![]() |
اقتباس:
عزيزتي .. عاشقة النجف مشكورة على هذا الجهد وهذا الحوار الطيب اقتباس:
بس عند علي رضي الله عنه .. أكيد ما سواها اقتباس:
أما المثال اللي وضعتيه عزيزتي فأكيد الحاكم لما تطلبين منه شيء وأنتي بسيطة ماراح تكلمينه مباشرة وراح تتخذين واسطة .. بس هذا مثال لحاكم الدنيا أما الله فيسمعك بدون واسطة وبدون أن تتخذين أي وسيلة قال تعالى : {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (18) سورة الجن وقال الله ردا على الكفار عندما اتخذو الأصنام ليقربوهم إلى الله لأ هذه الأصنام صور لرجال صالحين {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (3) سورة الزمر وهناك آيات كثيرة وأحاديث عن دعاء الله وحده ولا توجد آيات تطلب منا أن نتخذ وساطة بيننا وبين الله سبحانه ولو كان هذا الفعل خير لفعله قبلنا رسول الله أو علي أو فاطمة أو أبنائهم .. أليس كذلك اقتباس:
اقتباس:
وإنما أقول ياالله اجعلني ممن يشفع لهم رسولك وحبيبك محمد لأني أؤمن بالقرآن والله تعالى يقول {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُم مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ } (28) سورة الأنبياء ارجوا انك فهمتي قصدي حبيبتي اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
كتبت الولاية في برنامج قالون فخرجت لي هذه الآية {هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَوَابًا وَخَيْرٌ عُقْبًا} (44) سورة الكهف فيه غيرها في علي اقتباس:
أيضا املأت بفضائل الثلاثة الباقين مشكورة اختي .. معليش تعبتك معاي وتسلمين يالغالية |
اقتباس:
|
اقتباس:
جواب غريب ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ |
تقدّم الإمام عليه السلام في الفصاحة والبلاغة
ثمّ عرض ابن أبي الحديد شرحاً لفضائل الإمام عليه السلام، إلی أن قال: وأمّا الفصاحة، فهو عليه السلام إمام الفصحاء وسيّد البلغاء. وفي كلامه قيل: دُونَ كَلاَمِ الخَالِقِ وَفَوْقَ كَلاَمِ المَخْلُوقِ. ومنه تعلّم الناس الخطابة والكتابة. قال عبد الحميد بن يحيي: حَفِظْتُ سَبْعِينَ خُطْبَةً مِنْ خُطَبِ الاَصْلَعِ، فَفَاضَتْ ثُمَّ فَاضَتْ. وقال ابن نُباتة: حَفِظْتُ مِنَ الخِطَابَةِ كَنْزَاً لاَ يَزِيدُهُ الإنْفَاقُ إلاَّ سَعَةً وَكَثْرَةً، حَفِظْتُ مِائَةَ فَصْلٍ مِنْ مَوَاعِظِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. ولمّا قال مِحْفَن بنُ أبي مِحْفَن لمعاوية: جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَعْيَا النَّاسِ، قال له: وَيْحَكَ كَيْفَ يَكُونُ أَعْيَا النَّاسِ؟ فَوَاللَهِ مَا سَنَّ الفَصَاحَةَ لِقُرَيْش غَيْرُهُ. ويكفي هذا الكتاب « نهج البلاغة » الذي نحن شارحوه دلالة علی أ نّه لايُجَارَي في الفصاحة، ولا يبارَي في البلاغة. وحسبك أ نّه لميدوّن لاحد من فصحاء الصحابة العُشر، ولا نصف العُشر ممّا دُوِّن له. وكفاك في هذا الباب ما يقوله أبو عثمان الجاحظ في مدحه في كتاب « البيان والتبيين » وفي غيرهمنكتبه.[1] ثمّ قال ابن أبي الحديد بعد شرح مشبع تناول فيه سماحة أخلاق الإمام، وزهده، وعبادته: وأمّا قراءة علی القرآن واشتغاله به، فهو المنظور إليه في هذا الباب. اتّفق جميع العلماء والفقهاء من العامّة والخاصّة علی أ نّه كان يحفظ القرآن علی عهد رسولالله صلّي الله عليه وآله، ولم يكن غيره يحفظه. ثمّ هو أوّل من جمعه. نقلوا كلّهم أ نّه تأخّر عن بيعة أبي بكر. فأهل الحديث لا يقولون ما تقوله الشيعة من أ نّه تأخّر مخالفة للبيعة، بل يقولون: تشاغل بجمع القرآن. فهذا يدلّ علی أ نّه أوّل من جمع القرآن، لا نّه لو كان مجموعاً في حياة رسولالله صلّي الله عليه وآله، لما احتاج إلی أن يتشاغل بجمعه بعد وفاته صلّيالله عليه وآله. وإذا رجعتَ إلی كتب القراءات، وجدتَ أئمّة القرّاء كلّهم يرجعون إليه، كأبيعمروبن العلاء، وعاصم بن أبي النَّجود، وغيرهما. لا نّهم يرجعون إلی أبي عبدالرحمن