منتديات أنا شيعـي العالمية

منتديات أنا شيعـي العالمية (https://www.shiaali.net/vb/index.php)
-   المنتدى الفقهي (https://www.shiaali.net/vb/forumdisplay.php?f=129)
-   -   مصطلحات اصوليه لطلاب وطالبات الحوزه (https://www.shiaali.net/vb/showthread.php?t=94337)

الحوزويه الصغيره 11-05-2010 07:54 PM

مصطلحات اصوليه لطلاب وطالبات الحوزه
 
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

1 - الإباحة
وهي حكم من الأحكام التكليفيّة المتّصلة بفعل المكلّف، وثبوتها لفعل من أفعال المكلّفين يُنتج السعة وعدم لزوم الالتزام به.

وتنقسم الإباحة إلى قسمين:
الإباحة بالمعنى الأخص: وهي التي يتساوى فيها الفعل والترك بنظر الشارع، أي انّه ليس للفعل بنظر الشارع أيُّ خصوصيّة تقتضي ترجيح فعله أو ترجيح تركه، وبهذا ناسب أن تكون الإباحة قسيماً للأحكام التكليفية الأربعة، إذ انَّها وان كانت تشترك معها في أنَّها حكم تكليفي إلا انَّها لا تنطبق على أحد من تلك الأقسام فعلاقتها مع سائر الأحكام علاقة التباين، وهذا هو منشأ تسميتها بالإباحة بالمعنى الأخص، إذ انّها لا تتداخل مع واحد من سائر الأحكام التكليفيّة، وذلك في مقابل الإباحة بالمعنى الأعم كماسيتّضح ذلك.

والإباحة بالمعنى الأخص تنقسم إلى قسمين:
الاباحة الإقتضائية: وهي التي يكون لجعلها واعتبارها من قبل الشارع منشأ وملاك يقتضي الإباحة والسعة، كما لو كان المنشأ من جعل الاباحة هو التسهيل على العباد.

ومن هنا ناسب أن يكون هذا النحو من الإباحة إباحة بالمعنى الأخص، وذلك لان ملاك التسهيل أوجب انتفاء خصوصيّة الفعل أو الترك لو كانت، وهذا بخلاف الاباحة بالمعنى الأعم فإن خصوصيّة الفعل - لو كانت - تبقى على حالها موجبة لترجُّحه على الترك، وهكذا خصوصية الترك - لو كانت - تبقى على حالها موجبة لترجحه على الفعل.

الإباحة غير الإقتضائية: وهي الخالية عن أيِّ ملاك يقتضي الفعل أو الترك أو يقتضي جعل الإباحة.

فالقيد الاول يُخرج الاباحة بالمعنى الاعم، إذ انَّ الإباحة بالمعنى الأعم يكون الفعل أو الترك فيها مشتملا على ملاك يقتضي إما ترجُّح الفعل أو ترجُّح الترك، والقيد الثاني يُخرج الاباحة الاقتضائية.

الإباحة بالمعنى الأعم: وهي الترخيص وعدم الإلزام بالفعل أو الترك، فهي تعم الإباحة بالمعنى الأخص كما تشمل الاستحباب والكراهة، إذ انَّ جامع الأحكام الثلاثة هو عدم الإلزام بالفعل أو الترك.

ومن هنا لا تكون الاباحة بالمعنى الأعم قسيماً للأحكام التكليفيّة الخمسة، إذ انَّ القسيم لا يتداخل مع قسيمه، نعم هي قسيم للأحكام التكليفية الإلزاميَّة.


للموضوع بقيه تابعونا..

الحوزويه الصغيره 11-05-2010 07:56 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد


2 - أصالة الإباحة

اضطربت الكلمات في تحديد ما هو المراد من أصالة الإباحة والتي هي في مقابل أصالة الحظر.


