![]() |
من ليلتها ... ليلة ما جاني أخوي بذيك الحالة ، و أنا أحاول ... مع أنى و الله ما ودي ، بس ... أحاول أشوف طريقة التقي فيها بقمر ... ودي بس أسألها ... هي ليه تسوي كذا ؟ و إيش قصدها من بعث فصوص السبحة بهذه الطريقة ؟؟؟ الفرصة جتني من الله ، يوم عزمنا بعض معارفنا على حفلة خطوبة بنتهم ، لثامر ... أخو قمر ... و شفتها فرصة ذهبية ... و لازم أحضر الحفلة ... توقعت ... في ذي الحفلة ... طبعا باشوف .... سلمى ! بعد ما تهاوشت معها قبل سنين ... قطعت علاقتي بها ... و في المرات اللي التقينا فيها صدفة بشكل أو بآخر ... كل وحدة منا كانت ... تتجاهل الثانية ... منال بعد كانت معزومة ، بس طبعا ما فكرت تروح ... أخوي لما عرف مني عن الحفلة ، قال لي : -( اتصلي علي أول ما ترجعين لي بالخبر ... ) رحت الحفلة و أنا قلبي مقبوض ، كنت متوترة ... و من أول ما وصلت ، لقيتهم بالاستقبال !! ............................ مبسوطين و مستانسين ، كنا بأمان الله ، أنا و قمر واقفين عند المدخل نرحب بالمعازيم ، و معنا قرايب قمر و العروس ... و فجأة ، ظهرت في الصورة ... شخصية صدمتني ! ... -مساء الخير ... قالت ( شوق ) .... نعم شوق بعينها ... و هي جاية تدخل الصالة .... أنا ... ما تكلمت .... بس ظليت أدقق النظر أتأكد ... هي و إلا غيرها ؟؟؟ و جت وحدة من أهل العروس ترحب بها بحرارة .... ناظرت قمر .... ما شكلها استوعبت ... لأنها كانت واقفة تطالع بنظرة استغراب ! لفت شوق صوب قمر ... ابتسمت ... و ردت تقول : -مساء الخير ... قمر !... مبروك ... و مدت إيدها تبي تصافحها.... قمر ... مدت إيدها ببطء و تردد .... و أخيرا لامست يد شوق ... و سلمت عليها ... -كيف حالك ... يا قمر ؟ -... بخير ... الحمد لله ... تفضلي ... البرود ... اللي ساد الأجواء ذي اللحظة ... خلاني أحس بقشعريرة تسري بجسدي ... التفتت شوق صوبي ... تبي تسلم علي ... صافحتها ... ببرود الثلج ... و بابتسامة مجاملة باهتة ... و لا كأننا كنا في يوم من الأيام ... أقرب الصديقات و أحب الأخوات .... النظرات الصامتة الرهيبة...تبادلناها احنا الثلاث.... ثلاث صديقات ... كانوا يوم من الأيام ... زميلات بالجامعة .... من أعز الناس على بعض ... ياما كنا مع بعض ... نروح و نجي مع بعض ... ناكل و نشرب مع بعض ... نسولف و نضحك مع بعض ... نحزن و نبكي مع بعض ... الحين ... و بعد ما مر على تفرقنا حول 13 سنة ... ردينا اجتمعنا مع بعض في مكان واحد .... كل وحدة تناظر الثانية ... بمنتهى البرود ... كأنها تتعرف عليها للمرة الأولى ... اجتمعنا احنا الثلاث ... للمرة الأولى ... بعد كل ذاك العمر .... الدكتورة قمر.... أخصائية أمراض أورام أطفال .... الدكتورة شوق ... أخصائية أمراض عيون ... و الدكتورة سلمى ... أخصائية ... ... ... طبعا حزرتوا ؟؟؟ أخصائية أمراض و جراحة المخ و الأعصاب ....! من يوم ما صار لقمر ذاك النزيف بالمخ و أنا مهووسة بجراحة الأعصاب زي ما انتوا فاكرين ! - تفضلوا يا جماعة ليش واقفين عند الباب ! جا صوت قريبة العروس .... شتت نظراتنا الباردة ... و بدد الأجواء الصامتة الرهيبة اللي سيطرت علينا .... دخلنا وسط القاعة .... احنا الثلاث و معنا قريبة العروس ... و جلسنا حوالين مائدة وحدة .... بدت قريبة العروس تتكلم بمرح و احنا نتجاوب معها ، بشكل ( شبه طبيعي ) و كل وحدة منا تحاول تتجاهل نظرات الثانية اللي ( من ذاك النوع ! ) و زي ما اقتضى الحال ، عرفنا عن أخبار بعض بشكل ( غير مباشر ) ! ................................... كانت الطريقة اللي استقبلتني بها قمر .... أبرد من الجليد ... حتى ... ما سألتني أي سؤال عن أحوالي ... و أخباري ... تكلمنا و كأننا نشوف بعض للمرة الأولى ... أنا كنت أحاول بين جملة و الثانية اسأل و لو بطريقة غير مباشرة ... عن أخبارها و وين صارت تشتغل و متى ردت البلد ... طلعت في النهاية ببعض المعلومات .... في الواقع ما مداني أجلس معها كثير ، دقايق و قامت تستقبل ضيوف جدد ... و لا ردت جلست معي عند نفس الطاولة .... قمر ... شكلها ما تغير كثير .... نفس الوجه النحيل ... و العيون العميقة النظرات ... و الصوت الدافيء الشجي .... و حتى سلمى ما تغيرت كثير ... و دايما ... تعابير قلبها معكوسة على وجهها زي ما كانت الأول ..... قدرت أشوف تعابير الأستياء ... و المجاملة الباهتة اللي حاولت تخفي بها ذيك التعابير .... مرت ساعة و نصف ... و صار لازم أطلع ، و أنا للآن مو قادرة اجتمع مرة ثانية بقمر ... طبعا لا هو الوقت المناسب و لا المكان المناسب ، عشان أسالها ذاك السؤال ... بس بغيت ... أدبر أي شي ، و لا أطلع بخفي حنين ! انتهزت فرصة عبورها قريب مني ، و قمت و ناديتها ... - قمر .... التفتت لي ، و نظرتها ممزوجة استغراب و نفور و تجاهل ... - نعم .......؟ - أنا باطلع الحين ... بغيت أسلم عليك ... - تو الناس ....... - عندي بعض المشاغل .... - أهلا و سهلا .... - إن شاء الله زواج مبارك و الله يوفق لهم ..... - مشكورة و الله يبارك فيك ....... كل هذا كلام عادي و فاضي بعد ، الحين جاي الكلام المهم ! -بس ... بغيتك تزورينا عاد و نسولف مع بعض شوي ! الحدة اللي ناظرتني بها بغت تخليني اعتذر عن هالطلب ! بلعت ريقي و ابتسمت أبرر : - من زمان ما شفناك و وحشتنا سوالفك ... أتمنى تزوريني أي يوم يناسبك ! وش رايك بالخميس الجاي ؟ رغم أني شفت علامات الرفض على وجهها ، لكني أصريت ... هي حاولت تتعذر بأكثر من عذر ، و مع إصراري أخذت منها وعد بأنها تزورني في أقرب فرصة مناسبة .... الحمد لله ، على الأقل طلعت من هالحفلة بوعد ...... و إن كان .... وعد مجاملة ... لما رديت البيت ... اتصلت على أخوي سلطان و لقيته ينتظرني على نار ... -نعم شفتها و كلمتها ، و عزمتها تجي تزورني قريب ... - متى ؟ - ما ادري يا سلطان زين منها قالت : يصير خير .... سكت أخوي شوي ، و تالي سأل : - هي بخير ؟ -.... نعم ... بخير و مبسوطة لخطوبة أخوها ... رد سكت شوي ، و سألني تالي : -.... تزوجت ؟؟؟ - و الله ما ادري ! ما جا طاري ذا الموضوع ... بس لا جتني باعرف أكيد ... و أنا ببالي ... تزوجت أو ما تزوجت ... بإيش عاد يهمك يا سلطان ...؟؟ و بإيش تفكر ... ؟؟؟ خلها ... للأيام .... |
الأيام تمر ... و أنا انتظر أي اتصال من قمر ... دون فايدة ... و أخيرا اتصلت أنا بها أذكرها بوعد الزيارة ... و اعتذار بعد اعتذار ، لين في النهاية انحرجت و قررت تجيني في يوم معين ... و جا اليوم الموعود ....... ....................... وصلت بيت شوق .... اللي ما جيته من سنين و سنين .... تغيرت فيه أشياء كثيرة و عرفت أنهم يبنون لهم بيت ثاني .... ما كنت أبي اجي و اسمح لذكريات الماضي أنها تظهر من جديد ... بس إصرار شوق أحرجني و خلاني أجيها غصبا علي ، و الله يستر ... ! اللقاء كان طبيعي و عادي جدا طول الوقت .... سألنا عن أخبار بعض ... أخبار البيت و الأطفال و العمل ... و شفت أولادها ... ولدين اثنين ... ما عندها بنات ، و عرفت أن ( منال ) جابت بنت وحدة بعد ( نواف ) الأمور مرت طبيعية لين جيت أبي أتصل على السواق يجيني ، لما قالت لي فجأة ... - قمر ودي أسألك سؤال ... إذا سمحت ...؟؟ - خير ؟؟؟ و من ملامح وجهها عرفت أن الموضوع ... ... ... ؟ - سبحة سلطان لسه عندك ...؟؟؟ تفاجأت ... و وقف قلبي ... حاصرتني بزاوية ما قدرت أهرب منها وقفت و كملت اتصالي و كلمت السواق يجيني ... و حاولت اشغل نفسي بترتيب عبايتي علي .... مسكت الشنطة ، و مدت شوق إيدها و مسكتها ... و طالعتني بنظرات كلها ألم ... كلها رجاء ... كلها عتاب .... - قمر الله يخليك ... سلطان أخوي تعبان ... لا تسوين فيه كذا .... و لا تكلمت بكلمة وحدة ... و شوق ... واصلت كلامها بنبرة حزينة ... - أنتِ أنقذتِ حياته في يوم من الأيام ... أرجوك ... لا تدمريها ... -مع السلامة قلتها ، و طلعت .... أنتظر السواق عند الباب ... ما كنت أبي شوق تشوف دموعي اللي تفجرت بعيني ... اللي تدمرت هي حياتي أنا ... مو حياتك أنت يا سلطان ... الفصوص كانت توصل له ... و تأثر بها أكيد ... سلطان أنت تألمت ؟؟ خلاص .... ما عاد أظهر بحياتك مرة ثانية ... و بقية الفصوص ... باتخلص منها و انتهينا.... .................... .... النهاية ذي ما أقنعت أخوي سلطان ، لكنها على الأقل ريحت باله بعد حول سنتين من العذاب ... مع ذيك الفصوص ...الحين صارت الشهور تمر ، و لا يعني له يوم النص منها شيء ... و لا عاد فيه قمر ... يسلم عليه .... القصة بكذا وصلت لـ (((( النهاية )))) أخيرا ، و الحمد لله ............ الشي الجديد اللي شغل بال أخوي و بالنا كلنا هو هبة ... صحتها أواخر الأيام صارت في تدهور ... دوم رافضة الأكل ، دوم خملانة ... دوم تعبانة أو مريضة ... كأنها عين و صابتها ، بعد كل خفة الدم و المرح و الحيوية اللي كانت عليها ... كنت بالمستشفى ، لما وصلتني مكالمة من ( منال ) تقول لي أنها موجودة بقسم الطوارىء و معها هبه ، و الطبيب يقول عندها جفاف و محتاجة تنويم كم يوم ... جيت بنفسي للطوارىء و شفت بنت أخوي ، كانت بالمرة تعبانة ، تقول أمها صار لها يومين ما تاكل شي و عندها (اسهال و تقيؤ) ... أخوي ما كان موجود ، كان بالعمل ... تنومت هبه مع أمها بالمستشفى و بدت حالتها تتحسن شوي شوي ... أخوي طبعا فزع لما عرف أنها بالمستشفى و جا مثل المجنون ... بس الحمد لله حالتها صارت أفضل ... نزلة معوية و تعدي على خير إن شاء الله .... بعد يومين طلعت من المستشفى بصحة طيبة ... و استعادت نشاطها كم يوم ، قبل ما ترجع تتدهور مرة ثانية أسوأ من اللي قبلها ... و تتنوم من جديد ... أخوي عاد ما كان له حال .... ما كان يقدر تصيبها ذرة غبار ... و كل شوي يقول لي توصي بها و وصي عيلها الأطباء ... و هم مو مقصرين ... بعد ما استقرت حالتها ... شاف الطبيب أنه يسوي لها فحوصات أشمل ... اللي خلاني حاطة إيدي على قلبي ... و كاتمة أنفاسي ... لين صرخت بكل قوة ... صرخة هزّت جدران المستشفى ... و كسّرت النوافذ ... و زلزلت الأطوابق ... لما قال لي عقبها بيوم ... - (سرطان الدم ..).. طحت ... و ما دريت بحالي ... مستحيل ... مستحيل يكون ... صحيح ... فيه خطأ ... هبة بنت أخوي ... البنت الوحيدة ... دلوعة العيلة ... مهجة قلوبنا كلنا ... عندها ... سرطان في الدم ....؟؟؟ !!! |
تشخص مرض هبه بنت أخو زوجتي ... على انه ... سرطان في الدم ... و حلت المصيبة على العيلة ... و بغى سلطان يموت يوم عرف ... أخذها لمستشفى ثاني ... و سووا لها نفس التحاليل ... و جت بنفس النتيجة ... و الرجال انهبل ... و العيلة كلها انفجعت ... و لا أقول ... غير إنا لله و إنا إليه راجعون .... أحيلت هبة بتحويل عاجل إلى أكبر مستشفى بالمنطقة ، إلى قسم أورام الأطفال ... ما اقدر أوصف لكم الحال ... اللي كانت هي ، و أمها و أبوها ... و عمتها و كل أهلها عليه ... ما قدروا يتخطوا مرحلة الصدمة ، و يبدأوا مرحلة التصديق إلا بعد فترة ... كانت غمامة سودا عاتمة كبيرة ... استحلت سمانا و أظلمت ديانا ... و ظلت مغطية عنا النور ... شهور ... و شهور ... أمس دخلت هبة المستشفى الكبير ... و اليوم رح يشوفها الأخصائي و يقرر العلاج الدكتور ( هيثم ) – زميلي في التخصص – كان بأجازة و رح يرد بعد كم أسبوع ... و كنت المسؤولة عن كل المرضى في الوقت الحالي ... كنت أراجع بعض نتايج التحاليل لمريض جديد محول علينا من مستشفى ثاني ... لما سمعت صوت الباب يندق ... - تفضل ... - مرحبا دكتورة ....... هذا والد المريضة الجديدة ... كانت الممرضة ، كنت طلبت منها تجيب والد أو والدة المريضة معها ... رفعت عيني من على الأوراق ... و طالعت صوب الباب ... شخصين اثنين ، غير الممرضة ... كانوا واقفين ... امرأة ... و رجال ... شوق ... و سلطان ... ! تجمدت نظراتي ... ما ادري أنا أتخيل .... ؟؟ أتوهم ...؟؟؟ طاح القلم من إيدي فجأة ... و نزّ لت عيني في الملف بالغصب ... أبى أدور اسم المريضة ... و شفته ... ( هبه سلطان ) ... - تفضلوا ... قالت الممرضة ... و سلـّـم سلطان ، و جا جلس على الكرسي قدام المكتب ... و ظلت شوق ... متجمدة عند الباب ........ التفتت الممرضة لشوق و هي تأشر لها على الكرسي ( تفضلي ؟ ) لكنها ظلت متيبسة بمكانها ... الله لا يوريكم مثل هالموقف ... ما ادري ... أنظاري كانت تطالع في الأوراق اللي بين يديني ... و إلا تخترقها و تخترق الطاولة ... و تطالع برجلي اللي صارت ترتجف مثل يدي ... ؟؟ حاولت ... أرفع عيني صوب شوق ... ودي بس أتأكد ... هي شوق اللي أعرفها أو غيرها ؟ لكن ... - طمنينا يا دكتورة فيه شي جديد بالتحاليل ؟ جا صوت سلطان .... كان يكلمني ؟ أكيد كان يكلمني ... هذا سلطان ؟ طبعا ... هذا سلطان ... أنا مو بحلم ؟ مو خيال ؟ معقول ؟؟؟ معقول ؟؟؟ الاوكسجين خلّص من الغرفة فجأة ، لأني شوي و أختنق ... التكييف انقطع فجأة ... لأني شوي و اخترق ... المطر نزل فجأة ... أحسه يبلل جسمي كله ... و شوي ... و أغرق ..... هذا سلطان ... سلطان نفسه ... العسل ... قدامي الحين ! إنتوا تشوفوا ؟ قولوا لي ... هو و الا مو هو ؟ يشبهه ؟ الصوت ، الشكل ، الهيئة ... الإحساس اللي أحسه لا كان قريب مني ... أنا قلبي مستحيل يتوه عنه ... هذا سلطان أكيد ... شوي و يغمى علي ... أرجوكم امسكوني .... ما أدري كيف ، هزيت رأسي ... ففهم مني أنه ما فيه شي جديد ... - و العلاج ؟ ممكن ؟ موجود هنا أو أسافر برى ؟ الحالة ذي شفتوا زيها قبل ؟ عالجتوا مثلها ؟ ممكن تطيب زي أول ؟؟؟ هزيت راسي ... ما فيني صوت أتكلم ... سلطان كان يتكلم بنبرة هلع ... نبرة فزع ... خوف و قلق ... أمل و يأس ... تصديق و تكذيب ... و الله كل هالمشاعر كانت تنبعث من صوته و كلماته في اللحظة نفسها .... - متى نبدأ العلاج ؟ اليوم ؟ و كم يطول ؟ و رح ترجع طبيعية مثل أول ؟ ترى ما عندي بنت غيرها أرجوكم لا تتأخروا عنها ... لها الحد ... و شوق ما قدرت ... انفجرت بصيحة مكبوتة فجأة ... و التفتنا كلنا صوبها ... و شفتها و هي شوي و تطيح ... و رحت بسرعة ... و بسرعة فتحت ذراعيني و أخذتها بحضني ... بلا شعور ... بلا إدراك ... و صرت أطبطب عليها و أنا أبكي معها ... لا تلوموني ... أنا قبل ما أكون طبيبة ... إنسانة ... و صديقة ... و في ها اللحظة بالذات ... صديقة في وقت محنة ... - عيدوا التحليل يمكن ما يطلع صحيح ... قالت شوق و هي تبكي بمرارة ... أنا ما أذكر وش رديت ... - ما أدري من وين طلعت لنا هالبلوة ... - يكفي شوق ... يكفي ... هل كنت أواسيها أو أواسى نفسي ...؟؟؟ ما أدري ..... -الله يخليك قمر سووا أي شي عشانها أي شي ... - أكيد ... أكيد ... |
بعد ما هدأت شوق شوي ... قلت : - خلينا نروح نشوفها الحين ... شوق طالعت بسلطان ... اللي كان جالس على الكرسي ... و الله يعلم من فيهم أجمد من الثاني ...؟؟؟ وقف سلطان ببطء ... و وجه نظراته صوبي أنا ... و للمرة الأولى ... تلتقي نظراتنا ... للمرة الأولى .... بعد فراق كل ذيك السنين .... التقت نظراتنا .. في موقف فاجع ... مثل ما افترقت في موقف فاجع ... قبل ... 13 سنة .... كانت نظراته مذهولة ... أنا ... بسرعة طالعت صوب مقبض الباب ... و مديت يدي ... و فتحته ... سلطان ... الحين أدرك أنا من أكون ... بس يمكن ذهول المفاجأة ... أو يمكن هول المصيبة اللي هو فيها ... ما خلاه يقدر يعبر ... بأي كلمة ... طلعنا إحنا الأربعة ... أنا و شوق و الممرضة و سلطان ... و رحنا لغرفة هبه ... رجلي بالكاد كانت تحملني ... ودي أنهار ... ودي أطيح ... ودي أصرخ لا ... لا ... لا ... بس مسكت حالي ... و حركت رجلي غصبا عليها ... و أجبرت نفسي أني أتظاهر بالتماسك ... كطبيبة ... مع مريض و أهله ... الانفعالات الثانية محوتها من الوجود و ما عطيتها أي فرصة أنها تظهر ... دخلنا الغرفة ... و شفت هبة ... الطفلة الصغيرة ... ملمومة بلا حول و لا قوة ... في حضن أمها ... ... منال ... أكثر امرأة كرهتها في هذا الكون .... عيونها ... من فتحة النقاب ... كانت باينة ... حمراء و متورمة ... و أثر الدموع ما برحها .... سلـّـمت ... و سألت عن الأحوال ... و جيت لعند الطفلة أحاول أكلمها و أداعبها شوي ... قبل الفحص ... الطفلة بس شافتني قامت تبكي .... و أشرت على أبوها و جا و شالها بحضنه ... و صار يحضنها و يطبطب عليها ... و يقبلها ..... أنا بشر ... و الله مو قادرة أتحمل ... يا ليتني بحلم و اصحا منه بسرعة ... بعد كذا فحصت عليها ... و أخذت من أمها و من شوق بعض المعلومات ... و منال ... ما تدري ... .....من أكون ... كان كل همها العلاج ... و كل شوي تسأل متى نبدأ و متى تطيب ... و توصيني ببنتها الوحيدة المدللة ... طلعت مع شوق و رحنا المكتب ... تكلمنا كطبيبتين نتناقش بحالة مريض ... و قررت أني أبدأ العلاج بكرة و أعطي لنفسي و لهم فرصة استيعاب أني أنا قمر ... باتولى علاج بنتهم ... و اتفقنا ... أن والد المريضة ... يوقع أوراق الإجراءات الضرورية بكرة ... ما صدقت أني وصلت البيت أخيرا ... كان ولدي بدر جالس ( يبني عشة طيور ) بالحديقة – و على فكرة ذي هواية عنده ، تربية الطيور - و أول ما شافني كالعادة جا يسلم علي و يحضني ... - هلا يمه - هلا حبيبي ... أخذته بحضني بالقوة ... و حبسته بين ذراعيني لفترة ... الولد ... على حس أن فيني شي ... -خير يمه ؟ - خير حبيبي ... ما خلصت العشة ؟ - لا باقي ! ... يمه فيه شي ؟؟ ابتسمت و أكدت ... - لا بدري ... ، تغذيت هنا و إلا عند الجدة ؟ ( أقصد أم بسام ) - عند الجدة ، يمه عمي ماجد بيمرني بعد المغرب باروح معه مشوار ... |