السُّلَمِيّ القاري. وأبوعبدالرحمن كان تلميذه، وعنه أخذ القرآن. فقد صار هذا الفن من الفنون التي تنتهي إليه أيضاً، مثل كثير ممّا سبق. [2] هذه مطالب ذكرها ابن أبي الحديد في مقدّمة شرحه علی « نهج البلاغة » في سياق عدّه سائرَ فضائل الإمام عليه السلام. وأمّا ابن شهرآشوب: فقد عقد فصلاً في كتابه « مناقب آل أبي طالب » تحت عنـوان: في المسـابقة بالعلـم. وأحصـي فيه العلـوم التـي كان أميرالمؤمنين عليه السلام سبّاقاً فيها. قال: أفلا يكون ( علی عليه السلام ) أعلم الناس، وكان مع النبيّ صلّي الله عليه وآله في البيت والمسجد، يكتب وحيه ومسائله، ويسمع فتاواه، ويسأله؟ وروي أ نّه كان رسول الله صلّي الله عليه وآله إذا نزل عليه الوحي ليلاً لميصبح حتّي يخبر به عليّاً عليه السلام. وإذا نزل عليه الوحي نهاراً لميُمسِ حتّي يخبر به عليّاً. ومن المشهور إنفاقه الدينار قبل مناجاة الرسول، وسأله عن عشر مسائل، فتح له منها ألف باب، فتح كلّ باب ألف باب. وفي ذلك قال الشريف الرضيّ: [3] يَا بَنِي أَحْمَـدَ أُنَادِيكُـمُ اليَـوْمَ وَأَنْـتُــمْ غَـدَاً لِـرَدِّ جَـــوَابِـي ومن عجيب أمره عليه السلام في هذا الباب أ نّه لا شيء من العلوم إلاّ وأهلة يجعلون عليّاً عليه السلام قدوة، فصار قوله قبلة في الشريعة يتوجّه إليها كلّ الناس.أَلْـفَ بَابٍ أُعطِيتُـمُ ثُـمَّ أَفْضَي كُلُّ بَابٍ مِنْهَـا إلی أَلْـفِ بَابِ لَـكُـمُ الاَمْــرُ كُـلُّـهُ وَإلَـيْـكُـمْ وَلَدَيْكُمْ يُؤُولُ فَصْلُ الخِطَابِ[4] |
جَمْعُ القرآن من قِبَل الإمام عليه السلام
كان أمير المؤمنين عليه السلام جامع القرآن سُمع القرآن من عليّ عليه السلام. ذكر الشيرازيّ في « نزول القرآن »، وأبويوسف يعقوب في تفسيره عن ابن عبّاس في قوله تعالي: لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ أنّ النبيّ صلّي الله عليه وآله كان يحرّك شفتيه عند الوحي ليحفظه، وقيل له: «لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ» يَعْنِي بِالقُرْآنِ «لِتَعْجَلَ بِهِ» مِنْ قَبْلِ أَنْ يُفْرَغَ بِهِ مِنْ قَرَاءَتِهِ عَلَيْكَ «إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ و وَقُرْءَانَهُ». [5] قال ] ابن عبّاس [: ضمن الله محمّداً صلّي الله عليه وآله أن يجمع القرآن بعد رسولالله صلّي الله عليه وآله علی بن أبي طالب عليه السلام. قال ابنعبّاس: فجمع الله القرآن في قلب علی عليه السلام. وجمعه علی عليه السلام بعد موت رسول الله صلّي الله عليه وآله بستّة أشهر. وفي أخبار أبي رافع: إنَّ النَّبِيَّ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّي فِيهِ لِعَلِيٍّ: يَا علی! هَذَا كِتَابُ اللَهِ، خُذْهُ إلَيْكَ. فَجَمَعَهُ علی فِي ثَوْبٍ فَمَضَي إلی مَنْزِلِهِ، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ وَآلِهِ جَلَسَ علی فَأَ لَّفَهُ كَمَا أَنْزَلَهُ اللَهُ وَكَانَ بِهِ عَالِماً. وحدّثني أبو العلاء العطّار، والموفّق خطيب خوارزم في كتابيهما بالإسناد عن عُليّبن رباح [6] أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ عَلِيَّاً بِتَأْلِيفِ القُرْآنَ، فَأَلَّفَهُ وَكَتَبَهُ. وروي جَبَلة بن سُحَيم [7] عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لَوْ ثُنِيَتْ لِيَ الوَسَادَةُ وَعُرِفَ لِي حَقِّي لاَخْرَجْتُ لَهُمْ مُصْحَفَاً كَتَبتُهُ وَأَمْلاَهُ علی رَسُولُ اللَهِ. ورويتم أيضاً ( أنتم العامّة ) أَ نَّهُ إنَّمَا أَبْطَأَ عَلِيٌّ عَلَيهِ السَّلاَمُ عَنْ بَيْعَةِ أَبِيبَكْرٍ لِتَأْلِيفِ القُرْآنِ. وروي أبو نُعَيم في « حلية الاولياء »، والخطيب في « الاربعين » بالإسناد عن السُّـدّيّ، عن عبد خير، عن علی عليه السـلام أ نّه قال: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَهِ أَقْسَمْتُ ـأَوْ حَلَفْتُـ أَنْ لاَ أَضَعَ رِدَايَ عَنْ ظَهْرِي حَتَّي أَجْمَعَ مَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ. فَمَا وَضَعْتُ رِدَايَ حَتَّي جَمَعْتُ القُرْآنَ. وفي أخبار أهل البيت عليهم السلام أَ نَّهُ إلی أَنْ لاَ يَضَعَ رِدَاءَهُ علی عَاتِقِهِ إلاَّ لِلصَّلاَةِ حَتَّي يُؤَلِّفَ القُرْآنَ وَيَجْمَعَهُ. فَانْقَطَعَ عَنْهُمْ مُدَّةً إلی أَنْ جَمَعَهُ ثُمَّ خَرَجَ إلَيْهِمْ بِهِ فِي إزَارٍ يَحْمِلُهُ وَهُمْ مُجْتَمِعُونَ فِي المَسْجِدِ، فَأَنْكَرُوا مَصِيرَهُ بَعْدَ انْقِطَاعٍ مَعَ أُلبَتِهِ، [8] فَقَالُوا: الاَمْرُ مَا [9] جَاءَ بِهِ أَبُوالحَسَنِ. فَلَمَّا تَوَسَّطَهُمْ، وَضَعَ الكِتَابَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَهِ قَالَ: إنِّي مُخَلِّفٌ فِيكُمْ مَا إنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَهِ، وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي، وَهَذَا الكِتَابُ وَأَنَا العِتْرَةُ. فَقَامَ إلَيْهِ الثَّانِي فَقَالَ لَهُ: إن يَكُنْ عِنْدَكَ قُرْآنٌ، فَعِنْدَنَا مِثْلُهُ، فَلاَحَاجَةَ لَنَا فِيكُمَا، فَحَمَلَ عَلَيهِ السَّلاَمُ الكِتَابَ وَعَادَ بِهِ بَعْدَ أَنْ أَلْزَمَهُمُ الحُجَّةَ. وفي خبر طويل عن الإمام الصادق عليه السلام أَ نَّهُ حَمَلَهُ وَوَلَّي رَاجِعَاً نَحْوُ حُجْرَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ». [10] وَلِهَذَا قَرَأَ ابْنَ مَسْعُودٍ: إنَّ عَلِيَّاً جَمَعَهُ وَقَرَأَ بِهِ فَإذَا قَرَأَهُ فَاتَّبِعُوا قِرَاءَتَهُ. قال الناشي: جَامِـعُ [11] وَحْـي اللَهِ إذْ فَـرَّقَـهُ مَنْ رَامَ جَمْـعَ آيَـةٍ فَمَـا ضَبَطْ وقال العونيّ:أَشْـكَلَـهُ لِشَـكْـلِـهِ بِـجَـهْـلِـهِ فَاسْتُعْجِبَتْ [12] أَحْرُفُهُ حِينَ نَقَطْ لَمَّا رَأَي الاَمْرَ قَبِيحَ المَدْخَلِ حَرَّدَ فِي جَمْعِ الكِتَابِ المُنْزَلِ وقال الصاحب: هَلْ مِثْلَ جَمْعِكَ لِلْقُرْآنِ تَعْرِفُهُ لَفْظـاً وَمَعْنَي وَتَأْوِيـلاً وَتَبْيينا[13] وقال الخطيب منيح:عَلِيٌّ جَامِعُ القُرْآنَ جَمْعَاً يُقَصِّرُ عَنْهُ جَمْعُ الجَامِعِينَا |
تقدّم أمير المؤمنين عليه السلام في علم التفسير
ومنهم: المفسّرون كعبد الله بن عبّاس، وعبد الله بن مسعود، وأُبيّ ابنكعب، وزيدبن ثابت. وهم معترفون له عليه السلام بالتقدّم. [15] وورد في تفسير النقّاش أنّ ابن عبّاس قال: جُلُّ مَا تَعَلَّمْتُ مِنَ التَّفْسِيرِ مِنْ علی بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ. إنَّ القُرْآنَ أُنْزِلَ علی سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، مَا مِنْهَا إلاَّ وَلَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ. وَإنَّ عَلِيَّبْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلِمَ الظَّاهِرَ وَالبَاطِنَ. وجـاء في « الفضـائل » للعكبريّ أنّ الشـعبيّ قال: مَا أَحَـدٌ أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَهِ بَعْدَ نَبِيِّ اللَهِ مِنْ عَلِيِّبْنِ أَبِيطَالِبٍ. وفي « تاريخ البلاذريّ »، و « حِلْيَة الاولياء »: قال علی عليه السلام: وَاللَهِ مَا نَزَلَتْ آيَةٌ إلاَّ وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَا نَزَلَتْ وَأَيْنَ نَزَلَتْ، أَبِلَيْلٍ نَزَلَتْ أَوْ بِنَهَارٍ نَزَلَتْ، فِي سَهْلٍ أَوْ جَبَلٍ؟ إنَّ رَبِّي وَهَبَ لِي قَلْبَاً عَقُولاً وَلِسَانَاً سَؤُولاً. [16] وورد في « قوت القلوب »: قال علی عليه السلام: لَوْ شِئْتُ لاَوْقَرْتُ سَبْعِينَ بَعِيرَاً فِي تَفْسِيرِ فَاتِحَةِ الكِتَابِ. [17] ولمّا وجد المفسّرون قوله عليه السلام، لم يرجعوا إلی قول غيره في التفسير. وسأله ابن الكوّاء، وهو علی المنبر: مَا «الذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا»؟ فقال: الرِّيَاحُ. فقال: وَمَا «الْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا»؟ فقال: السَّحَابُ. فقال: وَمَا «الْجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا»؟ فقال: الفُلْكُ. فقال: مَا «الْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا»؟ فقال: المَلاَئِكَةُ. فالمفسّرون كلّهم علی قوله عليه السلام. [18] هذه الآيات في أوّل سورة الذاريات: بِسْمِ اللَهِ الرَّحْمَـ'نِ الرَّحِيمِ* وَالَّذَ ' رِيـ'تِ ذَرْوًا * فَالْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا * فَالْجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا * فَالْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا * إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ * وَإِنَّ الدِّينَ لَوَ ' قِعٌ. [19] قال العلاّمة الطباطبائيّ قدّس الله نفسه الزكيّة في التفسير: الذَّارِيَاتُ جمع الذَّارِيَة من قولهم: ذَرَتِ الرِّيحُ التُّرَابَ تَذْرُوهُ ذَرْوَاً إذا أطارته. و الوِقْرُ بالكسر فالسكون ثقل الحمل في الظهر أو في البطن. وفي الآيات إقسام بعد إقسام يفيد التأكيد بعد التأكيد للمقسم عليه وهو الجزاء علی الاعمال. فقوله: وَالذَّ ' رِيـ'تٍ ذَرْوًا إقسام بالرياح المثيرة للتراب. وقوله: فَالحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا بالفاء المفيدة للتأخير والترتيب معطوف علی الذَّ ' رِيَـ'تِ وإقسام بالسحب الحاملة لثقل الماء، وقوله: فَالجَـ'رِيـ'تِ يُسْرًا عطف عليه وإقسام بالسفن الجارية في البحار بيُسر وسهولة. وقوله: فَالْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا عطف علی ما سبقه وإقسام بالملائكة الذين يعملون بأمره فيقسمونه باختلاف مقاماتهم. فإنّ أمر ذي العرش بالخلق والتدبير واحد. فإذا حمله طائفة من الملائكة علی اختلاف أعمالهم، انشعب الامر وتقسّم بتقسّمهم. ثمّ إذا حمله طائفة هي دون الطائفة الاُولي، تقسّم ثانياً بتقسّمهم، وهكذا حتّي ينتهي إلی الملائكة المباشرين للحوادث الكونيّة الجزئيّة فينقسم بانقسامها ويتكثّر بتكثّرها. والآيات الاربع ـ كما تري ـ تشير إلی عامّة التدبير حيث ذكرت أُنموذجاً ممّا يدبّر به الامر في البرّ، وهو الذَّ ' رِيَـ'تِ ذَرْوًا. وأُنموذجاً ممّا يدبّر به الامر في البحر، وهو الجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا. وأُنموذجاً ممّا يدبّر به الامر في الجوّ، وهو الْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا. وتمّم الجميع بالملائكة الذين هم وسائط التدبير، وهم الْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا. فالآيات في معني أن يقال: أُقسم بعامّة الاسباب التي يتمّم بها أمر التدبير في العالم إنّ كذا كذا، وقد ورد من طرق الخاصّة والعامّة عن علی عليه أفضل السلام تفسير الآيات الاربع بما تقدّم. [20] وروي ابن كثير الدمشقيّ في تفسيره عن شعبة بن الحجّاج، عن السمّاك، عن خالد بن عرعرة، وكذلك روي بسند آخر عن شعبة، عن القاسمبن أبيبزة، عن أبي الطفيل أ نّهم سمعوا عليّبن أبيطالب، وثبت أيضاً من طرق أُخري غير هذين السندين، عن أميرالمؤمنين عليّبن أبيطالب أ نّه صعد منبر الكوفة فقال: لاَ تَسْأَ لُونِي عَنْ آيَةٍ فِي كِتَابِ اللَهِ تَعَالَي وَلاَ عَنْ سُنَّةٍ عَنْ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ إلاَّ أَنْبَأْتُكُمْ بِذَلِكَ. فقام إليه ابن الكوّاء، وقال: يا أمير المؤمنين! ما معني قوله تعالي: وَالذَّ ' رِيـ'تِ ذَرْوًا؟ فقال علی رضي الله عنه: الرِّيحُ. فقال: ما معني فَالْحَـ'مِلَـ'تِ وِقْرًا؟ فقال علی رضي الله عنه: السَّحَابُ. قال: فما معني فَالْجَـ'رِيَـ'تِ يُسْرًا؟ قال علی رضي الله عنه: السُّفن. قال: فما معني فَالْمُقَسِّمَـ'تِ أَمْرًا؟ قال علی رضي الله عنه: المَلاَئِكَةُ. [21] وأخرج السيوطيّ في تفسير « الدرّ المنثور » تفسير هذه المعاني الاربعة في الآيات الاربع عن علی بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام عن عبدالرزّاق، والفريابيّ، وسعيد بن منصور، والحارث بن أبيأُسامة، وابنجرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن الانباريّ في « المصاحف » والحاكم وصحّحه، والبيهقيّ في « شعب الإيمان » من طرق مختلفة. [22] |