ويمكن تصنيف الأقوال المحدّدة لهوية هذا الأصل إلى ثلاثة أقوال:
الأوّل: هو حكم العقل بإباحة كل فعل وقع الشكّ في حكمه الواقعي، هذا بناء على القول بأصالة الاباحة وأما بناء على القول بأصالة الحظر فالمقصود من أصالة الحظر هو حكم العقل بلزوم الامتناع عن كل فعل وقع الشك في حكمه الواقعي.

وكل ذلك معلَّق على عدم ورود ما يُنافي الأصل من قبل الشارع، فلو كنا نبني على أصالة الإباحة فهذا يعني انَّ الحكم بالإباحة ثابت للأشياء إذا لم يرد من الشارع منع، وبهذا تكون أصالة الاباحة وكذلك اصالة الحظر من الأحكام العقليّة الظاهرية المتقومة بالجهل بالحكم الواقعي، ومن هنا تكون مساوقة لاصالة البراءة العقليَّة وكذلك تكون أصالة الحظر مساوقة لاصالة الاشتغال أو الاحتياط العقلي، نعم قد يفترق الأصلان عن البراءة والإشتغال العقليين فيما لو بنينا على ان موضوع أصالة الإباحة والحظر مختص بالشبهات التحريمية - كما هو ليس ببعيد - وبهذا تكون أصالة البراءة والاشتغال أعم من أصالتي الحظر والإباحة.

وبما بيّناه يتّضح عدم الطولية بين أصالتي الاباحة والحظر وبين أصالتي البراءة والاشتغال العقليين بناء على هذا القول والذي هو منسوب لصاحب الفصول (رحمه الله).

الثاني: هو حكم العقل بإباحة الافعال والاشياء أو المنع عنها بغض النظر عن حكم الشارع، فالقول بأصالة الاباحة معناه حكم العقل بحلية الافعال وعدم استحقاق المكلف للعقاب عند ارتكابها مالم يمنع الشارع عن ارتكابها.

وبناء على هذا القول تكون اصالة البراءة مغايرة تماماً لاصالة الإباحة وكذلك تكون أصالة الاشتغال العقلي مغايرة تماماً لاصالة الحظر، وذلك لان أصالتي البراءة والإشتغال متأخرة عن الحكم الشرعي، إذ انَّ موضوعهما الشك في الحكم الشرعي الواقعي في حين ان اصالتي الإباحة والحظر انما تجريان - بناء على هذا القول - في ظرف عدم الحكم الشرعي حيث قلنا انَّ أصالة الإباحة تعني حكم العقل بإباحة الافعال إلا اذا منع الشارع أي إلا اذا كان هناك منع واقعي عن الفعل معلوم أو مشكوك.

ومن هنا يتضح الفرق بين مجرى الاصلين أصالة البراءة وأصالة الإباحة، فحينما يكون المكلف قاطعاً بعدم المنع الشرعي فالمجرى هو أصالة الاباحة وحينما يكون المكلف شاكاً في الحكم الشرعي فالمجرى هو أصالة البراءة.

ثم انه لا يخفى عليكم انَّ البناء على أصالة الإباحة لا يلازم البناء على أصالة البراءة العقلية فمن الممكن ان نبني على أصالة الإباحة وفي نفس الوقت نبني على أصاله الاشتغال العقلي وذلك لاختلاف موضوعيهما، وكذلك البناء على أصالة الحظر لا يلازم البناء على أصالة الاشتغال كما هو واضح.

الثالث: هو انَّ موضوع أصالة الاباحة وكذلك الحظر هو الافعال والأشياء بما هي، أي انَّ البحث عمَّا هو الحق في حكم الاشياء هل الإباحة أو الحظر بحث عن حكم هذه الاشياء واقعاً، فتكون أصالة الاباحة - لو تمت - من الادلة الاجتهادية الكاشفة عن حكم الاشياء واقعاً، أي انَّ وظيفتها هي الكشف عن الحكم الشرعي الواقعي للاشياء بعناوينها الأوليَّة.

