أحداث «مدرسة سار الثانوية للبنات» تخلق هلعاً بين الطالبات وتوتراً في الوضع

تضاربت المعلومات بشأن السبب الرئيسي الذي أدى إلى تعكير صفو الأجواء في مدرسة سار الثانوية للبنات أمس، إذ تجمع المئات من أولياء الأمور وأهالي الطالبات، وخيمت حالة من التوتر والغضب الشديدين عليهم طوال عدة ساعات متواصلة، من الساعة (10:30 صباحاً، وحتى 3:30 ظهراً)، إذ أصيبت 8 طالبات بإصابات متفرقة، بعضهن كسور في الرجل واليد ورضوض في الظهر.

واحتشد أولياء الأمور ورجال الدين وعدد من نواب كتلة «الوفاق» ومحافظ الشمالية جعفر بن رجب ورئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري لتهدئة الوضع، بعد أن انتشرت معلومات عن تعرض طالبات في مدرسة سار الثانوية للبنات لإصابات وذلك لاعتداء أحد أولياء الامور على مجموعة من الطالبات المحتجات.

وشهدت «الوسط» حالات إغماء عديدة بين الطالبات، وحالة من الخوف والهلع، إذ كانت غالبية الطالبات يبكين من الخوف.

وتشير معلومات حصلت عليها «الوسط»، إلى أنه تم نقل 8 طالبات بواسطة سيارات خاصة إلى مستشفى السلمانية الطبي، فيما حضرت سيارات إسعاف ومسعفون إلى المدرسة، لإسعاف حالات الإغماء بين الطالبات.

وتواجد في المدرسة نحو 24 حارساً، وأفراد من الشرطة النسائية، إلا أنهم لم يفلحوا في تهدئة الوضع، بل حصلوا على إهانات وصراخ من طالبات المدرسة وأولياء أمورهن.

ولجأت مديرة المدرسة مع مساعدتها ومجموعة من المعلمات إلى مبنى التسجيل، واختبأن في إحدى الغرف وأغلقن الباب عليهن، بعد أن أحسسن بمحاولات للهجوم عليهن من قبل أولياء الأمور.

وأمام «الوسط» قام مجموعة من الشباب بإزالة الحاجز الحديد الذي كان على نافذة الغرفة التي تجمعت فيها المعلمات مع المديرة والمساعدة، وفتح أحد الشباب النافذة وقفز إلى داخل الغرفة وقام بالمشي على الطاولات، وبدأ بالصراخ على المديرة، إلا أن عدداً من الشباب والرجال طلبوا من الشاب الخروج.

وعاد شباب آخرون وقاموا بكسر النافذة بواسطة حجر كبير، وهو ما تسبب في حالة من الذعر والهلع والخوف بين المعلمات، إلا أن تدخل عدد كبير من الأهالي والشباب ونواب «الوفاق» ورجال الدين ورئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري أسهم في طمأنة المديرة والمعلمات.

وشكّل عدد من الشباب حاجزاً بشرياً أمام باب مبنى التسجيل الذي اختبأت فيه المديرة والمعلمات، ومنعوا محاولة شباب آخرين لكسر الباب والدخول على المديرة.

وبعد أن هدأت حدة التوتر، قام أحد رجال الدين بصحبة مصور «الوسط» وعدد من الأشخاص بحماية ونقل مديرة المدرسة بواسطة سيارة خاصة إلى منزلها، وقد حاول أحد الشباب التشبث بالسيارة، والتمسك بها عندما كانت تهم بالخروج من الباب الخلفي للمدرسة، إلا أنه سرعان ما سقط على الأرض.

وحضر إلى المدرسة مدير إدارة التعليم الثانوي بوزارة التربية والتعليم إبراهيم جمعان، وحاول تهدئة الوضع في المدرسة، إلا أنه لم يتمكن من ذلك، كما أنه تحدث إلى المعلمات ومديرة المدرسة من نافذة الغرفة التي اختبأن فيها بمبنى التسجيل.

