![]() |
(120) أن التنافس مع الذات هو أفضل تنافس في العالم ، وكلما تنافس الإنسان مع نفسه كلما تطور ، بحيث لا يكون اليوم كما كان بالأمس ، ولا يكون غداً كما هو اليوم . |
(121) إن مَثَل من يريد فتح ميادين العبودية للحق ، كمَثَل من يريد أن يقتحم صفّـاً متراصاً من الشياطين يرونه ولا يراهم ..فالحل الوحيد في هذا الموقف الرهيب هو أن ( يُشهر ) سلاحه ، بما يفهم منه أنه صادق في المواجهة ، ثم ( يقتحم ) الميدان عاملاً بقاعدة: { إذ هبت أمراً فقع فيه ، فإن شدة توقّـيه شر مما أنت فيه }..ثم ( ينتظر ) بعد ذلك كله جنود الملائكة المسومين ، تحيط به من كل حدب وصوب ، وكيف تستطيع الشياطين صبراً ، أمام جنود الرحمن الموكّلة بالنصر والفتح ؟!..والمهم في هذا النصر ، هي مواصلة السير بعد اقتحام السد ، وإلا فإن التباطؤ والركون إلى النصر الأول ، مما قد يوجب اجتماع فلول الشياطين المنهزمة لاستدراك الهزيمة ، كما حصل في هزيمة أُحد بعد فتح بدر . |
(122) اعلم أن السالك سبيل الله ، والمتوجّه لما عند الله يجب عليه أمور حتى لا ينقطع عليه الطريق ، فإنّ أدلاّء هذا الطريق وهم أهل البيت عليهم السلام قد أرشدوا إلى أمور من عرفها سهل عليه ، وإلا انقطع به الطريق ، ورجع إلى خلفٍ رجوع القهقرى. الاول : أن يعرف أن الخير كله عند الله ، فلا يلتمس الخير إلا عنده ، ولا يطلب من سواه. فإذا عاشرت الخلق وباشرتهم فليكن ذلك طلبا لما عند الله، وابتغاء لرضا الله ، بأن يكون همّك الإحسان إليهم ، وإدخال النفع عليهم ، فإنّ الخلـق عيـال الله ، وأحب الخلق إلى الله من أدخل النفع على عيــال الله . [ الكافي : 2/131 ] .. كما في أخبار أهل البيت(ع). |
(123) إنّ هذا المعنى قد يغيب عن قلوب الكثيرين حتى من الخواص .. فإنهم عند الإحسان إلى الخلق يعيشون حالة لا شعورية من المنّة على من أحسنوا إليه ، ويبدو ذلك من خلال فلتات ألسنتهم ولحظات عيونهم .. فهذا المعنى الذي ذكره المؤلف من مقتضيات المعرفة العميقة بحقّ الله تعالى وبحقّ من أمر الله تعالى بصلتهم .. كما أنها من مقتضيات الرقابة الدقيقة ، لما يدور في خبايا النفوس ، فإنّ القلب لا يصير محطةً لأنوار الملكوت إلا إذا تخلى حتى عن هذه الشوائب الخفيّة ، التي هي بمثابة السيئات عند المقربين وإن كانت تبدو بصورة الحسنات عند الأبرار . |
(124) فإذا أردت المرتبة العليا بأن تكون أحب الخلق إلى الله على ما اقتضاه الحديث الشريف ، فاتقن هذه المقدمة أولا ً، وهي أن تعلم بأن انتفاعك منهم بهذا الطريق أعظم من نفعك لهم ، حيث أنك بسببهم توصلّت إلى أن تكون أحب الخلق إلى الله ، فلا تطلب منهم نفعاً غير هذ ا، واقطع النظر عن كل ما سواه .. فما وراء عبادان قرية. فإذا كان أصل معاشرتك لأجل أن تنفعهم ، ويصل منك الإحسان إليهم فوطّن نفسك أولاً على تحمل الإساءة منهم ، وعدم مكافأتهم بها ، وهذا أول إحسان منك إليهم. ثم إذا وطّنت نفسك على أن لا تكافئ المسيء بإساءته فلا تقنع بذلك ، فإنك تريد الاقتداء بأهل بيت سجيتهم الإحسان إلى من أساء إليهم ، والعفو عمن ظلمهم ، والوصل مع من قطعهم ، والإعطاء لمن حرمهم |