إتصال زمان الشك بزمان اليقين …

وبهذا تفترق عن أصالة البراءة والتي تكون وظيفتها تحديد الحكم الظاهري وهذا يقتضي افتراض الشك في الحكم الواقعي في رتبة متقدمة على جريان البراءة.

ومن هنا قد يقال بعدم وصول النوبة لاصالة البراءة وذلك لكونها دليلا فقاهتياً (أصلا عملي) وهو لا يجري في موارد قيام الدليل الاجتهادي، إلاّ انَّ المحقق النائيني (رحمه الله) ذكر انه تبقى بعض الحالات يمكن جريان أصالة البراءة في موردها وذلك فيما لو اتفق امتناع التمسك بأصالة الإباحة في مورد من الموارد لمانع فإن الجاري حينئذ هو أصالة البراءة.

ثم انَّ المستظهر من عبائر المحقق النائيني هو تبني القول الثالث إلاّ انَّه ذكر انَّ موضوع أصالة الإباحة والحظر مختص بالانتفاع المتعلق بالموضوع الخارجي.

وهذا بخلاف أصالة البراءة والاشتغال فإن موضوعهما هو مطلق الفعل الصادر عن المكلَّف سواء كان له ارتباط بالاعيان الخارجية من حيث انتفاع المكلَّف أو لم يكن.

وبهذا يتضح انّ موضوع أصالة الاباحة وكذلك الحظر - بناء على هذا القول - مشتمل على حيثيتين الاولى: هي الاعيان الخارجية، الثانية ان يكون نحو إرتباط المكلَّف بها هو الانتفاع المناسب لكل واحد من تلك الاعيان.

ومن هنا كان موضوع أصالة البراءة والاشتغال أوسع دائرة من موضوع أصالتي الاباحة والحظر بالإضافة إلى تباين موضوعيهما.


تقبلوا تحيتي

شهيدالله 11-05-2010 09:07 PM

الله يبارك بكم يا تلاميذ مدرسة اهل البيت عليهم السلام ...........
وفقكم الله لكل خير ومعرفة وسرور

نرجس* 11-05-2010 09:15 PM

الحوزويه الصغيرة

بحث مهم و رائع جزاك الله الف خير يالغالية




نرجس

موسوي البحراني 11-05-2010 09:42 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم أختي الفاضلة / الحوزوية الصغيرة على هذا المجهود الكريم الذي يستفيد منه طالب العلم زيادة على دراسته الاصولية كما نتمنى منكم المتابعة والاستمرار في ايراد بعض المصطلاحات الاصولية المهمة .

نسألكم الدعاء
خادمكم أخوكم جنابكم ( موسوي البحراني )

3li 11-05-2010 10:28 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

وفقك الله

شكرا على الموضوع الممتاز

الحوزويه الصغيره 12-05-2010 11:07 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

شهيد الله
نرجس*
استاذي/موسوي البحراني
3li

اهلا بكم,
واشكركم على ردودكم وتواجدكم في صفحتي
موفقين
تقبلوا تحيتي


بلسم الاحزان 13-05-2010 12:01 PM

وفقكـــــ الله لخدمة أهـــــل البيــــت

الحوزويه الصغيره 15-05-2010 11:44 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد

ذكرت في المشاركه السابقه معنى الإباحه في علم الأصول . والآن نتابع بذكر مصطلح آخر لنبين معناه ألا وهو :