الرواية الأولى

وتشير الرواية الأولى لحادثة مدرسة سار الثانوية للبنات، بحسب ما ترويها طالبة شاركت في المسيرة المطالبة بإصلاحات سياسية داخل المدرسة، إلى أنهن خرجن في الفسحة في مسيرة ورددن هتافات سياسية، وكانت الساعة حينها تشير إلى التاسعة و45 دقيقة، وهي بداية الفسحة، وقالت: «كنا نحاول الخروج من باب المدرسة، إلا أن الحارس منعنا من الخروج، وسرعان ما سمعنا صوت جرس انتهاء الفسحة، والساعة كانت العاشرة».

وأضافت «المعلمات حاولن إرجاعنا إلى الصفوف، إلا أننا رفضنا ذلك، وذهبنا إلى مبنى الإدارة ووقفنا عند باب المديرة، إلى أن جاءت ولية أمر إحدى الطالبات واعتدت على بعض الطالبات اللاتي كنّ معنا في المسيرة، قبل أن تأخذ ابنتها وتنصرف من المدرسة».

وذكرت الطالبة أن «إحدى الطالبات اللاتي معنا في المسيرة المطالبة بالإصلاحات، قدمت وردة لولية الأمر وقالت لها نحن سلميون، إلا أن ردة فعل ولية الأمر كانت عكسية، وانصرفت وهي تشتم وتهدد بأنها ستدهس الطالبات بسيارتها، وهذا ما فعلته عندما ركبت سيارتها ولاحقت ثلاث طالبات». وأردفت الطالبة «بعد ذلك جاء ولي أمر طالبة واعتدى هو الآخر علينا، وتلفظ بألفاظ بذيئة».

وقالت طالبة من الطرف الآخر «ان ولي أمر انفعل بعد ان سمع هتافاً ينال من المجنسين مما حدى به لاستخدام عقاله في تلك اللحظة، وهذا أدى الى الهلع وانفلات الوضع وانتشار الكثير من الأقاويل».

الرواية الثانية

أما الرواية الثانية التي ترويها طالبة أخرى، فذكرت أن بداية المسيرة المطالبة بالإصلاحات كانت بعد الطابور الصباحي، إذ رفضت مجموعة من الطالبات الدخول إلى الصفوف الدراسية، وحاولن الخروج من المدرسة، إلا أن الحارس منعهن من ذلك، وبقين خارج الصفوف حتى وقت الفسحة.

وأضافت «بعد مشادات كلامية حدثت بيننا وبين مجموعة أخرى من الطالبات جاءت ولية أمر إحدى الطالبات، وبدأت بالتعرض للطالبات، وبعدها جاء ولي أمر طالبة أخرى وبدأ بالشتم، وخلع عقاله واعتدى على الطالبات».

وأفادت أن «بنت ولي الأمر الذي خلع عقاله، أخرجت سلاحاً أبيض (سكين)، وعليه تم نقلها إلى إحدى سيارات الأمن التي كانت متوقفة خارج المدرسة، بعدها حدث ما حدث، واحتشد أولياء الأمور والأهالي ودخلوا المدرسة، بعد أن تمكنت الطالبات من الخروج».

ولية أمر اعتدت على طالبات وولي أمر حاول ضربي بعقاله

قالت إحدى المعلمات في مدرسة سار الثانوية للبنات إنهن حاولن تهدئة الطالبات اللاتي كن يردن الخروج في مسيرة للمطالبة بإصلاحات سياسية، إلا أنه لم تكن جدوى من ذلك، كما حاولن الطالبات الخروج من المدرسة، إلا أن الباب مغلق، ولم يسمح لهن بالخروج. وأضافت أن «ولية أمر حضرت لتأخذ ابنتها بعد المناوشات التي حدثت بين الطالبات، إلا أنها وقبل أن تنصرف من المدرسة، اعتدت بالضرب على طالبات، وتلفظت بألفاظ بذيئة، وبعد أن خرجت من المدرسة وهي تهدد بدهس الطالبات، ركبت سيارتها ودهست طالبات، وتسببت في إصابتهن».

وأوضحت أن «3 طالبات ضُربن في المدرسة على يد ولية الأمر، والمديرة حاولت تهدئة الأمر، وقامت بوضع مجموعة من الطالبات المؤيدات لنظام الحكم في غرفة، لمنع أي اصطدام بين المجموعتين، وهذا على ما يبدو ما أثار غضب المجموعة المطالبة بإصلاحات سياسية».

