجهات التي تعكس الأبعاد الخطيرة للموقف». وأضاف برادهان: «أعتقد أنها خطوة خبيثة جدا من جانب بكين من بين آلاف الإجراءات الحاقدة». إن كلا الطرفين قلق من الآخر لمجموعة معقدة من الدوافع الموروثة، والتي قد أضيف إليها الآن الجوانب الجذابة الحالية للعولمة، حسبما يشير بهاسكار. وقال: «إن هذا يحدث بالفعل، لكن الآن باتت الهند والصين متورطتين في هذه القضية الغريبة المتعلقة بجوازات السفر، حيث دخلت النزعة الإقليمية المجال الدبلوماسي». وعلى الرغم من ذلك، فإنهما في الوقت نفسه مشتركتان في حوار اقتصادي استراتيجي، يعتبر دليلا على الأوجه المتعددة للعلاقة التي تربط بينهما، حسبما يوضح بهاسكار. ويشرح قائلا: «لا أرى أي من دول اتحاد آسيان أو دول جنوب شرقي آسيا قادرة على تبني موقف أكثر حسما تجاه الصين نظرا لأن جميعها تربطها علاقات تجارية واقتصادية قوية بالصين، وتعتبر تابعة لها». وبالنسبة لتي سي إيه رانغاتشاري، مدير قسم دراسات العالم الثالث بالجامعة الملية الإسلامية في نيودلهي، لا يمكن أن تبقى الهند غافلة عن حقيقة أن النفقات العسكرية الصينية أكبر من نفقات الهند والصين مجتمعة، ومع نمو الاقتصاد، سوف تصبح الصين دولة أقوى من الناحية العسكرية. علاوة على ذلك، فإن ما ترمز إليه المنافسة بين الصين والهند وأعضاء اتحاد آسيان هو انهيار البحرية الأميركية كقوة عسكرية مهيمنة أحادية الجانب في منطقة المحيط الهادي ما بعد الحرب وظهور بيئة جيوسياسية متعددة الأطراف أكثر تعقيدا مع الثقل الذي سيلقي به كل لاعب من الدول على الطاولة. إن ما لا تتمناه الصين على وجه التحديد هو أن تدفع مطامحها الإقليمية البارزة في جواز سفرها الجديد القوى الأقل تنافسا إلى الارتماء في أحضان الولايات المتحدة للاتحاد ضد بكين بوصفها تمثل تهديدا مشتركا. فقط هذا الواقع السياسي الصريح يمكن أن يدفع هؤلاء الأعداء العنيفين أمثال فيتنام والولايات المتحدة للاتحاد أو يشجع الهند التي «مالت» من قبل إلى كفة الاتحاد السوفياتي إلى الميل نحو كفة واشنطن. والسؤال هو: إلى أي مدى تبدو الصين عازمة على تحقيق مصالحها، بما فيها مطالبها الإقليمية؟ |
http://www.arabi-press.com/images/hdr.jpg كتب محمد صادق الحسيني : واشنطن، طهران...بينهما برزخ لا يبغيان طهران - عربي برس http://www.arabi-press.com/userfiles...2679021269.jpg في جولة افق مع بعض الديبلوماسيين والعارفين بخطوط المواجهة الايرانية الاميركية، يفيد هؤلاء سندا الى اتصالاتهم وما هم مطلعون عليه فيقولون: صاحب القرار التنفيذي الأول في الادارة الاميركية اي " باراك اوباما " بات في حكم اليقين لديه بانه لا مفر لإدارته من التعايش مع ايران "دولة نووية سلمية " تخصب اليورانيوم بالنسبة التي تريد، اذا ما اراد ان يتجنب مواجهة شاملة مع الجمهورية التي يرى بعض قادتها الاساسيين انهم في موقع يتيح لهم التمسك بأقصى مصالحهم في مواجهة المناكفة السياسية والامنية والضغوط الاقتصادية الاميركية التي تتمظهر احيانا كثيرة في تبجح عسكري يعرف الاميركي قبل الايراني انه غير واقعي وغير متاح لاسباب موضوعية . للأميركي مصالح في المنطقة وحتى يحفظ باراك اوباما مصالح بلاده في هذه المرحلة التي تغلي فيها المنطقة على مرجل العته والهجوم الاميركي الفاشل على حور المقاومة ، فلا بد للأميركيين من القبول بالواقع كما هو والتصرف على اساسه ، وإلا فالمصالح الاميركية في منطقة جنوب غرب أسيا او ما يسمى زورا وبهتانا بالشرق الاوسط لن تبقى كما هي لأن ما خطط له الاميركي من فوضى خلاقة تحول إلى مأزق يضيق الخناق على الاميركيين بدل ان يعيد لهم بعض كرامة سقطت في العراق عبر انسحابهم المهين. من جهتها لا تخفي طهران إتخاذ المستوى القيادي الاول فيها قرارا لا رجعة عنه بأن لا تفاوض، ولا حوار ثنائيا مع واشنطن، ما لم تقر وتذعن الاخيرة بتكافؤ الطرفين في الحوار.التكافؤ وحده هو السبيل الوحيد لتجسير الثقة مع قوة لم ترى منها الجمهورية الاسلامية الا الجانب الشيطاني من ادارتها ولا علم لأي مسؤول ايراني منذ سبعة عقود بوجود اي وجه انساني للمسؤولين الاميركيين منذ ايزنهاور وحتى الرئيس الحالي. الامريكي االفاقد للمصداقية اصلا بسبب تلطخ ايديه بدماء علماء ايران ونخبها ومرضاها وكل اطياف المجتمع الايراني دون استثناء (...) ولما كان ذلك اكيد بالمعلومات والرسائل كما بالتحليل، فان طهران تسير على خطين متوازيين يزيدان من حيرة اوباما وقلقه، فما ظن اوباما انها فرصته الذهبية لقلب موازين الشرق لصالحه اصبح وبالا عليه او يكاد،و ما يحصل في بلاد المسلمين لن يكون الا لصالح شعوبها مهما بذل الاميركي من جهود لسرقة الحراكي الشعبي ولدعم فئات من عملائه. ماذا اعدت طهران لعدوها؟ أولا: لم تفاوض الجمهورية الاسلامية عدوها الاكبر الا بعدما أمنت التكافؤ معه ، هذا التكافؤ في البحر كما في الجو كما في البرّ وفي العلوم كما في التكنولوجيا كما في مجال المعلومات و في ثورة الاتصالات وفي العالم السايبري كما في علوم الفضاء و في فنون الحرب كما في ديبلوماسية السلم . ثانيا: الانتهاء من خطة اقتصادية بديلة باتت جاهزة على طاولة القائد الاعلى للجيوش الايرانية والرجل الاول في البلاد اي قائد الثورة و المجتمع الايراني الامام السيد "علي الخامنئي" و محورها صفر واردات من المشتقات النفطية، و تأمين احتياطي استراتيجي من الذهب ، والمعادن، و مليارات الدولارات الموزعة في اكثر من عاصمة شقيقة او صديقة او محايدة بالاضافة الى طهران كمقر اساس لمجابهة احتمالات الصعبة. طهران التي تراقب هذه الايام بدقة بالغة تحولات المشهدين الاقليمي والدولي من حولها ومن حول عدوتها اللدود المعروف بـ " الشيطان الاكبر" باتت اكثر يقينا بان واشنطن اقرب ما يكون الى وضع القوة العظمى المنكفئة و العاجزة عن خوض الحروب الكبيرة والتي تفضل استراتيجية الحروب بالوكالة واعتمادها الحرب الناعمة كاداة رديفة في المواجهات مع خصومها . ولما كان افضل وضع في الحرب الناعمة ضد عدوك هو ان تلعب بقواعدك في ملعبه وافضل وضع للعدو هو ان يلعب بقواعده في ملعبك . لذلك اتخذت طهران كافة احتياطاتها اللازمة لان تلعب في ملعب العدو، ولكن بقواعدها هي ما يعني الابقاء على كل اشكال الحوار والمفاوضات مع حلفاء واصدقاء وادوات واشنطن . فيما يسميه السياسيون " الابقاء على شعرة معاوية مع الخصوم. الخطة الجديدة والتي صممت لتجابه العقوبات والضغوطات لا تسمح فقط بالالتفاف على العقوبات الاميركية بل تسمح للجمهورية الاسلامية القيام بواجبها لتأمين ما يحتاجه الشقيق والصديق من دواء وغذاء ومال وسلاح ودعم معنوي وسياسي حتى النفس الاخير . التكنولوجيا الفضائية انعكاس لقوة الاقتصاد الايراني وهنا نذكر بأن الروس لجأوا للتمويل الغربي لاستكمال برامجهم المماثلة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي قبل ان يتعافى اقتصادهم ويتألق، في حين ان الجمهورية الاسلامية تستعد حاليا للصعود الى الفضاء بقمرين جديدين مصنوعان بالكامل في ايران وسيطلقان الى الفضاء بجهود ايرانية. الطائرات من دون طيار والحرب السايبرية والحرب الالكترونية وتعزيز القوة البحرية بما يتيح لها الحضور في المياه الدولية بشكل ملفت، فضلا عن التواجد الفعال حول المضائق البحرية بقوة ردعية ما دفع وزيرة الشؤون الخارجيةفي الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون الى طلب التعاون مع البحرية الايرانية في مجال مكافحة القرصنة. , كلها خطوات جعلت من طهران رقما اساسيا في اي تفاهمات دولية محتملة ، رقم لا يمكن للروسي والاميركي ان يجتمعا ويتجاهلا مصالحه ومصالح اصدقائه واولهم سورية. ولما كان ما يجري اليوم على كل من الارض السورية والارض المصرية من احتراب داخلي مفتعل هو تطبيق عملي للقاعدة الثانية من الحرب الناعمة بحسب قراءة طهران، فان القيادة الايرانية ترسل رسائل واضحة وشفافة وحازمة مع كل يوم يمر على هاتين الساحتين، ومفادها انها ستظل الحليف الوفي لكل اصدقائها من اتباع المقاومة، فيما ستقف بالمرصاد لكل من يريد السوء لهذين البلدين الشقيقين . من هنا تعتقد طهران اعتقادا راسخا بان اللاعبين المحليين على مسرح ما يسمى بالعملية السياسية الداخلية او ما يطلق عليها باللعبة الديمقراطية في بلدان الثورات العربية اليوم يخطئون مرتين اذا لم يجعلوا حراكهم الحالي ضد الاستبداد الداخلي رديفا موازيا للصراع مع العدو الوحيد والاساس للامة الا وهو العدو الصهيو امريكي . بناء على ما تقدم فان صانع القرار الايراني يرى في المشهد الدولي العام انعكاسا لتراجع متسارع للقوة الاحادية العظمى التي ظلت وحيدة في السنوات الاخيرة , يقابله تصاعد متسارع لمجموعة من القوى الناهضة بينها قوى شعبية كثيرة لم تصل الى الحكم بعد , تتصارع فيه القوتان المتهاوية والصاعدة على مفترق طرق تاريخية وعرة الغلبة فيها مرجحة لصالح القوى الناهضة وفي مقدمتها قوى محور المقاومة . هذا التقدير للموقف هو الذي يدفع بطهران الى الاصرار على عدم تقديم اي تنازل يُذكر للقوة المتدحرجة من اعلى قمة الجبل السلطوي الدولي الى الهاوية , مقابل الوقوف بحزم وصلابة الى جانب كل القوى التي تتعرض للعدوان من قوى المقاومة حتى لو ادى ذلك بالعدو الاساسي الدفع باتجاه حرب عالمية يتخوف منها هذا العدو ويهابها اكثر من اي وقت مضى كما تعتقد طهران. كلمة الايرانيين الى الشعوب المسلمة : إحذروا النمر الجريح امريكا فهي عاجزة ولكن عملائها نشطون وخيارها الوحيد في هذه المرحلة التاريخية هو الحرب بالوكالة وحروب الفتن الطائفية والعرقية والمذهبية. |
قادة مجلس التعاون يغيبون عن "قمة المنامة" عدا أمير الكويت صوت المنامة – خاص يغيب قادة دول مجلس التعاون الخليجي عن القمة الثالث والثلاثين لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي ستعقد في مملكة البحرين وبرئاسة عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة يومي الاثنين والثلاثاء الموافقين الرابع والعشرين والخامس والعشرين من ديسمبر 2012، فيما عدا أمير الكويت السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي أعلن ترأسه لوفد دولة الكويت في القمة. وأنتدب سلطان عمان قابوس بن سعيد رئيس الوزراء لشئون مجلس الوزراء فهد بن محمود آل سعيد نائب لترؤس وفد السلطنة في "قمة المنامة" ويرافقه كلا من الوزير المسئول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبدالله ووزير التجارة والصناعة علي بن مسعود السنيدي ووزير الشؤون القانونية عبدالله بن محمد بن سعيد السعيدي. كما سيمثل أمير قطر في القمة ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد. فيما يصل اليوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل إلى المنامة على رأس وفد الدولة الى اجتماعات القمة الخليجية. فيما من المتوقع أن يمثل المملكة العربية السعودية في القمة وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل. وتبحث القمة اليوم سبل تطوير مسيرة التعاون والتكامل الاقتصادي بين دول المجلس في مختلف المجالات والمستجدات السياسية الاقليمة والدولية. وأوضح سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن الموضوعات المطروحة في جدول أعمال القمة تشمل كافة الملفات المهمة المتعلقة بالتعاون الخليجي وإنجاز ما يمكن إنجازه. وقال سموه عقب اختتام الاجتماع التحضيري المغلق لوزراء الخارجية أمس "إن التصريحات الايرانية والتدخلات الايرانية في الشأن العربي سبق وأن تحدثنا عنها تكرارا ومرارا". وأضاف "إيران تحاول أن تستغل الامور، وهذا واضح وغير مريح ولو كان تدخلها في صالح الدول العربية كان هذا مفهوما". من جهته أبان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح أن جدول أعمال الدورة الـ33 للمجلس الأعلى لقادة دول مجلس التعاون الخليجي التي ستعقد برئاسة مملكة البحرين حافل بالعديد من القضايا التي تهم أبناء دول المجلس. وقال إن القادة سيستعرضون دور مجلس التعاون في التعاطي مع المستجدات والقضايا الاقليمية والدولية ويبحثون قضايا اقتصادية ومالية وبيئية وأخرى في مجال حقوق الإنسان. وأشار إلى أن القضايا التي تصب في مصلحة أمن واستقرار دول المنطقة سيكون لها نصيب كبير من اهتمام القادة من أجل تحقيق مزيد من التعاون والتنسيق بين أبناء دول مجلس التعاون الخليجي في مختلف المجالات. كما أن التكامل الاقتصادي بين دول المجلس سيكون احد البنود المهمة التي ستناقش في القمة بكل قضاياه التي جرى بحثها من قبل وزراء المالية والخارجية. أخبار عامة , 24/12/2012 م |
http://www.alhejazi.net/common/banner.jpg بندر بن سلطان الأميـر المذعـور! محمد الأنصاري رغم ما ينسب اليه من مغامرات خيالية، مثل تسلّله الى داخل سورية منذ سنوات عبر المطار لجهة التواصل مع بعض القيادات العسكرية والأمنية والقبلية، وما يقال عن ضلوعه في جرائم بشعة مثل مجزرة بئر العبد في بيروت في 8 آذار (مارس) 1985، وما يحكى عن إدارته لشبكات من المقاتلين الذين يتنقلون من جبهة الى أخرى لتلبية أهداف معركة ليست لهم، فإن في حياة الرجل جانباً مجهولاً لدى كثيرين، وهو على النقيض من شخصيته المعروفة والظاهرية.. انغماسه في عالم الاستخبارات لم يمنحه قوة، رغم اطّلاعه على خبايا وشرور وأشرار هذا لعالم، بل زاده خوفاً على خوفه التكويني، فهو يمارس اللعبة القذرة، ولكن في الوقت نفسه يخشى من أن يكون ضحية فيها يوما ما.. يقتل، يتآمر، يخدع، يستدرج، وفي نهاية المطاف يجدها لعبة مزدوجة: تسلية ومجازفة، فهو لا يكف عن رسم مخططات ضد الخصوم، وأحياناً ضد الأصدقاء وهذا مايبعث الرعب في داخله، لأنه يستطيع تفادي الوقوع في أيدي أعدائه عبر تدابير أمنية محكمة وصارمة، ولكن خوفه ينبع من الأصدقاء الذين يتواصلون معه..وقد خفّف في الآونة الأخيرة حتى مجرد التواصل الروتيني معهم، لاعتقاده بأن مقتله سوف يكون على يد صديق، وليس عدواً. في واقع الأمر، إن فوبيا الأضواء التي يعاني منها الأمير بندر بن سلطان، تعكس شخصيته القلقة والمذعورة، وليس زهداً في الإعلام، فهو يعلم تماماً ما ارتكبه من جرائم قتل ضد الأصدقاء، وهناك في دوائر الاستخبارات المقرّبة منه من يهمس بقليل من الحذر بأن للأمير بندر يداً في الاغتيالات السياسية في لبنان بدءاً من رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وصولاً الى مدير فرع المعلومات في الأمن الداخلي اللواء وسام الحسن.. يعيش بندر وضعاً لا يحسد عليه، فقد تحوّل الحذر لديه الى مرض يصل الى حد الارتياب من كل شيء، ومن كل شخص، ولذلك فإن حياته اليومية لا تقوم على جدول منظّم من المواعيد والمهمات، بل هي قائمة مفتوحة، تتغير باستمرار، ولأتفه الأسباب، وقد يقفل على نفسه باب قصره دونما سبب حقيقي، لمجرد إحساس بأن ثمة من يتربّص به لقتله.. المسؤولون الأوروبيون والأميركيون باتوا يدركون تقلّبات مزاج الأمير بندر، ولذلك لا يتفاجأون إذا ما ألغى موعداً مع أحدهم، أو لم يحضر اجتماعاً مقرراَ مسبقاً، خوفاً منه بأن قد يكون هناك من كمن له في الطريق أو من يخطط لتصفيته.. أكثر من عاصمة أوروبية كانت تنتظر قدوم بندر للتفاهم معه على بعض الملفات الاستخبارية، ولكن كل المواعيد التي جرى تحديدها ألغيت لأن بندر قرر عدم السفر، خوفاً من المجهول الذي قد يكون أحد مرافقيه.. يمسك الآن بالملف السوري، ويستفرد به، وله شركاء في أوروبا يتقاسمون معه الرأي، وهم يديرون اللعبة من خلف الستار، ويتواصلون مع قوى المعارضة السورية، ولكن بندر يتصرّف كتاجر جبان، فهو يدرك بأن في الملف السوري أهدافاً متعدّدة منها الهدف الشخصي الحاضر بقوة في معركة بندر مع بشار الأسد، ولكن هناك أبعاد أخرى منها الحصول على نصيب من الاموال التي تتدفق على المعارضة السورية عبر قنوات سرية، وتحقيق غايات بعيدة منها الحصول على دعم الولايات المتحدة والغرب لجهة تحقيق حلمه الكبير بأن يصل الى العرش في يوم ما عبر تحقيق منجز سياسي كبير كإسقاط النظام السوري وتفكيك معسكر الممانعة الممتد من طهران الى بيروت وغزة مروراَ بالعراق وسوريا. يكتفي بندر حالياً باللعب في الظلام، ويدرك بأن الضوء يحمل مخاطر على حياته، ولربما هناك من كشف بعض أسراره، ويتحيّن الفرصة للإنتقام منه..