مشاويره مع عمينه ما تخلص ... أحس أنهم أبعدوه عني ... بس ما فيني قوة أعلـّق الحين ... قلت باستسلام ... - طيب حبيبي ... أباروح أرتاح .... وقبـّـلت جبينه ... و تركته منهمك ببني العشة ... وصلت داري منهارة تماما ... رميت بجسمي على السرير .... و تأوهت بمرارة ... يوم القدر ... بعد كل هالعمر ... كتب أنه يجمعني بسلطان ... جمعني به ... في أسوأ الحالات ... و أسوأ الظروف ........ بكيت بكاء ما بكيت مثله من مدة ... طلعت الفصوص الثلاث اللي بقت لي من سبحة سلطان ....و شديت عليها بين يديني ... و قربتها عند قلبي ... و صحت .... سلطان ... سلطان ... يا رب يكون حلم ... يا رب يكون كابوس ... يا رب ما يكون حقيقة .... شوي ... و اندق الباب ، و جاني صوت ولدي بدر يناديني ... بسرعة مسحت دموعي و جيت و فتحت الباب ... -هلا حبيبي ؟ - يمه بس بغيت منك ... و سكت ... و صار يطالع فيني بقلق ... - نعم بدر وش بغيت ؟ - يمه أنت بخير ؟ - بخير ... بس قل لي وش بغيت ...؟ طبعا ألح علي ، و قلت له أن وحدة من صاحباتي بنت أخوها مرضت و تتعالج عندي ... و أنا متأثرة عشانها ... - إذا بتتأثرين يمه كذا لا تعالجي ناس تعرفيهم ! هو قالها جملة عابرة ، و أنا أخذتها بجد ... هذا اللي لازم يصير ... أبي أحول الحالة على الدكتور هيثم أول ما يرد من أجازته... بس الحين ... ما لي إلا أني أبدأ العلاج ... قبل فوات الأوان......... ................. " قريب من العين .. والقلب !! " - تقولين ... قمر ؟؟؟؟ صاحت منال بدهشة و استنكار ... لما قلت لها أن الطبيبة اللي كانت هنا ... هي قمر ... و صارت تنقل نظرها بيني و بين سلطان .... الجالس باستسلام على طرف السرير ... و بحضنه هبه نايمة بكل براءة ... و عينه بس و بس مركزة على بنته ... - لا ! مستحيل .... لما قالت كذا ، رفع سلطان بصره و طالع بها ... و ردت تأكد ... - مستحيل أخلي بنتي تتعالج عندها ... شوف لنا مستشفى ثاني ... سلطان ... منتهي و ما له حال ... بس شال البنت و حطها بسريرها ... و قام يبي يطلع ... - وين ؟؟؟ - بـ أرد البيت باريح شوي ... - و تخلينا هنا ؟ - منال ... رجاءا ... اللي فيني يكفي .... قالها ... و طلع من الغرفة ... و جلست مدة مع منال ...أحاول أهدي فيها ... هدأت في النهاية ... بس ما اقتنعت ... ... و كنت ادري أنها بكرة بالكثير ... بترجع للموضوع مرة ثانية .... صحيح احنا انحطينا بموقف ما ننحسد عليه ... الأقدار لعبت دورها بدهاء ... و كلمة ((( النهاية ))) في القصة و اللي ظنيت أنها انطوت خلاص ... ما شكلنا رح نقولها قريب ..... .............................. رديت من مشاويري مع عمي قرب الساعة عشر الليل ، كنت متأكد أن أمي رح تعاتبني لأني طولت الغيبة ،و استغربت لأنها ما اتصلت علي كالعادة تتطمن ...؟ المهم ، أول ما دخلت البيت شفت خالي ثامر جالس يتكلم بالتلفون بالإنجليزي ! أكيد هذه خطيبته ! صار كله مشغول معها ! رحت أدور أمي ما لقيتها سألت عنها قالوا لي بدارها ... و صعدت الدور الثاني و جيت عند باب غرفتها ... كان النور ظاهر من تحت الباب ، دقيته و ناديتها ، و ما جاني رد ... دقيت مرة ثانية و ما سمعتني ، فتحته شوي شوي ... لقيت أمي نايمة على سريرها ... مو بالعادة أمي تنام هالوقت ، و لا بالعادة تنام قبل ما تتطمن علي ، بس شكلها غفت دون ما تدري ... قربت منها عشان أنا متعود لازم أقبل راسها كل ليلة قبل النوم ، من يوم كنت صغير ... و فيه شي غريب لفت انتباهي ... ! كانت إيدها اليسرى ممدودة و براحتها ثلاث ( خرزات ) فضية .. ! استغربت ... إش هذه ؟ ... بس شلتهم من إيدها دون ما تحس .. و أخذتهم معي ... قبلتها و طلعت من الغرفة .... بعد ما ( انسدحت ) على سريري نمت بسرعة لأني كنت تعبان شوي ... و ما لحقت أشبع نوم ... صحيت على صوت خالي ثامر ينبهني عشان صلاة الفجر ... بسرعة جا وقت الصلاة ! يمكن خالي غلطان بالوقت ؟؟ فتحت عيني و طالعت بالساعة و كانت أربع الفجر ... - يالله بدر انتظرك بالسيارة لا تتأخر ... ما مداني أرفع جسمي أبي أقوم إلا و وصلنا صوت صرخة قوية .... فزعت ... و هبيت جالس ... و جت صرخة ثانية ... - هذه أمي ... ! ! ! قفزت من السرير ... ركضنا أنا و خالي بسرعة إلى غرفة أمي و دخلنا ...و شفناها تصرخ في ذعر و فزع مهول ... ركضنا لها و حضناها ... و صرنا نهدّي فيها و هي ترتجف ... و تردد ... - ( سلطان لا تموت .... سلطان تنفس .... سلطان تماسك .... ) خالي صار يقرأ آيات قرآن يهدّي فيها و أنا أبكي مفزوع عليها ... أمي كانت تطالع فينا و لا كأنها تعرفنا ... ما كانت بوعيها أصلا ... العرق كان يتصبب منها بغزارة ... و أشوفها تتنفس تنفس مو طبيعي .... ظلت أمي على ذي الحالة دقايق ... و بدت تهدا شوي شوي ... رفعت راسها تطالع خالي ثامر و تقول ... - بسام غرق ... و خالي يهدي فيها ... - خلاص قمر ... أعوذ بالله من الشيطان ... خلاص قمر اهدي ... و يكرر آيات قرآنية ... لين هدأت أمي ... و طالعت فيني ... و شكلها توها تنتبه لي أو تعرفني ... ... نادتني و خذتني بحضنها و أنا أبكي و هي تبكي و خالي يهدي فينا ... -خلاص بدر ... خلها تنام ... رفعت بصري له معترض ... - بـ أظل معها ... - لا بدر ، خلنا نروح المسجد ... ما فيها شي راحت النوبة ... تركت أمي نايمة على السرير و الوسايد .... مغمضة عينها و حالتها زينة ... و يوم جينا بنطلع من الغرفة سمعناها تقول : - ( ما أبي أعالج بنته .... ) الجملة الأخيرة اللي سمعناها ، و طلعنا .... كانت الدموع بعدها بعيني ، و قال لي خالي باستنكار : - إش بلاك ؟ رجال و تبكي ؟ - ما شفت كيف كانت ؟ - ما هي أول مرة ... ما تعودت للحين ؟؟ - بس ما صار لها من جينا البلد ... من رجعنا البلد ... هذه أول مرة تجي أمي نوبة الذعر اللي كانت تجيها من فترة لفترة و احنا برى ... خالي يقول أن هذا صار لها بعد ما شافت أبوي و ناس ثانيين يغرقوا في البحر ... قبل ما أنولد أنا .... و كان دايما يحذرني أني أذكر شي عن الموضوع قدامها و إلا بتمرض و تزيد حالتها أكثر .... ... من هو ... سلطان .......؟؟؟ |
صحيت من النوم و لقيت نفسي متأخرة شوي ... و حسيت روحي تعبانة و ما لي خلق ... قلت أبي أتصل بالمستشفى و آخذه يوم إجازة ... بس ... بسرعة تذكرت المريض الجديد ... و قفزت من سريري بسرعة ... ... عندي اليوم شيء مهم لازم أسويه ... و أنا عند المراية أسرح شعري تذكرت فصوص السبحة الثلاث ... كانو بإيدي لما نمت ..؟؟؟ و قمت أدور عليهم في السرير و حوله و بكل مكان و لا لقيتهم ... وين اختفوا ؟ بس لأن الوقت متأخر ، تجهزت على عجل و طلعت من الغرفة و نزلت الدور الأرضي ... كان ولدي بدر جالس هناك و أول ما شافني جا يصبح علي و يحضني ... - هلا بدري ... ها حبيبي متى رديت البارح ؟ ابتسم بخجل و اعترف أنه جا متأخر شوي ، و طالع فيني كأنه يبي يقول شي ... بس أنا كنت مستعجلة سلمت عليه و طلعت .... اللحظة اللي طول أمس و أنا قاعدة أعد لها ألف حساب جت أخيرا .... كنت بالمكتب ، أنتظر والد المريضة يجي عشان أشرح له عن المرض و العلاج ... و تفاصيل ثانية ... بالنسبة لي كطبيبة ، صرت متعودة على هذه الأمور ، لكن ... .... .... ؟ جت الممرضة ... مع سلطان .... حاولت بكل الطرق ... إني أنسى أني كنت أعرف هذا الشخص يوم من الأيام و اتصرف معه كأي والد مريضة أعالجها ... صعب ... و الله صعب ... ! إنتوا حاسين فيني ؟؟ بمجرد وصلني صوته أول ما دخل و سلم ... انتفضت أوصالي كلها ... هذا هو صوت سلطان ... ما تغير عن أول ... جهور و رنان ... كأنه لا وصل الطبلة يدغدغها ! و إذا جا للدماغ يخدره ! مع أنه قوي ، بس لا سمعته تتملكني رغبة غريبة في النوم ! رفعت عيني بنظرة خاطفة صوب عينه و رديت السلام ... يا ذيك عيون ... يا ذيك نظرات ... تاخذني فوق في السماء ... أحسها ... أحسها بحيرة ... و ودي أسبح فيها ! أي جنون ... ؟؟؟ إنتوا فاهميني ؟؟ أخذت حول أربعين دقيقة و أنا أتكلم معه و أشرح له بعض التفاصيل و أجاوب على أسئلته ... وجود الممرضة يمكن عطاني شوية دعم ... كنت أبي أعرف ... هل هو راضي أني أنا ... أعالج بنته ؟ .. إش قرر ...؟؟؟ سألت في النهاية : - نبتدي العلاج اليوم ؟ - توكلنا على الله .... اللي كان يكلمني كان أب ... متعلق بأمل ... أي أمل ... لعلاج بنته الوحيدة... مهما يكون .... رحنا لغرفة الصغيرة ... كانت نايمة .. و أمها ( منال ) جالسة جنبها ... و الطريقة اللي كلمتني بها اليوم ... تختلف عن الأمس ... ! أمس ... كان كلامها كله رجاء ... و اليوم ، كله اعتراض ... ! أنا ... تقبلت كل كلامها في كلا الحالتين ... و مصرة أني أعاملها كما تعامل أي طبيبة أم وحدة من المريضات ...و أنسى أنها كانت .. و لا تزال ... أكثر امرأة كرهتها بحياتي ... اللي سرقت مني – و لو بدون قصد - ... حبيب عمري الوحيد ... في نفس اليوم ، بعد كم ساعة جتني شوق المكتب ... و تناقشنا مرة ثانية عن المريضة و العلاج ... شوق ... كانت .. و لو بشكل غير مباشر ... تبي توصل لي رسالة محتواها : ( لا تخلي الأمور الشخصية تأثر على تصرفك كطبيبة ... ) أنا ... قلت بشكل مباشر ... -تطمني يا شوق ... أنا في المستشفى طبيبة و بس ... و أتعامل فقط و فقط على هذا الأساس .... و على هذا الأساس ... بدأنا العلاج المكثف ... و اللي يتطلب شهور ... و شهور ... في نفس اليوم ... بالليل ... جاني ولدي بدر ... و عطاني الفصوص الثلاث اللي قلبت الغرفة فوق تحت أدور عليها... - من وين جبتها ...؟؟؟ - آسف يمه شفتها بايدك و أنت نايمه و شلتها ... أخذت الفصوص .. و رجعتهم بالصندوق ... و ولدي بدر يراقبني ... - يمه ... - نعم ؟ - إش هذه ؟ ما رديت عليه في البداية ... ، تالي قلت له ... - تذكار من شخص عزيز ... - من هو ؟ ما جاوبت ... - سلطان ..... ؟ ؟ انتفضت ... و التفت له فجأة ... و أنا مذهولة ... و طالعت فيه ... أبي استشف من نظراته أي شي يكون عارفنه أو فاهمنه ... - أي ... سلطان ... ؟ - ما أدري .... أنت قولي لي ؟ - بدر ... بدر من وين جبت الاسم ؟؟؟ -... أنت دايما ترددينه لما ... .... .... - خلاص بدر ... ارجع دارك ... - أنا آسف .... - تصبح على خير .... الولد كبر ... و صار يفهم ... الكوابيس اللي طاردتني طول ها لعمر صارت توحي له بشي .... يا رب ... ... أبيه بس ... يتجاهل ها الموضوع ... ........................... ظلت بنت أخوي هبه بالمستشفى فترة طويلة ... بين تحسن و انتكاس ... و احنا ندري أن العلاج يطول و يبهذل ... و ما لنا إلا الصبر ... أخوي سلطان أخذ أجازة طويلة ... تفرغ فيها لعلاج بنته ... اللي ما كان شاغل باله شي غيرها ... أما قمر ... فما أظنها صارت تعني له شي ... لأنه انشغل باللي أهم منها ... علاقتي بقمر بدت تنتعش من جديد ... و بدينا نتقرب من بعضنا اكثر و أكثر ... كصديقات و كزميلات عمل ... هذا الشي ريحني .... منال أخيرا تأقلمت مع الوضع ... و صارت تتعامل مع قمر على و كأنها طبيبة تشوفها لأول مرة ... ... كل شي سار بشكل طبيعي ...و مألوف .... .................... فاجأتني قمر لما قالت لي قبل فترة أنها صارت تعالج بنت سلطانوه ، بمحض الصدفة ... ! أنا دورت على التعليق المناسب بس ما لقيت ... ما قدرت أتخيل كيف الوضع ... بس الظاهر و الله أعلم أن الأمور تمشي بشكل معقول ... و الله يستر من الجاي ... ! صحيح الدنيا دوارة ... ودي التقي بسلطانوه ... الزفت ... و أقول له : - ( شفت يا سلطان ؟ هذه البنت اللي حطمت قلبها يوم من الأيام ... اللي ترملت عشان تنقذ حياتك أنت ... هذه هي الحين تعالج لك بنتك بعد ...! ) لو أنا مكانها كان رفضت استقبل الحالة و خله يروح يدور على طبيب غيري ... ما ناقص إلا إني أعالج بنت الشخص اللي حطم لي قلبي ! الله يحطم قلبه و ينتقم منه يا رب ! خاطري مرة ... مرة وحدة بس ... أشوفه و أتشمت فيه ... أبرد حرتي فيه من ذيك السنين .. عقب كل اللي سواه بصديقتي قمر ... ... من زمان ... و أنا أتمنى ذي الأمنية الشريرة ... و القدر ... أتاح لي الفرصة ... و حقق لي إياها ... من أوسع الأبواب ! .................... كل يوم ... أشوف سلطان ... كل يوم أتكلم معه ... كل يوم أسلم عليه ... و اليوم ... آخر يوم من دورة العلاج المبدئية ... و الصغيرة رح تطلع للبيت أخيرا ... كم أسبوع ، و ترجع لمتابعة العلاج بعدين ... من بكرة ما رح أقدر أشوفه ... و لا أسمع صوته ... قمر ... أكيد جنيت ِ ؟ إش اللي جالسة تفكرين فيه ...؟؟؟ معقول ......؟؟ و الدكتور هيثم بيرد أول الأسبوع الجاي ... و رح أحول عليه الحالة ذي ... و ابتعد عن سلطان ... و عن منال ... و عن الماضي و ذكرياته ... ذا الإحساس قتلني ... كيف تكون عندي فرصة أي فرصة ... من أي نوع ؟... أني أشوفه ...و أفرط فيها ...؟؟؟ قطع علي حبل أفكاري المجنونة صوت الهاتف ، كانت سلمى تأكد علي عزومة العشاء الليلة في بيتها ... و في نفس الوقت ، جا سلطان يحمل بنته ، و معه زوجته يستفسروا عن آخر التعليمات قبل ما يطلعوا من المستشفى رادين للبيت .... البنت بعد شوي صارت تصيح و أخذتها أمها و طلعت بها تهديها ... و اللي ظل بالمكتب ... أنا و سلطان ... عطيته (كرت) موعد للمتابعة في عيادتي بعد كم يوم ... أخذ الورقة ... و شكرني و سلم ... و راح طالع ... أنا ...... نقلت نظري لشاشة الكمبيوتر اللي قدامي أتظاهر أني أسوي شي ، و في الواقع كنت أراقبه و هو يمشي للباب ... - قمره .... وهو ماسك الباب ، قبل ما يطلع ... فجأة ... و دون سابق إنذار ... ناداني ... قمره ... قمره .. الاسم اللي كان دايما يناديني فيه ... بنبرة تختلف عن اللي كان قبل شوي ... يخاطبني بها ...... حوّلت أنظاري من شاشة الكمبيوتر إلى عيونه مباشرة .... و هناك ... تعلقت ... ما قدرت أبعد عيني عن عينه ... أسرتني غصبا علي ... و هو بعد ... ظل مركز في عيني ... لأول مرة ... من التقينا قبل كم أسبوع ... مرة ثانية ... رن الهاتف و قطع علي لحظة العمر ... و بعد كانت سلمى – الله يسامحها – تأكد علي أجيب بدر معي ! هذا وقته يا سلمى ؟؟؟ لما خلصت المكالمة كان هو ... اختفى ... طالعت صوب الباب ... و استقرت عيني عند نفس الموضع اللي كانت عينه فيه قبل ثواني ... وين راح ... ليه راح ... ارجع يا سلطان .... كان يبي يقول شي ... متأكدة ... بس .... .... رجعت البيت و أنا طايرة من الفرح ... كأني بنت مراهقة تنقال لها كلمة حب لأول مرة ! ما ادري وش صار بي ... يمكن جنيت ...؟ إلا أكيد جنيت ... كانت ليلة الخميس ، تعشينا أنا و ولدي بدر عند سلمى ... و بعد العشاء راح الأولاد يلعبوا كورة بمكان قريب ... و جلسنا أنا و سلمى نسولف ... كنت مبتهجة بشكل ملحوظ ... بس كتمت السر بصدري و إلا كان تقول عني سلمى ... مجنونة من جد .... طبعا جبنا سيرة بنت سلطان ... و عرفت مني سلمى تفاصيل أكثر عن الموضوع ، بس و لا حاولت تثير شي من الماضي .... و زي ما احنا كنا مبسوطين ، كانت عيلة سلطان بعد مبسوطة ... |
شكرا نسايم واتمنى بفارغ الصبر قرائت باقي الرواية اختج خاتم |
سوينا عشاء كبير ... و عزمنا خالتي أم منال و بناتها و أولادها ... بالإضافة إلى عيلتنا احنا ... فصار البيت مليان ناس ... و كلنا كنا مبسوطين أن بنت أخوي هبه طلعت من المستششفى بالسلامة .... حالتها احسن بكثير من أول ما مرضت و أول ما أخذت العلاج المكثف ... كلنا كنا فرحانين و أخوي أكثرنا ... أخيرا ارتاح ولو مؤقتا ... و الليلة بتنام بنته بحضنه و عيونهم قريرة و متهنية .... رديت البيت و أنا مرتاحة و صليت لله شكر ... و دعيته أنه يشفيها تماما من المرض ... و يريح بالي و بال أخوي المسكين .... بعدها بكم يوم .... عرفت أن الدنيا كانت ... بس ... تضحك علينا ... قبل ما يحين موعدها بالمستشفى ... بنت أخوي فجأة انتكست حالتها بشكل كبير ... داهمتها نوبة تقيؤ حادة ... و شالها أبوها و راح طاير بها على المستشفى ... كان الوقت نص الليل ... أنا ما دريت إلا يوم ثاني ... لما اتصل علي و قال لي أنها بالعناية المركزة .... يوم وصلت ... شفت البنت مسدوحة على السرير ... و أخوي يبكي ... و منال تنوح ... و بعد شوي وصلت طبيبتها ، الدكتورة قمر ... و معها كانت ... سلمى .... و دكتور ثاني ... سلطان لما شاف قمر قام يقص لها وش صار ، و هو مو قادر يمنع دموعه من أنها تسيل غصبا عنه .... قمر جت تفحص على هبه ... و هي تحاول تكرر عبارات الطمأنة ... لكن من صوتها كان واضح أنها هي بنفسها مو متطمنة ... قلوبنا كانت متعلقة بكل حركة تسويها و كل إشارة ... نبي نعرف ... بنتنا بخير ؟؟ وش صار لها ؟؟ و متى تصحى ...؟؟؟ قمر قالت موجهة خطابها لسلطان : - هي نايمة من تأثير الأدوية بس تصحا رح تكون أفضل إن شاء الله ... - إش صار لها ؟ و ليه ؟ - أنا شرحت لكم أن هذه أشياء ممكن تصير أي لحظة خلال فترة العلاج ... تكلم الحين الدكتور الثاني : - ياجماعة المريضة مستقرة الآن تفضلوا لو سمحتوا هذه غرفة العناية المكزة و ما يصير نتجمع كلنا هنا ... قال كذا و نقل أنظاره بيننا أنا ... و سلطان ... و منال ... كان هدفه أن حنا نطلع من الغرفة و يظل هو و قمر يتناقشوا .... ما أحد منا تحرك ... حتى سلمى ، و اللي جاية دون داعي ظلت واقفة بمكانها ... و عينها كانت على اخوي سلطان ... كأنها ... كأنها ما صدقت تشوفه مكسور عشان تتشفى فيه .... ! قمر بعدها تكلمت ... - تفضلوا معي لو سمحتوا ... منال ما تحركت شبر واحد ... ، سلطان ظل متررد ... و بعدين جا معنا أنا و قمر ... أما سلمى فانشغلت مع مريض ثاني ... في مكتبها ... جلسنا أنا و أخوي المنهار ... مو قادر حتى يفتح فمه يقول شي ... كان الدور الآن كله مرتكز على قمر ... - ما فيها شي ... و ما رح يتكرر مرة ثانية إن شاء الله مع العلاج اللي رح نضيفه لأدويتها ... ... و إن شاء الله بكرة تطلع من العناية المركزة .... رفع أخوي عينه تجاهها متعلق بكلمتها الأخيرة ...... - بكرة تطلع من العناية ؟ صحيح ؟ - ...نعم ... - وش فيها بنتي ؟ صار شي بمخها ؟ سأل أخوي سؤال يائس ... - لا أبدا ... بعد الشر ... - ليه صار لها كذا بالتالي ؟؟؟ قمر ما جاوبت ... القلق تفجر بقلب أخوي و قال ... -أرجوك قمره ... إذا فيه شي علميني ... جا صوت قمر مبحوح ... و هي تقول : - ... ما فيه شي جديد ... لو فيه قلت لكم ... و ... و على كل ... من بكرة الدكتور هيثم رح يتابع علاجها و تقدر تسأله عن كل شي ... تفاجأت ... و أخوي بعد ... و طالعنا في بعض و تالي فيها ... - الدكتور هيثم ؟؟ - هذا اللي كان معنا بغرفة العناية ... أنا حولت الحالة عليه و صار يعرف عنها كل شي ... - ليه ......؟؟؟ فيه شي .....؟؟؟ - لا ... لا ... |
كان بودي أصرخ ... لأني ما عدت قادرة أتحمل ... حرام عليكم ... أشوف سلطان قدامي متحطم ... و أظل صامدة و جامدة ؟ تبوني أعالج بنته و هي عندها أخبث الأمراض و ألعنها ... و أشوفه كل يوم يتعذب معها ... ما اقدر ... ما أقدر ... ما أقدر ... اللي اسعفني به لساني ذيك اللحظة كان ... - لأني باخذ أجازة فترة ... و كان جواب مقنع ... سلطان ... قال ... - توصوا فيها يا قمره أرجوك .. و إذا فيه أي علاج أفضل بأي مكان بالعالم قولوا لنا عنه ... مسكت اللي باقي من قلبي بصدري ... و قلت ... - العلاج هنا أو بأي مكان هو نفسه ... ما يحتاج توصية ... هذا واجبنا ... ......................... بعدما طلع سلطان ... انهار القناع اللي كانت قمر مخبية شعورها الحقيقي خلفه ... رمت راسها على طاولة المكتب و تنهدت ... جيت لعندها ... - قمر ؟؟؟ رفعت راسها و طالعتني .... - فيه شي ما تبين تقولينه لنا ...؟؟ - إش أخبي ؟ أنت عارفة إش المرض ذا ... - ليه حولتيها لدكتور ثاني ...؟؟؟ - لأني ... لأني ... ... لأني ما استحمل يا شوق ... ما استحمل .... تأكدت من أن الدكتورة قمر هي قمر زمان ... و أن قلب الدكتورة قمر ... هو قلب قمر زمان ... و أن وجود سلطان و قمر في حياة بعضهم البعض ... رح يفتح جروح الماضي و يسبب جروح جديدة ... لازم الدكتور هيثم هو اللي يتولى العلاج ... و نسد أي باب ممكن يفتح علينا طرق للورا ... ........................... يوم ثاني ... مريت على البنت بالعناية و شفت أوضاعها متحسنة ... و اقترحت على الدكتور هيثم يطلعها من العناية ، و خلال الكم يوم اللي تلوا ... كنت أجي كل يوم اتطمن عليها بنفسي ... و اتطمن ... على ... سلطان .... طلعت بنت سلطان من المستشفى بعد كم يوم ... و جتني في موعدها بالعيادة بعد ها بفترة ، مع أبوها و أمها ... كانت حالتها طيبة و طمنت أهلها عليها ... سلطان فاجأني ... و قال أنه يبي يتابع عندي لأني بديت العلاج معها من البداية ... وبس انا صرت .. أتابع الحالة من بعيد ... مع الدكتور هيثم ... حالة البنت تحسنت كثير ... و آخر مرة جتني بالعيادة كانت مليانة حيوية و نشاط و مرح .. و أبوها يراقبها بكل سرور ... و أنا أراقبه هو ... بكل راحة ... و مرت مدة ... و البنت بين انتكاس و تحسن ... و أهلها بين الرجاء و الخوف ... بين الأمل و اليأس ... ... بين الحياة و الموت ... أخذت أجازة كم يوم عشان زواج أخوي ثامر ... ريحت فيها و انبسطت ، بس ظل بالي مشغول ... إلى حد ما .... بعد العرس بكم ليلة ... زارتنا أم الدكتور هيثم و أخته ... يخطبوني لولدهم ... ! طبعا بالنسبة لي كانت مفاجأة الموسم ، اللي ضحكت منها ضحك ما ضحكته من زمن ... لكن أمي أخذت الموضوع بكل جدية ... و طلبت من أخوالي يسألون عليه ! أنا أصلا حاذفة هذا الموضوع من حياتي نهائيا ... ما أدري وش بلاه الدكتور هيثم ؟ عاد ما لقى غيري ؟ و بعدين وش فيها زوجته الأولى عشان يفكر يتزوج غيرها ؟؟ بصراحة تجاهلت الموضوع ، و رجعت للعمل و لا كأن شي صاير .... اللي صدمني ، هو أن الخبر كان منتشر بالمستشفى ... و صار الكل يعرف أنه الدكتور هيثم متقدم لي ... وضع أزعجني بالمرة ... و صار التجاهل ما ينفع ... تنومت هبه مرة ثانية عشان تبدأ المرحلة الثانية من العلاج ، و في هالمرة رافقها أبوها ، الظاهر أن أمها ما قدرت تاخذ أجازة من عملها ... جينا نمر عليهم الصباح ، و شفت سلطان ... كان وجهه مستبشر خير و معنوياته مرتفعة ... لأن بنته كانت بحالة ممتازة ... كل يوم أمر على البنت .. كل يوم أشوف سلطان ... و أتكلم معه ... كل يوم .. قلبي يتعلق به ... أكثر و أكثر ... كل يوم أنا أنجن ... و أدري أني في خطأ كبير ... بس ... ما أقدر أبتعد ... رغم أن الكلام اللي كان بيننا ... ما يتعدى كلام طبيبة و والد مريضة ... بس كنت ... أحس بانتعاش بقلبي ... و أرتاح كل ما شفته و سمعته ... أما الدكتور هيثم ، عاملته بشكل عادي جدا ... و هو بعد ما حاول يخرج عن النطاق المألوف ... يوم من الأيام ، رجعت البيت و شفت أمي تنتظرني ... حاصرتني بموضوع الزواج و أنا رفضته نهائيا ... و طلبت منها تتصل عليهم و تبلغهم الرد ... و الظاهر أنها ما اقتنعت ، و بدل من كذا اتصلت على صديقتي سلمى و اقنعتها أنها تتكلم معي ... و تحاول فيني ... - فيه شيء مو بزين ؟ - لا يا سلمى مو رفضي للرجال نفسه ، إنما للزواج ذاته ... - اعتقد يا قمر إنها فرصة ممتازة ... طبيب يشتغل معك ... و ما به شي ينعاب ... رح تقضي حياتك بس ... بين العمل و ولدك بدر ؟ بكرة يكبر و يتزوج و ينشغل عنك و تصيري وحيدة ... سلمى لفتت انتباهي لشي ... ما كنت أفكر فيه من قبل ... أن بدر ... في يوم من الأيام رح يتزوج و يرتبط بانسانة غيري ... تصير عنده الأهم ... صحيح الكلام هذا تو الناس عليه ، و هو لسا بالمتوسطة ... لكن .... سمحت لنفسي أنها تاخذ فرصة قصيرة للتفكير ... يمكن يكون كلامها صحيح ... ؟ ...................... كنت بالمستشفى ، في الصباح ... و كالعادة مرينا أنا و الدكتور هيثم و بقية الفريق على مرضانا ... و من ضمنهم ... هبه ... الصغيرة تعودت علي و تعودت عليها ... و المرات اللي تكون فيها بصحة زينة تكون في قمة المرح و خفة الدم ... يوم جينا نطلع ... ناداني سلطان ... - دكتورة لحظة لو سمحت ِ ... البقية طلعوا ... و رجعت أنا للداخل و سألته ... - خير ؟؟ بدا لي متردد ... بس اتخذ القرار ، و سألني فجأة : - صحيح ... بتتزوجين الدكتور هيثم ؟ تفاجأت ... ذهلت ... اندهشت بكل معني الكلمة ! ... كان هذا آخر سؤال أتوقعه من سلطان ... ما رديت ... فقال : - الخبر صحيح إذن ؟ - ... كيف وصلك ؟ - مو مهم ... - ليش تسأل ؟ - صحيح أو لا ؟ بس أبيك تقولين لي ؟ - ... نعم ... صحيح .... قلتها ، ما ادري كيف ، و استأذنت و طلعت بسرعة ... اللي قاهرني ... أن الخبر انتشر في المستشفى ما اعرف من أي مصدر ...و هو حتى للآن بعده ما صار .... لكن ... سلطان ... ليه سألني هذا السؤال ...؟؟؟ |