إتصال زمان الشك بزمان اليقين

ذكر الشيخ صاحب الكفاية ( رحمه الله ) في بحث استصحاب الموضوعات المركبة انَّ الاثر الشرعي اذا كان مترتباً على عدم أحد الحادثين في زمان تحقق الحادث الآخر بنحو العدم المحمولي ذكر ان استصحاب عدم الحادث الى زمان حدوث الآخر لا يجري سواء كان الاثر مترتباً على عدم كل منهما في زمان الآخر أو كان الأثر مترتباً على عدم واحد من الحادثين في زمان الآخر ، أي انَّ الاستصحاب في الفرض لا يجري سواء كان معارضاً باستصحاب آخر ـ كما في الصورة الاولى ـ أو لم يكن معارضاً كما في الصورة الثانية .
وذكر انَّ منشأ عدم جريان الاستصحاب هو احتمال عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، وهو يُشير بذلك الى اختلال شرط من شرائط جريان الاستصحاب .
وقبل بيان مراده نقول : انَّه لا ريب في اشتراط اتصال زمان الشك بزمان اليقين، بمعنى عدم الفصل بينهما بيقين آخر ، فلو كان المكلَّف على يقين من الحدث ثم تيقن بالطهارة ثم شك بعد ذلك في الحدث الاول فإنَّه حينئذ لا يجري استصحاب الحدث ، وذلك لانفصال زمان الشك عن زمان اليقين بالحدث .
وهذا المقدار لا إشكال فيه ، انما الكلام فيما أفاده صاحب الكفاية (رحمه الله)والذي هو اعتبار عدم احتمال انفصال زمان الشك عن زمان اليقين ، فقد وقع الخلاف في مراده .
والتعرُّف على مرامه يتوقف على توضيح ثلاث مقدمات :
المقدمة الاولى : هي ما قيل انَّ القضايا لا تنقح موضوعاتها ، بمعنى انَّ القضية تتكفل ببيان ثبوت حكم لموضوع وليس لها تصد لاثبات انَّ هذا الفرد هو موضوع القضية أو انَّه ليست بموضوع لها ، فإنَّ هذا منوط بنفس المتلقي للخطاب ، فهو الذي عليه ان يُحرز موضوعية هذا الفرد أو ذاك لهذه القضية ، مثلا حينما يقال : تصدق على الفقير ، فإنَّ هذه القضية أناطت حكماً بموضوع هو الفقير ، أما ماهو المراد من الفقير وكذلك أي الافراد هي مصداق لعنوان الفقير فهذا مالا تتكفل القضية ببيانه ، وعلى المتلقي ان يُحرز ذلك من خارج القضية ، ثم حينما يتنقح عنده الموضوع مفهوماً ومصداقاً يُرتب عليه ذلك الحكم . ومن هنا لا يصح ترتيب الحكم على فرد لا يحرز مصداقيته لموضوع الحكم . وهذا الفرد الغير المحرز مصداقيته للموضوع هو المعبَّر عنه بالشبهة المصداقية .
المقدمة الثانية : انَّ المتعبد به شرعاً بواسطة الاستصحاب هو بقاء المتيقن أو اليقين في ظرف الشك ، وهذا معناه انَّ المتيقن بنفسه هو المجعول في ظرف الشك ، فلو كان المتيقن حكماً شرعياً فإنَّ المجعول في ظرف الشك هو عين الحكم الثابت في ظرف اليقين وليس المجعول في ظرف الشك حكماً جديداً مماثلا للحكم المتيقن ، وهذا ما يُبرِّر اعتبار عدم انفصال زمان الشك عن زمان اليقين ، إذ مع انفصالهما بيقين آخر يكون التعبد بالحكم الثابت في زمان اليقين الاول تعبداً بحكم جديد ، وذلك للقطع بارتفاع الحكم الثابت في زمان اليقين الاول ، وهذا ينافي ما ذكرناه من انَّ المتعبد به في الاستصحاب هو بقاء الحكم السابق .
مثلا : لو كان المكلَّف يعلم بوجوب صلاة الجمعة ثم علم بارتفاع الوجوب ثم شك في وجوب الجمعة ، فإنَّ التعبُّد حينئذ بوجوب الجمعة لا يكون تعبداً استصحابياً ، وذلك لأنَّ ايجاب صلاة الجمعة لا يكون بقاء للحكم الثابت في زمان اليقين الاول وانما هو حكم جديد.