فهو بمثابة خبير الجراثيم، الذي يتعامل معها في المختبر ولكن يدرك مخاطرها فيما لو تسلّلت الى جسده. يعلم تماماً بأن يديه ملطّخة بدماء الخصوم والأصدقاء، وإن في عالم الاستخبارات، كما في عالم العسكرية، الخطأ الأول هو الخطأ الأخير، فما إن يقع في قبضة الضحايا فلن يترددوا في إيصاله الى حيث يجب أن يكونه.. اختار اللعب في مجال أحبه كثيراً، هو الاستخبارات وسمح له ذلك بتنفيذ كل ما يشاء بطريقة سريّة وبعيداً عن الأضواء، ووضع بصمة على جرائم كثيرة شارك في التخطيط لها وتمويلها، ولكن بمرور الوقت إكتشف بأنه صنع سياجاً من نار حول نفسه، فصار مطوّقاً بداخله، لا يستطيع الخروج منه بسهولة، ولا البقاء بداخله أيضاً لفترة طويلة.. خضع للعلاج من الإدمان ونجحت فترة التأهيل القاسية والطويلة في التخفيف من معاقرة السكر، ولكن المزاجية بدت تلاحقه حتى داخل غرفة نومه، فهو لا يكاد يقرر فعل شيء حتى ينتهي الى فعل نقيضه. يغضب المسؤولون الاستخباريون الأوروبيون وخصوصاً البريطانيون منه لأنه يقطع وعوداً معهم ثم حين يحين الوقت يطلب منهم عدم المجيء، أو حين يصلون الى المملكة يبقون في أماكنهم دون أن يتواصل معهم أحد فيضطّرون للعودة الى ديارهم. ولذلك قرروا دعوته الى لندن للتفاهم معهم بخصوص ملفات عديدة منها الملف السوري، ولا زالوا ينتظرون قدومه، ولكّنه لم يحدد موعداً حتى الآن! |
http://www.almanar.com.lb/images/logo.png مرسي ينتشي بدستوره .. والقضاة ينسحبون مؤقتاً من المعركة مصر على طريق اليونان: الكارثة الاقتصادية تقترب! http://news.bbcimg.co.uk/media/image...800_de27-1.jpg محمد هشام عبيه http://image.almanar.com.lb/edimg/20...1226212849.jpg انتظر الرئيس المصري محمد مرسي 20 يوماً كاملة قبل أن يتحدث إلى الشعب المصري بعد طول صمت، وفي وقت بالغ الحساسية، اشتد فيه الاستقطاب بين التيارين الديني والمديني على خلفية أزمة الجمعية التأسيسية ودستورها. وبالأمس فقط خرج مرسي ليتحدث في كلمة تلفزيونية مسجلة أراد من خلالها، كما يبدو، الاحتفال باليوم الأول الذي بدت فيه الأمور السياسية أكثر استقرارا في حوزته، وفي حوزة جماعة «الإخوان المسلمين»، بعد إقرار الدستور بنسبة 63,8 في المئة، وتحقيقهم انتصار جزئي في معركتهم مع السلطة القضائية. ومنذ آخر كلمة تلفزيونية مسجلة له عقب ما عرف في مصر بـ«مذبحة الاتحادية»، التي سقط فيها نحو 12 قتيلاً وأكثر من 600 مصاب، عقب قيام عناصر من «الإخوان» بالهجوم على المعتصمين ضد الإعلان الدستوري أمام قصر الرئاسة، وهي الكلمة التي وصفها كثيرون بأنها تصادمية متعالية غير متصالحة، كان الأمس هو أول ظهور لمرسي في كلمة مسجلة، والمناسبة كانت إقرار الدستور الذي أعدته جمعية تأسيسية سيطر عليها التيار الإسلامي وانسحب منها ممثلو الكنيسة والتيار المدني. وجاءت كلمة مرسي بعد يوم على إعلان اللجنة العليا للانتخابات، في مؤتمر صحافي، عن أن نحو 10,6 ملايين مصري قد صوتوا بـ«نعم» لصالح الدستور، فيما رفضه نحو 6 ملايين مصري، وذلك من إجمالي ما يقرب من 17 مليون ناخب، من أصل 52 مليون مواطن لهم حق التصويت، أي بنسبة تصويت لاتزيد عن 32 في المئة، وهي النسبة الضعيفة التي اتخذتها المعارضة للتشكيك في شرعية الدستور الذي يفترض أن يلتف حوله الشعب. لكن هذه النسبة وهذه الاعتراضات لم تقلق في ما يبدو مرسي، الذي بدا في خطابه التلفزيوني المسجل أمس، أكثر حيوية وانفراجا، منتشيا بنتيجة الاستفتاء على الدستور، ولعله في ذات الوقت أيضا يخمد أي أحاديث تواترت عن تردي حالته الصحية واحتمالات سفره إلى ألمانيا نهاية هذا الشهر للعلاج. ووصف مرسي في كلمته اليوم الذي صوّت فيه 63 في المئة من 32 في المئة من الشعب المصري بـ«نعم» للدستور بأنه «يوم تاريخي». وبالرغم من أن الوصف تقليدي وسبق أن استخدمه مرسي نفسه، بل ورموز النظام السابق في إضفاء هالة على أحداث شاركوا في صنعها، فإن مصطلح «تاريخي» هذا كشف في تلقائية عن المسافة الشاسعة بين مرسي ومعارضيه، كون أن رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي، وهو أحد أبرز قادة جبهة الإنقاذ الوطني، وصف هذا اليوم بأنه يوم حزين. وحسم مرسي الحديث المتصاعد عن إقالة حكومة هشام قنديل التي يراها كثير من الخبراء السياسيين والاقتصاديين هشة وضعيفة، عندما أكد أنه كلّف قنديل نفسه بإجراء التعديلات الوزارية اللازمة لمواجهة التحديات الاقتصادية القاسية التي تواجهها مصر الآن، لافتا إلى أن تلك الحكومة ستظل مستمرة حتى انتخاب مجلس نواب جديد، أي حتى ثلاثة أشهر مقبلة. وإذا كان مرسي بذلك قد أنهى أي حديث عن إمكانية تولي نائب المرشد العام لـ«الإخوان» خيرت الشاطر منصب رئاسة الحكومة، فإن مرسي بدا في الوقت ذاته بعيدا لمرة جديد عن تطلعات المعارضة، ومن خلفها قطاع كبير من الشعب كان يأمل في تشكيل حكومة إنقاذ وطني من كل التيارات على رأسها شخص قوي وتوافقي، لمواجهة شبح الإفلاس الذي بات يحيط بمصر للمرة الأولى. وردا على هذه الكلمة أعلنت جبهة الإنقاذ الوطني أنها ستواصل نضالها لاسقاط الدستور المعيب، وستخوض الانتخابات البرلمانية من أجل عدم ترك الساحة أمام تيار الاسلام السياسي المتمثل فى الاخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية. طائر الإفلاس يفرد جناحيه في يومين متتاليين ـ تصادف أن في أحدهما تم الإعلان الرسمي عن إقرار الدستور ـ تلقت مصر ثلاث ضربات اقتصادية من العيار الثقيل. الضربة الأولى كانت أمس الأول، عندما خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني طويل الأمد لمصر إلى مستوى (- B) ، وهو ذات التصنيف الائتماني لليونان التي تعاني أزمة اقتصادية حادة وكادت تعلن إفلاسها قبل أشهر. الوكالة أوضحت، أن السبب في هذا التصنيف هو التدهور في المؤشرات الاقتصادية وتراجع احتياطي النقد الأجنبي وعجز الموازنة والغموض السياسي. بل ذهبت للقول بأنه من المرجح حدوث تخفيض جديد للتصنيف إذا وجدنا أن الحكومة غير قادرة على منع تدهور المؤشرات المالية. التصنيف السابق قفز بمصر إلى مرتبة الدول التي يعد فيها الاستثمار مخاطرة، وهو أمر يحمل دلالات اقتصادية كبرى، ودلالات سياسية لا تقل أهمية. الضربة الثانية للاقتصاد المصري جاءت في اليوم التالي. وقبل أن يتحدث الرئيس مرسي في كلمته التلفزيونية خفّضت «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني لثلاثة من كبرى المصارف المصرية من B/B إلى B-/C، وهي «البنك الأهلي المصري» (أكبر مصرف تملكه الدولة)، و«بنك مصر» (ثاني أكبر مصرف تملكه الدولة)، و«البنك التجاري الدولي»، وهو واحد من أكبر مصارف القطاع الخاص العاملة في مصر، ويملك فيه «البنك الأهلي» نحو 99.9 في المئة من الأسهم منذ العام 1987 بعدما كانت 51 في المئة عندما تم تأسيسيه عام 1975 بالشراكة مع مصرف «تشيس مانهاتن» الأميركي. وبعد ساعات من تحفيض التصنيف الائتماني لهذه المصارف الكبرى، جاءت الضربة الاقتصادية الثالثة، عندما ذكرت شبكة «بلومبرغ» أن وزارة المال المصرية تعتزم التوسع في طرح السندات الحكومية في ربع السنة المالية بزيادة قدرها 60 في المئة، قياسا على الربع الحالي من العام المالي، وأن الحكومة ستسعى لبيع 26 مليار سند حكومي في الربع الجديد، تتراوح آجالها بين ثلاث الى عشر سنوات، قياسا الى 16 مليار سند في الربع الحالي، وهو رقم كبير للغاية دفع الوكالة الاقتصادية الأميركية البارزة إلى تصنيف العجز المالي في مصر حالياً بأنه الأكبر في منطقة الشرق الأوسط. وبدا أن هذا التوجه الحكومي الأخير جاء بعد تعثر المفاوضات بين مصر وصندوق النقد الدولي للفوز بقرض تبلغ قيمته 4،5 مليار دولار على خلفية الفوضى السياسية التي تضرب مصر منذ أشهر. وانعكست كل هذه الضربات الاقتصادية المتتالية على المواطن المصري البسيط، الذي يعيش في قلق متضاعف منتظرا زيادة الضرائب على سلع غذائية وخدمية خلال أيام قليلة بعدما علق مرسي تفعيل هذه القرارات قبيل الاستفتاء، فيما ضرب نوعا من أنواع الهلع المتعاملين مع المصارف في ما يتعلق بتراجع قيمة الجنيه، فبدأ عدد كبير من العملاء في تحويل أرصدتهم إلى الدولار، بينما تم رصد صعوبة في التحويلات المالية في عدد من كبرى شركات التحويلات، ليبدو النصر السياسي الذي حققه الإخوان في الفوز بالدستور منقوصا بسبب التردي في الأوضاع الاقتصادية حتى ولو كانوا قد حققوا نصرا آخر نسبيا في المعركة مع القضاء. القضاة... هل خرجوا من المعركة مؤقتا؟! البيان المشترك الذي خرج عقب الاجتماع المشترك الذي جمع أعضاء المجلس الأعلى للقضاة، ورئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند أمس، فسّره كثيرون بأنه تنحية مؤقتة للقضاة من الصراع السياسي الدائر في مصر منذ شهور. البيان الذي تمت صياغته بعد اجتماع دام لثلاث ساعات ونصف، ناشد المستشار طلعت عبد الله النائب العام العودة إلى منصة القضاء، لما يحققه ذلك حاليًا لصالح العمل بالنيابة العامة والقضاة وحتى يتفرغ الجميع لأداء عملهم. وبالرغم من أن البيان يعني ضمنا استقالة النائب من منصبه، إلا أن لفظ استقالة لم يرد ذكره صراحة في البيان، فيما نص صراحة في جانب آخر على مطالبة القضاة المعتصمين ووكلاء النيابة المعتصمين بعد تعيين النائب العام بقرار من مرسي بالمخالفة للقانون بالعودة للعمل. بل ونص البيان أيضا على تعليق انعقاد الجمعيات العمومية للقضاة التي ظلت في حالة انعقاد دائم منذ الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في 21 تشرين الثاني الماضي. لكن أمر القضاء على القضاة لم يتوقف عند حد أزمة النائب العام فقط بل امتدت الى المحكمة الدستورية التى تم استبعاد ستة من قضاتها واعادتهم الى محاكم النقض والاستئناف. أبرز هؤلاء القضاة هو المستـــشار حاتم بجاتو، المتحدث السابـــق باسم لجنة الانتخابات الرئاسيـــة، فيما لم يتحدد بعد موقـــف المستشارة تهـــاني الجـــبالي المعروفة بتصريحاتها المنـــاهضة لـ«الاخوان» منذ تم انتخاب محمد مرسي رئيسا للجمهورية. |