يمه أنا أبيه ! تفهمي دموعي ؟ تشوفي الحقيقة الصارخة من نظراتي ؟ آه يا يمه ... ما اقدر ابتعد ... و لا أقدر أقترب ... يمه أنا انتهيت ... انتهيت ... انتهيت ... بعد شوي ، يوم جت أمي تبي تطلع من الغرفة ... وصل ولدي بدر ... أنا كنت تايهة و شارذة بعيد .... وصلني صوته و هو يكلمني : - يمه ، صحيح أنك تبين تتزوجين بو نواف ؟؟ كأن الجملة خلتني أصحصح فجأة بعد سبات عميق ... طالعت أمي ببدر و قالت له بصوت حاد : - بدر و بعدين معك ؟ مو قلت لك لا تتدخل ؟ يالله رح غرفتك ... الولد كاني طالع فيني بنظرة قوية ... كلها غضب ... كلها استنكار ... كلها لوم ... - يمه بو نواف هو نفسه سلطان ؟ ارتجفت ... كأنها حقيقة توني أكتشفها ! بو نواف هو سلطان أكيد ! هو العسل ... ودي أوصف لكم ملامح وجه ولدي بس ... خاينني التعبير .... - بدر ؟؟؟ صرخت عليه أمي ، بس الولد و لا انتبه لها ... و ظل يحدق فيني أنا ... - عمي قال لي على كل شي ... هذا هو سلطان اللي تركت ِ أبوي يغرق عشان تنقذينه ؟ الحين تبين تتزوجينه ؟ أصير أنا يتيم و أنت تتزوجينه ؟ - ... بدر ! ! ! كانت الكلمة الوحيدة اللي قدرت أنطق بها هذه اللحظة .... بعدها انهرت في بكاء قوي ... طلعت فيها كل الآهات المكتومة بصدري ... ألف آه و آه ... تلف العالم ... و تزلزل الكون ... و تدوي السماء ... منال ... أنا أكرهك ... أكرهك .... أكرهك .... .......................... أنا واقفة وسط قارب بقلب البحر .... سلطان واقف معي ... تفصلني عنه خطوات ... الأمواج ترتفع و تنخفض بقوة ... بسام جا مع الأمواج ... بسام يصرخ : ( قمر انزلي ... ) القارب يتأرجح ... الماء يتسرب داخل القارب من كل مكان .... القارب يغرق ... يغرق ... يغرق ... سلطان واقف بمكانه ... أنا أمد يدي أنادي : ( سلطان تعال معي ... ) موجة كبيرة ... كبيرة ... كبر الدنيا .... ابتلعتنا بالقارب .... في قلب البحر ... وسط التيارات المتضاربة ... أشوف سلطان يغرق ... يحاول يتشبث ببقايا القارب ... و يغرق ... يغرق ... يغرق ... صرخت ... لا ... لا ... لا ... كأني مسكته ؟ أحس شي بيدي ... هذه أكيد يد سلطان ... أحس بذراع تحيطني ... معقولة ذي ذراع سلطان ... ؟ كأنه فيه حضن ضمني ... هذا حضن سلطان ... ؟؟ سلطان أنت حي ؟؟ سلطان حبيبي لا تموت ... لا تموت سلطان أرجوك لا يا سلطان لا ... لا ... ما عاد أذكر شي ... |
نا ما كنت نايم .. ما جاني النوم بعد موضوع بو نواف هذا ... ظليت أفكر و أفكر ... كان ودي أتكلم مع أمي بس جدتي ( طردتني ) من غرفة الوالدة لما شافتها منهارة ... أمي كانت منهارة ... أنا مو متطمن ... ظليت أفكر و أقلب الحقائق اللي عرفتها براسي طول الليل ... لين فجأة سمعت صرخة ( لاااااااااااااا ) هذه أمي ! أنا كنت أول واحد يوصل لأن غرفتي هي اقرب غرفة لغرفة الوالدة بعدها جت جدتي ... و بعدها جدي ... كانت أمي تصرخ و ترتجف في حالة من الذعر الشديد ، اللي يصيبها من وقت لوقت بنص الليل ... و كانت تردد : ( سلطان لا تموت ) ، و العرق يتصبب منها مثل الشلال ... و بإيدها ماسكة ثلاث فصوص فضية تشد عليها بقوة ... الفصوص نفسها اللي تذكرون ! جيت و حضنتها و انا احاول أصحيها من الكابوس ... و صارت تمسكني بالقوة و تشد علي و هي تصرخ دون وعي : - ( سلطان لا تموت ) ! لما جا جدي و جدتي و شافوها كذا بغوا يموتوا من الخوف ... و حتى بعد ما هدأت نسبيا ، أصروا يودوها المستشفى لأنها كانت بحالة مخيفة ... طبعا أنا خفت عليها ... بس قلت ... أكيد مثل المرة اللي طافت ، زي ما يقول خالي : نوبة و تعدي ... بس هالمرة طوّلت معها كثير ... الطبيب قال أن ضغطها كان مرتفع و أعطاها أدوية و مهدئات خلتها تنام لين الصبح و أنا و جديني ظلينا معها بالمستشفى ... ...................... فتحت عيني ... و طالعت من حولي ... و اكشفت أني مو بغرفتي ... أنا بمستشفى ... حاولت أرفع راسي لكن صداع شديد منعني ... إش صار لي ... ؟ تذكرت ... كان كابوس ... بدأت الأمور تتضح لي أكثر ... وصلني صوت ولدي بدر : - يمه أنت بخير ؟ توني الحين انتبه الى أنه مع أمي و أبوي موجودين ... تذكرت الكلام اللي قاله لي البارح بالليل ... آه ... زاد الألم ... بكل جسمي ... براسي ... بقلبي ... بروحي ... بكل مكان ... - نادي الطبيب ... كانت أول كلمة نطقت بها و راح ولدي بسرعة و جا مع الطبيب ... طلبت منه يعطيني مسكن قوي .. لأني مو بقادرة حتى أفتح عيني ... بعدها بمدة تحسنت و قلت : - يالله نرد البيت ... أخذت أجازة اليوم ... و انعزلت بغرفتي ... و طلبت منهم أنهم ما يزعجوني ... ما كنت أبي أتكلم مع أي أحد عن أي شي ... أنا ... أو بالأحرى اللي باقي مني ... منهار و أي نسمة هوا تبعثره ... أنا ... لازم أمحي اسم سلطان من قاموس حياتي ... للأبد ... و لازم اتخلص من هذه الكوابيس نهائيا ... كان جنوني إني رديت تعلقت به و فتحت جروح الماضي ... ليت الذكرى ما جابت لي يا سلطان ... أنا ردّيت للصفر ... و يبي لي سنين و سنين لين تبرى جروحي .... لا ظلّت فيني روح ... بعدك يا عسل ... سلطان ... لازم أودعك للأبد .... سلطان يا حلما يداعب جفني حال منامي سلطان يا أملا يخاطب قلبي حال قيامي سلطان يا ذكرى ... و يا جرحا ... عميقا دامي ... سلطان يا نارا ... و بركانا ... سعيرا حامي ... أنت يا سحر القلوب ِ أنت يا شمس الغروب ِ أنت يا أجلى عيوبي أنت يا أدهى ذنوبي نفسي يا خطـــاءة توبي عن هوى سلطان ... توبي .... أنت يا عشقا تمادى في الوجود ... راح ينمو بلا حدود ... عابرا كل السدود ... كاسرا طوق القيود ... أنت يا حرفا تطفـّـل بين كل الكلمات ... غيـّـر المعنى ... و بات ... بين جفني ّ ... فمات ... أنت يا سيلا تمرّد ... رغم أنف الطرقات ... شقّ نهر العشق قهرا ... بين دجلة و الفرات ... يا نعيم الأمسيات ... يا جحيم الذكريات ... هل تبقى من جبال العشق صخرة ؟ هل تبقى من بحور الحب قطرة ؟ هل تبقى من سحاب التيم مطرة ؟ هل تبقى لي مكان بين حشد الفاتنات ؟ جرعة من مر حبك ... اسقني قبل الممات ... هل تبقى لي نصيب ٌ ... بعد توزيع الهبات ... ؟ ما تبقى من عطايا الحب يكفيني ... فهات .... نصيبي من اللوم و التوبيخ كان وافر ... من جدتي و جدي ... و بعد من خالي لما عرف باللي صار ... كلهم صاروا يتهموني بأنني السبب اللي خلى أمي تنهار ... لكن أنا أبي أعرف ... وش قصة سلطان هذا ؟ و ليه أمي صار لها اللي صار بسسبه ؟ و إش سالفة الفصوص الفضية ذيك ؟ حاولت أكلمها بس جدتي منعتني أقرب من غرفتها هذا اليوم ... و حذرتني مئة مرة من أني أفتح سيرة الموضوع قدامها مرة ثانية .... و ما كان قدّامي إلا أني أروح لأعمامي و اسألهم عن القصة الكاملة ... قصة الحادث قالوها لي مثل ما شافوها قبل 12 سنة ... أبوي اللي مات قبل ما يعرفني و لا أعرفه ... و الوحيد اللي مات ذاك اليوم ... كان ينادي أمي عشان تساعده و هي خلته و راحت تنقذ سلطان ... ! عميني ماجد و رائد ... صاروا يكرهوا سلطان و حتى أمي من ذاك الحادث ... عمي ماجد يقول : ) لو كنت أنا من بطن أمي أشوف اللي صار وقتها ... كنت كرهته أنا بعد و ما سمحت لأمي أنها تتزوج منه أبدا ... ( الأفكار ذي كبرت براسي ... و خلتني أعترض أكثر و أكثر على زواج أمي منه ... و اتخذ منها و منه موقف معادي ... بالليل ، و أنا جالس بغرفتي وصلني صوت أمي تناديني ... و بسرعة طرت لغرفتها ... كان شكلها يقلق ، أعصابها مشدودة و حركتها متوترة ، و وجهها متوهج و أحمر .... و كانت الغرفة مبهدلة ! يوم وصلت سألتني بعصبية : - بدر شفت الفصوص ؟ - أي فصوص ؟ - اللي شلتها ذيك المرة ، الفصوص الفضية ، أنت أخذتها ؟ - لا ! طالعت فيني بغضب ، و قالت بحدة : - بدر إذا ماخذنها طلعها بسرعة ... الحين ... قلت بدفاع : - لا ما شلتها يمه ! لو أخذتها كان قلت . صرخت بعصبية أكبر : -وين راحت يعني ؟ طارت ؟ و رجعت لعند السرير ، و شالت البطانية و الشراشف و الفراش ... قلبت الدنيا فوق تحت مثل المجنونة ... و هي تصرخ : - وين راحوا بعصبية ... كنت أنا أراقبها بذهول ... - وينكم ... طلعوا بسرعة ... أنا خفت من شكل أمي و تصرفها الغريب ... و لما قلت : - يمه يمكن ... ما لحقت كملت جملتي ، قاطعتني بحدة و بصراخ و عصبية : -اسكت ! رد غرفتك ... تراجعت للوراء .... أمي ما أدري وش صابها .... خوفتني حالتها ذي ، و هي تقلب في اغراض الغرفة فوق تحت تدور على الفصوص ... أنا ما طلعت ، أذكر أنها كانت بيدها البارحة ، بس ما أدري وين تركتهم ؟ قلت : - بادوّر معك ... و خطيت صوبها شوي شوي و بتردد ، خايف تصرخ علي ! دورت معها ، و لقيت الفصوص على طاولة بالغرفة ... - هذه هي يمه ! لفّت أمي صوبي و جتني بسرعة ، و أخذتهم مني و شدت عليهم بإيدها مثل البارح ... كأنها خايفة يضيعوا منها مرة ثانية ... راحت على السرير و استلقت و غمضت عينها و شفت الدموع تهل منها ... - يمه ...؟ ناديتها بقلق ، بس هي ردت علي : -vد غرفتك يا بدر ... وقفت ثواني أطالع بها بقلق ، أمي صار لها شي ؟؟ لها الدرجة هالفصوص عندها غاليين ؟ إش سالفتهم ؟ ودي أعرف ... طلعت و صكيت الباب ، و لأني ما أبي أسبب لها أي قلق و ازعاج ، ما تعمدت أسألها عنهم بعد كذا . |
مر يوم الأجازة ... و ما أحد تجرأ و تكلم معي في أي موضوع ... و هذا اللي كنت أنا أبيه ... يوم ضيعت فصوص مسبحة سلطان الفضية ، بغت روحي تضيع معهم ... هذه آخر ما بقى لي منك يا العسل ... و إذا ظلوا معي ... ما بتطلع من بالي ... لازم أتخلص منهم ! لازم أتخلص من كل ذكراك ، و أي شي يذكرني بك ، و أي شي له علاقة بك ... و للأبد ... اليوم بارجع للعمل ... و أبدأ صفحة جديدة ... و انسى نهائيا وجود مخلوق اسمه سلطان على وجه الأرض ... بنت سلطان ... لا عاد أسأل عنها و لا أهتم لها و لا تجيني على بال بعد الآن . اتصل علي سلطان قبل نهاية الدوام ... عرفت أنه موجود مع بنته ... أكيد كان يبي يعرف ردي على طلب الزواج ... انهيت المكالمة في ثواني بكلمة : ( أنا مشغولة ) كلمة غصبت لساني أنه يقولها قهر ... و كانت هذه هذه بداية النجاح ... مر اليوم بسلام ... تجاهلت كل الناس حتى ولدي بدر ... ما تكلمت معه هذا اليوم ... في اليوم الثاني تجرأ بدر أخيرا و سألني : - يمه أنت رح تتزوجين بو نواف ؟ و للمرة الثانية بحياتي - عقب البارحة - صرخت بعنف بوجه ولدي و قلت له : - إياك تتجرأ و تتكلم في ذا الموضوع مرة ثانية .. فاهم ؟ ولدي من علامات الذهول اللي طلعت على وجهه عرفت أنه مصدوم ... و قال يتأتىء : -يمه أنا ... قاطعته ، و بنفس العنف قلت له : - بدر ... ارجع غرفتك الحين . الولد فجأة انفجر : - زين يمه أنا باطلع من غرفتك الحين لكن لو تتزوجينه ما عاد تشوفيني مرة ثانية . قالها بسرعة و طلع بسرعة ... و بنفس السرعة ... قفزت دموعي من عيوني ... خلاص ... ما عاد أفكر فيه ... إش تبون أكثر ... خلوني أرتاح ... في الليل ... جتني أمي الغرفة ... و قالت : - بو نواف اتصل يسأل ... الدنيا كلها انتفضت قدامي ... و بهلع و بصوت شبه معدوم قلت : - وش قلتوا له ؟ أمي كأنها ترددت شوي ، لكن نظراتي حاصرتها ... و قالت مستسلمة : -ما فيه نصيب ... ما قدرت ... و الله ما قدرت ... ما حسيت الا و بنفسي مرتمية على أمي و اتأوه ... آه .. - يمه ... آه ... أي كلمة بتنقال .. ما كانت بتعطي أي مقدار من المواساه ... اللي خلانا ساكتين ... و مستسلمين لبقاياالدموع ... و الآهات ... [ القمر يقول لك : الوداع ] جملة مكتوبة على قصاصة الورق اللي مع الفص الـ واحد و ثلاثين ... اللي بعثته لسلطان ... في الصباح ... بعدها بدقايق ... رن التهاتف .. و استنتجت أنه سلطان ... تجاهلته ... مرة و مرتين و خمس ... ما كنت أبي أسمع صوته و لا تعليقه ... سكت التلفون أخيرا ... و ظل ساكت فترة تؤكد أنه قطع الرجاء ... تنهدت بقوة ... باسترخاء ... انقطع الأمل ... و ارتحنا اخيرا ... سلطان ... ما عاد أعرفك بعد اليوم ... انتبهت من أفكاري على طرق على باب الغرفة ... قبل ما أجاوب ... كان هو واقف قدامي ... بشحمه و لحمه ... مو بس في الخيال ! انتفضت ... ما قدرت اوقف ... دققت فيه كأني أبي اتأكد ... حقيقة و إلا خيال ؟؟؟ أنا كثير ... كثير اللي اتخيل العسل قدامي ... و لا أدري ... هالمرة حقيقة و الا وهم ؟؟ - صباح الخير ... قمره ... دخت ... تبعثرت ... تشتتت ... اعتقد أن الكلمة اللي المفروض يرودن بها ( صباح النور ) ... بس كأني سمعت لساني يقول : - و عليكم السلام ! ما ادري ... مو متأكدة ... ! - كيف أحوالك ؟ أحوالي ؟ تسأل عن أحوالي يا سلطان ؟يعني ما تشوف ؟ ليش بعد تسأل ؟؟ - الحمد لله - مشغولة ؟ أو ممكن آخذ كم دقيقة من وقتك ؟ بلعت ريقي ... حبالي الصوتية جفت وانقطعت و ما عادت تقدر ترد ... صوتي مبحوح ... مرت ثواني ما قلت فيها أي شي ... - دقايق بس ... رجاءا ؟ أكد علي مرة ثانية ... قلت أخيرا : - خير ؟ اقترب سلطان ... و مع كل خطوة يمشيها تزيد نبضات قلبي عشر ... و ترتفع حرارتي درجة ... و تتسارع انفاسي أكثر و أكثر ... لين جلس على الكرسي اللي قدام طاولة المكتب مباشرة ... إش فيني تبهذلت ؟ سلطان أنت شـ تسوي فيني ؟ سلطان أنت ساحرني ؟؟ |
سحبت ايدي من فوق الطاولة و خبيتها تحت الدرج ... ما كنت أبيه يشوف الرعشة الفاضحة اللي كانت مسيطره عليها ... - خير ؟ قلتها أبي أتظاهر بالقوة ، لكنها طلعت ضعيفة مبحوحة و متلعثمة ... كأنها أنة واحد يحتضر ... - قمره ... ممكن ... أعرف ليه ... ؟ كأن الباب تحرك شوي ؟ معقولة أنفاسي وصلته و حركته ؟ أكيد أتخيل ؟ فقدت الذاكرة لحظتها ... دورت بقاموس الكلمات اللي تعلمتها من طفولتي لليوم ... ما حصلت شي ... إش صار فيني ؟؟ - فيه سبب ؟ و أخيرا طلعت كلمة – أي كلمة – على لساني و قلت : - نصيب ... توتر ... رغم الحالة اللي كنت أنا فيها لاحظت هالتوتر ... قال بسؤال أقرب للجواب : - نصيب غيري ... ؟ جت عيني بعينه ... و بعدتها بسرعة ... و نزلت راسي صوب الأرض ... ابي أخبيها تحت سابع أرض ... مو عارفة إش أسوي ... - قمره .... ناداني ... و ليته يدري أي تأثير تتركه هالكلمة بجسمي ؟ كأنها مخدر ! رفعت عيني من تحت سابع أرض مرة ثانية لعينه ... و أنا أحس إني شوي ... و أنام من تأثير المخدر ... لو يفتحو راسي ذي اللحظة ما حسيت ! كأنه كان يبي يقول شي ... بس ... تراجع ... و وقف فجأة ... و قال : - ... يصير خير ... و طلع ... و هو يبتعد و أنا عيوني تبتعد معاه ... كأنه سرقها و راح ... طلعت إيدي من تحت الدرج ... كانت زرقاء ... باردة ... حطيتها على وجهي .. تبرد النار اللي شعللها ... سلطان راح ... سلطان انتهى ... سلطان جاني لحد عندي ... و أنا اللي رفضته ... سلطان ... أنا أتمناك ... أنا بعدني أحبك ... سلطان ... رجـّـع عيوني ... سلطان ... لا تروح ! ......................... |
من طريقة كلامه عرفت أن فيه شيء مضايقه ... و لا استغربت لما قال لي : - قمره ردتني ... بصراحة ... أنا كنت متوقعة كذا و كنت أتمناه ... حمدت ربي في داخلي ، بس رثيت لحال أخوي و هو ضايق الصدر ... بغيت أقول له أي كلمة مواساة ... قلت : - نصيب ! و كأني قلت شي محظور أو كلمة سب أو شتم ! لأن أخوي بس سمعها ثار علي و صرخ : -نصيب ؟ أي نصيب ؟؟ الدكتور هيثم ؟ هذا نصيبها ؟ هي نصيبه ؟ و الله ما يستاهلها ... - سلطان ! -و لا حتى بسام ... ما كان يستاهلها ... طالعت بأخوي و أنا مصعوقة بكلامه .. أكيد جن !؟ اللي أكد لي كذا الكلام اللي قاله لي تكمله : - شوق ... شوق أبيك تكلميها ... - نعم أخوي ؟؟؟ كأني سمعت غلط ؟ - سمعت زين يا شوق ... اعرفي منها ليه ردتني ؟ عشان الدكتور سبقني و الا إيش السبب . هي ناوية تتزوجه و إلا إش الموضوع ؟ هالامرة انا اللي ثرت بوجه سلطان و قلت : - لا أبدا .. و لا أسألها و لا لي دخل أصلا بالموضع ... سلطان طلعني نهائيا برى جنونك هذا كأني كنت قاسة بزيادة ؟ لأنه أخوي شكله زعل ... و طالعني بنظره خيبة أمل ... و من غير ما يقول أي شي عطاني ظهره و طلع ... و النهاية مع ها القصة ؟؟ ما خلصنا ... ؟؟؟ في اليوم نفسه شفت منال و انفتحت سيرة الموضوع و طبعا كانت مرتاحة لأنه انتهى على خير ... لكن ... و أنا أتذكر نظرة أخوي الأخيرة ... أكاد أجزم ... أن الموضوع لسه فيه مفاجآت ثانية ... و انتوا موعودين !! ............................ مريت على مرضاي بالمستشفى في الصباح ... كنت أطلع من غرفة و أدخل غرفة لين وصلت عند غرفة هبه ... وقفت أناظر في الباب ... و أتذكر وجه منال و هي تطردني منها ... كان ودي أدخل أشوف الصغيرة و أسلم عليها ، بس ... يا ترى ... أبوها اللي معها و إلا أمها ...؟؟ ليت الجدران كانت شفافة ! بعد ما خلصت ، جلست عند مقر الممرضات أسجل بعض المعلومات بالكمبيوتر ، و جا الدكتور هيثم و صار يقرأ بعض التقارير اللي بإيده . سألته عن حالة هبه ، و قال أنها مثل أول ، بين تحسن و انتكاس . شوي ، إلا سلطان طالع من غرفة هبه ، و جاي صوبنا ... و تصادمت نظراتنا بس طاحت عينه علي تكهرب جسمي و انطلقت دقات قلبي بدون فرامل ... ! بسرعة نزلت عيني على الأرض عشان تصطدم بها ... يمكن يكون حادث أهون ؟ سلطان سلم ، و بعدها سأل الدكتور هيثم عن آخر التقارير و نتائج الفحوصات لهبه ... الدكتور هيثم عطاه بعض المعلومات المختصرة ، فشكره .. و رد رجع الغرفة ، و عيوني معاه ... سلطان ترك باب الغرفة مفتوح ، اللي يسمح لنا نشوف داخلها ... و يسمح له يشوف براها حاولت أركز نظري على شاشة الكمبيوتر اللي قدامي ، بس ... نظرات بدون فرامل ، وش لون أتحكم فيها ؟؟ أنا جالسة هنا ، بس عقلي هناك ، مع سلطان داخل الغرفة ... أشوفه و هو يلاعب بنته مرة ، يشيلها على ذراعينه مرة ، و يحطها على رجلينه مرة ... يحضنها مرة ... و يقبلها مرة ... يمسح على شعرها مرة ، و تمسح هي على شعره و تطوق عنقه بذراعيها الصغار ... مرة أخرى ... آه يا هبه ... يا حظك ! يا ليتني أقدر أقترب منه مثلك ... يا ليتني أتحول إلى هبه لو دقيقة وحدة ... ! كثير علي دقيقة وحدة بس ، أتحول فيها إلى شيء قريب قريب من قلب العسل ... ؟ آه يا العسل ... انتبهت من شرودي على صوت الدكتور هيثم و هو يقول : - متعلق ببنته كثير ذا الرجال ! التفت صوبه ، و عرفت أنه كان يراقبني و أنا أراقب سلطان و بنته ، و حسيت بخجل ... - نعم ... الله يخليهم لبعض ! -و يخلي لك ولدك و يخليك له ، و لنا كلنا . لحظتها دق المنبه براسي بقوة و خلاني أصحصح أكثر و أكثر ... الدكتور هيثم يقصد شي من جملته ذي ! ما لف و لا دار ، يوم شافني طالعت به فجأة بتركيز ، قال مباشرة : - فكرت ِ مرة ثانية بموضوعنا ؟ هذا الفاضي على عمره بعد ! أي موضوع و أي تفكير ... و الله مو بداري بالدنيا و خاش عرض ! ودي أقول له كلمة قوية تخليه ينسى انه طرح الموضوع أصلا ! أرد العسل عشان أتزوجك أنت ؟ لا شعوريا قفزت عيني صوب سلطان ، كأني أبي أقارن بينهم ! و تكهربت مرة ثانية يوم تفاجات بعيونه تطالع فيني و بحدّه ! رديت نزعت أنظاري من عينه غصب ... و جبتها لعند الدكتور هيثم ، و فتشت عن الكلمة القوية بس ما لقيتها ... سلطان ظل يطالعني ! أنا متأكدة أنه يطالعني ... حتى و هو بعيد ، حاسة بنظراته جاية علي ... مثل الشمس ، تعشي عينك و تحرق جلدك و تحس بحرارتها و هي أبعد ما يكون .... -ما فيه نصيب ... هذه أقوى كلمة حصلتها ذيك لحظة ... و أنا مرتبكة و حالتي حالة ، الدكتور هيثم ابتسم و قال : - اللي به خير الله يسويه ... هو على باله إني مرتبكة بسببه هو ! و جملته توحي بأنه لسه ما قطع الرجاء ! رفعت عيني له أبي أقول له ( الموضوع منتهي خلاص ) ، بس قبل ما أتكلم وصلني صوت نساني وش كنت أبي أقول ! سلطان جا لعندنا و هو يحمل هبه على كتفه ، و قال : - دكتور هيثم أحس بنتي مسخنة ... و تالي طالع فيني نظرة غريبة ... كأنها لوم ... كأنها تهديد ... كأنها تحدي ! طالع بهبة و قال لها : -سلمي على قمره ! و رد طالع فيني ... أنا فهمت قصده ... كأنه يبي يثبت أنه أقرب لي من الدكتور هيثم ... بس ... كيف عرف أننا كنا نتكلم عن موضوع الزواج ؟؟ قمت من على الكرسي و جيت لعند هبه و مديت يدي أصافحها -سلام هبه ! مدت هي يدها تصافحني ، و تالي أخذتها من أبوها لحضني ... حضنتها بقوة ... كأني أحضن آثار حضن العسل اللي ظلت على حضنها ... و أشم ريحة العسل اللي علقت بملابسها ... و أحس بدفء العسل اللي سخّن جلدها ... و أستشعر ... حب العسل ... اللي مكوّر حواليها .... آه يا هبه ... تسمحي لي أسكن جسمك ... دقيقة وحدة بس ....؟؟؟................... |
أمي تغيرت كثير ... صارت عصبية ... كل شي بصراخ ... و دوم منعزلة بغرفتها و لا ودها تكلم أحد... و بعد ... كأنها تعبانة أو مريضة ... حتى صارت ما تهتم فيني مثل أول جدتي كانت خايفة عليها كثير و كانت نظراتها لي ما تخلو من اللوم تحسسني بأني السبب اللي خلــّـى أمي تتعب ... عشان ... عارضت أنها تتزوج بو نواف ... بو نواف ... ما شفته بحياتي غير مرة وحدة ... بس صورته انطبعت ببالي ، و بعد فترة عرفت نواف و التقيت به معي بنفس المدرسة ، يسبقني بسنة وحدة و كثير يقولون عنه مغرور و شايف حاله ! و عرفت أنه ولد أبوه الوحيد ... و أبوه من أثرى و أرقى الشخصيات في البلد ! يا حظه ... أبوه عاش ... و أبوي أنا ميت ... ...................... أخوي سلطان كان تعبان ... من يوم ما ردته قمر وهو حالته تسوء كل مرة أشوفه فيها عن اللي قبلها ... حتى و هو مع بنته ما أحسه يرتاح ... و ياسر ... كان يقول لي : - ( الرجال قاعد يضيع بين يدينا ! ) كلامه يخوفني كثير ... أخوي بالفعل ... كان منتهي ... يعني لو قمر قبلت عرضه ... كان ممكن حالته تتحسن شوي ؟ كان وقت الزيارة و كنا بغرفة هبة و البنت اليوم تعبانة أكثر من أمس جا الطبيب و عاينها و ما ارتاح لوضعها و أمر أنها تنقل لغرفة العناية المركزة أخوي بس سمع كذا فزع ... -البنت فيها شي جديد ؟ سأل أخوي الطبيب ، و رد عليه : - وضعها متدهور نوعا ما و لازم أنقلها للعناية المركزة احتياطا ... أخوي شال بنته على ذراعه و ضمها لصدره بقوة و ضعف في نفس الوقت ... بخوف و رجاء ... بأمل و يأس ... بحرقة و مرارة ... كانت هبه نصف واعية و تئن ... و تتنفس بشكل مو طبيعي ... انتكاسة شديدة ... و الله يعين ... دقايق و كنا مع البنت في العناية المركزة ... عملوا لها تحاليل جت كلها محبطة ... و قرر الطبيب يحطها على جهاز التنفس الإصطناعي ... منال بدت تولول و تنحب ... و أنا ما أدري ... أواسيها و الا أنحب معها ؟؟ أخوي جلس عند هبة و مسك يدها و هي فاقدة الوعي ... طلب منا الطبيب أنا نطلع عشان ما نربك المكان ... أخوي ما تحرك و احنا ظلينا رايحين جايين على الغرفة ... اللي جابني المستشفى اليوم هو أني كنت أبي أقدم أوراق طلب أجازة كنت تعبانة و ما فيني أشتغل ... و الصداع ملازمني طول الوقت و ضغطي مرتفع ... قدمت الطلب و ظليت بمكتبي أخلص بعض شغلاتي ... و على العصر مرتني سلمى و جلسنا نسولف شوي ... قلت لها عن آخر التطورات اللي صارت ... سمحت لنفسي ... بلا شعور ... أني أبكي في حضنها ... لحظة نسيت فيها كل شيء ... و استسلمت لمشاعري بضعف ... كم و كم من الأمور مرت ببالي ... لحظتها حسيت أنه براسي قنبلة شوي و تنفجر .... سلمى ... بعد شوي غيرت الموضوع ... تبي تخلصني من الحالة اللي كنت فيها ... و سألت : - متى ماشية ؟ - الحين ... و انت ِ ؟ - و الله عندي مريض تعبان كثير بالعناية المركزة و احتاج انعاش ثلاث مرات من الصباح ... بامر عليه قبل ما أطلع ... و في نفس اللحظة ، جاء النداء العام الحرج للعناية المركزة ... - و هذه المرة الرابعة ! قالت سلمى و قامت بسرعة و قمت معها و رحنا على طول للعناية المركزة نشوف مريضها المتدهور .... أكوام من الممرضات و الأطباء متكدسة عند سرير واحد من المرضى ... انا كنت أطالع صوبهم ، لكن سلمى لفت صوب سرير ثاني ... طالعت بسلمى و بالمريض اللي راحت صوبه ، و بعدها التفت مرة ثانية لكتلة الممرضات و الأطباء ... إيش شفت ... ؟؟ سلطان .... !!! ....................... كان عندي مريض بالعناية المركزة يحتضر ... حالته متدهورة و نتوقع موته في أي لحظة ... توقف قلبه ثلاث مرات في الصباح ... و في العصر ، لما كنت بمكتب قمر سمعنا النداء الحرج و على طول جا ببالي أنه مريضي توقف قلبه مرة رابعة ... جينا نسرع للعناية المركزة و أول ما دخلنا شفنا الممرضات و معهم طبيبين أو ثلاثة متجمعين عند سرير مريض ثاني ... غير مريضي ... رحت أنا لمريضي ألقي نظرة على آخر تسجيلات علاماته الحيوية و تحاليله قبل ما أطلع البيت و أتركه في رعاية الطبيب المناوب ... بصراحة ما التفت في البداية للمريض الثاني و كان معه أطباءه و الدنيا زحمة بس التفت لقمر ... اللي وقفت هناك قرب السرير الثاني ... سمعت صراخ و صراخ و صراخ .... شي لفت انتباهي ... هذا صوت سلطان ! و هذا صوت شوق ... جيت بسرعة لعند قمر ... كانت واقفة مثل التمثال ما يتحرك فيها الا عيونها ... سلطان يصرخ : -بسرعة يا دكتور ... و الدكتور يصرخ : -أطلعوا برى لو سمحتوا لا تربكونا منال تصرخ من جهة ، و شوق تصرخ من جهة ... - ( البنت ماتت لحقوا عليها ) فوضى ... ربكة ... تشوش ... زحمة ... وضع تعودنا نشوفه بحكم عملنا بالمستشفى ... بس الصورة صايرة مشوشة أكثر ... الدنيا ملخبطة فوق تحت ... مسكت يد قمر ... بغيتها تمشي معي نطلع برى ... بس دون ما تطالع فيني سحبت يدها و عينها معلقة على ( المشهد ) ... على كل حركة ... على مؤشرات الأجهزة ... على سلطان ... أربعين دقيقة مرت ... من الإنعاش المستمر ... و الأطباء يتناوبوا العملية ... و العرق يتصبب منهم ... الجو حار ... حار ... كل شي حار ... كل شي أحمر ... مثل عيون سلطان ومنال ... و شوق و قمر ... مثل الدم اللي لطخ أنبوب التنفس متفجر من رئة البنت المنكوبة ... أربعين دقيقة ... هي مدة أكثر من كافية ... عشان يقرر الطبيب أنه يوقف الإنعاش ... و يسجل لحظة نزع الروح الأخيرة ... و موت الطفلة ... رفع الفريق الطبي أياديهم عن المريضة ... اعلانا للنهاية ... سلطان طالع بالطبيب و صرخ : - ليش وقفت ؟ الطبيب هز راسه ... شوق صرخت ... - لااااااااااااااا .... و صراخ بعد صراخ و اندوت الغرفة بصراخات الكل ... هبة ماتت قدّام عيونا كلنا ... كنت أبي أطلع ... بس ما قدرت ... سلطان ... رفع بنته لصدره و هو يصرخ : - هبه ... ردي علي ... ما قدرت أتحمل أشوف أكثر من كذا ... رحت لشوق و حضنتها بقوة و هي تصرخ : - هبة ماتت ؟ ما أصدق ... الطبيب و الممرضات يحاولوا يهدوا الوضع ... يحاولوا يطلعونا برى سلطان ... حاضن بنته عند قلبه و متمسك بها بقوة ... و منال تهز فيه -خلني أشوفها ... ما ماتت ... هبة ردي علي ... الضجة اللي صارت هالمرة و التفتنا كلنا صوبها كانت جاية من جهة قمر قمر ... طاحت من طولها مغمى عليها ... |
تأخرت أمي في المستشفى ... كان براسي كلام ودي أقوله لها وكنت أنتظرها من ساعات ... اتصلت عليها بالجوال بس الظاهر كانت مشغولة كثير او الجوال ما هو بمعها ... لما جت الساعة 6 المغرب جيت أباطلع أشتغل في عشة الحمام شوي ... و شفت جدتي جاية تسرع صوب الباب ... -خير وش صاير ؟؟؟ سألتها بقلق ، و ردت بفزع و لهفة : - أمك تعبت في المستشفى ... باروح لها لما وصلنا ... كانت أمي على السرير فاقدة الوعي ، و كانوا على وشك أنهم ياخذوها لغرفة الأشعة ... كلمتها ما ردت علي ... بسرعة اخذوها و ظليت مع جدتي و جدي و الدكتورة سلمى صديقتها بالغرفة ... أنا حاولت أسأل الدكتورة إذا تعرف أي شي ، لكنها طلعت بسرعة و ما ادري وين راحت ... بعد أقل من ساعة ... رجعت الممرضة بأمي على السرير و معها الدكتورة سلمى ... و أمي بعدها فاقدة الوعي ... سألت جدتي بفزع : - وش فيها ؟ جاوبت الدكتورة سلمى و هي تهز راسها بمرارة : - نزيف داخل الراس .... ........................ هذه المرة احتاجت قمر عملية مستعجلة ... في الرأس ... طبعا أنا شلت يدي من الموضوع كطبيبة و ظليت معها كصديقة و وحدة من الأهل ... كنت أتابع كل شي ... كل صغيرة و كبيرة ... أول بأول ... الأشعة وضحت أنه كان عندها نزيف بسيط من أيام تخثر و ما أحد انتبه له أما النزيف الجديد هذا ... كان ... شديد ... نفس المكان اللي صابته نفس الحالة قبل 14 سنة ... كانت بآخر الأيام تشتكي من صداع رهيب ... كيف ما فكرت أنه ممكن يكون شيء خطير ... ؟ انا ألوم نفسي أني ما انتبهت ... بس كان ذاك من زمن ... و انتهى ... يا ليته كان انتهى ... يا ليت ... قمر... بعد العملية المستعجلة ظلت بالمستشفى أيام ... فاقدة الوعي تماما ... و أسابيع ... مشلولة عن الحركة ... كنت أول ما أجي المستشفى أمر عليها ... و آخر الدوام أمر قبل ما أطلع ... و في أوقات الزيارة ... كنت أحاول أتحاشى التواجد ... ما أقدر أشوف أهلها و أسمع أسئلتهم ... ما أقدر ... في البداية ... كان كل اللي يطلع منها أنات و تأوهات ... بعدين بدت تحرك شفايفها و لسانها بصعوبة ... و أول كلمة نطقت بها و هي لسة في حالة اللا وعي : ( عسل ) ... مرة من المرات ... و أنا كنت عندها وعت شوي ... فتحت عينها و حركتهم يمين و شمال ... مسكت بيدها و ناديت بلهفة : - قمر ... تسمعيني ؟ ما جاوبت علي ... شديت على يدها أبيها تحس فيني ... كلمتها ... بكيت غصبا علي ... و أنا أردد - تشجعي يا قمر ... ارجعي لنا ... أرجوك ... كأني سمعتها تقول ( عسل ) ... طالعت بعينها ... أكيد قصدها تسأل عن سلطان ؟ سلطان ... ما أعرف أخباره ... بعد وفاة بنته الوحيدة ... ما أدري وش صار فيه ... يا ليته مات بدالها ... يا ليته طايح بالفراش بدل قمر ... يا ليته غرق من سنين بدل بسام ... رديت ... و أنا بس أبي أشجعها و أشوف تتجاوب معي أو لا : - سلطان ؟ سلطان بخير و يسأل عنك ... أهي حقيقة أو تهيؤ ... مو متأكدة ... بس كأني شفت الراحة بعينها ... غمضت ثواني و ردت فتحت تطالع فيني ... كأنها تقول ( طمنتيني )... بعدها غمضت مرة ثانية ... ............................. ماتت بنت أخوي .. الوحيدة .... المدللة الدلوعة ... بهجة قلوبنا كلنا ... نشوة البيت و العيلة كلها ... ماتت ... و ما تركت بعدها الا سواد في سواد شهرين مروا من يوم وفاتها ... و صورتها الأخيرة ... و هي جثة بلا روح ... بحضن أبوها و هو يصرخ ( ردي علي ) ... صورة للحظة ذي ... و لآخر لحظة بعمري ... ما نسيتها و لا بانساها .... أتذكرها كأنها صارت البارح ... قبل شوي ... قاعدة تصير قدامي الحين ... و أتذكر ... قبل سنة ... لما كنت أشاهد أروع صورة ... لأخوي و بنته ... و احنا بمكتبه بالشركة ... و هو شايلنها على ذراعه و حاضننها ...و هي تضحك بمرح و حيوية ... و النافذة مفتوحة من وراهم ... و البدر مكتمل ... و النسيم يلعب في شعر البنت الحريري ... يومها أتذكر أني تمنيت لو كانت عندي كاميرا أصور بها هذه الروعة ... ما كنت أدري ... أنها بتظل ببالي كآخر و أروع صورة لهم ... محفورة و محفوظة دون الحاجة لأي كاميرا .... معلقة بالضبط .. جنب صورتها و هي ميتة بحضن أبوها ... في المشهد الأخير ... ياليت ربي ... أعماني قبل ذاك اليوم ... شهرين ... و أحنا كلنا نموت كل يوم و كل لحظة .... بعد هبة ... حلت علينا الغيمة السوداء المظلمة ... اللي ما قدرت أي رياح و أعاصير .... تبعدها عنا لوقت طويل .... بعد هالشهرين ... توني بس ... قررت أطلع من البيت ... و كان أول مشوار بغيته ... هو المستشفى ... قمر ... ........................... أمي تحسنت تحسن بسيط ... الحين صارت واعية بس ما تتكلم و لا تتحرك ... لا جيت عندها تبتسم لي ... أنا أدعو ربي كل ساعة أنها تقوم بالسلامة و تتعافى و ترجع لي ... أنا ما لي بالدنيا غيرها ... حتى لو بتتزوج مو مهم ... بس خلها ترد زي أول و أي شي ثاني مو مهم ... اليوم شكلها أحسن ... كنت جالس جنبها على السرير و حاط راسي بحضنها و إيدي بإيدها ... كأني أحس بإيدها تحاول تشد على إيدي ... بس ما تقدر ... الطبيب يقول أنها رح تتحسن بس ببطء ... سمعت طرقات على الباب و بعدها انفتح و دخلت وحدة ... الظاهر أنها من صديقات أمي جاية تزورها ... أمي طالعت بالزايرة و كأنها تفاجأت ... - السلام عليكم قالت الزايرة ، رديت السلام و أنا أعدل من جلستي على سرير أمي ... طالعت المرة فيني و قالت : - أنت بدر ... ؟ - نعم و بعدين جت قربت من أمي و مدت يدها لها ... طبعا أمي ما حركت يدها ... و جت الزايرة و مسكت يد أمي تصافحها و قبلت جبينها ... -كيف حالك يا قمر ؟ إن شاء الله أفضل الحين ؟ أنا رديت : - الحمد لله . هي أحسن . أمي كانت تطالع بالزايرة بنظرة غريبة ... ما فهمتها ... كأنها تبي تقول لها شي ؟ -حمد الله على السلامة يا قمر ... جيت متأخرة لكن ... تعرفي الظروف ... تعابير وجه أمي تغيرت ... ما أدري وش بغت تقول ؟ سألتني الزايرة كم سؤال ... تطمن فيه على أحوال أمي و أهلي ... و بعدها قالت كم كلمة تشجيع و دعاء بالشفاء لأمي ... و صافحتها مرة ثانية ... و راحت تطلع ... أمي ظلت تشيعها بنظراتها كأنها تبيها ترجع ... ناديت أمي أبي أسألها تبي شي ؟ أمي فجأة نطقت : - سلطان الزايرة وقفت و التفتت صوب أمي على طول ... طالعت بأمي ... و شفت بريق الدموع بعينها ... و قالت : - بخير ... الحمد لله ... و هزت راسها تأكد كلامها ... و بعدها طلعت من الغرفة ... أنا بقيت أناظر في أمي ... مندهش ... و ما عندي تعليق مناسب ... عين أمي ملأتها الدموع ... رحت أمسح فيها و أنا أكرر - يمه أرجوك لا تبكي ... أكررها و أنا اللي كنت أبكي على أمي ... و أحس أنني أنا ... نعم أنا السبب ... في أن أمي مرضت لذي الدرجة ... |