وبتعبير آخر : انَّ الشك في وجوب الجمعة بعد العلم بارتفاعه ليس شكاً في بقاء الوجوب وانما هو شك في حدوث وجوب جديد ، إذ انَّ اليقين الاول بوجوب الجمعة منتقض يقيناً لعلمنا بارتفاع الوجوب كما هو الفرض.
فالمبرر لشرطية اتصال زمان الشك بزمان اليقين هو انَّ صدق البقاء لا يكون إلاّ بذلك ، كما انَّ صدق نقض اليقين بالشك لا يكون إلاّ باتصال زمان الشك بزمان اليقين وعدم انفصالهما بيقين آخر.
المقدمة الثالثة : إنَّ روايات الاستصحاب نهت عن نقض اليقين بالشك وأفادت بأنَّ اليقين لا يُنقض إلاّ بيقين مثله ، ومعنى ذلك انَّه لا تُرفع اليد عن يقين بمجرَّد الشك في زوال متعلقه، نعم تيقن المكلَّف بزوال متعلَّق اليقين يصحح الإنتقاض وحينئذ لا سبيل لترتيب الاثر على بقائه ، ولازم ذلك ـ كما اتضح مما ذكرناه في المقدمة الثانية ـ انَّ اليقين المنهي عن نقضه بالشك هو اليقين الذي لم ينتقض بيقين آخر وإلا فلا معنى للنهي عن نقضه بالشك ، إذ انَّ الشك بعد اليقين المناقض لا يكون شكاً في اليقين الاول وانما هو شك في الحدوث فلا يكون اهماله نقضاً لليقين الاول بالشك، فيكون هذا الفرض خارجاً موضوعاً عن قوله (عليه السلام) « لا تنقض اليقين بالشك » ، فالذي هو مورد الرواية هو الشك في بقاء متعلَّق اليقين، وهذا لا يكون إلاّ في حالة يُحرز معها عدم انتقاض اليقين بيقين آخر حتى يصدق حين إهمال اليقين السابق انه نقض اليقين بالشك .
ومع اتضاح هذه المقدمات الثلاث نقول :
انَّ اليقين المنهي عن نقضه بالشك هو اليقين المتصل زمانه بالشك لا اليقين الذي انتقض بيقين آخر ثم وقع الشك في وجود متعلَّقه بعد ذلك ، وهنا تتحرر عندنا قضية حاصلها « انَّ نقض اليقين المتصل زمانه بالشك منهي عنه» ، وهذه القضية لا تتكفل بتنقيح مصاديق موضوعها وانَّ ذلك انَّما هو شأن المتلقي للقضية ، فمتى ما أحرز الاتصال كان مسئولا عن عدم نقض اليقين بالشك ، ومتى ما شك في الاتصال فمعناه ان مورد الشك شبهة مصداقية ، وقد قلنا انَّ ترتُّب حكم أي قضية على فرد منوط باحراز مصداقيته لموضوع الحكم في القضية ، وهذا هو المعبَّر عنه بعدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية . والمقام من هذا القبيل ، وذلك لان الشك في اليقين السابق مردد بين الشك في البقاء ـ لو كان الحادث الآخر وقع أولا ـ وليس شكاً في البقاء لو كان الحادث الذي يُراد استصحاب عدمه حدث أولا ، وعندئذ لا يكون الإتصال بين زمان الشك وزمان اليقين محرزاً ، وعليه لا يمكن التمسُّك بحديث « لا تنقض اليقين بالشك » لإثبات جريان الاستصحاب في هذا المورد ، إذ لا يُحرز مصداقية هذا المورد لنقض اليقين بالشك فلا يُحرز مشموليته لموضوع الإستصحاب .
وحتى يتضح المطلب أكثر نذكر هذا المثال :
لو كان موضوع الاثر الشرعي ـ وهو انفصال العلقة الزوجية ـ هو عدم التحيض في زمان ايقاع الطلاق ، فلو كنا نعلم بعدم تحيض المرأة وعدم ايقاع الطلاق في الساعة الاولى من النهار ثم علمنا بوقوع أحدهما غير المعين في الساعة الثانية وعلمنا بوقوع الآخر غير المعين في الساعة الثالثة ، وفي الساعة الثالثة وقع الشك في تحيض المرأة في زمان إيقاع الطلاق ، فلو استصحبنا عدم التحيُّض الى زمان ايقاع الطلاق فإنَّ هذا الإستصحاب مبتل باحتمال عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين ، وذلك لأنَّ التحيض لو وقع في الساعة الثانية فهذا معناه انَّ الشك في الساعة الثالثة في عدم التحيض ليس متصلا بزمان اليقين بعدم التحيُّض الثابت في الساعة الاولى ، وذلك للفصل بينهما باليقين بوقوع التحيض ، فاليقين بعدم التحيض الثابت في الساعة الاولى قد انتقض باليقين بوقوع التحيض في الساعة الثانية فيكون الشك بعدم التحيض في الساعة الثالثة شكاً في اليقن الاول بعد انتقاضه، فلا يكون اهماله نقضاً لليقين بالشك ، إذ انَّ اليقين بعدم التحيض قد انتقض باليقين بالتحيُّض .