(125) فلا بدّ لك من توطين نفسك على أن تتمنى أن يسيء إليك أحد ثم تحسن إليه ، حتى تتوصل بسببه إلى تحصيل فضيلة الإحسان إلى من أساء إليك ، فتُحصّل التأسي بالنبي (ص) وأهل بيته (ع) حيث إن سجيتهم ذلك ، وقد قال مولانا أمير المؤمنين (ع): إن أحب الخلق إلى الله المتأسي بنبيه . نهج البلاغة : الخطبة 160.. |
(126) فتحصل بإساءته إليك ومقابلتك له بالإحسان على هذا المقام العالي أولا ً، ثم أنك مع فقرك ولؤمك وحاجتك ، إذا كافأت المسيء بالإحسان فالله سبحانه وتعالى بكرمه وغناه أولى على أن يكافئك على الأعمال السيئة بالإحسان ، فتحصل لك الحجة على إكرامه بذلك ثانياً. بل هو سبحانه إنما أمرك بالإحسان إلى من أساء إليك ، لينبّهك على أنك فعلت ذلك فأنا أولى بذلك منك ، وأنت أحوج إلى إجراء المعاملة هذه معك ، فأمرك بأن تجري هذه المعاملة. ونفع هذه المعاملة العائد لك أعظم من النفع الذي أمرتك بأن توصله إلى من أحسنت المعاملة معه ، فلو أنك نظرت بعين البصيرة لرأيت إساءته إليك ، حيث أوصلك إلى هذه المقامات إحساناً يستحق الشكر عليه ، فضلاً عن المجازاة له بالإساءة. |
(( 127)) إن أول درس في الخلق، بعد درس الطاعة والمعصية، هو درس (التوبة) والإنابة.. فكما أن القرآن الكريم يعرض صورة المعصية الأولى وهي معصية الشيطان، ومن ثم معصية آدم التي لا تتنافى مع عصمته، فكذلك يعرض صورة التوبة الأولى، وهو عفوه عن آدم بعد تلقّيه الكلمات من عنده.. ومن ذلك يُـعلم أن الحق إذا أراد أن يتوب على عبده (هيّـأ) له الأسباب، كما تلقى آدم من ربه الكلمات التي أعانته على التوبة، فالدعوة إلى التوبة والرجوع السريع إلى الحق المتعال، قارنت شروع المسيرة البشرية على وجه الأرض، ولا غنى عن ذلك مع (اختلاف) رتب الخلق.. وقد روي أنه بعدما لُـعن إبليس، وطلب الإمهال إلى قيام الساعة، قال إبليس: وعزتك لا خرجت من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح.. فقال تعالى: (وعزتي وجلالي، لا مَـنعته التوبة ما دام فيه الروح). |
(128) إنّ هذا القول من آثار تبدل نظرة السالك إلى الوجود وحركة الحياة ، ومن هنا كانت المعرفة والبصيرة المقدمة الأولى للسير نحو الكمال .. فانظر كيف أنّ السالك يحوّل الخصومة التي تحمل في طيّاتها الكثير من الظلمة والظلامة إلى أداة للتقرب إلى المولى الحق ، فيثبت العبد فيها أنه عبدٌ لمولاه في كل حركاته وسكناته ، وخاصةً عند إثارة دواعي الغضب أو الشهوة فإنهما من مزال أقدام العوام والخواص ، ولطالما كانا من موجبات الإبتلاء الدائم ، إما بالجحيم أو بنار البعد عن الحقّ ، والذي لا تقلّ إحراقاً عن سابقتها عند من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد |
(129) إن من مصادر المعرفة ( الوحي ) وهو كشف الحقيقة كشفا مباشرا مجاوزا للحس ومقصورا على من اختارته يد العناية الإلهية ..و( العقل ) وهو في اللغة الحَجْر والـنَّهْي ، وصار شبيها بعقال الناقة في أنه يمنع صاحبه من العدول عن سواء السبيل ، كما يمنع العقال الدابة من الشرود ..و( الإلهام ) وهو إلقاء الحق في نفس الإنسان أمراً يبعثه على الفعل أو الترك ، بلا اكتسابٍ أو فكرٍ وهو وارد غيبـي ..و( الحس ) وهو إعمال أدوات المعرفة الطبيعية في كشف مجاهل عوالم المحسوسات المرئية وغير المرئية ..والمصادر الثلاثة الأخيرة للمعرفة ، متاحةٌ للجميع بشروطها المتناسبة مع كل واحدة منها . |
(130) الثاني: أن يراعي حقوق الخلق في الله ، فإنّ مراعاة حق الخلق في الله مراعاة لحق الله ، كما أن إهمالها إهمال لحق الله. فإذا أردت ذلك فاعلم أن لهؤلاء حقوقاً كثيرة يلزمك أن تعرفها حتى لا تجهل حق الله فيهم ، فإذا عرفتها استعنت بالله على أدائها ، والقيام بها ، وإذا عجزت عنها كان اعترافك بالعجز قائماً مقام القيام بها. فأحدها : أنهم يقولون : (علي ولي الله) وكل من يقول هذه الكلمة الشريفة كيف يمكنك القيام بحقه ؟.. بل كيف يمكنك معرفة حقه؟.. بل كيف تتصور حقه ؟.. هيهات !.. هيهات !.. حق من يعترف بهذه الكلمة تابع لحق من هو منسوبة إليه وهو علي (ع)، وحقه تابع لحق رسول الله (ص) ، وحق رسول الله (ص) تابع لحق الله تعالي ، وكيف يمكن القيام بحق الله وقد قال رسول الله (ص) لأبي ذر: ( إنّ حقوق الله جلّ ثناؤه أعظم من أن يقوم بها العباد ، وإنّ نِعَم الله أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن أمسوا تائبين ، وأصبحوا تائبين ). |
(131) الثالث : أن يستوحش من الخلق أنسا بالله ، فإنّ العاقل يلزمه أن يكون مقبلاً على شأنه ، حافظاً للسانه ، عارفاً بأهل زمانه ، مستوحشاً من أوثق إخوانه. فمن هو هكذا دعا له علي (ع) بقوله: شدّ الله من هذا أركانه ، وأعطاه يوم القيامة أمانه . الكافي : 1/49.. وفي الكافي عن جابر قال : دخلت على أبي جعفر (ع) فقال: يا جابر !.. والله إني لمحزون ، وإني لمشغول القلب. قلت : جعلت فداك !.. وما شغلك ، وما حزن قلبك ؟.. فقال : يا جابر !.. إنه من دخل قلبه خالص دين الله ، شغل قلبه عمّا سواه . |
(132) نهى الحق المتعال عن الاقتراب من الصلاة حال السكر.. وقد يُشعر النهي عن مثل هذا الاقتراب، بنوع (نفور) من الحق لمن يريد لقائه في حالته تلك.. وهنا فلنتساءل: أن الحق نهى عن القرب منه في حالة كون المتقرب إليه فاقداً للالتفات، وذلك بتأثير سكْر الخمر، أولا يستفاد من ذلك تحقق النفور بدرجة من درجاته، بالنسبة إلى من لا يعلم ما لا يقول في صلاته، متأثراً (بسُكْر) أشياءٍ أخَر؟.. وقد ورد عن الباقر (ع) أنه قال: (لا تقم إلى الصلاة متكاسلاً، ولا متناعساً، ولا متثاقلاً، فإنها من خلل النفاق، فإن الله نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى يعني من النوم). |
( 133 ) هل من شك أننا نشترى الخلود في الآخرة بهذه السنوات المحدودة من الدنيا.. وبمعادلة رياضية نفهم أن اللانهاية عندما تقسم على النهاية؛ فإن النتيجة هي اللانهاية.. فمعنى ذلك: أن كل دقيقة من حياتنا تساوي اللانهائية؟.. أليست المعادلة صحيحة؟.. فلماذا نفرط في دقائق أعمارنا إذن؟!.. |
134)