رحت بيت أخوي ... أخوي جالس بغرفة مكتبه ... على الكنبة ... سرحان ... يفكر و يفكر... لا يكلم أحد ... و لا يحس بوجود أحد ... و لا يطلع من الغرفة من دخلها بعد فقد هبة ... يرحمها الله ... بيت أخوي هو المكان الوحيد اللي كنت أزوره خلال الشهرين اللي مروا ... و قليل الي كنت أجي ... كيف أقدر أتحمل أشوف أخوي يموت قدام عيوني ... ؟ ما يكفي هبة ؟ اليوم مريت عليه بعد ما زرت قمر بالمستشفى أخبارها كانت توصلني من بعض زميلاتي بين فترة و فترة ... أنا ما كنت حسيت بوجودها ذاك اليوم ... كان بالي مشغول مع هبة و هبة و بس ... انتبهت لها بس بعد ما طاحت مغشية على الأرض ... و لا أدري وش صار لها قبل و لا بعد ... دخلت غرفة مكتب أخوي ... سلمت ... و رد السلام بملل ... - كيفك اليوم ؟ ما رد علي ... ليش أسأل و أنا شايفة بنفسي ... ؟ ما فيه أي شي ... بالدنيا يمكن يثير اهتمامه أو انتباهه ... حتى نواف لا جا يكلمه يبعده عنه ... ما يبي يشوف أي أحد أو يكلم أي أحد أو يسوي أي شي ... - سلطان ... بغيته يلتفت لي بس كالعاده ظل ساهي عني مو هام لي خبر ... و لا معبر وجودي أصلا ... -سلطان أخوي ... بغيت أقول لك شي ... ما تحرك ... واصلت ... - (لمجرد إني أقوله لك ... و أنا ببالي ... يمكن ... يمكن هالجملة تغير شي ؟؟ خلني أجرب ... ) - قمر تسأل عنك ... قلتها و دققت النظر ... أبي أشوف إذا فيه أي تأثير ... أي استجابة ... ؟ أخوي ظل مثل التمثال ... ما اهتز ... - قلت لها أنك بخير ... واضح ... أن الموضوع و لا أثر و لا على عصب حسي واحد منه ... استسلمت ... و تراجعت ... أباطلع ... ما فيه فايدة ... أخوي انتهى ... ما أبي أشوفه كذا ... لازم أطلع ... قبل ما أمشي ... قلت له : - إذا بغيت ... تزورها معي بالمستشفى ... تقول لها حمد الله على السلامة ... أظنها بتفرح كثير ... طلعت عن غرفة أخوي و هو واقف مثل أي عمود أو أي كنبة بالغرفة ... و الساعة أربع الفجر ... صحيت من النوم علة رنة جوالي اللي كنت ناسيته مشغل ... كان أخوي سلطان متصل و مصر ما يقطع ... خفت و تلخبطت دقات قلبي .. عطيت الهاتف لياسر و قلت له بخوف : - رد ! أخوي ما أدري وش فيه ؟؟؟ أخذ ياسر الجوال و رد ... ............................... نايم بعز النوم ... و باقي على أذان الفجر ساعة و شوي ... صحتني شوق بقلق و فزع خوفتني ... - ياسر ... رد على الهاتف بسرعة .... طالعت فيها أبي أتأكد ما هو بحلم ؟ بس صوت الجوال كان يرن بالغرفة و بآذاني ... - خير ؟ - أقول لك رد بسرعة ؟ أخذت الجوال منها و أنا بين الصاحي و النايم ... -ألو ؟ نعم ؟ ما جاني جواب بالأول ، و بعدها جاني صوت سلطان مبحوح : -وين شوق ؟ - سلطان ؟ خير ؟ فيه شي ؟ - شوق صاحية ؟ أبي أكلمها رديت الجوال لشوق و هي رافضة تاخذه ... حاسة أن فيه مصيبة ما تبي تسمعها ... - يالله شوق خلنا نشوف شالسالفة ؟ شوق كلمت أخوها و هذا اللي سمعته : - ( سلطان ؟ خير أخوي ؟ ) - ( من ؟ ) - ( ... ن نعم ... ) - ( تعبانة ... كانت حالتها بالمرة متدهورة بس... بس تحسنت ) - ( نعم سلطان ... أنا زرتها العصر بنفسي ... ) أنا يمكن كنت نايم ... مو متأكد ... بعد ما خلصت المكالمة الطارئة سألت شوق : -خير ؟ شوق انفجرت تبكي ... قلت أكيد صار لهم شي جديد ؟ - سلطان وش به ؟ نواف بخير ؟ أم نواف بخير ؟؟ انهارت شوق على الوسادة ... و بكت بحرارة و هي تقول : - يسأل عن قمر ! توه مستوعب أنها بالمستشفى ! طالعت بالساعة أتأكد من الوقت .... أربع الفجر ... ! سلطان ... عليه العوض .... و منه العوض ... ............................ " سلامـــات " من شهور و سلطان ما عاد يجي الشركة و العمل كله فوق راسي ... لأني ظليت صاحي من قبل صلاة الفجر – على غير عادتي – و جيت العمل ... حسيت بعد كم ساعة بتعب و صداع اللي خلاني أفكر أرد البيت بدري اليوم ، و استسلم للنوم ! الصدفة اللي فاجأتني بالأحرى فاجئتنا كلنا هي أني شفت سلطان ببيتنا جاي وقت الظهر ( و طبعا الأمر مو على العادة ) و الظاهر أنه ما كان متوقع يشوفني ... و لو قلتها بصراحة ، ما كان يبي يشوفني ... -حيا الله بو نواف ... يا حظك ... جيت و السفرة جاهزة تفضل بالهناء ... الرجال رد بكلمة مقتضبة مطلعنها غصب من حلقه ... - بالعافية يعني ما وده يتغذى معنا ... صحيح ما هوبغريب ... بس مو بعدله نخليه بالصالة و نروح نتغذى بغرفة ثانية ... أنا و شوق طالعنا بعض ... قالت : - خلاص ياسر ، تغدى أنت و الأولاد أنا ودي أكلم أخوي شوي ... خليتهم و رحت ... أعرف أنه فيه شي ما لي دخل فيه ... بعد شوي ... جت شوق و قالت أنها طالعة مع أخوها مشوار صغير .... ما علقت ... قلت خلني أنتظر لين تقول لي هي وش اللي صاير ؟ في فترة غيابها اتصلت أم نواف تسأل عنها و عن بو نواف ... انشغل بالي ... وين ممكن يكونون ؟؟ ........................ الوقت ما كان وقت زيارة و ممنوع دخول غير موظفي المستشفى داخل المستشفى ، بس كوني دكتورة و لي معارف و علاقات هنا و هناك ... سمحوا لنا أنا و أخوي سلطان نجي لعند غرفة قمر... كانت هذه رغبة سلطان المفاجئة أنه يمر يسلم عليها و يتطمن على صحتها ... و الظاهر أنه مثلي و مثل ياسر ما نام بعد مكالمة الليل ... إذا كان نام قبلها أصلا .. طرقت الباب ، فتحته بهدوء و طليت أبي أشوف كيف هي ؟ كانت قمر شبه جالسة مستندة على السرير ... و طبعا ما كانت متوقعة إني أنا اللي عند الباب عشان كذا شفت الدهشة بعينها ، و بعدها حلت ابتسامة جميلة مكان الدهشة فرحت ... و أنا أشوف ابتسامتها ... يعني صحتها تحسنت ... الحمد لله ... جيت لعندها و مسكت إيدها أسلم عليها بفرح و أنا أشد على إيدها... لما سألتها - ( أنت طيبة ؟ بخير ؟ ) هزت راسها بنعم ، ما تكلمت ... إلى الآن قدرتها على الكلام ما استعادتها ... لكن ... الحمد لله ... - قمره .... معي شخص وده يقول لك سلامات و ما تشوفين شر ! قلت الجملة و ركزت نظراتي على نظراتها أدقق ... أستشف الإجابة ... أتفحص ردة الفعل ؟ طالعت فيني قمر بنظرة لا تدعو لأي شك ... بأنها عرفت بالضبط أقصد من .... الحين ... إيدها هي اللي شدت على إيدي ... رغم ضعفها ... أخوي كان واقف ورا الباب ينتظر ... سألت قمر : - تسمحي له يجي .... ؟ لو كانت تبي تقول ( نعم ) كان هزت راسها بنفس الطريقة اللي هزتها بها قبل شوي لما سألتها ( أنت طيبة ؟ بخير ؟ ) الطريقة اللي وقفت فيها نظراتها معلقة مع راسها ... لا فوق و لا تحت ... لا يمين و لا شمال ... خلتني أرتعد ... ما بغيت أكرر السؤال .... و بعد ، ما بغيت أخوي يظل واقف عند الباب ... تركت إيدها ... و ابتعدت ... و جيت لعند الباب ... طالعت بها مرة ثانية ... يمكن تقول أو تسوي شي ... بس ظل كل شي فيها معلق مثل ما كان .... طلعت لأخوي و أنا مو عارفة إش أقول له ؟ أقوله أنها ما تسمح يسلم عليها ... أو أنها نايمة ... أو إش أقول .... ؟ أخوي العرق كان يتصبب على جبينه كأنه تلميذ عنده امتحان عملي ! و بس شافني سألني : - صاحية ؟ لا شعوريا ... لقيتني أهز راسي بنفس طريقة قمر ! - أقدر أكلمها ؟ مديت ذراعي أسد فتحة الباب تلقائيا ، مثل اللي يبي يمنع دخول واحد عند الباب لداخل الغرفة ، أخوي بس شافني كذا قال : - ما بغيت أدخل بس ودي أسلم عليها و خطا خطوة أقرب للباب و مد راسه عند الفتحة و قال : -السلام عليكم قمرة .... حمد الله على السلامة ... ما تشوفي شر .... |
شكرا نسومه انتظر باقي الرواية المأساويه لا تتاخري غناتي |
حرام عليك نسايم خليتي دموعي تسيل مثل المطر
المرة الجاية راح اخلي الكلينكس بجنبي من البداية ارجوك بسرعة كملي القصة ما فيني صبر مشكــــــــــــــــــــــورة كثير على القصة الحلوة تحياتي |
اخت نسومه وين باقي الرواية لاتتاخري غناتي عليي اختج خاتم |
هلا نسايم وين باقي الرواية هذا اليوم الثاني تاخرتي عليي اني لحوحة لاتتاخري |
لا حاطه في بالي غناتي الليلة انزل لكم بارت بس لانه امس كانت النت عطلان عندي واليوم انشغلت ان شاء الله الحين انزلهم |
هي كلمتين قالها ... و ابتعد عن فتحة الباب ... و جاء دوري عشان أدخل ... لما دخلت ... شفت قمر لافه راسها الجهة الثانية و مخبية وجهها بالوسادة ... جا على بالي أنها تبي تغطي وجهها قلت على طول : - ما رح يدخل ! بس قمر ظلت على نفس الوضع ... قربت منها و ناديتها ... بس ما ردت علي .... لفيت حول السرير عشان أجيها من الجهة الثانية ... و ناديت ... و لا ردت .... شفت الدموع تسيل على خدها و على الوسادة ... و هي عاجزة ترفع إيدها تمسحها .... تقطعت ... إذا كان فيني جزء من قلبي و جسمي بعده صاحي ما تقطع من موت هبة ... فها هو يتقطع الحين ... و أنا أشوف ... صديقتي و زميلتي الغالية ، ممدة على السرير ... مشلولة ... بلا حول و لا حقوة ... و لا حول و لا قوة إلا بالله ... جلست عندها على السرير و مديت إيدي و مسحت دموعها ... و رفعْت راسها و ضميتها لصدري ... و تذكرت .... ذيك اللحظة ... لما كانت فاقدة الوعي ... و أنا أحاول أصحيها بالغرفة اللي كان فيها سلطان ممدد على السرير ... يوم غرق في البحر قبل 13 سنة ... يومها ... كانت فاقدة الوعي بين يديني ... عاجزة عن الحركة ... و أنا أحاول أصحيها ، في الوقت اللي أنا فيه شوي و أغيب عن الوعي ... و أمسح دموعها ، و دموعي تسيل مثل الشلالات ... و أصيح بها ( تماسكي ) ... و أنا اللي منهارة و متبعثرة على كبر الرض ... و أخوي ، ينادي ( قمرة ... قومي ) ... و هو اللي على متهالك على سريره ، مو قادر يتحرك .... بفضل الله ثم فضل قمر ... سلطان ظل عايش ... مات بسام .... لكن هو ظل عايش .... ماتت هبه ... لكن هو ظل عايش .... عايش مثل الأموات ... جسد بلا روح ... منتهي ... وجوده و العدم ما يفرق كثير ... محسوب عليه الحياة ... و هو مو بعايش ... مثله مثل الجسد المشلول اللي قدامي ... اللي عاجز حتى عن مسح دمعة سالت من عيونه غصبا عليه .... الله يا دنيا ... ليت الزمن يرجع للورا ... كان خطبت قمر لأخوي اول ما عرفت أنها تحبه ، و هو يحبها ... قبل ما الوالدة تفاجئنا و تخطب منال ... و تنتهي بنا لعبة القدر في جسد مشلول .... - قمر .... كلمتها بصوت منتهي ... باللي بقى لي من أوتار صوتي المتقطعة المبحوحة .... طالعتني و هي بالكاد تقدر تحرك كم عضلة من جسمها المنتهي ... - قمر ... بعدك ... تحبينه ... ؟ سألت ... و كان جواب أكثر مما هو سؤال ... كان واقع أجلى من أن طبقات السنين تقدر تخفيه ... و أقوى من أن أعاصير القدر تقدر تهده ... - تحبينه يا قمر ؟ غمضت عينها بمرارة ... و لسه دموعها المتمردة تسيل غصبا عليها ... إش أبي دليل أكبر من اللي صار لها ... ؟ مو محتاجة أي سؤال ... أو أي جواب .... مسحت على راسها و قلت : - هو بعد يحبك يا قمر ... فتحت عينها ... طالعتني كأنها تقول : ( عيدي ... ؟ ) قلت : - نعم يحبك ... أنت ِ تعرفين ... تصدقي من ماتت الغالية ... هذه أول مرة يطلع فيها من حبس البيت ... جا لعندك ... أنت ِ يا قمر ... - شوق كان هذا صوت أخوي ... يناديني ... رديت ( نعم أخوي ؟ ) و مسحت باقي دموعي و دموعها ... - مشينا ؟ طالعت بقمر ... و ابتسمت لها ، وقلت أخفف التوتر و أتظاهر بالمرح : - زيارة غير شرعية ! لا يصيدونا ! سلمت عليها بحرارة و مرارة ، و قبلتها بحب و حنان و جيت لعند الباب ... أول ما طلعت ، قال أخوي ... -نشوفك على خير يا قمرة و تقومي إن شاء الله بالسلامة لسبب أو لآخر ... حسيت بشي من الراحة هذا اليوم ... يمكن ... عشان أخوي أخيرا طلع من البيت .... يمكن عشان قمر تحسنت شوي ... أو يمكن ... لأني اضطريت أخوي إنه يعزمني على وجبة سريعة في واحد من المطاعم ... و شاركته وجبة الغداء اللي قاطعها من مدة ... !؟ .......................................... كنا وين و صرنا وين ! اليوم قمر رح تطلع من المستشفى ... على كرسي العجلات مؤقتا ... لين تسترد صحتها الكاملة إن شاء الله . النزيف اللي صابها كان ممكن يؤدي لاقدر الله لشلل أبدي ... بس الحمد لله ... ربنا لطف ... في لحظة المغادرة كنت موجودة مع عيلتها ... نودع المستشفى و نسأل الله أنها ماترجع ... طبعا إلا كطبيبة ! و إلا هذه المستشفى فيه فكة منها أصلا ... ؟ أنا بصفتي صديقة قمر و إختها و أقرب الناس لها ، رحت معهم البيت . لما وصلنا بيت بو ثامر لقيتهم مجهزين لها غرفة بالدور الأرضي أسهل لها ... جلست مع قمر بالغرفة و معنا أهلها ... و ولدها بدر جالس جنبها على السرير و كل شوي يحط راسه على كتفها ... كأنه يعوض حنان مفقود ... مثل الأطفال ... و في الواقع هو بعده طفل كبير ... بس حجمه يكبره كثير ! قمر كانت مبسوطة و وجهها رغم الشحوب اللي عليه ... كان مشرق ... يوم تطمنت عليها و بغيت أقوم أطلع هزت راسها ( لا ) - بغيت شي قمر ؟ حركت صبعها تأشر على فوق ... و عل طول قال بدر : - تبي تروحي فوق بغرفتك يمه ؟ و ابتسمت ... ثامر أخوها شالها و صعد بها فوق ... و بدر شال الكرسي وراه ... و أنا و أمها لحقناهم ... لما جينا لغرفتها وحطاها ثامر على السرير و جا بدر جلس جنبها أشرت علي ... و صارت تطالع فينا واحد بعد الثاني ... و فهمنا أنها تبيني أظل معها وحدنا ... و طلع البقية و ظليت معها جالسة جنبها على السرير .. و إيدي بإيدها ... - خير قمر ؟ قمر شدت على إيدي ... و صارت تطالع بالخزانة و تأشر لي عليها ... قمر تبيني أفتح واحد من الأدراج ... ! فتحته و شفت فيه صندوق ... طلعته و جبتها لعندها .... و ساعدتها تفتح الصندوق ... داخل الصندوق ... شفت عقد جميل مكتوب على حجرة بوسطه (( حبيبتي قمر حلوة )) ... و معه ، و فصين فضيين ... ! استغربت ... و مدت هي يدها و أخذت فص ... و حطته بإيدي ... و قالت : - سلطان ....!!!!!!!!! ........................... التفاصيل ما سألت عنها بس كفاني أني عرفت أن شوق و سلطان راحوا المستشفى ذاك اليوم يزوروا الدكتورة قمر أهم ما في الموضوع بالنسبة لي هو أن سلطان طلع من سجن البيت أخيرا ... و شوي شوي صار يروح بعض المشاوير ... بس طبعا الشركة مو من ضمنها ! أحواله على ما يبدو أنها تحسنت و الحمد لله ... أزمة و قريب تعدي ... كانت بنته الله يرحمها تعني له أكثر من أي شي ثاني ... و إن شاء الله ربنا يعوضه ببنت غيرها ... مرت على آخر مرة شفته فيها يوم جانا البيت وقت الغدا فترة ... لكن أخباره كانت توصلني أول بأول ... أخباره ... أفعاله ... و تحركاته ... و حتى ... هداياه ! الهدية اللي جت ... طبعا ما كانت هدية ... كانت ( حلقة ) جديدة - الحلقة الـ ( 32 ) من مسلسل ( الفصوص الفضية ) و اللي بدأ عرضه من سنتين ! |
بصراحة سمحت لنفسي – و يا رب سامحني – إني أفتح العلبة دون إذن ... و أشوف اللي بداخلها ... الورقة هذه المرة كان مكتوب عليها (( الله يعطيك العافية )) احترت ... أقول لسلطان عنها ؟ و إلا أخليه في حاله ؟ نشوف راي شوق ! - هاتها ... أنا رح أعطيه إياها مثل ما توقعت ... ! بس سألت شوق : - كيف تتوقعي ردة فعله ؟ مو يمكن ... نفسيته تخترب ؟ احنا ما صدّقنا انه بدا يعتدل شوي ! - بالعكس ... أتوقع أنه يبتهج ... و يتطمن أن صحتها بخير ... الفصوص هذه كانت تخدره ! تاخذه لعالم ثاني ... تذكرون كيف كان يصير حاله ؟؟ أموت و أعرف بس ، هذه الإنسانة ليه تسوي كذا ؟؟؟ و الله المرأة بكبرها لغز ، و لا احنا بقادرين نعرف له حل احنا يا الرجال ! يعني لا حبت رجال تدوخه معها الستين دوخة ! مسكين سلطان ! آخرتها بينجن ... إلا هو مجنون أصلا من زمان .... لو تسوي شوق فيني كذا كان تابعتوا بقية الأحداث بالمستشفى صحيح بس بقسم المجانين ! أقول ... خلونا في المهم ! رحنا أنا و شوق لبيت سلطان ... كان جالس يشاهد التلفاز ... و ولده نواف هو اللي استقبلنا و دخلنا بالصالة ... سلم علينا و صافحنا بس وجهه ظل جامد ما فيه أي ابتسامة ... إش كثر وحشتني ابتسامته ! جلسنا ... و صرنا نطالع معه التلفاز ... كانت مباراة ... احنا اندمجنا مع المباراة أكثر منه ... كنا نعلق إذا صار شي و نواف متحمس و يصفر ... أو يهتف ... و هو ... سلطان ... يطالع كأنه يطالع شي جامد ... شي ما فيه حركة ... ما فيه روح ... و اكتشفت ... إنه في الواقع ما كان يطالع المباراة ... كان يطالع صورة لهبة معلقة فوق التلفاز مباشرة ... صورة بنته ... صورة جامدة ... ما فيها حركة ... و ما فيها روح ... بعد المبارة نواف قال : - يبه أنا باطلع مع أصحابي نتمشى شوي عند البحر ... سلطان كان متعقد من البحر من ذاك الحادث ... و ما كان يرضى أبد يجي معنا أي رحلة عند الشاطيء و قليل اللي يسمح لنواف يروحه ... مع ذلك ... ما اعترض ... و خلى نواف يروح دون تعليق .... لما صرت معه وحدنا ... و شوق مع بنت خالتها بدار ثانية ... حاولت أكلمه عن الشركة ... ودي بس تنفتح نفسه للشغل ... بس ما تجاوب معي ... الأول .... كان سلطان مهووس بالعمل .... كان مقضي عمره في الشركة و أمور الشركة ... كان ... حتى لا اجتمعنا في جلسة عائلية أو طلعنا سوى ... ما يتكلم الا عن الشغل و يوجع راسي ! ... أما الحين ... ؟؟؟ أنا متاكد أنه لو رد للعمل رح يتحسن كثير ، و ينشغل باله عن التفكير في هبه ... يا ليته يطاوعني ... شوي و جت شوق ... سأل لما شافها : - ليه ما جبتوا الأولاد معكم ؟ كأنه توه يكتشف أنهم مو معنا ! ردت شوق : -ما احنا مطولين ... بغينا نتطمن عليك و هذا احنا طالعين ... - تو الناس ؟ - جايين لكم مرة ثانية ... بس فيه شي .... ؟ و سكتت ... سلطان طالعها و الحين بينت عليه ملامح الإهتمام و القلق ... شوق ... فتحت شنطتها اللي كانت بإيدها ... و منها طلعت العلبة ... و ياليتكم تقدروا تشوفوا ... اللون الأحمر اللي تفجر في وجه سلطان أول ما طاحت عينه على العلبة ... كأنه إشارة مرور ! أخذ العلبة من يد شوق ... و مسكها بإيده فترة كأنه يبي يتأكد من حواسه ... و بعدين ... فتحها شوي شوي ... و أخذ نفس طويل .... الحين بس ... شفت ابتسامة سلطان اللي عنيتها بعد غياب شهور ... و شفت بريق البهجة يشع من عيونه ... سبحان الله ! صحيح ... !... إنها المرأة ! طالعت صوب صورة هبة المعلقة فوق التلفاز ... و ابتسمت ... سلطان .... أخيرا ... ردت له الروح .... ...................... طلبت مني قمر طلب غريب ! لما كنت معها بغرفتها أول يوم طلعت فيه من المستشفى ... عطتني فص فضي و طلبت مني أرسله إلى سلطان ! الطلب استنكرته بداخلي لكني ما قدرت أرده لها ... توها طالعة من المستشفى و عافيتها لسه ما اسردتها كاملة ... و بعد سلامتها كل شي يهون ... و أي شي يهون ... إذا ما خانتني ذاكرتي المزحومة بمعلومات الطب ... فاعتقد أن هذا الفص من مسبحة سلطان الفضية اللي قطعتها أنا بنفسي قبل سنين و سنين ... !! معقولة قمر بعدها محتفظة بالمسبحة ؟؟؟ لا ! يمكن هذا شي ثاني !! و بعدين ... وين بقية الفصوص ؟ وين السلسلة ! و ليه قمر تبي ترسل له الفص هذا ؟ و الله احترت ! بس ما لي إلا إني أنفذ رغبتها بدون أي سؤال ..... أرسلت الفص بعلبة صغيرة و معه ورقة مكتوب عليها (( الله يعطيك العافية )) ... وش رح يفهم منها سلطانوه ... ؟ الله أعلم ! بصراحة ، بعد الحالة اللي شفت بها الرجال يتقطع لحظة وفاة بنته ، بردت حرتي فيه ... أنا مو بشريرة و لا كنت أتمنى للبنت أي شر ، بس كان ودي أشوفه يتألم و يبكي بمرارة و ينكسر و يتحطم و يتهدم و ينهار ويتبعثر ... مثل ما سوي بحبيبتي قمر ... دعيت عليه ... و تمنيت أشوفه متقطع ... و القدر حقق لي الأمنية ... و شفا غليلي منه ... اعذروني ! و رغم أن موضوع هالفص الفضي ما طلع من راسي و تفكيري ، إلا أني ما فتحت سيرته و لا جبت له طاري قدامها بالرغم من أني كنت أزورها كل يوم تقريبا و أتطمن على صحتها ... الحمد لله صحتها تحسنت كثير ... و مع العلاج الطبيعي المكثف قدرت تستعيد قوتها و قدرتها على الحركة و الكلام شوي شوي ... فترة علاج قمر استغرقت شهور و شهور ... و بعد ما كانت تتردد على المستشفى كطبيبة ... صارت تجيه كمريضة ... محتاجة للعلاج ... الحمد لله على كل حال ... ! لما كانت بالمستشفى ، كان الدكتور هيثم يمر يسلم عليها من وقت لوقت ... و الله خوش رجّال ! لو أن قمر قبلت تتزوجه ، يمكن ... كانت أحداث قصتنا بتاخذ مجرى ثاني ! عرفت أن شوق كانت تزورقمر من وقت لوقت في البيت ... و الحمد لله أن الصدف ما جمعتنا ... أو بالأحرى ...أنا ما سمحت لها أنها تجمعنا ... ....................... " ابتعدي عنا " حالة أمي صارت أفضل بكثير ... ألحين تقدر تتكلم ... و تتحرك شبه طبيعي ... بس قوتها مو كاملة ... و تمشي مع المسند ... و تصعد الدرج بصعوبة ... و أنا جنبها ... كانت لها مواعيد كثيرة بالمستشفى ... و كنت أروح معها كل مرة ... و كل مرة يطمنا الأطباء أنها في تحسن ... كنا جالسين على الغداء ... أنا و أمي و جدي و جدتي ... أمي صارت تقدر تمسك الملعقة و تاكل بيدها ... كنا نتكلم عن حفيد العيلة الجديد المرتقب ( ولد أو بنت خالي ) اللي قرب وقت تشريفه ... كانت جدتي تمزح و تقول : -إذا جت بنت سميناها بدور و حجزناها لك يا بدر ! - جدتي ! مو كأني كبير عليها شوي ! أنا بالثانوية و هي لسه ما انولدت ! و بعدين يمكن يجي ولد ؟ وش رح تسمونه ؟ - وش رايك تختار له اسم أنت ؟ - بسام ! طلع اسم أبوي عفويا على لساني ... كنت أمزح ... أنا اللي ما أعرف أبوي و لا أعرف كيف كان ... ما أعرف عنه إلا اسمه و صورته ... بس لا شعوريا طلع اسم أبوي على لساني كأني أقول لازم نسميه بسام احياءا لذكرى أبوي الله يرحمه ... اعتقد أنها كلمة عادية ... ما أظن أن يصير لها أي تأثير من أي نوع على أي كان ... لكن ... أول شي صار ... الملعقة طاحت من يد أمي .... و بعدها ... صارت يدها ترتجف ... و بثانيتين ... انتقلت الرعشة لكل جسمها و صارت تنتفض و عينها فرّت فوق ... و عضلاتها كلها انشدت ... في أول نوبة تشنج تصير لها ... صرخنا كلنا .... و جينا نمسكها و جسمها كله متشنج ... كله يهتز ... كله متصلب ... صرخت : - يمه ... يمه ... يمـــــــــــــــــــه .... في الإسعاف ... عطوها حقنة مضادة للتشنج ... و فورا قرر الطبيب أنه ينومها بالمستشفى ...... - دكتور وش اللي صار بأمي ؟ سألته و أنا مهلوع مفزوع ما فيني قوة أوقف على رجلي ... جاوبني : - هذا تشنج ... - وش يعني ؟ - يعني ... مثل اللي يصيب مرضى الصرع .... تنومت أمي بالمستشفى ... و ردوا سووا لها فحوصات و تحاليل و تصوير أشعة من جديد .................... ... التشنجات العصبية العضلية هي شي متوقع يصير في حالات كثيرة من أمراض أوجراحات الدماغ . و كنت خايفة أن قمر تجيها لا قدر الله هذه المضاعفات ... و اللي خفت منه صار .... التشنجات تكررت عليها مرة ثانية بالمستشفى و بديناها على علاجات جديدة مضادة للتشنج تخطيط الدماغ و الأشعة المقطعية للراس بينت بؤرة التشنج عند منطقة النزيف و حولها كتلة من الدم المتجمد . و احترنا ... هل نكتفي بالأدوية و إلا نسوي جراحة ثانية ؟ قررنا نعطي الأدوية فرصة كم يوم و نشوف ... |