http://kassioun.org/templates/img/logo.jpg الانهيار الأمريكي المالي والاقتصادي http://1.bp.blogspot.com/-f-IslQxn7H...1600/craig.jpg Dr.Paul Craig Roberts د. بول كريغ روبرتس* - ترجمة: أمين عليا - قاسيون / http://kassioun.org/user_files/news/photo/347477351.jpg يعاني الاقتصاد الأمريكي من انحدار مالي ناتج عن عدم القدرة على معالجة العجز في الموازنة الفيدرالية. ولا يمكن معالجة هذا العجز بسبب عدد الوظائف الهائلة التي تم سحبها من الطبقة الوسطى الأمريكية وما لذلك من تأثير على القاعدة الضريبية والناتج المحلي الإجمالي، مما ساهم بتخفيض الإيرادات والعائدات الفدرالية. بالإضافة إلى أن السياسات الاقتصادية المتبعة كان جلّ اهتمامها هو إنقاذ المصارف التي كانت خارج إطار الرقابة المالية الحكومية، مما سمح بانتشار عمليات الدمج والمضاربة، على أمل أن تصبح تلك المصارف عصية على الانهيار. تَطلّب ذلك إعانات عامة، تم اقتطاعها من مخصصات الإنفاق على الرعاية الاجتماعية في الولايات المتحدة. بالإضافة إلى أن أحد عشر عاماً من الحروب التي شنتها أمريكا على نصف دول العالم الثالث، ساهمت بدورها بتعميق الانحدار المالي، فلم تحقق تلك الحروب سوى زيادة التعقيد بالوضع العسكري والأمني، وتغذية الأطماع «الإسرائيلية». الكينزية لم تُفلح! ويأتي هنا دور التلاعب الدعائي، بتصوير إمكانية تجنب الوقوع في الانحدار المالي، من خلال التراجع عن تقديم مخصصات الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، التي تُقتطع أصلاً كضريبة من رواتب المواطنين. وأيضاً من خلال تقليص دور شبكة الأمان الاجتماعي بكل جوانبها، من القسائم الغذائية ومعونات البطالة، إلى المساعدات الطبية والإعانات السكنية. لقد حاول الجناح اليميني التخلص من شبكة الأمان الاجتماعي منذ تأسيسها على يد فرانكلين روزفلت أثناء فترة «الكساد الكبير». لقد واجهت الحكومة في واشنطن الانحدار المالي بسياسة التقشف، المعبر عنها بخفض الإنفاق وزيادة الضرائب. وكان رد الجمهوريين أنهم سيصوتون لمصلحة برنامج الديمقراطيين بزيادة الضرائب، إذا ما صوت الديمقراطيون بدورهم لمصلحة الهجوم على شبكة الأمان الاجتماعي. أي أن التسوية بين هذين الحزبين ما هي إلا زيادة التقشف. لقد فهم الاقتصاديون، منذ عهد جون ماينارد كينز، أن زيادة الضرائب وخفض الإنفاق لن يحفز النشاط الاقتصادي بل على العكس سيقوم بإخماده. وهذه هي حال الاقتصاد الأمريكي الذي يحركه الإنفاق الاستهلاكي، فعند تخفيض الإنفاق يتراجع الاقتصاد ويرتفع العجز في الموازنة. هذه هي الحال في الاقتصاد الضعيف والمتهالك، فالتدهور الاقتصادي يعني مبيعات أقل، وعائدات ضريبية أقل، وبطالة أكثر. إن سياسة التقشف تلك ستؤدي إلى إنهاك الاقتصاد أكثر، بدلاً من تحفيزه وتقويته. فخفض إعانات البطالة والقسائم الغذائية في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة البطالة سيؤدي إلى زيادة الاحتقان الاجتماعي والتوتر السياسي. يرى بعض الاقتصاديين كروبرت بارو (جامعة هارفرد) أن التدابير التحفيزية في الاقتصاد لن تجدي نفعاً، لأن المستهلكين يتوقعون ارتفاع الضرائب لتغطية العجز في الموازنة، لذلك سيسعون لخفض نفقاتهم وزيادة مدخراتهم ليتمكنوا من دفع الضرائب المتوقعة. بمعنى آخر، عملت الجهود «الكينزية» بشكل عكسي، أي أنها أدت إلى تخفيض الانفاق بدل زيادته و تحفيزه. إلا أنني لم أجد أي دليل تجريبي ليثبت صحة هذا الطرح! فالوضع حالياً على أرض الواقع يتمثل بإنهاك الدخل إلى الحد الأقصى بالنسبة للغالبية العظمى من الناس، فلم يتمكن العديد منهم من دفع الفواتير والرهون العقارية أو أقساط السيارات أو القروض المدرسية. بالمحصلة إنهم غارقون بالديون، ولن يتبقى شيء من الدخل ليتم دفعه للضرائب المرتقبة. يشتكي معظم المراقبين من سلبية الكونغرس الأمريكي في التعاطي مع هذه الأزمة، تاركاً الانحدار المالي يفعل فعله. ولعل هذا أفضل مايمكن أن يكون، فالانحدار المالي ماهو إلا نتيجة، وليس سبباً. فلايمكن معالجة المرض بالنظر إلى أعراضه، بل إلى مسبباته. الدولار يَهْرب! يعاني الاقتصاد الأمريكي من مَرضَين جدّيين، وليس أحدهما الإنفاق الكبير على الرعاية الاجتماعية. المرض الأول هو سحب الوظائف الإنتاجية ووظائف الخدمات المهنية كالهندسة والتصميم والبحوث وتكنلوجيا المعلومات من الطبقة الوسطى الأمريكية، ليشغلها الوافدون الأجانب الذين يعملون بثلثي الراتب. المرض الثاني هو تحرير الاقتصاد من القيود الحكومية، وخاصة في المجال المالي، مما تسبب باستمرار الأزمة المالية. أدى ذلك إلى خلل في دورة الرأسمال وإغلاق العديد من الشركات المفلسة. تركز سياسة البنك المركزي الأمريكي على إنقاذ المصارف، لا على إنقاذ الاقتصاد. فلم يكتف بشراء سندات الخزينة الصادرة لتمويل أكثر من ترليون دولار عجز في الموازنة الفدرالية سنوياً، بل ذهب لتمويل المصارف الغارقة بالسندات المالية، ليزيل تلك السندات عن عاتق دفتر الحساب المصرفي لتلك البنوك، ويضعها على الحساب المصرفي للبنك المركزي. عادةً، يؤدي تسييل الديون «تحويلها إلى نقد» بهذا الكم إلى زيادة التضخم، ولكن النقود التي ضخها البنك المركزي الأمريكي بهدف إدارة الدين العام وديون المصارف الخاصة، بقيت عالقة داخل النظام المصرفي على شكل احتياطات فائضة ولم تجد طريقها في دورة الاقتصاد. فغدت المصارف معطلة وغير قادرة على تقديم القروض، ولا المستهلكون قادرون على الاقتراض بسبب غرقهم بالديون. كما أن تسييل الديون أو تحويلها إلى نقد، يشكل تهديداً آخر بضرب الاقتصاد الأمريكي وبالتأثير على مستوى المعيشة بشكل كبير. فالمصارف المركزية الأجنبية والمستثمرون الأجانب في الأسهم والسندات المالية الأمريكية، وحتى الأمريكيون