وبيّنت أنه «يبدو أن ولية الأمر التي اعتدت على الطالبات وخلال خروجها من باب المدرسة، تمكنت الطالبات من فتح الباب والخروج والتجمع خارج المدرسة، وبعد اتصالهن بأولياء أمورهن، حدث التجمع الحاشد في المدرسة».

معلمة أخرى: المديرة عزلت طالبات في غرفة

أوضحت إحدى المعلمات في مدرسة سار الثانوية للبنات، أن مجموعة من الطالبات خرجن في مسيرة سلمية للمطالبة بإصلاحات سياسية، ورددن هتافات مختلفة، ولم تفلح المديرة وبعض المعلمات في تهدئتهن، ما حدا بها إلى أن تضع مجموعة طالبات أخريات غير مؤيدات للمجموعة الأولى، في غرفة بمبنى الإدارة، كنوع من الحماية لهن، ومنعاً لحدوث أي شجار بين المجموعتين، وهذا ما أثار غضب المجموعة المعارضة.

وقالت المعلمة إن شرطية اعتدت بالضرب على طالبة، وتحديداً على ظهرها، وهذا ما تسبب في عدم تمكنها من الجلوس والتحرك بصورة طبيعية، وتم نقلها إلى مستشفى السلمانية الطبي.

وأضافت أن طالبة أخرى دهستها سيارة شرطة، وتسببت في إصابتها بكسور مضاعفة في رجلها، وهي الأخرى نُقلت إلى مجمع السلمانية الطبي، وتم تجبير نصف رجلها المكسورة.

وأشارت إلى أن هناك طالبة ثالثة أصيبت بكسر في يدها، وتم تجبيرها أيضاً.

المحافظة الشمالية تفتح تحقيقاً في حادثة «ثانوية سار للبنات»

هذا وفتحت المحافظة الشمالية تحقيقاً في الحادثة التي وقعت في مدرسة سار الثانوية للبنين يوم أمس (الخميس)، وبدأت بالتحقيق مع عدد من المعلمات وتسجيل أقوالهن ومشاهداتهن حول ما حدث.

وقال محافظ الشمالية جعفر بن رجب، الذي تواجد في المدرسة واصطدمت به سيارة قبل دخوله المدرسة، وأصيب بإصابات بسيطة في ساقه الأيسر، إنه «عندما كنت في جولة بمدرستي يثرب الاعدادية للبنات والعهد الزاهر الثانوية للبنات، تلقيت اتصالاً من مديرية شرطة المحافظة الشمالية، يفيد بوجود مشاحنات وتجمع عدد كبير من أولياء الأمور، وعلى الفور توجهت إلى المدرسة، وذهلت بمنظر أولياء الأمور والطالبات خارج المدرسة».

وقال إن «التحقيق فُتح في المحافظة، ويمكن لأية معلمة أن تدلي بشهادتها في المحافظة»، مبيناً في الوقت نفسه أن «كل أصابع الاتهام موجهة إلى المديرة والمشرفة».

وأكد بن رجب في تصريح لـ «الوسط» أن «كل صاحب حق سيأخذ حقه، ونحن سنكتب تقريراً مفصلاً عما حدث، وسنرفعه إلى القيادة العليا».

واعتبر بن رجب أن «الأمن والحفاظ على أبناء الشعب من مسئولياتنا، ولسنا مع طرف ضد طرف، نتعامل مع الجميع بسواسية، ووظيفتنا التهدئة».

وقال إننا «مجتمع متآخٍ ومتسامح، ولا يوجد في قاموس البحرين طائفية، وأقول للجميع كلمة من القلب، لابد من تحكيم العقل، ومن لديه كلمة يثير بها الطائفية والاختلاف بين البحرينيين، عليه أن يحتفظ بها لنفسه، ولا يشيعها في الناس».

أم عمر: البعض كان يحمل أسياخ الحديد

قالت المواطنة أم عمر، وهي خالة إحدى الطالبات في مدرسة سار الثانوية للبنات، بأنها شاهدت بأم عينها من يحمل أسياخ الحديد أثناء الخروج من المدرسة.

وأوضحت أم عمر «ذهبت لأجلب بنت أخي من المدرسة، وأوقفت سيارتي بعيداً عن باب المدرسة لأن شرطة المجتمع تمنع وقوف أية سيارة أمام الباب، وفوجئت بعدد كبير من أولياء الأمور والشباب يقفون خارج المدرسة، وبكيت وأنا أمشي إلى داخل المدرسة، لما شاهدته من وضع مؤلم وصلنا له في البحرين».