في اليوم الثاني جيت لعندها و هي بغرفة العناية المركزة مو عارفة إش أقول لها ؟؟ تصبري ؟ الحمد لله أنت أحسن ؟ صحتك أفضل ... ؟؟؟ و أنا أشوفها قدامي من تدهور إلى تدهور ثاني .... ؟؟ لكن ... الحمد لله على كل حال ... قمر كانت صاحية و بكامل وعيها ... و بنفس قدرتها الحركية ما تأثرت ... كانت سرحانة تطالع صوب النافذة ... - أم بدر فإيش سرحانة يا ترى ! أكيد تفكر بالولد المدلل ! قلت بأسلوب مرح و أنا متوجسة من ردة الفعل ، بس أشوى ... ابتسمت لي ابتسامة خفيفة ... - كيفك اليوم ؟ سألتها و أنا أمد يدي صوبها أبي أصافحها و أشجعها على الكلام و في الواقع ودي أتأكد من قدرتها على الحركة الكلام صافحتني و قالت : - الحمد لله ارتحت ... و تأكدت من أنها بخير رغم كل شي - وش شاغل بالك ؟ بدر ؟ سألتها ، و ردت علي : - بدر ... ودي أتصل به ... أطمنه علي و أتطمن عليه .... و طالعت صوب النافذة ... و اكتشفت أنها كانت تطالع في الهاتف اللي جنب النافذة ... لحظة دخولي الغرفة ... كان هاتفي الجوال معي بس ممنوع استخدمه داخل غرفة العناية المركزة ... قمت و رحت لعند الهاتف و اتصلت ببيت أبو ثامر و طمنتهم على قمر ... و كلمت الولد و قلت له أن أمه ودها تكلمه بس ما تقدر تقوم عن السرير و الأجهزة موصلة بجسمها و على كل ... كلها كم ساعة و يجي وقت الزيارة ... و تشوفه و يشوفها و ترتاح قلوبهم .... و طلعت ( كذابة ) ... لما جاها التشنج قبل هالكم ساعة ... و اضطر الطبيب يعطيها جرعة عالية من دواء التشنج ... خلاها تدخل في نوم طويل و عميق ... أذكر نظرة بدر لي و هو يطالع أمه و يشوفها غايبة عن الوعي تماما ... و أنا اللي قلت له الصباح أنها بخير و دها تتلكلم معه ... الولد كان يبكي بمرارة و بحرارة ... و أنا ما قدرت أقول أي كلمة زود ... طلعت من الغرفة و خليته معها ... و برى الغرفة قابلت بقية أهلها ... و أول ما سألوني عنها قلت : - اسألوا الطبيب اللي يعالجها أفضل و استأذنت و مشيت عنهم ... ................................. أني كنت أسأل عنها باستمرار عرفت آخر أخبار قمر ... و أنها بالمستشفى منومة .... سلطان بعد كان يسألني عنها من وقت لوقت ... بالتالي عرف مني أنها بالمستشفى أخوي طبعا كان بالكاد توه بدأ يلتقط أنفاسه بعد رحيل الغالية ... قبل عشر شهور ... الشركة للحين ما رد لها بس صار يناقش بعض أمورها مع ياسر أخيرا ... لما قلت له أن قمر بالمستشفى تضايق ... أصر أن إحنا نزورها هي كانت بالعناية المركزة و قانون المستشفى ما يسمح لأكثر من شخص واحد يدخل يزور المريض في الوقت الواحد ... و لا يسمح أن الزاير يظل بالغرفة أكثر من دقيقتين . و في الغرفة ، كل سرير يكون مستور بستار حواليه ... و الممرضة غالبا ما تكون جالسة جنب السرير تراقب ... كنت خايفة أن أهلها يكونون موجودين ... و يشوفونا ... ما هي عدلة أن أخوي يجي يزورها ... و أنا أدري أنها مو عدلة ... بس وش أسوي في أخوي ... ؟؟ أنا بعد هالأخو ما لي غيره ... و أبي أسوي أي شي يرضيه أو يسعده ... المهم أنه يرجع مثل أول ... الحمد لله ما كان أحد منهم موجود ... الظاهر جوا و راحوا ... دخلت عليها ... سلمت عليها و صافحتها ... ردت علي السلام و ابتسمت لي ... - ما تشوفين شر ... الله يقومك بالسلامة قريب يا رب ... - الله يسلمك ... تكلمت معها شوي ... و بعدها قلت و أنا متخوفة : - بو نواف وده يسلم عليك ... و بسرعة ارتفعت نبضات قلبها و طالعت بمؤشر النبض .... و شفت كيف اضطرب ... و رديت أطالع بها ... أكيد ... مو راضية ... من بين أنفاسها اللي شهقت و تسابقت ... طلعت كلمة مرتجفة متخوفة : - طيب ... طيب ! يعني ما عندها مانع يسلم عليها ... ابتسمت ... و تركتها و جيت برى الغرفة و أخوي ينتظر ... قلت له : - تفضل ... وقفت عند الباب ... و أنا حاطة يدي على قلبي ... إن شاء الله ما يجي أحد من أهلها و نصير بموقف محرج ! و الحمد لله عدت على خير ... بعد ثواني ... طلع أخوي من الغرفة ... و شكله مرتاح ... ما أدري إش قال لها ... و بإيش ردت عليه ... ؟ رجعت لها مرة ثانية ودي أسلم عليها ... فتحت الستارة شوي و دخلت عندها ... مؤشر النبض كان ضارب سرعة ... و العرق يلمع على جبينها ... مسكت إيدها و شجعتها و قلت ... - إن شاء الله تطلعي من هنا قريب ... بارجع أزورك مرة ثانية ... و الحمد لله في زيارتي الثانية كانوا نقلوها إلى القسم العادي ... برى غرفة العناية المشؤومة ... و احنا رادين بطريقنا في السيارة ، أخوي شغّل اغنية ( أهواك ) لعبد الحليم حافظ ! و طلع مسبحته الفضية و يلاعبها في إيده و هو مبسوط ! أنا كنت جالسة على الكرسي اللي جنبه و أراقبه في كل حركاته ... دون ما يدري ، و صرت أعد الفصوص و هو يحركها ... كان ناقصها واحد ! - بانزل معك بيتكم شوق ... قال أخوي و احنا نقترب من البيت ، رديت : - حياك الله أخوي ... دخلنا البيت و لقينا الأولاد يلعبوا ... و أول ما شافهم سلطان ناداهم و سلم عليهم و حصنهم ، و شال الصغير على كتفه و صار يلاعبه و يقبله بحراره ... و ولدي مبسوط أن خاله أخيرا رد يلاعبه مثل أول ... و هو ما يدرك ... انه خاله قاعد يتخيل بنته فيه و يعبر عن الأحاسيس اللي فقدها من يوم ما توفت ... ياسر شافنا عند الباب و جا يسلّم : - هلا بو نوّاف ! حياك الله تفضل ... - الله يحييك . وحشوني الأولاد قلت أجي أشوفهم . - الاولاد بس ؟ و أبو الأولاد ؟ ما له رب ؟ ضحكنا لحظتها بسعادة ... سعادة بسيطة ما كنا عشناها من وفاة الغالية ... بس ما لحقت تعيش ... يوم جا سلطان يبي تنزّل ولدي من على كتفه الولد تعلق به أكثر ، مو مصدّق خبر ... ياسر ابتسم و جا يبي ياخذه بس هو مو راضي .... - الولد طالع يحبك أكثر مني يا سلطان ! وش رايك تجيب له بنت و تزوجه إياها و نتخلص منه ؟ طبعا ياسر قالها بمزحة ، و مزحة عادية جدا ... بس سلطان طاحت عليه كأنها صخرة كسرت قطعة السعادة الزجاجية اللي كانت عليه ... و نزّل الولد على الأرض ... و قال : -يالله ... أنا ماشي ... بعد ما طلع أخوي سلطان تهاوشت مع ياسر ... يعني لازم يجيب طاري بنت قدّام سلطان ؟ أنا ما صدقت أنه أخيرا ابتسم و بدا يتغيّر ... بعدين ... اتصل علي أخوي و قال لي : - ( لا بغيت ِ تزوري قمرة قولي لي ) ها الشي خلاني أحس ... أنه سلطان قاعد يحاول ينسى حزن بنته بأنه يشغل تفكيره بقمر ... و الفكرة ... ما عجبتني أبدا ... |
بعد كم يوم ، رحت أنا و أخوي نزور قمر في القسم العادي ... تعمدنا نجي قبل موعد الزيارة بربع ساعة و سمحوا لنا تجاوزا ندخل الجناح . قمر كانت بحالة مستقرة و ابتهجت لما شافتني ... و شكلها توقعت أن سلطان جاي معي ... ! أو يمكن هو اللي قال لها إنه رح يجي ... لما زارها المرة اللي فاتت ؟؟ عدلت وضع الحاجز جنب السرير ... لأن أخوي قال أنه يبي يدخل الغرفة ... حتى و هي مريضة و تعبانه ... البريق اللي ظهر بعيونها كان واضح ... كانت فرحانة ... لو تبوا تعبير أدق ... يوم دخل أخوي ... سلم ... و ردت قمر السلام ... - كيف الأحوال اليوم ؟ إن شاء الله أفضل ؟ - الحمد لله ... - الله يقومكم بالسلامة قريب إن شاء الله - الله يسلمك ... أنا كنت جالسة عند قمر ... و أشوف إيدها و هي تلعب بطرف الشرشف بتوتر ... أما أخوي ما كنت أقدر أشوفه من ورا الحاجز ... حل صمت للحظة ... و ظنيت أخوي طلع مع أني ما سمعت خطواته ... و رفعت قمر عينها لي – و كانت قبل متبعثرة بكل مكان – كأنها تسألني : راح ؟ وقفت ... و مشيت خطوتين أبي أشوف ورا الحاجز ... و وقفت فجأة لما جا صوت أخوي مرة ثانية ... - قمرة ... ارتبكت قمر ... و لا ردت ... و طالعت بأخوي اللي صرت أقدر أشوفه من مكاني – و هو بعد مرتبك يمسح العرق بمنديله ... بس ما طالعني ... - تتزوجيني ؟ أظن ... أن الكلمة طلعت من لسان أخوي ؟؟ لأن الصوت كان صوت رجالي ... و بالغرفة ما فيه رجال غير أخوي ؟؟ مديت راسي أكثر أطالع أخوي من ورا الحاجز ... أتأكد ... هذا أخوي ؟ هو اللي تكلم ؟؟؟ و بعدها طالعت صوب قمر ... ما أدري من فينا كانت مذهولة اكثر من الثانية ؟ كانت قمر تطالع فيني بعيون مفتوحة على حدها ... و جسمها كله متجمد ... للحظة خفت تكون متشنجة و أنا مو دارية ؟ نفس السؤال كان طالع من عيونها بقوة : هذا سلطان ؟ هذا هو اللي تكلم ؟؟؟ رديت أطالع بسلطان و أنا شبه واعية للي أسمع ... و هو ... أضاف : - أول ما تطلعي من المستشفى بالسلامة بامركم البيت ... و بعدها حل صمت الذهول ... لين قال أخيرا : - ما تشوفي شر ... مع السلامة و شفته يروح ... و سمعت خطواته تبتعد ... و طلع من الغرفة .... أنا .. و قمر ... و جملة أخوي ... تدوي بالغرفة ... ما وحدة فينا عرفت إإش تقول ... ؟؟؟ .......................... جاي أزور أمي بالمستشفى و جايب معي باقة ورد و علبة شوكولا ... و أنا إذا جيت أبي أزورها لازم أجي أول واحد و أطلع آخر واحد ... وقت الزيارة يبدأ من 4 و إلى 7 المساء ... و جديني يجوا بعدين عادة ... و أنا حامل الورد بيد و علبة الشيكولا باليد الثانية ... و شفت الباب مفتوح ... و بثانية ... شفت رجال يطلع من الغرفة ! وقفت مذهول ... و وفق هو بعد مذهول ... كل واحد يطالع بالثاني ... بدأ هو يتنحنح شوي ... و قال بصوت مخفوت : - السلام عليكم ... كيف حالك يا بدر ؟ أنا حتى السلام ما رديته في البداية ... وش جاب بو نواف لعند غرفة أمي ؟؟ بو نواف التفتت صوب فتحة الباب و نادى : - يالله شوق و شوي و جت مرة و طلعت من الغرفة ... و هي بعد شكلها تفاجأت لما شافتني ... و سلمت ... أنا أخيرا رديت السلام ... و أنا مستغرب و مستنكر ... و أنقل بصري من بو نواف إلى الباب ... بو نواف قطع على نظرات التشكك و قال : - بو ثامر موجود بالبيت هالوقت ؟ جاوبته بتساؤل : - نعم ... ؟ التفت صوب المره اللي معه ... و قال : - يالله . و رد سلم علي ... و راحوا .... وقفت عند الباب أراقبهم لين اختفوا في وحدة من اللفات ... بو نواف و المره اللي معه ... وش كانوا يسوون عند أمي ....؟؟؟ دخلت على أمي ... و لقيت الحاجز محطوط بالعرض ... لا أقدر أشوفها و لا تقدر تشوفني ... ناديت : - يمه ؟ ما وصلني رد ... قربت من الحاجز أكثر و ناديت مرة ثانية : - يمه ؟؟ - هلا بدر ... جا صوتها مبحوح و مرتبك ... مو طبيعي ... سألت : -أجي ؟ - تعال حبيبي ... تخطيت الحاجز و جيت لعندها و الورد و العلبة لسه بإيدي ... أمي ابتسمت لي و مدت يدها ... حطيت العلبة على الطاولة و الباقة جنبها على السرير و جلست جنبها و إيدي بإيدها ... - كيفك يمه اليوم ؟ أفضل مو صح ؟ ابتسمت لي و مدت يدها الثانية و أخذتني بحضنها ... حضن أمي هو أجمل مكان أحب أكون فيه ... مع ذلك ... رفعت راسي بعد شوي أطالع فيها ... و عيني تسأل : ( بو نواف وش كان يسوي هنا ؟؟؟ ) بس أمي ما قالت شي ... يمكن ما شكت إني شفته ؟ خصوصا ... و أنا ظليت واقف فترة عند الباب بعد ما طلعوا أراقبهم لين اختفوا ... أقدر أحس إنه في الموضوع شي ... أمي مو مثل عادتها ... جدي و جدتي تأخروا و جو مع خالي و زوجته بعد أكثر من ساعة ... الكل كان تصرفه طبيعي ... بس أنا مو مرتاح ... و لما ردينا البيت ... و بعد صلاة العشاء ... جيت لعند جدي و قلت له : - فيه أحد سأل عليك اليوم ؟ - أحد ... مثل من ؟ - مثل ... أبو نواف ... سلطان ؟ ................. في نفس الساعة اللي طلعنا فيها من المستشفى بعد زيارة قمر ... أخوي راح بيت بو ثامر و طلب يد قمر ... مرة ثانية ... ! أنا كل شي عندي ملخبط ... فلا أحد يسألني وش صار و كيف صار و ليه صار ... اتصل علي بعد ما رجع من عندهم و قال لي أنه خطبها من أبوها مرة ثانية ... موقفنا كان مرة محرج قدام بدر ... و هو يطالع فينا باستنكار عند باب غرفة أمه ... اللي خلى أخوي يختصر الوقت و الحرج و يروح لبو ثامر على طول ... ما عندي أي فكرة .. عن كيف كانت ردة فعلهم و كيف تفاجأوا أو إش قالوا عن أخوي ... و أنا ... ما رح أعلق ... و ما رح أقول أي شي .... بعدها ... ما جتني جرأة أرد أزور قمر ... و لا حتى أتصل اسأل عنها ... بس ظليت أتابع أخبارها من بعيد ... و جا أخوي يضغط علي إني أزورها و أعرف رايها ... و أنا ما رضيت ... ................ بلغتني قمر بشي عجيب لما كنت عندها في الصباح .... قالت ... أن سلطان رد عرض عليها الزواج أمس ... و أن أمها اتصلت عليها قبل شوي و قالت لها ... أنه جا و كلم أبوها أمس العصر ... - قمر ! معقول ؟ مو مصدقة ... و لا أعرف إش أقول ؟؟ قلت و أنا مذهولة ... و كانت قمر تراقب كل نظراتي كأنها خايفة أستنكر أو أصرخ عليها ... أو أبدي أي إشارة تدل على اعتراضي ... قلت منفعلة و بصوت عالي : - ما هو عرض عليك الزواج بالسنة الماضية ... و ما صار نصيب ... ليش ... ليش .... و قطعت كلامي ... شفت قمر ... و حالتها الصعبة ... و التوتر ... و الصراع ... و كل المشاعر المضطربة و المتعارضة اللي تحوم حواليها ... و الدمعة ترفرف بعينها شوي و تسيل ... قلت ... بلهجة أقرب للحنان و التعاطف ... - أنت ِ ... وش رايك ... ؟ قمر غمضت عينها ... باستسلام لكل ذي المشاعر .... و ردت فتحتها و قالت : - أكيد هو يحبني ؟ مو صح سلمى ؟ و إلا ليه يطلب يتزوجني مرة ثانية ...؟ يحبني مو صح ؟ و انفجرت عينها دموع مريرة و غزيرة ... كلها ألم ... كلها حيرة ... كلها عذاب و حرقة ... حضنتها بقوة و لطف في نفس الوقت ... من 15 سنة و أكثر ... و هي بس تبي تتطمن إلى أن قلب سلطان يحبها ... حتى لو ابتعد عنها ... تبي بس تحس أنه يحبها ... و أن مشاعرها صوبه ما كانت ضايعة هذر ... رفعت راسها تبي كلمة مني تشجعها أو تطمنها ... و هي تسأل : - تعتقدي إنه يحبني سلمى ؟ مو عرضه يعني أنه يحبني ؟ شوق تقول أنه يحبني ... يحبني مو صح يا سلمى ؟ رديت أواسيها ... - يمكن ... الظاهر كذا .. بس .... أنت ... ؟ طالعت فيني بنظرة قوية ... و قالت ...كأنها تطلع شي مكبوت بصدرها من سنين ... - أنا ؟ تسألين يا سلمى ... ؟ أنا ... ما قدرت أنساه ... غضبا علي أحبه مو بيدي ... لو يدري ... لو يحس فيني ... إذا صابه شي أنا أنتهي ... من ماتت بنته و أنا مت معها ... لو أقدر أعوضه عنها بأي شي ... بكل شي ... بكل عمري يا سلمى ... بكل عمري ... تفهنيني ؟ ... تفهموني ...؟ أحد يفهمني ...؟ |
هذه المرة ... أنا لعبت دور أكبر ... في القضية ... تكلمت مع أم ثامر ... و قلت لها أن قمر قابلة تتزوج سلطان ... و أنها تتمناه ... لكنها خايفة من كل شي ... من كل الناس حواليها و مواقفهم منها ... خايفة من بدر و عليه ... خايفة من أهلها ... و خايفة من منال ... أكثر من 15 سنة من العذاب ... أظن ... في الأخير ... من حقها تتهنى و تعيش مع اللي تحبه ... و ما لأي أحد ... أي حق في أنه يعترض .... و في الواقع أمها و أبوها و حتى أخوها ... ما كان أحد منهم معترض ... رغم كل شي ... لأنهم كلهم عارفين بالوضع ... و خايفين على قمر و صحتها ... و ما شافوا فيه سبب قوي يمنع هذا الزواج ... أما بدر ... و اللي كان أكبر مخاوفها ... و السبب في رفضها الزواج من سلطان العام الماضي .... فتركته على جدته ... تقنعه .... و اللي صار ... إنه قبل بالأخير ... يعني الحين كل الأشخاص المعنيين راضين بهذا الزواج .... إلا طبعا ... و بالتأكيد ... زوجته الأولى .... منال ... أما الشخص الغير معني ... و اللي وقف معترض على هذا الزواج بشدة ... كان ... أم يسام ! أبو ثامر كان يعز عمته أم بسام و يحترم رايها ... و كان بدر يحب جدته أم أبوه و متعلق بها كثير ... كانت تقول : ( خلها تتزوج أي واحد إلا ذا ) و كانت تبي تأثر على بدر ... و تقول له أن أبوه بسام غرق لأن قمر ما ساعدته و ساعدت سلطان ... بالتالي هو أخذ عمر بسام ... و بعد يبي ياخذ زوجته ؟ منطق غريب و متحجر ... بس اشوى ... ما قدرت تغير راي بو ثامر أو بدر ... خصوصا بعد ما أنا قلت لهم أن أي احباط نفسي يصيب قمر ممكن يسبب لها تدهور شديد ... و يفجّر لها شريان جديد بالراس...! بسم الله عليها إن شاء الله ما يصير ... بس كان لازم أخوّفهم شوي عشان يقتنعوا ! قمر كانت لسه بالمستشفى و الطبيب المشرف على علاجها ما وده يطلعها إلا بعد ما يعيد بعض الفحوصات ... و يشوف مدى استجابتها للعلاج ... ...................... هذه الهوشة صارت قدام عيوني في بيت أخوي ... طبعا ... منال من عرفت اللي صار أعصابها انفلتت ... اتصلت علي و هي منهارة ... و جيت أحاول أهدي فيها ... كانت تبكي و تقول إنه سلطان هاملنها من شهور ... و الحين يجي يخطب وحدة ثانية ؟ بصراحة الحق معها ... سلطان .. و لا ألومه ... من أول مرض هبه الله يرحمها و إلى الآن فقد نصف عقله ... و صار يسوي شغلات ... متهورة و جنونية ... و احنا نتكلم جا سلطان ... و لما شاف منال تبكي قال : -ردينا ؟ يكفي يا أم نواف ما فيه داعي للدموع ... منال بس سمعت صوته هاجت و ثارت ... تعبر عن غضبها بأقوى ما أمكنها ... - تفكر بالزواج و بنتك ما مرت سنة على موتها ؟ أي أب أنت ؟ الكلمة ذي هيجت سلطان أكثر ... و قال بصراخ : - ما أحد له أي حق يقول أي كلمة عني و عن بنتي ... و أنت أكثر وحدة عارفة إش كانت تعني لي و إش اللي فقدته من يوم فقدتها ... قالها أخوي بمرارة ... و هو يحاول يبعد ذكراها عن باله ... البنت ماتت لكن أخوي عايش و من حقه أنه يعيش ... من حقه يمحي ذكرى الألم ... بفكرة زواج كان يتمناه من سنين ... بس هالمرة سلطان يبي يتزوج قمر عشان ينشغل بها عن ذكرى هبه ... منال صاحت : - و أنا يا سلطان ؟ و أنا ؟ - أنت أنت ... ما شي تغير ... - ابعدها عن تفكيرك يا سلطان أحسن لك ... طلعها من حياتنا نهائيا خلاص ... - يكفي يا منال ... - سلطان ... إذا بتتزوج وحدة ثانية ترجعني بيت أهلي .... كانت القنبلة اللي ما تمنيت أسمعها يوم من الأيام ... مسكت يد منال و صحت : -لا ... لا يا منال لا تقولي مثل هالكلام الله يهديك ... - الدنيا مليانة رجال ... ما لقت إلا زوجي أنا تسرقه مني ؟ ما يكفي إني فقدت بنتي قبل كم شهر ... بعد أفقد زوجي ... ؟ حرام عليك يا سلطان ... أنا وش ذنبي ؟؟ و الله لو تسويها أطلع من بيتك و لا أرده ... أنا تقطعت ... توزعت أوصالي بكل مكان ... ما عدت عارفة أوقف مع من ... و إلا ضد من ... ؟ بيت أخوي شوي و يخترب ... تبوني أوقف ساكتة كذا ؟ لا ... لازم أروح لقمر ... و أقول لها : لا توافقي على الزواج ... الله يرحم والديك ... " لا تموتـــــــــي !!! " عرفت سبب زيارة بو نواف لأمي ذاك اليوم بالمستشفى ! في نفس اليوم زارنا البيت و خطبها من جدي . أنا تعجبت ! مع أنه الموضوع انعرض و انتهى السة الماضية ، بس ما أدري ليه جانا مرة ثانية ؟ و أمي بعدها مريضة و صحتها ما استقرت ! سألت جدّتي : ( ليه جا مرة ثانية ! السنة الماضية أمي ردته ! ما تبيه ) و ردت جدتي : ( أمك تبيه . و هو بعد يبيها . الله يسعدهم و يوفقهم ) لما عرفت جدتي أم أبوي الله يرحمه و عميني ماجد و رائد اعترضوا كثير ... أنا بصراحة ما كنت أبي تتزوج أي أحد لأني ما أبيها تنشغل عني ! بس الدكتورة سلمى قالت لي أن أمي موافقة و إذا سببنا لها أي مشكلة نفسيتها رح تنهار و صحتها تتدهور ... أنا كنت السبب اللي خلاها تمرض لذي الدرجة ... ما أعرف إش يعني لها هذا الـ بو نواف ، بس ذاك اليوم لما شفتها تدوّر على ذيك الفصوص مثل المجنونة حسيت أن الموضوع أكبر من اللي أتصور واحد من الفصوص علقته بسلسلة على رقبتها من ذاك اليوم و لا عاد شالته ! ودي أعرف وش قصتهم بس أخاف أسألها و تنزعج ... جدي و جدتي و خالي ... كلهم وافقوا على طلب بو نواف ... يعني لا قامت أمي بالسلامة رح تتزوج و تروح مع زوجها و تتركني ! هذا أكثر شي مضايقني ... بس ... ما لي شغل ... أباشترط عليهم إني أظل مع أمي وين ما تروح ! الإتفاق كان أنه أول ما تطلع أمي من المستشفى بالسلامة رح يجي بو نوّاف بيتنا و يتفق مع جدّي على كل شي ، و أنا رح أقول لأمي أنها تشترط في عقد الزواج إني أظل عايش معها لين أتزوج ! ................... قابلتني قمر بابتسامة حلوة و خجلة ... كانت المرة الأولى اللي نلتقي فيها بعد ذاك اليوم ... لما عرض أخوي سلطان عليها الزواج .... - ما شاء الله شكلك اليوم أحسن ؟ - الحمد لله ... تحسنت بس الطبيب يبيني أظل لين نعيد الفحوصات مرة وحدة ... و إلا كان رجعت البيت ! - إن شاء الله ترجعي بالسلامة - الله يسلمك ... |