خير ضمان لوصول العبد إلى ربه في حركة رتيبة غير متذبذبة، هو حب المولى حبا يتسلل إلى شغاف القلب، بحيث يلتذ العبد حينها بالعمل بما يريده المحبوب، لا من أجل أخذ الجوائز منه.. فهل راجعت قلبك لترى مثل هذا الحب لله -تعالى- والذي نصرفه لأولادنا وأزواجنا؟!.. |
(135)
حرروا أنفسكم من نير العبودية لغير الله تعالى لأنها لا تكون إلا له، ولا تأخذكم الشهوات والغفلات والملاهي والملذات فتبعدكم وتحجبكم عن الله تعالى فتكونوا عمياناً لا تبصرون، (قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى)(الإسراء: 125) فيا لها من حسرة لا تزول ولا تقاس بحسرات هذه الدنيا عندما نستفيق من غفلتنا ونومناالعميق، لنجد أن زادنا فارغ وكنا ممن يظن أنه يحسن الصنع في حياتها لدنيا |
(136) ان الانسان الحقود ، يعيش جو التوتر الباطني دائما ، فتراه في نزاع داخلي مع من افترضه عدوا له.. وهذا بدوره يؤثر على استقراره النفسي ، وجوه العبادي .. ومن الواضح ان الذي يعيش العداوة الباطنية لا بد وان ينكشف امره من خلال فلتات لسانه ، وصفحات وجهه! |
(137) إن أحدنا يرى منظرا محزنا فيتألم لذلك، ويتمنى لو كانت له القدرة على رفع تلك الأزمة عن عبد من العباد، والحال أن صاحب الأمر (ع) يعيش الكثير من آلام الأمة بما لا يخطر بالبال.. فهل حاولت التخفيف عنه بما أمكنك من موجبات رفع همه وغمه؛ عملا وقولا ودعاء، وخاصة فى ساعة الاستجابة كساعة الأذان مثلا، وهو ما أوصى به بعض كبار القوم؟!.. |
(138) لو مال العبد بوجهه عن المولى ، لمال المولى بوجهه عنه ، كما ذكره السجاد (ع) عند ذكره لحقيقة الوقوف بين يدي الجبار..فلو استحضر العبد - هذه الحقيقة - في كل مراحل حياته ، لكان ذلك كافيا ( لردعه ) عن كثير من الأمور ، خوفا من الوقوع في جزاء ذلك الشرط وما أثقله من جزاء !..وإذا مال المولى بوجهه عن العبد ، فإن استرجاع التفاتة المولى مرة أخرى يحتاج إلى جهد جهيد ..فالأولى بذي اللب ( ترك ) ما يوجب ميل وجه المولى ، بدلا من ( طلب ) الالتفات بعد الميل ..ويترقى الإنسان في سلم التكامل إلى مرحلة يرى فيها جهدا مرهقا في أن يميل بوجهه إلى غير الحق تبارك وتعالى ، بل يصل الأمر في المعصوم إلى استحالة ذلك ، بما لا يتنافى مع الاختيار المصحح للمدح والجزاء. |
(139) إن الكثير من المعاني التي تستوطن ( القلب ) نحبسها في سجن عالم ( الألفاظ ) ..وكأنّ تلك المعاني تتحقق بإمرار مضامينها على اللسان لقلقة لا تدبر فيها ..فمن هذه المعاني : الاستعاذة ، والشكر ، والاستغفار ، والدعاء ، والرهبة ، وغير ذلك مما بنبغي صدورها من القلب ، تحقيقا لماهيتها الواقعية لا الإدعائية ..فالخوف المستلزم للاستعاذة ، والندم المستلزم للاستغفار ، والخجل المستلزم للشكر ، والافتقار المستلزم للدعاء ، كلها معانٍ ( منقدحة ) في القلب ..والألفاظ إنما تشير إلى هذه المعاني المتحققة في رتبة سابقة أو مقارنة ، فالحق : إن الكلام لفي الفؤاد وانما جعل اللسان على الفؤاد دليلا |