تقدّم أمير المؤمنين عليه السلام في علم القراءات
ومن العلوم التي تقدّم فيها علی علي الجميع: علم القراءات. وظهر علماء القراءات في هذا المجال. روي أحمد بن حنبل، وابن بطّة، وأبويَعْلي في مصنّفاتهم عن الاعمش، عن أبي بكر بن عيّاش في خبر طويل أ نّه قرأ رجلان ثلاثين آية من سورة الاحقاف، فاختلفا في قراءتهما، فقال ابن مسعود: هذا الخلاف ما أقرأه. فذهب بهما إلی النبيّ الاكرم صلّيالله عليه وآله. فغضب وعليّ عليه السلام عنده. فقال علی عليه السلام: رَسُولُ اللَهِ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَقْرَأُوا كَمَا عُلِّمْتُمْ. وهذا دليل علی علم علی عليه السلام بوجوه القراءات المختلفة. وروي أنّ زيداً لمّا قرأ: التابوة، قال علی عليه السلام: اكتبه التابوت، فكتبه كذلك. والقرّاء السبعة إلی قراءته عليه السلام يرجعون. فأمّا حمزة، والكسائيّ فيعوّلان علی قراءة علی عليه السلام وابن مسعود. وليس مصحفهما مصحف ابن مسعود. فهما إنّما يرجعان إلی علی عليه السلام ويوافقان ابن مسعود فيما يجري مجري الإعراب. وقد قال ابنمسعود: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَقْرَأَ مِنْ علی بْنِ أَبِي طَالِبٍ لِلقُرْآنِ. وأمّا نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، فمعظم قراءاتهم ترجع إلی ابن عبّاس، وابن عبّاس قرأ علی أُبيّ بن كعب، وعليّ. والذي قرأه هؤلاء القرّاء يخالف قراءة أُبيّ، فهو إذاً مأخوذ عن علی عليه السلام. وأمّا عاصـم، فقـرأ علی أبي عبد الرحمـن السُّـلَمـيّ. وقـال أبوعبدالرحمن: قرأت القرآن كلّه علی عليّ بن أبي طالب. فقالوا: أفصح القراءات قراءة عاصم لا نّه أتي بالاصل، وذلك أ نّه يُظهر ما أدغمه غيره، ويحقّق من الهمز ما ليّنه غيره، ويفتح من الالفات ما أماله غيره. والعدد الكوفيّ في القرآن منسوب إلی علی عليه السلام. وليس في الصحابة من يُنسب إليه العدد غيره عليه السلام. وإنّما كتب عدد ذلك كلّ مِصر عن بعض التابعين. |
فضائل أمیرالمؤمنین تفوق العدّ و الإحصاء
نقل عن موفّق بن أحمد الخوارزميّ بإسناده عن محمّد بن منصور أنـّه قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما جاء لاحد من الصحابة من الفضائل مثل ما لعليّ بن أبي طالب. و قال أحمد: قال رجل لابن عبّاس: سبحان الله، ما أكثر فضائل علی بن أبي طالب و مناقبه، إنّي لاحسبها ثلاثة آلاف منقبة! فقال ابن عبّاس: أو لا تقول إنـّها إلی ثلاثين ألفاً أقرب؟ [21] و روي الخوارزميّ أيضاً بسنده عن حرب بن عبدالحميد أنـّه قال: حدّثنا سليمان الاعمش بن مهران أنّ المنصور الدوانيقيّ حال خلافته قال: يا سليمان، أخبرني كم من حديث ترويه في فضائل علی بن أبي طالب؟ قلت: يسيراً. قال: ويحك، كم تحفظ؟ قلت: عشرة آلاف حديث أو ألف حديث. فلمّا قلت: ألف حديث، استقلّها، فقال: ويحك ياسليمان، بل عشرة آلاف كما قلت أوّلاً. [22] و كذلك روي الخوارزميّ بسنده عن مجاهد، عن ابن عبّاس أنـّه قال: قال رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم: لَوْ أَنَّ الاْشْجَارَ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرَ مِدَادٌ وَالْجِنَّ حُسَّابٌ وَالإنْسَ كُتَّابٌ ما أحْصَوا فَضَائِلَ علی بْنِ أَبي طَالِبٍ. [23] و روي بسنده أيضاً عن محمّد بن عُماره، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد بن الصادق، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين، عن رسول الله، قال: قال رسول الله ـ صلّي الله عليه ] وآله [ و سلّم ـ لِرَهْطٍ مِنْ أصحـ'ابِهِ: إِنَّ اللَهَ تَعَالَي جَعَلَ لاخِي علی فَضَائِلَ لاَ تُحْصَي كَثْرَةً، فَمَنْ ذَكَرَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ مُقِرّاً بِهَا، غَفَرَ اللَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَ مَا تَأخَّرَ. وَ مَنْ كَتَبَ فَضِيلَةً مِنْ فَضَائِلِهِ، لَمْ تَزَلِ الْمَلاَئِكَةُ تَسْتَغْفِرُ لَهُ مَا بَقِيَ لِذَلِكَ الْكِتَابِ رَسْمٌ، وَ مَنِ اسْتَمَعَ إلی فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِهِ، غَفَرَ اللَهُ لَهُ الذُّنُوبَ الَّتِي اكْتَسَبَهَا بِالنَّظَرِ. ثُمَّ قَالَ: النَّظَرُ إلی علی عِبَادَةٌ، وَ ذِكْرُهُ عِبَادَةٌ، لاَ يَقْبَلُ اللَهُ إيمَانَ عَبْدٍ إلاَّ بِمُوالاَتِهِ وَالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِهِ. [24] و روي الخوارزميّ أيضاً في «المناقب» عن سماك بن حرب، عن سعيد بن جبير أنـّه قال: قلتُ لابن عبّاس رضي الله عنهما: أسألك عن اختلاف الناس في علی رضي الله عنه، قال: يَابْنَ جُبَيْرٍ تَسْأَلُنِي عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ لَهُ ثَلاَثَةُ آلافِ مَنْقَبَةٍ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَ هِيَ لَيْلَةُ الْقِرْبَةِ فِي قَلِيبِ بَدْرٍ، سَلَّمَ عَلَيْهِ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ، وَ تَسْأَلُنِي عَنْ وَصِيِّ رَسُولِ اللَهِ صَلَّي اللَهُ عَلَيهِ ] وَآلِهِ [ وَسَلَّمَ و صَاحِبِ حَوْضِهِ وَ صَاحِبِ لِوائِهِ فِي الْمَحْشَرِ. والَّذِي نَفْسُ عَبْدِاللِهِ بْنِ الْعَبّاسِ بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ بِحَارُ الْدُنْيَا مِدَاداً، وَ أَشْجَارُهَا أقْلاَماً، وَ أَهْلُهَا كُتّاباً فَكَبَتُوا مَنَاقِبَ علی بْنِ أَبي طَالِبٍ وَ فَضَائِلَهُ مَا أَحْصَوْهَا.[25] و روي الخوارزميّ في «المناقب» أيضاً عن أبي طفيل أنـّه قال: قال بعض الصحابة: لَقَدْ كَانَ لِعَليٍّ مِنَ السَّوابِقِ مَا لَوْ قُسِّمَتْ سَابِقَةٌ مِنْهَا بَيْنَ النّاسِ لَوَسِعتْهُمْ خَيْراً. [26] يقول ابن شهرآشوب: و من المعجزات بعد وفاة علی بن أبي طالب تسخير الجماعة اضطراراً لنقل فضائله مع ما فيها من الحجّة عليهم حتّي إن أنكره واحد، ردّ عليه صاحبه، و قال: هذا في التواريخ، و الصّحاح والسّنن، والجوامع، و السير، و التفاسير، ممّا أجمعوا علی صحّته، فإن لم يكن في واحد، يكن في آخر. و من جملة ذلك ما أجمعوا عليه أو روي مناقبه خلق كثير منهم حتّي صار علماً ضروريّاً. كما صنّف ابن جرير الطبريّ كتاب «الغدير» و ابنشاهين كتاب «المناقب»، و كتاب «فضائل فاطمة عليهما السلام» و يعقوب بن شيبة كتاب «تفضيل الحسن و الحسين عليهما السلام» وكتاب«مسند أمير المؤمنين و أخباره و فضائله عليه السلام»، و الجاحظ كتاب «العلويّ»، و كتاب «فضل بني هاشم علی بني أُميّة»، و أبونعيم الاصفهانيّ كتاب «منقبة المطهّرين في فضائل أميرالمؤمنين»، و «ما نزل في القرآن في أميرالمؤمنين عليه السلام»، و أبوالمحاسن الرؤيانيّ كتاب «الجعفريّات»، والموفّق المكّي كتاب «قضايا أميرالمؤمنين عليه السلام وكتاب «ردّ الشمس لاميرالمؤمنين عليه السلام»، و أبوبكر محمّدبن مؤمن الشيرازي كتاب «نزول القرآن في شأن أميرالمؤمنين عليه السلام» وأبوصالح عبدالملك المؤذّن كتاب «الاربعين في فضائل الزهراء عليهاالسلام»، و أحمدبن حنبل كتاب «مسند أهل البيت وفضائل الصحابة»، و أبوعبدالله محمّدبن أحمد النطنزيّ كتاب «الخصائص العلويّة علی سائر البريّة»، و ابن المغازليّ كتاب «المناقب»، و أبوالقاسم البُسطيّ (البُستيّـخل) كتاب «المراتب»، و أبوعبدالله البصريّ كتاب «الدّرجات» و الخطيب أبو تراب كتاب «الحدائق»، مع الكتمان والميل وذلك خرق العادة شهد بفضائله معادوه، و أقرّ بمناقبه جاحدوه. [27] يقول الشاعر: شَهِدَ الاْنَامُ بِفَضْلِهِ حَتّي الْعِدي وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الاْعْدَاءُ [28] و يقول شاعر آخر: يَرْوي مَنَاقِبَهُمْ لَنَا أَعْدَاؤُهُمْ لاَفَضْلَ إلاَّ مَا رَواهُ حَسُودُ [29] طبيعيّ أنّ هؤلاء الاشخاص الذين عدّهم ابن شهرآشوب مع مصنّفاتهم كانوا متقدّمين عليه زمنيّاً، لانـّه توفّي سنة 588 ه. بَيدَ أنّ هناك مصنّفات أُخري في هذا المجال أُلّفت قبله و بعده، و ذكرها السيّد محمّد مهدي نجل السيّد حسن الخرسان في مقدّمة الطبعة السابقة لكتاب «ينابيع المودّة»، و قد بلغ عددها (183) كتاباً.