و توقفنا عن الكلام ... أظن ... إن قمر متوقعة مني أسألها عن رايها بعرض أخوي ...و أن هذا السبب في زيارتي لها اليوم ... شفت تورد خفيف على خدها ... و توتر على أطراف أصابعها ... أما نظراتها ... تخبّت تحت الأرض ! صرت أتأملها ... و أشوف تعابيرها ... و أراقب تحركاتها ... و هي تلقائيا و لا شعوريا رفعت يدها اليسرى لعند صدرها و مسكت سلسلة كانت متدلية من عنقها و صارت تقلبها بأصابعها بتوتر ... و لمحت فص فضي ... واحد من فصوص سبحة سلطان ... معلق بالسلسلة .... ما تحملت ... كيف أقول لها : لا تتزوجي أخوي .... و أنا عارفة ... و أكثر العارفين أنها تحبه و تنتظر هذا اليوم من كنا في الجامعة ... ؟ و زواجهم ... متقرر أنه ينعقد أول ما تطلع من المستشفى بالسلامة ... ؟ كيف أصدمها بطلبي ؟ كيف أكون السبب في انهيار جديد رح يصيبها لو قلت لها ... ابعدي عن سلطان ... ؟ تحيرت ... ما قدرت اتحمل ... و غصبا عني بكيت .... قمر ... بس شافت بريق دموع بعيني فزعت ... و قالت بخوف : - فيه شي شوق ؟ هزيت راسي ( لا ) ردت سألت : - سلطان بخير ... ؟ رفعت عيني بعينها ... أكيد رح تسألين عن سلطان ... يا كثر تعلقك به ... كيف ما قدرتِ تنسينه بعد كل هذا العمر ... ؟ نفس النظرات اللي كنت أشوفها بعينها لما كنت أطري قدامها اسم أخوي بأي خبر يزعل ... أيام الجامعة .... - سلطان بخير شوق ؟ ردت سألت ... و صبرها نفذ ... و هي على أعصابها ... - بخير يا قمر لا تخافي ... ارتاحت شوي ... و ارتخت عضلاتها المقبوضة نوعا ما ... و قالت : - إيش فيه أجل ؟ نزلت راسي للأرض ... مو عارفة أداري أنه فيه شي ... ما أقدر أمثل أنه ما فيه شي ... و لا أقدر أقول ... ايش اللي فيه .... - شوق ... أقلقتيني .... ؟ قلت ... بعد تردد ... -منال .... كانت كلمة أكثر من كافية ... قمر تيبست بمكانها ... و أطراف أصابعها اللي كانت ترتعش قبل شوي ... تجمدت ... و نظرتها اللي كانت تبرق قبل شوي ... أظلمت .... و خدودها اللي كانت متوهجة قبل شوي ... انطفت ... مديت يدي ... و مسكت يدها و قرصني الندم ... أنا ليه كنت بها القسوة ؟ ليه مستكثرة على صديقة عمري ... لحظة سعادة ...؟ ليه قتلت البهجة اللي كانت عليها قبل ثواني ؟ ليه يا شوق ؟ ليه ؟ قمر سحبت يدها من يدي ... و استندت على مسند السرير ... و شاحت بوجهها للجهة الثانية .... - قمر ... ناديتها ، و ما ردت علي ... - قمر ... ناديتها مرة ثانية ... و قالت دونما تطالع فيني : - اتركيني وحدي ... - قمر ... أنا ... - اتركيني وحدي شوق .... وقفت ... و أنا كارهة نفسي ... بغيت أسلم عليها .... أصافحها .... بس هي ما مدت يدها صوبي لما مديت يدي صوبها ... و لا التفتت لي ... و لا ردت علي لما قلت : - مع السلامة .... مشيت شوي ... ببطء و أنا ودي أرجع أتكلم معها ... أبي أفهمها موقفي ... أنا ما عندي أي اعتراض على زواجها من أخوي بالعكس ... أنا أكثر وحدة تعرف إش كثر هي تحبه و هو يحبها ... لكن ... ... ... و أنا أفتح الباب في نفس اللحظة كان فيه شخص ثاني يفتحه من الطرف الثاني ... و انفتح الباب و بان الشخص .... كانت سلمى ... سلمى و أنا ما كنا على وفاق .... ما أذكر إني شفتها من وفاة بنت أخوي الغالية الله يرحمها ... و لا كان ودي أشوفها لأن الجو بينا مشحون من سنين ... سلمى اضطرت تسلم علي – و لو من غير نفس – كأني المسؤولة عن كل اللي صار لقمر ... أنا رديت السلام ، و سألتها عن أحوالها و أحوال العمل و البيت ، من باب الأدب الاجتماعي لا أكثر .... و بعدها ... استأذنت و طلعت من الغرفة .................. |
من زمان و أنا كنت أتمنى أي شي إلا إني أصادف شوق مرة من المرات ... و انقهرت كثير لما شفتها طالعة من غرفة قمر .... بصراحة ... ما عدت أرتاح لشوفتها .... سلمنا على بعض ببرود ... و استأذنت و راحت ... و دخلت أنا الغرفة أزور صديقتي الحبيبة و العروس الموعودة قمر ... و أشوف إيش آخر أخبار الزواج المنتظر !؟ جيت بابتسامة حلوة ... الابتسامة اللي تحبها قمر و تقول عنها ( ساحرة ) ! تذكرون ؟ المهم ... ابتسامتي الساحرة ذي تحطمت تبخرت في الهواء لما شفت دموع قمر تسيل على خدها الهزيل ... - قمر ؟؟؟ خير .... ؟؟؟ قمر ما ردت علي ... مسكت إيدها و أنا مفزوعة عليها و كررت سؤالي بقلق : - قمر ؟ إش صار ؟ علميني ؟؟ و بعد ظلت ساكتة ما يتحرك فيها إلا الدموع ... آخر مرة تركتها ... كانت وردة بادية تتفتح على الحياة ... توه ... توه اللون الوردي بدأ يرجع لخدينها بعد هجرة شهور .... توها الابتسامة بدت تداعب شفايفها بعد مخاصمة طويلة .... تو البريق صار يشع من عينها عقب مقاطعة مومنة ... إيش صار لقمر ... ؟؟ أكيد شوق قالت لها شي متعس ... - شوق قالت لك أي شي ؟ سألتها بقهر ... الجواب ما كان من لسانها بس كان من نبضات قلبها اللي تسارعت ... و أنا أحس بها و يدها في يدي ... - يعني شوق قالت لك شي مزعج ؟ أكيد عن سلطان ؟ إش قالت لك يا قمر ... قمر هاللحظة سحبت إيدها و غطت وجهها بها تداري دموعها و بكت بحرقة ... ما تحملت ... ثارت أعصابي ... فلتت من سيطرتي ... و قمت و أنا ( متأبطة شرا ) و طلعت من الغرفة بسرعة أبي ألحق شوق قبل ما تختفي ... الحظ أو يمكن سوء الحظ ... حالفني ... و شفتها بالممر ... كانت قريبة ... ناديتها ... - دكتورة شوق ... شوق التفتت لي ... و شفت الاستغراب على وجهها ... و قلت لها : - ممكن تجي لحظة ... حسيت التردد في حركتها بس ناظرها بنظرة تهديد و توعيد ... و جت لعند الباب و مسكت إيدها و خليتها تدخل الغرفة و صكيت الباب ... صرخت ... و أنا مستسلمة لموجة الغضب : -ممكن أعرف أنت إيش قلت لقمر ؟ ؟ شوق طالعت فيني ببراءة مفتعلة ... و طالعت في قمر ... و اللي مسحت دموعها و انتبهت فجأة للهوشة المرتقبة ! كررت سؤالي بحدة : - ممكن أعرف إش قلت لها ؟ - و لا شي ... مسكت يدها بعنف و هزيتها .... - إلا قلت لها شي و خليتها تنهار مرة ثانية ... حرام عليكم اللي جالسين تسوونه فيها أنت و أخوك المنحوس ... و الله أنه ما يستاهل شعرة منها بس حكم القلب ... -سلمى !!! صرخت فيني شوق و هي مندهشة و مصدومة و مستاءة و تحاول تسحب إيدها من إيدي .... - إيش قلت لها يا شوق ؟ أخوك غير رايه و طلع مثل العيال ؟؟ شدت إيدها بقوة و صرخت بي : - ما اسمح لك ... انتبهي لكلامك يا سلمى و لا تتجاوزي حدودك .... - و الله ... لو هذا الزواج ما تم ... و صار شي بقمر ... و الله لتشوفوا مني شي عمركم ما شفتوا مثله أنت و أخوك اللعين ... - يكفي .... كانت هذه صرخة جاية من قمر .... شوق بعد ما فلتت أعصابها قالت : - يتم الزواج و بيت منال ينخرب ؟ منال تهدده بأنها بترجع لأهلها لو هو تزوج قمر ... يرضي من هذا ؟ - يكفي خلاص يكفي ... و هذه بعد كانت صرخة ثانية من قمر ... و اللي انشغلنا عن صرخاتها بهوشتنا أنا و شوق .... أنا صرخت أتابع الهوشة بكل انفعال : - و اللي قاعد يصير لقمر ... يرضي من ...؟؟ ... حرام عليكم حطمتوا المره ذبحتوها قضيتوا عليها الله يقضي عليكم كلكم يارب ... كنت أصرخ ... بكل حرة ... بكل حرقة في قلبي على صديقة عمري المنكوبة ... بكل آلام الماضي و آلام الحاضر ... بكل اللحظات اللي كنت أشوفها فيها تتحطم و تتعذب من كانت بنت بالجامعة و إلى اليوم ... عشت معها مأساتها و عذاباتها كلها ... ما عرفت للسعادة طعم و سلطانوه هو السبب ... يا ليته كان غرق في البحر بدل بسام يا ليت ... يا ليته مات بدل بنته ... يا ليته انشل بدل قمر ... يا ليت ربي يقضي عليه و نرتاح منه ... -يا ليت ربي يقضي عليه و نرتاح منه ... طلع تفكيري بصوت عالي مع ثورة انفعالي ... قلتها بأعلى صوتي من الحرة اللي بقلبي و الحرقة و الحسرة على صديقتي ... ما حسيت لنفسي و أنا أقولها ... و لا اكتشفت أني قلتها إلا بعد ما جت الصرخة الثالثة من قمر .... و اللي بعدها ... دخلت في نوبة تشنج خطيرة ..... ...................... سلمى ... كانت واقفة قدامي تصرخ بوجهي و تدعي على أخوي أن ربي يقضي عليه .... أنا ... كنت أبي أصرخ بها أو حتى أصفعها على وجها بعد الكلام اللي قالته ... بس ما مداني أسوي شي ... لأن قمر فجأة صرخت - لاااااااااااااا صرختها كانت قوية و متواصلة و التفتنا صوبها ... و شفنا إيدها تهتز بعنف .... و رأسها يرتفع و يصلب ... و ظهرها ينشد بقوة ... و عينها ترف بسرعة .... أنا بس شفتها شهقت بقوة ... و وقفت بمكاني أرتجف من الخوف .... و سلمى راحت لها بسرعة و مسكتها و هي تصرخ : - قمر ... قمر ... و بسرعة ضغطت على زر الاستدعاء ... و جت الممرضة تركض ... و سلمى تصرخ - تشنجت ... تشنجت ... في ثوان ... وصل الطبيب المسؤول ... و اعطاها جرعة كبيرة من علاج التشنج ... و لا استجابت ... و كرر الجرعة مرة ثانية و ثالثة ... و عقبها نقلوا قمر بسرعة لغرفة العناية المركزة ..... الموقف ذا تكرر علي مرة من قبل ... لما تدهورت صحة بنت أخوي و نقلوها للعناية ... و لا رجعت منها .... و أنا أرتعد .... و ما أذكر أن رجلي تحركت بس شفت روحي معهم .. . بالعناية المركزة و الكل ملتم حول سرير قمر .... و سلمى حاطة يد على قلبها و اليد الثانية ماسكة بها يد قمر ... قمر ... بتموت .... ما أدري إيش سويت ؟ شفت أخوي سلطان قدام عيوني ... رميت نفسي بحضنه و أنا أصيح .... و أنا أصرخ ... -قمر بتموت يا سلطان ... قمر بتموت خلاص .... شديت عليه بقوة ... بقوة ... كأني أمسك روح قمر لا تطلع ... كنت أرتجف ... أحس بجسمي كله يتراقص بين ذراعين أخوي .... أخوي ... هل هذا أخوي ؟ اللي أنا بحضنه الحين ؟ من وين جا ؟ كيف جا ؟ أنا اللي اتصلت عليه و قلت له : ( قمر بتموت ) ... كأني أنا اللي اتصلت ... ؟ وين جوالي ؟ وين الشنطة اللي كانت بإيدي ؟ أنا من طلعني برى غرفة العناية المركزة ... ؟ أنا واقفة على الأرض ؟ و إلا طايرة بالهواء ؟ و الا أخوي شايلني ؟ ما أحس برجلي ... ما أحس بجسمي ... ما أحس بأي شي ... ما أدري عن أي شي ... ما أدري عن أي شي .... |
أنا ... صحيح بعيد عن الأحداث بس باقول لكم اللي صار حسب علمي – و الله أعلم .... كنت بالبيت و سلطان معي ، انتظر اتصال شوق عشان أجيها المستشفى ... لما تأخر اتصالها ، اتصلت بها اسأل وش أخرها ؟ اتصلت ... و ردت شوق بطريقة غريبة ... ما أدي كيف أوصفها لكم .... كنت أسمع أصوات كثير حوالينها ... أسمع صوت نسائي يقول - (( لو سمحت ِ الجوال ممنوع داخل غرفة العناية المركزة .... )) ناديتها و لا ردت علي ، خفت و قلت وش صاير .... رديت أسأل : -شوق تسمعيني ؟ أنت معاي ؟؟ و كل اللي قالته بصوت مرعوب مرتجف : - ( قمر بتموت ) ! بعد كذا انقطع كلامها ... و ظليت أسمع أصوات فوضوية من حواليها .... و أنادي و أنادي و لا يجيني رد .. و انقطع الأتصال ... اتصلت مرة ثانية و ثالثة ... الجهاز كان مقفل .... قمت مفزوع ... و سلطان كان معي ... سألني بقلق : - خير ياسر ؟؟؟ جاوبت بشرود و قلق أكثر ... - ما أدري سلطان ... فيه شي قاعد يصير لشوق بالمستشفى لازم أروح ... - وش قالت لك ؟ وش صار ؟ - ما ردت علي ... قالت : - ( قمر بتموت ! ) ! ! و في دقايق كنا أنا و سلطان عند غرفة العناية المركزة بالمستشفى .... اللي صار بعد كذا شي مزعج ... ما أحب أذكره ... الخلاصة ، أن الدكتورة قمر كانت في حالة خطيرة ... أهل قمر جوا بعدنا بشوي .... و شافونا متجمعين عند باب الغرفة ... لخبطة كثيرة صارت ... و سلطان كان مفزوع ... كان ماسك يد شوق و واقف على أعصابه عند طرف الباب شوي و يدخل عليهم ... كانوا يدخلون الغرفة واحد بعد الثاني ... و الولد – بدر – بعد ما دخل ما رضى يطلع التفت سلطان فجأة صوب ثامر و اللي كان ينتظر دوره عشان يدخل يشوف إخته و قال : - ودي أدخل أشوفها ... صياح ... صراخ ... ولولة ... ناس تدخل ... و ناس تطلع ... جا دكتور و دخل - بعدين عرفت أنه زميل الدكتورة في العمل - و سلطان فجأة جا يبي يدخل معه ... مسكت ذراعه و سحبته لبرّى ... -سلطان ؟؟ انهبلت ؟ - وش جابه هنا ذا ؟ قال سلطان بعصبية و أنا ماسك ذراعه مانعنه من الدخول ... و هو يمسك ذراع أي طبيب يطلع من الباب و يسأله عن قمر ... شوق كانت تدخل و تطلع كل شوي ... و كل ما طلعت مسكت بسلطان و ارتمت عليه منهارة في نوبة بكاء متواصلة ... و هي تصيح ... - ( لا تموتي يا قمر ) ..................... ظلت قمر فاقدة الوعي ساعات ... أنا كنت جنبها طول الوقت ... و بدر أول ما جا لصق بها و لا عاد تحرك من مكانه .... الطبيب كان يحاول يطلعنا عشان الفوضى اللي صارت بالغرفة بس ظليت أنا – بما أني طبيبة – و بدر ما رضا يتزحزح من مكانه ... نوبة التشنج استمرت قرب الـ 40 دقيقة ... رغم الأدوية اللي انعطت إياها قمر ... الحين التشنج راح ... و هي غايبة عن الوعي ... و مؤشرات النبض و الضغط و النفس تطمن بخير .... أنا السبب ... سمحت لنفسي أنفعل للدرجة اللي خليت فيها صديقة عمري على وشك الموت ... يارب ... قومها سالمة و ردها لنا بخير ... مو عشاني ... بس عشان ولدها اليتيم اللي ما له في الدنيا غيرها يا رب ... طول الوقت و أنا أدعي و كلنا ندعي أنها تقوم بالسلامة من النوبة ... و إن شاء الله بس تطيب نزوجها سلطان و تقر عينها ... حتى شوق كانت تقول : -)بس تقومي بالسلامة و اللي تبينه يصير ( ... قمر ... بس قومي بالسلامة ... و اللي تبينه يصير ... .:.:.:.:. الساعة 3 الفجر .... أنا و شوق ... اللي ظلينا مع قمر في غرفة العناية .... بعد ما أنجبر الباقيين أنهم يطلعوا مع بداية الليل ... لا أنا و لا شوق قدرنا نطلع من المستشفى هذا اليوم ... ما تكلمنا ... و لا حتى ناظرنا في بعض ... بس ظلينا جالسين كل وحدة على جانب من سرير قمر ... نراقب بسكون .... الساعة 3 الفجر ... أخيرا ... فتحت قمر عينها و فاقت من الغيبوبة ... جفنيها انفتحوا نصف انفتاحة .... و عينها تحركت حركة بسيطة يمين و شمال ... و ظلت بين الوعي و اللا وعي كم دقيقة .... قمر .... ناديتها ... أبي أشوف ... إذا تسمعني ؟ أذا تحس بوجودي ؟ إذا هي واعية و قادرة على الكلام و الحركة ... ما ردت ... و لا التفتت لي ... خفت ... بلعت ريقي و كتمت أنفاسي من الخوف ... يا رب ما يكون صار لها شي يا رب .... الأشعة ما بينت شي جديد ... نفس كتلة الدم المتجمع في نفس المنطقة مثل المرة اللي طافت ... و عشان كذا رح تنعاد لها اليوم و نشوف إذا صار أي تغير ... يحتاج أي عملية ؟؟ الحين بس ... رفعت عيني لشوق ... و نظراتي تقول لها بخوف : -( ليه ما جاوبتني ؟ كلميها يمكن ترد عليك ؟ ) شوق حاولت تنطق بس ما قدرت .... و سالت دموعها اللي كانت مسحتها قبل قليل ... مديت يدي و مسحت على راس قمر ... و رديت قلت : - قمر... تسمعيني ؟ و بعد ... ما ردت علي .... انفجرت الدموع بعيني ... يا ربي ... صديقتي وش صار بها ؟ يا رب أرجوك .... جلست أبكي ... أنا السبب ... أنا السبب ... شوق نطقت أخيرا ... و نادت قمر بصوت مبحوح مقطوع الرجاء يائس أشبه بأنه المحتضر ... - قمره .... الحين ... قمر لفت براسها صوب شوق ... شوق ... قالت : - قمره .... تسمعيني ؟ .... قمر طالعت بشوق لثواني ... و بعدها لفت عنها .... شوق قالت : - خلاص يا قمر ... أخوي عقد زواجكم البارحة يعني صار زوجك .... دققنا أنظارنا على قمر ... نبي نشوف وقع الخبر عليها .... قمر ظلت ساكنة ثواني ... و تالي لفت صوب شوق تطالع فيها ... يعني قمر واعية لنا و تسمع و تفهم اللي نقول .... ؟؟ شوق مسكت يد قمر ... و هزت راسها تأكيد .... قمر لفت علي الحين ... و أنا هزيت رأسي تأكيد بعد .... و ردت تطالع بشوق .... اللي قالت : - أصر يعقد البارح عشان يجي يزورك اليوم ... كلها ساعات و تشوفينه قدام عيونك ... أنت ... بس ظلي بخير ... أرجوك ... أخوي و أنا بننتهي لو تموتي يا قمر لا تموتي أرجوك ... - شوق .. قلت معترضة و مستنكرة ... طالعت فيني شوق .. و اللي كانت تبكي بحرارة .... شوق أمس ... كانت منهارة أكثر مني ... شوق ... و اللي جربت قبل كم شهر تفقد عزيز ... كانت خايفة و مرعوبة ... من أنها تفقد قمر ... و يصير بأخوها شي ... انفجرت شوق بالبكاء ... و هي ماسكة أيد قمر كأنها تتوسلها أنها تطيب بسرعة ... و أنها ... ما تموت .... قلت : -خلاص شوق ... اتصلي بزوجك و خله يجيك الحين ... و تعالي بوقت الزيارة مع أخوك عشان تشوفوا قمر .... شوق ... كأنها كانت تنتظر بس تقول لقمر ( سلطان عقد زواجكم ) عشان ترجع بيتها .... قمر ما زالت تطالع بشوق و هي ... مو مصدقة ... بين الحلم و الحقيقة ... بين الوعي و الإغماء ... الخوف و الرجاء .... و بين ... سلمى و شوق ... يوم جت شوق تبي تقوم ، مسكت يد قمر و شدت عليها ... أنا كنت ماسكة اليد الثانية و أشد عليها ... قمر حركت يدينها جنب بعض ، و أجتمعت أيجينا إحنا الثلاث مع بعض ... صرنا نتبادل النظرات ... و مثل ما التقت أيادينا و نظراتنا ، تعانقت قلوبنا لما قمت و حضنت شوق بقوة ... و كأننا أقرب الأخوات ... السنين اللي طافت و فرقت بينا تلاشت هذه اللحظة ... قمر تجاوزت مرحلة الخطر ... و بقت حية ... و شهدت تعانق قلوبنا أخيرا بعد كل ذاك الخصام ... أيادينا إحنا الثلاث ... قمر ... و شوق ... و سلمى ... اجتمعت مرة ثانية مع بعض مثل ما كانت دايما قبل 15 سنة .... ............................ |