(140) إن مخالفة النفس في كثير من المواطن وخاصة في موارد ( التحدي ) الشديد ، تفتح آفاقا واسعة أمام صاحبها لم يكتشفها من قبل ..هذا ( الفتح ) وما يستتبعه من التذاذ بكشف الآفاق الجديدة في نفسه ، مدعاة له لتيسير مخالفة الهوى ، لدرجة يصل العبد إلى مرحلة ( احتراف ) مخالفة النفس ، فلا يجد كثير عناء في ذلك توقعا للثمار ، إذ يصبر أياما قصاراً ، تعقبها راحة طويلة ..شأنه في ذلك شأن أبناء الدنيا في تحمّل بعض المشاق ، وترك بعض اللذائذ الدنيوية طلبا للذة أدوم وأعمق ، كالمتحمل للغربة جمعا للمال ، وكالتارك لبعض هواه تقربا لمن يهواه. |
(141) إن إتيان المولى بالقلب السليم ، يعد أمنية الأمنيات وغاية الطاعات ..والذي يميّز القلب وهو مركز ( الميل ) عن الفكر وهو مركز ( الإدراك ) عن الجسد وهو آلة ( التنفيذ ): أن القلب يمثل مركزاً للتفاعل الذي ينقدح منه الانجذاب الشديد نحو ما هو مطلوب ومحبوب ، سواء كان حقا أو باطلا ..فلا الفكر ولا البدن يقاوم - عادة - رغبة القلب فيما تحقق منه الميل الشديد ..ولذا نرى هذا التفاني نحو المراد عند من يشتد ميلهم إليه ، ولا ينفع فيهم شيء من المواعظ والوصايا حتى الصادرة من رب العالمين ..وقد ورد عن الإمام الصادق (ع) في ذيل قوله تعالى {وسقاهم ربهم شرابا طهورا}: ( يطهرهم عن كل شيء سوى الله ..إذ لا طاهر من تدنس بشيء من الأكوان إلا الله ) |
(142) إن الاعتقاد بأن الشياطين ( يحومون ) حول قلوب بني آدم ، وأن له سلطاناً على الذين يتولونهم ، يستلزم ( الحذر ) الشديد أثناء التعامل مع أي فرد - ولو كان صالحا - لاحتمال ( تجلّي ) كيد الشيطان من خلال فعله أو قوله ، ما دام الشيطان يوحي زخرف القول وينـزغ بين العباد كما ذكر القرآن الكريم ، وهذا الحذر من المخلوقين من لوازم انتفاء العصمة عنهم ..ومن ذلك يعلم ضرورة عدم الركون والارتياح التام لأي عبدٍ - وإن بلغ من العلم والعمل ما بلغ - كما يقتضيه الحديث القائل: { إياك أن تنصب رجلا دون الحجة ، فتصدقه في كل ما قال } |
(143) إن أول درس في الخلق ، بعد درس الطاعة والمعصية ، هو درس ( التوبة ) والإنابة .. فكما أن القرآن الكريم يعرض صورة المعصية الأولى وهي معصية الشيطان ، ومن ثم معصية آدم التي لا تتنافى مع عصمته ، فكذلك يعرض صورة التوبة الأولى ، وهو عفوه عن آدم بعد تلقّيه الكلمات من عنده ..ومن ذلك يُـعلم أن الحق إذا أراد أن يتوب على عبده ( هيّـأ ) له الأسباب ، كما تلقى آدم من ربه الكلمات التي أعانته على التوبة ، فالدعوة إلى التوبة والرجوع السريع إلى الحق المتعال ، قارنت شروع المسيرة البشرية على وجه الأرض ، ولا غنى عن ذلك مع ( اختلاف ) رتب الخلق ..وقد روي أنه بعدما لُـعن إبليس ، وطلب الإمهال إلى قيام الساعة ، قال إبليس : وعزتك لا خرجت من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح .. فقال تعالى : { وعزتي وجلالي ، لا مَـنعته التوبة ما دام فيه الروح }. |
(144) إن من علامات الإيمان الكبرى هو: الإحساس بالميل والحب الشديد لمن أمرنا الله تعالى بمودتهم ، وهم آل بيت النبي (صل الله عليه وآله) وخصوصا سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) لما تحملت في سبيل الدين ما تحملت !.. اوهل تحس بمثل هذا الحب العميق ، وهل كان لك توفيق المشاركة فى مجالسها في هذه الأيام المتعلقة بها؟ |