أنفسهم، أصبحوا يلاحظون أن استمرار البنك المركزي بسياسة تسييل الديون لا يمكن أن تجنبهم القلق بشأن قيمة الدولار بسبب المزيد من الدولارات التي تواصل تدفقها خارج البنك المركزي. هنالك الكثير من المصارف المركزية والبنوك الخاصة التي فكت ارتباطها بالدولار مستبدلة إياه إما بالسبائك الفضية والذهبية، أو بعملات بلدان أخرى مستقرة اقتصادياً. فبحسب جون ويليامز من موقع Shadowstats.com، هبطت النسبة المئوية للدولار من الأرصدة الاحتياطية للأسهم العالمية من 36.6% عام 2006 إلى 28.7% عام 2012. بالمقابل ارتفع الذهب من 10.5% إلى 12.8% ، أما العملات الأجنبية ماعدا اليورو، فارتفعت من 38.4% إلى 44.4%. تعتزم دول روسيا والصين والبرازيل والهند وجنوب أفريقيا، التخلي عن الدولار في التداولات التجارية فيما بينها، لتستبدله بعملاتها المحلية. أما دول الاتحاد الأوروبي فالتداولات التجارية فيما بينها تعتمد على اليورو. كما أن الدول الآسيوية تناقش طرح عملة جديدة للتداول فيما بينها. يتخلى العالم شيئاً فشيئاً عن استخدام الدولار في تنظيم الحسابات الدولية، كما أن الطلب على الدولار يواصل تراجعه، والمصرف المركزي الأمريكي يزيد من تكديس الدولارات. مما يعني أن سعر صرف الدولار يتعرض لهزة حقيقية. إن القلق بشأن الدولار يعني القلق بشأن التعاملات المالية المتعلقة به كالأسهم وسندات الخزينة. حيث تملك الصين ما يقارب 2 ترليون دولار في التعاملات المالية في الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان تملك 1ترليون دولار تقريباً كسندات خزينة أمريكية، كما أن السعودية ودول الخليج النفطية تحوز على كميات كبيرة من الصكوك المالية بالدولار الأمريكي. وسيعني التخلي عن الدولار، في لحظة معينة، التخلي عن التعاملات المالية المرتبطة به، وبالتالي فإن التخلص من السندات والأسهم الأمريكية سيتسبب بزعزعة استقرار سوق الأوراق المالية وسيقضي على ما تبقى من الثروة الأمريكية. عمق الانهيار، والمُنقذ السعودي كما ذكرت سابقاً، قد يتمكن البنك المركزي الأمريكي من ضخ أموال جديدة لشراء الصكوك المالية التي جرى التخلص منها، وذلك ليحافظ على سعرها. ولكنه لن يتمكن من طباعة العملات الأجنبية أو الذهبية، لشراء الدولارات التي يدفعها الأجانب مقابل الأسهم وسندات الخزانة الأمريكية. فعندما يتم التخلص من الدولار، ستنهار قيمته التداولية، وسينفجر التضخم في الولايات المتحدة الأمريكية. ستكون موجة التضخم الأولى قوية ومفاجئة، مثلها مثل الانهيار الذي سيصيب قيمة العملة في التداول. إن الأزمة الحقيقية التي تواجه الولايات المتحدة، هي الانهيار الوشيك للقيمة التداولية للدولار في النقد الأجنبي. فقد انهارت قيمة الدولار بالفعل أمام الذهب والفضة. في السنوات العشر الماضية، ارتفع سعر الأونصة الذهبية بالدولار الأمريكي من 250$ للأونصة، إلى 1,750$ للأونصة الواحدة. وأيضاً ارتفع سعر الفضة من 4$ للأونصة، ليصل إلى 34$ للأونصة الواحدة. ارتفاع الأسعار هذا ليس بسبب الشح المفاجئ في الذهب والفضة، وإنما يعود للانتقال من الدولار إلى أشكال من العملة التاريخية التي لايمكن لآلة طباعة العملة أن تطبعها. شهدت السنوات العشر الماضية ارتفاعاً في سعر برميل النفط من 20$ للبرميل، إلى 120$، ليستقر سعر البرميل منذ مطلع هذا العام حتى الوقت الحالي على 90$ للبرميل. وقد جاء هذا الارتفاع في الاسعار بالرغم من ضعف الاقتصاد العالمي، ودون فرض أي قيود إضافية، سوى تلك التي سببها الاحتلال الأمريكي للعراق والهجوم الغربي على ليبيا، بالإضافة إلى العقوبات الغربية على إيران. لقد قامت السعودية- دمية واشنطن المطيعة - بالتصدي لتلك التأثيرات، محاولةً موازنة الكفة، فهذا البلد مستعد للتضحية بكل ثرواته النفطية لإنقاذ الغرب من مشكلاته. يتحدث المحافظون الجدد بغباء عن رغبتهم بإسقاط الحكومة في السعودية، ولكن أين يمكن لواشنطن أن تجد خدماً أكثر عبودية من العائلة الحاكمة السعودية؟؟ أعيدوا العمال لطالما أشرت في السنوات السابقة إلى أن الأزمة تتجلى في ارتفاع نسبة البطالة بين الأمريكيين وانخفاض دخل المستهلك، والنقص الحاد في الناتج المحلي الإجمالي. ويكمن الحل بعكس تدفق الوظائف وإعادتها الى الولايات المتحدة. يمكن لذلك أن يتم كما يشير«رالف غومري» بفرض الضرائب على الشركات بحسب المكان الذي يستثمرون فيه قيمة منتجاتهم، فإذا كان خارج الولايات المتحدة، تدفع الشركة ضريبة مرتفعة، وإذا استثمرت القيمة محلياً بأيدي عمال أمريكيين، سيكون معدل الضرائب أقل. يمكن حساب الفرق بين الضريبتين كتعويض عن رخص العمالة الأجنبية. ككل البضائع القادمة من الخارج والتي يجري تسويقها للأمريكيين على أنها واردات، فإن نقل البضائع داخل الولايات المتحدة من شأنه أن يقلل من العجز التجاري، مما سيزيد الثقة بالدولار. وارتفاع دخل المواطن الأمريكي سيزيد من عائدات الضرائب وبالتالي سيخفض من العجز في الموازنة، إنه حل ناجح لكل الأطراف. أما الجزء الثاني من الحل فيتلخص بإيقاف الحروب المكلفة التي أنهكت الموازنة الفدرالية لأحد عشر عاماً مضت، كما أنهكت موازنة الرعاية الصحية للمحاربين القدماء. وفقاً لمحطة ABC World News فقد تم نشر 2,333,972 جندي أمريكي في كل من العراق وأفغانستان وذلك منذ أحداث 11/9 ، فهؤلاء الجنود لهم الحق بأن يستفيدوا من الرعاية الصحية المجانية مدى الحياة. لقد استفاد حوالي 711,986 جندي من إدارة الرعاية الصحية في الفترة ما بين 2002 و2011. يسعى الجمهوريون للاستمرار بشن الحروب الخاسرة، وتحميل تكلفتها على عاتق الـ 99% ، بينما ينشغل المحافظون الجدد بحماية الـ1% من الزيادات الضريبية. لا يوجد أحد لا في البيت الأبيض ولا في الكونغرس ، يمثل الشعب الأمريكي، لذلك وعلى الرغم من وضوح علاج المشكلة لا أحد يقوم بفعل أي شيء حيالها. مما يقود أمريكا إلى الانهيار، وستكون بقية دول العالم ممتنة لهذا الحدث الجلل، فأمريكا و»إسرائيل» دولتان مكروهتان بشكل كبير، فلا يتوقع أحد أن يقوم الخارج بإنقاذ هذه «القوة العظمى» المنهارة. |