وأفادت أن «ولية الأمر التي قيل إنها دهست طالبات، شاهدتها وهي تخرج ببناتها، وتركب السيارة، كيف كانت الطالبات تمنعها من السير بالسيارة».

وأضافت «على رغم وجود رجال الشرطة على امتداد شارع المدرسة، والذين طلبت من الواقفين منهم أمام باب المدرسة أن أدخل لآخذ بنت أخي، إلا أنهم منعوني، وقالوا ليس لديهم تعليمات بالسماح لأحد الدخول إلى المدرسة».

وذكرت أن «البحرينيات (من أصول عربية) اللاتي في المدرسة، عددهن لا يتجاوز الـ 30، وأنا لا أدافع عنهن، إلا أنني رأيت بعيني الطالبات المعارضات يحملن أسياخ الحديد».

وأكدت «عشنا في المدارس مع بنات بني جمرة والدراز، ولم يكن بيننا أية خلافات، وأهالينا كانوا يؤمنون علينا أن ننام في بيوت أهالي بني جمرة والدراز، ولا ندري من أين جاءت لنا المصطلحات الطائفية، وتقسيم الشعب البحريني، والتعامل على أساس هذا شيعي أو ذاك سني».

عائلة المديرة شكرت من حافظ على سلامتها وإيصالها إلى منزلها

قال مصور «الوسط» ان السيارة التي نقلت مديرة المدرسة كانت سيارة السيد عقيل الساري. وأضاف «عندما وصلنا الى منزل المدير ة وجدنا والدها وشقيقها وأبنائها ينتظرون عند باب المنزل، وقام أفراد من عائلة المديرة بتقبيل من أوصلها بسلام الى منزلها»... وقال الساري للعائلة «نحن عائلة واحدة، وليس هناك فرق مابيننا، ونحن إخوة في الوطن، وجميع البنات والأبناء أمانة في أعناقنا جميعاً».

وزارة التربية تقرر غلق ثانوية سار للبنات اعتباراً من الأحد وإجراء تحقيق حول ما وقع فيها

في بيان رسمي صادر عن وزارة التربية والتعليم مساء أمس الخميس (10 مارس/ آذار 2011) أفادت الوزارة أن مدرسة سار الثانوية للبنات قد شهدت اضطرابات غير معهودة وغريبة من نوعها، متسببة في عدم الاستقرار في الانتظام الدراسي، وذلك بسبب ما أثير من إشاعات متواترة، وتناقل لأخبار غير صحيحة، بوجود تهديدات مزعومة، بما دعا العديد من أولياء الأمور إلى القدوم إلى المدرسة، خوفاً مما أشيع حول أن المديرة قد سمحت بدخول عصي، وهذا أمر نفته المعلومات الرسمية الواردة إلى الوزارة، وتبين أن هنالك من يتعمد بث الإشاعات التي من شأنها إثارة المخاوف وزيادة التوتر في الميدان التربوي، في هذه المدرسة وفي غيرها من المدارس، من خلال استمرار التحريض ونشر الشائعات، وقد أدى ذلك إلى وقوع تجاذبات داخل المدرسة وتهجم على المديرة في مكتبها، واحتكاكات متنوعة بين الطالبات والإدارة وأولياء الأمور.

وفي ضوء هذه الأحداث المؤسفة، وعلى إثر ما شهدته هذه المدرسة من اضطراب وعدم استقرار واحتكاكات بين الطالبات، وحرصاً من الوزارة على استعادة الوضع الطبيعي للعمل المدرسي، وضمان الهدوء الضروري لبناء الثقة وتهدئة النفوس، وتجسيماً للشراكة المجتمعية بين مختلف الأطراف المعنية باستقرار الوضع التعليمي، قررت الوزارة ما يلي:

أولاً: الإغلاق المؤقت لهذه المدرسة، اعتباراً من يوم الأحد الموافق 13 مارس الجاري وحتى إشعار آخر.

ثانياً: إجراء تحقيق موسع وشامل حول كل ما شهدته هذه المدرسة من أحداث وإشكالات ومحاسبة المتسببين فيها وفقاً للأنظمة المعتمدة.