(146) إن نفوس المبتدئين في عالم تكامل ( الأرواح ) ، بمثابة نفوس الناشئة في عالم تكامل ( الأبدان ) الذين لا يجدي معهم أساليب القهر والتعسف ..بل لابد من ( الرّفق ) بهم أولا ، وإتّباع ( المرحلية ) في تربيتهم ثانيا ، والدخول إليهم من المداخل ( المحببة ) إليهم ثالثاً ..وهكذا الأمر في النفوس ، فإنها جموحة غير سلسة القياد ، فلا نكلفها فوق طاقتها ، إذ في الحديث الشريف: { إن هذا الدين متين ، فأوغل فيه برفق }..ولا نكلفها المراحل العليا ، إلا بعد استيفاء المراحل قبلها ، وينبغي ( التحايل ) عليها فنعطيها اليسير من الحلال لتمكّننا في الكثير من الطاعة ، ونرفع عنها كلفة النوافل عند الإدبار لئلا تدبر عند الفرائض ، ونرغّبها في العظيم من اللذائذ الآجلة ، لتزهد في المهالك من اللذائذ العاجلة ..وقد ورد عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال : { خادع نفسك في العبادة وارفق بها ولا تقهرها ، وخذ عفوها ونشاطها إلا ما كان مكتوبا عليك من الفريضة ، فإنه لا بد لك من قضائها } |
(147) من الأمور الواضحة أن قراءة القرآن في كل يوم، والأدعية المناسبة للأوقات والأمكنة، في التعقيبات وغيرها، وكثرة التردد إلى المساجد والمشاهد المشرفة، وزيارة العلماء والصلحاء ومجالستهم، مما يرضاه الله ورسوله (ص).. كما يجب مراقبة البصيرة والأنس بالعبادة والتلاوة والآيات يوماً بيوم. وعلى العكس من ذلك، فإن كثرة مجالسة أهل الغفلة تزيد من قساوة القلب وظلمته، ومن النفور من العبادات والزيارات، ولذا نجد أن الأحوال الحسنة الحاصلة من العبادات والزيارات وأنحاء التلاوة، تتبدل بسبب مجالسة ضعفاء الإيمان إلى سوء الحال والنقصان.. فمجالسة ضعفاء الإيمان إذن في غير صورة الإضطرار، أو من دون قصد هدايتهم – تسبب فقدان الملكات الحسنة للمرء، بل إنه يكتسب أخلاقهم الفاسدة: "جالسوا من يذكركم الله رؤيته، ويزيد في علمكم منطقه، ويرغبكم في الآخرة عمله". أصول الكافي: 1/39 ج3 من مواعظ آية الله بهجت |
(148) الله يعلم كم من الآثار المعنوية للصلاة الواحدة [على محمد وآل محمد] التي يدعو بها المرء هنا يهدي ثوابها للميت.. وأية صورة وأية واقعية (حقيقية) لهذه الصلوات نفسها.. علينا أن لا نهتم للقلة والكثرة، بل ليكن اهتمامنا للكيفية. لا ينبغي التوهم أن المسألة مسألة قلة وكثرة.. بل المدار على الكيفية.. فإن كان [العمل] لله [فله قيمته] حتى لو كان قليلاً، وإن كان لغير الله [فلن ينفع] ولو كان كثيراً.. من مواعظ آية الله بهجت |
(149) يطلع احدنا على مأساة من مآسي المسلمين تسلبه الراحة والنوم .. حاول ان تتذكر ماذا يجري على قـلـب صاحب الأمر (ع) الذي مرت وتمر عليه المآسي العظام ، ولا ناصر له ولا معين؟!.. وختامها مسك |
أرجوا من المشرفين تثبيت الموضوع للفائدة
|
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 01:10 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025