يقول ابن شهرآشوب: و من جملة معجزاته كثرة ] الروايات في [ مناقبه و فضائله مع ما كانوا يدفنونها و يتوعّدون علی روايتها. روي مسلم، و البخاريّ، و ابن بطّة، وا لنطنزيّ عن عائشة في حديثها بمرض النبيّ صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم فقالت في جملة ذلك: فَخَرَجَ النَّبِيُّ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الْفَضْلِ وَ رَجُلٍ آخَرَ يَخُطُّ قَدَمَاهُ، عَاصِباً رَأسَهُ ـ تَعني عَلِيّاً ـ عَلَيهِ السلام. (إمّا أنّ عائشة لم تذكره حسداً، أو أنّ الرواة كتموه). |
محن و مصائب أمیرالمؤمنین کانت أکثر من جمیع الأنبیاء
ولكن ينبغي أن نعلم بأنّ هذه الصفات الإلهيّة و الكمالات النفسانيّة، و القدرة الربّانيّة لم تمنح للإمام مجّاناً، بل منحت له مكافأة لما مرّ به من مخاطر جسمية و محن عظيمة، و ما لاقاه من أذي لم يؤذ به أيّ نبيّ من الانبياء. إنّ كلّ ما عاناه الانبياء و ما قاسوه من محن كإرهاق الاُمّة لهم، و الشماتة، و الاستهزاء، و الطرد من البلاد، و القتل، و الإبعاد، و ارتداد الناس عن الدين، و ابتلائهم بالجهلاء، و غيرها من ضروب المعاناة، كلّها قد كابدها و قاساها رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم و لذلك قال: مَا أُوذِيَ نَبِيُّ مِثْلَ ما أُوذيتُ. و ورث ذلك كلّه سيّد المتّقين علی بن أبي طالب عليه السلام فلم تتركه المحن يوماً منذ طفولته حتّي انفلاق هامته المقدّسة و استشهاده في محراب العبادة. لقد عاني ذلك الإمام العظيم أشدّ المعاناة، و تجرّع الغصص التي لاتطاق سواء في مكّة المكرّمة أبان البعثة النبويّة، أو في المدينة بعد الهجرة أو بعد وفاة رسول الله حيث الفترة المظلمة السوداء التي دامت خمس وعشرين سنة، أو أبّان حكومته الظاهريّة. فلم يسترح ساعة واحدة. و إن كان إسماعيل الذبيح قد مرّ ببلاء القتل، و لم يتحقق ذلك عمليّاً، فإنّ عليّاً بات علی فراش النبيّ ليلة الهجرة مضحيّاً بنفسه بعد توطينها علی مواجهة صوارم قريش البتّارة. و كانت كلّ لحظة من لحظات تلك الليلة لحظة قتل واستشهاد. و إن كان إبراهيم الخليل قد مرّ بأربعة و عشرين بلاءً أشدّها قتل ولده العزيز إسماعيل، فإنّ رسول الله كان يعلم علم اليقين بما سيجري علی ولد فاطمة من قتل و تعذيب، و كان يعلم بقتل الحسن، والحسين، عليهما السلام و واقعة الطفّ، و طالما كان يتحدّث عن تلك القضايا المروّعة ويبكي، و لكنّه عهد الله و رسوله له، و قد قبل به و أقرّه إحياءً للدّين وكذلك المحن الاُخري التي كابدها. و في ضوء القول المعروف: اَلْبَلاءُ بِقَدْرِ الْوِلاءِ فإنّ مصيبة علی في الدنيا كانت أعظم من مصائب جميع الانبياء، و صبره كان أكثر من صبرهم، و جهاده أكبر من جهادهم. صَلَّي اللهُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ. روي أبو نعيم الاصفهانيّ في «حلية الاولياء» [1] بإسناده عن أبي بُرزة، قال: قالَ رسول الله صلّي الله عليه ] وآله [ وسلّم: إنَّ اللَهَ عَهِدَ إلَيَّ عَهْداً فِي علی، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ بَيّنْهُ لِي، فَقَالَ: اسْمَعْ، فَقُلْتُ: سَمِعْتُ. فَقَالَ: إنَّ عَلِيّاً رَايَةُ الْهُدَي وَ إمَامُ أَوْلِيائِي وَ نُورُ مَنْ أَطَاعَنِي، وَ هُوَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَلْزَمْتُهَا الْمُتَّقِينَ، مَنْ أَحَبَّهُ أَحَبَّنِي، وَ مَنْ أَبْغَضَهُ أَبْغَضَنِي، فَبَشِّرْهُ بِذَلِكَ. فَجَاءَ علی فَبَشَّرْتُهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَهِ أَنَا عَبْدُ اللَهِ وَ فِي قَبْضَتِهِ، فَإنْ يُعَذِّبْنِي فَبِذَنْبِي. وَ إنْ يُتِمَّ لِي الَّذِي بَشَّرْتَنِي بِهِ فَاللَهُ أَولَي بِي. قَالَ: قُلْتُ: اللَهُمَّ اجْلُ قَلْبَهُ وَاجْعَلْ رَبيعَهُ الإيمَانَ. فَقَالَ اللهُ: قَدْ فَعَلْتُ بِهِ ذَلِكَ. ثُمَّ إنـَّهُ رَفَعَ إلَيَّ أَنـَّهُ سَيَخُصُّهُ مِنَ الْبَلاءِ بِشَيْءِ لَمْ يَخُصَّ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: يَا رَبِّ أَخي وَ صَاحِبي! فَقَالَ: إنَّ هَـذَا شَيْءٌ قَدْ سَبَقَ أَنـَّهُ مُبْتَليً وَ مُبْتَليً بِهِ. نقل ابن شهرآشوب [2] القصّة المتعلّقة بهجرة رسول الله من مكّة إلی المدينة، و كذلك نقلها المظفّر في «دلائل الصدق». [3] و نحن هنا نذكرها بالالفاظ التي رواها ابن شهرآشوب. قال: قال رسول الله لاميرالمؤمنين علی: إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعالَي أوْصي إلَيَّ أنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي وَ أَنْ أَنْطَلِقَ إلی غَارِ ثُوْرٍ، فَارْقَدْ علی فِرَاشِي وَاشْتَمِلْ بِبُرْدِيَ الْحَضرَمِيِّ، وَ اعْلَمْ أَنَّ اللَهَ يَمْتَحِنُ أَوْلِياءَهُ علی قَدْرِ إيمَانِهِمْ وَ مَنَازِلِهِمْ مِنْ دِينِهِ فَأَشَدُّ النَّاسِ بَلاءً الانْبِيَاءُ ثُمَّ الاَمْثَلُ فَالاَمْثَلُ. وَ قَدِ امْتَحَنَكَ يَا ابْنُ أُمَّ وَامْتَحَنِني بِمِثْلِ ما امْتَحَنَ بِهِ خَلِيلَهُ إبْرَاهِيمَ وَ الذَّبيحَ إسْمَاعِيلَ، فَصَبْراً صَبْراً فَإنَّ رَحْمَةَ اللَهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ. ثُمَّ ضَمَّهُ إلی صَدْرِهِ وَ أَوصَاهُ بِقَضَاءِ دُيُونِهِ وَ إنْجَازِ عِدَاتِهِ وَ رَدِّ الْوَدائِعِ إلی أَهْلِهَا ثُمَّ خَرَجَ ـ الحديث. و من خلال المواضيع التي طرحناها آنفاً تمّ تحليل ثلاثة أشياء هي: أوّلاً: عظمة رسول الله و سعة علمه بكتاب الله، القرآن الكريم. ثانياً: عظمته و سعته الروحيّة فيما يتعلّق بكتاب التكوين و ظهور المعجزات و التصرّف في شؤون الكائنات و عناصرها. ثالثاً: عظمة البلاءات و المحن. |
أمیرالمؤمنین الوارث لکمالات جمیع الأنبیاء
و قد اتّضح أنّ رسول الله كان أقوي من كافّة الانبياء و المرسلين وأشدّ و أعظم منهم في هذه المراحل الثلاث. و ورث أميرالمؤمنين عليهالسلام منه تلك العظمة في مراحلها الثلاث، و لذلك فإنـّه كان أعلم من جميع الانبياء و أوصيائهم بكتاب التشريع و التكوين، و كان أقوي منهم في ذات الله و أنضج، و أكثر ذوباناً، و كان ببقاء الحقّ أعظم و أوسع. و هنا كشف الشارح المعتزليّ لنهج البلاغة، ابن أبي الحديد الغطاء فاعترف بأفضليّة علی عليه السلام علی جميع الملائكة المقرّبين و الانبياء و المرسلين فأنشد في بعض أشعاره يقول: قَدْ قُلْتُ لِلْبَرْقِ الَّذِي شَقَّ الدُّجي فَكَأنَّ زَنْجِيّاً هُنَاكَ يُجدعُ [4] لمّا كان ابن أبي الحديد معتزليّاً، و المعتزلة يفضّلون الملائكة علی الانبياء، لذلك قدّم موسي، و عيسي، و محمّداً، ثمّ تدرّج فذكر جبرائيل وميكائيل، و إسرافيل و جميع الملائكة المقدّسين. فهذه هي منزلة سيّدنا علی بن أبي طالب، الذي ينوب عن نفس الحبيب المصطفي محمّد صلّيالله عليه وآله بل هو عينه و ذاته في عالم المعني و الحقيقة، أي الولاية الإلهيّة المطلقة الكبري، و هو الشاهد علی ناموس الكون، و علی أحوال الانبياء.يَا بَرْقُ إنْ جِئْتَ الْغَرِيَّ فَقُلْ لَهُ أَتُراكَ تَعْلَمُ مَنْ بَأَرْضِكَ مُودَعُ فِيكَ ابْنُ عِمْرَانَ الْكَلِيمُ وَ بَعْدَهُ عيسَي يُقَفِّيهِ وَ أَحْمَدُ يَتْبَعُ بَلْ فِيكَ جِبريلُ وَ مِيكالُ وَ اِسْـ رَافِيلُ وَالْمَلاَ الْمُقَدَّسُ أَجْمَعُ بَلْ فِيكَ نُورُ اللهِ جَلَّ جَلالُهُ لِذَوي الْبَصَائِرِ تَستَشِفُّ وَ تَلْمَعُ فِيكَ الإمام الْمُرْتَضَي فِيكَ الْوَصِيُّ الْمُجْتَبَي فيكَ الْبَطِينُ الاَنْزَعُ *[5] |
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 06:43 AM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025