" الفص الأخيــــــــــــــــر " كثير المرات اللي أشوف فيها نفسي فجأة أصحى من النوم .... و أطالع من حولي و أكتشف أني بالمستشفى .... و هذه مرة من المرات .... كانت أصوات طنين الأجهزة حوالي تأكد لي أني في العناية المركزة .... سقف الغرفة حفظته ... لأنه أقرب شيء كانت عيوني تتأمله طول الوقت .... أحس بألم في ذراعي الأيسر ... أكيد هذا مكان إبرة السائل الوريدي اللي موصل بعروقي .... و اللي أشوف عبوته تنقط شوي شوي .... أقطاب جهاز مراقبة النبض مضايقتني ... ودي أشيلها ... الشرشف الأبيض كان خفيف ... عشان كذا أحس بالبرد في أطرافي ... و أحس قدمي متجمدة .... أبي بطانية أثقل شوي .... - كيفك ؟ حمد الله ع السلامة هذا كان صوت الممرضة اللي جالسة قربي ... صوتها يشبه صوت زوجة أخوي ثامر ! ولدي بدر ... ! أوه أنا في أي يوم ؟ بأي وقت ؟ كم الساعة ؟ ولدي بدر ودي أشوفه ... -كم الساعة ؟ سألت الممرضة ، ابتسمت و قالت : -2الظهر ! يعني قربتي تكملي يوم كامل من النوم ! جلست ... و طالعت بالستارة اللي تحجبني عن بقية المرضى ... طالعت يمين و شمال .... وين سلمى ؟ وين شوق ؟ كانوا معي ؟ أو كنت أتخيل ... ؟؟ سألت الممرضة : - سلمى كانت هنا ؟ - الدكتورة سلمى ؟ كل شوي تجي تتطمن عليك و تروح ! بس وصتني أكلمها لما تصحي ... و بسرعة هزيت راسي ( كلميها ) دقايق ، و كانت سلمى عندي ... أول ما شافتني تهلل وجهها و انشرح ... و ابتسمت ابتسامتها الحلوة الساحرة و اللي تنسيني الدنيا و همومها .... جت عندي و طوقتني بذراعينها بقوة .... و هي تردد : - حمد الله على السلامة يا قمر ... ألف ألف ألف الحمد لله على السلامة .... و بدت تبكي ... مسكت وجهها و مسحت على راسها و قلت أطمنها : - أنا بخير .... ! ضحكت ، و شدت علي و هي تردد : - نعم بخير ... الحمد لله .... الحمد لله .... - وين شوق ؟ سألتها ... أذكر أنني ... إذا ما كنت أحلم ... شفتها مع سلمى ... ثنتينهم على جنبيني ... أيش كان الوقت ؟ ما أذكر ... أكيد الليل ... أكيد الطبيب عطاني جرعة كبيرة من مضاد التشنج خلتني نايمة طول الوقت .... أذكر بعد ... أنهم ... سلمى و شوق ... تهاوشوا قدامي .... و تصالحوا بعد قدّامي ... و أذكر بعد ... بعد إيش ... ؟ كأن شوق قالت .... أنه ... سلطان عقد زواجنا ؟ لا ... ! هذا أكيد جزء من حلم .... ! - شوق ؟ بالبيت ، بس توها كلمتني و قالت أنها جاية العصر مع سلطان يزوروك ! يزوروني ؟ سلطان و شوق ... ؟ سلطان جاي يزورني ... ؟ أنا ... أكيد بعدني أحلم ... بس ... بعدني أحس بالألم مكان إبرة المغدي .... معقولة يكون حلم محسوس ...؟ التساؤل و الحيرة كانوا ظاهريين على وجهي ... و سلمى ... و بما أنها تعرفني زين فهمتني على طول .... ابتسمت مرة ثانية الابتسامة الحلوة ... و قالت : - يزوروك و يجيبوا معهم حلوى السلامة و حلوى الزواج ! الدنيا لفت بي ... راسي صار يدور ... و عيني تدور .... و السقف اللي فوقي بعد يدور .... طنين الأجهزة وصل حده ... و تجاوز إشارة الخطر .... الممرضة صارت تراقب بقلق مؤشرات الأجهزة ... و الابتسامة اللي على وجه سلمى تلاشت و علا مكانها قلق صارخ ... - قمر .... اهدئي ... ما قدرت أتكلم .... جت كلماتي متقاطعة مو مصدقة ... ما هو حلم ؟ صحيح ؟ سلطان ... سلطان ... تزوجني ؟ .... سلطان ... صار ... زوجي ؟؟؟ سلطان ... جاي يشوفني .... ؟؟؟ .................... سلطان .... و حتى شوق .... اثنينهم أصروا أن عقد الزواج يتم بسرعة ... عشان يقدر سلطان يزور الدكتورة و يتطمن عليها ... لين الله يشافيها و تطلع من المستشفى ... و نعلن الزواج رسميا في حفلة صغيرة ... طبعا القرار جنوني ... بس أنتوا شفتوا كل أنواع الجنون اللي مرت على ها الرجال من أول ما ماتت بنته الله يرحمها ... أو حتى من أول ما بدا القمر يبلغه السلام ! سلطان الحين كاشخ بلبسه ... و ماسك السبحة الفضية بيده .... و واقف يراقب الساعة على أحر من الجمر .... شوق اتصلت أكثر من مرة بالمستشفى تتطمن على الدكتورة ... و كلها كم دقيقة و يروح الرجال يشوف ( زوجته ) الجديدة أخيرا ! ضحكت ... ضحكت بقوة ... و صار سلطان و شوق يناظروني باستغراب ! - وش فيك ياسر ! لا تكون جنيت ؟ قالت شوق ، و في الواقع اللي جن ... هو سلطان و شوق معه ... بس مالي دخل ... خله يتزوجها يمكن يرتاح و يريحنا أخيرا ؟ - أبدا شوق ! بس أتخيل نفسي مكان سلطان ... لا بس و كاشخ ... معرس ... رايح أشوف عروسي الجديدة ! و الله وناسة ! شوق عصّبت و طالعتني بنظرة توعيد ! و ضحكت زيادة .... بصراحة ... هذا أغرب زواج شفته بحياتي .... و أنا أشوف سلطان قدامي الحين .... و هو يراقب الساعة و كل شوي يعدل الغترة و العقال .... حسيت بندم ... ندم لأني سخرت منه كثير .... و اعتبرت كل اللي كان يسويه و يحس فيه مجرد جنون .... من قبل 15 سنة ... و أنا أحضر زواجه الأول ... كنت أشوف عليه نظرة شرود.... كان سرحان ... كأنه مو مهتم بالوضع اللي هو فيه .... أذكره بعد .... بعد الحادث المشؤوم ... بعد ما عرف أن بسام غرق .... و كيف أنه صار يقول : - ( أنا المسؤول عن قمر و لازم أتزوجها .... ) و يوم ظهرت بحياته من جديد و صار متعلق بها أكثر ... و يقول : - ( أنفاسها بعدها بصدري أحس فيها من ذاك اليوم ... ) شفتوا لعبة القدر ! نهاية المطاف ... سلطان و قمر تزوجوا ! الله يهنيهم و يتمم لهم على خير ... ! أمس ... لما كنا بالمستشفى ... كان وده يدخل يشوفها ... و طلع مع أهلها و ما رد إلا و عقد الزواج تام ... اللي أنا خايف منه .... و شوق بعد خايفة و مرعوبة منه ... أن قمر يصيبها شي أو حالتها تسوء أو تموت لا قدر الله .... و الرجال ينتهي .... -ها أخوي ... ؟ مشينا ؟ قالت شوق و هي تطالع الساعة .... -توكلنا على الله .... و هم جايين يطلعوا عند البوابة .... رن هاتف شوق – و اللي كانت الممرضة أخذته منها أمس و هي بغرفة العناية المركزة لما اتصلت علي ، و قفلته و ظل مقفل لقبل ساعة – رن ... و بس شافت شوق رقم المتصل انتفضت ... - هلا ... منال ... بس قالت العبارة ... كلنا انتفضنا .... أم نواف ما كان لها أي ذنب في القصة بكبرها ... بس هذه هي الدنيا .... سعادة ناس تنبني على تعاسة ناس ... يوم لك و يوم عليك .... و اعتقد أنه من حق هالرجال أنه يتهنى أحيرا بالمرة اللي كان عاشقنها من قبل ما يتزوج اول مرة ... و الله يعين .... ............................ تقطع قلبي مع منال و هي تكلمني منهارة ... إيش بإيدي ؟ منال ... إذا تحبي سلطان خليه يتزوجها يمكن ... الله يرزقه السعادة اللي انحرم منها من يوم مرض بنته الله يرحمها .... انهيت المكالمة معها بكلمتين .... - ( المقدر لازم يصير ) .... و رحنا أنا و أخوي للمستشفى ... أمس ... قمر بغت تموت قدام عيوني .... كانت هذه أول مرة أشوف نوبة التشنج تجيها .... الله يعلم .... كيف انقضت علي الساعات لهذه اللحظة .... أخوي وقف بمحل الورود و اشترى باقة حلوة ... و اشترى بعد علبة حلوى كبيرة ... و رغم أنه كان يحاول الظهور بمظهر المتماسك .... كنت أشوفه مقطع و منهار و متبعثر في كل مكان .... كنت متأكدة ... أنه خايف أكثر مني بعشر مرات ... أن قمر ... لا قدر الله ... تموت .... بس الحمد لله ... الخطر راح ... و السعادة أقبلت ... قبل ما نوصل طلب مني أخوي أتصل عشان أعرف إذا هي صاحية ... و إذا أهلها معها .... و كان الجواب : نعم ... و نعم ... ! |
لعت من العناية المركزة و رجعت غرفتي العادية ... كان الوقت يمر بسرعة و كل شيء يركض ... طلبت من سلمى تروح بيتنا و تختار مع أمي فستان جميل يصلح إني أقابل به سلطان .... لما جوا ... هي و أهلي حوالي أربع العصر كنت توني ماخذة دش سريع و شعري مبلل .... و جالسة على السرير أحاول أنشفه .... أول ما دخل ولدي بدر جاني يركض و على طول بحضني ... حضنته بقوة ... و صار يبكي و أنا أهدي فيه ... -حبيبي بدري أنا بخير يمه لا تبكي يا وليدي ... وحيدي المدلل ما خلاني أتحرك من مكاني ... ودي بس أبدل ثيابي و أمشط شعري ... ! ما عطاني فرصة ... كنت أطالع بعيون الناس اللي حوالي ... صديقة عمري ... و أهلي ... كلهم كانوا يبتسمون ... أكيد ما فيه أحد منهم غضبان علي أو معترض ... كلهم راضين ... مو صح ؟ ما أحد منهم جاب سيرة سلطان ... بديت أشك ... إني كنت أحلم أو أتخيل ... بس أطالع بسلمى ... و أشوف الكيس اللي بيدها و اللي فيه الفستان أكيد ... أرجع أقنع نفسي بأن سلطان جاي ... استندت على الوسايد على السرير ... و أنا أحس روحي بذلت مجهود كبير في الربع ساعة اللي تحممت فيها ... أو يمكن هذا تأثير العلاج اللي يسبب الخمول و النعاس ... ؟ ولدي كان بحضني مكانه ما ابتعد لحظة ... عمضت عيني لحظة ... و غفيت دقايق ... - قمر ... فتحت عيني ... كانت أمي اللي نادتني ... -ودك تنامي ؟ - لا ... بلى ... شوي .... نعسانة ... - بو نواف عند الباب ... وده يزورك ... قلبي ... صار ينبض بسرعة ... أنفاسي صارت تركض .... ولدي رفع راسه و صار يطالعني .... - يمه أنت بخير .... ؟ مسحت على راسه و هزيت راسي ( نعم ) ... طالعت صوب سلمى ... و الكيس اللي بيدها .... أكيد أنا مو بحلم ... ؟ سلطان جا ؟؟ جا ... بس ... أنا لسه ما لبست الفستان ... ما نشفت شعري ... و لا سرحته ! بيشوفني و حالتي حالتي حالة ؟ يا رب ... - تفضلوا ... هذا كان صوت أخوي ثامر ... جاي من عند الباب .... و هو يرحب بالجايين ... و ظهر في الصورة ذي اللحظة ... سلطان ... و شوق ... ........................ لما وصلنا ... كان أهل قمر و معهم سلمى كلهم موجودين بالغرفة .... أخوي كان متوتر و أنا مثله .... دخلنا و سلمنا على الجميع .... و ردوا السلام .... قمر كانت على سريرها مستندة على الوسايد ... و بحضنها ولدها بدر ... قربت من قمر ... و ابتعد بدر شوي ... عشان أصافحها و أقبلها ... أخوي ظل واقف بنص الطريق و كأنه بطاريته خلصت فجأة ... بعد ما سلمت على قمر ، رفعت راسي و طالعت بأخوي ... ! و يــــاه ... للذهول اللي شفته على وجهه و هو يطالع وجه قمر ! آه لو تقدروا تشوفوه بنفسكم !!! ..................... رفعت راسي ناحية الصوت اللي أعرفه زين ... اللي أعرف صاحبه .... و أعشقه كثير .... جت عيني بعين سلطان .... العسل ... أنا ما عدت أحس بالكون من حولي ... ما أدري إذا ولدي بدر لسه جنبي و إلا راح .. ؟ هذا سلطان .... هذا العسل ... هذا حبيبي ... هذا زوجي ... ! الحين صار زوجي ؟؟؟ سلطان ... نفس الطول و العرض ... نفس النظرات ... نفس تقاسيم الوجه .... نفس الطريقة اللي يرتب بها شماغه .... و نفس العطر اللي يستهويني من سنين .... سلطان ... تأمل بعيني لحظة ... بعدها قال بصوت حنون : - كيف حالك ... قمرة ؟ حمد الله على سلامتك .... أنا دخت ... صوته له مثل أثر المخدر ... قلت لكم من قبل ما أقدر اقاومه ! ... يبجنّني! ... ما عرفت أرد ... و صارت شفايفي تضطرب بين ابتسامه و عبوس ... إش فيها الغرفة حارة ؟ ليه طفوا التكييف ذي اللحظة ؟ سلطان قرب مني ... أكثر .... جسمي صار يرتجف ... من البرد و الحر ... و الخوف و الفرح ... و الاضطراب و الطمأنينة .... و الشوق و التردد .... و التصديق و التكذيب ... تتخيلوا كيف تختلط المشاعر ذي كلها بلحظة وحدة ؟؟؟ سلطان مد باقة الورد صوبي .... و هو يقول : - ما تشوفي شر ... أنا ... إيدي عيّت تتحرك ... حاولت أمدها عشان آخذ الباقة بس ما قدرت ... أخاف إني انشليت مرة ثانية ... ؟ لا يا قمر ... مو وقته .... أرجوك .... تحركي الحين .... ولدي بدر مد إيده و أخذ الورود من سلطان ... و حطها جنبي ... حست أن إيدي تحركت ناحية الورد .... و صارت تتحسسه بارتباك .... و لساني تلعثم و هو يتمتم بـ : - الشر ما يجيك .... عيني هذه اللحظة كانت على الورد .... و ما أدري ... يا ترى عيون الناس اللي حولي على إيش ؟ على من ...؟؟؟ الهدوء خيم على الغرفة .... أو يمكن أنا دخلت في غيبوبة جديدة ؟ ما عدت أسمع أي صوت لأي أحد ... اللي خلاني أرفع نظري من على الورود .... و تجي مباشرة في عين سلطان ... نزلتها بسرعة ... مو قادرة أحط عيني يعينه .... عينه تلسع .... كأنها مفتاح الكهرباء ... الحرارة بدت تزيد ... أنفاسي صرت أسحبها بالقوة .... أرجوكم افتحوا النوافذ ... الهواء اللي هنا خلّص ! أول زخة عرق سالت على جبيني ... يمكن كان هدفها تلطف الحرارة شوي ... لكنها بدون قصد أحرجتني كثير .... اضطرت يدي أنها ترتفع شوي عشان تمسح قطرة العرق ... و شافتها عيني فرصة ... و اختلست النظر لسلطان من الفتحات اللي بين الأصابع .... سلطان .... اللـــــــــه ... كأنه سلطان أسطوري .... واقف قدامي بطوله ... و بعرضه ... و بهيبته ... حتى بعد 15 سنه .... لسه له نفس التأثير .... نفس السحر اللي يحيط به ... نفس الجاذبية اللي تسحبني له مثل برادة حديد لا حول لها و لا قوة ... مسحوبة لمغناطيس جبار ! - شوق تجي معي المكتب ؟ كان هذا صوت سلمى ... قطع لحظة ( جبروت ) سلطان اللي كنت أعيشها ... شوق ردت : - يالله ... طبعا قصد سلمى أنها تحث كل الموجودين على أنهم يطلعوا ... طالعت بسلمى و أنا أبلع ريقي ... و شفتها تطالعني بنظرة مو ساحرة ... إنما خبيثة ! كأنها تقول ... - (احنا طالعين! بنخليكم لوحدكم! إش رح تسوي يا قمر!!!؟ ) كلهم تحركوا يبون يطلعون .... إلا ولدي بدر ظل جالس عند حضني ما تزحزح .... يوم شافت أمي بدر مو متحرك و هي طالعة نادت عليه .... ولدي كان لسه ماسك فيني .... و يوم جا يتحرك أنا اللي مسكت فيه .... أنا مو مصدقة أنكم بتخلوني مع سلطان لوحدي ؟ أنا خايفة ! ولدي بدر حضني و قبل راسي و يدنيني بحرارة ، و أنا بعد حضنته و قبلته بنفس الحرارة ، و تالي قال : - يمه ... بالف شوي بالمستشفى و أرد لك ! و قام عن السرير .... شفته و هو يبتعد خطوة خطوة و ببطء ... كانت عيوني معلقة به ... ما ادري وش منع لساني يقول له : -( لا تطلع يا بدر ! ) |
قبل ما يطلع ، و لما صرنا أنا و سلطان و هو الوحيدين بالغرفة ... دار على سلطان و قال : - بو نواف .... سلطان التفتت له و هو مستغرب ... - خير ؟ بدر ولدي نقل نظرته بيني و بين سلطان ، و بعدها قال : - أنا ما عندي مانع تتزوج أمي لكن بشرط ... أنا قلبي توقف ... و يمكن سلطان بعد ... خفت ... وش وده بدري يقول ؟ و ليش ما قال لي أنا أول ؟ قال سلطان : - حاضرين ! آمر .... ؟ بدر قال : - وينما تاخذها توديني معها .... أنا ما أقدر أعيش إلا مع أمي ببيت واحد ! سلطان مثلي أنا تفاجأ من كلام الولد ، و بعدها ابتسم و قال : - أكيد ... تطمن ... بدر طالع فيني كأنه يستشهدني على كلامه ، و طوّل النظرة ، و ابتسم ... و بعدها طلع من الغرفة .... أنا ... و سلطان .... وحدنا في الغرفة .... هذا حلم ؟ هذا وهم ؟ من يوم ما ماتت هبة قدام عيني ... و أنا فقدت صحتي ... الجسمية و العقلية بعد .... أكيد أنا الحين جالسة أتوهم .... لأن اللي أشوفه أقرب أني أصدقه كوهم ...و لا أصدقه كحقيقة .... سلطان ... العسل ... حبيب عمري ... رجل حياتي .... قلبي كله ... حبي كله ... دنيتي كلها ... واقف قدامي الحين ... ؟؟؟ زوجي ... ؟ .... معقول .... ؟؟؟ معقول ....؟؟؟ .:.:.:.:.:. قرب سلطان من قمر أكثر .... لين صار جنبها و جلس على السرير ... مكان ما كان ولدها بدر جالس قبل شوي ... قمر كانت ترتجف مثل ورقة في مهب الريح .... و كانت عينها مثبتة على الورد ... و إيدها تلعب ببتلاته .... سلطان قال : - عجبك الورد ؟ نفس قمر انطلق بصوت عالي ... أعلى من الصوت اللي قالت به - نعم ... حلو .... - أنت ِ أحلى .... بكثير ! ... رفعت قمر نظرها لعين سلطان .... و اصطدمت نظراتهم .... و تعانقت عناق حار ملتهب .... مزيج من قطرات الماء السايلة من شعرها المبلل .... مع قطرات العرق المتصببة من جبينها .... مع قطرات الدموع المنهمرة من عينها .... هذا المزيج ... كله انسكب ... و بلل يد سلطان اللي امتدت ترفع وجه قمر .... عشان يتأمله أكثر .... - قمره ... همس سلطان بصوت خفيف حنون .... هز جسم قمر كله قبل يهز طبلة اذنها .... قمر قالت بصوت باكي ... - سلطان .... أنت ... زوجي الحين ؟؟ كأنها تبي تأكيد أكثر و أكثر .... سلطان قال : - و أنت زوجتي ... حبيبتي .... انهارت أعصاب قمر لما سمعت هذه الكلمة : ( حبيبتي ) الكلمة ... اللي عاشت أكثر من 15 سنة ... تتمنى سماعها من لسان سلطان .... - سلطان ... أنا ... أنا أحبك .... كثير ... طلعت هذه الجملة المكبوتة من صدر قمر .... بعد ما خبتها كل هذه السنين .... سلطان قال : - و أنا أحبك ... قمره .... - تحبني سلطان ؟ صحيح تحبني ؟ سألت قمر ... و دموعها تنهمر مثل الشلال .... تبي تسمع منه رد يبرد قلبها المحتر من سنين ... سلطان جاوب : - نعم أحبك .... أحبك يا قمرة ... يا جمرة حياتي اللي ما عمرها انطفت ... يوم من الأيام .... يا قمر سماي و دنيتي ... اللي ... ما عمره غاب ليلة من الليالي .... و مد إيده ... داخل جيبه .... و طلع المسبحة الفضية .... قمر طالعت بالمسبحة .... و ابتسمت .... سلطان قال : - دوختيني ! ... قمر ... مدت يدها حول عنقها .... و نزعت السلسة اللي كانت لابستنها .... و السلسلة كان في وسطها فص فضي معلق .... و مدتها صوب سلطان ... - الفص الأخير ! قال سلطان و هو ياخذ الفص الثالث و الثلاثين و اللي كان معلق في سلسلة على رقبة قمر .... و يحطه بسلسلة المسبحة مع إخوانه ... - و الحين ... التم الشمل ! قال سلطان و هو يبتسم .... و ابتسمت قمر .... - أخيرا التم الشمل .... النهـــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ ــــــــــــاية |
أخيرا ... سلطان صار لي ... أخيرا ... حبيبي رد لي .... أخيرا .... العسل في حضني ... بين ذراعيني .... و راسي على صدره .... أسمع نبضه ... أحس بدفئه .... و أشم عطره الفواح الزكي ... الله على هذا العطر ... يسحرني .... و إيده تطبطب على ظهري .... و تخلل شعري المبلل .... حتى في المرة اللي طافت ... كان مبلل ... بماء البحر .... 15 سنة .... و أنا أنتظر هذه اللحظة ... اللي أكون فيها بين ذراعين حبيبي سلطان ... و أسمعه يقول لي : ( أحبك ) .... 15 سنة ... أبي أظل معلقة بهذه اللحظة ... ما شي يبعدني عن سلطان ... أعوض السنين اللي راحت كلها ... ليه استكثرت علي هاللحظة يا سلطان .... ؟ ليه حرمتني منها كل هالعمر ... ليت خليت احساسي يموت و هو ما بعد انولد ...؟ ليه فجعت قلبي ... ؟ آه يا سلطان ... لو تدري إش كثر أحبك .... ضمني بقوة أكثر .... أكثر يا سلطان ... أكثر .... خل قلبي يمتزج بقلبك ... مثل ما روحي امتزجت بروحك من سنين ... ما أبي اللحظة تنتهي .... لا تتحرك ... لا تبتعد ... خلني بحضنك ... للأبد ... أعيش ... و أموت ... و أنا بقلبك .... بصدرك .... بين ذراعيك .... لا تبعدني .... ودي أنام ... بحضنك ... خلوني بحضنه ... تركوني معه ... أرجوكم ... هذه لحظة عمري كله ... لا تبعدوني .... خلوني مع سلطاني ... .:.:.:.:.:.:.:.:. نامت قمر بحضن سلطان مثل طفلة بريئة .... كان مفعول الأدوية متغلب عليها .... قمر ظلت نايمة لفترة طويلة .... الأشعة اللي انعادت لها اليوم بينت تجمع جديد للدم في دماغها ، و تقررت العملية تأكيدا . العملية أجريت في نفس اليوم ... و بعدها نقلوا قمر للعناية المركزة مرة ثانية .... سلطان ظل ملازم قمر ليل و نهار ... بالضبط مثل ما كان ملازم هبه ... و فقدها ... بالضبط مثل ما فقد هبه ... بعد العملية بيومين .... .:. النهاية .:. ............... تعقيب للكاتبة الدكتورة منى المرشود " معظم شخصيات الرواية خيالية .. ما عدا ... قمر .. وسلطان .. شخصيتان حقيقيتان على أرض الواقع !! كتبتُ بلسان كل الشخصيات .. عدا " العسل " .. سلطان .. فكيف لي أن أعرف ما يجول في خاطر العسل ؟ أنّى لي أن أدرك ما يفكر به ؟ لو كان الأمر كذلك لانتهت القصة بغير ذلك ! لا أستطيع أن أتحدث بلسان السلاطين فأنا لا أعرف فيم يفكرون ..؟؟؟ أكيد فهمتوني " ويُسدل الستار عن رواية [ فجعت قلبي ] بعد أن فجعت قلوبنا جميعا !!!!! سلطان نسفَ قلب قمره حتى كادت تنتهي .. وَ .. بعد 15 عام فجعت قلبه برحيلها .. وَ .. . (( البدر وحيد بلا حضنِ أم ولا مأوى )) .. القدر يؤول لما يريد ويصحبنا كيفما يشاء إلى شاطىء الحب ضفاف السعاده ومرسى الحزن |
ها خاتم وفيت لو لا اتمنــى لكم قراءة ممتعــــة ... واتمنى متابعة القسم وباقي القصص وبانتظار المزيد من مشاركاتكم وتفاعلاتكم مع منتدى القصة القصيرة |
بصراحة قصة فجعت قلبي وسالت دموعي قلبي مع بدر مشكوره اختى نسومه على هذه القصة وبانتظار جديدك وفيتي وكفيتي وسلمت اناملك اختى العزيزة اختش خاتم |
مشكـــــــــــــــورة كثير نسايم على القصة الرائعة التي فجعت قلبي
بانتظار جديدك تقبلي تحياتي |
خاتم عقيق . شاطئ الذكريات اسم الله على قلبكم من الفجعه مشكورين على المتابعة هههههههههه ترى عادي انا تعودت من كثر مااقرى روايات وقصص صابني تبلد احساس صاروا مايأثروا فيني قبل كنت اذبح حالي صياح ودموع ... |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 12:59 PM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025