هيكل: اغلب المصريين رفضوا الدستور.. وتقييد حرية الاعلام الخطوة المقبلة للاخوان
نصح مرسي بعدم 'تلوين الهرم'.. واكد وجود مركزين امريكيين للمراقبة في سيناء ولم يستبعد استخدامها 'لتفريغ قنبلة غزة' هيكل: اغلب المصريين رفضوا الدستور.. وتقييد حرية الاعلام الخطوة المقبلة للاخوان لندن - 'القدس العربي': قال الكاتب الصحافي الاستاذ محمد حسنين هيكل 'ان أغلب المصريين رفضوا الدستور الذي شابته العديد من المخالفات وتم تمريره بالإكراه ، وان الخطأ الأساسي يكمن في القاعدة الانتخابية التي لا يحذف منها اسماء الموتى وتسمح بتزوير ربع الاصوات لمصلحة السلطة' . وكشف عن وجود مشاورات تجري بين ''هضبة المقطم'' والتي يوجد بها المقر الرئيسي لجماعة الإخوان المسلمين ومؤسسة الرئاسة التي يرأسها الرئيس محمد مرسي، مؤكدا وجود عوائق كبيرة أمام تنفيذ خطة ''التمكين'' أو ما يدعوه البعض ''أخونة الدولة'' الا انه لم يستبعد ان يحاول الاخوان إصباغ الدولة بلون معين. وقال 'يخيفني أننا أمام سلطة منقسمة يديرها 'الاتحادية' و'المقطم'، وهناك قوى الظل تؤثر على قرارات الرئيس'، مشيراً إلى أن الثلاثة أشهر القادمة حرجة جدا. وأضاف هيكل في برنامج ''مصر إلى أين'' على فضائية ''سي بي سي'' أنه يتوقع أن أهم التشريعات التي ستصدر ستعمل على الحد من حرية الإعلام، باعتبار أن الإعلام منبر التعبير ضد صباغة مصر بلون معين'، مشيرا إلى أن التشريع الذي سيليه سيقوم بتقويض المحكمة الدستورية ،والذي سيساعد على إجراء ذلك بسرعة. واعتبر ان اهم المتغيرات الايجابية التي شهدناها ان الشعب المصري قد تسيس، وان حتى نسبة الرفض الرسمية التي ظهرت في الاستفتاء كافية للتفاؤل، وابدى اعجابه بان كل مواطن اصبح مهتما بالمخاض في مصر، ونوه خاصة بدور المرأة في الحراك السياسي، الا انه ابدى قلقه من الوضع الاقتصادي وقال 'مصر تستورد 8 ملايين طن قمح وليس لديها القدرة على سد احتياجاتها، والاقتصاد المصري يحتاج إلى معجزة، ونحن في زمن انتهت فيه المعجزات،إننا أمام موقف اقتصادي متردٍّ جداً ولا ندري كيف يمكننا سد احتياجاتنا، ولا أحدلديه رؤية، ونتمنى أن تظهر كفاءات تدير عجلة البلاد'. وعلى صعيد الوضع في سيناء اعتبر ان سيناء تواجه تهديدات امنية حقيقية متمثلة في الفراغ الامني الكبير الذي تملأه اسرائيل والجماعات الارهابية، وعصابات المافيا الروسية التي تهرب المخدرات والبغايا واي شيء عبر سيناء الى اسرائيل. وكشف هيكل عن ان الولايات المتحدة تملك مركزين للمراقبة شمالي شرم الشيخ والجورة قرب رفح، وان الموساد يملك مواقع سرية في سيناء رغم الانسحاب الرسمي من شبه الجزيرة اثر توقيع اتفاق السلام بين البلدين في العام 1979. ولم يستبعد ان يكون وجود الاخوان في الحكم في مصر عاملا في تحقيق التسوية السلمية للقضية الفلسطينية، عبر استخدام 'الفراغ في سيناء لتفريغ الشحن البشري في غزة التي تشبه القنبلة' وخاصة ان حماس تتولى الحكم في القطاع. واكد ان حماس تعهدت عبر الوساطة التي قام بها محمد مرسي مؤخرا، بعدم اطلاق اي صواريخ علىاسرائيل، وهو ما مكن خالد مشعل من زيارة غزة والتحرك فيها بحرية، الا انه توقع ان يكون تمرير هذه التسوية في غاية الصعوبة من جانب مصر. واكد ان قرار الجيش الاخيربمنع غير المصريين من تملك الاراضي في سيناء استهدف منطقة شرق العريش بشكل خاص التي تعد حيوية بالنسبة للانفاق التي تديرها حماس، ومن الطبيعي ان تسعىل تأمينها. وشكك هيكل في امكانية تطبيق القرار على الارض بسبب سلطة القبائل، الا انه لم يستبعد ان يكون القرار تمهيدا لتدخل عسكري مصري لفرض الامن مع السيادة. وعلى الصعيد الامني قال ان خطر العنف يوضحه حجم السلاح الموجود من كل حدب وصوب، واصفاً ذلك بالأمر 'المخيف جدا' ولا يمكن التقليل من العنف مع وجود سلاح في أيدي المواطنين. واشار الى ما اسماه بالتنظيم الخاص في جماعة الاخوان وتاريخه المعروف في ممارسة العنف السياسي مثل محاولة اغتيال جمال عبد الناصر. واكد ان هناك استعدادا لانفجار العنف بالرغم من تناقضه مع الطبيعة المصرية. واعرب هيكل عن قلقه من استمرار النظام في السياسات الحالية، وطالب الاخوان بالانتقال من شهوة السلطة ووهجها الى تحمل المسؤولية والتصالح الوطني. ونصح الرئيس مرسي بعدم اغراق البلاد بسيل من التشريعات بهدف تلوين مصر بلون واحد، وان يحشد الكفاءات لعمل رؤية لمصر دون الحاجة الى تلوين الهرم لانه غير ممكن. |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 10:04 AM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024