وان كان الواقع في الساعة الثانية هو الطلاق فإنَّ الشك في وقوع التحيض وعدمه في الساعه الثالثة متصلٌ باليقين بعدم التحيض ، لان عدم التحيض لم ينتقض في الساعة الثانية ، إذ انَّ الواقع في الساعة الثانية هو الطلاق وهو لا ينقض اليقين بعدم التحيُّض .
ولما كان المكلَّف متردداً من جهة ماهو الواقع في الساعة الثانية فهذا معناه انَّه متردد في اتصال زمان الشك بزمان اليقين أو عدم الاتصال ، فيكون المورد شبهة مصداقية ، أي نشك في مصداقية هذا المورد للنهي عن نقض اليقين بالشك أو قل نشك في مصداقيته لموضوع الإستصحاب .
ونُقرِّب المطلب بتقريب آخر :
إنَّ هنا ثلاثة أزمنة ، فالساعة الاولى هي زمان العلم بعدم حدوث التحيُّض وبعدم ايقاع الطلاق ، والساعة الثانية هي زمان العلم الإجمالي بحدوث أحد الحادثين إما التحيُّض وإما إيقاع الطلاق ، والساعة الثالثة هي زمان العلم الاجمالي بحدوث الحادث الآخر إما التحيُّض وإما إيقاع الطلاق ، فتكون الساعة الثالثة هي زمان الشك في تقدم أحد الحادثين على الآخر . وترتب الاثر متوقف على بقاء عدم التحيض الى زمان ايقاع الطلاق ، وهذا يستوجب ان يكون الواقع في الساعة الثانية هو ايقاع الطلاق حتى يكون ايقاعه في زمان عدم التحيض ، إلا ان ذلك لا يمكن إثباته بواسطة الاستصحاب ، وذلك لاننا في الساعة الثالثة نعلم بوقوع كلا الحادثين «التحيض وايقاع الطلاق » إلا انَّ الشك من جهة تقدم أحدهما على الآخر .
فلو كان متعلَّق العلم الإجمالي في الساعة الثانية هو وقوع التحيض فهذا معناه انَّ الشك في عدم التحيض في الساعة الثالثة شك بعد انتقاض اليقين بعدم التحيُّض باليقين الاجمالي بوقوع التحيض ، فيكون الشك في عدم التحيُّض منفصلا عن اليقين بعدم التحيض ، والفاصل هو اليقين بالتحيض، وعندها لا يجري الإستصحاب لانفصال زمان الشك عن زمان اليقين .
وان كان متعلَّق العلم الإجمالي في الساعة الثانية هو ايقاع الطلاق فهذا معناه انَّ الشك في عدم التحيض في الساعة الثالثة متصل باليقين بعدم التحيض الثابت في الساعة الاولى إذ لم يفصل بينهما بفاصل في الساعة الثانية حيث ان المفترض ان الواقع في الساعة الثانية هو ايقاع الطلاق وهو لا ينقض اليقين بعدم التحيض كما هو واضح .
ومن هنا يمكن استصحاب عدم التحيُّض الى زمان ايقاع الطلاق ، إلاّ انه لمَّا لم يكن هناك سبيل لإحراز ماهو الواقع في الساعة الثانية فإنه لا محالة يقع التردد في انَّ هذا المورد هل هو من موارد اتصال زمان الشك بزمان اليقين أو انه من موارد الانفصال .
ولذلك لا يمكن إجراء استصحاب عدم التحيض الى زمان ايقاع الطلاق للشك في مشمولية المورد للنهي عن نقض اليقين بالشك ، فيكون التمسُّك بهذا الاطلاق لاثبات مصداقية هذا الفرض له من التمسُّك بالعام في الشبهة المصداقية ، هذا ما نفهمه من عبارة صاحب الكفاية (رحمه الله) .

تقبلوا تحيتي

الحوزويه الصغيره 19-05-2010 12:57 PM

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الأثر الشرعي
المراد من الأثر الشرعي في استعمالات الاصوليين هو الحكم الشرعي الاعم من التكليفي والوضعي والظاهري والواقعي ، فحينما يقال مثلا انَّ من شرائط ثبوت الحجية لخبر الثقة ان يكون مؤداه أثراً شرعياً أو ذا أثر شرعي فإن المقصود من الاثر الشرعي هو الحكم الشرعي .

ومنشأ التعبير عن الحكم الشرعي بالأثر الشرعي هو انَّ الحكم الشرعي إنَّما يُؤثر ويُتلقى عن الشارع ، كما انَّه لا يُنتظر من الشارع بما هو شارع ان تكون آثاره غير الاحكام الشرعية ، ومن هنا تكون الآثار الشرعية مساوقة للاحكام الشرعية ، وهذا هو المصحح لإطلاق عنوان الأثر الشرعي على الحكم الشرعي .

وبما ذكرناه يتضح المراد من دعوى من ذهب الى انَّ ثبوت الحجية لخبر الثقة منوط بكون مؤداه أثراً شرعياً أو ذا أثر شرعي ورتب على ذلك نفي الحجية عن أخبار الآحاد المتصلة بالقضايا التاريخية أو التكوينية ، كما انَّه أحد منشأي الإشكال على حجية الخبر بالواسطة .

كما انَّه يتضح مما ذكرناه المراد من دعوى جمع من الاعلام بأن جريان الإستصحاب منوط بكون المستصحب أثراً شرعياً بنفسه أو انه ذو أثر شرعي، حيث انَّ المقصود من ذلك هو اشتراط ان يكون مجرى الإستصحاب حكماً شرعياً أو يكون موضوعاً لحكم شرعي .

فمثلا : عندما يكون المتيقن سابقاً والمشكوك لاحقاً حكماً شرعياً كالوجوب والطهارة أو موضوعاً لحكم شرعي كالحدث او البلوغ فإنَّ ذلك يُصحح جريان الإستصحاب ، وعندما يكون المستصحب شيئاً آخر فإنَّ الإستصحاب لا يجري ، نعم لا يبعد ان يكون مرادهم شاملا لحالات الشك في عدم الحكم الشرعي لو كانت له حالة سابقة متيقنة .

تقبلوا تحيتي


الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام

الساعة الآن: 02:36 AM.

بحسب توقيت النجف الأشرف

Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2024